الآن أبدأ بمناقشة بداية الحلقة.
وبالتحديد في الدقيقة 14:35 من المقطع. ولمن يريد مراجعة النص الذي يشير إليه الدمشقية من كلام السيد فهو في حلقة يوم 11/11/2010 (التجسيم عند ابن تيمية وأتباعه - القسم الثاني)
والنص الذي يقرؤه الدمشقية هو موجود في بيان تلبيس الجهمية في بدعهم الكلامية - الجزء الثالث - ص 266-268.
توضيح إشكال الدمشقية
يقول الدمشقية أن السيد لم يذكر أن ابن تيمية ينقل عن عثمان بن سعيد الدارمي. وهل إشكال السيد مع عثمان بن سعيد الدارمي حتى يذكره، إنما إشكال السيد مع ابن تيمية هل قبل الحديث أم رده.
الإشكال الآخر: أن الشيخ الدمشقية يقول أن ابن تيمية لم يصحح الحديث ، وإنما ذكر احتمالات ولم يصححها!
وهذا أيضاً جهلٌ من الدمشقية ، كما سيظهر جلياً للمنصف.
ولنعرض نص المقطع الذي احتج به الشيخ الدمشقية
أول ما يمكن الالتفات إليه أن الشيخ الدمشقية قرأ الفقرة التي باللون الأصفر فقط، وغض النظر عن التي باللون الأحمر مع أن دليل السيد الحيدري كان من خلال العبارات التي باللون الأحمر.
وهذا نص كلام السيد الحيدري:
((قال: (ورواية أهل الكتاب التي ليس عندنا شاهد هو) ذلك الشاهد (لا يدافعها لا يصدقها ولا يكذبها) ثم يؤيد هذا الكلام من الصحابة (فهؤلاء الأئمة المذكورة في اسناده هم أجل الأئمة وقد حدثوا به هم وغيرهم ولم ينكروا ما فيه من قوله من ثقل الجبار فوقهن). عنده عمل في هذه القضية وهي من أهم خصائص الأجسام (فلو كان هذا القول منكراً في دين الإسلام عندهم لم يحدثوا به على هذا الوجه) إذن فهو ليس بمنكر أن الله له ثقل.))
طيب يا شيخ: إذا كنت تنكر على السيد الحيدري أنه أغفل اسم (عثمان بن سعيد) في أول الأثر، فماذا تقول على نفسك وقد أغفلت دليل السيد الحيدري على تصحيح ابن تيمية لرواية كعب؟؟؟؟
الدمشقية:؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
طيب لنرجع إلى ابن تيمية وهذه الفقرة ونضعها تحت مجهرنا.
يقول ابن تيمية (وهذا الأثر وإن كان رواية كعب...) أي رغم أنها من رواية كعب ، ولم يسندها للنبي، فيحتمل.. وكأن هذه العبارة جواب سؤال (كيف تورد يا بن تيمية رواية لكعب لم يسندها للنبيّ؟)
فأتى بالجواب هنا.
ولتتضح لنا الصورة أكثر، سأذكر رأيه في الإسرائييات في مقدمة أصول التفسير، وهو موجود عندي في متن كتاب (التعليقات البهية على مقدمة أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية)
والآن لنلخص الرأي بعبارات أقصر.
المنقول قسمان:
الأول: ما يمكن معرفة صحيحه وضعيفه.
الثاني: ما لا يمكن معرفة صحيحه وضعيفه.
والثاني هذا عامته لا فائدة منه فيترك. وهنا يقول (عامته)، فكيف إذا كان ذا فائدة؟. يقول ابن تيمية إن هذا النوع نصب الله على الحق فيه دليلاً.
ثم يقول في الصفحة التالية
والآن لنجمع خيوط الموضوع ونربط ما عرضناه برواية كعب.
1- رواية كعب هي من النقولات التي لم ترد عن النبي.
2- رواية كعب مما يحتاجه المسلمون. فليس هو كلون كلب أصحاب الكهف أو كالبعض الذي ضرب به قتيل موسى. بل إن الرواية تتحدث عن العلو والاستواء وحملة العرش فليس الكلام فيها من فضول الكلام.
3- رواية كعب لا يوجد دليل يدفعها فلا يجوز تصديقها ولا تكذيبها إلا بحجة.
ولنرجع إلى نفس الفقرة لابن تيمية
وهذا الأثر وإن كان رواية كعب .... وإن كانت رواية أهل الكتاب .... فهؤلاء.
رغم أن هذه الرواية عن كعب، ورغم أن واجبنا عدم التصديق أو التكذيب إلا بحجة. لكن الأئمة الواردين في أسناده من أجل الأئمة ، ولم ينكروا ما فيه ، ولو كان منكرا لم يحدثوا به.
فإذا كان ابن تيمية يتوقف في هذه الرواية - كما قال الدمشقية - فما الداعي لإجلال الأئمة الواردين في سندها. وما الداعي لإقرار أن مضمونها ليس منكراً في دين الإسلام. إلا أنه أراد بذلك أن هذه هي حجته في تصديق هذه الرواية عن كعب.
والغريب أن محققي هذه النسخة يقولون أن هذا الأثر ضعيف لأن فيه عبدالله بن صالح المصري وسعيد بن أبي هلال. مع أن ابن تيمية يقول أن الأئمة المذكورين هم من أجل الأئمة!!!
من هذا يتضح أن ابن تيمية يصحح الحديث سنداً لأن الأئمة في أسناده من أجلً الأئمة، ومتناً لأن لو كان في عبارة (من ثقل الجبار فوقهن) شيء خارج عن دين الإسلام لأنكره هؤلاء الأئمة ولم يحدثوا به على هذا الوجه. وأن هؤلاء الأئمة هم الحجة في تصديقه هذا الخبر رغم احتمال كونه من الإسرائيليات.
ولهذا الموضوع تتمة أيضا.