و انتقلت السقاية و الوفادة و الرياسة إلى عبد المطلب و أخذ نوفل عهدا من أكاسرة العراق و صارت رحلته إليها و أخذ عبد المطلب عهدا من ملوك الشام و أقيال حمير باليمن و صارت رحلته إليها و حفر عبد المطلب حين قوي و اشتد بئر زمزم و أخرج منها ما كان ألقاه فيها عامر بن الحرث الجرهمي من غزالي الكعبة و حجر الركن فضرب الغزالين صفائح ذهب على باب الكعبة و وضع الحجر في الركن
و صار عبد المطلب سيدا عظيم القدر مطاع الأمر نجيب النسل حتى مر به أعرابي و هو جالس في الحجر و حوله بنوه كالأسد فقال :
إذا أحب الله إنشاء دولة خلق لها أمثال هؤلاء فأنشأ الله لهم بالنبوة دولة خلد بها ذكرهم و رفع لها قدرهم حتى سادوا الأنام و صاروا الأعلام و صار كل من قرب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم من آياته أعظم رياسة و تنوها و أكثر فضلا و تألها
عبد المطلب ينذر نذرا خطيرا : فحكى الزهري و يزيد بن رومان و صالح بن كيسان أن المطلب بن هاشم نذر أنه متى رزق عشرة أولاد ذكور و رآهم بين يديه رجالا إن ينحر أحدهم للكعبة شكرا لربه حين أعلم أن إبراهيم أمر بذبح ولده تصورا من أنه أفضل قربة فلما استكمل ولده العدد و صاروا له من أظهر العدد قال لهم : يا بني كنت نذرت نذرا علمتموه قبل اليوم فما تقولون ؟ قالوا : الأمر لك و إليك و نحن بين يديك فقال : لينطلق كل واحد منكم إلى قدحه و ليكتب عليه اسمه ففعلوا ثم أتوا بالقداح فأخذها و جعل يرتجز و بقول :
( عاهدته و أنا موف عهده ... و الله لا يحمد شيء حمده )
( إذ كان مولاي و كنت عبده ... نظرت نظرا لا أحب رده )
( و لا أحب أن أعيش بعده )
ثم دعا بالأمين الذي يضرب بالقداح فدفع إليه قداحهم و قال : حرك و لا تعجل و كان أحب ولد عبد المطلب إليه عبد الله فضرب صاحب القداح السهم على عبد الله فأخذ عبد المطلب الشفرة و أتى بعبد الله و أضجعه بين أساف و نائلة و أنشأ مرتجزا يقول :
( عاهدته و أنا موف نذره ... و الله لا يقدر شيء قدره )
( هذا بني قد أريد نحره ... و أن يؤخره يقبل عذره )
و هم بذبحه فوثب إليه ابنه أبو طالب و كان أخا عبد الله لأبيه و أمه و أمسك يد عبد المطلب عن أخيه و أنشأ مرتجزا يقول :
( كلا و رب البيت ذي الأنصاب ... ما ذبح عبد الله بالتلعاب )
( يا شيب إن الريح ذو عقاب ... إن لنا جرة في الخطاب )
( أخوال صدق كأسود الغاب )
فلما سمعت بنو مخزوم هذا من أبي طالب ـ و كانوا أخواله ـ قالوا : صدق ابن أختنا و وثبوا إلى عبد المطلب فقالوا : يا أبا الحرث إنا لا نسلم ابن أختنا للذبح فاذبح من شئت من ولدك غيره فقال : إني نذرت نذرا و قد خرج القدح و لا بد من ذبحه قالوا : كلا لا يكون ذلك أبدا و فينا ذو روح و إنا لنفديه بجميع أموالنا من طارف و تالد و أنشأ المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم مرتجزا يقول :
( يا عجبا من فعل عبد المطلب ... و ذبحه ابنا كتمثال الذهب )
( كلا و بيت الله مستور الحجب ... ما ذبح عبد الله فينا باللعب )
( فدون ما يبغي خطوب تضطرب ) ثم وثب السادات من قريش إلى عبد المطلب فقالوا : يا أبا الحرث إن هذا الذي عزمت عليه عظيم و إنك إن ذبحت ابنك لم تتهن بالعيش من بعده و لكن لا عليك أنت على رأس أمرك تثبت حتى نسير معك إلى كاهنة بني سعد فما أمرتك من شيء فامتثله فقال عبد المطلب لكم ذلك و كانوا يرون الكهانة حقا ثم خرج في جماعة من بني مخزوم نحو الشام إلى الكاهنة فلما دخلوا عليها أخبرها عبد المطلب بما عزم عليه من ذبح ولده و ارتجز يقول :
( يا رب إني فاعل لما ترد ... إن شئت ألهمت الصواب و الرشد )
( يا سائق الخير إلى كل بلد ... قد زدت في المال و أكثرت العدد )
فقالت الكاهنة : انصرفوا عني اليوم فانصرفوا و عادوا في الغد فقالت : كم دية الرجل عندكم ؟ قالوا : عشرة من الإبل قالت : فارجعوا إلى بلدكم و قدموا هذا الغلام الذي عزمتم على ذبحه و قدموا معه عشرة من الإبل ثم اضربوا عليه و على الإبل القداح فإن خرج القدح على الإبل فانحروها و إن خرج على صاحبكم فزيدوا في الإبل عشرة عشرة حتى يرضى ربكم
فانصرف القوم إلى مكة و أقبلوا عليه يقولون : يا أبا الحرث إن لك في إبراهيم أسوة فقد علمت ما كان من عزمه في ذبح ابنه إسماعيل و أنت سيد ولد إسماعيل فقدم مالك دون ولدك
فلما أصبح عبد المطلب غدا بابنه عبد الله إلى الذبح و قرب معه عشرة من الإبل ثم دعا بأمين القداح و جعل لابنه قدحا و قال : اضرب ولا تعجل فخرج القدح على عبد الله فجعلها عشرين فضرب فخرج القدح على عبد الله فجعلها ثلاثين فضرب فخرج القدح على عبد الله فجعلها أربعين فضرب فخرج القدح على عبد الله فجعلها خمسين
فضرب فخرج القدح على عبد الله فجعلها ستين فضرب فخرج القدح على عبد الله فجعلها سبعين فضرب فخرج القدح على عبد الله فجعلها ثمانين فضرب فخرج القدح على عبد الله فجعلها تسعين فضرب فخرج القدح على عبد الله فجعلها مائة و ضرب فخرج القدح على الإبل فكبر عبد الله و كبرت قريش و قالت : يا أبا الحارث إنه قد أنهى رضاء ربك و قد نجا ابنك من الذبح فقال : لا و الله حتى أضرب عليه ثلاثا فضرب الثانية فخرج على الإبل فضرب الثالثة فخرج على الإبل فعلم عبد المطلب أنه قد أنهى رضاء ربه في فداء ابنه فارتجز يقول :
( دعوت ربي مخلصا و جهرايا رب لا تنحر بني نحرا )
( و فاد بالمال تجد لي و فرا أعطيك من كل سوام عشرا )
( عفوا و لا تشمت عيونا حزرا بالواضح الوجه المغشى بدرا )
( فالحمد لله الأجل شكرا ... فلست و البيت المغطى سترا )
( مبدلا نعمة ربي كفرا ... ما دمت حيا أو أزور القبرا )
ثم قربت الإبل و هي مائة من جملة إبل عبد المطلب فنحرت كلها فداء لعبد الله و تركت في مواضعها لا يصد عنها أحد يتناوبها من دب و درج فجرت السنة في الدية بمائة من الإبل إلى يومنا هذا و انصرف عبد المطلب بابنه عبد الله فرحا فكان عبد الله يعرف بالذبيح محمد ابن الذبيحين :
و لذلك قال النبي صلى الله تعالى عليه و سلم : [ أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام و أباه عبد الله بن عبد المطلب ] و هذا من صنع الله تعالى لرسوله لما قدره من رسالته و قضاه من آيات نبوته فما يخلو نبي من بلوى منذرة و لا ملك من بلية زاجرة
(1/215)
أعلام النبوة
المؤلف : أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي
فلما مات حليل وفعلت صوفة ما كانت تفعل أتاهم قصى بمن معه من قريش وكنانة عند العقبة، فقال : نحن أولى بهذا منكم، فقاتلوه فغلبهم قصى على ما كان بأيديهم، وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصى، فبادأهم قصى وأجمع لحربهم، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا حتى كثرت القتلى في الفريقين جميعا، ثم تداعوا إلى الصلح فحكموا يعمر بن عوف أحد بنى بكر، فقضى بأن قصيا أولى بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة، وكل دم أصابه قصى منهم موضوع يشدخه تحت قدميه، وما أصابت خزاعة وبنو بكر ففيه الدية، وأن يخلى بين قصى وبين الكعبة، فسمى يعمر يومئذ : الشداخ .
وكانت فترة تولى خزاعة أمر البيت ثلاثمائة سنة، واستولى قصى على أمر مكة والبيت في أواسط القرن الخامس للميلاد سنة 440 م،وبذلك صارت لقصى ثم لقريش السيادة التامة والأمر النافذ في مكة، وصار قصى هو الرئيس الديني لهذا البيت الذي كانت تفد إليه العرب من جميع أنحاء الجزيرة . ومما فعله قصى بمكة أنه جمع قومه من منازلهم إلى مكة، وقطعها رباعا بين قومه، وأنزل كل قوم من قريش منازلهم التي أصبحوا عليها، وأقر النسأة وآل صفوان وعدوان ومرة بن عوف على ما كانوا عليه من المناصب؛ لأنه كان يراه دينا في نفسه لا ينبغى تغييره . ومن مآثر قصى : أنه أسس دار الندوة بالجانب الشمالى من مسجد الكعبة، وجعل بابها إلى المسجد، وكانت مجمع قريش، وفيها تفصيل مهام أمورها، ولهذه الدار فضل على قريش؛ لأنها ضمنت اجتماع الكلمة وفض المشاكل بالحسنى .
وكان لقصى من مظاهر الرياسة والتشريف :
1 ـ رياسة دار الندوة : ففيها كانوا يتشاورون فيما نزل بهم من جسام الأمور، وفيها كانوا يزوجون بناتهم .
2 ـ اللواء : فكانت لا تعقد راية ولا لواء لحرب قوم من غيرهم إلا بيده أو بيد أحد أولاده، وفي هذه الدار .
3 ـ القيادة : وهي إمارة الركب، فكانت لا تخرج ركب لأهل مكة في تجارة أو غيرها إلا تحت إمارته أو إمارة أولاده .
4 ـ الحجابة : وهي حجابة الكعبة،لا يفتح بابها إلا هو، وهو الذي يلى أمر خدمتها وسدانتها .
5 ـ سقاية الحاج : وهي أنهم كانوا يملأون للحجاج حياضا من الماء، يحلونها بشيء من التمر والزبيب، فيشرب الناس منها إذا وردوا مكة .
6 ـ رفادة الحاج : وهي طعام كان يصنع للحاج على طريقة الضيافة، وكان قصى فرض على قريش خرجا تخرجه في الموسم من أموالها إلى قصى، فيصنع به طعاما للحاج، يأكله من لم يكن له سعة ولا زاد .
كان كل ذلك لقصى، وكان ابنه عبد مناف قد شرف وساد في حياته،
وكان عبد الدار بكره . فقال له قصى فيما يقال : لألحقنك بالقوم وإن شرفوا عليك، فأوصى له بما كان يليه من مصالح قريش، فأعطاه دار الندوة واللواء والقيادة والحجابة والسقاية والرفادة، وكان قصى لا يخالف ولا يرد عليه شيء صنعه، وكان أمره في حياته وبعد موته كالدين المتبع، فلما هلك أقام بنوه أمره لا نزاع بينهم، ولكن لما هلك عبد مناف نافس أبناؤه بنى عمهم عبد الدار في هذه المناصب، وافترقت قريش فرقتين، وكاد يكون بينهم قتال، إلا أنهم تداعوا إلى الصلح، واقتسموا هذه المناصب، فصارت السقاية والرفادة والقيادة إلى بنى عبد مناف، وبقيت دار الندوة واللواء والحجابة بيد بنى عبد الدار . وقيل : كانت دار الندوة بالاشتراك بين الفريقين، ثم حكم بنو عبد مناف القرعة فيما أصابهم، فصارت السقاية والرفادة لهاشم
/
وقيل : كانت دار الندوة بالاشتراك بين الفريقين، ثم حكم بنو عبد مناف القرعة فيما أصابهم، فصارت السقاية والرفادة لهاشم والقيادة لعبد شمس، فكان هاشم بن عبد مناف هو الذي يلى السقاية والرفادة طول حياته، فلما مات خلفه أخوه المطلب بن عبد مناف، وولى بعده عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعده أبناؤه حتى جاء الإسلام والولاية إلى العباس .
ويقال : إن قصيا هو الذي قسم المناصب على أولاده، ثم توارثها أبناؤهم حسب التفصيل المذكور، والله أعلم . وكانت لقريش مناصب أخرى سوى ما ذكرنا وزعوها فيما بينهم، وكونوا بها دويلة ـ بل بتعبير أصح : شبه دويلة ديمقراطية ـ وكانت لهم من الدوائر والتشكيلات الحكومية ما يشبه في عصرنا هذا دوائر البرلمان ومجالسها، وهاك لوحة من تلك المناصب :
1ـ الإيسار : أي تولية قداح الأصنام للاستقسام، وكان ذلك في بني جمح .
2 ـ تحجير الأموال : أي تنظيم القربات والنذور التي كانت تهدى إلى الأصنام، وكذلك فصل الخصومات والمرافعات . وكان ذلك في بني سهم .
3 ـ الشورى : وكانت في بني أسد .
4 ـ الأشناق : أي تنظيم الديات والغرامات، وكان ذلك في بني تيم .
5 ـ العقاب : أي حمل اللواء القومى، وكان ذلك في بني أمية .
6 ـ القبة : أي تنظيم المعسكر، وكذلك قيادة الخيل، وكان في بني مخزوم .
7 ـ السفارة : وكانت في بني عدي .
هذا هو تاريخ و أمجاد أجداد النبي الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم و ما فيه من دلائل من أن النبي الأعظم كان سيدا و شريفا و عزيزا و لم يكن يتمه مانع من ان يكون كذلك
تعرف أسرته صلى الله عليه وسلم بالأسرة الهاشمية ـ نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف ـ وإذن فلنذكر شيئا من أحوال هاشم ومن بعده :
1 ـ هاشم :
قد أسلفنا أن هاشما هو الذي تولى السقاية والرفادة من بني عبد مناف حين تصالح بنو عبد مناف وبنو عبد الدار على اقتسام المناصب فيما بينهما، وكان هاشم موسرا ذا شرف كبير، وهو أول من أطعم الثريد للحجاج بمكة، وكان اسمه عمرو فما سمى هاشما إلا لهشمه الخبز، وهو أول من سن الرحلتين لقريش، رحلة الشتاء والصيف، وفيه يقول الشاعر :
عمرو الذي هشم الثريد لقومه ** قوم بمكة مسنتين عجاف
سنت إليه الرحلتان كلاهما ** سفر الشتاء ورحلة الأصياف
ومن حديثه أنه خرج إلى الشام تاجرا، فلما قدم المدينة تزوج سلمى بنت عمرو أحد بني عدى بن النجار وأقام عندها، ثم خرج إلى الشام ـ وهي عند أهلها قد حملت بعبد المطلب ـ فمات هاشم بغزة من أرض فلسطين، وولدت امرأته سلمى عبد المطلب سنة 497 م، وسمته شيبة؛ لشيبة كانت في رأسه، وجعلت تربيه في بيت أبيها في يثرب، ولم يشعر به أحد من أسرته بمكة، وكان لهاشم أربعة بنين وهم : أسد وأبو صيفي ونضلة وعبد المطلب . وخمس بنات وهن : الشفاء، وخالدة، وضعيفة، ورقية، وجنة .
2 ـ عبد المطلب :
قد علمنا مما سبق أن السقاية والرفادة بعد هاشم صارت إلى أخيه المطلب بن عبد مناف [ وكان شريفا مطاعا ذا فضل في قومه، كانت قريش تسميه الفياض لسخائه ] لما صار شيبة ـ عبد المطلب ـ وصيفا أو فوق ذلك ابن سبع سنين أو ثماني سنين سمع به المطلب . فرحل في طلبه، فلما رآه فاضت عيناه، وضمه، وأردفه على راحلته فامتنع حتى تأذن له أمه، فسألها المطلب أن ترسله معه، فامتنعت، فقال : إنما يمضى إلى ملك أبيه وإلى حرم الله فأذنت له، فقدم به مكة مردفه على بعيره، فقال الناس : هذا عبد المطلب، فقال : ويحكم، إنما هو ابن أخى هاشم، فأقام عنده حتى ترعرع، ثم إن المطلب هلك بـ [ دمان ] من أرض اليمن، فولى بعده عبد المطلب، فأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون لقومهم،وشرف في قومه شرفا لم يبلغه أحد من آبائه، وأحبه قومه وعظم خطره فيهم .
ولما مات المطلب وثب نوفل على أركاح بد المطلب فغصبه إياها، فسأل رجالا من قريش النصرة على عمه، فقالوا : لا ندخل بينك وبين عمك، فكتب إلى أخواله من بني النجار أبياتا يستنجدهم، فسار خاله أبو سعد بن عدى في ثمانين راكبا، حتى نزل بالأبطح من مكة، فتلقاه عبد المطلب، فقال : المنزل يا خال، فقال : لا والله حتى ألقى نوفلا، ثم أقبل فوقف على نوفل، وهو جالس في الحجر مع مشايخ قريش، فسل أبو سعد سيفه وقال : ورب البيت، لئن لم ترد على ابن أختى أركاحه لأمكنن منك هذا السيف، فقال : رددتها عليه، فأشهد عليه مشايخ قريش، ثم نزل على عبد المطلب، فأقام عنده ثلاثا، ثم اعتمر ورجع إلى المدينة . فلما جرى ذلك حالف نوفل بني عبد شمس بن عبد مناف على بني هاشم . ولما رأت خزاعة نصر بني النجار لعبد المطلب قالوا : نحن ولدناه كما ولدتموه، فنحن أحق بنصره ـ وذلك أن أم عبد مناف منهم ـ فدخلوا دار الندوة وحالفوا بني هاشم على بني عبد شمس ونوفل، وهذا الحلف هو الذي صار سببا لفتح مكة كما سيأتى .
ومن أهم ما وقع لعبد المطلب من أمور البيت شيئان : حفر بئر زمزم ووقعة الفيل وخلاصة الأول : أنه أمر في المنام بحفر زمزم ووصف له موضعها، فقام يحفر، فوجد فيه الأشياء التي دفنها الجراهمة حين لجأوا إلى الجلاء، أي السيوف والدروع والغزالين من الذهب، فضرب الأسياف بابا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين صفائح من ذهب، وأقام سقاية
زمزم للحجاج .
ولما بدت بئر زمزم نازعت قريش عبد المطلب، وقالوا له : أشركنا . قال : ما أنا بفاعل، هذا أمر خصصت به، فلم يتركوه حتى خرجوا به للمحاكمة إلى كاهنة بني سعد هذيم، وكانت بأشراف الشام، فلما كانوا في الطريق، ونفد الماء سقى الله عبد المطلب مطرا، م ينزل عليهم قطرة، فعرفوا تخصيص عبد المطلب بزمزم ورجعوا، وحينئذ نذر عبد المطلب لئن آتاه الله عشرة أبناء، وبلغوا أن يمنعوه لينحرن أحدهم عند الكعبة .
واختار عبد المطلب لولده عبد الله آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وهي يومئذ تعد أفضل امرأة في قريش نسبا وموضعا، وأبوها سيد بني زهرة نسبا وشرفا، .
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والأزرقي في تاريخ مكة والبيهقي في الدلائل عن الزهري رضي الله عنه قال :
أول ما ذكر من عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه و سلم :
أن قريشا خرجت من الحرم فارة من أصحاب الفيل وهو غلام شاب فقال :
والله لا أخرج من حرم الله أبتغي العز في غيره
فجلس عند البيت وأجلت عنه قريش فقال : اللهم إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك لا يغلبن صليبهم وضلالهم عدو محالك فلم يزل ثابتا في الحرم حتى أهلك الله الفيل وأصحابه فرجعت قريش وقد عظم فيها لصبره وتعظيمه محارم الله فبينما هو في ذلك وقد ولد له أكبر بنيه فأدرك - وهو الحارث بن عبد المطلب - فأتي عبد المطلب في المنام فقيل له : احفر زمزم خبيئة الشيخ الأعظم فاستيقظ فقال : اللهم بين لي
فأتي في النام مرة أخرى فقيل : احفرتكم بين الفرث والدم في مبحث الغراب في قرية النمل مستقبل الأنصاب الحمر
فقام عبد المطلب فمشى حتى جلس في المسجد الحرام ينتظر ما سمي له من الآيات فنحرت بقرة بالجزورة فانفلتت من جازرها تحمي نفسها حتى غلب عليها الموت في المسجد في موضع زمزم فجزرت تلك البقرة من مكانها حتى احتمل لحمها فأقبل غراب يهوي حتى وقع في الفرث فبحث عن قرية النمل فقام عبد المطلب فحفر هناك فجاءته قريش فقالت لعبد المطلب : ما هذا الصنيع إنما لم (4/148)
نكن نرميك بالجهل لم تحفر في مسجدنا ؟ ! فقال عبد المطلب : إني لحافر هذا البئر ومجاهد من صدني عنها
فطفق هو وولده الحارث وليس له ولد يومئذ غيره فسفه عليهما يومئذ ناس من قريش فنازعوهما وقاتلوهما وتناهى عنه ناس من قريش لما يعلمون من عتق نسبه وصدقه واجتهاده في دينهم
حتى إذا أمكن الحفر واشتد عليه الأذى نذر أن وفي له عشرة من الولدان ينحر أحدهم ثم حفر حتى أدرك سيوفا دفنت في زمزم حين دفنت فلما رأت قريش أنه قد أدرك السيوف قالوا : يا عبد المطلب أجدنا مما وجدت
فقال عبد المطلب : هذه السيوف لبيت الله فحفر حتى أنبط الماء في التراب وفجرها حتى لا تنزف وبنى عليها حوضا فطفق هو وابنه ينزعان فيملآن ذلك الحوض فيشربه الحاج فيكسره أناس حسدة من قريش فيصلحه عبد المطلب حين يصبح فلما أكثروا فساده دعا عبد المطلب ربه فأري في المنام فقيل له : قل اللهم لا أحلها المغتسل ولكن هي للشاربين حل وبل ثم كفيتهم فقام عبد المطلب حين اختلفت قريش في المسجد فنادى بالذي أري ثم انصرف فلم يكن يفسد حوضه ذلك عليه أحد من قريش إلا رمي في جسده بداء حتى تركوا حوضه وسقايته ثم تزوج عبد المطلب النساء فولد له عشرة رهط
فقال : اللهم إني كنت نذرت لك نحر أحدهم وإني أقرع بينهم فأصيب بذلك من شئت
فأقرع بينهم فطارت القرعة على عبد الله وكان أحب ولده إليه فقال عبد المطلب : اللهم هو أحب إليك أم مائة من الإبل ؟ ثم أقرع بينه وبين المائة من الإبل فطارت القرعة على المائة من الإبل فنحرها عبد المطلب
وأخرج الأزرقي والبيهقي في الدلائل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :
قال عبد المطلب : إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال : احفر طيبة
قلت : وما طيبة ؟ فذهب عني فلما كان من الغد رجعت إلى مضجعي فنمت به فجاءني فقال : احفر زمزم
فقلت : وما زمزم ؟ قال : لا تنزف ولا تذم تسقي الحجيج الأعظم عند قرية النمل
قال : فلما أبان له شأنها ودل على موضعها وعرف أن قد صدق غدا بمعول ومعه ابنه الحارث ليس له يومئذ غيره فحفر فلما بدا لعبد المطلب الطي كبر فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته فقاموا إليه فقالوا : يا عبد المطلب إنها بئر إسمعيل وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها ؟ فقال : ما أنا بفاعل إن هذا
(4/149)
الأمر خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم
قالوا : فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نحاكمك
قال : فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم
قالوا : كاهنة من سعد هذيل
قال : نعم - وكانت بأشراف الشام - فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني عبد مناف وركب من كل ركب من قريش نفر - والأرض إذ ذاك مفاوز - فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض المفاوز بين الحجاز والشام فنى ماء عبد المطلب وأصحابه فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة فاستسقوا ممن معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم وقالوا : إنا في مفازة نخشى فيها على أنفسنا مثل ما أصابكم
فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم وما يتخوف على نفسه وأصحابه قال : ماذا ترون ؟ قالوا : ما رأينا إلا تبع لرأيك فمرنا ما شئت
قال : فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم لنفسه لما بكم الآن من القوة كلما مات رجل دفنه أصحابه في حفرته ثم واروه حتى يكون آخركم رجلا فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعا
قالوا : سمعنا ما أردت
فقام كل رجل منهم يحفر حفرته ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه : والله إن ألقاءنا بأيدينا لعجز ما نبتغي لأنفسنا حيلة عسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد ارحلوا فارتحلوا حتى فرغوا ومن معهم من قريش ينظرون إليهم وما هم فاعلون فقام عبد المطلب إلى راحلته فركبها فلما انبعثت انفجرت من تحت خفها عين من ماء عذب فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه ثم نزل فشرب وشربوا واستقوا حتى ملأوا سقيتهم ثم دعا القبائل التي معه من قريش فقال : هلم الماء قد سقانا الله تعالى فاشربوا واستقوا
فقالت القبائل التي نازعته : قد - والله - قضى الله لك يا عبد المطلب علينا والله لا نخاصمك في زمزم فارجع إلى سقايتك راشدا
فرجع ورجعوا معه ولم يمضوا إلى الكاهنة وخلوا بينه وبين زمزم
(4/150)
الدر المنثور
المؤلف : عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي
كيف انهم رفعوا ابن ابي قحافة و ابن صهاك وغيرهم و جعلوهم زعماء و سادة و تجار و كيف وضعوا النبي الأعظم حفيد الهواشم بين الأغنام !/و لم يتوقفوا عند هذا الحد فقد فاق النصب الأموي حدود الأدب مع النبي الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم فقالوا بأن والديه في النار !لماذا ؟ ما هذه العداوة الشديدة لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ؟كيف يكونا في النار و هما لم يحضرا زمن البعثة ؟ يعني من أهل الفترة !
وفقت لكل الخير اختنا الفاضله احزان الشيعه
وحقيقه للتو سؤل هذا السؤال الى السيد كمال الحيدري في برنامج مطارحات في العقيده
وهذا يعكس افلاس الوهابيه بان بني اميه كانوا اسيادا في الجاهليه وبني هاشم كانوا عبيدا
حياكم الله
الى فضح كذب الوهابيه
اتباع بني اميه
حميد الغانم
وفقت لكل الخير اختنا الفاضله احزان الشيعه
وحقيقه للتو سؤل هذا السؤال الى السيد كمال الحيدري في برنامج مطارحات في العقيده
وهذا يعكس افلاس الوهابيه بان بني اميه كانوا اسيادا في الجاهليه وبني هاشم كانوا عبيدا
حياكم الله
الى فضح كذب الوهابيه
اتباع بني اميه
حميد الغانم
حياكم الله أخي الفاضل حميد الغانم
اشكر مشاركتكم الطيبة بارك الله بكم
التاريخ يا سيدي الكريم لم يسلم منه إلا القليل فكله محشو بالتدليس و التلفيق
فمن أمر بحرق الأحاديث و منع الصحابة من رواية الحديث لم يكن يقصد به إلا ان يخفي الحقائق و يطمرها
و من جاء بعده أكمل مشروعه بحرق كتاب الله فما كان إلا و أكتمل المشروع بشكل افضح
حين أسس رأس النفاق في زمانه معاوية ابن الكلبة العاوية لعنه الله مكتب التزوير و التدليس للحديث و الرواية
و هكذا نجد كيف انقلب أراذل القوم الى أعزة و سادة و كيف انقلب الأسياد الى عامة ؟!