اسدال الستار و لملمة الشتات
لقد غرد الزملاء خارج سرب الموضوع كثيرا ، و دخلوا في عالم يصعب على مداركهم استيعابها نظرا لأنهم لم يعلموا أسس علم التوحيد منذ الصغر ، حيث كانوا مشغولين بلعن الصحابة و البحث عن أي شي يسئ لهم . علم التوحيد مقسم إلى ثلاثة أقسام : توحيد الربوبية و توحيد الألوهية و توحيد الأسماء و الصفات .. ولا بد من التدرج حتى تستوعب . فتتيقين من توحيد الربوبية و أنتم لديكم مشاكل فيها بسبب الولاية التكوينية ، ثم تتيقنون من توحيد الألوهية و أنتم لديكم مشاكل كثيرة جدا في هذا الصدد عن طريق الاستغاثة من الأئمة و تعظيمهم و طلب العون منهم .. فكيف تستطيعون استيعاب توحيد الأسماء و الصفات ..!!!
لذا عزمت أن أسدل الستار عن التحدث عن ذات الله و صفاته ، لضعف قواكم العقلية على الإستيعاب و كذلك لعدم امتلاككم أسس العقيدة الصحيحة التي تجعلكم تدركون فحوى ما أقول بيسر و سهولة .
وقبل أن أسدل الستار ، سأوضح نقطتين فقط ..
النقطة الأولى : تأويل صفات الله !!!
عندما سألتكم عن معنى قول الله تعالى : (( يد الله فوق أيديهم )).. جاء النجف الأشرف بقول الإمام الصادق - عليه السلام - بأن معنى يد الله : هي قوة الله !! وهذا ما يسمى تأويل ، و جعل كلمة يد كناية عن معنى آخر غير المعنى الذي يقصده الله .. وقد وضحت أن هذا خطأ لأن الله هو أعلم بنفسه و أقدر أن يعبر عن ذاته و كماله .. و قادر أن يقول ببساطة : قوة الله فوق أيديهم !! ولكنه لم يقل ذلك ، فهل نحن نصحح لله ما يقول ؟؟ .. ولكي تتضح الصورة أن التأويل خطأ كما أن التجسيم خطأ فادح بل كفر بواح .
لنتأمل قول الله تعالى : (( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ..)) .. سورة المائدة ، الآية : 64
إذا أخذنا بقول الإمام الصادق بأن يد الله تعني قوة الله . فكيف يقول الله : يداه ؟؟ بصيغة المثنى !!! هل تعني: قوتاه ؟؟
هل هناك قوتين لله؟؟ ... ثم لماذ رد الله على اليهود فقال لهم : غلّت أيديهم .. هل معنى ذلك : غلّت قوتكم ؟؟ .... ثم نتابع الآية فنجد الله يقول : بل يداه مبسوطتان ... هل قوتا الله مبسوطتان !!!!! ... ثم أخيرا ما علاقة القوة بالنفقة ..؟؟؟ لماذا قال الله تعالى : ينفق كيف يشاء ... هل قوتا الله تنفق كيف يشاء !!!
أرأيت يا أخي النجف الأشرف أن التأويل خطأ في ذات الله و صفاته ؟؟!. و سنجد هناك بلبلة في فهم كثيير من الآيات . فالصحيح نؤمن بحقيقة هذه الكلمات دون البحث عن معناها الحقيقي . لأنه لا يعلم معناها الحقيقي إلا الله ... ولكننا نؤمن بتلك الكلمات على وجه الحقيقة بلا تأويل و لا تجسيم و لا تشبيه و لا تعطيل ولا تمثيل . نؤمن بها على مراد الله تعالى وحسب قصد الله كما يليق بجلاله و كماله ، تحت شعار : ليس كمثله شيء و هو السميع البصير.
لذا أنصحكم يا إخوتي أن تكفوا عن الحديث عن أمور فوق مدارككم ، فأنتم تحتاجون إلى دراسة العقيدة من البداية ..
النقطة الثانية : رؤية الله !!
وضع أحدهم أحاديث لأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها و أرضاها - تنفي فيها رؤية الله .. و للأسف هذا الزميل من الناسخين اللاصقين لأنه لا يدري و لا يدري أنه لا يدري ..!!!
هذا الناسخ اللاصق لا يدري أن الأحاديث تتحدث عن رؤية الرسول - صلى الله عليه و آله - لله في رحلة الإسراء و المعراج . لقول الله تعالى : (( ولقد رآه نزلة أخرى . عند سدرة المنتهى . عندها جنة المأوى . إذ يغشى السدرة ما يغشى . ما زاغ البصر و ماطغى . لقد رأى من آيات ربه الكبرى ))... سورة النجم ، الآية : 13-18
فاختلف الصحابة هل رأى الرسول ربه رأي العين ؟؟ فردت عليهم عائشة بأنه لم يره .. و هذا المقصود بنفي الرؤية.
ولن أشرح لكم معنى الآية لأني لاحظت أنكم لا تسألون لطلب العلم و الفهم . و إنما تسألون للجدل و الخصام فقط . فإذا شرحت فلن تسمعوا ، و إذا سمعتم فلن تفهموا ، و إذا فهمتم فلن تؤمنوا..!!!
إذاً.. فرؤية الله في الدنيا من المحال ، حتى الملائكة لا ترى الله . وقد طلب موسى بن عمران - عليه السلام - أن يرى الله ، كما في قول الله تعالى : (( ولما جاء موسى لميقاتنا و كلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني و لكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلّى ربه للجبل جعله دكا و خر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك و أنا أول المؤمنين ))... سورة الأعراف ، الآية : 143
فكليم الله موسى لم يستطع رؤية الله في الدنيا . والمعلوم أن موسى كان يكلم الله مباشرة .
أما رؤية الله في الجنة فهو مما لا شك فيه ولا ريب . فكل مؤمن يدخله الله الجنة فسوف يرى الله في الجنة .. لقول الله تعالى : (( وجوه يومئذ ناضرة . إلى ربها ناظرة )) ، ولما ورد في الأحاديث الشريفة وهي كثيرة . و رؤية الله في الجنة متفاوت حسب درجة المؤمن في الجنة . وهذا أمر يحتاج إلى تفصيل وليس هذا محل ذكره . ورؤية الله هو أكبر نعيم في الجنة و أعظم جزاء يكافئ الله عباده الذين آمنوا به و لم يروه و أخلصوا له العبادة و عظموه وهم لم يعرفوه . فيكافؤهم الله بأن يكشف عنهم الحجب ليروا ربهم الذي خلقهم و رزقهم و هداهم لنعمة الإيمان و الإسلام.
و أكبر عذاب للكافر هو حرمانه من رؤية الله ، فالكافر لم يرى الله في الدنيا و لن يراه في الأخرة ، فيعيش حياته الدنيا و الآخرة دون أن يرى الذي خلقه و أعطاه الحياة ..!! .. كما في قول الله تعالى : (( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ))
وختاما .. أرجوا من السادة الزملاء أن لا يطرحوا مواضيع تتعلق عن ذات الله و صفاته ، لأن عقيدتكم تختلف كثيرا عن عقيدتنا ، و لن تفهموا شيئا مما أقول ، فلا داعي لأن تسألوني شيئا
ثم هلمّ نلملم شتات الموضوع الذي تشتت كثيرا ، و نعود إلى سرب الموضوع بعد هذا التغريد المطول في حديث لا طائل منه .
|