|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 81005
|
الإنتساب : Jun 2014
|
المشاركات : 28
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
جعفر صادق الحسيني
المنتدى :
منتدى العقائد والتواجد الشيعي
الخيار الأتمّ لرواية (فيجفلون عنه إجفال الغنم) 3
بتاريخ : 13-04-2025 الساعة : 01:17 PM
ثاء- هم أصحاب الألوية والنقباء، ففي خبر المفضّل عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (كأَنِّي أَنظر إِلى القائِم عليه السلام على مِنبرِ الكُوفة وحوله أَصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رَجُلاً عدّةُ أَهل بدر، وهُمْ أصحاب الألوية، إهـ). كمال الدين:2/ 610/ب58/ح25.
وفي معتبر المفضّل بن عمر الجعفي عن الإمام الصادق عليه السلام، في حديث، قال: (فأُتيحت له صحابته الثلاثمائة وثلاثة عشر، قزع كقزع الخريف، وهم أصحاب الألوية، منهم من يُفقد من فراشه ليلاً، فيُصبح بمكّة، ومنهم من يُرى يسير في السحاب نهاراً، يُعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه. قلت: جُعلت فداك، أيّهم أعظم إيماناً؟ قال: الذي يسير في السحاب نهاراً، وهم المفقودون، وفيهم نزلت هذه الآية: {ۚأَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا} ). غيبة النعماني:326/ب20/ح3،، البحار:52/ 368/ب27/ح153، معجم أحاديث الإمام المهديّ عليه السلام للشيخ علي الكوراني:5/ 33/ح1456 . ونحوه في تفسير العيّاشي:1/ 67/ح118.
المفارقة أنّ هذا التشبيه (بالقزع) قد وصف به (جيش الغضب) الذي يخرج في آخر الزمان، كما في خبري المسيًّب بن نجبة والأحنف بن قيس، فراجع: غيبة النعماني:325-326/ب20/ح1 و2.
قلت: والمظنون أنّ هذين الخبرين ناظران إلى تلك الأجواء.
ومهما يكن من أمر، فقد قيل في بيان معاني كلماته: <<أُتيحت: تهيأت، والقزع: قطع السحاب، ونسبته إلى الخريف لسرعة إجتماعه>>. بشارة الإسلام:278.
قوله عليه السلام: (هم أصحاب الألوية) إشارة إلى توفّر المؤهّلات فيهم لقيادة الجيوش والعساكر. راجع: الإمام المهديّ (ع) من المهد إلى الظهور:479.
وفي هذا المسار روى المفضّل عن الإمام الصادق عليه السلام في قصّة المهديّ أنّ الإمام المهديّ عليه السلام حينما يكون في مكّة ساعة الظهور ينادي عليهم بصرخة: (يا معشر نقبائي، وأهل خاصّتي، ومن ذخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري ... ثمّ يصبحون وقوفاً بين يديه، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدّة أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله بيوم بدر ... وأوّل من يُقبّل يده جبريل عليه السلام ثمّ يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجنّ ثمّ النقباء ... ويتابع فيذكر تكذيب النقباء لنداء الشيطان وتلبيتهم دعوة الإمام لقتل أعدائه). البحار:53/ 7-8/ب53/ح1. وبعضه في مختصر البصائر للشيخ حسن بن سليمان الحلي:182. والحديث طويل وفيه بعض الفقرات المشوّشة، وقد أخذنا منه موضع الشاهد وموطن الحاجة.
ولا يخفى أنّ عبارة (ومن ذخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري على وجه الأرض) مُؤشّر واضح على هذا المعنى من الاجتباء والاختيار الخاصّ من الله عزَّ وجلَّ لهم. راجع: مركز الدراسات التخصصيّة في الإمام المهديّ عليه السلام/سؤال: من الذي يختار أصحاب الإمام المهديّ عجّل الله فرجه، هل هو الله أم الإمام نفسه؟
المهمّ أنّ باحثاً آخر تحدّث عن خصوصيّات أصحاب الإمام مفصحاً بالآتي: << أصحاب المهديّ قادة الجيوش وأصحاب الألوية وحكّام الولايات على أيديهم يتحقّق النصر، يأتمرون بأمر سيّدهم لا يُخالفونه أبداً، أطوع إليه من العبد مع سيّده ومن الخاتم في خنصره، يستمعون كلامه ويلبّون نداءه، وأمّا عددهم فهو ثلاثمائة وثلاثة عشر عدد أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في بدر، وقد وردت الروايات من الطرفين- السنّة والشيعة- بهذا المعنى>>. الإمام المهدي (عج) عدالة السماء للسيّد عبّاس علي الموسوي:227.
جيم- يُحمل البعض منهم على السحاب، وتُطوى الأرض للبعض الآخر كي يصلوا إلى قائدهم المهديّ عليه السلام، ففي خبر أبي الجارود عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (أصحاب القائم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، أولاد العجم، بعضهم يُحمل في السحاب نهاراً، يُعرف باسمه واسم أبيه ونسبه وحليته، وبعضهم نائم على فراشه فيوافيه في مكّة على غير ميعاد). غيبة النعماني:329/ب20/ح8، البحار:52/ 369/ب27/ح157.
ورغم أنّ البعض حمل لفظة (أولاد العجم) على أساس التغليب كما في بشارة الإسلام:280، وبيان الأئمة:3/ 59. ولكن عند مراجعة بعض النصوص الضعيفة التي تطرّقت إلى أسمائهم ومدنهم تبيّن أنّها تُعطي عكس المطلب وتحكي خلافه، فراجعها وأمعن النظر فيها.
وللعلم فإنّ الشيخ الكوراني رفض فكرة أنّ أصحاب الإمام من غير العرب، ونقد رواياتها وإليك نصّ عبارته: <<هذه النصوص معارضة بآخرى صحيحة تنصّ على أنّ أصحابه الخاصّين أبدال الشام، ونحباء مصر، وأخيار العراق، وعصائب العراق. نعم، هم قليلون بالنسبة إلى عدد العرب الكثير>>. المعجم الموضوعي:310.
وأيّاً ما يكن الوجه المرضي عنه، نعود لما كنّا فيه، ففي خبر المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (لقد نزلت هذه الآية في المُفتقدين من أصحاب القائم عليه السلام قوله عزّ وجلّ: {ۚأَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا}، إنّهم ليفتقدون عن فرشهم ليلاً فيصبحون بمكّة، وبعضهم يسير في السحاب يُعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه، قال: قلت: جُعلت فداك أيّهم أعظم إيماناً؟ قال: الذي يسير في السحاب نهاراً). كمال الدين:2/ 610/ب58/ح24.
وفي هذا الوسط نجد الكوراني بعد أن صرّح بتواتر الأحاديث الحاكية أنّ الله سبحانه وتعالى يحضر للإمام أصحابه من أنحاء العالم إلى مكّة (قزعاً كقزع الخريف)، قال: <<سيرهم في السحاب نهاراً أنّ الله تعالى ينقلهم إلى مكّة بالسحاب على نحو الكرامة والإعجاز، فلا يحتاجون إلى وسائل سفر ولا جوازات سفر>>. المعجم الموضوعي:425.
وذكر السيّد الصدر أنّ الروايات الناطقة أنّ عددهم (313) مستفيضة، بل تكاد تكون متواترة، كما في تاريخ ما بعد الظهور:267.
يُشار إلى أنّه ثمّة تفاصيل أخرى وردت في هذا المضمار دلّت على أنّ تلاقي القادة بمكّة المكرّمة يكون على غير ميعاد، ففي خبر علي بن أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: (بينا شباب الشيعة على ظهور سطوحهم نيام، إذ توافوا إلى صاحبهم في ليلة واحدة على غير ميعاد، فيصبحون بمكّة). غيبة النعماني:330/ب20/ح11، البحار:52/ 370/ب27/ح159.
وراجع ما روي فيهم من خصائص في كتاب الفصول المهمّة في معرفة الأئمّة للشيخ علي بن محمد المالكي المشتهر بابن الصبّاغ المالكي:2/ 1132/ف12.
قال الحيدري شارحاً: <<(على ظهور سطوحهم) يُنبأ عن أنّ ظهوره عليه السلام في الصيف>>. بشارة الإسلام:282.
وفي ضوء ما سلف عرضه، قال السيّد عبّاس الموسوي مُبيّناً: <<وصول هؤلاء القادة الأنصار في ساعة واحدة أو ليلة واحدة مع بيان كيفيّة الوصول المختلفة يدلّ على أنّ وصولهم عن طريق الإعجاز إكراماً لسيّدهم وإكراماً لهم وتحقيقاً لإرادة الله النافذة في الأشياء>>. الإمام المهديّ (عج) عدالة السماء:231.
وعبّر بعض الفضلاء عنهم قائلاً: <<وردت أحاديث كثيرة في مدح هؤلاء الصفوة الذين اختارهم الله تعالى لشرف صحبة الإمام المهديّ عليه السلام وفي كيفيّة التحاقهم بالإمام وتواجدهم في مكّة، بل وفي القرآن الكريم آيات مُأَوّلة بهذه الجماعة>>. الإمام المهديّ (ع) من المهد إلى الظهور:484، والإمام المنتظر وعلامات الظهور:203، ومستقبل البشريّة في زمن حكومة المهديّ عجّل الله فرجه الشريف العالميّة:301.
حاء- يطلب كل شيء رضاهم، وتفتخر الأرض بمرور أحدهم عليها، ففي خبر جابر الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (كأنّي بأصحاب القائم عليه السلام وقد أحاطوا بما بين الخافقين فليس من شيءإلّا وهو مطيع لهم حتّى سباع الأرض وسباع الطير، يطلب رضاهم في كلّ شيء، حتّى تفخر الأرض على الأرض وتقول: مرّ بي اليوم رجل من أصحاب القائم عليه السلام). كمال الدين:2/ 601/ب58/ح25، البحار:52/ 327/ب27/ح43، إثبات الهداة:3/ 494/ح248.
كم هي عظيمة هذه المنقبة لهم رضي الله عنهم؟ وكم هو غريب وعجيب ذلك الزمن المهدويّ والعصر الخاتمي؟ إنّه متفرّد في معظم أدواره وأغلب حالاته.
جعلنا الله سبحانه وتعالى وإيّاكم من المواكبين لأحداثه المنافحين عن خليفة الله المتنّعمين بعدله والآمنين في سلطانه، ومن جملة من ينصر بنا إمام زماننا ويذبّ عن دين جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله.
خاء- هم الركن الشديد، ففي خبر أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (ما كان قول لوط عليه السلام لقومه: {لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ ءَاوِىٓ إِلَىٰ رُكْنٍۢ شَدِيدٍۢ} سورة هود:.8، إلّا تمنّياً لقوّة القائم عليه السلام ولا ذكر إلّا شدّة أصحابه وإنّ الرجل منهم ليُعطى قوّة أربعين رجلاً، وإنّ قلبه لأشدّ من زبر الحديد، ولو مرّوا بجبال الحديد لقلعوها، ولا يكفّون سيوفهم حتّى يرضى الله عزّ وجلّ). كمال الدين:2/ 611/ب58/ح26، منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر للشيخ لطف الله الصافي الكلبيكاني:491.
زبر الحديد: قطع الحديد. والتشبيه للقلب بقطع الحديد وبالحجر لمزيد التأكيد على عظمة الشجاعة والجرأة، وعدم تطرّق الخوف والتلكؤ على القلب، أعني وجدان الإنسان وفكره. راجع: تاريخ ما بعد الظهور:352.
وفي هذا النطاق أخرج العيّاشي في تفسيره بسنده عن صالح بن سعد عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: {لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ ءَاوِىٓ إِلَىٰ رُكْنٍۢ شَدِيدٍۢ} قال: (قوّة: القائم عليه السلام، والركن الشديد: الثلاثمائة وثلاثة عشر أصحابه). تفسير العيّاشي:2/ 156-157/ح55، عنه البحار:12/ 170/ ب8/ح30. ومثله في تفسير القمًي للشيخ علي بن إبراهيم القمّي:1/ 336.
قال المجلسي: <<يحتمل أن يكون المعنى أنّه تمنّى قوّة مثل قوّة القائم وأصحاباً مثل أصحابه، أو مصداقهما في هذه الأُمّة القائم وأصحابه، مع أنّه لا يبعد أن يكون تمنّى إدراك زمان القائم عليه السلام وحضوره وأصحابه عنده، إذ لا يلزم في المُتمنّي إمكان الحصول>>. البحار:12/ 170.
لقد روى عبد الرحمن بن كثير عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قوله عزّ وجلّ: {أَتَىٰٓ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} سورة النحل:1، قال: (هو أمرنا، أمر الله عزّ وجلّ أن لا تستعجل به، حتّى يؤيّده الله بثلاثة أجناد: الملائكة، والمؤمنين، والرعب، الرواية). غيبة النعماني:204/ب11/ح9 و:251/ب13/ح43.
ويُلاحظ أنّه عليه السلام قد وصفهم بالإيمان.
وفي هذا الحقل المتعانق مع مستهلّ سورة النحل أخرج الشيخ محمد الطبري في دلائله بسنده عن إسماعيل بن عمر بن أبان عن أبيه عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام قال: (إذا أراد الله قيام القائم، بعث جبرئيل في صورة طائر أبيض، فيضع إحدى رجليه على الكعبة و الأخرى على بيت المقدس، ثمّ ينادي بأعلى صوته {أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ}، قال: فيحضر القائم فيُصلّي عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين، ثمّ ينصرف وحواليه أصحابه، وهم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلاً، إنّ فيهم لمن يسري من فراشه ليلاً فيخرج ومعه الحجر فيلقيه، فتعشب الأرض). دلائل الإمامة :472/ 464/ح68.
وتحدّث الشيخ محمّد بن محمّد العكبري الملقّب بالمفيد في شأنهم معرباّ عن بيان حالهم بالتالي: <<الجماعة التي عدّتهم عدّة أهل بدر إذا اجتمعت فلم يسع الإمام التقيّة ووجب عليه الظهور، لم تجتمع في هذا الوقت ولا حصلت في هذا الزمان بصفتها وشروطها، وذلك أنّه يجب أن يكون هؤلاء القوم معلوم من حالهم الشجاعة والصبر على اللقاء والإخلاص في الجهاد وإيثار الآخرة على الدّنيا، ونقاء السرائر من العيوب وصحّة العقول، وأنّهم لا يهنون ولا ينتظرون عند اللقاء>>. رسائل في الغيبة:3/ 11.
دال- ورد أنّ قلوبهم مُهذّبة من الشقاق وخالية من النفاق، ففي رواية إبراهيم بن مهزيار ولقائه بالإمام القائم عليه السلام حدّثه أنّ والده الإمام العسكري عليه السلام وصف له صفات من يبايعه بصفات عظيمة، فكان ممّا قال له: (وكأنّك يا بُنيّ بتأييد نصر الله وقد آن وتيسّر الفلج وعلوّ الكعب قدحان، وكأنّك بالرايات الصفر والأعلام البيض تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم وزمزم، وكذلك... تلوذ بفنائك من ملأ براهم الله من طهارة الولادة ونفاسة التربة، مقدّسة قلوبهم من دنس النفاق، مهذّبة أفئدتهم من رجس الشقاق، لينّة عرائكهم للدِّين، خشنة ضرائبهم عن العدوان، واضحة بالقبول أوجههم، نضرة بالفضل عيدانهم، يدينون بدين الحقّ وأهله، إهـ). كمال الدين:2/ 411-412/ب43/ح19، البحار:52/ 35-36/ب18/ح28.
لاحظ كيف يصف الإمام مستوى إيمان العدّة الثمينة والعصابة النفيسة.
وثمّة من يؤكّد على أنّ أصحاب الإمام المهديّ يمتازون بقوّة الإيمان المتكامل، ولا طريق للشكّ إلى قلوبهم، بل إنّ قلوبهم مضيئة بنور المعرفة، وهم بعيدون عن الجهل، وعندهم الوعي الكامل، ويعتقدون بالإمام المهديّ اعتقاداً راسخاً. راجع: الإمام المهديّ من المهد إلى الظهور:493-494، مستقبل البشريّة في زمن حكومة المهديّ (عج) العالميّة:309.
وفي تصوّري أنّ المقام هنا يسمح لنا بالإلماع إلى أنّهم وحدّوا الله سبحانه حقّ توحيده، ففي خطبة منسوبة إلى الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام جاء في بعض مقطعها الآتي: (وأنّ المهديّ أحسن النّاس خَلقاً وخُلقاً، ألا وأنّه إذا خرج فاجتمع إليه أصحابه ثمّ إذا قام يجتمع إليه أصحابه، على عدّة أهل بدر وأصحاب طالوت وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، كأنّهم ليوث قد خرجوا من غاب غاباتهم، [قلوبهم] مثل زُبَر الحديد، لو أنّهم همّوا بإزالة الجبال الرواسي لأزالوها عن مواضعها، وهم الذين وحَّدوا الله حقّ توحيده، لهم في الليل أصوات كأصوات الثواكل خوفاً وخشية من الله تعالى، قُوّام بالليل صُوّام بالنّهار، كأنّما ربّاهم أب واحد وأم واحدة، قلوبهم مجتمعة بالمحبّة والنصيحة). إلزام الناصب في إثبات الحجّة الغائب للشيخ علي الحائري:2/ 200، ومثله في بشارة الإسلام:297.
واللافت للنظر أنّ هذا الوصف بمجموعه ينطبق على جماعة الحسني التي يُطلق عليها كنوز الطالقان، ففي خبر الفضيل بن يسار عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (له كنز بالطالقان ما هو بذهب ولا فضّة، وراية لم تُنشر، ورجال كأنّ قلوبهم زُبر الحديد، لا يشوبها شكّ في ذات الله، أشدّ من الحجَر، لو حملوا على الجبال لأزالوها ... يتمسّحون بسرج الإمام عليه السلام يطلبون بذلك البركة، ويحفّون به يَقونَه بأنفسهم في الحروب، ويكفونه ما يُريد ... رهبان بالليل ليوث بالنّهار. هم أطوع له من الأمَةِ لسيّدها .... كأنّ قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مُشفقون، يَدعون بالشهادة، ويَتمنَّون أن يُقتلوا في سبيل الله، شعارهم يا لثارات الحسين. إذا ساروا يسير الرُعب أمامهم مسيرة شهر، يمشون إلى المولى إرسالاً، بهم ينصر الله إمام الحقّ). البحار:52/ 307-308/ب26/ح82.
لا جرم أنّه من خلال شعارهم يدرك المنصف إلى أيّ طائفة ينتمون وبأيّ أئمّة يقتدون.
يقول السيّد محمد الصدر معقّباً: <<من هذه الروايات أنّهم مؤمنون لا يبالون في الله لومة لائم، ولا يشوب قلوبهم شكّ في ذات الله، رهبان في الليل لا ينامون، إلى أن يقول: والإيمان الذي يتّصف بهذه الصفات، لهو من أعظم الإيمان وأقواه ... كما أنّ حسب الفرد أن لا يشوب قلبه شكّ في ذات الله عزّ وجّل، فهو يرى في كلّ أهدافه وأحكامه والموجودات حوله، عدلاً لا يشوبه ظلم، وصدقاً لا يشوبه كذب، ومصلحة لا يشوبها مفسدة. وعلى هذا كان سلوكه في عصر التمحيص السابق على ذلك،فكيف لا يكون كذلك بعده>>. تاريخ ما بعد الظهور:349-350.
ويضيف في موضع آخر: <<(يحفّون به) أي: يحيطون به (يقونه بأنفسهم في الحروب) أي: يحمونه ويصونونه ويتحمّلون الموت دونه>>. تاريخ ما بعد الظهور:355.
وعن هذه الخصوصيّة التي يمتلكونها في القتال ندعو القرّاء للتأمّل في خبر داوود الرقي عن الإمام الصادق عليه السلام الحاكي أنّ أصحاب الإمام القائم يُقسمون له بالقسم الشرعي ويتحدّثون أنّه عليه السلام لو ناوى بهم الجبال لناوياها معه، كما ورد في غيبة النعماني:187/ب10/ح29.
ويتناغم مع تمّ بسطه خبر الأعثم الكوفي عن الإمام علي عليه السلام قال: (ويحاً للطالقان، فإنّ لله عزّ وجلّ بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضّة، ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حقّ معرفته، وهم أنصار المهديّ عليه السلام في آخر الزمان). البيان في أخبار صاحب الزمان للشيخ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي:69، عقد الدرر في أخبار المنتظر للشيخ يوسف بن يحيى السلمي:189/ب5/ح187، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال للشيخ علي المتّقي بن حسام الدّين المعروف بالمتّقي الهندي:14/ 591/ح39677، كشف الغمة في معرفة الأئمّة للشيخ علي الأربلي:3/ 268، منتخب الأثر:489.
والطريف أنّه في هذا المنحى ورد خبر المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (ثمّ يخرج الفتى الصبيح الحسني من نحو الديلم وقزوين، فيصيح بصوت له: يا آل محمّد أجيبوا الملهوف، فتجيبه كنوز الطالقان، كنوز ولا كنوز من ذهب ولا فضّة، بل هي رجال كزبر الحديد ... أميرهم رجل من بني تميم يُقال له شعيب بن صالح، فيقبل الحسني فيهم ووجهه كدائرة القمر، فيأتي على الظلمة فيقتلهم، حتّى يرد الكوفة). الأنوار النعمانية للسيّد نعمة الله الجزائري:2/ 87، بشارة الإسلام:196-197.
ويبدو أنّ هذه الأوصاف منطبقة على الثلاثمائة وثلاثة عشر كما سنعرف، ولا تتأتى لغيرهم في عصر الغيبة، ففي خبر علي بن عاصم عن الإمام الجواد عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: (قال النبيّ صلّى الله عليه وآله لأُبي بن كعب في وصف القائم عليه السلام: إنّ الله تعالى ركّب في صلب الحسن عليه السلام نطفة مباركة زكيّة طيبة طاهرة مُطهّرة، إلى أن يقول: فهو امام تقى نقى سار مرضي هادي مهديّ يحكم بالعدل ويأمر به، يصدق الله تعالى ويصدقه الله تعالى في قوله.
يخرج من تهامة حين تظهر الدلائل والعلامات وله كنوز لا ذهب ولا فضه إلّا خيول مُطهّمة ورجال مُسومة، يجمع الله تعالى له من أقاصي البلاد على عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وطبائعهم وحلاهم وكناهم، كدّادون مُجدّون في طاعته، إهـ). عيون أخبار الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق:2/ 64-65/ب6/ح29، عنه البحار:52/ 311/ب27/ح84.
هذا، ويخبرنا أحد الباحثين في تعقيبه على تلك الأخبار مورد البحث ما لفظه: <<توصيفهم بالكنز المنسوب إلى الله تعالى ظاهر أيضاً في كونهم مدخرين مختارين من قبله عزَّ وجلَّ وبإرادة منه تعالى. ثمّ يستكمل: وبعد كلّ ما تقدّم لا بدّ أن نلتفت أنّ السبب في اختيار هؤلاء الأنصار وانتخابهم دون غيرهم ليس أمراً عفوياً أو عابراً، بل لملاكات توفّرت في هؤلاء الأنصار أدّت بهم إلى هذه الحظوة وهذه المزية، نتيجة الهمّة العالية والنجاح الكبير الذي حقّقوه في جميع مراحل التمييز والتمحيص والغربلة في انتظار اليوم الموعود>>. مركز الدراسات التخصصيّة/سؤال: من الذي يختار أصحاب الإمام المهديّ عجّل الله فرجه، هل هو الله أم الإمام نفسه؟
ذال- أنّهم الصالحون الموعودون بالاستخلاف وبوراثة الأرض. بمعنى أنّهم المراد بهم في الآية الخامسة والخمسون بعد البسملة من سورة النور: {وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِى ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِى لَا يُشْرِكُونَ بِى شَيْـًٔا}. ففي خبر أبي بصير عن الإمام الصادق في تفسير الآية قال عليه السلام: (نزلت في القائم وأصحابه). غيبة النعماني:247/ب13/ح35.
وهم المراد بهم في قوله سبحانه:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّٰلِحُونَ} سورة الأنبياء:105، فقد روى الحسين بن محمد بن عبد الله عن أبيه عن الإمام الباقر عليه السلام قال: (قوله عزّ وجلّ: {أَنَّ ٱلْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ٱلصَّٰلِحُونَ}, هم أصحاب الإمام المهديّ في آخر الزمان). تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة للسيّد شرف الدّين علي الحسيني الأسترآبادي:1/ 332/ح22، البرهان في تفسير القرآن للبحراني:2/ 75/ح5.
|
|
|
|
|