تاريخ حقوقي نضالي نشأنا نصغي إليه- ورموزا مخلدون بعطائهم للإنسانية-في ذكرهم ننتحب ونقول بحسرة"يا ليتنا كنا معكم ونفوز فوزا عظيما"لكن الروحية سرعان ما تتغير لتكون انهزامية استسلامية عندما يتعلق الأمر بالحاضر وأبنائنا الذين يطالبوا بنفس المطالب التي طالب بها من نريد أن نفوز معهم - إن هذا الفصل في القيم والمبادئ الحياتية عن واقعنا الحاضر هي ثقافة متناقضة قد ورثناها وأربكت مسير حياتنا فليس من الصلاح أن نورثها لأبنائنا
قبل دخول قوات "درع الجزيرة" الى البحرين، كانت الأوضاع تبدو في سياقها الطبيعي.
الاندفاعة الجماهيرية للمشاركة في الحراك السياسي جاءت كبيرة، لا بل إن البعض قد اعتبرها الأعلى نسبياً بين الثورات العربية، وكانت جزءاً لا يتجزأ من هذه الثورات، ولكن أجهزة الاعلام المتطرفة في البحرين أو تلك الحليفة للنظام البحريني جعلتها ذات صبغة طائفية محضة للالتفاف عليها ووأدها في مهدها.
وعلى الرغم من هذا الواقع إلا أن حاكم البحرين لم يستطع المحافظة على توازنه، ولم يتمكن من ضبط نفسه تجاه الهبّة الجماهيرية الواسعة، فعمد إلى استخدام القوة والقمع مرة تلو الاخرى متكئاً على دعم ومؤازرة ملوك وأمراء دول الخليج، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية التي أدخلت جيشها في صلب المعركة، وبدأوا جميعا عربدة واسعة لم توفر الدم ولم تتورع عن هتك الحرمات والمقدسات من خلال تدمير المساجد والحسينيات أو تمزيق المصاحف فضلاً عن اقتحام المستشفيات والتضييق على المرضى واهانة الناس، وكل ذلك من أجل ترهيب المواطنين لمنعهم من المضي قُدماً في المطالبة بحقوقهم ومواصلة تحركهم السلمي.
بعد حملة الترهيب والاعتقال وسجن قادة المعارضة الذين لم يرتكبوا ذنباً اللهم إلا المطالبة بحقوقهم، وبعد أن استُنفدت القوات البحرينية والسعودية والاماراتية المدعومة بالالاف من القوات الاردنية، ظن حاكم البحرين وحكام الخليج انهم أجهزوا على الثورة وأخمدوها، وأن الامر استتب لهم حتى انهم أقفلوا الأبواب أمام كل من أراد ان يفتح كوّة نحو المصالحة، فأسقطت المبادرة الكويتية وغيرها من المبادرات.
أمام هذا التعنت والاصرار على القمع ما كان على المواطنين إلا أن يعبروا عن رفضهم للتعسف الامني المفروض عليهم، فخرجوا إلى الشارع مراراً وتكراراً متحَدِّين قانون الطوارئ، عندها فهم الحاكم وحلفاؤه أن الورقة الأمنية التي حاولوا ان يلعبوا بها قد أسقطها الشارع الذي رفض الركون مهما بلغت التضحيات والالام، وهو ما دفع السلطة إلى خيار آخر للالتفاف على المطالب، فأطلقت الحوار المزعوم وغير المشروط وحاولت فرضه على الشعب، ولكن هل سيكون لها ذلك؟
مع قليل من التأمل، نرى أن دعوة آية الله الشيخ عيسى قاسم الجمعيات للحصول على تفويض واضح من الشعب قبل الذهاب الى الحوار قد أصابت من المؤامرة الأمريكية البحرينية السعودية مقتلاً، وقوضت ما أرادوا من خطوة الالتفاف على هذا الشعب، اذ انه يستحيل ان تحصل أية جمعية على تفويض للحوار من دون تقدم ملموس يشعر به الشارع ويهيّئه نفسياً واجتماعيا لتقبّل الحوار الذي ينبغي أن يكون قائماً على أسس واضحة وصادقة، وليس على غرار كل شيء مطروح للبحث وبعد ذلك يكون السراب.
لقد شكل دخول "درع الجزيرة "علامة فارقة في تاريخ البحرين، ويفرض نظرة جديدة تختلف عن المرحلة التي سبقت دخول هذه القوات، وما زيارات مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان المتعددة الى البحرين إلا دليل واضح على أن هناك أمراً مريباً يدبّر لهذا الشعب، وهو ما يثير الكثير من التوجس، ولكن المنطق يقول إن أمريكا وحلفاءها ليسوا وحدهم في الميدان، فالاتجاه الممانع لهذه السياسة المقيتة ما زال فاعلا في المنطقة. وبوجود قوى اقليمية فاعلة ومناصرة لشعب البحرين وغيره ستكون مهمة فيلتمان صعبة جدا، حيث يواجه الكثير من العقبات لعل أبرزها عدم رضوخ الشعب البحريني كما الشعوب الأخرى الى هذا النوع من المسرحيات التي لا طائل منها سوى التخدير واختطاف الثورات والانحراف بها عن مسارها.
أعلنت الوفاق عن تنظيم مهرجان خطابي جماهيري تحت عنوان (وطن الجميع) يوم السبت ١١ يونيو ٢٠١١ بالساحة المجاورة لمأتم سار عند الساعة ٥ عصراً.
ويلقي الشيخ علي سلمان خطاباً وطنياً يتحدث خلاله عن واقع الساحة وما مرت وتمر عليه في الملفات السياسية والأمنية.
Waves News - موج الأخبار
ترجمة رسالة نيكولاس كريستوف - نبيويورك تايمز: عزيزي حمد ملك البحرين ، بحق والدتي، أفرج عن صديقي الفنان حسن الصحاف
نيكولاس كريستوف - صحيفة نيويورك تايمز:
ترجمة: مرآة البحرين.
عزيزي حمد، ملك البحرين..
......... لي صديق من بين أولئك الذين ما زلت تقوم باعتقالهم في البحرين. فنان من أكثر النفوس لطافة على وجه الحياة، وأخشى ما أخشاه أن تعامله حكومتكم بوحشية بسبب صداقته لي.
يا صاحب الجلالة ..أنا أتحدث عن حسن الصحاف، ناهز عمره ٥٧ عاماً الآن، درس في بريطانيا ثم في لوس انجيلوس، بوسطن، وأووجين، حيث والدتي كانت تدرس تاريخ الفن، وقد كان حسن واحداً من الطلبة المفضلين عند والدتي طيلة الوقت، ورغم أن ذلك كان قبل ثلاثين عاماً إلا أننا مازلنا على تواصل منذ ذلك الحين.
أيها الملك حمد..لقد أظهرت قمعاً للحركة الديمقراطية في محاولتك استعادة النظام، إلا أن حسن لم يكن مراهقاً متهوراً يلقي بالحجارة، بل كان نحيفاً، مدرساً غزاه الشيب وهو متلزم بالسلام، وهكذا كان الأسلوب، فالعديد جداً من أولئك المزدحمين في سجونك هم من الأطباء والمثقفين الذين كان جرمهم أنهم كانوا يحلمون بالديمقراطية.
أخبرني حسن حين كان في الولايات المتحدة قائلاً: حين تعتاد على العيش في الحرية يصبح من الصعوبة أن تتخلى عنها، وواحدة من أعبائك الخاصة يا جلالة الملك هو أنك أهلت الكثيرين من شعبك في الخارج على أن لا يقبلوا مرة أخرى ممارساتك الاستبدادية.
نعم، كان حسن يملك خلفية شيعية، مثل معظم الناس في البحرين، وأنت وبقية أفراد العائلة الملكية تنتمون إلى السنة، وكنتم تخافون الموت بسبب التطرف والتمرد الشيعي المدعوم من إيران، وقد شاهدتهم كيف تمكن الشيعة من السلطة في العراق، وأطلقوا في بعض الأحيان العنان لفرق الموت، وكنتم تخشون أن تؤدي الديمقراطية إلى تفكيك البحرين وتوجيه العنف ضد من تحبون، وأنا أرى بأن الشراسة لديكم ليست ناتجة عن نوايا الشر وإنما الخوف.
غير أن حسن لا يملك أساساً شوفينياً في جسده، فعندما عاش في الولايات المتحدة اختار الزواج من امرأة يهودية، ولو أن هذا الزواج انتهى بالفشل، تحدث لي بشكل ودود عن أهل السنة.
وبعد عودته إلى البحرين قادماً من أمريكا، قام حسن بالتدريس في جامعة البحرين، وفي أثناء الاصطدامات داخل الجامعة، أخبرني حسن بأنه عمد إلى حماية الطلبة من أولئك الذين ينتسبون إلى الأسرة الملكية.
في المقابل وفي مكان ما على امتداد الخط، أصبحت القوات الامنية منزعجة منه، وحسن يملك إحساساً مفعماً بالكرامة ويرفض التملق، ولذلك كانت حكومتكم قد أرسلته في نهاية المطاف للسجن وقامت بتعذيبه. وهذا بالضبط عالم كافكا الذي سعى المتظاهرون المؤيدون للديمقراطية إلى إلغائه.
في فبراير، وأثناء إقامتي في البحرين، فتحت قواتك النار على المتظاهرين من دون سابق إنذار فيما كانوا يرددون "سلمية ..سلمية"، ومنذ ذلك الوقت شاهدنا أعمال القمع الوحشي التي قتلت المزيد من الناس وملأت بها السجون، وقد اكتشفت للتو بأن قواتكم الأمنية هجمت على منزل حسن واعتقلته مرة أخرى.
أطلعتني حكومتكم وفي وجه يوحي بالصرامة بأنه تم الحكم عليه بالحبس لمدة شهر لعدم دفع ديون مستحقة، ونحن نعلم جميعاً أن السبب الحقيقي وراء ذلك هو حملة الترويع التي قمت بشنها على الشيعة: الزج بهم في السجون، فصلهم من وظائفهم، هدم مساجدهم، جرهم خارجاً من أسرة المستشفيات، قطع منحهم الدراسية الخاصة، كنت تريد أن يدركوا بأنهم سيدفعون ثمناً باهضاً وموجعاً إذا ما تجرؤ ثانية على الضغط من أجل الديمقراطية، وأولئك الذين يشبهون حسن، ممن تربطهم علاقات مع صحفيين أجانب، هم عرضة للاستهداف من أجل إكراههم على الصمت.
هل يتعرض حسن للتعذيب الآن؟ حسنا يا صاحب الجلالة، أنت أعرف مني بذلك، غير أن التقارير عن أعمال الضرب والاغتصاب داخل سجونكم باتت وفيرة، وما لا يقل عن أربعة من السجناء لقوا حتفهم داخل السجن في الآونة الأخيرة، فيما يبدو أنه تعذيب حتى الموت. لقد شاهدت طبيباً في حالة غيبوبة بعد تعرضه للضرب من قبل قواتكم بسبب معالجته المتظاهرين الجرحى، وقد علمت كذلك من أحد السجناء المفرج عنهم، من أولئك الذين تم سحب زوجاتهم أو أخواتهم إلى السجن كتحذير لهم كسجناء، بأن تلك النسوة عرضة للاغتصاب أمامه إذا لم يعترف.
أيها الملك حمد، لديك الكثير الذي تفخر به، لقد أشرفت بنفسك على رفع معدلات التعليم، وارتفاع مستويات المعيشة، وخلق الفرص المثالية للمرأة، غير أن ما ما يظهر اليوم أنك تنوي تحويل البحرين إلى سوريا أو إيران ثانية..بلدك أقل ديمقراطية من إيران، وحملة القمع قتلت من الناس ما يربو في مؤشر حصة الفرد الواحد عن ما فعلت إيران، فإذا كنا نشجب وحشية إيران، ألا يجب علينا كذلك أن نشجب وحشيتكم؟
لقد التقى الرئيس أوباما ابنك ولي العهد في البيت الأبيض يوم الثلاثاء، وقد تجنبت الإدارة إلى حد كبير وضع عينيها على أعمالكم الوحشية، غير أنكم حين تصوبون الأسلحة الأمريكية تجاه شعبكم، فإنكم تجرحوننا أيضاً، والأمة المتعلمة جيداً، بطبقتها المتوسطة، كالأمة التي بنيتها أنت، لا يمكن إبقاؤها في السجن التعسفي وتحت التعذيب لأجل غير مسمى، والسبيل الوحيد للمضي قدماً هو إطلاق السجناء السياسيين وبدء عملية المصالحة