تقرير عن نشاط إيران النووي زيّفته إسرائيل... ينقلب عليها
كُشف، أمس، أن التقرير الذي تناقلته أخيرا وسائل الإعلام العالمية وبالأساس وكالة أنباء «أسوشيتد برس» واوضحت أن مصدره الوكالة الدولية للطاقة النووية التي تتخذ من فيينا مقراً لها وتضمن صورا لموقع ذكر التقرير أنه المكان الذي أجرت فيه إيران تجربة نووية وتضمن أيضاً صورا للمنشآت التي قيل أنها استخدمت في التفجير، «كان مزورا وأن إسرائيل هي المتهم الأول في تزويره»، الأمر الذي، وفقا للمراقبين السياسيين، انقلب على إسرائيل وألحق ضررا فادحا بالحملة الدولية ضد البرنامج النووي الإيراني في شكل عام.
وذكرت «نشرة علماء الذرة» التي تصدر في فيينا عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن علماء الفيزياء الذرية الذين اطلعوا على التقرير والصور المنشورة معه لاحظوا وجود أخطاء واضحة يمكن من خلالها بسرعة ملاحظة عدم صحة التقرير والصور وقالوا أنه «عمل مزور من شخص هاو». وكان التقرير المزور أثار أسئلة حول التحقيق الجاري من جانب مفتشي الوكالة الدولية والذي يشكل جزءاً مهماً من المعلومات الاستخبارية حول الأعمال الجارية في المنشآت التابعة للبرنامج النووي الإيراني وشكك فيه، ما سبب حرجا للوكالة، ودفع الاتحاد الأوروبي إلى تشديد العقوبات من جانبها على إيران. واوضحت النشرة أن «المسؤولين الغربيين يعتقدون أن نفاذ صبر الإسرائيليين دفعهم لارتكاب هذا التزييف، إضافة إلى تزييفات أخرى تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي يُسلط الضوء على الحملة الدعائية الواسعة التي تتعرض لها إيران بسبب برنامجها النووي».
وأكدت صحيفة «الغارديان» في تعليق لها على الفضيحة ظهر على موقعها الإلكتروني، أمس، أن التقارير الإسرائيلية المزيفة حول الموضوع أتت بنتائج عكسية، وأشارت إلى أن وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية تنشط في شكل مركز في مدينة فيينا التي انقلبت إلى ما يشبه ساحة الحرب للنشاط التجسسي، في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. وكانت «اسوشيتد برس» نشرت التقرير الذي ذكرت أنه سُرِّب إليها «على يد مسؤولين من دولة غير راضية عن برنامج إيران النووي» من دون أن تكرها بالإسم. وأضافت أن المسؤولين الإسرائيليين الذين اتصلت بهم للحصول على تعليق منهم حول التقرير رفضوا التعليق على الموضوع.
وتضمن التقرير المزيف معلومات استخبارية غير عادية تجعل التقرير أقل مصداقية بدلاً من تعزيزه، مثل المعلومات التي وردت عن اثنين من خبراء الفيزياء الذرية الإيرانيين الأول قتل والثاني جرح قبل عامين، هما ماجد شهرياري الذي اقتربت دراجة نارية من السيارة التي كان يستقلها في طريقه إلى العمل في طهران في نوفمبر العام 2010 وألصق راكب الدراجة على السيارة شحنة ناسفة انفجرت فقتلت شهرياري، والثاني فريدون عباسي ديواني الذي جرح في محاولة اغتيال شبيهة. يُشار إلى أن كتابا نشر أخيرا في الولايات المتحدة بعنوان «جواسيس ضد آرماغيدون» ذكر أن العمليتين نفذتا على يد عملاء يعملون لحساب وحدة «كيدون» التابعة لجهاز الموساد.
ونقلت «الغارديان»، أمس، عن مسؤولين غربيين لم تسمهم، أن «التقرير المزور كان يهدف إلى إضفاء الشرعية على عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل في إيران». وقال المسؤولون أن «وكالة الطاقة الذرية ستضطر بعد كشف زيف هذا التقرير إلى إلغاء بعض الخطوات التي كانت اتخذتها ضد إيران بالنسبة لعمليات التفتيش على منشآتها النووية، فتكون النتيجة التخفيف عن إيران بدلاً من تشديد الخناق عليها». وتابعوا: «خلق التقرير المزور شعورا بالمرارة داخل الوكالة الدولية للطاقة التي يشعر المسؤولون فيها أنهم مستهدفون من جانب الجواسيس، وأنهم معرضون لحملات مركزة للتأثير على قراراتهم أو إظهارهم كأشخاص من دون مصداقية»
.وذكرت «الغارديان» أن الرئيس السابق للوكالة محمد البرادعي، «كان تعرّض لحملة إسرائيلية شعواء لإظهاره منحازا إلى إيران، بل جرت محاولة من جانب الإسرائيليين لوضع مبلغ كبير من المال في حسابه البنكي للادعاء لاحقا بأنه يحصل على أموال من طهران.
معهد واشنطن: اختلافات الولايات المتحدة مع البحرين تتجلى بوضوح على الملأ
تشهد علاقات واشنطن مع البحرين توتراً بعد التعليقات الملكية في مؤتمر إقليمي حول الاستراتيجيات عُقد في عاصمة المملكة. إن الحدث الذي وصفته وكالة "أسوشيتيد بريس" بأنه "زلة دبلوماسية" و"صفعة ضد واشنطن على الملأ" يعيد فتح النقاش بشأن تقدم الإصلاحات مع استمرار العنف في الشوارع بين المحتجين الشيعة وقوات الأمن التي نشرتها عائلة آل خليفة الملكية السُنية.
وقد لقي أكثر من خمسين شخصاً حتفهم، من بينهم رجال أمن، في الاحتجاجات المطالبة بمزيد من التمثيل السياسي والحقوق الأخرى على مدى العامين الماضيين. وكان معظم الأعضاء الشيعة في البرلمان قد استقالوا في شباط/فبراير 2011، مما أسفر عن تعزيز الأغلبية السنية في مجلس النواب في الانتخابات اللاحقة التي جرت بعد ذلك، رغم أن أغلبية سكان المملكة هم من الشيعة. ولا تزال الاحتجاجات مستمرة بشكل يومي تقريباً - الأمر الذي يشكل حرجاً لواشنطن نظراً لاستضافة المملكة للأسطول الخامس الأمريكي الذي هو أحد المكونات الرئيسية في ردع إيران.
وقد فوجئ الدبلوماسيون الغربيون في مؤتمر "حوار المنامة السنوي" عندما لم يذكر ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الولايات المتحدة بالأسم عندما سرد الحلفاء الذين قدموا دعماً جوهرياً أثناء الاضطرابات. وكان يُنظر إليه من قبل باعتباره الإصلاحي الرائد في العائلة الملكية. وقد تحدث ايضاً عن بلدان وجهت انتقادات "انتقائية" إلى قيادة البحرين، دون ذكر أمثلة محددة. وأثناء دعوته إلى الحوار، صرح أيضاً بأن على القادة الدينيين الشيعة - الذين أشار إليهم بمصطلح "آيات الله" - شجب العنف بمزيد من القوة.
وقد حاكى كلمات سلمان القاسية نجل العاهل السعودي ونائب وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير عبد العزيز بن عبد الله آل سعود. وفي محاولة واضحة لتبرير التدخل العسكري في البحرين من جانب السعودية في العام الماضي، حذّر من أن دول الخليج "لا تستطيع تقبل عدم الاستقرار".
وفي غضون ذلك، أكد نائب وزيرة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز الذي ترأس الوفد الأمريكي على "التحديات العاجلة لسلوك إيران الطائش". وفيما يتعلق بالإصلاح، قال "لا يوجد منهج واحد يناسب الجميع في العمليات الانتقالية أو الإصلاحية، فالكثير يعتمد على الظروف المحلية ومؤهلات القيادة المحلية". ومع ذلك فقد صرح أيضاً بأن "الاستقرار طويل الأجل والأمن الدائم، يعتمدان على المشاركة الكاملة لجميع المواطنين في الحياة السياسية والاقتصادية، وإيمان جميع المواطنين بأنه يتم سماع واحترام وجهات نظرهم المعبّر عنها سلمياً؛ [و]اقتناع جميع المواطنين بأن لهم نصيب في مستقبل بلادهم". وفي نص الخطاب المرسل عبر البريد الإلكتروني الذي وزعته وزارة الخارجية الأمريكية، كان ذكر الكلمات "جميع" ثلاث مرات وارداً بخط سميك في جميع الحالات.
وتشير الرسالة إلى أن الفجوة في التصورات والرؤى بين واشنطن والمنامة شاسعة أكثر من أي وقت مضى. وتنظر الولايات المتحدة إلى الإصلاح السياسي على أنه يتفق مع الحفاظ على العلاقات الأمنية التاريخية، بينما تنظر العائلة المالكة إلى القادة الشيعة بعين الريبة والشك، حيث ترى أنهم متعاطفون جداً مع إيران وعازمون على تغيير الوضع السياسي الراهن. وبالإضافة إلى ذلك، كان منظمو المؤتمر يأملون أن يكون وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا من ضمن المتحدثين الرئيسيين. وعلى الرغم من إدراج قائد القيادة المركزية الجنرال جيمس ماتيس وقادة الأسطول الخامس نائب الأدميرال جون ميلر كمتحدثين، إلا أن نائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز هو الذي ألقى البيان التوضيحي حول السياسة الأمريكية والمنطقة.
وقد رافقه مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان مايكل بوزنر. وفي ملاحظاته في التاسع من كانون الأول/ديسمبر قال بوزنر أنه: "من أجل خلق مناخ يمكن فيه تحقيق الحوار والمصالحة، تحتاج حكومة [البحرين] إلى محاكمة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في أوائل 2011. كما يجب عليها إسقاط التهم ضد جميع الأشخاص المتهمين بارتكاب انتهاكات ترتبط بالتعبير غير العنيف عن الآراء السياسية وحرية التجمع".
وفي المرحلة اللاحقة، هناك خطران يهددان العلاقات بين الولايات المتحدة والبحرين: أولهما أن إيران سوف تحاول إضعاف العلاقة بشكل أكبر؛ وثانيهما أن واشنطن لم تبذل الكثير من الجهد على ما يبدو لرأب تلك العلاقة. ففي كانون الأول/ديسمبر 2011، على سبيل المثال، لم يحضر الاحتفال بالعيد القومي البحريني في واشنطن سوى مسؤول أمريكي واحد صغير الرتبة. وعلى الرغم من هذا التوتر، يجب أن يكون تمثيل الولايات المتحدة في مناسبة هذا العام - التي من المقرر الاحتفال بها يوم الأربعاء 12 كانون الأول/ديسبمر - أكبر حجماً وتمثيلاً.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.