العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العقائدي

المنتدى العقائدي المنتدى مخصص للحوارات العقائدية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية حيدر الحسناوي
حيدر الحسناوي
عضو برونزي
رقم العضوية : 18236
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 879
بمعدل : 0.15 يوميا

حيدر الحسناوي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر الحسناوي

  مشاركة رقم : 11  
كاتب الموضوع : سني !! المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2008 الساعة : 10:55 AM


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سني !! [ مشاهدة المشاركة ]
::/ نعلم جميعا (( وإن لبدنك عليك حق )) وأن الله نهى عن إيذاء النفس..
فـ غريب مانراه عندكم من ضرب للنفس حتى تسيل الدماء ..
وما شدني لطرح هذا السؤال.. هي هذه الصورة التي وجدتها أثناء تصفحي لبعض المنتديات وغيرها الكثير الكثير .. مما يدل اليس في ذلك تشويه لصورة الاسلام في الغرب ..



::/ بعض صلواتكم تستلزم الحركة .. حيث ارى بعض الشيعة يصلون بجانبي والتفت بعد دقائق لأراه يبعد مترا عني .. وأتعجب كيف يسير في صلاته ..؟
ألم ينهانا الله عن الحركة في الصلاة ..؟؟


لي عودة مع أسئلة أخرى .. لكن ليس قبل اجابتكم على هذه ..


جزيتم خيرا ..




قبل ان اتحدث عن مشروعية التطبير اسال سؤال واحد




انت تقول هذا يشوه سمعة الاسلام بالغرب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



وهل في يوم سمعت من الغرب انه اطلقوا على المسلمين انهم ارهابيون لكونهم يتطبرون



ام انهم اطلقوا ذلك الاسم على الاسلام وتشوهت سمعة الاسلام والمسلمين ببركة مشايخكم النتنين



الذين لايفقهون من الدين شيء حتى قدموا اجل خدمة الى اعداء الاسلام الا وهي


ان جعلوا الاسلام والمسلمين في نظر الغير دين قتل وتفخيخ وذبح وهذه اكبر خدمة قدمها علمائكم العملاء الى الصهاينة اليهود الذين لم يتمكنوا



من تشويه سمعت الاسلام الابكم فتنبه




اما الشيعة فمواقفهم معلومة ولا يخفى عليك قبل عدة ايام ماذا فعل حزب الله الشيعي باليهود ذلك الحزب الذي افتى علمائكم المابونون بعدم التجويز بالدعاء له


فضلا عن نصرته هذا الحزب الذي مرغ انوف اليهود بالوحل ...واما من يدعون من اقزامكم بانهم من المجاهدين فاين هم عن اليهود وعن اسرائل وليت شعري كان جهادهم كجهاد عمربن الخطاب على النساء والاطفال



فقبحكم الله واذلكم واعز الاسلام والمسلمين من رجسكم














التطبير ::::::::::




فلسفة مواكب التطبير حزناً وجزعاً على الحسين (عليه السلام)




إذا أردنا البحث في تحليل العوامل والدوافع التي تكون بمثابة الجذور النفسية لاختيار البعض من محبي أهل البيت (عليهم السلام) التطبير الحسيني أسلوباً للتعبير عن حزنهم وجزعهم وموآساتهم لما جرى في كربلاء فإننا سنجد الروافد الآتية هي التي بامتزاجها ترفد هذه الحالة حيث تستجيب النفوس منقادةً للعاطفة الحسينية المقدّسة التي تعتلج في الوجدان وتتوهّج في القلوب وتتّقد في الضمائر:


أولاً - المودّة:


والتي أسّ أساسها وأعلى بنيانها كتاب الله المجيد: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى)(1)، فكانت واسطة العقد ومحور الأمر في كمال الدين وتمام النعمة على أهل الإيمان الذين لا يثبت إيمانهم إلاّ بها ولا تسترشد عقولهم وقلوبهم إلاّ بالتقلّب في فنائها حيث تنمو شجرة الدين والعقيدة باسقة مزدانة، وارفة الإفناء، ضاربة جذورها في أعماق الوجدان وطوايا القلوب؛ فتنشأ العلقة الصادقة الخلية من شوائب الأطماع الدنيئة بين المحبين والأحبة. وكلّما اقترب المحبّون من أحبتهم يكتشفون جمالاً فوق جمال وحسناً يخفي وراءه ما هو أحسن منه فتنفجر عيون المحبة والغرام همّارةً بالودّ الطاهر والحبّ الأمين الذي لا تعرف إليه خائنة الأعين من طريق.


ثانياً- عظم المصيبة:


حين يتسامى جمال الحبيب ويتجاوز كماله كلّ الحدود التي اعتادت الأفكار والأنظار والحواسّ أن تقف عندها ويغطّي طوفانه النوري عالم الأرواح والأفئدة ويجتذب إليه ممغنطاً كلّ ما هو طاهر في الحياة وإذا بالكسوف قد غاله؛ فقطّع أحبال الوصال وانقلبت الخضرة الزاهية والرياحين الفوّاحة دماً عبيطاً يغسل وجه السماء قبل رمال كربلاء.. (السلام على الشيب الخضيب، السلام على الخد التريب، السلام على البدن السليب، السلام على الثغر المقروع بالقضيب)(2).


فيالها من مصيبةٍ (أبكت كلّ عدوّ وصديق حتى جرت دموع الخيل على حوافرها)(3)، أبا عبد الله.. (وأقيمت لك المآتم في أعلى عليّين، ولطمت عليك الحور العين، وبكت السماء وسكّانها، والجنان وخزّانها، والهضاب وأقطارها، والبحار وحيتانها، والجنان وولدانها، والبيت والمقام، والمشعر الحرام، والحلّ والإحرام)(4). فكيف لا تشتعل القلوب ناراً والمهج أسفاً والأكباد لوعةً، وكيف لا تنوء العقول بثقلها الفادح ووزرها الباهظ. لذا بقيت تقضّ مضاجع المحبين مهما طالت السنون، وتكتوي الضمائر بلهيب أوارها بعد القرون والقرون.


ثالثاً - ثورة العواطف والجماهير:


اعظم قوّة بعد قوة المبادئ في نهضة أبي عبد الله صلوات الله عليه التي جرفت أمامها التيار الأموي بكل طغيانه واستهزائه بالحق أنها:


أ- حملت آلام الجماهير وآمالها، فكان خطابها الجماهير ولازال هو البلسم الشافي في عنوانه الوسيع: (من كان مثلي لا يبايع مثله).


ب- ما حشده سبط الرسالة الأعظم وقرأنها الناطق، وما جيّشه من جيوش العواطف والمظلومية، وما رسمه بدمه ودماء أهل بيته وأنصاره من صور المأساة والمعاناة والآلام، حيث الدماء والدموع، وحيث العطش والصمود والغربة والكبرياء(5)، والعزّة والجلال.


لذا فقد خدّت الثورة الحسينية وحفرت أخاديد في أعماق ضمير الأمة الشيعية الموالية بسبب ما تحمله من روح جماهيرية صادقة من جهة وبسبب روافدها العاطفية الفيّاضة التي لا تنضب ولا تنقطع أبداً رغم تقادم الأيام والسنين من جهةٍ أخرى. ومن هنا فإننا نجد في مواكب التطبير الحسيني في يوم عاشوراء الاستجابة الطبيعية والصدى الواقعي لثورة العواطف والجماهير إذ تتجلّى في هذه المواكب وبنحو واضح: روح المشاركة الجماهيرية الواسعة والصادقة في نفس الوقت مع الزخم العاطفي الهائل الذي لا نظير له كمّاً ونوعاً(6).


رابعاً- حشود من النصوص:


عشرات وعشرات بل مئات من النصوص المتضافرة والتي جاوزت حدّ التواتر المعنوي بمراتب كثيرة فاضت بها شفاه المعصومين صلوات الله عليهم تضخّ في الأمة ينابيع العاطفة الحسينية المقدّسة منها ما يتحدّث عن صور المأساة المؤلمة وعن أشجان أهل البيت (عليهم السلام) المفجعة الموجعة، ومنها ما يبيّن عظيم الآثار المعنوية في الملأ الأعلى وفي عالم التكوين، وحشد كثير منها يفصّل الكلام في جليل الأجر وكريم الثواب للمتفانين والذائبين والمتفاعلين مع الأحزان الطويلة الضاربة بجذوها في أعماق الحياة.


فهذه الأربعة: (1- المودة، 2- عظم المصيبة، 3- ثورة العواطف والجماهير، 4- حشود من النصوص) هي العوامل والدوافع أو قل الروافد التي تشكّل الخليفة النظرية أو القاعدة النفسية الوجدانية أو قل بعبارة أخرى الفلسفة التي تكمن في ما وراء تشكيل هذه المواكب الفوّارة بدمائها وعواطفها ودموعها وكلّ كياناتها. سواء تنبّه المشاركون في مواكب التطبير الحسيني لهذا المعنى بتفصيله المبيّن أم لم يتنبّهوا وانّما تدفعهم لذلك الثقافة الحسينية التي أنشأها أهل البيت (عليهم السلام) في الأمة الشيعية وتشكّل من ذلك العقل الحسيني الجمعي في واقع الجماهير الشيعية التي تستجيب له بكل كيانها المادي والمعنوي.





أدلّة جواز التطبير حزناً وجزعاً على الحسين (عليه السلام) والقول باستحبابه



دليل الجواز والإباحة:




أدلّ دليلٍ على جواز وإباحة التطبير حزناً وجزعاً على الحسين (عليه السلام) ما يصطلح عليه في علم استنباط الأحكام الشرعية بـ: (أصالة البراءة) والتي تعني الحكم بالجواز والإباحة والحلية لكلّ عملٍ أو شيءٍ لم يصلنا فيه نصّ أو دليل يدل على حرمته ومنعه في الكتاب الشريف أو السنّة المباركة.


إذ أنّ كلّ فقيهٍ حين تواجهه أيّ مسألة من مسائل الحياة الدينية أو الدنيوية لابدّ أن يكون للشرع المقدّس رأيّ فيها فعليه أن يبحث أولاً في أدلة الكتاب والسنة بخصوص تلكم المسألة التي واجهته فإن لم يجد لها ذكراً في النصوص والأدلة الشرعية فعليه أن يتمسّك بالأصول العملية كأصالة البراءة مثلاً التي ترتبط بما في أيدينا من أمر والتي تعني بأنّ كلّ شيءٍ هو لك حلال حتى تثبت حرمته من الكتاب العزيز أو السنّة الشريفة. وهذا هو حكم العقل والشرع معاً وهو ما يصطلح عليه بالبراءة العقلية والشرعية(1).


ومن هنا فإن التطبير حزناً وجزعاً على سيد الشهداء صلوات الله عليه جائز ومباح من دون أي أشكال يذكر وذلك للقطع الأكيد واليقين الواضح من أننا لا نملك أي نص أو دليل من الكتاب أو السنة يحرّمه أو يمنعه. ولقد خالف الذين ذهبوا إلى حرمة التطبير حزناً وجزعاً على أبي عبد الله (عليه السلام) الطريقة الصحيحة في استنباط الأحكام الشرعية والتي عليها اتفاق كلمة فقهاء الأمة وعلمائها إذ أفتوا بالتحريم من دون أي دليل شرعي صحيح وكلّ ما أوردوه من الكلام في طريق ذلك لا يثبت للمناقشة الشرعية وقد رأيت ضعف كلامهم ووهنه في الفصل الأول من هذا الكتاب.






أدلة الاستحباب


أولاً- الجزع المقدّس:




1- (عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كلّ الجزع والبكاء مكروه، سوى الجزع والبكاء على الحسين (عليه السلام).


رواها الشيخ الطوسي (ره) في الأمالي، المجلس السادس ص 161 ح 20. والشيخ المجلسي (ره) في البحار ج 44 ب 34 ص 280 ح 9 وكذلك أيضاً في ج 45 ب 46 ص 313 ح 14.


2- (عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي (عليهما السلام) فإنّه فيه مأجور).


عن كامل الزيارات ب 32 ص 107 ح 2 طبعة طهران، وفي بحار الأنوار ج 44 ب 34 ص 291 ح 32.


3- عن مسمع بن عبد الملك البصري قال: (قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا مسمع أنت من أهل العراق؛ أما تأتي قبر الحسين (عليه السلام)؟.. .. قال لي أفما تذكر ما صنع به؟ قلت: نعم، قال: فتجزع؟ قلت: إي والله واستعبر لذلك حتى يرى أهلي أثر ذلك عليّ فأمتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي. قال: رحم الله دمعتك أما إنّك من الذين يعدّون من أهل الجزع لنا.. ..)(2).


عن كامل الزيارات ب 32 ص 108 ح 6، وفي بحار الأنوار ج 44 ب 34 ص 289 ح 31.


4- عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في مراسم يوم عاشوراء: (.. .. ثم ليندب الحسين عليه السلام ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه، ويقيم في داره مصيبته بإظهار الجزع عليه .. ..)(3).


عن كامل الزيارات ب 71 ص 193 ح 7، وفي بحار الأنوار ج 101 ب 24 ص 290 ح 1.


5- ما رواه قدامة بن زائدة، عن أبيه، عن إمامنا السجاد (عليه السلام) حيث قال: (فإنه لمّا أصابنا بالطفّ ما أصابنا.. .. فكادت نفسي تخرج وتبيّنت ذلك مني عمتي زينب الكبرى بنت علي (عليهما السلام) فقالت: مالي أراك تجود بنفسك يابقية جدي وأبي واخوتي؟!! فقلت: وكيف لا أجزع وأهلع وقد أرى سيدي واخوتي وعمومتي وولد عمي وأهلي مصرعين بدمائهم، مرملين بالعرى.. ..)(4).


عن كامل الزيارات ب 88 ص 274.


وبعد أن أجلت النظر ياقارئي العزيز في هذه الأحاديث الكريمة فإنّه لابدّ من القول:


1- إنّ هذه الروايات في غاية الاعتبار والقبول من جهة طرقها وأسانيدها ومصادرها عند علمائنا وفقهائنا المتقدمين منهم والمتأخرين. وعليها عمل فقهاء ومراجع الأمة إذ نطقت بذلك أسفارهم وزبرهم. ودونك الأحياء منهم فسلهم، والأمر سهل.


2- متون هذه الروايات تدلّ بشكلٍ واضح وصريح على أنّ الجزع على سيد الشهداء (عليه السلام) مستحبّ مؤكّد وفي غاية التأكيد وبنحوٍ أخص في يوم عاشوراء الأليم.


3- المراد من الجزع في لغة العرب هو نقيض الصبر وهذا ما عليه كلّ المعاجم اللغوية. لذا فإنّ كلّ فعلٍ يفعله صاحب المصيبة يعبّر به عن عدم تحمّله وعن تأثّره الشديد فهو مصداق من مصاديق الجزع؛ إذ لا يوجد في لغة العرب تحديد معيّن لمعنى الجزع وذلك أنّ حقيقته هو الحزن بلا حدود فكيف يكون له حدّ معين وخاص به. لكننا نعتمد على العرف الصحيح في تحديد أقلّ مراتبه وهو العويل والضجيج والصراخ والبكاء الذي لا ينقطع مصحوباً بلطم الوجه وضرب الرأس ولدم الصدر إلى غير ذلك مما يقع في هذه المرتبة الأقل وإنّما قلت الأقلّ لأن المرتبة الأعلى والأشد هي ما يكون فيها هلاك النفس ويظهر هذا واضحاً في الحديث الخامس عن الإمام السجّاد (عليه السلام) حين يقول: (فكادت نفسي تخرج وتبيّنت ذلك مني عمتي زينب الكبرى بنت علي (عليهما السلام) فقالت: مالي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي واخوتي؟!! فقلت وكيف لا أجزع وأهلع.. .. .)، فالتفت ياقارئي العزيز لما جاء في هذه الكلمات الشريفة:


كادت نفسي تخرج: بمعنى أوشكت على الموت أو الهلاك.


مالي أراك تجود بنفسك: بمعنى مالي أراك تريد أن تودّع الحياة.


وهذا التعبير: (تجود بنفسك) في لغة العرب ولسانهم يقال لمن يكون في النزع الأخير لخروج روحه من بدنه أي حينما يكون الموت وشيكاً وقريباً جداً من الإنسان. أمّا قوله (عليه السلام): (وكيف لا أجزع وأهلع) فهو صريح في استحباب الجزع وأفضليته بل الهلع الذي هو أفحش الجزع في لغة العرب(5)؛ إذ لو لم يكن محبوباً عند الله سبحانه وتعالى لما فعله المعصوم (عليه السلام). ومن هنا صرّح الفقيه المحقق الشيخ خضر بن شلال العفكاوي (ره) في كتابه (أبواب الجنان)(6) قائلاً: (الذي يستفاد من مجموع النصوص ومنها الأخبار الواردة في زيارة الحسين المظلوم ولو مع الخوف على النفس يجوز اللطم والجزع على الحسين كيفما كان حتى لو علم بأنه يموت في نفس الوقت).


4- يتّضح ممّا تقدّم أنّ الجزع على الحسين (عليه السلام) على مراتب كثيرة أوّلها الصراخ والعويل والنحيب والبكاء المتواصل مع لدم الصدر والطم الوجه وضرب الرأس باليد أو غيرها، وآخرها ما قد يؤدّي إلى هلاك النفس والإضرار الشديد بها. وقطعاً فإنه يقع ما بين هاتين المرتبتين مراتب كثيرة تتسلسل بحسب شدتها. وما التطبير الحسيني إلاّ مرتبة من هذه المراتب التي تقع في الحد الوسط من حيث الشدّة بل ربما أقل من ذلك وإلاّ فأين يقع جزع التطبير من جزع إمامنا السجّاد (عليه السلام) حين يقول: (فكادت نفسي تخرج) وهو قول يطابق الواقع مائة في المائة ليس فيه أدنى حدّ من المبالغة أو المواربة إذ هو قول المعصوم (عليه السلام) وكلامه، وكلام الإمام إمام الكلام. ثم إنّ التطبير الحسيني لا ضرر فيه على الإنسان وحتى لو كان فيه ضرر فهو ضرر لا يعتدّ به أبداً كما بيّنا ذلك فيما تقدّم من هذا الكتاب. ومن هنا فإنّ مرتبته لن تكون من المراتب الشديدة من الجزع على أبي عبد الله صلوات الله وسلامه عليه.


5- النتيجة التي نحصل عليها بعد تلكم المقدّمات أن التطبير حزناً وجزعاً على سيد الشهداء صلوات الله عليه ما هو إلاّ مرتبة ومصداق من مصاديق الجزع على الحسين (عليه السلام) والذي حكمت الشريعة باستحبابه المؤكّد وندبت إليه أهل الإيمان؛ كي يقتدوا بأئمتهم المعصومين (عليهم السلام) الذين جزعوا حتى كادت النفوس أن تخرج لاجل حسين العقيدة والمبادئ صلوات الله عليه.

6- ويؤيّد هذه المعاني ما تفيض به كلمات دعاء الندبة الشريف الذي يرويه سيدنا ابن طاووس (ره) في إقبال الأعمال، ومصباح الزائر، وجمال الأسبوع، والشيخ المجلسي (ره) في بحار الأنوار:



(فعلى الأطائب من أهل بيت محمّد وعلي صلى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون، وإيّاهم فليندب النادبون، ولمثلهم فلتذرف الدموع، وليصرخ الصارخون، ويضجّ الضاجّون، ويعجّ العاجّون، أين الحسن؟! أين الحسين؟! أين أبناء الحسين؟!).


إلى أن يقول الدعاء الشريف:


(أين الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء؟! أين الطالب بدم المقتول بكربلاء؟!).


ثم يقول مناجياً نادياً:


(هل من معين فأطيل معه العويل والبكاء؟! هل من جزوع فاساعد جزعه إذا خلا؟! هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى؟! هل إليك يا أبن أحمد سبيل فتلقى؟!).


فانظر أيها القارئ العزيز لقول الدعاء الشريف:


1- هل من جزوع: والجزوع بحسب موازين الصرف صيغة مبالغة أي جازع وجازع و.. .


2- هل قذيت عين: إشارة واضحة لما يصيب العين من ضرر أو مرض أو ألم شديد بسبب البكاء والنوح جزعاً على مصاب الحسين (عليه السلام)، وشوقاً وحسرةً على فراق الطالب بثأره صلوات الله وسلامه عليه.


والحرّ تكفيه الإشارة.







ثانياً - الإبكاء:


1- (عن علي بن الحسن بن فضّال، عن أبيه قال: قال الرضا (عليه السلام): من تذكّر مصابنا وبكى لما ارتكب منّا، كان معنا في درجاتنا يوم القيامة ومن ذكّر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون،..).


عن بحار الأنوار ج 44 ب 34 ص 278 ح 1 منقولاً عن أمالي الشيخ الصدوق المجلس 17، الرقم 4.


وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج 1 ص 294 بنفس إسناد الحديث المتقدم عنه صلوات الله عليه: (من تذكّر مصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ..)(7).


2- عن السيد ابن طاووس (ره): (روي عن آل الرسول (عليهم السلام) أنّهم قالوا: من بكى وأبكى خمسين فله الجنة، ومن بكى وأبكى ثلاثين فله الجنة، ومن بكى وأبكى عشرين فله الجنة، ومن بكى وأبكى عشرة فله الجنة، ومن بكى وأبكى واحداً فله الجنة، ومن تباكى فله الجنّة).


عن بحار الأنوار ج 44 ب 34 ص 288 منقولاً عن اللهوف في قتلى الطفوف للسيد ابن طاووس (ره).


3- (عن أبي هارون المكفوف قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا هارون أنشدني في الحسين (عليه السلام)؟ قال: فأنشدته فبكى، فقال: أنشدني كما تنشدون - يعني بالرقّة - قال: فأنشدته:


امرر على جدث الحسين فقـــــل لأعظـــمه الزّكيّة


قال: فبكى، ثمّ قال زدني، قال: فأنشدته القصيدة الأخرى، قال: فبكى، وسمعت البكاء من خلف السّتر، قال: فلما فرغت قال لي: يا أبا هارون من أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى عشراً كتبت لهم الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى خمسةً كتبت لهم الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى واحداً كتبت لهما الجنة، ومن ذكر الحسين (عليه السلام) عنده فخرج من عينه من الدموع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على الله، ولم يرض له بدون الجنّة).


عن كامل الزيارات ب 33 ص 111 ح 1، وثواب الأعمال ص 47، والبحار ج 44 ب 34 ص 288 ح 28.


4- (عن أبي عمارة المنشد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: يا أبا عمارة أنشدني في الحسين (عليه السلام)، قال: فأنشدته فبكى، ثمّ أنشدته فبكى، ثمّ أنشدته فبكى، قال: فو الله ما زلت أنشده ويبكي حتى سمعت البكاء من الدار، فقال لي: يا أبا عمارة من انشد في الحسين شعراً فأبكى خمسين فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً بأبكى أربعين فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى ثلاثين فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى عشرين فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فأبكى عشرة فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فبكى فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فتباكى فله الجنة).


عن كامل الزيارات ب 33 ص 112 ح2، و أمالي الصدوق المجلس 29 - الرقم 6، وثواب الأعمال ص 47، والبحار 44 ب 34 ص 282 ح 15.


5- (عن صالح بن عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أنشد في الحسين (عليه السلام) بيت شعرٍ فبكى وأبكى تسعةً فله ولهم الجنة، فلم يزل حتى قال: من أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأظنّه قال: أو تباكى فله الجنة).


عن كامل الزيارات ب 33 ص 113 ح 4 ومثله بسند آخر ح 7 من نفس الباب والصفحة، وثواب الأعمال ص 48، والبحار ج 44 ب 34 ص 289 ح 29.


6- (عن أبي هارون المكفوف قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي: أنشدني فأنشدته، فقال: لا؛ كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره، قال: فأنشدته:


امرر على جدث الحسين فقل لأعظمه الزّكيّة


قال: فلمّا بكى أمسكت أنا، فقال مرّ، فمررت، قال: ثمّ قال: زدني.. زدني، قال: فأنشدته:


يـــا مريم قومي فاندبي مولاك وعلى الحسين فاسعدي ببكاك


قال: فبكى وتهايج النساء!! قال: فلمّا أن سكتن قال لي: يا أبا هارون من أنشد في الحسين (عليه السلام) فأبكى عشرة فله الجنة، ثمّ جعل ينقص واحداً واحداً حتى بلغ الواحد، فقال: من أنشد في الحسين فأبكى واحداً فله الجنة، ثمّ قال: من ذكره فبكى فله الجنة). عن كامل الزيارات ب 33 ص 113 ح 5، وبحار الأنوار ج 44 ب 34 ص 287 ح 25.


7- (عن زيد الشحّام، قال: كنّا عند أبي عبد الله ونحن جماعة من الكوفيّين فدخل جعفر بن عفّان على أبي عبد الله (عليه السلام) فقرّبه وأدناه ثم قال: يا جعفر، قال: لبيك! جعلني الله فداك. قال: بلغني أنك تقول الشعر في الحسين وتجيده. فقال له: نعم، جعلني الله فداك، قال: قل! فأنشده (صلى الله عليه) فبكى ومن حوله، حتى صارت الدموع على وجهه ولحيته. ثم قال: يا جعفر والله لقد شهدت ملائكة الله المقرّبون ههنا يسمعون قولك في الحسين (عليه السلام) ولقد بكوا كما بكينا وأكثر، ولقد أوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعته(8) الجنة بأسرها، وغفر الله لك. فقال: يا جعفر ألا أزيدك؟ قال: نعم يا سيدي. قال: ما من أحدٍ قال في الحسين شعراً فبكى وأبكى به إلاّ أوجب الله له الجنة وغفر له).


عن رجال الكشي ص 187، وبحار الأنوار ج 44 ب 34 ص 282 ح 16، ووسائل الشيعة ج 10 ص 464 ب 104 المزار ح 1.


وبعد ذكر هذه الأحاديث والروايات، أقول:


1- الأخبار المتقدّمة تلقّاها علماؤنا بالقبول والاعتماد والعمل بها والفتيا على أساسها؛ فلا حاجة للخوض في تفاصيل أسانيدها؛ لوضوح كونها على درجةٍ عاليةٍ من الاعتبار الشرعي والعملي.


2- مضمون هذه الأخبار ومحتواها: الاستحباب المؤكّد للبكاء والإبكاء على سيد الشهداء صلوات الله عليه وما يترتب عليهما من عظيم أجرٍ عند الله سبحانه وتعالى. أمّا الذي نخصّه بالذكر والبحث هنا من بينهما فهو الإبكاء وذلك أنّ البحث منعقد لأجله منذ البداية. والذي نراه واضحاً في هذه الروايات الشريفة أنّ الأولى والثانية منها تحدّثت عن الإبكاء بنحوٍ عام من دون ذكر أي مصداقٍ من مصاديق الإبكاء فجاء لسانها: (بكى وأبكى) من دون ذكر أي أسلوب من أساليب الإبكاء، وأما ما تبقّى منها فقد جاء مشتملاً على ذكر مصداقٍ من أهم مصاديق الإبكاء خصوصاً في زمان الأئمة(9) (عليهم السلام) وهو إنشاد الشعر لأجل الإبكاء على الحسين المظلوم صلوات الله وسلامه عليه. وإلا فمن المعلوم أنّ الإبكاء ليس له من أسلوب معيّن فقد يكون من طريق: ذكر المصيبة نثراً بلحنٍ حزين، أو من دون لحن، أو بإنشاد الشعر إلقاءً، أو بصوتٍ شجيّ، أو بتأليف كتابٍ يستدرّ الدمعة من قارئه ومطالعه، أو بإنتاج فيلم سينمائي أو تلفزيوني روائياً كان أو وثائقيّاً يعرض الواقعة بكل آلامها وأشجانها، أو بإخراج مسرحيةٍ أو تمثيليةٍ تهيج الدمع والعبرات، أو برسم لوحةٍ فنيةٍ تعبّر عن جراحات ضمائر الأحرار وآلامها لما لقي سبط النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، أو بإقامة المسيرات العزائية والمواكب الحسينية من مواكب اللطم وضرب السلاسل والتطبير الحسيني إلى غير ذلك من فنون العزاء الحسيني وأشكاله والتي هي من أهم أسباب الإبكاء وطرقه. علماً أن أسباب الإبكاء وأساليبه ليست منحصرةً في ما ذكر وإنّما يبقى الباب مفتوحاً في هذا المجال لكل أشكال التعبير وتهييج الأحزان لأجل مصاب سيد شباب أهل الجنة صلوات الله عليه.


3- يظهر بوضوحٍ جليّ مما تقدّم الاستحباب المؤكّد للإبكاء على سيد الشهداء عليه أفضل الصلاة والسلام، ويظهر أيضاً أنّ مواكب التطبير الحسيني من أهمّ أسباب الإبكاء وتهييج العبرات، لذا فإنّ هذا الاستحباب سيسري حتماً على هذه الشعيرة الحسينية المبكية كما يسري على غيرها من الشعائر الحسينية الأخرى المبكية وكذلك الأساليب التعبيرية المختلفة المكية أيضاً والتي ذكرنا قبل قليلٍ أمثلةً منها في قائمةٍ لذكر أنواع مختلفة من أساليب الإبكاء على الحسين (عليه السلام). ولا يخفى فإنّ القول: بأنّ مواكب التطبير الحسيني من أهم أسباب الإبكاء هو ما يشهد به الواقع على الأرض ويقرّبه أرباب العزاء الحسيني والجماهير الغفيرة المشاركة في الحضور وأهل البيت أدرى بالذي فيه؛ حيث يتجمّع أهل التطبير عند فجر عاشوراء في تكاياهم وحسينياتهم، وهم يرتدون أكفانهم البيضاء، بعد تأدية صلاة الصبح، تقرأ زيارة عاشوراء، تتبعها قراءة شجية جداً لقصّة مذبح الحسين ومقتله (عليه السلام) بنحو مختصر، مع مقاطع من زيارة الناحية المقدّسة، ثم ترتفع الصيحات والصرخات: يا حسين.. يا حسين، والبكاء والنحيب يهزّ الأرجاء، وتقرع الطبول، وتمتشق السيوف، وبصوتٍ واحدٍ تتدافع الدموع متدفّقةً كأنّها عين جارية:


يا فاطمه قومي إلى الطفوف هـــذا حسين طعمة السيوف


حيدر.. حيدر .. حيدر


فتجرى الدماء نازفةً تذكّر بأقدس دم سفك على وجه الأرض، مشفوعةً بالدموع والعبرات، والآهات والحسرات، فكم من باكٍ أو باكية، حيث لا ترى إلاّ أجواءً مشحونةً بالعاطفة الحسينية الجيّاشة، ولا تسمع إلاّ ندبةً وصراخاً حسينياً يهزّ سمع الملكوت.. فكأنها الغاضريات وصوت حسين يجرف الدهور ويمزّق أستار القرون!!!


فيــــا أيها الوتر في الخالدين فـــــذّاً إلــــى الآن لـــم يشفع


ويـــا عـظة الطامحين العظام للاهيـــــن عــــــن غدهم قنّع


أبا عبد الله صلى الله عليك.. فما قدر الدموع؟! وما قدر الدماء؟! في محراب أحزانك، (أشهد أنّ دمك سكن في الخلد واقشعرّت له أظلّة العرش، وبكى له جميع الخلائق، وبكت له السماوات السبع، والأرضون السبع، وما فيهنّ، وما بينهن، ومن يتقلّب في الجنة والنار من خلق ربّنا، وما يرى، وما لا يري)(10).

ولا أملك إلاّ أن أقول: بأنّ مواكب التطبير الحسيني هي دماء نازفة، ودموع مسفوحة، وقلوب واعية تطوف في محراب عشقها في الفناء الحسيني الأرحب، وتستضيء بنور مصباح الهدى؛ كي تفوز بسفينة النجاة الآمنة. فطوبى لكم أحباب الحسين (عليه السلام)، وطوبى لكم أيها النازفون دماً ودمعاً في محراب عشقه ومودّته


يتبع


من مواضيع : حيدر الحسناوي 0 العلـــــــــــــــــــــــــــم بالغيب
0 اسئلة وجوابها حول الامام المهدي
0 #### وظيفتنا في زمن الغيبة #########
0 دروس في التمهيد لظهور الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرج
0 القوانين المتبعة في القسم العقائدي للجميع / الرجاءالأطلاع

الصورة الرمزية حيدر الحسناوي
حيدر الحسناوي
عضو برونزي
رقم العضوية : 18236
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 879
بمعدل : 0.15 يوميا

حيدر الحسناوي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر الحسناوي

  مشاركة رقم : 12  
كاتب الموضوع : سني !! المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2008 الساعة : 11:56 AM


ثالثاً - إحياء أمر الإمام الحسين (عليه السلام):





1- (عن الأزدي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لفضيل: تجلسون وتتحدّثون؟ قال: نعم، جعلت فداك. قال: إنّ تلك المجالس أحبّها فأحيوا أمرنا يا فضيل! فرحم الله من أحيى أمرنا، يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر).


عن بحار الأنوار ج 44 ب 34 ص 282 ح 14، نقلاً عن قرب الإسناد ص 26.


2- (عن علي بن الحسين بن فضّال، عن أبيه قال: قال الرضا (عليه السلام): من تذكّر مصابنا وبكى لما ارتكب منّا، كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكّر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)(11).


وهنا أمور لابدّ من ذكرها والإشارة إليها:


1- إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) عموماً، وإحياء الأمر الحسيني والقضية الحسينية خصوصاً واجب شرعيّ أكيد يوجبه العقل(12) قبل الشرع وتؤكّد الأدلة الشرعية بشكلٍ واضحٍ وقطعي من نصوصٍ دينيّة وسيرة متشرّعة إلى غير ذلك من المرتكزات العقلية والشرعية. وهذه مسألة مفروغ منها في دنيا الفقه والأحكام، ومن البديهيات التي لا يختلف عليها اثنان من فقهائنا بأيّ وجهٍ من الوجوه. نعم يمكن القول بأنّ إحياء الأمر على مرتبتين منه ما هو واجب لا يجوز تركه بأيّ حالٍ من الأحوال، ومنه ما هو مندوب ومستحبّ إتيانه بنحوٍ أكيد يترتب عليه عظيم الأجر والثواب.


2- ليكن معلوماً إنّ أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) الآمرة وجوباً أو استحباباً بإحياء أمرهم كثيرة جداً. وإني لم أتناولها بالذكر لوضوح أمرها عند أهل الشرع والدين. وما ذكرت هذين الحديثين الشريفين إلاّ لأجل التبرك بهما أولاً. وثانياً لظهورهما في إحياء الأمر المستحب الذي يدور الحديث عنه في هذا المقام.


3- الروايتان المذكورتان تدلاّن على أهمية إحياء أمرهم (عليهم السلام) وتصرّحان باستحبابه المؤكّد. مع اشتمالهما على ذكر بعضٍ من الأمور التي هي من الأسباب المهمة في إحياء الأمر من قبيل إقامة مجالس الذكر والعزاء، وتذكّر مصائب أهل البيت (عليهم السلام) وذكرها، والبكاء والإبكاء في سبيل ذلك، وهكذا كلّ أمرٍ يوصلنا إلى نفس هذا المطلوب.


4- من كلّ ما تقدّم يتجلّى بوضوحٍ أنّ التطبير حزناً وجزعاً على سيد الشهداء صلوات الله عليه مصداق واضح من مصاديق إحياء الأمر من جهةٍ كونه سبباً قوياً من أسباب الإبكاء على الحسين (عليه السلام) وقد مرّ بيان ذلك فضلاً عمّا أشارت إليه الروايتان اللتان بين أيدينا من إن الإبكاء مصداق من مصاديق إحياء الأمر أيضا، هذا أولاً. وثانياً لما في التطبير الحسيني من بعد جماهيري واسع؛ حيث الجموع الغفيرة المشاركة في هذا الموكب والجموع المتفاعلة والمتأثرة بها. ولا شكّ فإنّ أهم أمرٍ في إحياء الأمر العقائدي هو جماهيرية العمل وانتشار تأثيره خصوصاً إذا كان ذا ميزةٍ عاطفية ثرّة كالتطبير الحسيني. ومن كل ذلك يبدو واضحاً سريان حكم الاستحباب على التطبير حزناً وجزعاً على سيد الشهداء صلوات الله عليه، لكونه مصداقاً من أوضح مصاديق إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) عموماً، وإحياء أمر الحسين صلوات الله عليه بنحو خاص.





توضيحات:






1- ربّما يقول قائل: إنّ إظهار الجزع والإبكاء من جملة مصاديق إحياء الأمر. فلأيّ سببٍ جعلنا كلّ واحدٍ من هذه الثلاثة موضوعاً ودليلاً قائماً برأسه؟ وجواب ذلك: إنّ الناظر والمتفحّص بدقةٍ في كلمات أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم يجد بوضوحٍ أنّ الجزع مطلوب بنفسه بما هو، ومن جملة آثاره أنه يكون سبباً في إحياء الأمر. وكذلك الإبكاء فهو مطلوب بنفسه بما هو أيضاً لما فيه وفي الجزع من منافع معنوية وتربوية تصقل روح الإنسان، وتذكّي وجدانه، وتغسل عواطفه من كلّ شائبةٍ تلحق بها، راسمةًً لها جادّة صوابها. فكل واحدٍ منهما مطلوب بنفسه بما هو هو، وفي بعض جهات كلّ واحدٍ منهما سبب لإحياء الأمر، ومن هنا جعلنا كل واحدٍ من هذه الثلاثة: الجزع المقدّس، والإبكاء، وإحياء الأمر الحسيني موضوعاً ودليلاً قائماً برأسه.


2- حكم الاستحباب المؤكّد يسري بنحو الأصالة على إظهار الجزع على الحسين (عليه السلام)، وعلى الإبكاء عليه، وعلى إحياء أمره صلوات الله عليه؛ وذلك لورود النصوص الشريفة عن المعصومين (عليهم السلام) بخصوص كل واحد من هذه الثلاثة. أما سريان هذا الاستحباب على التطبير حزناً وجزعاً على سيد الشهداء عليه أفضل الصلاة والسلام فهو من باب التفرّع والمصداقية، إذ أنّ التطبير الحسيني مصداق واضح لإظهار الجزع، والإبكاء، وإحياء الأمر، ومن هنا كان جريان حكم الاستحباب عليه. لا من باب ورود نصّ خاصّ يأمر بهذا النحو المعين من العزاء. وإنّما كان ذلك عملاً موافقاً لما رواه البزنطي في جامعه عن هشام بن سالم، عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إنّما علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم أن تفرّعوا)(13)، وما رواه أيضاً في جامعه عن الإمام الرضا (عليه السلام): (علينا إلقاء الأصول إليكم، وعليكم التفريع)(14).




زبدة القول:




استحباب إظهار الجزع على ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واستحباب الإبكاء عليه، واستحباب إحياء أمره (عليه السلام).


أمور ثابتة لا شكّ فيها وقد تبيّنت ذلك واضحاً يا قارئي العزيز فكذاك هو التطبير حزناً وجزعاً على سيد الشهداء صلوات الله عليه حقّ لا ريب فيه ويجري عليه حكم الاستحباب لكونه مصداقاً واضحاً لإظهار الجزع المستحب، والإبكاء المستحب، وإحياء الأمر المستحب. وقد مرّت بك الأدلة واضحةً جلية. وستأتيك أدلة أخرى وأخرى، (ويأتيك بالأنباء من لم تزوّد).




أدلّة أخرى.. لعلّهم يبصرون!




أولاً - حزن نبيّ الله يعقوب (عليه السلام) (وتولّى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم، قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين).[سورة يوسف: الآية 84 و 85]. وهنا ثمّة فوائد:




الفائدة الأولى: في المعاني اللغوية




ابيضّت عيناه: أصابها البياض وهو فقدان البصر. ويقول صادق العترة (عليه السلام): (البكاؤون خمسة آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد وعلي بن الحسين، فأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره..)(15).


وبصريح القرآن العزيز أنه (عليه السلام) ما ارتدّ بصيراً حتى شمّ قميص ولده يوسف: (فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتدّ بصيرا)(16).


تالله تفتؤا تذكر يوسف: لا تفتر عن ذكر يوسف ولا تنقطع عنه.


حرضاً: مشرفاً على الهلاك أو ميتاً.





الفائدة الثانية: في قوّة حجّية الاستدلال بحالة نبيّ الله يعقوب (عليه السلام) في المقام الذي نحن فيه وذلك من جهة:







أ- أنها سيرة نبيّ معصوم يبيّنها لنا الباري سبحانه وتعالى في كتابه العزيز الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)(17).


ويقرّرها لنا لأجل الاعتبار والتأسّي بسيرة أوليائه الطاهرين.


ب - استدلّ بها إمامنا السجاد (عليه السلام) حين سئل عن طول حزنه وبكائه وجزعه على سيد الشهداء صلوات الله وسلامه عليه حيث يروي لنا شيخنا أبو القاسم جعفر بن قولويه (ره) بأسانيده الموثوقة المعتبرة: (أشرف مولى لعلي بن الحسين (عليهما السلام) وهو في سقيفة له ساجد يبكي، فقال له: يا مولاي يا علي بن الحسين أما آن لحزنك أن ينقضي؟ فرفع رأسه إليه وقال: ويلك والله لقد شكى يعقوب إلى ربّه في أقلّ مما رأيت حتى قال: (يا أسفي على يوسف)، إنه فقد ابناً واحداً، وأنا رأيت أبي وجماعة أهل بيتي يذبّحون حولي)(18).


وفي بحار الأنوار رواية أخرى أنه حين قال له أحد مواليه: (أما آن لحزنك أن ينقضي؟ فقال له (صلوات الله عليه): ويحك إنّ يعقوب النبي (عليه السلام) كان له اثنا عشر ابناً فغيّب الله واحداً منهم، فابيضّت عيناه من كثرة بكائه عليه، واحدودب ظهره من الغمّ، وكان ابنه حيّاً في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي، فكيف ينقضي حزني؟)(19).





الفائدة الثالثة: مدلول الآيتين الشريفتين





دلّت الآيتان الكريمتان 84 و 85 من سورة يوسف المباركة على معان عديدة من أهمّها:


أ- أولوية إظهار الحزن والجزع والبكاء على أولياء الله حزناً على مصابهم أو شوقاً إليهم.


ب - أفضلية مثل هذا العمل على غيره خصوصاً وان النبي يعقوب (عليه السلام) علم بأنّ فقدان البصر سيؤثر بشكلٍ وآخر على أعماله الأخرى والتي يكون التبليغ والإرشاد ورعاية أمور أتباعه من أهمها ومع ذلك فهو قد بكى وبكى حتى كفّ بصره لما يجده من فضلٍ وعظيم أجر في بكائه شوقاً وحزناً على فراق ولي الله، ولما في علمه من أنّ بكائه وحزنه هذا مفضّل عند الله تعالى على غيره من سائر الأعمال الأخرى وإلا لما فعله فهو نبي معصوم وأسوة حسنة لأتباعه ومن يقتدي به من المؤمنين.


ج- أفضلية وأولوية ورجحان التعرّض للضرر الشديد كفقدان البصر وانطفاء نور العينين وغير ذلك بسبب الحزن والغمّ والبكاء والنحيب والجزع لأجل أولياء الله. علماً أن قيمة العينين كقيمة الحياة وهذا ما قررّه الشرع المبين في أحكام الديات إذ جعل دية العينين كدية إنسان كامل.


د- لم يكن تعرّض النبي يعقوب (عليه السلام) لهذه الأضرار الكبيرة من دون قصدٍ وسابق علمٍ وكأنّها حصلت بغتةً فجأة بل إنّ الأمر كان يحصل بعلمه وبعلم الآخرين من حوله إلا ترى القرآن العظيم يخبرنا عن قولهم له (عليه السلام): (حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين)، لأنهم كانوا يرون بأمّ أعينهم أيّ ضررٍ وألمٍ يلحقه بنفسه بسبب شوقه وحزنه وجزعه على ولي الله.





الفائدة الرابعة: في علم نبيّ الله يعقوب بحياة ولده يوسف (عليهما السلام):






من دون مقدماتٍ لابدّ من القول: إن يعقوب النبي (عليه السلام) كان على علمٍ بحياة ولده يوسف (عليه السلام) وإليك ما جاء من تلويحٍ وتصريحٍ بهذا الخصوص في كتاب الله العزيز:


1- (فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا).[سورة يوسف: الآية 83].


2- (قال إنّما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون).[سورة يوسف: الآية 86].


3- (يا بنيّ اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تايئسوا من روح الله إنّه لا ييأس من روح الله إلاّ القوم الكافرون).[سورة يوسف: الآية 87].


4- (ولمّا فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفنّدون، قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم، فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتدّ بصيراً، قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله مالا تعلمون).[سورة يوسف: الآيات 94 و 95 و 96].


وأمّا الروايات الشريفة فإليك نموذج منها:


1- (عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أخبرني عن يعقوب حين قال لولده (اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه) كان علم أنه حي وقد فارقه منذ عشرين سنة وذهبت عيناه من الحزن والبكاء؟ قال: نعم علم أنه حي؛ أنه دعى ربه في السحر أن يهبط عليه ملك الموت فهبط عليه ملك الموت في أطيب رائحة وأحسن صورة، فقال له: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت، أليس سألت الله أن ينزلني عليك؟ قال: نعم. قال: ما حاجتك يا يعقوب؟ قال: اخبرني عن الأرواح تقبضها جملة أو تفاريق؟ قال: يقبضها أعواني متفرقة وتعرض عليّ مجتمعة. قال يعقوب: فأسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب هل عرض عليك في الأرواح روح يوسف؟ فقال: لا؛ فعند ذلك علم أنه حي.


فقال لولده: (اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تياسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)(20).


2- (عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام): .. .. وكان يعقوب يعلم أنّ يوسف حي لم يمت وأنّ الله تعالى ذكره سيظهره له بعد غيبته، كان يقول لبنيه: إني اعلم من الله ما لا تعلمون)(21).


ولا أظنّك يا قارئي العزيز أنّك بحاجةٍ إلى أكثر من ذلك لأجل بيان هذا الأمر و شرحه.





الفائدة الخامسة: زبدة القول





لقد بلغ ما بلغ من حزن يعقوب (عليه السلام) أن فقد بصره وابيضّ شعره وتقوّس ظهره وأسرع إليه الهرم حتى قال عنه إمامنا الصادق (عليه السلام) حين سألوه: (ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف؟ قال (عليه السلام): حزن سبعين ثكلى حرّى)(22)، وكان ذلك منه مع علمه بحياة ولده. وقد جاء في رواية علي بن إبراهيم (ره) في تفسيره المعروف أنه كان بين يوسف وأبيه مسافة ثمانية عشر يوماً لا غير ومع كلّ ذلك فإنّ نبي الله يعقوب (عليه السلام) قضى سنينه في الحزن العظيم والجزع الشديد؛ ولو لم يكن ذلك من أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى لما فعله هذا النبيّ المعصوم سلام الله عليه، ولما قرّره الباري جلّ شأنه في كتابه العزيز.


فهل يحق لأحد بعد ذلك من أهل الدين والشرع أن يشكّك في جواز بل مندوبية واستحباب إلحاق ضرر لا يعتدّ به في إقامة الشعائر الحسينية المقدّسة لإظهار الحزن والجزع على مصاب أبي عبد الله صلوات الله وسلامه عليه. وقطعاً فقد تبيّن لك مما تقدم إن التطبير الحسيني لا ضرر فيه وحتى إن وجد فهو ممّا لا يعتدّ به. وأين يقع ضرر التطبير الحسيني على فرض وجوده من ضرر العمى وفقدان البصر؟! فلمّا جاز هذا جاز ذلك مع أولويةٍ وأفضليةٍ وتأكيد لجهات ثلاث يتميز بها الجزع والحزن على سيد شباب أهل الجنة صلوات الله عليه عن جزع وحزن يعقوب على ولده (عليهما السلام):


1- للفارق العظيم بين المنزلتين والمقامين لسيد الشهداء صلوات الله عليه ويوسف الصديق (عليه السلام).


2- لعظمة مصيبة أبي عبد الله صلوات الله وسلامه عليه التي لا تشبهها مصيبة ولا تدانيها رزية؛ إذ لا يمكننا المقايسة بين الذي جرى على يوسف (عليه السلام) وبين ما جرى على غريب الطفوف عليه افضل الصلاة والسلام.


3- للفارق الكبير جداً جداً بين ملابسات القضيتين وآثارهما، فأين وجه المقارنة أو المقايسة بين قضية عائليةٍ محدودة جوهرها التحاسد بين أخوةٍ لأبٍ واحد في بيتٍ واحد وعائلةٍ واحدة، وبين القضية الحسينية الخالدة بكل أبعادها، وظروفها، وبكل أهدافها، وآلامها، وآمالها، وتضحياتها، ومآسيها الجسام القاسية؛ والتي دوّخت العقول عبر الأجيال والعصور؟!


وختاماً يا قارئي العزيز فإني أقول بملء فمي: إنّ الذي تدل عليه وبوضوح آيات الكتاب الكريم في قصة يعقوب و يوسف (عليهما السلام) هو جواز بل استحباب إلحاق الضرر بالنفس في مواطن الحزن والجزع على أولياء الله؛ لما في ذلك من عظيم أجرٍ وسمّو هدفٍ وجليل نفعٍ وجزيل فائدة مثمرة. ولا يخفى عل كلّ منصفٍ من محبي أهل البيت (عليهم السلام) إن التطبير الحسيني ليس فيه من إضرار واقعيّ بالنفس بل هو إضرار موهوم ومدّعى إذ لا حقيقة له والتجربة الطويلة الوافرة وتأريخ مواكب التطبير الحسيني أدلّ دليلٍ على ذلك. ومن هنا فإذا جاز إلحاق الضرر بالنفس حزناً وجزعاً على أولياء الله بحسب آيات الكتاب الكريم في قصة يوسف (عليه السلام). فكيف سيكون القول في التطبير الحسيني الذي لا ضرر ولا إضرار فيه على النفس إذاً؟ ولكن (أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها)(23).


و واعجباً ممّن يدّعي العلم والفقه والرئاسة الدينية وهو يرى رضا الله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم عن حزن نبي معصوم لغيبة ولده أضرّ به حتى أفقده بصره مع علمه بحياة ولده؛ وإنّما كان ذلك منه شوقاً وحسرةً عليه بسبب ما يلقاه من مصاعب الحياة وبلاءاتها. كيف يتجرّأ ويعلن عدم رضا الله سبحانه وتعالى عن مواكب التطبير الحسيني حزناً وجزعاً على مصاب لا مثيل له عبر تاريخ البشرية والى يوم القيامة (قل أ الله إذن لكم أم على الله تفترون)(24).


ولا أسهب في الكلام اكثر من ذلك، إلا أنني أقول: إذا كان قميص يوسف (عليه السلام) ببركته ويمنه ردّ البصر والنور إلى العينين اللتين انطفأ ضوءهما حزناً وجزعاً لأجل فراقه وشوقاً إليه. فإنّ تراباً جالت عليه خيول الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وصحبه الأوفياء وداسته بحوافرها هو تراب الغاضريات جعل الله فيه الشفاء من كل داء. وإنّ كلّ قطرة دمعٍ أو دمٍ سالت حزناً وجزعاً على أبي عبد الله صلوات الله عليه تردّ البصيرة قبل البصر، وتجلي العقول، وتطهر القلوب، وترفع النفس الإنسانية إلى المراتب السامية.


ثانياً - خطبة أمير المؤمنين وسيد الوصيين صلوات الله وسلامه عليه وهي خطبته المعروفة المشهورة والتي أولها: (أمّا بعد، فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصّة أوليائه..)، وقد خطبها حين وردت الأخبار بما فعله أصحاب معاوية لعنة الله عليه وعليهم لما غزوا الأنبار. فكان ممّا قاله عليه أفضل الصلاة والسلام: (وهذا أخو غامد وقد وردت خيله الأنبار، وقد قتل حسان بن حسّان البكري، وأزال خيلكم عن مسالحها، ولقد بلغني أنّ الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة(25)، فينتزع حجلها(26) وقلبها(27) وقلائدها ورعثها(28)، ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع(29) والاسترحام ثم انصرفوا وافرين ما نال رجلاً منهم كلم(30)، ولا أريق لهم دم؛ فلو أنّ امرءاً مسلمـــاً مات مـــن بعــــد هـــذا أسفاً ما كان به ملوماً، بل كان به عندي جديراً(31)..)(32).


وأمّا مصادر هذه الخطبة الشريفة فهي كثيرة جداً ومن أهمّها:


نهج البلاغة ص 69 و ص 70 خ 27.


الكافي ج 5 ص 7 و ص 8 ح 6 ب 1 فضل الجهاد.


وقد رواها أيضاً شيخ الطائفة (ره) في تهذيب الأحكام ج 6 ص 54 ح 11 والشيخ الصدوق (ره) في معاني الأخبار، والشيخ المجلسي (ره) في بحار الأنوار، وأشار إليها الحر العاملي (ره) في الوسائل ج 11 وغيرهم كثير جداً.


وأظنّ يا قارئي العزيز أنّ وجه الاستدلال واضح فيها لا غبار عليه ولا غبش فيه؛ فسيد الأوصياء صلوات الله وسلامه عليه في خطبته هذه ما هو بلائمٍ لأي مسلم مات أسفاً وحسرةً لما جرى على نساء الأنبار من رعايا دولة أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام حين سلب أتباع معاوية لعنة الله عليه وعليهم حليّ نساء المسلمين ونساء أهل الذمة من اليهود أو النصارى بعد أن قتلوا عامل أمير المؤمنين (عليه السلام) على الأنبار وعاثوا في الأرض فسادا. بل أنه (عليه السلام) يراه جديراً بالاحترام والتقدير، إذ يقول صلوات الله عليه: (بل كان عندي به جديرا).


فإذا كان الموت أسفا وحزناً لسلب امرأة يهودية من رعايا دولة أمير المؤمنين (عليه السلام) حليها وزينتها أمراً يستحق الإنسان عليه التقدير والإكرام عند سيد الأوصياء صلوات الله وسلامه عليه فما بالك أيها المنصف في الذي جرى على عقيلة العقائل زينب الكبرى وعلى بنات أمير المؤمنين ونساء الحسن والحسين وآل بيت النبي صلوات الله عليهم جميعاً في عرصات الطفوف وما بعدها؟! وما بالك في الذي جرى على سيد الشهداء صلوات الله عليه قبل الذبح وبعده؟!


فأين الإنصاف يا ترى.


وأين الحقّ يا ترى؟


فلسلب امرأةٍ يهودية من أهل الذمة يجوز الموت أسفاً.. بل من مات بسبب ذلك أسفاً وحسرةً كان به جديرا! مع أنّ الثابت فقهاً حرمة الجزع في غير مصاب الحسين (عليه السلام) مطلقاً والنصوص شاهدة بذلك والجزع يا قارئي العزيز اشد بكثير جداً من الأسف فإذا كان الموت يعدّ من الأسف كما هو واضح وجلي في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) فكيف بالجزع ومراتبه؟!


ولا أريد الإطالة عليك، لكنّ مخلص القول هو:


1- ممدوحية الموت أسفاً لسلب امرأة يهودية من أهل الذمة.


2- وعلى ما تقدم فإنّ الموت من درجات ومراتب الأسف.


3- ومن المعلوم فإنّ الأسف اقل بكثيرٍ من الجزع.


4- تأكيد المعصومين (عليهم السلام) وأمرهم لنا بإظهار الجزع على مصاب الحسين (عليه السلام) والذي هو أعلى درجة من الأسف بكثير بل جاء في بعض النصوص الشريفة التي تقدّم ذكرها قبل قليل في نفس هذا الفصل الحثّ على الهلع وهو أفحش الجزع. ولقد جزع وهلع إمامنا السجاد(عليه السلام) على مصاب أبيه (عليه السلام) كما حدثنا بذلك عن نفسه المقدّسة.





يتبع


من مواضيع : حيدر الحسناوي 0 العلـــــــــــــــــــــــــــم بالغيب
0 اسئلة وجوابها حول الامام المهدي
0 #### وظيفتنا في زمن الغيبة #########
0 دروس في التمهيد لظهور الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرج
0 القوانين المتبعة في القسم العقائدي للجميع / الرجاءالأطلاع

الصورة الرمزية حيدر الحسناوي
حيدر الحسناوي
عضو برونزي
رقم العضوية : 18236
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 879
بمعدل : 0.15 يوميا

حيدر الحسناوي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر الحسناوي

  مشاركة رقم : 13  
كاتب الموضوع : سني !! المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2008 الساعة : 12:00 PM





فما هي النتيجة بعد ذلك يا ترى؟





أظنّ أنّ الأمر بات واضحاً لذي عينين؛ أفبعد كل هذا؟! كيف يمكن الاستشكال على جراحةٍ محدودة وخروج مقدار محدود من الدم لا يسبّب أدنى ضررٍ للإنسان يفعله عشاق الحسين صلوات الله عليه في مواكب حزنهم وجزعهم عليه وعلى أهل بيته الأطهار وصحبه الأخيار؟!


ولكن ما عشت أراك الدهر عجبا!!!


ثالثاً- استحباب زيارة سيد الشهداء صلوات الله عليه مع الخوف على النفس ووجود المخاطر العظيمة:


والأحاديث والأخبار عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم كثيرة وفيرة في هذا المضمون. وهاأنا ذاكر لك بعضاً منها:


1- (عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول فيمن زار أباك على خوف؟ قال: يؤمنه الله يوم الفزع الأكبر، وتلقّاه الملائكة بالبشارة، ويقال له: لا تخف ولا تحزن هذا يومك الّذي فيه فوزك).


جاء مروياً في:


1- كامل الزيارات طبعة طهران ب 45 ح 1 ص 135.


2- وسائل الشيعة ج 10 ب 47 ح 1 ص 356.


3- بحار الأنوار ج 101 ص 11.


2- (عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إني أنزل الأرّجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك، فإذا خرجت فقلبي وجل مشفق حتّى ارجع خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح، فقال: يا ابن بكير أما تحبّ أن يراك الله فينا خائفاً؟ أما تعلم أنه من خاف لخوفنا أظلّه الله في ظلّ عرشه، وكان محدّثه الحسين (عليه السلام) تحت العرش، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزع، فإن فزع وقّرته الملائكة وسكنت قلبه بالبشارة).


جاء مروياً في:


1- كامل الزيارات ب 45 ح 2 ص 135 و ص 136.


2- وسائل الشيعة ج 10 ب 47 ح 2 ص 356.


3- بحار الأنوار ج 101 ص 11.


3- (عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: يا معاوية لا تدع زيارة قبر الحسين (عليه السلام) لخوف، فإنّ من تركه رأى من الحسرة ما يتمنّى أنّ قبره كان عنده، أما تحب أن يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليّ وفاطمة والأئمة (عليهم السلام)؟ أما تحب أن تكون ممن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويغفر له ذنوب سبعين سنة؟ أما تحب أن تكون ممن يخرج من الدنيا وليس عليه ذنب يتبع به؟ أما تحب أن تكون غداً ممن يصافحه رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟.


جاء مروياً في:


1- كامل الزيارات ب 40 ح 3 ص 127 و ب 45 ح 3.


2- وسائل الشيعة ج10 ب 37 ح 7 ص 321.


3- بحار الأنوار ج 101 ب 1 ح 30 ص 8.


وقد مرّ ذكر هذا الحديث بتمامه نقلاً عن الوسائل في الفصل الأول من هذا الكتاب.


4- عن محمد بن مسلم، عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه سأله: (هل تأتي قبر الحسين (عليه السلام)؟ قلت: نعم على خوف ووجل، فقال (عليه السلام): ما كان في هذا أشدّ فالثواب فيه على قدر الخوف، ومن خاف في إتيانه آمن الله روعته يوم يقوم الناس لربّ العالمين، وانصرف بالمغفرة، وسلّمت عليه الملائكة، ورآه النبي(33) (صلى الله عليه وآله) وما يصنع، ودعا له، وانقلب بنعمةٍ من الله وفضل لم يمسسه سوء واتّبع رضوان الله)(34).


5- ما جاء في حديث قدامة بن زائدة، عن أبيه قال: (قال علي ابن الحسين (عليهما السلام): بلغني يا زائدة أنّك تزور قبر أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) أحياناً؟ فقلت: إنّ ذلك لكما بلغك، فقال لي: فلماذا تفعل ذلك ولك مكان عند سلطانك الذي لا يحتمل أحداً على محبّتنا وتفضيلنا وذكر فضائلنا والواجب على هذه الأمة من حقّنا؟ فقلت: والله ما أريد بذلك إلاّ الله ورسوله، ولا أحفل بسخط من سخط، ولا يكبر في صدري مكروه ينالني بسببه، فقال: والله إنّ ذلك لكذلك؟ فقلت: والله إنّ ذلك لكذلك، يقولها ثلاثاً وأقولها ثلاثاً. فقال: أبشر ثم أبشر ثم أبشر..).


وقد مرّ عليك يا قارئي العزيز هذا الحديث الطويل بتمامه في الفصل الأول من هذا الكتاب الذي بين يديك نقلاً عن كامل الزيارات ب 88 من ص 273 إلى ص 278، فراجعه مرةً أخرى وأخرى تغتنم إن شاء الله تعالى.


6- (عن الأصمّ(35) قال: حدّثنا هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل، قال: أتاه رجل فقال له: يا ابن رسول الله هل يُزار والدك؟ قال: فقال نعم ويصلّى عنده، وقال: يصلى خلفه ولا يتقدّم عليه، قال: فما لمن أتاه؟ قال: الجنة إن كان يأتمّ به، قال: فما لمن تركه رغبةً عنه؟ قال: الحسرة يوم الحسرة، قال: فما لمن أقام عنده؟ قال: كلّ يوم بألف شهر، قال: فما للمنفق في خروجه إليه والمنفق عنده؟ قال: درهم بألف درهم، قال: فما لمن مات في سفره إليه؟ قال: تشيّعه الملائكة، وتأتيه بالحنوط والكسوة من الجنّة، وتصلّي عليه إذا كفّن وتكفّنه فوق أكفانه، وتفرش له الرّيحان تحته، وتدفع الأرض حتّى تصوّر من بين يديه مسيرة ثلاثة أميال، ومن خلفه مثل ذلك، وعند رأسه مثل ذلك، وعند رجليه مثل ذلك، ويفتح له باب من الجنّة إلى قبره، ويدخل عليه روحها وريحانها حتى تقوم الساعة، قلت: فما لمن صلّى عنده؟ قال من صلّى عنده ركعتين لم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إيّاه، قلت: فما لمن اغتسل من ماء الفرات، ثمّ أتاه؟ قال: إذا اغتسل من ماء الفرات وهو يريده تساقطت عنه خطاياه كيوم ولدته أمه، قال: قلت: فما لمن يجهز إليه ولم يخرج لعلّةٍ تصيبه؟ قال: يعطيه الله بكلّ درهم أنفقه مثل أُحُد من الحسنات، ويخلف عليه أضعاف ما أنفقه، ويصرف عنه من البلاء مما قد نزل ليصيبه، ويدفع عنه، ويحفظ في ماله، قال: قلت: فما لمن قتل عنده، جار عليه سلطان فقتله؟ قال: أول قطرة من دمه يغفر له كلّ خطيئة، وتغسل طينته التي خلق منها الملائكة حتى تخلص كما خلصت الأنبياء المخلصين، ويذهب عنها ما كان خالطها من أجناس طين أهل الكفر، ويغسل قلبه ويشرح صدره ويملأ إيماناً فيلقى الله وهو مخلص من كلّ ما تخالطه الأبدان والقلوب، ويكتب له شفاعة في أهل بيته وألف من إخوانه، وتولّى الصلاة عليه الملائكة مع جبرائيل وملك الموت، ويؤتى بكفنه وحنوطه من الجنّة، ويوسّع قبره عليه ويوضع له مصابيح في قبره ويفتح له باب من الجنّة وتأتيه الملائكة بالطرف من الجنّة، ويرفع بعد ثمانية عشر يوماً إلى حظيرة القدس، فلا يزال فيها مع أولياء الله حتى تصيبه النفخة التي لا تبقي شيئاً. فإذا كانت النفخة الثانية وخرج من قبره كان أوّل من يصافح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والأوصياء (عليهم السلام) ويبشّرونه ويقولون له: الزمنا، ويقيمونه على الحوض فيشرب منه ويسقي من أحبّ. قلت: فما لمن حبس في إتيانه؟ قال: له بكل يوم يحبس ويغتم فرحة إلى يوم القيامة، فإن ضرب بعد الحبس في إتيانه كان له بكلّ ضربةٍ حوراء وبكلّ وجع يدخل على بدنه ألف ألف حسنة ويمحى بها عنه ألف ألف سيّئة، ويرفع له بها ألف ألف درجة، ويكون من محدّثي رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يفرغ من الحساب، فيصافحه حملة العرش ويقال له: سل ما أحببت. ويؤتى ضاربه للحساب فلا يسأل عن شيء ولا يحتسب بشيء ويؤخذ بضبعيه حتى ينتهي به إلى ملك يحبوه ويتحفه بشربةٍ من الحميم، وشربةٍ من الغسلين، ويوضع على مقالٍ في النار فيقال له: ذق ما قدّمت يداك فيما أتيت إلى هذا الذي ضربته، وهو وفد الله ووفد رسوله ويؤتى بالمضروب إلى باب جهنّم فيقال له: انظر إلى ضاربك والى ما قد لقي فهل شفيت صدرك، وقد اقتصّ لك منه؟ فيقول: الحمد لله الذي انتصر لي ولولد رسوله منه).


وقد جاء هذا الحديث مروياً في:


1- كامل الزيارات ب 44 ح 2 ص 133 و ص 134.


2- بحار الأنوار ج 101 ص 79.


3- مستدرك الوسائل ج 2 ص 209 الطبعة الحجرية.


بيان:


بعد ذكر هذه الروايات والأحاديث التي لا يحتاج فهمها ومعرفة فحواها إلى جهدٍ جهيد، اُلخّص الكلام في النقاط التالية:


1- الروايات المتقدمة كلها منقولة من كتاب كامل الزيارات الذي يعتبر بين المحققين من العلماء والفقهاء والمحدّثين أنه من أوثق كتب الطائفة وأعلاها منزلة وأشدّها اعتباراً(36).


2- متون هذه الروايات تدلّ بوضوحٍ على:


أ- جواز بل استحباب إلحاق الضرر بالنفس لو استلزم ذلك في سبيل زيارة سيد الشهداء صلوات الله عليه.


ب - عظيم الثواب والأجر، وعظيم المنزلة والزلفى والقرب من الله سبحانه وتعالى بسبب ما يتحمّله الإنسان من أضرار تلحق به أو مخاطر عظيمة قد تودي بحياته في سبيل زيارة أبي عبد الله الحسين المظلوم صلوات الله وسلامه عليه)(37).


3- البعد الأهم في ملاك تشريع الزيارة الحسينية المقدّسة كما يبدو من كلمات المعصومين (عليهم السلام) هو بعد تربوي عقائدي: تربوي من حيث العبرة والأسوة الحسينية بكل كمالها وحقّها وهداها، وعقائدي من حيث تمتين وتشديد الرابطة الصحيحة بين الجماهير وقادتهم الربانيين وإذكاء شعلة الحق بإحياء القضية الحسينية، إضافةً لما يترتب على ذلك من عظيم الأجر والثواب، وتضاعف الحسنات، ومحو السيئات، وغفران الذنوب، وتوفيق الطاعة والعمل الصالح، ودفع البلاء في الدين والدنيا؛ لذا كان هذا الحثّ الأكيد من المعصومين (عليهم السلام) للتوجّه إلى زيارة سيد الشهداء صلوات الله عليه ولو استلزم ذلك قتل النفوس كما مرّ علينا في الأحاديث والروايات الشريفة التي ذكرت قبل قليل. فإذا جاز قتل النفس وتحمّل الأضرار والمخاطر الكبيرة في سبيل إحياء أمر الحسين (عليه السلام) بل يظهر الاستحباب بشكلٍ واضح من تلكم الروايات والأخبار. فما قيمة الضرر الهيّن على فرض وجوده في التطبير حزناً وجزعاً على سيد شباب أهل الجنّة صلوات الله وسلامه عليه إذاً؟! وما قيمة الاستهزاء والسخرية في مقابل ما يفعله الظالمون من تنكيل وتعذيب وتقتيل في سبيل إحياء أمر آل محمّد صلوات الله عليهم جميعاً؟!

الجواب عندكم أيها المنصفون..




يتبع






من مواضيع : حيدر الحسناوي 0 العلـــــــــــــــــــــــــــم بالغيب
0 اسئلة وجوابها حول الامام المهدي
0 #### وظيفتنا في زمن الغيبة #########
0 دروس في التمهيد لظهور الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرج
0 القوانين المتبعة في القسم العقائدي للجميع / الرجاءالأطلاع

الصورة الرمزية حيدر الحسناوي
حيدر الحسناوي
عضو برونزي
رقم العضوية : 18236
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 879
بمعدل : 0.15 يوميا

حيدر الحسناوي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر الحسناوي

  مشاركة رقم : 14  
كاتب الموضوع : سني !! المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2008 الساعة : 12:04 PM






زبدة المخض:




من قصة يوسف (عليه السلام) القرآنية عرفنا جواز بل رجحان الإضرار بالنفس حتى درجة فقدان البصر شوقاً وحزناً على أولياء الله وما يجرى عليهم.


ومن خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) عرفنا جواز بل رجحان الموت أسفاً لأجل ما يجري من الأذيان والمحن على رعايا الدولة الإسلامية وان كانوا من أهل الذمة كما صار في واقعة غزو الأنبار من قبل أصحاب معاوية لعنة الله عليه وعليهم.


ومن أحاديث استحباب زيارة سيد الشهداء (عليه السلام) مع الخوف عرفنا جواز بل رجحان تحمل البلايا والمخاطر العظيمة حتى درجة القتل في سبيل ذلك.


فهل يبقى لذي قول مقال؟!


وهل بعد ذلك إلا القول بجواز بل رجحان واستحباب التطبير حزناً وجزعاً على أبي عبد الله صلوات الله وسلامه عليه؟!


وفي جوّ الإستدلال أيضاً:





شواهد ومؤيّدات




أ- من موارد الإدماء:


(عن مسلم الجصّاص قال: دعاني ابن زياد لإصلاح دار الإمارة بالكوفة، فبينما أنا أجصصّ الأبواب وإذا أنا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة، فأقبلت على خادم كان معنا فقلت: مالي أرى الكوفة تضجّ؟ قال: الساعة أتوا برأس خارجي خرج على يزيد، فقلت: من هذا الخارجي؟ فقال: الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: فتركت الخادم حتّى خرج ولطمت وجهي حتّى خشيت على عيني أن تذهب، وغسّلت يدي من الجصّ وخرجت من ظهر القصر وأتيت إلى الكناس. فبينما أنا واقف والناس يتوقّعون وصول السبايا والرؤوس إذ قد أقبلت نحو أربعين شُقّة تحمل على أربعين جملاً فيها الحرم والنساء وأولاد فاطمة (عليها السلام) وإذا بعليّ بن الحسين (عليهما السلام) على بعير بغير وطاء، دماً وأوداجه تشخب ، وهو مع ذلك يبكي ويقول:


يـــا أمــة السوء لا سقياً لربعكم يـــا أمّـــة لـــم تــــراع جدّنا فينا


لـــو أنّـــنا ورســــول الله يجمعنا يـــــوم القـــيامة ما كنتم تقولونا


بنـــي أمـية ما هذا الوقوف على تـــلك المــصائب لا تلبون داعينا


تصــــفّقون عـــلينا كفّــــكم فرحاً وأنتـــم في فجاج الأرض تسبونا


أليـــس جـــدّي رسول الله ويلكم أهدى البريّــة من سبل المضلّينا


يا وقعة الطـفّ قد أورثتني حزنا والله يهتك أســــتار المســـــيئينا


قال وصار أهل الكوفة يناولون الأطفال الذين على المحامل بعض التمر والخبز والجوز، فصاحت بهم أمّ كلثوم وقالت: يا أهل الكوفة إنّ الصدقة علينا حرام وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وأفواههم وترمي به إلى الأرض، قال كل ذلك والناس يبكون على ما أصابهم. ثمّ إنّ أمّ كلثوم أطلعت رأسها من المحمل، وقالت لهم: صه يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم، وتبكينا نساؤكم؟ فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء. فبينما هي تخاطبهنّ إذا بضجّة قد ارتفعت، فإذا هم أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسين (عليه السلام) وهو رأس زهريّ قمريّ أشبه الخلق برسول الله (صلى الله عليه وآله) ولحيته كسواد السبج(38) قد انتصل منها الخضاب، ووجه دارة قمرٍ طالع والريح تلعب بها يميناً وشمالا فالتفت زينب فرأت رأس أخيها فنطحت جبينها بمقدّم المحمل، حتّى رأينا الدّم يخرج من تحت قناعها وأومأت إليه بحرقة وجعلت تقول:


يــــا هــلالاً لمّـــا استتمّ كمالا غـــــاله خســــفه فأبدا غروبا


ما توهّمت يا شقــــيق فؤادي كان هذا مقدّراً مكتوبــا)(39)


وفي الزيارة المفجعة التي يقرأها زوّار العقيلة (عليها السلام) حين المثول بين يدي ضريحها المقدّس في مشهدها المبارك:


(السلام عليك يا من نطحت جبينها بمقدّم المحمل إذ رأت رأس سيد الشهداء، ويخرج الدم من تحت قناعها ومن محملها بحيث يرى من حولها الأعداء).


2- (عن إبراهيم بن أبي محمود قال: قال الرضا (عليه السلام): إنّ المحرّم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون فيه القتال فاستحلّت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأضرمت النيران في مضاربنا، وانتهب ما فيها من ثقلنا، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا. إنّ يوم الحسين أقرح(40) جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا بأرض كرب وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فإنّ البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام.


ثمّ قال (عليه السلام): كان أبي إذا دخل شهر المحرّم لا يرى ضاحكاً وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى يمضي منه عشرة أيام، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين صلى الله عليه)(41).


3- ومما جاء في زيارة الناحية المقدّسة، حيث يقول إمام زماننا (عليه السلام): (فلئن أخّرتني الدّهور، وعاقني عن نصرك المقدور، ولم أكن لمن حاربك محارباً، ولمن نصب لك العداوة مناصباً، فلأندبنّك صباحاً ومساء، ولأبكين لك بدل الدموع دماً، حسرةً عليك، وتأسّفاً على ما دهاك، وتلهّفاً حتّى أموت بلوعة المصاب، وغصّة الاكتئاب)(42).


4- وعن بحار الأنوار لشيخنا المجلسي (ره):


(إنّ آدم لمّا هبط إلى الأرض لم ير حوّا فصار يطوف الأرض في طلبها فمرّ بكربلا فاغتمّ وضاق صدره من غير سبب، وعثر في الموضع الّذي قتل فيه الحسين، حتّى سال الدّم من رجله، فرفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي هل حدث منّي ذنب آخر فعاقبتني به؟ فإنّي طفت جميع الأرض، وما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الأرض. فأوحى الله إليه يا آدم ما حدث منك ذنب، ولكن يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلماً فسال دمك موافقة لدمه، فقال آدم: يا ربّ أيكون الحسين نبيّاً؟ قال: لا، ولكنه سبط النبيّ محمّد، فقال: ومن القاتل له؟ قال: قاتله يزيد لعين أهل السماوات والأرض. فقال آدم: فأيّ شيء أصنع يا جبرائيل؟ فقال: العنه يا آدم فلعنه أربع مرّات ومشى خطوات إلى جبل عرفات فوجد حوّا هناك)(43).


5- وعنه أيضاً:


(إنّ إبراهيم (عليه السلام) مرّ في أرض كربلا وهو راكب فرساً فعثرت به وسقط إبراهيم وشجّ رأسه وسال دمه، فأخذ في الاستغفار وقال: إلهي أيّ شيء حدث مني؟ فنزل إليه جبرائيل وقال: يا إبراهيم ما حدث منك ذنب، ولكن هنا يقتل سبط خاتم الأنبياء، وابن خاتم الأوصياء، فسال دمك موافقة لدمه. قال: يا جبرائيل ومن يكون قاتله؟ قال: لعين أهل السماوات والأرضين، والقلم جرى على اللّوح بلعنه بغير إذن ربّه فأوحى الله تعالى إلى القلم إنّك استحققت الثناء بهذا اللّعن. فرفع إبراهيم (عليه السلام) يده ولعن يزيد لعناً كثيراً وأمّن فرسه بلسان فصيح فقال إبراهيم لفرسه:


أيّ شيء عرفت حتّى تؤمّن على دعائي؟ فقال: يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك عليّ فلما عثرت وسقطت عن ظهري عظمت خجلتي وكان سبب ذلك من يزيد لعنه الله تعالى)(44).


6- وعنه أيضاً كذلك:


(إنّ موسى كان ذات يوم سائراً ومعه يوشع بن نون، فلمّا جاء إلى أرض كربلا انخرق نعله، وانقطع شراكه، ودخل الحسك(45) في رجليه، وسال دمه، فقال: إلهي أيّ شيء حدث منّي فأوحى إليه أنّ هنا يقتل الحسين (عليه السلام) وهنا يسفك دمه، فسال دمك موافقة لدمه فقال: ربّ ومن يكون الحسين؟ فقيل له: هو سبط محمّد المصطفى، وابن عليّ المرتضى. فقال: ومن يكون قاتله؟ فقيل: هو لعين السمك في البحار، والوحوش في القفار، والطير في الهواء. فرفع موسى يديه ولعن يزيد ودعا عليه وأمّن يوشع بن نون على دعائه ومضى لشأنه)(46).


7- وفي كامل الزيارات:


(عن محمّد بن سنان - عمّن ذكره - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّ إسماعيل الّذي قال الله تعالى في كتابه: (واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً)(47)، لم يكن إسماعيل بن إبراهيم (عليهما السلام)، بل كان نبياً من الأنبياء، بعثه الله إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه، فأتاه ملك عن الله تبارك وتعالى فقال: إنّ الله بعثني إليك فمرني بما شئت، فقال: لي أسوة بما يصنع بالحسين)(48).


8- ومنه أيضاً:


(عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنّه كان لله رسولاً نبياً تسلّط عليه قومه فقشروا جلدة وجهه وفروة رأسه فأتاه رسول من ربّ العالمين فقال له: ربّك يقرؤك السلام ويقول: قد رأيت ما صنع بك؛ وقد أمرني بطاعتك، فمرني بما شئت، فقال: يكون لي بالحسين أسوة)(49).


وسنرى أحاديث أخرى عن المعصومين (عليهم السلام) في هذا المضمون في الفصل السادس من هذا الكتاب في طوايا كلمات علماء وفقهاء ومراجع الأمة، كقول الإمام الصادق (عليه السلام): (على مثل الحسين فلتشق الجيوب، ولتخمش الوجوه، ولتلطم الخدود)، ولا يخفى فإنّ لازمة خمش الوجوه هو الإدماء. وكذلك ما جاء منقولاً عن الإمام السجاد (عليه السلام) أنّه (كان إذا أخذ إناءً ليشرب يبكي حتى يملأه دماً)، وغير ذلك ممّا استدلّ به علماء الأمة وفقهاؤها واستشهدوا به.


ب - من موارد إلحاق الضرر بالنفس حتى الموت المؤيّدة بتقرير المعصوم (عليه السلام) ورضاه:


1- خطبة وصف المتقين في نهج البلاغة الشريف أشهر من نارٍ على علم بين أهل العلم وأهل الدين من خاصّتهم وعامّتهم. فلندقّق النظر في قصة هذه الخطبة. وإليك نصّ ما ذكره الشريف الرضي (ره) في نهج البلاغة:


(روي أنّ صاحباً لأمير المؤمنين (عليه السلام) يقال له همام كان رجلاً عابداً فقال له: يا أمير المؤمنين، صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم. فتثاقل (عليه السلام) عن جوابه ثم قال: يا همام اتق الله وأحسن فـ (إنّ الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)(50).


فلم يقنع همام بهذا القول حتى عزم عليه، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبي (صلّى الله عليه وآله) ثم قال (عليه السلام):


أمّا بعد .. .. إلى آخر الخطبة الشريفة.


قال: فصعق(51) همام صعقة كانت نفسه فيها. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أما والله لقد كنت أخافها عليه. ثم قال: أهكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها؟)(52).


تعليق:


قول سيد الأوصياء عليه أفضل الصلاة والسلام:


(أما والله لقد كنت أخافها عليه) يُشعرنا بأنّ هماماً كان متوقّعاً منه أن يكون الذي منه كان، حيث وقع مغشياً عليه وفارقت روحه الدنيا. وهذا يدلّ بنحو مؤكّد على جواز الإقدام على ما يلحق الضرر بالنفس ولو إلى درجة الموت مع العلم المسبق أو الظن الشديد قبل الشروع في بعضٍ من الحالات المعنوية كالتي كان الحديث عنها في هذه الواقعة. وقوله (عليه السلام): (أهكذا تصنع المواعظ بأهلها؟) تقرير واضح وإمضاء بيّن لحالة همام رضوان الله تعالى عليه بل هو في الحقيقة مدح بليغ وبيان جزل لسموّ المقام المعنوي والدرجة الإيمانية لهمام ومن كان مثله. وخلاصة القول هي: جواز بل رجحان إلحاق الضرر بالنفس ولو كان ذلك إلى درجة الموت في بعضٍ من الحالات المعنوية، فهمام رضوان الله تعالى عليه سمع أوصاف المتقين فصعق صعقة كانت نفسه فيها. فكيف لو سمع بما جرى على إمام المتقين وسيدّهم وحجة الله البالغة عليهم سيد الشهداء صلوات الله عليه:


(.. .. ولما ضعف الحسين (عليه السلام) عن القتال وقف يستريح فرماه رجل بحجر على جبهته فسال الدم على وجهه، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن عينيه، رماه آخر بسهم محدّد له ثلاث شعب وقع على قلبه فقال: بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله ورفع رأسه إلى السماء وقال: الهي إنّك تعلم أنهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري!! ثم أخرج السهم من قفاه وانبعث الدم كالميزاب فوضع يده تحت الجرح فلما امتلأت رمى به نحو السماء وقال: هوّن عليّ ما نزل بي أنه بعين الله فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض! ثم وضعها ثانياً فلما امتلأت لطخ به رأسه ووجهه ولحيته وقال: هكذا أكون حتى ألقى الله وجدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا مخضّب بدمي.. .. .. وأعياه نزف الدم فجلس على الأرض ينوء برقبته فانتهى إليه في هذا الحال مالك بن النسر فشتمه ثم ضربه بالسيف على رأسه وكان عليه برنس فامتلأ البرنس دما فقال الحسين (عليه السلام): لا أكلت بيمينك ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين.. .. فصاح الشمر: ما وقوفكم وما تنتظرون بالرجل وقد أثخنته السهام والرماح؟! احملوا عليه!


وا أســـــــــفاه حـــــملوا عــــليـــه مــــن كــــل جــــــانبٍ أتــــوا إليـه


قــــد ضــــربوا عــــاتقه المطــهرا بـضربةٍ كبى لها على الثرى(53)


وضربه زرعة بن شريك على كتفه الأيسر، ورماه الحصين في حلقه، وضربه آخر على عاتقه، وطعنه سنان بن أنس في ترقوته ثم في بواني صدر رماه بسهمٍ في نحره، وطعنه صالح بن وهب في جنبه. وأقبل الفرس يدور حوله ولطّخ ناصيته بدمه فصاح ابن سعد دونكم الفرس.. .. فلما أمن الطلب أقبل نحو الحسين يمرّغ ناصيته بدمه ويشمّه ويصهل صهيلاً عالياً.. قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) كان يقول: (الظليمة، الظليمة، من أمةٍ قتلت ابن بنت نبيها) وتوجّه نحو المخيم بذلك الصهيل.. .. ثم صاح بن سعد بالناس: انزلوا إليه وأريحوه فبدر إليه شمر فرفسه برجله وجلس على صدره، وقبض على شيبته المقدّسة، وضربه بالسيف اثنتي عشرة ضربة، واحتزّ رأسه المقدّس!!!!!


وأقبل القوم على سلبه، فأخذ إسحاق بن حوية قميصه، وأخذ الأخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي عمامته، وأخذ الأسود بن خالد نعليه.. .. وجاء بجدل فرأى الخاتم في إصبعه والدماء عليه فقطع إصبعه واخذ الخاتم.. .. وأراد رجل منهم أخذ تكّة سرواله وكان لها قيمة(54) وذلك بعد ما سلبه الناس يقول: أردت أن انزع التكّة فوضع يده اليمنى فلم اقدر على رفعها فقطعت يمينه فوضع يده اليسرى عليها فلم أقدر على رفعها فقطعتها وهممت بنزع السروال فسمعت زلزلة فخفت وتركته وغشي عليّ.. ..)(55).


أترى هماماً ماذا يصنع؟ سؤال أترك جوابه للمنصفين..


وماذا يقول سيد الأوصياء (عليه السلام) لقومٍ يلطّخون رؤوسهم بدمائهم حزناً وجزعاً على مصاب إمامهم من دون أن يلحقهم أي ضررٍ يذكر بعد أن قال ما قال عليه أفضل الصلاة والسلام في همامٍ الذي قضى نحبه في صعقةٍ لأجل موعظةٍ بالغة؟!


2- تحت نظر الإمام السجاد صلوات الله عليه وتقريره آلت الرباب (عليها السلام) أم عبد الله الرضيع على نفسها أن لا تسكن تحت ظل بعد أن بقي أبو عبد الله صلوات الله وسلامه عليه ثلاثاً على الثرى من دون ظل؛ وبقيت تتحمل آلام حرّ الحجاز وقرّه لم يظلها سقف بيت حتى ودّعت الدنيا بعد عاشوراء بسنةٍ واحدة. وهذا الأمر ليس بخفيّ إذ نقله مؤرّخو العامة(56) قبل الخاصة.


ويحضرني من الشعر ما يناسب المقام:


البـــــــدار البـــــــدار آل نـــــــــزال قد فنيتم ما بين بيض الشفار(57)


لا تــــــلد هــــــاشمية علــــــويــــــاً إن تــــــــركتم أميـــــــــةً بــــــقرار


طـــــأطأوا الروس إنّ رأس حسينٍ رفعـــــوه فـــوق القنا الخطّار(58)


لا تذوقوا المعيــــــن واقضوا ظمايا بعـــــد ظـام قضى بحدّ الغرار(59)


لا تــــمدّوا لكــــم عـن الشمس ظلاّ إنّ فـــــي الشمـــس مهجة المختار


حــــــقّ أن لا تـــــكفّنوا هـــــاشمياً بعــــــد مـــــا كفّـن الحسين الذاري


لا تشــــــقّوا لآل فــــــهرٍ قبـــــــوراً فــــــابن طـــه ملقىً بلا إقبار(60)


وبعد ما رأيت يا قارئي العزيز من حال سيدتنا الرباب سلام الله عليها وما تحمّلته من آلامٍ وأوجاع خلال سنةٍ كاملة حتى فارقت الدنيا؛ كلّ ذلك حزناً وجزعاً على سيد شباب أهل الجنّة عليه أفضل الصلاة والسلام. أفيحقّ لأحدٍ أن يعترض على مواكب التطبير الحسيني والتي لا يقاس ما فيها من حزنٍ وجزعٍ أبداً بأي وجه من الوجوه مع حزنٍ كحزن سيدتنا الرباب (عليها السلام)؟!


ولكن ماذا نقول إذا انقلبت الموازين، وانتكس الوجدان، ومات الإنصاف؟!










يتبع




من مواضيع : حيدر الحسناوي 0 العلـــــــــــــــــــــــــــم بالغيب
0 اسئلة وجوابها حول الامام المهدي
0 #### وظيفتنا في زمن الغيبة #########
0 دروس في التمهيد لظهور الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرج
0 القوانين المتبعة في القسم العقائدي للجميع / الرجاءالأطلاع

الصورة الرمزية حيدر الحسناوي
حيدر الحسناوي
عضو برونزي
رقم العضوية : 18236
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 879
بمعدل : 0.15 يوميا

حيدر الحسناوي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر الحسناوي

  مشاركة رقم : 15  
كاتب الموضوع : سني !! المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2008 الساعة : 12:13 PM






مراجع الأمّة وفقهاؤها ماذا قالوا؟ وماذا فعلوا؟







أعرض بين يديك يا قارئي العزيز إضمامة عطرة من كلم


ات وفتاوى مراجع الأمة وفقهائها وعلمائها في التطبير حزناً وجزعاً على سيد الشهداء صلوات الله وسلامه عليه مقتطفاً ذلك من هنا وهناك: تارةً من كتبهم، وأخرى من أجوبتهم ونصوص فتاواهم، وثالثةً من بياناتهم وأحوالهم، كلّ ذلك لا على نحو التتبع والتقصي، وإنما هي شذرات أزيّن بها كتابي هذا وأحاول من خلالها أن أضع صورةً واضحةً عن موقف علماء الأمّة ورجالاتها من التطبير الحسيني بين يديك الكريمتين أيها القارئ الفهيم:


1- ممّا كتبه مرجع الطائفة وفقيهها الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (ره) في جوابه على الاستفتاء الموجّه إليه من جماعة من ذوي الفضل من النجف الأشرف يسألونه عن المواكب الحسينية وشعائر العزاء الحسيني بكلّ أشكاله المعروفة بين شيعة أهل البيت (عليهم السلام):


(نحن إذا لم نقل باستحبابها ورجحانها لتوفر الأدلة من الأخبار والأحاديث المتظافرة المشعرة بمحبوبية تلك المظاهرات لأهل البيت (عليهم السلام) فلا أقلّ من القول بالجواز والإباحة)(1).


إلى أن يقول (ره):


(وما أحسب التعرّض للسؤال عن تلك الأعمال التي استمرت السيرة عليها منذ مئات من السنين وذلك بمشاهدة أعاظم العلماء لها وصلحاء أهل الدين مع عدم النكير من واحد منهم لا حديثاً ولا قديماً مع أنها بمرئي منهم ومسمع ما احسب وضعها في مجال السؤال والتشكيك إلاّ دسيسة أموية أو نزعة وهابية يريدون أن يتوصلوا بذلك إلى إطفاء ذلك النور الذي أبى الله إلا أن يتمّه ولو كره الكافرون كما إني لا ارتاب في انه لو تمت لهم هذه الحيلة ونجحت لا مسح الله هذه الوسيلة وعطلت تلك المواكب والمراسم في سنتين أو ثلاثة سرى الداء واستفحل الخطب وتطرّقوا إلى السؤال والتشكيك فيما يقام في بلاد الشيعة من المآتم وجعلوا ذلك باباً إلى إماتة تلك المحافل والمشاهد التي بإحيائها إحياء الدين وبإماتتها إماتة ذكر الأئمة الطاهرين سلام الله عليهم ومن له اقلّ إلمام ووقوف على المجتمعات والجمعيات التي عقدت في هذه الاعصار في مصر ودمشق وغيرها وما أصبحت تنشره من المقالات والمؤلّفات في إحياء ذكر بني أمية وتنزيههم وتبرير أعمالهم وتبرئتهم من قتل الحسن والحسين (عليهما السلام) والتنويه بذكر يزيد وانه من الخلفاء الراشدين والأئمة المرضيين عرف من أين سرى هذا السمّ الخبيث وجاءت تلك البلية التي تريد أن تقضي على حياة الشيعة وتزهق روح الشريعة ولا يروّج هذا إلا على السذّج والبسطاء والمغفلين الذين يقتلون الدين باسم الدين من حيث لا يشعرون فالرجاء والأمل من جميع إخواننا المؤمنين ثبتهم الله بالقول الثابت وأيدهم بروح منه ترك الخوض في مثل هذه الأمور المتسالم عليها خلفاً عن سلف والتي هي من أعظم الوسائل إلى نيل الشفاعة والدخول في سفينة النجاة وأبواب الرحمة وليصرفوا أوقاتهم الثمينة في الاتّفاق والتعاضد والتعاون على البر والتقوى فيما يعود إلى إصلاح شؤون دينهم ودنياهم وجمع كلمتهم على الحق والهدى إن شاء الله تعالى ولا يخوضوا في ما يوجب اختلاف الأمة وتفرقة الكلمة والله وليّ التوفيق وبه المستعان)(2).


وفي البيان الذي وجّهه إلى أهل البصرة بعد أن تتابعت عليه البرقيات تستفتيه وتسأله عن حكم الشريعة في الشعائر الحسينية عموماً قال (ره):


(أما الحكم الشرعي في تلك المظاهرات والمواكب فلا إشكال في أنّ اللطم على الصدور وضرب السلاسل على الظهور، وخروج الجماعات في الشوارع والطرقات بالمشاعل والأعلام مباحة مشروعة بل راجحة مستحبّة وهي وسيلة من الوسائل الحسينية وباب من أبواب سفينة النجاة وأما الضرب بالبطول والأبواق وأمثالها ممّا لا يعدّ من آلات اللهو والطرب فلا ريب أيضاً في إباحتها ومشروعيتها للإعلام والإشعار وتعظيم الشعار. وأما الضرب بالسيوف أو الخناجر والإدماء فهو كسوابقه مباح بمقتضى أصل الإباحة بل راجح بقصد إعلان الشعار للأحزان الحسينية نعم إلا أن يعلم بعروض عنوان ثانوي يقتضي حرمة شيء من تلك الأعمال الجليلة مثل كونه موجباً للضرر بتلف النفس أو الوقوع في مرض مزمن أما الألم الذي يزول بسرعة فلا يوجب الحرمة)(3).


وقد كتب (ره) بهذا الخصوص مصرّحاً في بيان ثالث وجهّه إلى شيعة أهل البيت (عليهم السلام):


(سألتم أعزكم الله في عدة برقيات وردت إلينا منكم ومراسلات تتابعت لدينا عنكم: عن المواكب الحسينية زاد الله شرفها وعما يجري فيها من ضرب الرؤس والصدور بالسلاسل والسيوف والإدماء وقرع الطوس والطبول والشبيه أو الخروج في الشوارع والأزقّة بالهيئات المتعارفة والكيفيات المتداولة في أكثر بلاد الشيعة نصرها الله سيّما في العتبات المقدّسة دام شرفها. ولعمري ما كنت أحسب أن هذا الموضوع يعرض على مطرقة النقد والتشكيك، أو يطرح في منطقة السؤال والترديد كيف وقد مرّت عليه الدهور والأحقاب وخضعت له أساطين الملة وأعلام الشريعة في جميع الاعصار والأدوار، ما أنكره منكر ولا اعترضه معترض، وهو بمرأى منهم ومسمع ومنتدى ومجمع، وقد كان يجري في القرن الماضي أزمنة السيد بحر العلوم وكاشف الغطاء قدّس الله أسرارهم من التشبيهات التي كانت تسمّى الدائرة ما هو أوسع وأشيع، واكثر وافر مما يجري في هذه العصور وفضلا عن سكوت أولئك الأساطين كانوا يمدونهم بالمساعدة، ويعضدونهم بالحضور والمشاهدة. وفي كشف الغطاء وجامع الشتات للمحقق القمّي وغيرهما من أقرانهما ما يشهد بذلك اكبر شهادة.


دع عنك هذه الشواهد والمشاهد وانظر إلى المسألة من وجهها العلمي ومن حيث القواعد والأدلة: أما أوّلاً: فالأصول الأولية تقضي بإباحة جميع تلك الأعمال وعلى مدعي الحرمة إقامة الدليل عليها والأصل مع المنكر ومطالبته بالدليل تضليل. وأمّا ثانياً: فكلّ واحد من تلك الأعمال على الإجمال ممّا يتخرّج لمشروعيته وجه وجيه عند المتظلع الفقيه من عمومات الأدلة ومحكمات القواعد المعقولة والمنقولة.


اللطم واللدم: من ذا يشك ويرتاب في رجحان مواساة أهل بيت الرحمة وسفن النجاة والتأسي بهم في الأفراح والأتراح والضرّاء والسرّاء، أو من ذا يشك أنّ أهل البيت سلام الله عليهم قد لطموا في فاجعة الطف وجوههم ولدموا صدورهم وقرّح البكاء خدودهم وعيونهم وجوههم ولدموا صدورهم وقرّح البكاء خدودهم وعيونهم وفي زيارة الناحية المقدّسة: (فبرزن من الخدور ناشرات الشعور لاطمات الخدود سافرات الوجوه)(4) ولا تقل إنّ هذا مخصوص بيوم الطف وما قاربه، فقد روى الصدوق رضوان الله عليه إنّ دعبل لما أنشد الرضا (عليه السلام) تائيّة المشهورة التي فيها: (إذاً للطمت الخدّ فاطم عنده.. الخ) لطمت النساء وعلا الصراخ من وراء الستر وبكى الرضا (عليه السلام) في إنشاد القصيدة حتى أغمي عليه مرتين.. فإذاً جاز للرضا (عليه السلام) أن يتعرّض لسبب الإغماء الذي هو أخ الموت فلماذا لا يجوز لشيعته ضرب الرؤس والظهور ولدم الصدور وأمثالها مما هو دون الإغماء بكثير)(5).


إلى أن يقول (ره):


(ضرب الرؤس والظهور بالسيوف والسلاسل: لا ريب إن جرح الإنسان نفسه وإخراج دمه بيده في حدّ ذاته من المباحات الأصلية ولكنه قد يجب تارة وقد يحرم أخرى وليس وجوبه أو حرمته إلا بالعناوين الثانوية الطارئة عليه وبالجهات والاعتبارات فيجب كما لو توقّفت الصحة على إخراجه كما في الفصد والحجامة وقد يحرم كما لو كان موجباً للضرر والخطر من مرض أو موت وقد تعرض له جهة تحسّنه ولا توجبه، وناهيك بقصد مواساة سيد أهل الإبا وخامس أصحاب العبا وسبعين باسل من صحبه وذويه، حسبك بصد مواساتهم وإظهار التفجّع والتلهّف عليهم وتمثيل شبح من حالتهم مجسّمة أمام عيون محبيهم، ناهيك بهذه الغايات والمقاصد جهات محسّنة وغايات شريفة ترتقي بتلك الأعمال من أخسّ مراتب الحطّة إلى أعلى مراتب الكمال.


وإنّ الآلى بالطفّ من آل هاشمٍ تـــــأسّوا فسنّوا للكرام التأسّيا


إما ترتّب الضرر أحياناً بنزف الدم المودي إلى الموت أو إلى المرض المقتضي لتحريمه، فذاك كلام لا ينبغي أن يصدر من ذي لب فضلا عن فقيه أو متفقّه: أمّا أولاً: فلقد بلغنا من العمر ما يناهز الستين وفي كل سنة تقام نصب أعيننا تلك المحاشد الدموية وما رأينا شخصاً مات بها أو تضرر ولا سمعنا به في الغابرين. وأمّا ثانياً: فتلك الأمور على فرض حصولها إنما هي عوارض وقتية، ونوادر شخصية، لا يمكن ضبطها ولا جعلها مناطاً لحكم أو ملاكاً لقاعدة، وليس على الفقيه إلا بيان الأحكام الكلية أما الجزئيات فليس من شأن الفقيه ولا من وظيفته والذي علينا أن نقول: إنّ كل من يخاف الضرر على نفسه من عمل من الأعمال يحرم عليه ارتكاب ذلك العمل. ولا أحسب إنّ أحد الضاربين رؤسهم بالسيوف يخاف من ذلك الضرب على نفسه ويقدم على فعله، ولئن حرم ذلك العمل عليه فهو لا يستلزم حرمته على غيره وأما ما ورد في الأخبار وذكره الفقهاء في كتاب الحدود والديات من أقسام الشجاج كالحارصة: وهي التي تقشر الجلد، وفيها بعير، والدامية، وهي التي تأخذ من اللحم يسيراً، وفيها بعيران، وهلمّ جرّا إلى الهاشمة وفيها عشرة. فمعلوم إن المراد ما لو جناه إنسان على أخر عدواناً لا ما إذا فعله الإنسان بنفسه، ضرورة إن الإنسان لا يملك على نفسه شيئاً وهذا ممّا لا أظنه يخفى على جاهل فضلاً عن فاضل. هذا وانّ بالأصل الذي شيدناه من إنّ المباح قد تعرض له جهات محسّنة يتضح لك الوجه في جميع تلك الأعمال العزائية في المواكب الحسينية)(6).


وقد ختم رحمه الله بيانه وفتواه بهذا الكلام المتين السديد فقال:


فذلكة(7) المقام وخلاصة الفتوى:


إنّ واقعة الطف وما جرى فيها من زوابع الفجائع واقعة خرقت النواميس الطبيعية والغرائز البشرية فضلا عن الشرائع الإلهية، وما رأت عين الدهر ولا سمعت واعية إلا زمان بواقعة مثلها ولا تسمع بمثلها أبدا، وكما أنها أخذت بمجامع الغرابة والتفرد في بابها فكذلك أحكامها غريبة الشكل عديمة النظير بديعة الأسلوب متفردة في بابها:


الجزع والبكاء في المصائب مهما عظمت قبيح مكروه ولكن صادق أهل البيت سلام الله عليه وعليهم يقول في حديث معتبر: (البكاء والجزع كله مكروه إلا على الحسين صلوات الله عليه).


شقّ الجيوب على الفقيد وخمش الوجوه محرّم في الأشهر ولكن صادق أهل البيت سلام الله عليه يقول في حديث وثيق: (على مثل الحسين فلتشق الجيوب، ولتخمش الوجوه، ولتلطم الخدود).


إيذاء النفس وإدماء الجسد مرغوب عنه مذموم سيما من الأعاظم وأرباب العزائم، والحجة عجل الله فرجه يقول في زيارة الناحية: (فلاندبنّك صباحاً ومساءاً، ولأبكينّ عليك(8) بدل الدموع دماً) وقد سبقه إلى ذلك جدّه زين العابدين (عليه السلام) ففي بعض روايات المجلسي على ما يعلق ببالي من زمن متقادم: أنّ زين العابدين كان أحيانا إذا قدّم إليه قدح فيه ماء بكى حتى يملأه دما. وعلى هذه الوتيرة فاسحب وجرّ سائر الأعمال التي يؤتى بها بقصد الحزن والتوجع لفاجعة الطف وإنها لعمر الله باب الرحمة الواسعة وسفينة النجاة من كل هلكة ومن ذا يقدر على سدّ باب رحمة الله، أو يقطع أعظم الذرائع والوسائل إلى الله)(9).


2- ومما جاء في الفتوى المشهورة والمعروفة بين أهل العلم والفقه التي أصدرها المرجع الديني المعروف المحقق الشيخ محمّد حسين النائيني (ره) حيث كتب بخط يده:


(لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حدّ الاحمرار والاسوداد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحد المذكور، بل وإن تأدّى كلّ من اللطم والضرب إلى خروج دم يسير على الأقوى، وأما إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى جواز ما كان ضرره مأموناً. وكان من مجرد إخراج الدم من الناصية بلا صدمة على عظمها ولا يتعقّب عادة بخروج ما يضر خروجه من الدم ونحو ذلك، كما يعرفه المتدرّبون العارفون بكيفية الضرب، ولو كان عند الضرب مأموناً ضرره بحسب العادة، ولكن اتفق خروج الدم قدر ما يضر خروجه لم يكن ذلك موجباً لحرمته ويكون كمن توضأ أو اغتسل أو صام آمناً من ضرره ثم تبيّن تضرره منه، لكن الأولى، بل الأحوط، أن لا يقتحمه غير العارفين المتدرّبين ولا سيما الشبّاب الذين لا يبالون بما يوردون على أنفسهم لعظم المصيبة وامتلاء قلوبهم من المحبة الحسينية ثبّتهم الله تعالى بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة)(10).


وقد أمضاها وأيّدها مراجع الطائفة وفقهاؤها الذين كانوا في عصره، والذين جاءوا من بعده أيضاً إلى يومنا هذا. ومن أبرز أولئك الذين أعلنوا موافقتهم وإمضاءهم لما جاء في فتوى الشيخ النائيني (ره):


1- السيد محسن الحكيم (ره).


2- السيد عبد الهادي الشيرازي (ره).


3- السيد حسين الحمّامي (ره).


4- الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (ره).


5- الشيخ محمد كاظم الشيرازي (ره).


6- السيد علي مدد الموسوي القايني (ره).


7- السيد جمال الدين الكلبايكاني (ره).


8- السيد محمود الشاهرودي (ره).


9- السيد أبو القاسم الخوئي (ره).


10- الشيخ محمّد حسين المظفّر (ره).


11- السيد مهدي الشيرازي (ره).


12- الشيخ محمّد رضا الطبسي النجفي (ره).


وأكتفي بهذا العدد المبارك تيمناً وإلاّ فالأسماء كثيرة جداً. ويمكنك يا قارئي العزيز أن تراجع الكتب التالية نقلت فتوى الشيخ النائيني (ره) وفتاوى غيره من المراجع والفقهاء سواء الذين ذكرت أسماءهم على سبيل المثال أو الذين لم أذكر أسماءهم وهم كثير جداً:


1- نصرة المظلوم الشيخ حسن المظفّر (ره) طبعة النجف الأشرف 1345 هـ، المطبعة العلوية.


2- أحسن الجزاء في إقامة العزاء على سيد الشهداء (عليه السلام)، الجزء الثاني السيد محمّد رضا الحسيني الأعرجي طبعة قم المقدّسة 1401 هـ، المطبعة العلمية.


3- حول البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) السبط الشهيد الشيخ محمّد الشيخ محمّد علي دانشيار طبعة قم المقدّسة 1405 هـ.


4- فتاوى العلماء الأعلام في تشجيع الشعائر الحسينية طبعة قم المقدّسة 1410 هـ.


5- عزاداري أو ديدكاه مرجعيت شيعه (فارسي) الشيخ علي رباني خلخالي طبعة طهران 1415 هـ، مطبعة بهرام.


6- الدعاة الحسينية للشيخ محمّد علي نخجواني بضميمه فتاوى مراجع عاليقدر تشيع بيرامون عزادارى سيد الشهداء (عليه السلام) (فارسي) طبعة قم المقدّسة 1406 هـ، مطبعة مهر.


إلى غير ذلك من الكتب الكثيرة الوفيرة في هذا المضمار.


3- وهذه نماذج أخرى من فتاوى مراجع الأمة وفقهائها في الشعائر الحسينية عموماً والتطبير حزناً وجزعاً على الحسين المظلوم (عليه السلام) خصوصاً:


أ- (الذي يستفاد من مجموع النصوص ومنها الأخبار الواردة في زيارة الحسين المظلوم ولو مع الخوف على النفس، يجوز اللطم والجزع على الحسين كيفما كان حتى لو علم بأنّه يموت في نفس الوقت)(11).


الشيخ خضر شلاّل النجفي (ره)


ب ـ (لا تنبغي الشبهة في هذه الأمور بل لو أفتى فقيه متبحّر بوجوبها كفاية في مثل هذه الأزمنة التي صمّم فيها جمع على إطفاء نور أهل البيت لا يمكن تخطئته)(12).


الشيخ عبد الله المامقاني (ره)


ج- (كل ما يصنع من عزاء الحسين (عليه السلام) وما فيه تهييج العبرة والبكاء بجميع صوره وأنحائه ما لم يكن موجباً لهلاك النفس راجح شرعاً)(13).


الشيخ عبد الرسول الجواهري (ره)


د- (يظهر من تكرار هذه الأسئلة بين آونةٍ وأخرى أنّ زمرة من أعداء الإسلام يرون عظم تأثير هذه المواكب والمآتم المشتملة على إظهار الأسى بشتّى الأساليب ومختلف الأشكال في حفظ كيان الإسلام فيقعدون في المرصد ويكفرون في القضاء على هذه الدعاية الدينية وإخماد هذه الشعائر الحسينية بخلق إشكالات تافهة ومناقشات واهية لا نصيب لها من الحقيقة، ولا حظّ لها من الواقع. وقد سألوا قبلنا من مشايخنا العظام ومراجع المسلمين فأجابوهم بفتاواهم الصريحة بجواز هذه الأمور وقد طبعت ونشرت مرات عديدة، وأنها من الشعائر التي ينبغي أن تعظّم وأنا أؤيدهم وأوافقهم)(14).


السيد محمّد جواد التبريزي (ره)


هـ ـ (إنّ من أهم وسائل النجاة وأوثق أسباب التوسل إقامة الشعائر الحسينية وتعظيمها وإدامتها فإنّها من شعائر الله جلّت عظمته)(15).


السيد عبد الأعلى السبزواري (ره)


و- (إنّ اللطم على الصدور ونحوه هو ممّا استقرّت عليه سيرة الشيعة في العصور السابقة والأزمنة الماضية، وفيها الأعاظم والأكابر من فقهاء الشيعة المتقدمين والمتأخرين، ولم يسمع، ولن يسمع أنّ أحداً منهم قد أنكر ذلك ومنع، ولو فرض أنّ هناك من منع لشبهة حصلت له، أو لاعوجاج في السليقة، فهو نادر، والنادر كالمعدوم. وبالجملة، إنّ من ناقش في عصرنا هذا في جواز اللطم على الحسين (عليه السلام) ورجحانه واستحبابه فهو لا يخلو عن خلل لا محالة إما في عقله أو في دينه أو في نسبه، والله أعلم بحقيقة حاله. ومن جميع ما ذكر إلى هنا يعرف حكم الضرب بالسلاسل على الظهور، فإنه من الجزع المستثنى لقتل الحسين (عليه السلام) فلا ريب في جوازه، بل رجحانه. وأما التطبير فإذا لم يكن بحد الضرر أو خوف الضرر فلا بأس به، وفعلُ زينب بنت عليّ (عليها السلام) من نطح جبينها بمقدّم المحمل حتى جرى الدم، معروف مشهور لا ينكر، مضافاً إلى التطبير على الشرط المذكور لا دليل على حرمته، ولو شكّ، فالأصل حلّيته، وتوهّم أنّ ذلك من الإلقاء في التهلكة المحرّم فعله فاسد جداً بعد أن فرض كونه دون حد الضرر أو خوف الضرر بل لو اقتصر على مجرد الإدماء بمقدار يخضّب به الرأس والوجه كالتدهين لا أكثر فلا يبعد رجحانه لما فيه من نحو مواساة وعزاء، ومن ناقش في جوازه حتى بهذا المقدار فهو من أهل الغرض والمرض، فزادهم الله مرضاً)(16).


السيد مرتضى الفيروز آبادي (ره)


ز- (نرى من أعظم القربات إلى المولى جلّ سلطانه، وأقرب الوسائل إلى النبي الأعظم وآله صلوات الله عليه وعليهم، تلك المآتم والشعائر الحسينية، إذ بها يحيى أمر الأئمة (عليهم السلام)، بل بها تقوم قائمة التبشير الديني والتبليغ المذهبي، وإليك فوائد إقامة العزاء على مظلوم الخافقين بجميع مالها من الأنواع والأنحاء من ذكر مناقبه على المنابر ومصائبه في المجالس وإنشاء المراثي في اضطهاده والبكاء عليه وعلى أولاده وأصحابه وعياله واللطم على الخدود والصدور والضرب بالسلاسل على الظهور وسير المواكب في الطرقات والشوارع بل التطبير والشبيه والضرب بالدمام واقتحام النار، وهي أمور: ...)(17).


إلى أن يقول (ره):


(وهنا شبهات حول الشعائر وحدها ولو لم تسدّ أفواه المشككين بالبراهين ورأوا مجالاً لإلقاء الشبهات لزادوا فيها وتجاوزوا الشعائر إلى إقامة العزاء، بل إلى زيارة المشاهد المشرّفة والبكاء عليهم، إذ المعاند لا يقنع بالقليل، وقد ابتلينا نحن الشيعة بخصماء من الخارج والداخل وشاهدنا منهم ما شاهدنا وسمعنا منهم ما سمعنا والى الله المشتكى، وهي أمور:


الأول: إنه لم تعهد هذه الأمور في زمن المعصومين (عليهم السلام) وهم أهل المصيبة وأولى بالتعزية على الحسين (عليه السلام) ولم يرد في حديث أمر بها منهم، فهذه أمور ابتدعها الشيعة وسمّوها الشعائر المذهبية والمأثور أنّ كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.


والجواب واضح جداً إذ ليس كل جديد بدعة إذ البدعة المبغوضة عبارة عن تشريع حكم اقتراحي لم يكن في الدين ولا من الدين والروايات الواردة في ذم البدعة والمبتدع ناظرة إلى التشريع في الدين، بل هي واردة مورد حكم العقل بقبح التشريع من غير المشرّع بعنوان أنه شرع إلهي ومستمد من الوحي السماوي، وإلا فأين محل الشبهات الحكمية التي وردت الروايات بالبراءة فيها وحكم العقل بقبح العقاب عليها. وبديهي أنّ الشعائر الحسينية ليست كذلك كيف والإبكاء مأمور به وهو فعل توليدي يحتاج إلى سبب وهو إما قولي كذكر المصائب وإنشاء المراثي، أو عملي كما في عمل الشبيه فللفقه أن يحكم بجواز تلك الشعائر لما يترتب عليها من الإبكاء الراجح البتة، كما أنّ التعزية عنوان قصدي، ولا بدّ له من مبرز ونرى أنّ مبرزات العزاء في الملل مختلفة، وما تعارف عند الشيعة ليس مما نهى عنه الشرع أو حكم بقبحه العقل، وعلى المشكك أن يفهم المراد من البدعة ثم يطبقها على ما يشاء إن أمكن.


الثاني: إنّ سير المواكب في الشوارع في الوقت الحاضر يوجب استهزاء الأجانب علينا.


والجواب: إنّ كل ملة لها مراسيم مذهبية واجتماعية، وليس ما عند الأجانب بألطف مما عندنا مضافاً إلى أنّ الدين لا يهجر ولا يتغيّر بمسخرة المعاند، بل أليس لنا أن نسخر ممن يرى الدعارة فخراً والغدر هدى والجناية تقدّماً ثمّ يتهمنا بالرجعية؟ نعم بعثهم على الاستهزاء بنا تخدير أعصابنا واستغلال وحدتنا المذهبية الكبرى.


الثالث: إنّ تلك النفقات لو صرفت في تعديل النظام الاقتصادي لكان أحسن لو لم نقل بأنّ صرف المال فيما لا يفيد إسراف بغيض والجواب: إنّ خير المال ما يوصل به الإمام (عليه السلام)، وقد ورد في الأخبار مثوبات كثيرة لمن يراعي مصلحة الإمام (عليه السلام) ويصرف المال في شؤونه، وياليت المشكّك يرى بأنّ النظام الاقتصادي إنما يحصل بالاجتناب عن الكسل والبطالة وعن صرف المال في الملذّات المخزية.


الرابع: إنّ ضرب السلاسل على الظهور والتطبير والاقتحام في النار إضرار بالنفس وهو حرام، ولا يؤتى المستحب من طريق الحرام.


والجواب: انه لم يدل دليل على أنّ أمثال تلك الأمور مع عدم الانجرار إلى قتل النفس أو نقص الطرف حرام، فالتطبير مثلاً على النحو المتداول مع الأمن من تلف النفس لاسيما من المحنّك المدرّب ليس بإضرار دل الدليل على حرمته، وكذا الاقتحام في النار على النحو الذي سمعناه ليس بنفسه سبباً لهلاك النفس فلا يشمله قوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم)(18). وقول المعصوم (عليه السلام): المؤمن لا يقتل نفسه، وبالجملة إيراد الجرح على الطرف إطلاقه ليس بحرام، فكيف بضرب السلاسل على الظهور؟ ولقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن عليّ (عليهما السلام) وعلى مثله تلطم الخدود وتشقّ الجيوب)(19).


السيد على الفاني (ره)









يتبع






من مواضيع : حيدر الحسناوي 0 العلـــــــــــــــــــــــــــم بالغيب
0 اسئلة وجوابها حول الامام المهدي
0 #### وظيفتنا في زمن الغيبة #########
0 دروس في التمهيد لظهور الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرج
0 القوانين المتبعة في القسم العقائدي للجميع / الرجاءالأطلاع

الصورة الرمزية حيدر الحسناوي
حيدر الحسناوي
عضو برونزي
رقم العضوية : 18236
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 879
بمعدل : 0.15 يوميا

حيدر الحسناوي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر الحسناوي

  مشاركة رقم : 16  
كاتب الموضوع : سني !! المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2008 الساعة : 12:19 PM





- وهذه مقتطفات من كتب علماء الأمة وفقهائها ورجالاتها:





أولاً: نصرة المظلوم






للشيخ حسن المظفّر (ره)


في ص 10:


(.. .. وأنت إذا تيقنت قيام تلك الفائدة الجلية بالمآتم الحسينية قياماً طبيعياً أرشدت إليه الأئمة (عليهم السلام) الأطهار بهاتيك الأخبار لزمك الالتزام بوجوبها كفاية ووجوب كلما يفيد مفادها كذلك من تمثيل الفاجعة لحاسة البصر أو سير مواكب الرجال في الأزقّة والشوارع مذكرةً بها. ولم تحتج بعد تلك الفائدة الملموسة باليد إلى نضد الأدلّة على مشروعيتها إذ أنها بهذا البيان الذي يشهد به الوجدان أجلّ من أن يرتاب مريب في رجحانها بل وجوبها كفايةً).


وفي ص 32 :


(فأني مذ أدركت لليوم ما رأيت ولا سمعت أن واحداً مات بذلك في أيّ بلد فضلاً عن جماعة في كلّ سنة ولقد سئلت كثيراً ممن جاوز السبعين والثمانين من سني عمره من ثقات أهل النجف وكربلاء والكاظمية وغيرهم من علماء البلدان وصلحائهم وكل أنكر أن يكون رأى أو سمع أنّ واحداً من أولئك تألّم ألماً يوجب مراجعة الجرّاح أو المضّمد فضلاً عن موته).


وفي ص 33 و ص34:


(قوله(20) ولو قطعنا النظر عن هذه الجهة: وهي نزف الدم، فهو فعل همجي وحشي مثل الضرب بسلاسل من الحديد - أقول: إذا قطع النظر عن تلك الجهة التي هي علة التحريم فكونه فعلاً همجياً لا يفي بالحكم المقصود - لو يعلم إلا إن يدل البرهان على إن كل عبث وفعل لا ترتكبه العقلاء لهمجيته هو محرّم، وأنّى لأحدٍ بإثباته. على أن عدّه فعلاً همجياً وحشياً إنما هو بنظر من لم يعرف حكمته ولم يطّلع على المقصود منه.. .. .


إلى أن يقول (ره):





وأنا استسلف العذر عن حزازة القدح اللساني الظاهري فقط بأعظم شعائر الله وحرماته: (الحج) ليس الحج إلا طواف حول بنيّة، وسعي وهرولة بين رابيتين، ووقوف على جبل، وهبوط في وادي ورمي أحجار على أحجار، في هيئة مقرحة من كشف الرؤوس لحر الشمس وتوفير الشعر وعري البدن إلا عن نحو إزار ورداء لاشكّ إن غير العارف برموزها وحكمها وأسرارها يستهزأ بها ويعدّها ضربا من الجنون والتوحش، وفعلاً من أظهر أفعال الهمجية أفهل يصلح للعارف برموزه وحكمه إن يمنع منه لمجرد عدّه عند الجاهل همجياً ولقد وقع الاستهزاء جهاراً بتلك المناسك العلية الأسرار الدقيقة الحكم والسخرية بها من قبل الماديين الأقدمين كعبد الكريم بن أبى العوجاء، وعبد الله الديصاني واضرابهما وخلّدت كتب الحديث إنكارهما عن مولانا الصادق (عليه السلام) وإنكار المتأخرين اظهر من ذلك.. ..).


وفي ص 36:


(.. .. . وهذه وما بعدها بنظري عمدة الأدلة على جواز إدماء الرؤوس بالسيوف بل واستحبابه وذلك إنّ كل ما يفعله الشيعة من الضرب بسلاسل الحديد وبالقامات وغيرها هو دون الجزع المرغّب فيه. الضرب بالسيوف والقامات على الرؤوس هو مظهر من مظاهر الجزع وليس بجزع حقيقة فان الجزع أمر معروف في اللغة والعرف وهو ضد الصبر نحو أن ينتحر الرجل العاقل أو يلقي نفسه من شاهق لحادثة تحدث تغلب صبره وتورده الهلاك وأين هذا من جرح الرأس بسكين أو سيف جرحاً خفيفاً يوجب خروج الدم ولا يؤلم إلا بمقدار ما تولم الحجامة وغيرها مما يرتكب لأغراض عقلائية سياسية أو طبية).


وفي ص 37 و ص 38 و ص 39:


(ولقد كان شيخنا العلاّمة شيخ الشريعة(21) قدس سره بهذا الاعتبار وبتلك الأخبار يصحح الخبر المرسل الذي استبعده بعض العظماء من إن عقيلة عليّ الكبرى لمّا لاح لها رأس الحسين (عليه السلام) وهو على رمح والريح تلعب بكريمته نطحت جبينها بمقدم المحمل حتى سال الدم من تحت قناعها، ويقول أنه لا استبعاد فيه إلا من جهة ظهور الجزع منها وإيلام نفسها والإيلام الغير المؤدي إلى الهلاك لا دليل على عدم جوازه والجزع مندوب إليه ومرغوب فيه في كثير من الأخبار.


قلت الظاهر من الأخبار جواز الهلع أيضاً، وهو على ما ذكروا أفحش الجزع، ويظهر من الخبر الصحيح الذي تدل مضامينه على صحته المروي في (الكامل) عن قدامة بن زائدة عن السجّاد (عليه السلام) انه قد صدر منه الهلع لو استطاعه، وروى المجلسي أعلى الله مقامه، والسيد عبد الله شبر رفع الله درجته، في كتاب (جلاء العيون): إنّ زين العابدين (عليه السلام) كان إذا اخذ إناءاً ليشرب يبكي حتى يملأه دماً.. .. .).


إلى أن يقول (ره):


(وإذا ساغ للسجّاد أن يسيل الدم باختياره من عضو من أعضائه ببكاء الدم أو بتقريح الجفن جزعاً وهلعاً على رزية الحسين فما هو إذا شأن ما يصدر من الشيعة من ضرب السلاسل والقامات؟! وهل سيلان دم السجّاد في الإناء أهون من انتثار قطرات من دم رأس الجريح على ثيابه حزناً على تلك الفادحة العظيمة؟!


ثم أقول بهذا الاعتبار أيضاً مضافاً إلى ما سلف من قوله (عليه السلام): (على مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب) يرفع الاستبعاد عما روي في الكتب من أنّ عقيلة آل محمّد صلوات الله عليهم في موارد عديدة لطمت وجهها وشقّت جيبها وصاحت ودعت بالويل والثبور، فإنه لا حامل لها على شق الجيب إلا الجزع في مصاب حق أن تشق له القلوب لا الجيوب كما صرّح بذلك سيدنا العلاّمة السيد إسماعيل الصدر قدس سره في بعض حواشيه.


وكيف لا تفعل ذلك في مصاب جزع له وبكى إبراهيم خليل الرحمن وموسى كليمه كما في الخبر، وفي آخر أنّ فاطمة (عليها السلام) لما أخبرها النبي (صلى الله عليه وآله) بقتل الحسين جزعت وشقّ عليها وفي خبر آخر إنها تنظر كل يوم إلى مصرع الحسين (عليه السلام) فتشهق شهقةً تضطرب لها الموجودات وفي غيره أنّ أبا ذر لما أخبر الناس بمصيبة الحسين قال ما معناه: (لو علمتم بعظم تلك المصيبة لبكيتم حتى تزهق نفوسكم). ومن الأدلة على ذلك مضافاً إلى ما سلف وان كان فيه غنى وكفاية ما دل على إدماء الله كثيراً من أنبيائه لأجل أن يحصل لهم الفوز بدرجة المواساة للحسين (عليه السلام) فمن ذلك المروي في البحار والأنوار أنّ آدم (عليه السلام) لما انتهى في طوافه في الأرض إلى كربلاء عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام) حتى سال الدم من رجله. وكذلك إبراهيم (عليه السلام) لما مرّ بها عثر فرسه فسقط وشج رأسه وسال دمه.


وكذلك موسى (عليه السلام) حين جاء كربلاء انخرق نعله وانقطع شراكه ودخل الحسك في رجليه وسال دمه. وكل هؤلاء لمّا ذعروا من ذلك وخشوا أن يكون ذلك لذنب حدث منهم أوحي الله إلى كل واحد منهم أن لا ذنب لك ولكن يقتل في هذه الأرض الحسين بن عليّ (عليهما السلام) وقد سال دمك موافقة لدمه. فان في هذا الإعثار والإدماء من الله لا عن ذنب والتعليل بكونه موافقة لدم الحسين دلالة جلية على جواز إدماء الإنسان نفسه مواساة له لان سيلان دمائهم مع كونه غير مقصود لهم إذا كان محبوباً لمجرد الموافقة في السيلان فالمقصود إسالته مواساة لهم أولى بالمحبوبية.


إن التأسي بالحسين مندوب إليه وقد رغب فيه الغلام الزكي يحيى بن زكريا والصادق الوعد إسماعيل وهذا لما سلخ قومه جلدة وجهه ورأسه قال لي أسوة بالحسين (عليه السلام) بل روي أن غنمه التي كانت ترعى في شاطئ الفرات لما امتنعت من ورود الماء وسألها عن سبب الامتناع قالت هذه المشرعة يقتل عليها الحسين (عليه السلام) فنحن لا نشرب مواساة له.. .. .).


وفي ص 46 و ص 47 و ص 48 و ص 49:


(السيد الميرزا محمّد حسن الشيرازي(22) نزيل سامراء وهو الذي انتهت إليه رئاسة الإمامية في عصره في جميع العالم وعدّ مجدداً للمذهب الجعفري على رأس القرن الثالث عشر كما إن الوحيد البهبهاني محمّد باقر بن محمّد اكمل مجدده في القرن الثاني عشر.. . قد كان أنفذ كلمة على عموم الشيعة ملوكها وسوقتها من كل سابق ولا حق. وقد يوجد اليوم في كل بلدة كثير ممن يعرف اشتهاره ونفوذه وكان مع علمه بوقوع الشبيه وخروج المواكب وما يحدث فيها من حوادث وبضرب القامات والسيوف في بلدان الشيعة في العراق وإيران وعدم وقوع الإنكار منه أصلاً تقام جميع الأعمال المشار إليها في سامراء محل إقامته نصب عينيه بلا إنكار. قد يظنّ الظانّ لأول وهلة أنه (قدس الله سره) لا يرى رجحان ذلك بالنظر إلى حال محيطه لأن جميع من في البلدة عدا النزلاء من غير الفرقة الجعفرية وفيها أخلاط من غير المسلمين وفي ذلك مجال الاستهزاء والسخرية وقد سألت كثيراً ممّن كان يقطن سامراء في أيامه فكان اقلهم مبالغة في تعظيمه لشأن المواكب والشبيه شيخنا المتقن المتفنن الشيخ محمّد جواد البلاغي النجفي وعنه أنقل ما يلي:


كان الشبيه يترتّب يوم العاشر في دار الميرزا (قدس سره) ثم يخرج للملأ مرتّباً، وكذلك موكب السيوف، كان أهله يضربون رؤسهم في داره ثم يخرجون وكانت أثمان أكفانهم تؤخذ منه، وما كان أفراد الشبيه سوى الفضلاء من أهل العلم لعدم معرفة غيرهم بنظمه في قول وفعل، وأما المواكب اللاطمة في الطرقات تتألف من أهل العلم وغيرهم.. .. .


إلى أن يقول (ره):




ودام هذا كله بجميع ما فيه إلى آخر أيام خلفه الصالح الورع الميرزا محمّد تقي الشيرازي(23) (قدس سره) وكان الشبيه يترتب أيضاً في داره ومنه تخرج المواكب وإليه تعود..).


ويستمر (ره) قائلاً:


(إن بعد عليك عهد الشيخ الأنصاري والسيد الشيرازي فهذا بالأمس الأفقه الأورع الشيخ محمّد طه نجف (قدس سره) يرى في النجف بل العراق جميع الأعمال المشار إليها وهو أقدر على المنع فلا يمنع. إنّ المواكب جميعاً حتى موكب القامات تدخل إلى داره وهي بتلك الهيئات المنكرة على ما يقول(24) وهو لا يحرك شفته بحرف من المنع بيد انه يلطم معهم ويبكي وهو واقف مكانه.


الشيخ المذكور يقيم مأتم الحسين (عليه السلام) في داره عصراً فتغصّ بالعلماء والصلحاء وأهل الدين وفي يوم معين من كل سنة يقع في المأتم نفسه تمثيل بعض وقائع الطف ولا منكر منه ولا منهم وهب انه لا يستطيع تعميم المنع لكنه يستطيع منع أن يصنع ذلك في داره أو أن تدخل المواكب داره.. .. .


وكذا العلاّمة المتقن المتبحّر السيد محمّد آل بحر العلوم الطباطبائي يقام في داره أعظم وأفخم مآتم النجف يحضره جميع أهل العلم ويقع فيه التمثيل الذي يقع في دار الشيخ زيادةً هذا غير كون الدار المذكور موئلاً لجميع المواكب، وبها تضرب أرباب السيوف رؤوسها من لدن أيام السيد على بحر العلوم أو قبله حتى اليوم ومنها تخرج إلى الشوارع والبيوت والجواد العمومية واليها تعود بلا إنكار ولا استيحاش.


إن بعد عليك هذا العهد القريب أيضاً فهذا المرحوم خاتمة الفقهاء السيد محمّد كاظم اليزدي الذي كانت له السلطة الروحانية الفذة على عموم الشيعة، كانت التمثيلات تقام نصب عينيه والمواكب تخترق الشوارع بين يديه ولم يؤثر عنه منع شيء من ذلك وهو بمكان من ثبات الرأي ونفوذ الكلمة.


إن رمت عهداً أقرب من هذا فليس هو إلا يومك الذي أنت فيه. انظر إلى علماء الجعفرية في كل مكان تجدهم وهاتيك الأعمال الحسينية كلاً أو بعضاً بمنظر منهم ومشهد لا ينبسون ببنت شفة من الإنكار مع إمكانه... وبما أن العراقيين منهم ابتلوا بالسؤال عن تلك الأعمال في هذه الأيام، ظهرت فتاواهم مطبوعة وغير مطبوعة وهي مفصلة ولم يكن من قبلها للإفتاء عين ولا أثر لعدم الحاجة إليه في موضوع ما كان يدور في الخلد أن يقع موقع سؤال وتشكيك. ولا شكّ أنّ الصحف السائرة والمنشورات الدائرة أقرأتك فتوى سيدنا وملاذنا حجة الإسلام ومرجع الخاص والعام العالم العامل الرباني السيد أبو الحسن الأصفهاني دام علاه المتضمنة لامضاء جميع التذكارات الحسينية على الإجمال... واليوم قد تمثلت أمام عينيك رسالتي هذه تطالع فيها الفتوى المفصلة التي جاد وأجاد بها بقية السلف من العلماء الأعلام شيخنا العلاّم آية الله في الأنام الميرزا محمّد حسين الغروي النائيني أدام الله فضله... وبما أنّ إفتائه سلّمه الله موجّه إلى المؤمنين عامة وأهل البصرة خاصة لأنّهم المستفتون فأنا أنشره بنصه فيما يلي: قال دام ظله: .. .. .).


إلى أن يقول (ره) في ص 51:


أما ما يقع في كربلاء أيام شريف العلماء أستاذ العلاّمة الأنصاري ثم في أيام الفاضل الأردكاني والشيخ زين العابدين المازندراني وفي الكاظمية أيام العلاّمة الأورع أبي ذر زمانه الشيخ محمّد حسن ياسين بل حتى أيام السيد محسن الأعرجي الكاظمي وفي الحلة منذ عهد العلاّمة الذي قلّ أن يأتي له الدهر بنظير السيد مهدي القزويني إلى الآن فإني لا أطيل بذكره لأنه يوجب الخروج عن وضع الرسالة.. .. .).





يتبع




من مواضيع : حيدر الحسناوي 0 العلـــــــــــــــــــــــــــم بالغيب
0 اسئلة وجوابها حول الامام المهدي
0 #### وظيفتنا في زمن الغيبة #########
0 دروس في التمهيد لظهور الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرج
0 القوانين المتبعة في القسم العقائدي للجميع / الرجاءالأطلاع

الصورة الرمزية حيدر الحسناوي
حيدر الحسناوي
عضو برونزي
رقم العضوية : 18236
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 879
بمعدل : 0.15 يوميا

حيدر الحسناوي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر الحسناوي

  مشاركة رقم : 17  
كاتب الموضوع : سني !! المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2008 الساعة : 12:23 PM






ثانياً: الشعائر الحسينية(25)





للسيد الشهيد حسن الشيرازي (ره)


في ص 107 و ص 108 و ص 109:




(التطبير)






حشود من الفدائيين يتجمعون ليلة عاشوراء هنا وهناك في مراكز مهيبة قد جلّل جدرانها السوداء، واشتعلت في جوانبها الأنوار الخافتة الحمراء، فيحلقون رؤوسهم بالمواسي، ويلبسون الأكفان البيض قطعتين: إزار ورداء، ويشدون في أوساطهم السيوف ثم يخرجون في مواكب منظّمة، تتقدمها مشاعل حمراء، وتتقدم كل موكب جوقة من أصحاب الطبول والصنوج والأبواق فيقرعون الطبول والصنوج، وينفخون في الأبواق، بقوة وعنف، ويهتفون من الصميم: (حسين .. حيدر) بطور حربي، تزلزل الأرض، فتقشعر لها الجلود، وتنتصب لها كل شعرة في جلد كل من يسمعها من قريب أو بعيد. وتتجوّل المواكب أخريات الليل العاشر من المحرّم، بين مراكزها، والعتبات أو الأماكن المقدسة، الموجودة في بلادها، حتى إذا لاح الفجر، وأرتفع صوت لأذان خشعت الأصوات، فلا تسمع إلا همس المصلين. وإذا قرب طلوع الشمس تتجمّع المواكب من جديد، فتصك الطبول والصنوج، وتزعق الأبواق، ويهتفون: (حسين .. حيدر) وتزلزل الأرض وتقشعرّ الجلود، وينتصب كل شعرة في جلد من يسمعها من قريب أو بعيد. وتهبّ المدينة عن بكرة أبيها، على الطامة الكبرى، وتزدلف الحشود على جوانب الطرق التي تجوبها المواكب وتخرج المواكب من مراكزها وفي كربلاء المقدسة تخرج عادةً من مبنى المخيّم منسابةً إلى الأماكن المقدّسة التي تنفضّ فيها، ثم لا ترى إلاّ السيوف، التي تقطر الدم، والرؤوس المخضّبة، والأكفان الحمراء، والدموع التي تتحادر بلا استئذان، ولا تسمع سوى دوي الطبول والصنوج، وعربدة الأبواق، وأصوات الهاتفين: (حسين .. حيدر) وعويل النساء، ونشيج الرجال، وتنقلب المدينة كلها ملحمة هادئة حزينة، يختلط فيها الدمع بالدم، وتتمزّق القلوب أسفاً، على أنّها لم تدرك الحسين فتنصره ثم تسلّي نفسها بأنّها إن لم تدرك شخصه لتنصره، فقد أدركت تاريخه لتنصره فيه، وتواسيه في المصاب، وتقاسمه المأساة. ثم يتفرّق الناس وكل فرد بركان صغير، في صميمه النار، وفي قلبه ثورة وفي عقله عبر وعظات لا تمسح، لو عصف بها الدهر كله، وتصبّبت عليها البحار, وإنني أتصوّر أن الإمام الحسين (عليه السلام) لو بعث لوجد في هذه المواكب أنصاراً، إن لم يكونوا كثيرين فإنهم لا يكونوا أقل من الأنصار الذين يجدهم في غير هذه المواكب. وموكب التطبير، اقدر موكب على إعادة ثورة الحسين إلى الحياة، لأنّ فيها كل ما في الحرب: الطبول والصنوج، والأبواق والسيوف التي تقطر الدم، والرؤوس المخضبة، والأكفان الحمراء. والهيجة التي يحدثها موكب التطبير لا يحدثها أي خطيب ولا موكب، حتى موكب التمثيل، لأنّ موكب التمثيل، وان كان أدقّ في استعراض المأساة، إلا انّه تعوزه الواقعية، فكل من ينظر إليها يعلم أنها تمثيلية لا واقع فيها، بينما يكون موكب التطبير غنياً بالواقعية، فها هي تلك السيوف التي تقطر الدم، والرؤوس المخضّبة والأكفان الحمراء. وهذه الواقعية الملموسة، هي التي توفّق موكب التطبير لان يجلب الدموع الغزار، أكثر من غيره، ويركّز ثورة الحسين في الأعماق، أقوى من غيره. وأمّا جواز التطبير على الإمام الحسين (عليه السلام)، فهو جائز ذاتاً، ومستحب عرضاً، ولا يناقش فيه فقيه تأمّل وتدبّر، ولكن حيث وقعت حوله مناقشات بدوية نعمد فيه إلى شيء من التفصيل).


وبعد أن يورد الأدلة الكثيرة يقول (ره) في ص 129:


(إذن، فالتطبير مباح ذاتاً، ومستحبّ تأسياً بالحسين ومواساة له (عليه السلام)).


ويواصل كلامه (ره) في الصفحتين 129 و 130:


(وكل ما سبق، كان استدلالاً فقهياً على جواز التطبير، وهنالك دليل غير فقهي، لا يدل على جواز التطبير فحسب، ولا يدلّ على تقدير الإمام الحسين (عليه السلام) لكل من يتطبّر بغض النظر عن جميع خصوصياته فقط، وإنما يدل على وجود نوع من المعجزة فيه، فإنّ الضرب القاسي بالسيف المسلول على الرأس المحلوق، ونزول السيف حتى العظم لابد أن يقضي على الإنسان، كما يؤكّده الطب القديم والحديث، ونحن نرى ألوف المتطبرين يطبرون صباحاً، ثم يُنظّمون أنفسهم في مواكب، تطوف في كربلاء من المخيم إلى حرم الإمام الحسين، ومنه إلى حرم العباس، ثم تعود إلى حمام المخيم، وتطوف في بقية البلاد أكثر من مسافة ميل في لفح الصيف وعواصف الشتاء، وعندما يدخلون الحمام يغسلون رؤوسهم بلا مبالاة طبية، ثم يخرجون، ويشتركون في مواكب اللطم والسلاسل حتى الليل، ولا يصاب أحدهم بمكروه. ولئن سقط أحدهم حين الضرب، لكثرة نزف الدماء وتغلب الضعف عليه، فسرعان ما ينهض، ويواصل دوره في موكب التطبير، وبقية المواكب).


إلى أن يقول (ره) في ص 132:


(والواقع: إنّ وجود هذه المعجزة البيّنة، وفي موكب التطبير يكشف عن أنّ الإمام الحسين (عليه السلام)، يوليه عناية خاصة وكفاه دليلاً على الرجحان).






ثالثاً: نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة عليهم السلام





للسيد محمّد رضا الحسيني الحائري(26)


في ص 61 و ص 62 و ص 63:





الفائدة الرابعة




إنّ في هذه الأخبار(27) ما تدل على استحباب الجزع والفزع على الحسين(عليه السلام) واستحباب كل فعل يصدر من الجازع بعنوان العزاء كاللطم على الخدود والصدور وخمش الوجوه وان استلزم الإدماء فضلاً عن السواد والاحمرار بل وبلغ ما بلغ مما هو منهي عنه في مصيبة غير الحسين (عليه السلام) وفي الحديث عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام).


(رحم الله شيعتنا لقد شاركونا في المصيبة بطول الحزن والحسرة على مصاب الحسين (عليه السلام) وفيه دلالة واضحة على لزوم إقامة المجالس الحسينية والمواكب العزائية وإدامة الحزن على سيد الشهداء (عليه السلام) إلى يوم القيامة إن شاء الله تعالى).


ويستمرّ في كلامه حتى يقول في الفائدة السابعة:


(إنّ مقتضى هذه النصوص الشريفة استحباب البكاء على الأئمة وسيد الشهداء صلوات الله عليهم مطلقاً، أعني حتى لو استلزم البكاء قرح العين وجرحها وذهاب نورها بل وعماها.. ..).


وفي ص 100:


(وممّا ذكرناه لك في المقام يظهر لك بوضوح استحباب جرح الرؤوس بالمدى والسيوف حتى تسيل منها الدماء لأنه من أبرز مصاديق الجزع والفزع على المولى الغريب الشهيد أبي عبد الله الحسين روحي له الفداء، إذ لا فرق في اللطم والضرب باليد أو غيرها كالسيوف والسلاسل والحجارة ونحوها بل ويدلّ على ذلك ما عرفت من استحباب البكاء على سيد الشهداء حتى ما لو استلزم جرح العين وقرحها وعماها).


وفي ص 105 و ص 106:


(هذا وقد صرّح فقهاؤنا الأعلام أعلى الله مقامهم في دار السلام بجواز جرح الرؤوس قديماً وحديثاً، منهم سيّد فقهاء عصره السيّد حسين الكوهكمري (قده) حيث أجاب عن ذلك في السؤال الموجّه إليه في هذا الخصوص، ومنهم مؤسّس الحوزة العلمية(28) شيخ الفقهاء المحقّق سلمان زمانه الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي أعلى الله تعالى مقامه، كما حدّثني بذلك ولده العلامة الفقيه شيخنا المرتضى قدّس الله تعالى سرّه، وهو أيضاً ممن ارتضى كلام والده العلاّمة، كما صرّح لي بنفسه نفعنا قدسه. وصرّح باستحباب جرح الرؤوس، الفقيه الشيخ محمّد علي النخجواني (قده) في الدعاة الحسينية، بل قال بوجوبه الكفائي، كما صرّح بالاستحباب شيخنا العلاّمة الفقيه المجاهد الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء النجفي (قده) في كتابه (الآيات البينات)، والعلاّمة الدربندي في (أسرار الشهادة)، والعلاّمة الشيخ حسين الحلّي في رسالته (النقد النزيه)، وفتوى المحقّق النائيني (قده) في الجواز مشهورة وقد تابعه جلّ معاصريه وكلّ من أتى بعده، كالفقيه الأوحد السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي، والسيد ميرزا مهدي الشيرازي، والسيد حسين الحمامي، والسيد محسن الطباطبائي الحكيم، والسيد محمود الشاهرودي، والشيخ محمّد رضا آل ياسين، وغيرهم أعلى الله مقامهم، وهو بعنوان العزاء مستحب. ونقل العلاّمة المرحوم السيد مرتضى الداماد (قده) في كتابه (الأعلام الحسينية): تأييد مواكب التطبير عن العلاّمة المجدد السيد ميرزا محمّد حسن الشيرازي في سامراء، وقال: إنّ مواكب التطبير كانت تخرج من بيته الشريف في يوم عاشوراء، وإنّ أمثال الفقيه المحقق الشيخ محمّد تقي الشيرازي، والفاضل الشربياني، والفقيه السيد محمّد بحر العلوم صاحب (بلغة الفقيه)، والسيد حسين القزويني، والفقيه الزاهد الشيخ محمّد طه نجف، والفقيه الأصولي المتبحر الشيخ ميرزا حبيب الله الرشتي (قدس الله أسرارهم) كانوا يخرجون أمام مواكب أهل التطبير لاطمين على صدورهم ونقل العلاّمة الحائري الأصفهاني (قده) في رسالته الموضوعة حول هذا الموضوع: إنّ مواكب أهل التطبير كانت تخرج في النجف الأشرف من بيت المرحوم الفقيه السيد محمّد بحر العلوم وكانت هذه عادتهم من زمن جدّه العلاّمة السيد علي بحر العلوم صاحب (البرهان القاطع في الفقه).


وفي كربلاء المقدسة كانت تخرج من بيت المرحوم الشيخ زين العابدين المازندراني صاحب ذخيرة المعاد، ومن بيت المرحوم السيد محمّد باقر الحجّة الحائري آل صاحب الرياض، وأنه قد شاهد ما حكاه. وفي سامراء كان المتكفّل لمصارف الهيئات العزائية والباذل لنفقة المواكب الحسينية من شراء الأكفان وتهيئة السيوف والخناجر هو العلاّمة المجدد السيد ميرزا محمّد حسن الشيرازي (قده)، وكان ولده العلاّمة الحاج ميرزا علي أقا الشيرازي هو المباشر لذلك بأمر والده العلاّمة أعلى الله مقامه ومقامه).





رابعاً: عزادارى از ديدكاه مرجعيت شيعه(29)





للشيخ علي رباني(30)





هذا الكتاب باللغة الفارسية وهو يتضمّن فتاوى ما يقرب من مائتين وخمسين مرجعاً وفقيهاً من مراجع الأمة وفقهائها سواء من الماضين أو من المعاصرين، وكثير منها مثّبت في الكتاب بخطوط أيديهم. وكلّ هذا الزخم الوفير من الفتاوى يجمع على جواز بل استحباب الشعائر الحسينية بنحوٍ عام بما فيها التطبير الحسيني تصريحاً وتلميحاً.


فهل من معتبر؟!









يتبع






من مواضيع : حيدر الحسناوي 0 العلـــــــــــــــــــــــــــم بالغيب
0 اسئلة وجوابها حول الامام المهدي
0 #### وظيفتنا في زمن الغيبة #########
0 دروس في التمهيد لظهور الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرج
0 القوانين المتبعة في القسم العقائدي للجميع / الرجاءالأطلاع

الصورة الرمزية حيدر الحسناوي
حيدر الحسناوي
عضو برونزي
رقم العضوية : 18236
الإنتساب : Apr 2008
المشاركات : 879
بمعدل : 0.15 يوميا

حيدر الحسناوي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر الحسناوي

  مشاركة رقم : 18  
كاتب الموضوع : سني !! المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 26-07-2008 الساعة : 12:25 PM


بعيداً عن النقاش واستراحةً من الدليليّة والاستدلال
سلام على آل ياسين..
ذكر الشيخ محمّد مهدي زين العابدين النجفي في كتابه (بيان الأئمة(عليهم السلام)) ج 2 ص 461 و ص 462 ما نصّه:
(وبالمناسبة لما أتى ذكر آية الله العظمى الشيخ زين العابدين النجفي (قدّس سرّه) صاحب الكرامات. نذكر له هذه الكرامة عن بعض أهل العلم والفضل، قال: إنّ أهل إيران، وأذربيجان، وأهل قفقاسيا استفتوا علماء النجف الأشرف عن الطبول التي تضرب في عزاء الحسين (عليه السلام)، وعن ضرب السيوف والقامات، والتشبيه، وغيرها.. وأنّها جائزة أو حرام؟
وكتبوا ذلك في كتب متعدّدة، كلّ كتب إلى مقلّده، وأرسلت مع وفدٍ إلى النجف، وقرّروا على أنهم إن أخذوا أجوبة الفتاوى توضع في ظرف وتختم ولا تفتح إلاّ في مسجد الشاه المعروف(1) بمسجد الإمام الخميني - مدّ ظلّه العالي - في طهران، وتقرأ على المجتمع من أهل البلاد ليعرف كل حكم مقلّده. وكان ذلك في زمن السيد آية الله العظمى صاحب العروة(2)، فرجع الوفد بالأجوبة، وأخبروا الناس بالحضور في يومٍ معيّن، فحضروا في مسجد الشاه، فقرأت الفتاوى عليهم، فكان كلّ قد أجاب بجواب، فبعض قال: بحرمة هذه الأشياء، وبعض فصّل وبالأخص إلى ضرب السيوف والقامات، قال: إن كان فيه ضرر فلا يجوز وهو حرام، وان لم يكن فيه ضرر فهو جائز، وبعض قال: بالجواز، إلى أن فتح الكتاب الذي فيه فتوى المرحوم آية الله الشيخ زين العابدين (قدّس سرّه) فكان فيه:
بسمه تعالى شأنه
إنّي كنت متوقّفاً في هذه المسألة ومتردداً فيها، فلا أدري هل أفتي بالجواز أم أفتي بالحرمة؟ فذهبت إلى مسجد السهلة ووصلت بخدمة سيدي ومولاي الحجّة بن الحسن صلوات الله عليه، وعرضت المسألة عليه وسألته عنها، فأفتاني بالجواز، وأنا أفتي كما أفتى سيدي ومولاي بالجواز والسلام.
فلمّا سمع المجتمع الفقير هذه الفتوى قالوا: لا حاجة لنا بتلك الفتاوى الأخرى، وهذه تكفينا.
تم الكلام


من مواضيع : حيدر الحسناوي 0 العلـــــــــــــــــــــــــــم بالغيب
0 اسئلة وجوابها حول الامام المهدي
0 #### وظيفتنا في زمن الغيبة #########
0 دروس في التمهيد لظهور الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرج
0 القوانين المتبعة في القسم العقائدي للجميع / الرجاءالأطلاع
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 01:36 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية