ولأن المرحوم ناظم الطبقجلى كان إنسانا يقدر حجم المسئوليه الملقاه على عاتقه أمام الله وأمام الشعب ومن ثم رأى ضرورة التحرك السريع وإعداد تقرير مفصل عن الجرائم التى يسعى البرزانى وحزبه لإرتكابها بحق العراق والعراقيين وقام هذه المره برفع ذلك التقرير إلى اللواء الركن أحمد صالح العبدى الحاكم العسكرى العام ورئيس أركان الجيش ، والتقرير مؤرخ ١٩ / ١ / ١٩٥٩ ومعنون: "الحالة السياسيه فى منطقة مسئولية الفرقه الثانيه" وقد سلم نسخه منه إلى مديرية الإستخبارات العسكريه وجاء فيه: -
"١ - منذ إعلان تشكيل جبهة إتحاد أحزاب كردستان (الحزب الديمقراطى الكردستانى والحزب الشيوعى وحزب جبهة الاتحاد الوطنى) أخذت هذه الجماعات تعمل بصوره جديه بواسطة أعوانهم والمرشدين الذين أرسلوهم إلى الأقضيه والنواحى والقرى على بعث إقليم (كردستان العراق) ضمن الجمهوريه العراقيه، وقد ساهمت فى مثل هذه الأعمال جهات مسؤوله فى بغداد لتوجيه هذه الجبهه على التقيد بالميثاق الذى وضعوه والذى ينادون به فى نشرات هذه الأحزاب السريه واجتماعاتهم الدوريه على ضرورة اعلان ولادة إقليم كردستان وكان المنهج الذى رسموه لتحقيق هدفهم هو الإستفاده من الماده الرابعه من دستور الجمهوريه العراقيه المؤقت الذى خص العرب والأكراد كمشاركين فى هذا الوطن وهم يبغون مايلي:
أ- العمل بجديه لإقناع حكومة الجمهوريه للاعتراف بمطاليبهم القوميه ضمن منطقة كردستان التى خططوها ضمن الجمهوريه وتشمل معظم الأراضى الواقعه شرق دجله حتى خليج البصره.
ب - إعلان كردستان العراقيه فورا بموجب نص الدستور لتكون هذه الجمهوريه قاعده لضم اكراد تركيا وإيران ضمن الخارطه التى رسموها.
٢ - أن كلا الفريقين المعتدلين والمتطرفين من البارتيين مؤمن بما خططه لجمهوريتهما ومستقبلهما السياسي إن عاجلا أو آجلا بما يلى:
أ - إعتراف الجمهوريه العراقيه بالاقليم المذكور رسميا ضمن الوحده العراقيه كمرحله أولى.
ب - تأسيس مديرية معارف كردستان يكون مركزها مدينة كركوك على أن تكون الثقافه فى هذه المنطقه كرديه محضه وأن تؤسس جامعه فى كردستان لرفع الثقافه الكرديه.
ج - الإعتراف بإتحاد طلبة كردستان العراق على أن يتعاون مع إتحاد الطلبه فى الجمهوريه العراقيه.
د - المطالبه بتأليف نقابة معلمى كردستان بالرغم من وجود نقابه المعلمين المنتخبه فى كل لواء وكذا نقابة محامى وأطباء كردستان.
هـ - العمل على تصنيع كردستان ورفع المستوى الثقافى والاجتماعى فى هذا الإقليم.
و - تأليف نقابات عمال كردستان بأنواعها على أن تتعاون مع نقابات عمال الجمهوريه العراقيه على أن يتركوا موضوع الدفاع والماليه والتمثيل الخارجى فى عهدة حكومة الجمهوريه ببغداد.
هذه القواعد والخطوط الأساسيه التى يتبناها متطرفوا الأكراد البارتيون ويبشرون بها فى كافة الأوساط كما ويتعاون الضباط البارتيون المتطرفون على التقيد بها.
إن جبهة أحزاب كردستان الموحده متفقه على بعث كردستان العراق وإن إختلفوا فى الأساليب، لهذا فإن كافة الأوساط فى هذه المنطقه تعمل بتوجيه من بغداد حيث يلتف ممثلو هذه الجبهه والضباط حول شخصيتهم المفضله فى الوقت الحاضر وهو (الملا مصطفى البرزاني) ومن يحف به من مثقفى كردستان البارتيين وتصدر التوجيهات مباشرة أو بصوره غير مباشره لتنفيذ خططهم السياسيه.
٣ - موقف العشائر الكرديه:
تثير جبهة إتحاد كردستان بإيعاز من التوجيهات التى تصلهم من بغداد الشكوك والريبه فى إخلاص العشائر المناوئه الى الملا مصطفى وتردنا كثير من الإستفسارات والإستيضاحات من مديرية الإستخبارات العسكريه أو عن طريق وزارة الداخليه أو مديرية الأمن العامه حول سلوك هؤلاء الرؤساء المناوئين للبارزانى، إن الشكوك التى تردنا عن طريق الجهات الرسميه والنشرات السريه التى توزع من قبل جبهة أحزاب كردستان حول الزيباريين والسورجيه والهركيين والبرادوستيين والركانيين ومن يناوىء الملا مصطفى تستهدف خلق إرهاب لرؤساء هذه العشائر بقصد مايلى:
أ - خلق نزاع مسلح بين الجيش والعشائر المناوئه للبارزانيين بقصد القضاء عليهم.
ب - أو التوصل إلى إعتقال هؤلاء الرؤساء المناوئين حتى يتاح إخضاع عشائرهم لسيطرة البارزانيين.
ج - أو فرض السيطره على العشائر ورؤسائها بالتهديد ليؤلفوا جبهه موحده لمواجهة تطورات الحركه الكرديه المتطرفه فى المستقبل (الماده ٢ أعلاه).
٤ - نود أن ننبه إلى هذه الناحيه الخطيره وتطوراتها ونوصي بالمحافظه على التوازن بين العشائر المناوئه للبارزانيين وما يريدون رسمه من خطط فى حين تقتضى سياسة الجمهوريه تطمين رؤساء العشائر المناوئه للملا مصطفى وتأمين مستقبلهم حتى نكسبهم بجانب الجمهوريه وهم ممن لم يعرف عنهم مناوئة الحكومات العراقيه بالسابق أو اللاحق أو قيامهم بثورات مسلحه ضد الجيش، لذا يقتضى الإستفاده منهم وعدم إعطاء المجال لتمييز البارزانيين عليهم بأية صورة من الصور وتوصية المتصرفين والإداريين بمعاملتهم بصوره حسنه لتأييد الفكره القائله بأن أبناء الجمهوريه هم سواء فى المعامله.
٥ - موقف بعض الضباط (البارتيون الحزبيون):
أخذ بعض الضباط الحزبيين الموجودين فى الفرقه يتحسسون بموضوع كردستان أو جمهورية كردستان فى المستقبل بصوره ظاهره ويجتمعون بالمناسبات لتطبيق الخطط الموجهه التى تصلهم من بغداد بواسطة اتصالهم الشخصي مع الملا مصطفى أو بواسطة ممثلين يرسلون من بغداد.
وتشمل إجتماعاتهم الإتصال بكافة المتطرفين البارتيين من المحامين والمثقفين والمعلمين والمعلمات وإجتماعاتهم هذه أصبحت دوريه فى كل من كركوك وإربيل والسليمانيه، إن أهم مايشغل المتطرفون الحزبيون البارتيون هو الصراع الخفى والظاهر للاستئثار بلواء كركوك الذى تسكنه أكثريه تركمانيه وعشائر عربيه وأقليات عربيه مسيحيه وقد اثاروا مختلف المشاكسات والنزاعات لتشويه سمعة التركمان بإتهامهم بالطورانيه وعدم ولاءهم للجمهوريه، وقد مرت فترات عصيبه بهذا اللواء منذ الزياره الأولى للملا مصطفى إلى كركوك وما تلاه من وضع مكيده لتحرى دور أهالى كركوك بإعتبارها كانت مستودعات أسلحه وما تلا ذلك من إضطراب الأمن فى الأسبوعين الماضيين فى ألتون كوبرى وطوز خورماتو وكفرى، كل هذه تدل على تحمس المتطرفين الحزبيين للسيطره على كركوك ومواردها وتهديدهم التركمان على الهجره من اللواء، أو قبول فكرة إقليم كردستان ليكونوا فيه جزءا من الإقليم وكل هذه تؤيد دعوتهم لبعث كردستان العراق إلى الوجود.
٦ - يساهم الضباط والأشخاص المتطرفين المرفقين فى القائمه:
أ - فى الإجتماعات التى يعقدوها فى كركوك بحيث أخذت تثير شكوك أهالي كركوك لأنهم يعلمون مؤكدا أن الحزبيين البارتيين لا يضمرون لهم خيرا، ولهذا زادت مراجعتهم إلى هذه القياده وإلى الإداره المحليه لتطمينهم على مستقبلهم من هذا الصراع القومى الناشب ضدهم.
٧ - يقوم الزعيم معروف غريب من الضباط الحزبيين بالدور الرئيسى لإدارة حركة الضباط الحزبيين البارتيين فى الفرقه وقد إستطاعوا أن يكسبوا بعض ضباط الصف إلى حزبهم وإلى فكرتهم لتبشيرهم بأن لواء كركوك جزء لايتجزأ من إقليم كردستان، مما ادى إلى خلق وضع خطير ضمن بعض الوحدات التى يعمل فيها الضباط المدرجين فى القائمه المشار إليها.
٨ - موقف التركمان فى كركوك:
يشعر التركمان فى كركوك بالخطر الذي يجابهونه من تحدى الحزبيين البارتيين لهم وهم فزعين على مستقبلهم ويضعون جل ثقتهم بحكومة الجمهوريه العراقيه لضمان حياتهم ومستقبلهم. لقد حرم هؤلاء التركمان من إبداء شعورهم تجاه الجمهوريه العراقيه والظاهر أن القضيه مبيته ضدهم لطمس إسمهم وولائهم. إن هذه القياده تؤكد أن النزاع السياسى هو الذى خلق هذه الشكوك وأن اهالى كركوك التركمان يساهمون فعلا كمواطنين فى خدمة هذه الجمهوريه فى سلك الجيش والتعليم والمحاماه والطب فى سائر النشاطات الإجتماعيه، غير أن هذا لم ينقذهم من التهمه الموجهه لهم من قبل متطرفى الحزبيين البارتيين بكونهم طورانيين تنكيلا بهم.
٩ - تسأل هذه القياده ما يلي:
أ - معلومات واضحه عن السياسه الداخليه للجمهوريه فيما يخص الوعود المختلفه للأكراد الحزبيين بشأن كردستان ومطالبهم الأخرى التى يعملون لتنفيذها.
ب - منع الضباط وضباط الصف من التدخل فى الأمور السياسيه أو الحزبيه أو الإنحياز إلى المبادىء بإصدار بيان من سيادة الوزير على غرار ما صدر من تحديدات بشأن الطلبه والمقاومه الشعبيه.
ج - نقترح جعل المناصب الإداريه التاليه (فى كل من آلتون كوبرى وطوز خورماتو وكفرى) تدار من قبل موظفين عرب حياديين لأنهم عنصر الحياد بين الأكراد والأتراك الساكنين فيها: القائمقامون - مدراء النواحى - المعاونون - مدراء المدارس - الحكام.
يرجى التفضل بالعلم وانباءنا. . ."
(التوقيع: الزعيم الركن - ناظم الطبقجلي - قائد الفرقه الثانيه).
(وردت هذه الوثيقه فى: موسوعة ١٤ تموز - ثورة الشواف فى الموصل - ٣ - تاليف العميد المتقاعد - خليل إبراهيم حسين الصحيفه رقم ٧٣، ٧٤، ٧٥، ٧٦، ٧٧، ٧٨)
رحم الله ناظم الطبقجلى الذي كشف التآمر على التركمان والعراق وكأنه يقرأ ما سيحدث بالعراق بعد رحيله بعشرات السنين. . . .
وللحديث بقيه