بوركتم وسعدتم مولاي
قد قرأت بعض ردكم في شبكة الحق
واكملتها اليوم هنا
رد علمي رصين
باركك الله وجعلك من اتباع المنتظر عجل الله فرجه الشريف
وتحية لهذا الشيخ المنصف
رغم كونه من اهل الخلاف
(3)
بسم الله الرحمن الرحيم
بلغ بنا الكلام إلى الأمر الثالث ، وهو ما عنوناه بـ : (( الثالث ـ الكلام في الملازمة وبيان بطلانها .))
أقول : لابد من بيان الملازمة التي يدّعونها وتوضيحها ،ولن أتعدى كلام الدكتور الكريم واستدلالاته ، لأن النقاش مع فضيلته لا مع غيره ، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق المؤمنين والمؤمنات لمراضيه .
بيان الملازمة : عندنا منقول وهو الدين ، ولا شك أن لكل منقول ناقل .. والصحابة قد نقلوا لنا هذا الدين ، والطعن فيهم طعن في الدين لأنهم نقلته .
إذن : فالمحور الذي تدور عليه هذه الملازمة هو محور النقل والرواية ، فبما أنهم نقلوا إذن الطعن فيهم طعن بما نقلوا .
أما بطلانها ، فلا شك ببطلانها من ثلاثة جهات :
الأولى ـ مخالفتها لسيرة العقلاء ( وقد تقدم الكلام في هذه المسألة ) .
الثانية ـ مخالفتها لسيرة المتشرعة .
الثالثة ـ مخالفتها لسيرة علماء الجرح والتعديل .
فيما يتعلق بالمخالفة لسيرة المتشرعة : فإن المتشرعة على مر التأريخ لا يقولون بأن الطعن بالأفراد المنتسبين للشرع ـ والمتلبسين بلباسه والذين يبينون أحكامه وينقلوها للناس ـ يلزم منه الطعن في الدين !
فثبوت فسق ( أ ) من العلماء ( وهم نقلة الدين ومبينوه ) والحكم عليه بذلك ، لا يلزم منه الطعن في الدين ، وإلا لما حكم أحد من العلماء بفسق عالم آخر ! .
وأقولُ دفعاً لدخل مقدّر : إن العلة التي جعلتهم يستدلوا بهذه الملازمة مشتركة وليست علةً محصورة بالصحابة فقط !
وهذه العلة هي : نقل الدين وبيانه .
وإنك ترى العلماء في سائر الأعصار والأمصار يحملون هذه الوظيفة ، بل هي وظيفتهم بلا خلاف ، ولكن مع ذلك ثبت فسق جملة منهم في التأريخ والدكتور لا يختلف معنا في ذلك ، فهلا التزمنا بهذه الملازمة هنا أيضاً؟! إن كان جوابكم : نعم ... فأنتم أيضاً طعنتم بالدين ، ولكنكم لا تلتزمون بهذا الجواب . وإن كان جوابكم : لا ... فخالفتم صريح القاعدة العقلية وهي أن المعلول لا يتخلف عن علته فإذا وقعت العلة وقع معلولها ، والعلة هنا وقعت كما بيّنا ولكن المعلول تخلف وهو محال !فمالكم تطبقونها هناك ولا تطبقونها هنا.
ومثلكم في ذلك كمثل الذي يقول : إن علة تحريم الخمر هي الإسكار ، والمخدرات أيضاً مسكرة ، ولكنها لا تحرّم !.
نعم قد يُنتصر لكم فيُقال : إن المسألة عندكم مزاجية ! ... ولكني أجلك أيها الدكتور عن ذلك .
وأما فيما يتعلق بمخالفتكم بكلامكم هذا لسيرة علماء الجرح والتعديل ، فبيانه:
فإن موضوع علم الجرح والتعديل عبارة عن رواة الحديث ونقلته الواقعين في طريقه ، وهؤلاء كلهم يصدق بنحو الدلالة المطابقية أنهم نقلة الدين والسنة .
ولكن كيف تعامل علماء الرجال معهم ؟!
الجواب :إنهم كما يقال : جرّحوا من يستحق التجريح ، وعدّلوا من يستحق التعديل . ( وهذه العبارة محل نظر عندنا وقابلة للمناقشة ولكن لا نريد أن نستطرد كثيراً )
وبعبارة أخرى وأفضل : إنهم حكموا على رواة الحديث بالوثاقة والكذب والضعف والجهالة وما أشبه ، وبناءً على ما ذهبوا إليه فإن هذا طعنٌ في رواة الحديث !!.
فنأتي إلى ما أفادوه بعبارة علمية فنيّة ونقول : لازم من قولكم أن الطعن بالصحابة ( الرواة والنقلة ) هو طعنٌ بالدين ، أن علماء الجرح والتعديل عندكم ( وهم الأئمة العدول الحفاظ الأعلام ! ) أيضاً طعنوا بالدين لطعنهم بنقلته ( وهم رواة الأخبار والأحاديث ونقلتها ) ، واللازم باطلٌ بالإتفاق ، فالملزوم مثله ![ مرادنا من الملزوم هنا هو قولهم : أن الطعن في الصحابة ( النقلة والرواة ) هو طعنٌ في الدين ] . وها قد بطُلت هذه الملازمة ، فساعدكم الله ماذا بقي من أدلتكم ؟!
فإن جئتم إلى العمومات فهي مخصصة حتماً
وإن جئتم إلى الإطلاقات فلا شك بعدم انعقادها وهي مقيّدة
وكل ذلك يؤيد ما يذهب إليه الإمامية أهل الحق أعلى الله كلمتهم ونصرهم
فماذا بقي لكم من الأدلة على حرمة سب مطلق الصحابي ؟!
اللهم صل على ولي أمرك .
*ملاحظة : كانت عندي إضافات عديدة ولكني نسيتها عندما أتيت لكتابة المشاركة فليعذرني المؤمنون .
بسم الله الرحمن الرحيم
أقول : ومثل هذا الأمر لا يحتاج إلى مزيد توضيح ، بل فقط يحتاج لسرد مجموعة روايات دلّت على أنه وقع بين الصحابة شتم وشجار وعراك وهي لا تخفى عليك .
فإن الطعن بالصحابة لو كان يلزم منه الطعن بالدين ، لما طعن الصحابة ببعضهم بعضاً أو شتموا بعضهم بعضاً أو حاربوا بعضهم بعضاً ! فلماذا خفي عليهم مثل هذا الأمر ؟!
فهنا احتمالات أيها الدكتور الكريم :
1- أن الصحابة يعلمون بهذه الملازمة ولكنهم لم يعملوا بها ، فصار علمهم بلا عمل ولا تطبيق وقد ذم الله تبارك وتعالى هذا الصنف من الناس ، والعالم بلا عمل ساقط ضال. فكيف تقولون بعدالتهم ؟!
2- أن الصحابة يعلمون بهذه الملازمة وقد طبقوها ولم يطعنوا ببعضهم البعض، إلا أن هذا مخالفٌ لما دلت عليه الأخبار الصحيحة والمتواترة .
3- أنه الصحابة لا يعلمون بهذه الملازمة ، فهنا لا يخلو الحال :
ـ إما أن يكون عدم علمهم بها لأنهم غفلوا عنها ، فمن أين أتيتم بها أنتم ؟ وهل يُعقل أن كـل هؤلاء الصحابة يغفلون عنها بمن فيهم من العلماء والحفاظ والأعلام والمجتهدين ؟! وهم نقلة الوحي وحفظته كما تقولون ،وهذا خلفُ فرضكم .
ـ وإما أن يكون عدم علمهم بها لأنها أصلاً غير موجود وقد توهمتموها أنتم في مراحل متأخرة ، فقد ثبت مطلوبنا ولا تلزمونا بفهمكم وقد أبطلناه .
وأنتَ تعترف أيها الدكتور بوقوع الفتن الكبرى بين الصحابة كما جاء في الفتوى 2020 في موقعك الكريم حيث قلت :
(( موقفنا مما جرى بين الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين-
أخبر رسولنا الكريم -صلى الله عليه وآله وسلم- عن الفتن التي تحدث بعد وفاته فقال: (إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها ...)الحديث، والنجاة من هذه الفتن الاعتصام بالكتاب والسنة ،والقرآن الكريم يحثنا على الاستغفار لأسلافنا، قال الله -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}الحشر-10. ))
ولكن سؤال هامشي لك :
لقد بينت موقفك من معاوية حيث قلت في الفتوى 128 : (( معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- صحابي من كتاب الوحي، لا يجوز انتقاصه كرامة لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ، واحتراماً لمنزلة الصحابة، كما لا يجب على أحد حبه، لأنه ليس ممن أمرنا الله أو رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- بحبه كعلي -رضي الله عنه- الذي ذكر المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم-أنه: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق).
أما ابنه يزيد، فمجرم من المجرمين، فقد قتل الحسين -عليه السلام- واستباح المدينة المنورة.
والناس في معاوية وابنه بين إفراط وتفريط، والعدل ما ذكرناه، والله أعلم. ))
والعجيب أنك تقر بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي أن لا يبغضه إلا منافق ، وقد تواتر سب معاوية لأمير المؤمنين عليه السلام واعترف بذلك الجميع ، والسب من مصاديق البغض ، وهنا نشكل قياساً بديهي الإنتاج :
كبراه : السب مصدايق من مصاديق البغض
وصغراه : معاوية سب علياً .
نتيجته : معاوية يبغض علياً عليه السلام .
ونشكل قياساً آخرَ أيضاً :
صغراه : معاوية يبغض علياً عليه السلام .
كبراه : كل من يبغض علياً عليه السلام فهو منافق .
نتيجته : معاوية منافق .
والسؤال : كيف تترضى على منافق ؟!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
اللهم صل على ولي أمرك وعجل فرجه .
(5)
بسم الله الرحمن الرحيم
المطلب الأخير وبه نختم إن شاء الله تعالى نقض هذا الدليل الذي نحن بصدد مناقشته .
وقد عنوناه بـ (( الخامس ـ عدم التزامهم بهذه الملازمة الكبروية والدليل على ذلك تضارب فتاواهم ( كما نقل الدكتور ) ! .))
مقدّمة من سطرين :
مقتضى دليلهم هذا ( الذي أثبتنا بطلانه ) أن الطاعن بالصحابي كالطاعن في الدين .
فالكبرى إذن : كل من يطعن في الصحابة يطعن في الدين .
يقول كفاية الأصول : وهذه الكبرى تنحل إلى ثلاثة أمور رئيسية ونريد أن نبينها على ضوء ما يذهب إليه المخالف :
الأمر الأول ـ حكم الطاعن في الدين .
الأمر الثاني ـ حكم الطاعن في الصحابة
الأمر الثالث ـ نظرية بلا تطبيق .
ملاحظة : سيكون اعتمادنا على الموسوعة الفقهية الكويتية لما فيها من الفوائد منها أنها جمعت آراء المذاهب الأربعة في عدد كبير من المسائل الفقهية .
ألم تقولوا أن الطعن في الصحابي طعنٌ في الدين .
وجمهور علمائكم على أن الطعن في الصحابي فسقٌ .
ولـكن الطعن في الدين إلحادٌ وكفر ! .
فلماذا هذا التضارب عندكم والدليل واحدٌ وصريحٌ كما يبيّنه علماؤكم ؟!
أم أن هذه الملازمة عند بعضهم دون الآخر ؟
* إن كان نعم فلماذا تلزمونا بأمر أنتم مختلفون فيه ؟!
* وإن كان الجواب لا فهي عند الكل ، فلماذا هذا التضارب في حكم سب الصحابي والجمهور على كونه فاسقاً ؟!
فإن عدم التزامكم بالكبرى يكشف ببرهان الإن عن ضعف المدْرَك .
وقد بيّنا ذلك في هذه المداخلات .
والخلاصة ستأتي في المداخلة التالية ، اللهم صل على محمد و آل محمد .
1- لا يصح للمخالفين أن يستدلوا بأحاديث حرمة سب الصحابة والتعرض لهم لأمرين :
الأول ـ أن بعض هذه الأحاديث إسنادها لا ينهض بحسب مبانيكم ، وكل هذه الأحاديث لا نسلّم لكم بصدورها فلا يصح منكم الإحتجاج بها علينا .
الثاني ـ أنكم إن أردتم أن تستنبطوا حكماً فقهياً وتعمموه على جميع الصحابة فهذا ممنوع ، لما تقدّم من أن الإطلاق لا ينعقد ، وهذا الأصل يجري في كل الأحاديث التي تأتون بها الظاهرة بالإطلاق .
2- أن الملازمة التي كثيراً ما رددتموها في عباراتكم وكتبكم وهي (( أن الطاعن بالصحابة طاعن بالدين لأنهم نقلته )) بيّنا بطلانها ، بل حتى لو سلمنا لكم بصحتها فإن ما ذكرناه من عدم انعقاد الإطلاق يجري فيها .
تمّ الكلام ورفع المقام
وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل هذه المداخلات المتواضعة والبسيطة نصرةً لأهل الحق ، وأن يُشرك أهل البحرين المؤمنين فرّج الله عنهم أجرها ، وأن ينفعني بها يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
لماذا هذا التقديس للصحابة ومن المعلوم ان اكثر الذين صاحبوا الانبياء هم من انقلب وحرف الدين وما بلعم بن باعوراء الذي يضرب به القران مثلا الا دليل حتمي ( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفاراً)