|
عضو نشط
|
رقم العضوية : 80569
|
الإنتساب : Mar 2014
|
المشاركات : 187
|
بمعدل : 0.05 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الباطل في مقتل
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 14-06-2014 الساعة : 07:27 PM
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 41
تدوين السنة عند أهل السنة والشيعة
التدوين عند الشيعة : طبقا لما ورد في الأحاديث المروية في صحاح أهل السنة أنه لم يرد نهي عن كتابة الحديث في عهد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأنها كانت أمرا متداولا بين المسلمين ، وإن المسلمين كانوا ينظرون إلى تدوين الحديث على
أنه حاجة ماسة وضرورية ، بل أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد أكد مسألة الكتابة بوجه خاص ، وحث على ذلك بعبارات مختلفة ، وكان أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) كلا حسب ما أوتي من الفهم والاستعداد يدون ما كان يسمعه
من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ومن أولئك الذين دونوا الحديث على عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) أبو بكر ( 1 ) .
ومنهم عبد الله بن عمرو بن العاص الذي قال : ( كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أريد
حفظه ، فنهتني قريش . وقالوا : تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ورسول الله ( صلى الله عليه
وآله ) بشر يتكلم في الرضا والغضب ! . قال : فأمسكت . فذكرت ذلك لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . فقال ( صلى الله عليه وآله ) : أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق . . . - وأشار بيده إلى فيه - ) ( 2 ) .
ولكن بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقع الاختلاف بين الأصحاب ، فمنهم من كان يصد عن
* ( هامش ) *
( 1 ) تذكرة الحفاظ للذهبي 1 : 5 .
( 2 ) سنن أبي داود 3 : 318 كتاب العلم باب ( 3 ) باب في كتابة العلم ح 3646 ، مستدرك الصحيحين 1 : 104 و 106 . ( * )
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 42
التدوين ، واعتبر ذلك أمرا غير شرعي ، وأصر على رأيه هذا إصرارا كثيرا ، مثل : أبو بكر ، عمر بن الخطاب ، ابن مسعود ، أبو سعيد الخدري وغيرهم ، وفي مقابلهم فئة كانت تلح وتحث على تدوين الحديث وتحبب ذلك ، وكانوا يكتبون
الحديث ويدونونه كما كان على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، مثل : أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) وشيعته وبالأخص ابنه السبط الأكبر الإمام المجتبى ( عليه السلام ) .
وهذا الاختلاف في موضوع تدوين الحديث سبب انقسام المسلمين إلى فئتين متميزتين : مؤيدي التدوين ( الإمام علي ( عليه السلام ) وشيعته ) ، والصادين عن التدوين ( أبو بكر وأتباعه ) .
التدوين في عهد الإمام علي ( عليه السلام ) : روى البخاري في صحيحه عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه قال : ( لم يكن عندنا كتاب نقرأه إلا هذه الصحيفة - ثم أخرج صحيفة فيها أحكام الجراحات - الديات - وأسنان الإبل - المشروطة في صحة الزكاة - وأن المدينة حرم ما بين عير إلى ثور )
وكذا أخرج عن الإمام علي ( عليه السلام ) أنه خطب على المنبر ، فأخرج من قراب سيفه صحيفة فنشرها ، ثم قرأ فيها بعض الأحكام ( 1 ) .
ونقل البخاري ومسلم في صحيحيهما أحاديث كثيرة بمتون مختلفة وأسانيد متواترة حول صحيفة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وذكرا بعض الأحكام التي استخرجت من هذه
* ( هامش ) *
( 1 ) صحيح البخاري 1 : 38 كتاب العلم باب كتابة العلم ، ج 3 : 25 كتاب الحج باب حرم المدينة ، ج 4 : 122 باب ذمة المسلمين
وص 124 باب من عاهد ثم غدر وص 183 باب فكاك الأسير ، ج 8 : 192 كتاب الفرائض باب إثم من تبرأ من مواليه ، ج 9 : 119
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم وص 13 كتاب الديات باب العاقلة وص 16 باب لا يقتل المسلم بالكافر ،
صحيح مسلم 2 : 1147 كتاب العتق باب ( 4 ) باب تحريم تولي العتيق غير مواليه ح 30 ، ج 3 : 1567 كتاب الأضاحي باب ( 8 ) باب تحريم الذبح لغير الله ح 45 ، سنن النسائي 8 : 19 كتاب القسامة باب القود بين الأحرار والمماليك في النفس ، وص 23 باب سقوط القود من المسلم للكافر . ( * )
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 43
الصحيفة أو الصحائف الأخرى له ( عليه السلام ) ( 1 ) . وأما الأحكام التي يمكن استخراجها من هذه الصحائف طبقا لما نقله البخاري ومسلم في صحيحيهما وإن لم تكن كثيرة ( 2 ) ولكن التمعن في نصوص الأحاديث يسوقنا إلى معرفة حقيقتين مهمتين :
الأولى تعدد هذه الصحائف وكثرتها ، والأخرى جامعيتها وشموليتها ، كما أشير إلى تلك الشمولية في بعض الأحاديث بأن هذه الصحائف تتضمن جزئيات الأحكام وفروعها مثل أحكام الديات والقصاص وأسنان الإبل ، وحتى حدود المدينة والجبال التي حولها ، وبالالتفات إلى هذه النقاط تظهر لك جامعية تلك الصحائف .
ولكن قال ابن حجر : وبالجمع بين هذه الأحاديث يتبين إن الصحيفة كانت واحدة ، وكان جميع ذلك مكتوبا فيها ، فنقل كل واحد من الرواة عنه ما حفظه ( 3 ) .
الإمام الباقر ( عليه السلام ) والصحيفة العلوية : نقل النجاشي عن محمد بن عذافر الصيرفي أنه قال : كنت مع الحكم بن عتيبة ( 4 ) - عيينة - عند أبي جعفر ( عليه السلام ) فجعل يسأله ، وكان أبو جعفر ( عليه السلام ) له مكرما ( 5 ) ،
فاختلفا في شئ . فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : قم يا بني ، فأخرج كتاب علي ( عليه السلام ) ، فأخرج كتابا مدروجا عظيما وفتحه وجعل ينظر ، حتى أخرج المسألة . فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : هذا خط علي ( عليه السلام ) ، وإملاء
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأقبل على الحكم وقال : يا أبا محمد ، اذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم يمينا وشمالا ، فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل ( عليه السلام ) ( 6 ) .
* ( هامش ) *
( 1 ) المصادر نفسها .
( 2 ) كل ما توصلنا إليه من الأحكام الواردة في أحاديث هذا الباب بعد حذف مكرراتها ثلاثة عشر حكما . المؤلف .
( 3 ) فتح الباري 1 : 166 .
( 4 ) وهو من علماء أهل السنة .
( 5 ) جاءت في بعض النسخ مكرها أيضا .
( 6 ) رجال النجاشي 2 : 260 ترجمة أحمد بن عذافر رقم 967 . ( * )
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 44
ظهر مما نقلناه عن الصحيحين والنجاشي أن الصحائف التي كانت عند أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والتي ورثها الإمام الباقر ( عليه السلام ) من جده ( عليه السلام ) ، كانت تحتوي على الشرائع والسنن الإلهية ، ولا توجد صحيفة قبلها في
تاريخ تدوين الحديث ، وكان الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) يفتخرون بوجودها ، ويعتبرونها ثروة غنية ، وقد ذكرها علماء الشيعة وغيرهم في كتبهم المعتبرة ، وهذه الصحيفة أو ، الصحائف هي أساس الصرح العلمي الشاهق عند الشيعة ،
وعلى هذا النهج سار شيعة علي ( عليه السلام ) في كتابة السنة على نحو أنه لم يحصل بين تاريخ صدور الحديث وكتابته أي فتور وانقطاع ، وقد اشتهر في كل عصر العشرات من العلماء وعرفوا باسم ( كتاب الحديث والمحدثين ) .
إحصاء مؤلفي الحديث وطبقاتهم : ذكر النجاشي في كتابه ( 1 ) أسماء ما يقارب ألف ومائتين راو من أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) ورجال الشيعة وترجم لهم وأشار إلى ما ألفوه من الكتب في موضوع واحد أو مواضيع متعددة ، وقال في مقدمة كتابه : أنا أذكر المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالح ( 2 ) .
وقسم علماء الرجال المؤلفين والمصنفين المعروفين إلى عهد الإمام الصادق ( عليه السلام ) إلى ثلاث طبقات ( 3 ) . ومع هذا فإنه لم يعرف عددهم دقيقا ، لأنه من المستبعد أن يكون في أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) من تشرف بمجلسهم وتتلمذ على يد أحدهم ولم يصنف كتابا .
التدوين في عهد الإمام الصادق ( عليه السلام ) : وفي عهد الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) حيث سنحت له تلك الفرصة الثمينة بأن يحدث ويدون الحديث إلى أوسع نطاقه ، حتى بلغ عدد الذين تتلمذوا عنده وأخذوا
* ( هامش ) *
( 1 ) وهو من رجال الشيعة وعلمائهم ، توفي عام 450 ه .
( 2 ) راجع مقدمة رجال النجاشي .
( 3 ) راجع : رجال النجاشي ، فهرست الشيخ الطوسي ، أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ، الذريعة لاقا بزرگ الطهراني . ( * )
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 45
منه العلوم المختلفة كالفقه والكلام والطبيعيات ، أربعة آلاف شيخ ( 1 ) . يقول الحسن بن علي الوشاء : إنه لقي في مسجد الكوفة في عصر واحد تسعمائة عالم كل يقول : حدثني جعفر بن محمد ( 2 ) ، هذا مع بعد المسافة التي تفصل بين الكوفة والمدينة - مركز تعليم وتدريس الإمام الصادق ( عليه السلام ) - .
وعلى أثر تشويق الإمام الصادق ( عليه السلام ) الدائم وحثه الدائب وتأكيده على نقل الحديث وكتابته وصيانته ( 3 ) صنفت كتب كثيرة بحيث لا يمكن إحصاؤها وإحصاء مؤلفيها ، ولكن جمعت من بين تلك الكتب أربعمائة كتاب لأربعمائة مؤلف أو أقل من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) في الفقه والعقائد فقط ، واشتهرت فيما بعد بالأصول الأربعمائة .
ولما كانت هذه الأصول متشتتة وبعضها فقدت بادر بعض أصحاب الإمام الرضا ( عليه السلام ) ( 4 ) إلى لم الموجود وضبطه في كتاب مستقل كل حسب طريقته الخاصة وسماه بالجامع واختص به ، وهذه الجوامع هي غير الكتب التي ألفها أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) إلى زمن الغيبة ، والتي تتضمن مواضيع عديدة وعناوين مختلفة .
* ( هامش ) *
( 1 ) الإرشاد للشيخ المفيد : 289 .
( 2 ) حسن بن علي بن زياد الوشاء ، بجلي كوفي ، ومن أصحاب الرضا ( عليه السلام ) ، وكان من وجوه الطائفة ، قال أحمد بن محمد بن عيسى : خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث ، فلقيت بها الحسن بن علي الوشاء ، فسألته أن يخرج لي كتاب العلاء بن علي الفلا وأبان
بن عثمان الأحمر ، فأخرجهما إلي . فقلت له : أحب أن تجيزهما ، فقال لي : رحمك الله وما عجلتك ؟ اذهب فاكتبها ، واسمع من بعد ، فقلت : آمن الحدثان . فقال : لو علمت أن هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه ، فإني أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كل يقول : حدثني جعفر بن محمد . رجال النجاشي : 39 رقم 80 .
( 3 ) ورد في الحديث : 1 - اعرفوا منازل الناس منا على قدر روايتهم عنا .
2 - القلب يتكل على الكتابة .
3 - اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا .
4 - احفظوا كتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها .
راجع مصادرها في : الكافي 1 : كتاب العلم ب ( 16 ) باب النوادر ح 13 وب ( 17 ) باب رواية الكتب والحديث ح 8 و 9 و 10 ،
بحار الأنوار 2 : 150 - 152 باب ( 19 ) باب فضل كتابة الحديث وروايته ،
وسائل الشيعة 18 : 54 - 56 كتاب القضاء باب ( 18 ) باب وجوب العمل بأحاديث النبي والأئمة المنقولة ح 7 و 15 - 17 .
( 4 ) مثل : أحمد بن محمد بن أبي نصر ، جعفر بن بشير ، حسن بن علي بن فضال ، وغيرهم . ( * )
- أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي ص 46
الكتب الأربعة :
كانت هذه الجوامع منذ عصر الإمام الرضا ( عليه السلام ) مرجعا ومصدرا للشيعة في المسائل الدينية والفقهية حتى جاء ثقة الإسلام الكليني - 329 ه - فصنف كتابه ( الكافي ) وجمع فيه الأخبار بأسلوب بديع ومبوب ،
ثم جاء دور الشيخ ابن بابويه القمي ( الصدوق ) - 381 ه - فألف كتابه ( من لا يحضره الفقيه ) ، وبعده قام شيخ الطائفة الشيخ الطوسي - 460 ه - فدون كتابيه ( التهذيب والاستبصار ) فجمع هؤلاء في كتبهم الأحاديث المستخرجة من الأصول الأربعمائة وسائر كتب السلف من أصحاب الأئمة ( عليهم السلام ) ، واشتهرت هذه الكتب بعد ذلك بالكتب الأربعة ( 1 ) .
هذا وقد ألف علماء الشيعة بعد ذلك كتبا كثيرة ذات أهمية قصوى في شتى المواضيع التاريخية والتفسيرية والحديثية وغيرها ، فامتلأت مكتبات البلاد الإسلامية العامة منها ، إلا أن الكتب الأربعة أحرزت من العناية والأهمية الدرجة الأعلى حتى صارت مرجعا لفقهاء الإمامية في استنباطهم للأحكام الشرعية ، واعتنوا بها أكثر من سائر الكتب .
وبعد ذلك قام علماء الإمامية وجهابذة علم الحديث يشدون العزم على تأليف كتب الحديث واستخراجها من الكتب الأربعة والأصول المعتبرة ، وصنفوا الموسوعات الضخمة في الحديث .
هذا مجمل تاريخ تدوين السنة عند الشيعة منذ صدر الإسلام حتى عصرنا .
* ( هامش ) *
( 1 ) جامع أحاديث الشيعة المقدمة 1 : ز - ي . ( * )
|
|
|
|
|