ذكر العلماء أنّه من مشايخ البخاري وأبي داود والترمذي وابن ماجة والنسائي وآخرين من كبار الأئمّة، وأنّ ابن أبي داود لقّبه بـ«أميرالمؤمنين في الحديث»:
قال الذهبي: «وعنه: خ والأربعة وابن خزيمة وأبو عوانة وأبو علي الميداني، ولا يكاد البخاري يفصح باسمه لما وقع بينهما. قال ابن أبي داود: حدّثنا محمّد بن يحيى وكان أميرالمؤمنين في الحديث. وقال أبو حاتم: هو إمام أهل زمانه. توفي 258 وله ست وثمانون»(1).
وقال السمعاني: «إمام أهل نيسابور في عصره، ورئيس العلماء ومقدّمهم»(2).
وقال الصفدي: «الإمام الذهلي، مولاهم، النيسابوري، الحافظ، سمع من خلق كثير، روى عنه الجماعة خلا مسلم، قال: ارتحلت ثلاث رحلات وأنفقت مائة وخمسين ألفاً. قال النسائي: ثقة مأمون. قال أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف: رأيت محمّد بن يحيى في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفرلي. قلت: ما فعل بحديثك؟ قال: كتب بماء الذهب ورفع في علّيّين»(3).
وترجم له الخطيب فقال: «كان أحد الأئمّة العراقيين والحفّاظ المتقنين والثقات المأمونين، صنّف حديث الزهري وحده، وقدم بغداد وجالس شيوخها وحدّث بها، وكان أحمد بن حنبل يثني عليه وينشر فضله، وقد حدّث عنه جماعة من الكبراء» فذكر كلمات الثناء عليه حتى نقل عن بعضهم قوله: «كان أمير المؤمنين في الحديث»(1).
والجدير بالذكر رواية البخاري عنه بالرغم ممّا كان منه في حقّه، لكن مع تدليس في اسمه، قال الذهبي: «روى عنه خلائق منهم... محمد بن إسماعيل البخاري، ويدلّسه كثيراً، لا يقول: محمد بن يحيى، بل يقول: محمد فقط، أو محمّد بن خالد، أو محمد بن عبداللّه، ينسبه إلى الجدّ ويعمّي اسمه، لمكان الواقع بينهما»(2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ بغداد 3 : 415.
(2) سير أعلام النبلاء 12 : 274.
بعد ان عرفنا من هو الذهلي ، لنرى ما يقوله هذا العالم بالبخاري .. اكرر في البخاري وصحيحه :
( قال ابن خلكان : محمد بن يحيى المعروف بالذهلي من أكابر العلماء والحفاظ وأشهرهم ، وهو أستاذ وشيخ البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ( وفيات الأعيان لابن خلكان 4 : 282 ترجمة الذهلي . ) .
قال أحمد بن حنبل لابنه وأصحابه : اذهبوا إلى أبي عبد الله - الذهلي - واكتبوا عنه ( تاريخ بغداد 3 : 416 . ) .
وقال الخطيب البغدادي : كان يرى الذهلي وأكثر المتكلمين في كلام الله أنه قديم ، وقد قالوا بكفر وارتداد مخالفيهم الذين يرون بأن كلام الله حديث .
وقالوا : ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر ، وخرج عن الإيمان ، وبانت عنه امرأته ، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه ، وجعل ماله فيئا بين المسلمين ، ولم يدفن في قبور المسلمين ، ومن وقف وقال : لا أقول مخلوق أو غير مخلوق فقد ضاهى الكفر ، ومن زعم أن لفظ القرآن مخلوق فهذا مبتدع لا يجالس ولا يكلم . وأضاف الخطيب قائلا : وكان البخاري خلافا لأكثر متكلمي عصره يقول بأن لفظ القرآن مخلوق ، ولما ورد مدينة نيسابور أفتى الذهلي - الذي تقلد منصب الأفتاء والإمامة بنيسابور - قائلا : ومن ذهب بعد مجلسنا هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه ( ذهب أحمد بن حنبل إلى تكفير من يقول بخلق القرآن ) .
وكان البخاري في نظر الذهلي وأكثر علماء نيسابور في ذلك العصر مطرودا ومضلا منحرفا في العقيدة ، ووصل الانزجار والنفور منه إلى حد لم يمكنه البقاء في نيسابور فرحل عنها ، وقال بعض : إنهم أبعدوه عن نيسابور ، وتفرق عنه كل تلامذته
وأصحابه عدا مسلم وأحمد بن مسلمة . وفروا منه كفرارهم من النار كيلا يمسهم لهيب الانزجار العام وغضب الناس كما أصاب البخاري . ذكر أصحاب التراجم هذه القصة على أنها من أسوأ المصائب والآلام التي حلت بالبخاري . )