تحليل: استشهاد موقوف واتّهام بفبركة صور!
2011-05-13 09:35:36
بداية الحدث جاءت عبر خبر بثه موقع المركز الإعلامي التابع لوزارة الداخلية بتاريخ 9 أبريل 2011 بعنوان [وفاة متهم بمركز التوقيف بعد إحداثه للفوضى ومقاومة رجال الأمن] بيّن فيه سبب استشهاد (علي عيسى صقر) والبالغ من العمر 31 سنة والموقوف بتهمة الشروع في قتل رجال الأمن بدهسهم بالسيارة والاصطدام بأحد المتظاهرين وذلك بتاريخ 13 مارس 2011م، فقد أوضح بأنَّ الشهيد قد قام بإحداث فوضى بالتوقيف مما أضطر رجال الأمن إلى التدخل لإعادة الوضع إلى طبيعته بالتوقيف إلا أنه قام بمقاومة رجال الأمن مما أضطرهم إلى التعامل معه حيث أصيب بإصابات متفرقة وعلى إثر ذلك تم نقله إلى المستشفى لإسعافه حيث وافته المنية بالمستشفى.
http://www.policemc.gov.bh/news_deta...articleId=7620
في اليوم التالي والموافق 10 أبريل 2011 قام رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان الأستاذ نبيل رجب بنشر صور للشهيد علي عيسى صقر في المغتسل تُبيّن آثاراً للتعذيب الذي تعرّض له الشهيد, وهذه هي الصور التي قام بنشرها:
وبين النفي والقبول, أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً على موقها بتاريخ 13 أبريل 2011 أي بعد ثلاثة أيام على إحالة رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان السيد نبيل رجب للنيابة العسكرية بتهمة فبركة صور! هذا التقرير جاء بعنوان [البحرين: يجب التحقيق في حالة الوفاة الجديدة لمحتجز] جاء في التقرير: (اطلعت هيومن رايتس ووتش على جثمان صقر ورأت بقعاً مزّرقة على الجانب الأيسر من الرأس، وتبينت اسوداد أطراف القدمين، ووجود سحجات على الذراعين والساقين، وما يبدو أنها آثار للجلد بالسياط على ظهره كاملاً). وهذا فيديو يبيّن آثار التعذيب على جسد الشهيد صقر:
طوال هذه الفترة, كان الإعلام الرسمي البحريني يروّج لبيان النيابة العسكرية ويتّهم السيد نبيل رجب بالفبركة ويستدل بالصور التي عرضتها وزارة الداخلية للشهيد والتي قالت عنها إنَّها أُخِذَت بعلم الطبيب الشرعي!
ذُكر أعلاه أنَّ الشهيد صقر موقوفٌ بتهمةالشروع في قتل رجال الأمن بدهسهم بالسيارة والاصطدام بأحد المتظاهرين وذلك بتاريخ13 مارس 2011. هذه التهمة أوقف بسببها سبعة متظاهرين أُصدِرَ بحقهم حكم الإعدام (بانتظار استئناف الحكم) وبُثت اعترافاتهم على التلفزيون الرسمي بتاريخ 28 أبريل 2011. تفاجأ الجميع ببث اعتراف الشهيد صقر على الرغم من استشهاده في التوقيف ليرسم مع ظهوره على شاشة التلفاز ألف علامة تعجب!!
http://www.youtube.com/watch?v=koDTy7qBJtc
في 3 مايو 2011 نشرت وكالة أنباء البحرين خبراً عنوانه [وزيرا العدل والصحة يكشفان جرائم الاطباء خلال الاحداث المؤسفة التي شهدتها مملكةالبحرين] فصّلت فيه الوكالة وقائع مؤتمر صحفي للوزيرين تحدّثا فيه عن بعض التطورات. خلال هذا المؤتمر تحدَّثت وزيرة الصحة الدكتورة فاطمة البلوشي عن دور المنظمات الحقوقية والدولية وانحيازها لجهة دون أخرى مستشهدة بخبر استشهاد صقر وكيفية فبركة صوره باستخدام برامج حرفيّة الأمر الذي دعا ممثل إحدى المنظمات الحقوقية للرد عليها والقول لها بأنه كان موجوداً أثناء تغسيل الشهيد صقر ووجد آثار التعذيب على جسده! وقد نقل مراسل بي بي سي ذلك في تقرير بثته القناة. نتيجة لذلك, وعدت الوزيرة البلوشي بفتح تحقيق حول هذه الإدعاءات! وهذا فيديو التقرير:
http://www.youtube.com/watch?v=zdKqfBWWsS4
بعد هذا الوعد من قِبَل الوزيرة, وفي تاريخ 11 مايو 2011 عاد موقع المركز الإعلامي لوزارة الداخلية لينشر خبراً بعنوان [الداخلية تحيل عدد من العسكريين لمحكمة عسكرية مختصة بعد وفاةموقوف] جاء في الخبر: (صرح الوكيل المساعد للشئون القانونية أنه تنفيذاً لتوجيهات معالي وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بسرعة الإنتهاء من التحقيقات الخاصة بواقعة وفاة على عيسى صقر بمكان التوقيف فقد قامت إدارة المحاكم العسكرية (النيابة العسكرية بوزارة الداخلية) بالتحقيق في هذه الواقعة حيث تم إستجواب أفراد الحراسة ومسئولي مركز التوقيف وإتخاذ كافة الإجراءات القانونية. وبناءً على ما انتهت إليه التحقيقات من توافر أدلة على وجود بعضمن الجرائم والمخالفات لعدد (5) من حراس عنبر التوقيف الخاص بالمتوفى فقد تم إحالتهم جميعاً إلى المحكمة العسكرية المختصة.وأشار الوكيل المساعد للشئون القانونية أن ذلك يأتي في إطار إلتزام وزارة الداخلية بتطبيق مبدأ المساءلة ضد من يثبت إرتكابه لأي تجاوزات وإلتزاماً بمبادئ حقوق الإنسان مؤكداً أن الوزارة لا تتهاون في التصدي والتحقيق في أي بلاغات التي تمس الإخلال بهذه المبادئ وتطبيق القانون).
هنا يجدر بنا التوقف قليلاً لكي نفك بعض خيوط القضية. وزارة الداخلية قالت بأنَّ "الوفاة" جاءت بسبب إحداث الشهيد لفوضى مما اضطر رجال الأمن إلى التدخل. ألا يحق لنا أن نسأل هنا: ما هو نوع التدخل الذي يؤدي إلى نقل الشهيد للمستشفى؟ ولماذا أحدثَ الشهيد فوضى من الأساس حيث لم نسمع عن حالات مشابهة له في المعتقل؟ تكتّمت وزارة الداخلية على ملابسات الوفاة بل تمادت ونشرت صوراً قالت أنَّها أُخذت بعلم الطبيب الشرعي. كان الهدف من هذه الصور تضليل الرأي العام وتفنيد مزاعم وجود آثار تعذيب على جسد الشهيد صقر.
كان ظهور الشهيد صقر ضمن الاعترافات التي عرضها التلفزيون الرسمي بتاريخ 28 أبريل 2011 بمثابة صدمة للجهات الرسمية, ولغز لن يسهل تفسيره. هذا الشهيد الذي شهد في حقه مندوب منظمة هيومن رايتس ووتش حين رأى بقعاً مزّرقة على الجانب الأيسر من الرأس، واسوداداً في أطراف القدمين، وسحجات على الذراعين والساقين، وآثارا للجلد بالسياط على ظهره كاملاً!
الجهات الرسمية وضعت نفسها بين مصيرين –في هذه القضية- أحدهما أصعب من الآخر! المصير الأول هو تصديق صورها التي بثّتها بتاريخ 10 أبريل 2011 وعدم الاعتراف بوجود تعذيب على جسد الشهيد وإنَّ سبب الوفاة هو الفوضى التي قام بها أثناء التوقيف. التسليم بهذا المصير يعني تكذيب الصور التي عرضها السيد نبيل رجب والتي تثبت وجود آثار تعذيب على جسد الشهيد صقر, وكذلك تكذيب بعض الفيديوهات وشهادات ممثلي منظمات دولية حقوقية كانت موجودة أثناء تغسيل الشهيد والتي أثبتت وجود آثار للتعذيب! ويعني صدق وزيرة الصحة د. البلوشي حين قالت أنَّ الصور تمت فبركتها, ويعني صحة الاعتراف بدهس الشرطي والذي أدلى به الشهيد. هذا المصير ينطبق عليه المثل القائل: (حدث العاقل بما لا يليق فإن صدَّق فلا عقل له!). أيُّ عاقلٍ يُصدِّقُ هذه الإدعاءات وهو يرى بأم عينيه آثار التعذيب بادية على جسد الشهيد ويسمع الشهادات من المنظمات؟! هذه الصور لا تصمد أمام الأدلة الدامغة التي تُسقط الاعتراف الذي انتزع تحت التعذيب الوحشي! أيُّ عاقلٍ يُصدِّقُ كلام وزيرة الصحة بعد مشاهد الفيديو الواضحة وغير القابلة للجدال بوجود تعذيب؟! أيُّ عاقل يأخذ باعترافات شخص مورست ضده أقسى أنواع التعذيب الوحشي؟ تصديق هذه الدعاوى هو ضربٌ من الجنون!
أما المصير الثاني الذي تواجهه الجهات الرسمية هو تكذيب صورها والاعتراف بوجود تعذيب للشهيد وهو السبب الذي دعاها لإحالة عسكريين للنيابة العسكرية لتوافر أدلة على وجود بعضمن الجرائم والمخالفات (على حسب تعبير بيانها). التسليم بهذا المصير يعني تصديق الصور التي عرضها السيد نبيل رجب والتي تثبت وجود آثار تعذيب على جسد الشهيد صقر, وكذلك تصديق بعض الفيديوهات وشهادات ممثلي منظمات دولية حقوقية كانت موجودة أثناء تغسيل الشهيد والتي أثبتت وجود آثار للتعذيب! التسليم بهذا المصير يعني سقوط أحكام الإعدام عن المتهمين بدهس الشرطي لثبوت آثار تعذيب على جسد معترف, وما ثبت لصقر يثبت لغيره والشاهد هو آثار التعذيب على جسد كل من استشهد في السجون, وعلى جسد كل شخص مفرج عنه! التسليم بهذا المصير يعني سقوط الدعوة المرفوعة ضد السيد نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان بتهمة نشر صور مفبركة والاعتذار له على هذا التشهير! التسليم بهذا المصير يعني كذب وزيرة الصحة بشأن فبركة الصور.
هنا سؤال يطرح نفسه: لماذا لم تتم إحالة الطبيب الشرعي للمحاكمة بتهمة التستر على جرائم قام بها عسكريون أثناء توقيف متهم الذي هو بريء حتى تثبت إدانته التي لم ولن تثبت؟! ألم يرَ الطبيب هذه الآثار؟! ماذا كتب في تقريره؟! ماذا قال عن آثار التعذيب؟! ألا يعتبر العمل الذي قام به خيانة لمهنة الطب الإنسانية؟!
فلتختر الجهات الرسمية أيَّ مصير تريد؟! يبدو أنها اختارت المصير الثاني الذي هو أقوى مصير يدينها ويعرّيها ويثبت زيف ادعاءاتها. لذا نطالب الجهات الرسمية -ونحن على بعد ساعات من سماع حكم الاستئناف بحق المحكومين بالإعدام في قضية دهس الشرطي- بالتالي:
-إلغاء عقوبة الإعدام على المحكومين.
- استقالة وزير الداخلية لتستّره على جرائم ارتكبت ضد موقوف.
-استقالة وزيرة الصحة لبثها أخبار كاذبة ومضللة.
- محاكمة المتسببين في وفاة الموقوف.
- محاكمة كل من تسبب في قتل أو تعذيب متظاهر.
- إحالة الطبيب الشرعي الذي نفى التعذيب للمحاكمة.
- إسقاط الدعوة المرفوعة ضد السيد نبيل رجب والاعتذار له.
- الافراج الفوري عن جميع المعتقلين والمعتقلات.
- اسقاط التهم الموجهة عن كل معتقل ومعتقله.
الوطن الجزائرية
العرض العادي
