لم يحظ رجل في الإسلام ما حظي به علي بن أبي طالب (عليه السلام) من ثناء وإجلال من لدن الرسالة الإسلامية، وحثها المتزايد لاتباعها لا على تقديره فحسب، وإنما على التزامه، وانتهاج سبيله.
وقد انطوى القرآن الكريم والسنة الشريفة والتاريخ الصحيح على نصوص وروايات تنطق كلها بالثناء على علي (عليه السلام).
فمرة تأتي كأوسمة يضعها الإسلام على صدره فيميزه.
ومرة على شكل أحكام وأوامر تلزم المسلمين على التزام علي (صلى الله عليه وآله) إماماً ومنهجاً. فمن أوسمة التقدير التي نالها علي (عليه السلام) من الله تعالى ومن رسوله (صلى الله عليه وآله). نذكر ما يلي:
1 - (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (الأحزاب–33).
وذهب المفسرون لهذه الآية أنها نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وعلي وفاطمة الزهراء والحسن والحسين (عليهم السلام) حين دعا الرسول (صلى الله عليه وآله) بعباءة وجللهم بها، ولها نزلت الآية قالت أم سلمة زوجة الرسول (صلى الله عليه وآله): هل أنا من أهل بيتك؟
قال: لا ولكنك على خير(1).
2 - (فَمَنْ حَاجَّك فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدَعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمُ وَنِسَاءَنَا وَنِساؤَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجعَلْ لَعنَةَ اللهِ عَلَى الكاذِبِينَ) (آل عمران/61).
ذكر أهل التفسير من جميع المسلمين أنها نزلت حين خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام لمباهلة نصارى نجران، فلما رآه النصارى قد خرج بأهل بيته خافوا العاقبة واعتذروا عن مباهلته، فدفعوا الجزية خضوعاً منهم لسلطان دولته (صلى الله عليه وآله)(2).
3 - (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلَى حُبهِ مِسكيناً وَيَتِيماً وأَسِيراً. إنَما نُطْعِمكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شكُوراً. إنَا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قُمْطَرِيراً. فَوَقيهُم اللهُ شَرَّ ذلِكَ اليَوْمِ وَلفّيهُمْ نَضَرَةً وَسُرُوراً) (الدهر/ 8–11).
وهذه بإجماع أهل التفسير نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام).
وكان ذلك عندما مرض الحسنان فنذر علي (عليه السلام) وفاطمة وفضة إن شفي الحسنان، فإن علياً والزهراء وفضة يصومون لله تعالى ثلاثة أيام.
وبعد شفاء الحسنين صام أهل البيت (عليهم السلام).
وعند غروب شمس اليوم الأول طرق الباب عليهم مسكين يشكو جوعه، فأعطوه ما عندهم من خبز الشعير.
وفي اليوم الثاني استطعمهم يتيم فأطعموه..
وفي ثالث أيام النذر سألهم أسير فقدموا له طعامهم وهكذا بقي أهل البيت (عليهم السلام) ثلاثة أيام لم يذوقوا فيها غير الماء، فأنزل الله فيهم هذه الآيات الكريمة إعظاماً لشأنهم وإكبارً لعملهم(3) ليكونوا القدوة وليكونوا المثال.
4 - (أَجَعَلتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ
باللهِ وَاليوْمِ الآخِرِ وَجَاهَد فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتونَ عِنْدَ اللهِ والله لا يَهْدي الْقَوْمَ الظَّالِمينَ) (التوبة/ 19).
نزلت هذه الآية عندما تفاخر طلحة بن شيبة والعباس بن عبد المطلب: إذ قال طلحة: أنا أولى الناس بالبيت لأن المفتاح بيدي!
وقال العباس: أنا أولى، أنا صاحب السقاية والقائم عليها وفي هذه الأثناء مرّ عليّ بهما وسألهما: بم يفتخران. فذكرا له مقالاً.
فقال علي (عليه السلام): أنا أوتيت منذ صغري ما لم تأتيا.
فقالا وما ذاك؟
فقال (عليه السلام): لقد صليت قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فأنزل الله تعالى الآية المذكورة في الثناء على ما افتخر به علي (عليه السلام)(4).
وإذا كان القرآن الكريم يثني هذا الثناء الجميل على علي (عليه السلام) فتعال معي إلى السنة الشريفة لنقرأ شيئاً منها في هذا الصدد:
1 - قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة العلم وعلي بابها(5).
2 - وقال (صلى الله عليه وآله): «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا
نبي بعدي»(6).
3 ـ وقال (صلى الله عليه وآله): مخاطباً علياً (عليه السلام) «لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق»(7).
4 - وقال (صلى الله عليه وآله) يوم المواخاة –بين المهاجرين والأنصار مخاطباً علياً (عليه السلام): «أنت أخي وأنا أخوك فإن ذكرك أحد فقل أنا عبد الله وأخو رسوله لا يدعيهما بعدك إلا كذاب»(8).
هذه طائفة من النصوص الخاصة بالثناء على علي (عليه السلام) ومن شاء المزيد فليراجع فضائل الخمسة من الصحاح الستة وينابيع المودة ومسند أحمد بن حنبل وفضائل أمير المؤمنين وأمانته من دلائل الصدق وغيرها.
أما النصوص القاضية بوجوب التزام علي (عليه السلام) إماماً وقائداً في دنيا المسلمين فنذكر منها ما يلي:
من فضائل الأمام علي (عليه السلام):
(إنّمَا وَلِيكُمُ الله وَرَسُولُه وَالّذينَ أمَنُوا الّذينَ يُقيمون الصَلوةَ ويؤتُونَ الزّكوَةَ وهُم رَاكِعُونَ) (المائدة/ 55).
قال المفسرون إن الآية الكريمة نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام)(9) فأكدت وجوب الالتزام به إماماً ومرجعاً فكرياً واجتماعياً وسياسياً للأمة، وقد كان سبب نزولها حين تصدق علي (عليه السلام) على مسكين بخاتمه أثناء ركوعه، فالآية إنما نزلت بهذا الصدد وهي تؤكد في ذات الوقت إمامة علي (عليه السلام)
خطبة الغدير:
وهي البيان الذي وجهه الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى المسلمين في غدير خم في آخر حجة له لبيت الله، فعن البراء بن عازب قال:
«أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم في السنة التي حج، فنزل في بعض الطريق، فآمر: الصلاة جامعة، فأخذ بيد علي فقال: «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم»؟.
قالوا: بلى.
قال (صلى الله عليه وآله): ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟
قالوا: بلى.
قال (صلى الله عليه وآله): «فهذا ولي من أنا مولاه، اللهم وال من والاه، اللهم عاد من عاداه»(10) وفي لفظ أحمد بن حنبل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
قال (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه»(11).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) «علي مع الحق والحق مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض»(12).
وفي حديث آخر لرسول الله (صلى الله عليه وآله) يخاطب به عمار بن ياسر (ر5) جاء فيه «.. وإن سلك الناس كلهم وادياً وسلك علي وادياً فأسلك وادياً سلكه علي وخلّ الناس طراً..»(13).
وقال (صلى الله عليه وآله):
«لكل نبي وصي ووارث وأن علياً وصي ووارثي»(14).
هذا غيض من فيض من النصوص الإسلامية الموثوقة المجمع على صحتها، ووثاقتها من جميع المسلمين(15).
شكرا ا خي كهف الوراء على طرح الموظوع بارك الله فيك نسالكم الدعاء