قال الحافظ محمد بن سعد (ت 230 هـ) في كتاب (الطبقات الكبرى) ، ج3 ، ص270 :
(أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، قال: قال بن شهاب: بلغنا أنّ أهل الكتاب كانوا أوّل مَن قال لعمر (الفاروق) ، وكان المسلمون يؤثرون ذلك مِن قولهم، ولم يبلغنا أنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر من ذلك شيئاً، ولم يبلغنا أنّ بن عمر قال ذلك إلاّ لعمر، كان فيما يذكر من مناقب عمر الصالحة ويثني عليه) انتهى.
وسند ابن سعيد صحيح على شرط الشيخين.
وعنه ابنُ شبّة (ت 262 هـ) في تاريخ المدينة، ج1 ، ص350 .
ومن طريقه أيضاً الطبري في تاريخه، ج3 ، ص267 .
وأرسله الحافظ ابن الأثير مُسلّماً بعبارة: (وقال ابن شهاب بلغنا أنّ أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر الفاروق) ، انظر: أسد الغابة، ج4 ، ص57 .
و "ابن شهاب" الذي أفاد هذه المعلومة هو: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، الذي ولد سنة 50 أو 51 هـ ، وتوفي سنة 125 هـ . وهو أعلم علماء (أهل السنة والجماعة) في زمانه، وهو الذي عبّر عنه علماءُ أهل السنة بـ (الأعلم) و(الإمام) و(الحافظ) و(الفقيه) و(الحُجّة) و(المتقن) ... وغير ذلك، وهو من التابعين الذين التقوا بمجموعة من الصحابة..
والحصيلة: أنّ الإمام الحافظ الزهري ينفي أن يكون قد ورد عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ نصّ في تسمية عمر بن الخطاب بـ (الفاروق) ، بل يقول إنّ الذي بلغه أنّ أهل الكتاب هم الذين بدؤوا بهذه التسمية، وقد رضي المسلمون (أهل السنة والجماعة) هذه التّسمية وأخذوها من قول أهل الكتاب.