شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 72513
|
الإنتساب : May 2012
|
المشاركات : 7,601
|
بمعدل : 1.67 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
kumait
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 04-04-2013 الساعة : 12:46 PM
الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة
أمريكا تبيع مصارفها للصين, وترفع قيمة اليوان
بقلم ألفردو خليفة رحمة
جرت أعمال الدورة الرابعة من المفاوضات بين الصين والولايات المتحدة في أجواء من الارتياح إثر تنازلات جديدة تم تقديمها من بيكين, تجلت في قيام الأخيرة باستثمارات مالية ضخمة في الولايات المتحدة, مقابل رفع قيمة الين أمام الدولار,طبقا لما كانت تطالب به واشنطن منذ زمن طويل. لكن هذا لايعني أن ننخدع في معاني هذه الأحداث, كما يرى ألفريدو خليفة رحمة.
فالصين لم تقبل هذه التضحيات كي تنصاع لمشيئة الولايات المتحدة, بل لتكبح جموحها الامبريالي. تستخدم الصين سلاحها المالي وسيولتها النقدية, من أجل تجريد واشنطن من عدوانيتها, في الوقت الذي تنوي فيه تأسيس منطقة تجارة حرة واسعة مع دول لاتزال تخضع للنفوذ الأمريكي كاليابان وكوريا الجنوبية.
الصين تنزع فتيل الولايات المتحدة من خلال فرض نفسها كضرورة لاقتصادهم. من اليسار إلى اليمين: وزير المالية تيموتي غيتنر. وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون, ونائب رئيس مجلس الوزراء وانغ كيشان ( بيجين 3 أيار-مايو 2012)
هو إذن اللقاء الرابع من أجل " حوار استراتيجي واقتصادي بين الولايات المتحدة والصين" [1] الذي انعقد في بكين يومي 3-4 أيار-مايو 2012. وهو بكل تأكيد, أهم قمة ثنائية في العالم, يمكن أن ينبثق عنها نتائج بالغة المعاني, تنبيء باانفراج واضح بعد مرحلة قاسية من تدهور العلاقات بين القوتين, حسب وصف موقع شاينا اكونومك" [2].
وعلى عكس الصحافة الأمريكية التي فضلت الصمت, فقد أبدت وسائل الاعلام الصينية أهمية بالغة إزاء الموضوع.
ثلاث وقائع ذات مغزى حصلت في تلك الأثناء:
1. وصول فلادي بوتين للمرة الثالثة إلى سدة الرئاسة, الأمر الذي من شأنه أن يخفف من ضغوطات الولايات المتحدة على الصين [3],في الوقت الذي لفت غياب "القيصر" انتباه الجميع عن قمة الثماني الكبار التي لم يعد لها أي فاعلية, مقابل قمة العشرين الكبار, الأكثر امتزاجا وتعدد أقطاب. ;
2. الاعلان عن مشروع معاهدة التبادل التجاري الحر بين أكبر ثلاث قوى اقتصادية في شمال غرب آسيا: الصين, واليابان, وكوريا الجنوبية [4] ;
3. كشف الدلاي لاما المستغرب بالتزامن مع هذه الأحداث عن مؤامرة لاغتياله [5] فهل سيكون بوسع الولايات المتحدة أن تبيع الدلاي لاما من أجل اليوان, علما أن قتله بهذ الشكل سيكون محرجا جدا للصين؟.
ما أن انتهى "الحوار الاستراتيجي الاقتصادي الرابع بين الولايات المتحدة والصين حتى أعلنت الأخيرة عن نيتها خلق منطقة تجارة حرة, من شأنها اخراج كوريا الجنوبية واليابان من دائرة النفوذ التي تخضعان لها. من اليسار إلى اليمين: رئيس جمهورية الصين, لي مونغ باك, ورئيس مجلس الوزراء وين جياوباو, ورئيس الوزراء الياباني يوشيكو نودا (بيجين, 13 أيار-مايو 2012)
لقد انبثق عن عمليات العطاءات في اللقاء الصيني-الأمريكي الرابع ثلاثة مقترحات جيو-مالية, تم تطبيقها فورا:
1. تسريع عملية رفع قيمة اليوان, الأمر الذي أثنى عليه تيموتي غيتنر, وزير الخزانة الأمريكي.;
2. منح "الاحتياط الفدرالي" الصين إذنا بتأسيس ثلاثة مصارف عمومية فوق الأراضي الأمريكية. وهي: :
• مصرف الصين الصناعي والتجاري, وهو المصرف الأكثر ازدهارا في العالم, والذي سبق له أن اشترى 80% من مصارف شرق آسيا الأمريكية, مع 13 فرعا في نيويورك وكاليفورنيا [6]
• مصرف الصين, الذي يأتي في المرتبة الثالثة من حيث أهميته, أذن له بافتتاح فرع في شيكاغو.,
• المصرف الزراعي الصيني, ترتيبه الرابع, سوف يفتتح فرعا في نيويورك.
3. التزام الصين من جديد بتخفيض نسبة الاحتياطي بشكل يتناسب مع ودائعها المصرفية ( بمعدل 50 نقطة أساس) وبشكل يسمح بضخ المزيد من السيولة في الأسواق [7].
هناك ما هو أفضل من ذلك كله. فقد سمح الاحتياط الفدرالي لسلسلة من الكيانات المالية الصينية ( المصرف الصناعي والتجاري الصيني, هيوجين المركزي للاستثمار, وصندوق الاستثمار السيادي الصيني كورب) بالعمل "كشركات مصرفية قابضة".
نحن لسنا الآن في زمن بوش حين منع, بدافع غطرسة السيادة الاقتصادية, شركة صينية حكومية للبترول من تملك مقر لها.
لاينبغي هنا التقليل من شأن انفتاح القطاع المالي الأمريكي ذي الاستراتيجية العالية, على القطاع المصرفي الصيني القوي جدا, على الرغم من رمزية الاجراءات المتخذة حتى الآن.
هل سينتهي المطاف بالمصارف الصينية في العاصمة مكسيكو, وبأمر من واشنطن, قبل أن تظهر أي بادرة وطنية عندنا في هذا الاتجاه؟ وهل سنشهد قريبا اقبال المصارف الصينية على شراء شركات أمريكية حسب مخطط تفكيك- حيازة؟ وهل هناك عمليات مقايضات جيو-سياسية حيكت من وراء الكواليس؟ [8].
ثمة موضوع آخر يجعل الولايات المتحدة تتقبل انفتاحا على نطاق واسع: رفع الحظر عن الصادرات التكنلوجية ذات الطابع المدني باتجاه الصين.
في المقابل, هناك متغيرات سياسية عميقة تجلت في قرار الصين بالسماح في الاستثمارات الأجنبية فوق أراضيها (وهي في الواقع لن تكون سوى أمريكية) بنسبة 49%.
ففي الوقت الذي هنأ الرئيس الصيني هو جينتاو, نفسه بنتائج اللقاء الرابع, بدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أكثر من أي وقت مضى كالسائرة في نومها, حين طمأنت الغاضبين المذعورين من عودة الولايات المتحدة إلى الصين, بترديد أن واشنطن تتمنى رؤية صين قوية ومزدهرة ومتةفوق: هل يجرؤ أحد على الشك بذلك؟
وفي خضم مجاملات مشبوهة تنوس بين المنافسة والتعاون, فقد أفضى حل هذه العقدة السعيدة, بقيام وزير الدفاع الصيني ليانغ غوانغ لي, بعد تسع سنوات, وللمرة الأولى, بزيارة مرتجلة للبنتاغون.
في الوقت نفسه, ظهرت في وسائل الاعلام الكثير من ديباجات المديح للتعاون الثنائي, على حساب أنصار المنافسة إلى حدود الحرب الباردة, الذين هدأ من روعهم جيفري بادر, مستشار أوباما الاقتصادي سابقا لشؤون الصين وآسيا في مجلس الأمن القومي, ومؤلف كتاب " أوباما وصعود الصين: قصة داخلية لاستراتيجية الولايات المتحدة في آسيا" [9].
يرى جيفري بادر أن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة تنسج خيوطها حول طاولة المفاوضات, وليس في ميادين القتال. وقد سار ثمانية رؤساء أمريكيين متعاقبين على هذا النهج, بدءا من نيكسون حتى الآن, وإن شاب ذلك النهج بعض التشوهات ( [10].
ويؤكد أن أوباما ليس استثناء, ويخلص إلى أن سياسته ترتكز على ثلاثة مباديء أساسية:
• الاعتراف بصعود الصين القوي, واحترام مصالحها المشروعة;
• الاصرار على المعايير الدولية واحترام القوانين التي من شأنها أن تؤطر هذا الصعود القوي.;
• توطيد هذا الاستقرار من خلال التحالفات الاقليمية والشراكة.
وبحسب رأيه, فإن العلاقات الثنائية شيء بمنتهى الحكمة, إذا أخذنا بعين الاعتبار تعاون الصينيين مع الولايات المتحدة في المسائل المتعلقة بكوريا الشمالية وايران, وأن تايوان لم تكن أبدا مصدر توتر, رغم أنها الموضوع الوحيد, الذي يمكن أن يكون نظريا, سببا للنزاع إلى حد معين, نظرا لأن بيع الأسلحة لتايوان يشكل تحريضا وعنصر فائق التوتر.
ويضيف موضحا بأن موضوع حقوق الانسان, والخلاف في بحر الجنوب, هي موضوعات مثيرة للغضب, وتشكل عائقا أمام التعاون.
من هنا تبرز مختلف التحديات. من صعود الصين خلال العقد الأخير من الزمن, وتعاظم دورها على الساحة الدولية, في مقابل ترنح الولايات المتحدة.
الفكرة الرائجة بأن الصين قد تجاوزت الولايات المتحدة, أو أنها ستتخطاها قريبا في قيادة بلدان أخرى, لاعلاقة لها, حسب رأيه, بالواقع العملي, لأن ثمة فجوة بين السلطة في الصين, ومستوى دخل الفرد.
وفي الواقع, فقد أعيدت العلاقات العسكرية بين البلدين أثناء الزيارة الماضية لوزير الدفاع روبرت غيتس, ومن غير المعقول أن يكون هناك سياسية أمريكية جديدة ترمي إلى احتواء الصين. لكنه يقر بمخاطر نشوب أزمة أمنية بين الولايات المتحدة والصين, انطلاقا من أن كل طرف يرصد خطوات الآخر التي يتخذها من أجل الدفاع عن نفسه على أنها عملا عدائيا ضده.
وبحسب المنطق الذي يسوقه, فإن عدم الثقة المتبادلة يمكن تخطيها ضمن إطار "الحوار الاستراتيجي الاقتصادي" [11].
ليانغ غوانغ لي , وزير الدفاع الصيني, يرافقه وفد ضخم مؤلف من 24 جنرالا, قام بزيارة مرتجلة في 7 أيار-مايو 2012 للبنتاغون, بهدف نزع فتيل الصراعات مع الولايات المتحدة. تناولت المناقشات كورية الشمالية, والنزاعات في بحر الصين, والفضاء الالكتروني, والدفاع الصاروخي, والعمليات الانسانية.
أما برندان أوريللي [12] فيرى أن استراتيجية الصين تقوم على التنمية الاقتصادية والتكامل. وهكذا بلغ حجم التبادل التجاري 450 مليار دولار في السنة, والذي يشكل رقما قياسيا في تاريخ العلاقات الثنائية بين أي بلدين: لقد وضعت الصين تكتيكا حاذقا للرد على التفوق العسكري والسياسي للولايات المتحدة, من خلال تكامل واسع الطيف في كلا اقتصاد البلدين.
ويخلص أوريلي إلى نتيجة مفادها أن عدم قدرة الصين على بلوغ مستوى التفوق العسكري للولايات المتحدة في المدى المتوسط, جعلها تتطلع إلى تجريدها من أسلحتها, على مستوى التميز التكتيكي, عبر خلق حالة من التبعية الاقتصادية المتبادلة, وبشكل شبه كامل.
وبالتالي, تسعى الصين إلى إقامة نظام عالمي جديد يكون فيه النزاع السكري بين القوى العظمى فاقدا للصلاحية, تحت تأثير التكامل الاقتصادي. فهل ستتمكن من ذلك؟
* ألفردو خليفة رحمة
بروفيسور علوم سياسية وإجتماعية في الجامعة الوطنية المكسيكية المستقلة UNAM ينشر مقالات في السياسة العالمية في الصحيفة اليومية "لا جورنادا" والصحيفة الأسبوعيةكونترالينيا. آخر مؤلفاته "العالم الهجين المتعدد الأقطاب، مقاربة متعددة الأبعاد.
***
ما بعد أمريكا
بقلم عماد فوزي شعيبي
في نهاية القرن العشرين كان الخبر الجيد هو انهيار الاتحاد السوفييتي كإمبراطورية تبسط سلطتها في أوروبا الوسطى, أما الخبر السيء فكان بقاء الولايات المتحدة الأمريكية كإمبراطورية تفرض سلطتها على أوروبا الغربية وأمريكا اللاتينية وعلى أجزاء أخرى من العالم. مما لاشك به أن نهضة روسيا وصحوة الصين أديا إلى نشوء نظام دولي جديد ستزول فيه إمبراطورية الولايات المتحدة البالية. ومنذ ذلك الحين بدأ الخبراء الاستراتيجيون يتساءلون حول كيفية الحد من مواجهات حتمية في الفترات المفصلية التالية. يرى الدكتور عماد شعيبي أن زعيما العالم الجديدان, ألا وهما بيجينغ وموسكو, يتصرفان بحذر لتفادي نشوب حرب عالمية ولكنهما يتحضران لنزاعات إقليمية دامية
لم يعد الحديث عن ما بعد العصر الأمريكي نوعاً من فذلكة سياسية أو أمنيات. حينما كتبنا عن ذلك في كتابنا “النظام السياسي العالمي الجديد، 1991” كان ذلك من قبيل التحليل الاستباقي، ولم يكن ممكناً تصديقهُ، وربما غلف عدم التصديق ضروب من الرغبات أو ما يسمى بالعرف الإبستمولوجي “عقبة المعرفة الشائعة وممانعة التغيير”.
كنا آنذاك نفكر فيما ليس مفكراً به أو بالقطع الإبستمولوجي (Epistemological Rupture) أو ما يدعوه – لاحقاً – نسيم طالب (البجعة السوداء) أو ما يُدعى بالعرف الإداري (التفكير خارج الصندوق).
كنا وما زلنا نحذر من أن الدول الكبرى لا تحتضر على الفراش، وأن أخطر ما يمثل احتضارها أنها تمتلك أسلحة نووية وذكريات عظيمة لم تغب عن الذهن أو الذاكرة القريبة في التاريخ والاستراتيجيا ولم تُدفع إلى الذاكرة البعيدة.
لم يخفِ المسؤولون الصينيون والروس، كما لم يعد الأمر – حسب زبينجيو بريجنسكي – مجرد فورة صراحة، أن هبوط أمريكا وصعود الصين وروسيا قد أصبحاً أمرين حتميين. ولكن وبحسب (طبيعة الأشياء) فإن ليس لدولة كبرى أن تنكسر، وأقصى ما يجب أن يكون هو هزيمة بلا أفول أو بلغة أخرى أن (تتأرشف) تلك الدولة الكبرى.
ولكن – وكما ينصح المسؤولون الصينيون والأمريكيون – عليها ألا تنحدر بشكل سريع جداً. ورغم أن بريجنسكي يصادق على ما سبق، إلا أنه يعتقد أن ليس هنالك من احتمال أن يخلف الولايات المتحدة خليفة دولي بارز وحيد ولا حتى الصين، وهو أمر قد نصادق عليه مرحلياً، ونصادق على أن مرحلة من الفوضى العالمية وعدم اليقين الدولي قد زادت في سنة 2011 إلى حد الإنذار بفوضى عارمة. كما نرى أن هذا الإنذار يخشاه الأمريكيون كما كان يخشاه الروس والصينيون، إلا أن مغامرة أطراف كفرنسا وبضعة دول إقليمية باتت تخشى فقدان المكانة الإقليمية قد رفعت من مستوى احتمالات الفوضى، والواقع أن (الكبار - الأقوياء) يخشون الفوضى لكن (الكبار - الضعفاء) يراهنون أحياناً على الفوضى لإرباك الأقوياء على أمل الانسحاب من المشهد الدولي بأقل قدر من الخسائر.
اللافت أن التحول نحو نظام عالمي جديد تسارع في العامين (2011-2012) حتى أن المسافة التي فصلت بين إعلان الرئيس الروسي بوتين في مطلع عام 2012 عن أفول نجم القطب الواحد واستدراكه أن الدول الصاعدة ليست جاهزة بعد لاستلام زمام العالم، وبين الإعلان لاحقاً ،كانت مسافة زمنية قصيرة، وذلك عن مؤتمر دول البريكس وبدء تشكيل منظومة اقتصادية – بنكية جديدة (بنك البريكس) وارتفاع حدة ونبرة كل من روسيا والصين بما شكلّ تجاوزاً للفيتويين وأثرهما إلى حد قيادة الحراك الإقليمي في شرق المتوسط بما لا يدع مجالاً للشك بأن لا عودة إلى الماضي (الأمريكي) وربما لا (قسمة) فيها إلى الآن.
في هذا الوقت كان لإعلان أوباما مطلع 2012 استراتيجية أمريكا الجديدة التي تبقى في حالة حذر في شرق المتوسط، وكأنها تسلم بتبدل معايير القوة هناك، فيما تنتقل إلى محيط الصين لتسليحه،ويأتي تصريح الوزيرة كلينتون من أستراليا متابعةً للحديث عن (مكاسرة ما!) مع الصين، هو ما دفع الأخيرة للرد بأن أحداً لن يستطيع أن يمنع بزوغ فجر الصين.
وقد كان لهذين الإعلانين أن دفعا الصين لعدم الانتظار لعام 2016 حتى تعلن عن قوتها فإذا بها تتسارع في سبيل إعلان نظام يرونه - في التصريحات الروسية - متعدد الأقطاب، ونراه نظاماً عالمياً من محورين بأقطاب متعددة حول كل من المحورين، ولكنه سيكون محور الصاعدين ومحور الهابطين.
هذا الصراع الذي اشتد بات واضحاً أنه قد هز أركان الديبلوماسية الأمريكية التي اضطرت للإعلان عن الانسحاب، ولو اللفظي، من المواجهة، في شهر أبريل 2012 أن لا حرب باردة بينها وبين الصين، إثر لقاء جمع رئيس مجلس الدولة الصيني (الرجل الصيني) مع كوفي أنان ليبلغه أن الصين تعلم أنها مع روسيا أول دولتين في العالم وأن عليه أن ينسق معهما في إشارة بالغة الشدة إلى أن عنان الذي كان شاهداً على عالم القطب الواحد (1991 – مطلع القرن الواحد والعشرين) عليه أن يكون شاهداً على أفول ذلك العالم وأن قضايا شرق المتوسط قد آلت إلى موسكو وبكين.
ولكن واقع الحال أن واشنطن التي أضاعت عقداً في حرب، بدت كحرب النجوم بالنسبة للاتحاد السوفييتي، وهو ما أنهكها وحوّلها مع أزماتها الأخرى إلى أكبر دولة مدينة وقاب قوسين أو أدنى من الإفلاس، تعلن عن توجهها إلى محيط الصين في محاولة للعب في المحيطين الهندي-الهادي وتنسحب من هذا الإعلان بخفة تشعر المراقب أنها قد غدت - فعلا – بلا وهج الدولة الكبرى التي سرعان ما تخسر ثلثي قوتها عندما تستخدم تلك القوة التي خلقت للكبار –فقط- كي يلوحوا بها!.
وجه العالم يتغيّر، إنه النظام العالمي الذي تأخر تبلوره منذ سقوط الاتحاد السوفييتي، لكنه يتسارع في بلورة نفسه رغم أن بعضاً من قواه الجديدة لم تكن مهيأة لذلك، إلا أن الأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط سرعان ما دفعتها إلى دخول لعبة (تنحية) الإرادات.. وبسرعة.
لكن النتائج المترتبة على صعود قوى جديدة وأفول قوى قديمة، كانت لتوها هي قائدة العالم كالولايات المتحدة الأمريكية، سرعان ما يلقي بظلاله على القوى الإقليمية وقد يهيئ لصراعات دامية قد لا تجد طريقاً إلى الحل إلا بعد بلورة النظام العالمي الجديد و(رضا) كل طرف بمكانته الجديدة!
|