ولكن، هل الإسلام محصور بهم، ومن أين اكتسبت الشرعية لتكون هي الناطقة عن السماء؟! بمعنى آخر: هل تبرئ ذمتي أمام الله عز وجل؟
• أين الدليل
إنّ الباحث في الكتاب والسنة لا يجد أدنى دليل يلزم المسلمين باتباع أحد المذاهب الأربعة، وإلى هذا ذهب شيخ الأزهر الراحل جاد الحق علي جاد الحق(1).
• نهي الأئمة عن تقليدهم
كيف أتبع أحد المذاهب الأربعة وقد نهوا الناس عن تقليدهم؟!
أقوال أبي حنيفة:
1 - لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعرف من أين أخذناه(2).
2 - قيل لأبي حنيفة: يا أبا حنيفة هذا الذي تفتي فيه هو الحق الذي لاشك فيه؟ فقال: (لا أدري لعلّه الباطل الذي لاشك فيه...)(3).
أقوال مالك بن أنس:
1 - إنّما أنا بشرٌ أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه(4).
وقد استفاد ابن حزم(5) والشوكاني(6) من هذا القول نهي مالك عن التقليد.
2 - قال مالك: (إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين)(7).
3 - دخل القعنبي على مالك فرآه يبكي فسأله: ما الذي يبكيك؟ - يقول - فقال لي: (يا ابن قعنب ومالي لا أبكي! ومن أحقُّ بالبكاء مني! لوددتُ أني ضربتُ سوطاً وقد كانت لي السعة فيما سبقت إليه، وليتني لم أفتِ بالرأي)(8).
أقوال الشافعي:
1 - (ما قلتُ وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد قال بخلاف قولي، فما صحّ من حديث النبي أولى ولا تقلدوني)(9).
2 - (لا يُقلّدُ أحد دون رسول الله (صلى الله عليه وآله) )(10).
3 - قال الشافعي للمزني: (يا إبراهيم، لا تقلدني في كل ما أقول! وانظر في ذلك لنفسك فإنه دين)(11).
أقول أحمد بن حنبل:
1 - لا تقلدني!! ولا تقلد مالكاً!! ولا الشافعي!! ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا)(12)
2 - قال أبو داود: قلت لأحمد: (الأوزاعي أتبع أم مالكاً؟ قال:
(لا تقلد دينك أحداً من هؤلاء!! ما جاء عن النبي فخذ به)(13).
3 - (لا تقلد دينك الرجال، فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا)(14).
• الأئمة أموات
قبل أكثر من ألف سنة مات الأئمة الأربعة وتركوا فتاوى لأحداث عصرهم، وبعدهم استجدت أمورٌ كثيرة خاصة في عصرنا الحاضر كيف أقلدهم في المسائل المستحدثة وهم في قبورهم؟!
• الأئمة لم يروا النبي (صلى الله عليه وآله)
لقد ولد أول الأئمة سنة 80 هـ وهكذا بقية الأئمة ولدوا متأخرين عن عصر الرسالة، فكيف حُصِرَ الإسلام بهم، وإذا لا تكون النجاة إلا بهم فكيف عاش الناس قبلهم، ومن قلّد الأئمة قبل أن يجتهدوا؟!
• صراع الأئمة
عن الوليد بن مسلم قال: قال لي مالك بن أنس: أيذكر أبو حنيفة ببلدكم، قلتُ: نعم، قال: ما ينبغي لبدلكم أن يسكن)(15).
وكان الأوزاعي يقول: إنّا لا ننقم على أبي حنيفة أنه رأى، كلنا يرى، ولكننا ننقم عليه أنه يجيئه الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) فيخالفه إلى غيره(16).
وقد ضعّف البخاري أبا حنيفة(17).
أما مالك بن أنس فقد تكلّم فيه ابن أبي ذئب وتحامل عليه الشافعي(18).
والشافعي تكلم فيه يحيى بن معين - إمام الجرح والتعديل - وقال عنه (ليس بثقة)(19).
وامتد الصراع في القرون اللاحقة إلى اتباع المذاهب نفسها فقد أحرق الحنابلة مسجداً للشافعية، وقام خطباء الحنفية يلعنون الحنابلة والشوافع على المنابر، ووقعت فتنة بين الحنفية والشافعية فحرقت الأسواق والمدارس(20).
يقول ابن حاتم الحنبلي: (من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم)(21).
وكفّر أبو بكر المقري جميع الحنابلة(22).
• خلاصة الكلام
إنّ السياسة هي التي فرضت على الناس اتباع هذه المذاهب وفي زمن السلطان بيبرس أفتى الفقهاء بوجوب اتباع المذاهب الأربعة وتحريم ما عداها(23).
وكمثال على دور السياسة في تثبيت المذاهب، تجد الدولة العثمانية تتّبع المذهب الحنفي لا لشيء إلا لأنّ أبا حنيفة كان يجوّز أن يكون الإمام من غير قريش بعكس الأئمة الثلاث. فوجدوا في فتواه ما يثبت عرشهم!
الهوامش
1 - الدروس الحسينية.
2 - الانتقاء: ابن عبد البر: ص 145.
3 - أبو حنيفة: أبو زهرة.
4 - جامع بيان العلم: ابن عبد البر: ج 1 ص 775.
5 - الإحكام في أصول الأحكام: ج 6 ص 294.
6 - القول المفيد: ص 50.
7 - جامع بيان العلم: ج 2 ص 33.
8 - جامع بيان العلم: ج 2 ص 1072، الإحكام: ج 5 ص 224.
9 - آداب الشافعي ومناقبه: ابن أبي حاتم الرازي: ص 93.
10- الرد على من أخلد إلى الأرض: السيوطي: ص 138.
11- حجة الله البالغة: ج 1 ص 157، الإنصاف: الدهلوي: ص 105.
12- إعلام الموقعين: ج 2 ص 201.
13- إعلام الموقعين: ج 2 ص 200
14- مجموع فتاوى ابن تيمية: ج 20 ص 212.
15- العلل ومعرفة الرجال: أحمد بن حنبل: ج 2 ص 547.
16- تأويل مختلف الحديث: ابن قتيبة: ص 52.
17- الانتقاء: ابن عبد البر: ص 150.
18- جامع بيان العلم: ج 2 ص 1115.
19- جامع بيان العلم: ج 2 ص 1114.
20- البداية والنهاية: ج 14 ص 76.
21- تذكرة الحفاظ: ج 3 ص 375.
22- شذرات الذهب: ج 3 ص 252.
23- الخطط المقريزية: ج 2 ص 333.
المولى الكريم عبد محمد اسمح لنا هذه الاضافة الجميلة التي تثري الموضوع
كنت قد فكرت بافراد موضوع لهذا ولكن أرتأيت انه الموضوع مرتبط معكم
فهذا شيخهم وعلامتهم محمد البخاري يصرح انه تقليد اي مذهب شرك
فيكون كل المسلمين مشركين ;)
تصحيح صغير فقط أخي خادم الأئمة لا يقلل من أهمية الموضوع ولا من الإجماع على حرمة الاتباع والتقليد الأعمى إلا لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله الأطهار. البخاري صاحب الكتاب المذكور هنا ليس هو أبو إسماعيل محمد البخاري صاحب كتاب الأحاديث الصحيحة عند السنة الذي عاش في القرن الثاني الهجري.
ولكن، هل الإسلام محصور بهم، ومن أين اكتسبت الشرعية لتكون هي الناطقة عن السماء؟! بمعنى آخر: هل تبرئ ذمتي أمام الله عز وجل؟
• أين الدليل
إنّ الباحث في الكتاب والسنة لا يجد أدنى دليل يلزم المسلمين باتباع أحد المذاهب الأربعة، وإلى هذا ذهب شيخ الأزهر الراحل جاد الحق علي جاد الحق(1).
• نهي الأئمة عن تقليدهم
كيف أتبع أحد المذاهب الأربعة وقد نهوا الناس عن تقليدهم؟!
أقوال أبي حنيفة:
1 - لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعرف من أين أخذناه(2).
2 - قيل لأبي حنيفة: يا أبا حنيفة هذا الذي تفتي فيه هو الحق الذي لاشك فيه؟ فقال: (لا أدري لعلّه الباطل الذي لاشك فيه...)(3).
أقوال مالك بن أنس:
1 - إنّما أنا بشرٌ أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه(4).
وقد استفاد ابن حزم(5) والشوكاني(6) من هذا القول نهي مالك عن التقليد.
2 - قال مالك: (إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين)(7).
3 - دخل القعنبي على مالك فرآه يبكي فسأله: ما الذي يبكيك؟ - يقول - فقال لي: (يا ابن قعنب ومالي لا أبكي! ومن أحقُّ بالبكاء مني! لوددتُ أني ضربتُ سوطاً وقد كانت لي السعة فيما سبقت إليه، وليتني لم أفتِ بالرأي)(8).
أقوال الشافعي:
1 - (ما قلتُ وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد قال بخلاف قولي، فما صحّ من حديث النبي أولى ولا تقلدوني)(9).
2 - (لا يُقلّدُ أحد دون رسول الله (صلى الله عليه وآله) )(10).
3 - قال الشافعي للمزني: (يا إبراهيم، لا تقلدني في كل ما أقول! وانظر في ذلك لنفسك فإنه دين)(11).
أقول أحمد بن حنبل:
1 - لا تقلدني!! ولا تقلد مالكاً!! ولا الشافعي!! ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا)(12)
2 - قال أبو داود: قلت لأحمد: (الأوزاعي أتبع أم مالكاً؟ قال:
(لا تقلد دينك أحداً من هؤلاء!! ما جاء عن النبي فخذ به)(13).
3 - (لا تقلد دينك الرجال، فإنهم لن يسلموا من أن يغلطوا)(14).
• الأئمة أموات
قبل أكثر من ألف سنة مات الأئمة الأربعة وتركوا فتاوى لأحداث عصرهم، وبعدهم استجدت أمورٌ كثيرة خاصة في عصرنا الحاضر كيف أقلدهم في المسائل المستحدثة وهم في قبورهم؟!
• الأئمة لم يروا النبي (صلى الله عليه وآله)
لقد ولد أول الأئمة سنة 80 هـ وهكذا بقية الأئمة ولدوا متأخرين عن عصر الرسالة، فكيف حُصِرَ الإسلام بهم، وإذا لا تكون النجاة إلا بهم فكيف عاش الناس قبلهم، ومن قلّد الأئمة قبل أن يجتهدوا؟!
• صراع الأئمة
عن الوليد بن مسلم قال: قال لي مالك بن أنس: أيذكر أبو حنيفة ببلدكم، قلتُ: نعم، قال: ما ينبغي لبدلكم أن يسكن)(15).
وكان الأوزاعي يقول: إنّا لا ننقم على أبي حنيفة أنه رأى، كلنا يرى، ولكننا ننقم عليه أنه يجيئه الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) فيخالفه إلى غيره(16).
وقد ضعّف البخاري أبا حنيفة(17).
أما مالك بن أنس فقد تكلّم فيه ابن أبي ذئب وتحامل عليه الشافعي(18).
والشافعي تكلم فيه يحيى بن معين - إمام الجرح والتعديل - وقال عنه (ليس بثقة)(19).
وامتد الصراع في القرون اللاحقة إلى اتباع المذاهب نفسها فقد أحرق الحنابلة مسجداً للشافعية، وقام خطباء الحنفية يلعنون الحنابلة والشوافع على المنابر، ووقعت فتنة بين الحنفية والشافعية فحرقت الأسواق والمدارس(20).
يقول ابن حاتم الحنبلي: (من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم)(21).
وكفّر أبو بكر المقري جميع الحنابلة(22).
• خلاصة الكلام
إنّ السياسة هي التي فرضت على الناس اتباع هذه المذاهب وفي زمن السلطان بيبرس أفتى الفقهاء بوجوب اتباع المذاهب الأربعة وتحريم ما عداها(23).
وكمثال على دور السياسة في تثبيت المذاهب، تجد الدولة العثمانية تتّبع المذهب الحنفي لا لشيء إلا لأنّ أبا حنيفة كان يجوّز أن يكون الإمام من غير قريش بعكس الأئمة الثلاث. فوجدوا في فتواه ما يثبت عرشهم!
الهوامش
1 - الدروس الحسينية.
2 - الانتقاء: ابن عبد البر: ص 145.
3 - أبو حنيفة: أبو زهرة.
4 - جامع بيان العلم: ابن عبد البر: ج 1 ص 775.
5 - الإحكام في أصول الأحكام: ج 6 ص 294.
6 - القول المفيد: ص 50.
7 - جامع بيان العلم: ج 2 ص 33.
8 - جامع بيان العلم: ج 2 ص 1072، الإحكام: ج 5 ص 224.
9 - آداب الشافعي ومناقبه: ابن أبي حاتم الرازي: ص 93.
10- الرد على من أخلد إلى الأرض: السيوطي: ص 138.
11- حجة الله البالغة: ج 1 ص 157، الإنصاف: الدهلوي: ص 105.
12- إعلام الموقعين: ج 2 ص 201.
13- إعلام الموقعين: ج 2 ص 200
14- مجموع فتاوى ابن تيمية: ج 20 ص 212.
15- العلل ومعرفة الرجال: أحمد بن حنبل: ج 2 ص 547.
16- تأويل مختلف الحديث: ابن قتيبة: ص 52.
17- الانتقاء: ابن عبد البر: ص 150.
18- جامع بيان العلم: ج 2 ص 1115.
19- جامع بيان العلم: ج 2 ص 1114.
20- البداية والنهاية: ج 14 ص 76.
21- تذكرة الحفاظ: ج 3 ص 375.
22- شذرات الذهب: ج 3 ص 252.
23- الخطط المقريزية: ج 2 ص 333.