|
شيعي حسني
|
رقم العضوية : 24389
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 5,056
|
بمعدل : 0.86 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الفقهي
سير و سلوك الافراد من الاديان والمذاهب المختلفة
بتاريخ : 24-06-2009 الساعة : 01:38 AM
تحقيق من العلامة الطهراني حول سير وسلوك الافراد من الاديان والمذاهب المختلفة من العامّة وغيرهم ونتيجته السلبيّة أو الإيجابيّة في الوصول للتوحيد وعرفان ذات الحقّ المتعال
الحقّ في الخارج واحد لا غير، لا نّه بمعني أصل الوجود والتحقّق، ومعلوم أنّ حقيقة الوجود والموجود لا تتغيّر ولا تتبدّل؛ وفي مقابله الباطل الذي هو بمعني غير الاصيل والمعدوم غير المتحقّق.
والذين يمتلكون إرادة السير والسلوك إلي الله وحقيقة الحقائق وأصل الوجود وعلّة العلل ومبدأ الوجود ومُنتهاه، سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين من يهود ونصاري ومجوس وأتباع بوذا وكونفوشيوس، وسواء كان المسلمون منهم شيعةً أم غيرهم من أنواع المذاهب الحادثة في الإسلام، فهم في ذلك لا يعدون إحدي حالتَينِ:
الاُولي: أُولئك الذين يفتقدون النزاهة والإخلاص في النيّة، فهم لا يسيرون في طريق السلوك إخلاصاً وتقرّباً، بل يردون في السلوك لدواعٍ نفسانيّة، وهؤلاء لا يبلغون مقصدهم وغايتهم أبداً، ويقنعون خلال طيّ الطريق بكشفٍ أو كرامة، أو بتقوية النفوس والتأثير في موادّ الكائنات، أو الإخبار عن الضمائر والبواطن، أو تحصيل الكيمياء وأمثالها، فيدفنون في النهاية في هذه المراحل المختلفة كلاّ حسب وضعه ونفسه.
والثانية: أُولئك الذين يتمثّل هدفهم في الوصول إلي الحقيقة فلا تشوب نيّتهم شائبة. فإن كانوا ـ والحال هذه مسلمين تابعين لخاتم الانبياء والمرسلين ومن شيعة سيّد الاوصياء أمير المؤمنين عليهما أفضل صلوات الله وملائكته المقرّبين ومن المتابعين له، فإنّهم سيسيرون في هذا الطريق وينتهون إلي قصدهم وهدفهم، لانّ هذا الطريق أوحد لا طريق سواه، كما أنّ باقي الطرق سلبيّة ومرفوضة.
أمّا لو لم يكونوا مسلمين، أو لم يكونوا من الشيعة فسيكونون من المستضعفين حتماً، وذلك لا نّهم لا يحملون ـ حسب الفرض غلاّ أو غشّاً، فهؤلاء هم الذين لم يصل سعيهم وتحقيقهم بشأن الإسلام والتشيّع إلي نتيجة إيجابيّة، وإلاّ عدّوا ضمن المجموعة الاُولي مع وضعها المعلوم.
والله جلّ وعلا يمدّ يد الإعانة لمثل هؤلاء الافراد، فيجتازوا بمعونته الدرجات والمراتب عن طريق نفس الولاية التكوينيّة التي يجهلونها، فيردون أخيراً في الحرم الإلهيّ والحريم الكبريائيّ، ويحصلون علي الفناء في ذات الحقّ تعالي.
ولا نّنا نعلم أنّ الحقّ واحد، وأنّ صراطه وطريقه مستقيم، وأنّ شريعته صحيحة، فإنّ هؤلاء المستضعفين الذين لا يحملون في قلوبهم غلاّ ولا مرضاً سيصلون بأنفسهم ـ خلال الطريق أو في نهايته إلي حقيقة التوحيد والإسلام والتشيّع وسيفهمونها ويدركونها، لانّ الوصول إلي التوحيد بدون الإسلام أمر محال، ولانّ الإسلام بدون التشيّع ليس إلاّ مفهوماً لا حقيقة له.
ومن ثمّ فإنّ أُولئك الذين يدركون بنور الكشف والشهود أنّ الولاية تمثّل متن النبوّة وأصلها، وأنّ النبوّة والولاية هما طريق التوحيد وسبيله، لو أُقسـم لهم ألف مـرّة ولو أُقيم لهم ألف دليل علي أنّ عليّاً عليه السـلام لم يكـن خليفة رسـول الله، وأنّ النبـيّ لم يعـيّـن بنفسـه الخلـيـفـة بـعـده ولم ينصِّب وصيّاً يخلفه، لما قبلوا بذلك ولما أمكنهم قبوله؛ ذلك لا نّهم يدركون الله وجميـع الحقائق نصب أعينهم بِالشُّـهُودِ وَالعَـيَـانِ لاَ بِالخَبَـرِ وَالسَّمَاعِ، لانّ الشخص الذي وجد الله وجد معه جميع الاشياء.
أفيمكن ـ يا تري تصوّر أن يصل امرؤٌ ما إلي التوحيد، فلا يجد النبوّة والولاية اللتين هما حقيقة التوحيد وعينه؟! كلاّ، ليس ذلك معقولاً أبداً.
العرفاء من غير الشيعة إمّا لم يكونوا عرفاء حقّاً أو كانوا يستترون بالتقيّة
وحاصل ذلك أنّ جميع العرفاء الذين دوّن التأريخ أسماءهم، سواء كانوا من غير المسلمين، أم من المسلمين غير الشيعة، فإمّا أن يكونوا في باطن الامر مسلمين وشيعة، كلّ ما في الامر أ نّهم احترزوا عن إظهار تلك الحقيقة لعدم ملاءمة ظروف البيئة الاجتماعيّة، وخوفاً من الحكومات والقضاة الجائرين ومن عوامّ الناس الذين هم كالانعام؛ إذ تعرّض الكثير من أجلاّء العرفاء لعدم كتمان السرّ ولإظهار المكنونات، إلي الحُكم عليهم بالقتل والإغارة والنهب والإحراق والشنق.
وليس ثمّة من عاقل يتّضح لديه هذا الامر فيرضي أن يفشي سرّه، ليصبح طعمة للكلاب المفترسة والذئاب المتعطّشة لدماء البشر.
وإمّا أن يكون هؤلاء لم يصلوا قصدهم وهدفهم، فهم يدّعون العرفان والوصول ثمّ يجعلون أنفسهم فراعنة بمجرّد كشف أمرٍ ما، فيدعون الناس إلي السجود لهم.
ولقد كان محيي الدين بن عربي، و ابن الفارض، و الملاّ محمّد البلخيّ صاحب « المثنويّ »، و العطّار وأمثالهم ممّن دُوّنت أحوالهم في التراجم في ابتداء أمرهم علي مذهب السنّة بلا شكّ، ولقد نشأ هؤلاء وترعرعوا في ظلّ حكومة سنّيّة المذهب وفي مدينة يقطنها السنّة، كما أ نّهم انحدروا من عوائل سنّيّة وعاشوا في مجتمع حاكمه ومفتيه وقاضيه وإمام جماعته ومؤذّنه، وصولاً إلي بقّاله وعطّاره وجامع نفاياته بأجمعهم من السنّة، وكان نهجهم ومذهبهم سنّيّاً، وكانت مكتباتهم مليئة بكتب العامّة، فلم يكن يوجد في جميع مدنهم ولو كتاب شيعيّ واحد.
لكنّ هؤلاء خطوا في طريق السير والتعالي يوماً بعد آخر، وتطلّعوا إلي عالم الشريعة بعين منصفة وقلب سليم منزّه، فاكتشفوا الحقائق تدريجيّاً بالشهود والوجدان، ومزّقوا عنهم ستار العصبيّة والحميّة الجاهليّة، وصاروا من مخلصي الموحّدين ومن الشيعة الذين يفدون أرواحهم في محبّة أمير المؤمنين عليه السلام؛ كلّ ما في الامر أنّ التسمّي باسم الشيعة وإظهار البغض والعداء للخلفاء الغاصبين كان أمراً محالاً، ولا يختصّ الامر بذلك الزمان وحده، بل إنّكم ترون أ نّه يصدق أيضاً في يومنا هذا بالنسبة للكثير من الدول ذات الغالبيّة السنّيّة.
اليوم أيضاً لو وقف امرؤ في أيّة زاوية من المدينة: بيت رسول الله وبيت فاطمة ومحلّ انتشار جهاد وعلوم أمير المؤمنين عليهم السلام جميعاً، فنادي في الاذان أو غيره: أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّاً أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ وَوَلِيُّ اللَهِ! لسفكوا دمه ولتناهبت القبائل والطوائف دمه ولحمه تبرّكاً، فلا يدعون له جسداً فيدفن؛ لكنّه لو وقف ساعة كاملة يتحدّث في مدح عائشة ويثني عليها مع سوابقها المشؤومة تلك ومع تأريخها الاسود الحالك، لتحلّقوا حوله ونثروا عليه الحلوي، ولاستقبلوه بالزغاريد والاهاليل.
ولذلك، فلا ينبغي علينا أن نقبل كلّ ما أورده هؤلاء العظماء في كتبهم بلا مناقشة، بل علينا أن نحكّم فيه العقل والسنّة الصحيحة وأقوال أئمّة الحقّ؛ فما صحّ منه قبلناه واستفدنا منه؛ وإن لاح لنا في كتبهم أمر باطل رفضناه وحملنا صدوره منهم علي التقيّة وأمثالها، وهذا هو دأبنا وديدننا في جميع الكتب، حتّي في كتب الشيعة نفسها.
|
|
|
|
|