بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ واللعنة على اعدائهم ومخالفيهم من الجن والانس اجمعين وعجل فرجهم يارب العالمين
ضد العجب انكسار النفس واستحقارها وكونها في نظره ذليلة مهينة. وكما ان العجب مجرد استعظام النفس من دون اعتبار استصغار الغير معه، فكذا ضده مجرد استحقار النفس من دون اشتراط اعظام الغير معه، إذ الأول مع اعتبار الثاني تكبر، والثالث مع اشتراط الرابع تواضع، وهما ضدان.
ثم لا ريب في فوائد انكسار النفس واستصغارها، وكل من بلغ مرتبة عظيمة فانما بلغ بهذه الصفة، لأن الله تعالى عند المنكسرة قلوبهم، وقال رسول الله (ص): " ما من أحد إلا ومعه ملكان وعليه حكمة[1] يمسكانها، فان هو رفع نفسه جبذاها[2] ثم فلا: اللهم ضعه، وان وضع نفسه قالا: اللهم ارفعه "[3]. وروي: " انه اوحى الله تعالى إلى موسى (ع): ان يا موسى! أتدري لم اصطفيك بكلامي دون خلقي؟ قال: يا رب! ولم ذلك؟ فاوحى الله تبارك وتعالى إليه: اني قلبت عبادي ظهراً لبطن، فلم أجد فيهم أحداً أذل نفساً لي منك، يا موسى! إنك إذا صليت وضعت خدك على التراب ". وروي: " انه لما أوحى الله تعالى إلى الجبال. أني واضع سفينة نوح عندي على جبل منكن، فتطاولت وشمخت، وتواضع الجودي، وهو جبل عندكم، فضربت السفينة بجؤجؤها الجبل، فقال نوح عند ذلك: (يا مارى اتقن) وهو بالسريانية: رب اصلح "[4]
-------------------------
[1] الحكمة بالتحريك: ما اخاط بحنكي الفرس من لجامه.
[2] بمعنى جذ باها.
[3] صححنا الحديث على ما في احياء العلوم ـ ج2 ص329 ـ.
[4] هذا الحديث وما قلبه رواهما الكافي في باب التواضع. فصححناهما عليه.