غير المعصوم أما أن يكفي في تقريب نفسه من الطاعة وتبعيده عن المعصية أو لا يكفي
فإن كان الأول استغنى عن إمام مطلقا ولم يحتج إلى إمام
وإن كان الثاني ، فإذا لم يكف في تقريب نفسه فأولى أن لا يكفي في تقريب غيره ولا يصلح
الإمام يجب أن يخشى منه بالضرورة ولا شئ من غير المعصوم يجب أن يخشى منه . ينتج لا شئ من الإمام بغير معصوم بالضرورة . أما الصغرى فظاهرة فإنه لولا ذلك لانتفت فايدته ، ولقوله تعالى : * ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) * فأوجب طاعته وكل من أوجب الله طاعته وجب أن يخشى منه لقوله تعالى : * ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )
وأما الكبرى فلأن غير المعصوم ظالم لصدور الذنب منه
وقال تعالى : * ( فمنهم ظالم لنفسه )وكل ظالم لا يخشى منه لقوله تعالى : * ( إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم )
الإمام يزكيه الله تعالى قطعا يوم القيامة ولا شئ من غير المعصوم كذلك ، فلا شئ من الإمام بغير معصوم ، أما الصغرى فلقوله تعالى : * ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) * فقد زكاهم الله تعالى ويزكيهم الرسول والله يوم القيامة بقبول شهادتهم ، وذلك إنما هو لامتثال أمر الله تعالى ونهيه والطاعات ، فالإمام الذي هو مقرب لهم إلى الطاعة ، ومبعد لهم عن المعصية ، وهو لطف في التكليف وبه فعلوا ذلك أولى بذلك بل ينبغي أن يكون هو المراد بذلك لا غير ، وأما الكبرى فلقوله تعالى : * ( أن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) * وغير المعصوم يمكن أن يكتم ما أنزل الله ويشتري به ثمنا قليلا ، فليس مقطوعا بتزكية الله تعالى له يوم القيامة كما فعل عمربن الخطاب حيث امر باعدام السنة النبوية ومعاقبة كل من يدون حديثا عن رسول الله
( ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة ) * فيجب الاحتراز عن غير المعصوم
وامتثال قول غير المعصوم إلقاء باليد إلى التهلكة لجواز أمره بالمعصية والخطأ
فيكون منهيا عنه
وهذا ما حدث كثيرا في زمن الطواغيت الثلاثة حيث اخطاوا في كثير من الاحكام
فيجب إمام معصوم يمتثل قوله
( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) * وهو الاحتراز عن الشبهات فلا بد من طريق محصل للعلم بأوامر الله تعالى ونواهيه ، والمراد من خطابه حتى يحصل ذلك في كل عصر وليس ذلك إلا قول المعصوم ، لأن الكتاب والسنة غير وافيين بذلك عند المجتهد ولا المقلد ، فيجب المعصوم في كل عصر
امتثال قول غير المعصوم يشتمل على الخوف والشبهة لجواز أمره بالخطأ عمدا أو خطأ فلا يكون من باب التقوى ، وامتثال أمر الإمام من باب التقوى بالضرورة ، فلا شئ من غير المعصوم بإمام وهو المطلوب
الإمام يلزم من طاعته واتباعه عدم اتباع خطوات الشيطان وتركه لأن الله تعالى أمر بطاعة الإمام بقوله تعالى : * ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) * ونهى عن اتباع خطوات الشيطان بقوله تعالى : * ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) * وفاعل المأمور به لا يكون فاعلا للمنهي عنه من هذه الجهة لاستحالة تعلق الأمر والنهي بشئ واحد ، ولا شئ من غير المعصوم يلزم من طاعته واتباعه عدم اتباع خطوات الشيطان وهما ينتجان من الثاني لا شئ من الإمام بغير المعصوم وهو المطلوب وقد ثبت ان ابوبكر قال له شيطان يعترية