ففي تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1304) بإسناده عن سعيد بن المسيب قال:
(( ... وبعث الزبير ابنه وبعث طلحة ابنه على كره منه، وبعث عدة من أصحاب محمد أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان، ويسألونه إخراج مروان))،
التعليق:
السند مختلف فيه... رجاله ثقات إلا أن فيه رجل يشتبه في تدليسه شيخه..
وعلى كل حال فطلب تسليم مروان ( الذي كتب الكتاب المشئوم) كان مطلباًجماهرياً طاغياً..
ليس لكتابته ذلك الكتاب فقط
وإنما لإبعاده عن عثمان حتى لا يكتب للولاة بقتل فلان وفلان ويخون عثمان ويفتئت عليه..
فمن يضمن لهم لو أنهم رجعوا ألا يأتي كتاب آخر من مروان يأمر والي مصر بقطع أيديهم وأـرجلهم من خلاف ؟
وتمسك عثمان بمروان بعد ثبوت خيانته من أسباب فقدان الثقة بين عثمان والثوار من صحابة وأجناد..
وهو من أسباب بقاء الثوار في المدينة وإصراراهم على عزل عثمان بعد أن ثبت لهم فشله في إدارة الدولة حسب وجهة نظرهم على الأقل..
وعثمان خشي إن سلمهم مروان أن يقتلوه... وهو لا يستحق القتل وإنما التعزير ونحوه..
لكن عثمان هو الخليفة وهو صاحب الحق العرفي في معاقبة مروان أو العفو عنه
والفصل بين السلطات لم يكن معروفاً يومئذ..
وهكذا لو توسعنا لعرفنا أن الموضوع أعمق من هذه السذاجة التي ظهر بها المسلسل وكأنه ( طاش ما طاش) في تناوله الساخر لتصرفات بعض الجهات في التعليم وغيره...
نقلها ابن أبي الحديد المعتزلي : في شرح نهج البلاغة عن الزبير بن بكار ( السني النسابة المشهور)
فقال:
وروى الزبير ( هو ابن بكار):
عن أبي عنان ، عن عمر بن زياد ، عن الأسود بن قيس ، عن عبيد بن حارثة قال : سمعت عثمان وهو يخطب ، فأكب الناس حوله فقال : اجلسوا يا أعداء الله ، فصاح به طلحة : إنهم ليسوا بأعداء الله لكنهم عباده وقد قرأوا الكتاب . انتهى .
التعليق:
طلحة مقاطعاً لعثمان ومدافعاً عن الثوار..
وقد بقيت روايات كثيرة
منها المهم كرواية أبي الأسود الدؤلي والشعبي وابن سيرين وقتادة وعوف الأعرابي وأبي إدريس الخولاني وغيرهم ممن يؤكد على أن طلحة بن عبيد الله كان من الثوار على عثمان بل هو الذي تولى أمره كله حتى قتل بعد حج عائشة ( وقد كان بنو تيم قبيلة عائشة وطلحة من أشد الناس عليه، ومحمد بن أبي بكر من تيم أيضاً، إلا أن النواصب أشهروا معارضة محمد بن أبي بكر لنصرته علياً فيما بعد، وأطفئوا معارضة عائشة وطلحة مع أنها الأنكى وألأكثر أثراً في الناس لأنهما قاتلا علياً، فالتاريخ تلون مع الزمان حتى وصل إلى ما رأيتموه في المسلسل الأعجوبة) ...
وعلى كل فنحن تعمدنا ألا ننقل إلا روايات شهود العيان ، وروايات هؤلاء كالشعبي وابن سيرين وقتادة لا ريب أنها تصلح في المتابعات والشواهد بأفرادها فكيف بمجموها إلا أن هذا سنؤجله في كتابنا عن فتنة عثمان، ليعلم الجميع كيف أن ألأمة تستمر في تزييف التاريخ بما يحب العامة، فيضرون الحقيقة والتاريخ وأنفسهم والعامة، لكنهم لا يشعرون بفائدة الحقيقة ولا ضرر الكذب )!،..
وعلى كل حال فهذه الروايات تكفي في صحة اساس القضية من كون طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وسامحه كان من المحرضين على عثمان ومن كبار الثوار بل هو قائدهم الفعلي في المدينة..
أما تيار الغلاة والتجار فليس لهم في نفي هذه الحقيقة إلا رواية سيف الكذاب ( وهو ليس شاهد عيان، بل لم يرو عن شاهد عيان) إضافة إلى دمجهم رواية مع أمزجة بعض أصحاب الهوى ألأموي أو اقتراحات بعض المهوسين بالمكايدات المذهبية، وبعض اصحاب دراسة الجدوى! ثم إخراجها عبر علماء يفتون في التاريخ ودعاة مهوسون بالرد على الشيعة وتبرئة الصحابة من الاختلاف!! ...
وهؤلاء كلهم لسوا من البحث والتاريخ في شيء..
الذي عجبت منه أيضاً..
أن أصحاب عثمان ومعاوية في المسلسل في غاية الجمال!
بينما اصحاب النبي (ص) واصحاب الإمام علي في غاية القبح!
رغم أن من أصحاب عثمان مروان بن الحكم ( خيط باطل)! الذي بدا جميلاً وثاباً..
والمغيرة بن شعبة الأعور ( الذي بدا صحيح العينين)!
وعمرو بن العاص القصير ( الذي بدا عملاقاً)
ومعاوية الذي كان يضع بطنه على فخذيه عند الأكل - مع عظم عجيزته- الذي بدا في المسلسل رشيقاً كالغزال!
... وهكذا... لا لآادري هل هو مقصود أم شيء من نفاق؟!
وشكراً لكم
وقد أضيف في حلقة طلحة هذه وقد أنطلق للحلقة الرابعة..
موقف الزبير بن العوام من عثمان بن عفان وسياسته في المال والإدارة
والآن نأتي إلى دور الزبير بن العوام وموقفه من عثمان رضي الله عنهما وسامحهما
وحقيقة لا بد هنا من القول:
أن موقف الزبير كان عاقلاً إلى حد بعيد.. وليس له حماس أم المؤمنين عائشة ولا طلحة بن عبيد الله...
فلم يشارك في فتوى ولا محاصرة ولا تحريض.. ( وكان عثمان قد أحسن إليه واجازه بستمائة الف درهم وقد بها العراق واصبح تاجراً، إلا أن موقف عثمان من ابن مسعود وما جرى له من ضرب على يد موالي عثمان وحاشيته، ووصية ابن مسعود إلى الزبير بأيتامه، ووصية ابن مسعود للزبير إلا يصلي عليه عثمان، وما جرى بين الزبير وبين عثمان في هذا الشأن بما يخص عطاء أيتام ابن مسعود، ربما أسهم هذا أو أفسد إحسان عثمان إليه)
إلا أن معارضته لم تبلغ معارضة عائشة وطلحة
بل لا تبلغ معارضته كمعارضة عمار أوأبي ذر أوابن مسعود..
فهؤلاء الثلاثة أكثر حماساً من الزبير في الإنكار على عثمان ..
ولكن بما أن طلحة والزبير يذكران معاً ، وشهد الجمل معاً، فقد ظن الناس أن نسبة معارضة الزبير لعثمان أو حتى خصومته للإمام علي هي كطلحة وعائشة... وهذا غير صحيح..
لذلك لا أستطيع أن أسمي معارضته ( تحريضاً) كما يقال في تحريض أم المؤمنين عائشة وطلحة بن عبيد الله
إلا أنه معارض لسياسة عثمان وكفى.. وهذا يجعله في الصف الآخر المعارض لعثمان..
وكذلك علي بن أبي طالب .. معارض لسياسة عثمان لكنه ليس محرضاً عليه..
وهذا القسم الثاني من الصحابة ليسوا محايدين بين عثمان والثوار
كلا..
هم يرون أن الثوار على حق في مطالبهم، وان مطالبهم شرعية
وأن سبب الفساد هم ولاة عثمان وحاشيته وتصرفاته في الأموال والإدارة
(وهذا معنى الحديث: فساد أمتي على أيدي أغليلمة سفهاء من قريش)
فهؤلاء الولاة هم سبب مقتل عثمان، وسبب الفتنة، وسبب التحريف الثقافي والعلمي والروائي..
إلا ان هؤلاء الصحابة المعتدلين في معارضة عثمان لم يحاصروا ولم يحرضوا ولم يرموا بسهم ولم يمنعوا ماء ولم يفتوا بقتوى ضد عثمان..الخ
وعلى كل حال
سنعرض - بعد قليل- الروايات في معارضة الزبير لعثمان
ثم أنتم تحكمون هل الحق معي في فصله عنهما
أم أنه تخطى مرحلة المعارضة والإنكار إلى التحريض والحصار...
وهذا التفصيل واجب عند من يقتنع به..
أعني ليس من شأن أهل العلم - والمتشبهين بهم أمثالنا- خلط الأوراق..وحشر الناس في قالب واحد دون تفصيل،
كلا.. وانا احاول ان أكون دقيق الالفاظ، وقد أفشل أحيايناً، لكن لعل أكثركم تابعني في موضوعات كثيرة ومنها موضوع النصب مثلاً، فتلحظون أنني أقول : وفلان فيه نصب، وكلمة فيه نصب ليست ككلمة ناصبي، وغذا قلت فلان ناصبي فغالباً أعقب بقولي: ولكن نصبه من النصب الخفيف بجهل وتقليد وليس كنصب فلان عن تعمد وعلم..
بينما هؤلاء إذا أطلقوا كلمة ( رافضي) أو ( علماني) فحدث ولاحرج!
والدقة أراها من امانة العلم وأمانة الكلمة
وغفر الله لنا تقصيرنا في ذلك..
[ ص: 132 ] الأصم : حدثنا أبي ،سمعت ابن راهويه يقول :
لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل معاوية شيء .
ابن فضيل : حدثنا يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أبي برزة ; كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوت غناء ، فقال : انظروا ما هذا ؟ فصعدت فنظرت ، فإذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان ، فجئت فأخبرته ، فقال : اللهم أركسهما في الفتنة ركسا ، ودعهما في النار دعا .
ويروى أنمحمد بن أبي بكرطعنه بمشاقص في أذنه حتى دخلت حلقه . والصحيح أن الذي فعل ذلك غيره ، وأنه استحيى ورجع حين قال له عثمان : لقد أخذت بلحية كان أبوك يكرمها . فتذمم من ذلك وغطى وجهه ورجع وجاحف دونه فلم يفد ، وكان أمر الله قدرا مقدورا وكان ذلك في الكتاب مسطورا .
[ ص: 309 ] وروى ابن عساكر ، عن ابن عون ، أن كنانة بن بشر ضرب جبينه ومقدم رأسه بعمود حديد ، فخر لجنبه ، وضربه سودان بن حمران المرادي بعد ما خر لجنبه فقتله ، وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمانفجلس على صدره وبه رمق ، فطعنه تسع طعنات وقال : أما ثلاث منهن فلله ، وست لما كان في صدري عليه .
وذكر ابن جرير أن شريح بن هانئ - مقدم جيش علي - وثب على عمرو بن العاص فضربه بالسوط ، وقام إليه ابن لعمرو فضربه بالسوط ، وتفرق الناس في كل وجه إلى بلادهم ، فأما عمرو وأصحابه فدخلوا على معاوية ، فسلموا عليه بتحية الخلافة ، وأما أبو موسى فاستحيى من علي فذهب إلى مكة ، ورجع ابن عباس وشريح بن هانئ إلى علي ، فأخبراه بما فعل أبو موسى وعمرو ، فاستضعفوا رأي أبي موسى ، وعرفوا أنه لا يوازن عمرا . فذكر أبو مخنف ، عن أبي جناب الكلبيأن عليا لما بلغه ما فعل عمرو كان يلعن في قنوته معاوية ، وعمرو بن العاص ، وأبا الأعور السلمي ، وحبيب بن مسلمة ، والضحاك بن قيس ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، والوليد بن عتبة ، فلما بلغ ذلك معاوية أيضا ، كان يلعن في قنوته عليا وحسنا وحسينا وابن عباس والأشتر النخعي .
الرواية الأولى : رواية أبي سعيد مولى أبي اسيد الساعدي
وهي تتعلق بموقف الزبير من الاحتكار وإنكاره على عثمان:
ففي المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 9 / ص 359)
قال إسحاق ( ابن راهويه ثقة) : أنا معتمر بن سليمان ( ثقة) ، سمعت أبي (ثقة) يقول : أنبأنا أبو نضرة (ثقة) ، عن أبي سعيد يعني مولى بني أسيد (ثقة وهو شاهد عيان) :
أن عثمان ، نهى عن الحكرة ، فلم يزل الرجل يستشفع حتى يترك مولاه ،
فدخل الزبير بن العوام السوق فإذا هو بموالي بني أمية يحتكرون ،
فأقبل عليهم ضربا ، فبينا هو كذلك ، إذ بعثمان مقبلا على بغلة أو على دابة فمشى إليه فأخذ بلجام البغلة فهزه هزا شديدا وأراه قال له : إنك وإنك ، غير أنه اشتد عليه في القول ، ثم تركه فلما نزل ألقيت له وسادة فجلس عليها ، وجاء الزبير فسلم عليه ، وقال : والله يا أمير المؤمنين ، إني لأعلم أن لك علي حقا ، ولكني رجل إذا رأيت المنكر لم أصبر . فقال له عثمان : اجلس ، فأجلسه على الوسادة إلى جنبه
التعليق:
السند صحيح..
ومعارضة الزبير هنا عاقلة.. كما ترون.. وهي تبين شخصية الزبير .. أنه شريع الغضب مع طيبة قلب ..
وسنرى في موقعة الجمل كيف ذكره الإمام علي بحديث فرجع ولم يقاتل ..
وهذه الرواية لا تصلح وحده في معارضة الزبير لعثمان،
بل إنما اوردتها لبيان شخصية الزبير وأنها تختلف عن شخصية طلحة وعائشة...
فهذان الاثنان كانت فيهما حدة شديدة وغضب سريع ولا ينسيان .. غفر الله للجميع..
والرواية أيضاً تبين أن بني أمية كانوا يتصرفون بما يستفز الناس محتمين بعثمان وخلافته..حتى وغن لم يقرهم ولا يرضى أفعالهم لكنهم يفعلون في المدينة ما لا يرضاه عثمان اعتماداً منهم على رقة عثمان معهم وحبه لهم وتركه معاقبتهم... وإذا كان هؤلاء يفعلون في المدينة ما لا يرضي عثمان حتى أنهم كتبوا على لسانه وختموا بختمه وبعثوا بغلامه في قتل زعماء الثورة فكيف سيكون تصرف ولاة عثمان؟
اعني إذا كانت موالي بني أمية لا تخشى عقوبة عثمان فكيف بالأمراء الكبار والحاشية المتنفذة؟
لابد أن يستحكم الفساد ويستطيلون على عباد الله ويكثرون من كنز الأموال ويعاقبون بغير الشريعة
وكل هذا قد حصل وستلاحظونه في استعراض الروايات...
كان الأولى بالمسلسل والقائمين عليه أن يغوص في هذه الأمور ويكشفها وسيجد فيها كثيراً من أعذار عثمان
قد تكون أكثر أعذار عثمان هي في حبه لقرابته وستامحه معهم وأمنهم عقوبته..
وهذا بخلاف عمر وعلي فقد كانا شديدين على قرابتهما إن اساء أحد منهم استخدام القرب من الخليفة..
تنبيه:
لن نكرر ما اشترك فيه مع طلحة من الروايات التي سبقت في موقف طلحة
كرواية ابن الأخنس وابن عباس وأقوال علي بن أبي طالب..
الروايةالثانية : رواية البلاذري
زهي تبين شدة الزبير على عثمان فقط...
وقد أقدم بعض الروايات الضعيفة الإسناد كهذه على الروايات القوية لجاهزيتها الآن..
ففي أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 258)
وجدت في كتاب لعبد الله بن صالح العجلي:
ذكروا أن عثمان نازع الزبير، فقال الزبير: إن شئت تقاذفنا
فقال عثمان: بماذا؟ بالبعر يا أبا عبد الله؟
قال: لا والله ولكن بطبع خبابٍ وريش المقعد، وكان خباب يطبع السيوف وكان المقعد يريش النبل.
زهر الأكم في الأمثال و الحكم لليوسي - (ج 1 / ص 77)
فتكالم الزبير وعثمان فقال الزبير:
إن شئت تقاذفنا
قال ( عثمان): أبالبعر، يا أبا عبد الله؟
فقال الزبير: بل بضرب خباب وريش المقعد
أي نتقاذف بالسيف والسهام.
القاموس المحيط - (ج 1 / ص 53)
فقال الزُّبَيْرُ: إن شِئْتَ تَقاذَفْنا، فقال: أَبِالبَعَرِ يا أبا عبدِ الله؟ قال: بل بِضْرَبِ خَبَّابٍ ورِيشِ المُقْعَدِ، والمُقْعَدُ: كانَ يَرِيشُ السِّهَامَ.
تاج العروس - (ج 1 / ص 442)
وخَبَّابٌ كشَدَّادٍ اسمُ قَيْنٍ بِمَكَّةَ زِيدَتْ شَرَفاً كانَ يَضْرِبُ السُّيوفَ الجِيَادَ ويَدُقُّهَا حتى ضُرِبَ به المَثَلُ ونُسِبَتْ إليه السُّيُوفُ
ومِمَّا ذَكَرَ أَهْلُ التَّوَارِيخِ أَنْ تَكَالَمَ الزُّبَيْرُ وعُثْمَانُ رَضِيَ الله عنهما في أَمْرٍ منَ الأُمُورِ
فقالَ الزُّبَيْرُ : إنْ شِئتَ تَقَاذَفْنَا مِنَ القَذْفِ وهو الرَّمْيُ
فَقَالَ عُثْمَانُ : أَبِالْبَعَرِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ؟ كأَنَّهُ اسْتَهْزَأَ بِهِ!
قَالَ : بَلْ " بِضَرْبِ خَبَّابٍ ورِيشِ المُقْعَدِ
يَعْنِي بضَرْبِ خَبَّابٍ السَّيْفَ وبرِيشِ المُقْعَدِ النَّبْلَ
والمُقْعَدُ على صِيغَةِ المَفْعُولِ : اسمُ رَجُلٍ كَانَ يَرِيشُ السِّهَام اهـ
قال البلاذري :
حدثني المدائني عن ابن الجعدبة قال : مر علي بدار بعض آل أبي سفيان فسمع بعض بناته تضرب بدف وتقول :
ظلامة عثمان عند الزبير * وأوتر منه لنا طلحه
هما سعراها بأجذالها * وكانا حقيقين بالفضحه
فقال علي : قاتلها الله ، ما أعلمها بموضع ثأرها؟ اهـ
قلت: السند ضعيف ومرسل..
ولكن مع كثرة الروايات هل تدل على معارضة؟
سننظر..
يجب متابعة هذه الأبواب
لأننا سنضيف إليها باستمرار..
فمثلاً هنا:
كان الزبير من الذين اشتركوا في الإنكار على عثمان تولية الوليد بن عقبة وعزل سعد بن أبي وقاص..
فالوليد بن عقبة أموي فاسق وسعد بن أبي وقاص مهاجري بدري صالح..
فأنكر الزبير مع آخرين كسعد نفسه وعلي وطلحة على عثمان تولية هذا الفاسق
والرويات كثيرة وأحسنها سياقاً ما رواه البلارذي في أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 265) قال :
حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف / ومحمد بن سعد عن محمد ابن عمر الواقدي:
أن عمر بن الخطاب أوصى أن يقر عُماله من ولي الأمر بعده سنة وأن يولي سعد بن أبي وقاص الكوفة، ويقر أبا موسى الأشعري على البصرة، فلما ولي عثمان عزل المغيرة بن شعبة وولى سعداً الكوفة سنةً ثم عزله وولى أخاه لأمه الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية، فلما دخل الكوفة قال له سعد: يا أبا وهب، أأمير أم زائر؟ قال: لا بل أمير!
فقال سعد ما أدري ( أكست بعدنا أم) أحمقت بعدك؟
قال: ما حمقت بعدي ولا كست بعدك، ولكن القوم ملكوا فاستأثروا!
فقال سعد: ما أراك إلا صادقاً!
وقال الناس: بئسما ابتدلنا به عثمان، عزل أبا إسحاق الهين اللين الحبر، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وولى أخاه الفاسق الفاجر الأحمق الماجن، فأعظم الناسُ ذلك!
وكان الوليد يُدعى الأشعر بركأ، والبرك الصدر.
وعزل أبا موسى عن البصرة وأعمالها وولى عبد الله بن عامر بن كريز، وهو ابن خاله
فقال له عليّ بن أبي طالب وطلحة والزبير:
ألم يوصيك عمر ألا تحمل آل مُعيط وبني أمية على رقاب الناس؟
فلم يُجبهم بشيْ. اهـ
التعليق
ولا تصدقون هؤلاء في تضعيفهم المؤرخين الأحرار كالواقدي والمسعودي والكلبي وأبي مخنف وغيرهم..
نعم هؤلاء ق يروون الضعيف والصحيح لكنهم ثقات فيما ينقلونه وإذا أتى ضعف فإنما هو ممن رووا عنه او من انقطاع في الرواية أو قلة حفظ أو اختلاط الخ..
مثلما نحن يكذبوننا ونحن صادقون ولكننا قد نروي ما لا يصح ليس لأننا افتريناه ولكن لأننا وثقنا في مصدر لم يكن موثوقاً..
وعملهم وعملنا يشبه عمل المراسلين الصحفيين
فالمراسل قد يوروي خبراً عن مواطن في مظلمة أو عن مسئول في مكرمة
ثم قد يكذب ذلك المواطن أو يزيد في الخبر... وقد يكذب ذلك المسئول أو ينقص في الخبر.. فما ذنب المراسل إذا كان قد وثق الخبر في تسجيل صوتي..
أما الحمقى فسيعاقبونه
وأما العقلاء فسيبرؤونه..
وغلاة السلفية يذمون الواقدي وأبي مخنف والكلبي وأمثالهم لأنهم صادقون وينقلون الأخبار كلها ما نحب منها وما نكره..
وأما الذين يكتمون بعض التاريخ ويبيحون ببعض فهذا يوثقونه ويوصون به..
بمعنى يكذب الصادق ويؤتمن الخائن..
وهذه من علامات القرن الثالث ومن بعدهم كما قال حذيفة بن اليمان
( خذو الحديث حلوه بمره، ولا يصلح حلوه إلا بمره، فسيأتي بعدكم قوم يأخذون حلو الحديث ويدعون مره)!
وترك الأخبار المؤسفة ونشر المفرحة هي من عادات الأطفال
فالطفل يحب مثل هذه الأخبار المثالية..
وكذلك العامة يتألمون جداً إذا قام بطل المسلسل بعمل مشين..
والباحثون في الأمة قليل..
اعني الذين يريدون الحقيقة مهما كانت .. حتى يبنون عليها فهم كل شيء..
..
ومن خلال بحثي الطويل الهاديء وجدت أن كثيراً مما يضعفهم هؤلاء إنما ضعفوهم لحريتهم وأمانتهم
وأن كثيراً ممن وثقهم هؤلاء إنما وثقوهم لخيانتهم ..
خذوا هذا القول مني الآن وقولوا مجنون!
لكن إن وجدتم حقيقته ولو بعد دهر فادعو لي ولو بعد موتي..