قبل بيان تدليس البخاري و تحريفه و افترائه لاباس بنقل ما ذكر حوله:
1ـ البخاري هو محمود بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري وجده الثالث (بردزبة) كان فارسياً مجوسياً ومات على ذلك. قال ذلك الخطيب البغدادي (2/6) وابن خلكان (3/330) وابن عدي في (الكامل 1/131) والباجي في (الجرح والتعديل 1/282).
وقالوا ايضاً أسلم جده الثاني (المغيرة) على يد والي بخارى اليمان، وذكر كلا الأمرين المزي في (تهذيب الكمال أيضاً 24/437). فجده الثالث مجوسي مات ولم يسلم! وجده الثاني أسلم على يد والي بخارى (اليمان الجعفي)! فتاريخه مضيء وسلالته مباركة!!!
2ـ البخاري طُرد من بلده وبقي يتنقل من بلد إلى بلد حتى مات! فقد رمي بالبدعة في بعض الامور التي خالف فيها إجماع أهل الحديث وأهل السنة والجماعة، فكيف يُقدّس الى هذه الدرجة من كان هذا حاله عند السنة؟!
فقد طرده محمد بن يحيى الذهلي شيخ وإمام وعالم نيسابور وأحد أئمة الحديث وشيخ البخاري أيضاً، فقال عن البخاري كما في (مقدمة فتح الباري ص492): وقال أبو حامد بن الشرقي سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق ومن زعم لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع لا يجالس ولا يكلم ومن ذهب بعد هذا الى محمد بن إسماعيل فاتهموه! فإنه لا يحضر مجلسه إلاّ من كان على مذهبه، وقال الحاكم: ولما وقع بين البخاري وبين الذهلي في مسئلة اللفظ انقطع الناس عن البخاري إلا مسلم بن الحجاج وأحمد بن سلمة قال الذهلي: إلا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رؤوس الناس فبعث إلى الذهلي جميع ما كان عنه على ظهر جمال.
قلت (إبن حجر): وقد أنصف مسلم فلم يحدث في كتابه عن هذا ولا عن هذا.
وهذا الإمام مسلم من الصق تلاميذه وأتبعهم له ومع ذلك لم يرو عنه ولا حديث واحد تصوروا!!!
ثم ذكر ابن حجز عن الحاكم بسنده الى أحمد بن سلمة (الذي لازمه هو ومسلم فقط دون أحد غيرهما) قال: ... ثم قال لي (البخاري): يا أحمد إني خارج غداً لتخلصوا من حديثه لأجلي (أي كلام الذهلي عليكم بسببي).
وقال الحاكم أيضاً عن الحافظ إبن الاخرم قال: لما قام مسلم بن الحجاج وأحمد بن سلمة من مجلس محمد بن يحيى (الذهلي) بسبب البخاري قال الذهلي: لا يساكنني هذا الرجل في البلد فخشى البخاري وسافر.
وبعد طرده من نيشابور ومرو رحل الى الري فترك أئمة الحديث والسنة حديثه! فقد روى الذهبي في (سير أعلام النبلاء 12/462) قال: وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في (الجرح والتعديل): قدم محمد بن اسماعيل (البخاري) الريّ سنة خمسين ومئتين وسمع منه أبي وأبو زرعة وتركا حديثه عندما كتب إليهما محمد بن يحيى أنه أظهر بنيسابور أن لفظه بالقرآن مخلوق.
فها هما إماما الجرح والتعديل أبو حاتم وأبو زرعة يتركان التحديث عن البخاري بسبب عقيدته وبدعته ومخالفته كما ترك التحديث عنه مسلم بن الحجاج تلميذه وملازمة!!
وبعد طرده من الري طُرد من عقر داره ووطنه (بخارى)! بعد أن كتب الذهلي إلى أمير بخارى بأن هذا الرجل قد أظهر خلاف السنة . فقرأ كتابه على أهل بخارى فقالوا: لا نفارقه. فأمره الامير بالخروج من البلد فخرج.
ذكر ذلك الذهبي في (سير أعلام النبلاء 12/463): فخرج بعد طرده من بخارى الى بيكند فسار الناس معه حزبين: حزب معه وحزب عليه، إلى أن كتب إليه أهل سمرقند فسألوه أن يقدم عليهم فقدم إلى أن وصل بعض قرى سمرقند فوقع بين أهل سمرقند فتنة من سببه؛ قوم يريدون إدخاله البلد وقوم لا يريدون ذلك إلى أن اتفقوا على أن يدخل إليهم فاتصل به الخبر وما وقع بينهم بسببه فخرج يريد أن يركب فلما استوى على دابته قال: اللهم خِر لي، ثلاثاً، فسقط ميتاً فاتصل بأهل سمرقند فحضره بأجمعهم. (ثم أنكرها الذهبي لأنها لا تروق له طبعاً فهي تصور إمامه البخاري بهذه الصورة التي تدل على قبوله ونجاحه وإمامته ومحبة الناس به وتمسكهم به وترحيبهم بقدومه إينما يحل في أوساط السنة وأهلها!!) .
3-فمن شيوخه نعيم بن حماد المروزي، ونعيم هذا كان من شيوخ البخاري بلا واسطة، وهو وضاع للحديث يفعل ذلك من أجل تعزيز موقع السنة.
فابن حجر ومعه الذهبي يقولان بأن نعيم المروزي وضاع للحديث في تقوية السنة(1) .
وقد وضع الاحاديث نكاية بأبي حنيفة، وهي مزورة تفتقد إلى الصحة، ومسألة تأثر البخاري بشيوخه تصل إلى تبلور عقائده وافكاره، فهو متأثر بكل من حسين الكرابيسي وابن كلاب كما نجد ذلك في فتح الباري، وعندما نبحث في ترجمة ابن كلاب نجده نصرانياً(2) بل رأس الكلابية(3) وهي فرقة من الفرق الكلامية.
وابن حجر يصرّح بأن البخاري أخذ عقائده من هذين الشخصين(4) وكلاهما مجروح لدى أهل الرجال.
ومن الشيوخ الذين تأثر بهم البخاري في أفكاره وعقائده أبو بكر بن أبي شيبة صاحب كتاب «المصنف»، وله في الجزء الاخير كتاب سماه بـ«الرد على أبي حنيفة»، وفيه مسائل الخلاف بين أهل الرأي وأهل الحديث جمعها ابن أبي شيبة وطبع.
ويعتقد البعض أن البخاري في معارضة أبي حنيفة قد تأثر باسحاق ابن راهويه ونعيم بن حماد المروزي والحميدي وأبي بكر بن أبي شيبة
(1) سير أعلام النبلاء 10: 595 رقم 209، تهذيب التهذيب 10: 9 رقم 833.
(2) تهذيب التهذيب 2: 310.
(3) الفصل في الملل والنحل ابن حزم 5: 77، معجم الفرق الاسلامية شريف يحيى: 200، المقالات للاشعري 1: 154، سير أعلام النبلاء 11: 175.
(4) قال ابن حجر: أما المسائل الكلامية فأكثرها من الكرابيسي، وابن كلاّب ونحوهما. فتح الباري 1: 423.
4-ذكر أيضاً اسمه في طبقات المدلسين! وتدليسه ورد على لسان جماعة من المحدِّثين منهم ابن حجر في «طبقات المدلسين»(1) ، «تبيين اسماء المدلِّسين» لسبط بن العجمي طبع في كراس ذكر فيه محمد بن اسماعيل البخاري وجماعة من مشايخه(2)
(1) طبقات المدلِّسين لابن حجر: 24 رقم 23.
(2) تبيين أسماء المدلِّسين لابن العجمي: 77 رقم 64.
5- إن تراجم البخاري مما اختلف فيها العلماء، مع كونهم قد أجمعوا بأن منها مالم يندرج تحته أي حديث أو أثر أو كلام أو دليل، ومنها ماهو غامض، ومنها ماهو مبهم، ومنها ماهو ليس في محله، حتى ألّفت كتب وشروح توضح تراجم البخاري وتحاول بيان علاقتها بالاحاديث المدرجة تحتها، مثل (المتواري في تراجم البخاري) و(مناسبات تراجم البخاري) و(نصر الباري في شرح تراجم البخاري) و(مناسبات أبواب تراجم البخاري) و(شرح تراجم البخاري) و(فك أغراض البخاري المبهمة في الجمع بين الحديث والترجمة) و(ترجمان التراجم).... وغيرها وهذا يكشف عن إجمال وإبهام وعدم وضوح بل أخطاء في تراجم البخاري للأبواب والأحاديث، بل هو ناتج عن تصرف رواة صحيح البخاري في نسخ الكتاب التي وصلت اليهم ناقصة غير كاملة وتحتوي على بياضات في التراجم أو الاحاديث، فتصرف الرواة في النسخة الوحيدة التي وصلت اليهم من صحيح البخاري وهي نسخة الفِرَبْري لانها كانت مسودة على أغلب الظن وليست كاملة، فكان الاخلال والخلل فيها واضحاً مفتضحاً فلم يستطع رواته تركه على حاله فأصلحوه على ظنهم واجتهادهم، ولكنهم على الظاهر قد زادوا الطين بلّة فتورطوا وورطوا، حتى قام من قام من المتأخرين بترقيع ذلك بالشروح والكتب الخاصة والتأويلات البعيدة والتكلف الذي لا داعي له ولا موجب لولا ذلك النقص وتلاعب الرواة بالكتاب.
تدليس البخاري
6-فقد اعترف أئمة الحديث والرجال بتدليس البخاري وذكروا روايته عن محمد بن يحيى الذهلي الذي طرد طرد البخاري من نيسابور وأمر بطرده من كل البلدان المحيطة به والقريبة منه وأمر الناس بترك التحديث عنه.
قال العيني في (عمدة القاري 1/47): ((وروى (البخاري) عن محمد بن عبد الله، هو الذهلي عنه في مواضع قاله أبو نصر الكلاباذي وقال المقدسي تارة يقول حدثنا محمد ولا يزيد عليه وتارة محمد بن عبد الله وإنما هو محمد بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي وتارة ينسبه إلى جده فيقول محمد بن عبد الله وتارة محمد بن خالد بن فارس ولم يقل في موضع حدثنا محمد بن يحيى)).
وقال العيني أيضاً في (عمدة القاري 8/12): ((الاول: محمد قال الكلاباذي: روى البخاري عن محمد بن أبي سلمة غير منسوب في (كتاب الجنائز) يقال انه محمد بن يحيى الذهلي. وقال في (أسماء رجال الصحيحين): محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن .... الذهلي النيسابوري روى عنه البخاري ... في قريب من ثلاثين موضعاً ولم يقل: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي مصرحاً ويقول: حدثنا محمد ولا يزيد عليه ويقول محمد بن عبد الله ينسبه إلى جده ويقول: محمد بن خالد ينسبه إلى جد أبيه...)) وقال العيني ذلك أيضاً في (عمدته 13/270) ، وفي (14/194) قال: روى عنه البخاري في مواضع يدلسه.
وقال العيني في (عمدة القاري أيضاً 1/47): ((أبو زكريا يحيى بن عبد الله بن بكير القرشي المخزومي المصري نسبه البخاري إلى جده يدلسه)). (وهذا مطعون فيه ولم يوثقه إلا ابن حبان)
ثم قال (7/136): ((وقال الاسماعيلي: رأى البخاري أول الارسال من الليث أقوى من روايته عن أبي صالح عن الليث ولم يستخبر أن يروي عنه. قلت (العيني): هذا الوجه الذي ذكره فيه نظر، لأن البخاري روى عن أبي صالح في (صحيحه) على الصحيح، ولكنه يدلسه فيقول: حدثنا عبد الله ولا ينسبه وهو هو وقد ذكره السرخسي في نسخته للبخاري دون صاحبيه)).