الازمة الثالثة هي الازمة الاعلامية
قد يرتقي الاعلام في الغرب الى مرحلة يكون بها قادراً على صنع الاحداث المصيرية للأمم ,, وقد تتربع الولايات المتحدة الاميركية اليوم على قمة الهرم الاعلامي الصانع للأحداث والظروف والمواقف في العالم فالولايات المتحدة الاميركية اليوم قادرة على صناعة الرأي العام الدولي والداخلي بفضل القوة الاعلامية التي تمتلكها والمستندة الى القوة المالية التي جعلتها تتحكم بـ 43% من اقتصاد بلدان وامم الكرة الارضية مجتمعة ,,
ولعل الاعلام الاليكتروني في الثورات العربية ومنها المصرية كان له الدور الاكبر في تحرك شوارع الثورة ..
وقد تمكن حزب الله من تحويل الاعلام المتمثل بقناة المنار الى جيش من الظفر يكتب له النصر المؤزر في ساحات المواجهة مع العدو الصهيوني حتى قال سيد المقاومة الاسلامية السيد حسن نصر الله ( لولا المنار لضاع الانتصار ) ..
فهل يمتلك المجلس الاعلى مقدرة اعلامية تمكنه من صنع الحدث او فرض المواقف او حتى الدفاع عن نفسه تجاه الهجمات الاعلامية المعادية لأهدافه ؟؟..
بالرغم من التأريخ العريق للمجلس الاعلى وظهور قيادات فذة كبيرة عالية الهام في عصوره السالفة و امكاناته المادية العملاقة التي كانت تفوق الامكانات المادية لأية جهة سياسية معارضة للمنظومة التكريتية البعثية الصدامية المجرمة ,, الا انه لم يوفق في خلق تيار اعلامي يسجل نجاحاته بقوة ويفرضها على الواقع الجماهيري كحقائق مسلمة لا تستطيع ذهنية الجماهير انكارها ويدفع اي هجوم اعلامي قد يتعرض له في داخل العراق و خارجه ويكون بمستوى التحدي الدائر بحكم الصراع السياسي في الساحة العراقية ,,
فراحت رجالات المجلس الاعلى تتساقط اعلامياً امام اية شائعة يطلقها الاعلام المعادي لتوجهات المجلس ,, بل حتى ان المجلس الاعلى بنفسه راح يستسلم اعلامياً حتى للأفكار الدعائية الفاسدة والمغرضة التي يطلقها المتأثرون ببقايا الاعلام البعثي من قبيل تصوير المجلس الاعلى على انه هو الذي يغتال الطيارين الصداميين الانجاس الذين اوغلوا في دماء المسلمين في ايران والعراق وكوردستان والكويت طاعة عبادية لأمر الطاغية المجرم صدام الذي عبدوه من دون الله ,, فبدلاً من ان يفتخر المجلسيون بهذا الشرف ( سواء كانوا قد فعلوه ام لا على الرغم من انني اشك في قيامهم بذلك ) تراهم راحوا يتبرأون مذعورين من هذا العمل دون ان يبينوا ان القتلة من طياري صدام والذين قمعوا انتفاضة الشعب العراقي و اراقوا من دماء الابرياء انهاراً فأن اقل ما يستحقونه هو ان يقتلوا شر تقتيل لقول ربنا سبحانه ( ولكم في القصاص حياة ) فلكي تحيا الشعوب لابد من ايقاع القصاص بالظالمين ,,
كما تجد المجلسيين في كل محفل اعلامي عندما يوجه لهم نقد بأنهم يرومون تقسيم العراق من خلال الفيدرالية يتهربون من الاجابة تدريجياً حتى تخلوا عنها في اعلامهم وكأنها خزي يخافون اظهاره ,,
كذلك علاقتهم بالجمهورية الاسلامية فبدلاً من ان يستغلوها اعلامياً كموقف قوة بتحالفهم مع حليف قوي مرهوب الجانب دولياً واقليمياً تجدهم يتبرأون من ذلك الارتباط ( على الرغم من امتلاء جيوبهم بالاموال الايرانية كما يعلم الجميع ) ,,
والغريب انهم لم يخصصوا لحد هذه اللحظة فريقاً اعلاميا متميزاً يتحلى بالثقافة العالية والتمكن السياسي مع قدرة للتحدث بلغات اجنبية تحسباً لأي مؤتمر سياسي او مواجهة اعلامية لكي يعبر عن وجهة النظر الدقيقة للمجلس الاعلى حتى انك لتجد ان المتحدث بأسم المجلس الاعلى حميد معله الساعدي وهو شيخ (( معمم )) قد لا يرتقي في مستوى النقاش الاعلامي الى مستوى مبتدئ في عالم الاعلام مع شديد احترامي لشخصه حتى انك لتعطف عليه وتشعر بالاسى من اجله وهو يواجه من الخصوم السياسيين من يجعل من اجوبة سماحة الشيخ مثاراً للسخرية في كثير من الاحيان ,, حتى انه ادلى بتصريح اعلامي مؤخراً لأحدى القنوات الفضائية وقد سُئل ان كان متفائلاً او متشائماً من مؤتمر اربيل فأجاب بأنه ( متشائل ) حيث زج بمصطلح (هجين) ليعبر عن تخبطه وعدم قدرته على استقراء الوقائع السياسية او على الاقل عدم قدرته على مواجهة الظرف وطرح الرؤية التي يؤمن بها ( ان وجدت اصلاً ) بكل شجاعة وثقة واذكر انه في احدى الحوارات بينه و بين النائب السابق مثال الآلوسي المعروف بتهجمه على الكيانات السياسية الدينية بأعتباره علمانياً وعلى قناة الحرة وقبل حوالي اربع سنوات ختم الشيخ معله الساعدي حواره مع الآلوسي (قائلاً انا لا استطيع ان احاور رجلاً لا يقلد) ( يقصد مفهوم التقليد الفقهي للمرجعية الدينية ) علماً ان الحوار كان سياسياً محضاً و الآلوسي معروف بعداوته للتيار الديني سنياً كان ام شيعياً و الرجل سني المذهب ومن المدافعين عن ما يسمى بحقوق المواطنين وحريتهم في فتح الحانات و بيع الخمور ,, ومن الداعين لأقامة علاقات مع اسرائيل حيث زار الكيان الصهيوني عدة مرات ,, فعبر الشيخ حميد معله الساعدي المتحدث اليوم بأسم المجلس الاعلى عن هوة كبيرة بل سحيقة ما بين الاداء والفهم والمعايير الاعلامية لدى المجلس الاعلى وبين الواقع الذي اقحم المجلس نفسه فيه ..
حتى في تعاطي اعلام المجلس الاعلى مع الاحداث التي مر بها البلد من اقتتالات طائفية و صراع شيعي شيعي لم يتمكن المجلس الاعلى من فرض الحقائق التي تبعده عن دوائر الشبهات في ما يتعلق بالاعمال التخريبية التي حدثت هنا وهناك نتيجة للأصطدام بين المجلس الاعلى و بين التيار الصدري خصوصاً في احداث كربلاء عام 2007 خلال الزيارة الشعبانية حيث تسبب الاقتتال والاعتداء الى تسجيل صفحة سوداء قاتمة في جبين شيعة العراق تمثل بتدنيس الحرم الحسيني الطاهر واهانة المقام المعظم صلوات الله وسلامه على صاحبه .
يتبع