الحمد لله خالق السماوات والأض إله الأولين والآخرين . والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين . سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى من سار على هديهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين جعلنا الله منهم آمين .
وبعد : حياك الله أخي الكريم .
إن مما لا شك فيه أن الله سبحانه وتعالى حكيم عليم . لم يخلقنا في هذه الحياة عبثا . كيف وهو القائل سبحانه في كتابه الكريم : (( أفحسبتم أننا خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ))
ولا أتصور أن أحدا من المسلمين يتغاضى عن هذه الحقيقة أو ينكرها أو يجهلها .
إن معرفة المسلم للعلة التي من أجلها خلق أمر مهم جدا . لأنه على ضوء معرفته لعلة وجوده في هذه الدنيا ستسير خطاه . إن لم يكن مدركا لحقيقة العلة من وجوده فإنه سيتخبط كما تخبط أقوام من قبلنا . ممن اجتالتهم الشياطين يمنة ويسرة . فوقعوا في مستنقعات الضلال بسبب عدم معرفتهم الحقة بخالقهم سبحانه وتعالى . وعدم معرفتهم للغاية التي من أجلها خلقوا .
إن الله سبحانه وتعالى من حكمته ورحمته بالناس أنه لم يتركهم هكذا دون أن يبين لهم ما لإجله خلقوا وما ينتظرهم من عذاب إن هم أحجموا عن قبول الحق وأصروا على الباطل . أو ما سيكون لهم من الثواب إن هم استسلموا لله سبحانه آخذين بما أمر مبتعدين عما نهى .
فأرسل الله إليهم رسلا وأنزل كتبا ليبين لهم طريق الصواب وليقيم الحجة عليهم كما جاء في آيات من القرآن .
وقد بين الله في القرآن الحكمة من الخلق . كما بين الحكمة من إرسال الرسل وحجيتهم .
وإن علماء السنة حرصوا على تبيان عقيدة التوحيد حق التبيان حتى لا يلتبس على أحد نظرا لأهميته ولكونه أعظم الفرائض إذ هو يعني : عقيدتك في الله سبحانه وما يجب عليك نحوه سبحانه وتعالى .
ذكرنا أن الله سبحانه وتعالى خلقنا لغاية عظيمة وهدف سام هو توحيده جل وعلا .
وذكرنا توحيد القلب وتوحيد الجوارح .
هذا التقسيم المذكور للتوحيد منبثق من القرآن الكريم .
وقبل أن نعرض أمثلة لذلك بالأدلة أود التنبيه إلى أمر وهو :
علماؤنا رحمهم الله عندما يشرحون هذا التوحيد يبسطونه في كتبهم للقرآء بحيث يسهل عليهم استيعابه ولذلك يقسمونه إلى عدة أقسام للتبسيط والتوضيح وإلا فسواء قسمناه أو لم نقسمه يبقى هو هو .
كما ذكرنا بالأعلى : توحيد القلب . وتوحيد الجوارح .
لكن وللفائدة أيضا يوجد من علمائنا من قسمه تقسيما آخر أكثر شمولا . فقسموه إلى ثلاثة أقسام :
1 - توحيد الربوبية .
2- توحيد الألوهية ( ويسمى أيضا توحيد العبادة )
2 - توحيد الأسماء والصفات ( وهذا النوع من التوحيد داخل في النوع الثاني مترابط معه لكن علماءنا رحمهم الله يجعلونه أحيانا كقسم مستقل أو نوع مستقل نظرا لأهميته من جهة ولكثرة خوض الناس فيه واختلافهم في شأنه حتى انقسموا بسببه إلى أقسام كثيرة وفرق متشعبة ) .