بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ
الَلَّهٌمَّ صَلَِ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
والحـــــــمد لله قاصم الجبارين ومبير الظالمين وفاضح الكذابين
... رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي ...
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
ولك الود والأحترام أيها الطـــيب الكريم
وسأحاول الأختصار قدر الإمكان وعلى قدر سعة البحث والجواب فيه إن شــــــــــــآء الله تعالى وبالله أســــــــــــــــتعين
قلتم مشكورين :
ومن قال لك أيها الكريم أنه ليس هناك تصريح في القول منه صلى الله عليه وآله بأتباعهم هنا فيما أوردته من احاديث صحيحة ومتفق عليها من قبل طوائف الإسلام قاطبة .......!!!
وليس ذلك لعدم نفي الأتباع ولزومه ووجوبه أيها الطيب الحذق فقد قالها الرسول بين طيات الأحاديث كلها أو أغلبها في قوله وهي الشافية والمهمة في الأمر بقوله :
"لا يزال هذا الأمر ماضيا حتى يقوم اثنا عشر أميرا"
و
" لا يزال الدين قائما حتى يكون اثنا عشر خليفة "
و
"لن يزال هذا الدين عزيزا منيعا ظاهرا "
و
" لا يزال هذا الأمر صالحا حتى يكون اثنا عشر أميرا "
فكيف ستكون تلك القيمومة للدين وتلك العزة والمنعة والصلاح بغير التمسك بهؤلاء الأثنا عشر أميراً وخليفةً وإماماً ...!!
فهنا الرسول الكريم يخاطب عقول محبي الدين من المسلمين ويبشر وينبأ بعزة هذا الدين وقيمومته على الأديان كلها إن تحــــــــققت إمامة هولاء الخلفاء والأمراء في رقاب المسلمين جميعاً ...
هذا ناهيك عن أحاديث أخرى له صلى الله عليه وآله وثابتة عنه وصحيحة من كلا الطرفين بضرورة التمسك بالقرآن الكريم والعترة من أهل بيته ...
قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله :
« إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي. ألا فتمسّكوا بهما فإنهما حبلان لا ينقطعان إلى يوم القيامة »
ومثله قوله صلى الله عليه وآله من مصدر آخــــر :
«إنّي تارك فيكم أمرين إنْ اخذتم بهما لن تضلوا : كتاب الله عزّوجلّ واهل بيتي عترتي. أيها الناس، اسمعوا وقد بلّغت. إنكم ستردون عليّ الحوض فأسألكم عمّا فعلتم في الثقلين، والثقلان كتاب الله جلّ ذكره وأهل بيتي، فلا تسبقوهم فتهلكوا ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم»
لو ربطت كل تلك الروايات مع عضها البعض أيها الطيب وأحاديث الثقلين لعرفت القصد والفكرة ووجوب التمسك بما ذكرناه لك من كتاب الله تعالى والعترة النبوية التي لن تقودك ألا إلى شرع الله الحق والصراط المستقيم والحق المبين ، الذين بهم عز الإسلام والدين وقيمومته على الأديان كلها وظهوره وقوة منعته وأهله .
وقول أبن حجر يكفي منكم وفيكم:
قال ابن حجر في الصواعق :
( سمّى النبي (صلى الله عليه وآله) القرآن والعترة ثقلين لأنّ الثقل كل نفس خطير مضنون به، وهذان كذلك إذ كل منهما معدن للعلوم الدينية والأسرار العقلية الشرعية، ولهذا حثّ على الاقتداء بهما، وقيل سمّيا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما، ثم الذي وقع عليه الحث منهم إنما هو العارفون بكتاب الله والمستمسكون بسنّة رسوله، إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض ..) .
قلتم مشـــــكورين :
وما المانع أخي الطــــيب ...
فهذا دين وتعاليم قدسية ويُراد من متبعيه أن يحتط في دينه ولدينه أحتياط من راد النجاة وورود موارد رضا رب الأرباب وصاحب الدين القويم ...
فلا يضير أن تكون باحــــثاً عن الحق ممن يتبعه أو ممن يقول به على الأقل أو ممن يعرفه ولا يدين به وما أكــــــــثرهم أيها الفاضل ...
وأنت مطالب ومكلف بمعرفة الحق والبحث عنه من أياً يكون
" أعرف الحق تعرف أهله"
والعلوم الدينية وغيرها من عقائد وشرائع وفقهيات وغيرها ليس حكراً على أحد تماماً كالعلوم الحديثة تجدها عند البر والفاجر ونحن وكل عاقل يأخذ بها ويسلم بها بل ويعتقد بصحتها بكله إن هي وافقت الكتاب المبين والسنة والسيرة المطهرة المشرفة ...
فهذه – على سبيل المثال - علوم الرياضيات والفيزياء والطب وغيرها أتسم بها حديثاً غير المسلمين فهل تردها كلها بحجة أنها علوم مركبة ومبتدعة ومن قبل أعداء الدين ....!!
والعقائد كذلك أيها الطــــيب كذلك مجملاً لا تفصيلاً نحن وأنتم نبحث عن الحق فيها ومن يعتقد فيها بالعقيدة الصحيحة من أياً كانوا من البشر والمسلمين على أختلاف الطوائف ، وهذا من العقل وكما قلت " أعرف الحق تعرف أهله " ...
فلا يضير أيها الطيب أن يكون الحق عند من تخالفهم في العقيدة ويصدق بها عقلك ولبك وفطرتك وقرآن ربنا وسنة نبينا فكلها في الأخير- إن صحت - موصلة إلى دين قويم منيع يعقيدة صحيحة ...
ويكون ماعندهم مصداقاً لما وقعت عليه من آيات الذكر الحكيم وحاكية عن الحق منها وتفسيرها الصحيح ، وما في سنة الرسول صلى الله عليه وآله وعندهم من العقيدة ما يكون مصداقاً لما ذكره الرسول فيه كله .....!
وصدق إمامنا محمد بن علي الباقر - خامس أئمتنا من عترة نبينا - عليهم الصلاة و السلام جميعا حيث يقول :
{ إن لنا أوعية نملؤها علما وحكما ، وليست لها بأهل فما نملؤها إلا لتُنقل إلى شيعتنا ، فانظروا إلى ما في الأوعية فخذوها ، ثم صفوها من الكدورة ، تأخذونها بيضاء نقية صافية ، وإياكم والأوعية !.. فإنها وعاء سوء فتنكبوها }
وصدق الامام الصادق عليه السلام :
{ من دخل في هذا الدين بالرجال ، أخرجه منه الرجال كما أدخلوه فيه ، ومن دخل فيه بالكتاب والسنّة ، زالت الجبال قبل أن يزول }
أظنك فهمت الفكرة يا طــــــــــــــيب ...!
يا طــــــــــــيب ...
وكأنك تقول أين وعد الله تعالى من إتمام إرادته والعياذ بالله تعالى ...
وهذا أمر نحن والخق كلهم موعودون به عاجلا أو آجلاً
{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }
وأفهم يا سيدي الكريم إن مسألة إمضاء أمر الله تعالى في خلقه فإن أمره ماضِ ولا مرد لأمره تعالى ...، ولكن أبى الله ألا أن تجري الأمور بأسبابها ...
ولتبسيط الفكرة لك وللجميع أعطيك مـــثالاً وبسيطاً ...:
لقد تكفل الله تعالى برزق العباد { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }
وهذا أمر الله تعالى فين خلق وبرأ وهو أمر تكفل الله تعالى به وهذه إرادته سبحانه ...
ولكن في المقابل نرى الملايين تموت من الجوع والعطش والفقر ولا رزق لهم ....!!!
فهل نقول إن إرادة الله تعالى - والعياذ بالله - لم تمضِ وإرادته لم تحقق ...!!
كلا بالطبع يا طــــــــــيب القلب ...
فالسبب ليس في إرادة الله تعالى في رزق خلقه وتكفله سبحانه بهم ...، ولكن السبب - ولا يختلف عليه عاقل - أنه الإنسان نفسه وظلمه وأحتكاره خيرات أرض الله وكنوز ما أستودعه الله فيها وإستعمار ما أمكنه بأستكباره على ضعفاء العالم وحرمانهم من كل خير ورزق إلا ما شـــآء الله تعالى فيهم ....
ولو طبقت هذا المثال تماماً على موضوعنا وأصل حوارنا فيه وهو "الإمامة" لعرفت المعنى والقصد فيه تماماً ...
فلقد أراد الله تعالى لعباده العيش الأبدي السرمدي في عدل ونـــــــــــــــظام وأمن وســــــــــــلام ، لكن الإنسان بطبعه ظلوم جهول ...
{ إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا }
وهذه سنة الحياة أخي الطيب ولن تجد لسنة لله تبديلاً ...
وفي خطبة السيدة الجليلة بِضعة المصطفى صلى الله عليه وآله جاء فيها :
{ وجعل طاعتنا نظاماً للملة ، و إمامتنا أماناً من الفرقة }
وهذا الرسول يضمن للبشرية كلها هذا الأمان الأمني والسياسي والأجتماعي والمادي والعسكري والديني ووووو ....
ويقول ليلاً ونهاراً بأبي وأمي هو ...
{ انى تارك فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا بعدى أمرين احدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود مابين السماء والارض وعترتي أهل بيتى وانهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض }
"لن تضلوا بعدي" .....!!!
ألا توقف هذه العبارة اللب عن التفكير ألا في ضــــــــــلال الأمة بعد أن كانت على هداها الذي أراده الله تعالى ورسوله لها ...!!
فبالله عليك أين هذا الكتاب وأين تلك العترة اللذان ضمن صاحب هذا الدين لأمته الهدى الأبدي وعدم الضلال السرمدي بشرط التمسك بهما الأثنان جميعاً جميعاً جميعاً ...!
بل وزاد وحذر ونهى صلى الله عليه وآله قائلاً ....:
{ نى لكم فرط وانكم واردون على الحوض فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين قيل وما الثقلان يا رسول الله قال الاكبر كتاب الله عزوجل سبب طرفه بيد الله وطرفه بايديكم فتمسكوا به لن تزالوا اولاتضلوا والاصغر عترتي وانهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض وسألت لهما ذاك ربى فلا تقدموهما لتهلكوا ولا تعلموهما فانهما أعلم منكم }
وهذه العبارة هي خلاصة قولي كله رداً على ســـــــؤالك كله :
{ ..فلا تقدموهما لتهلكوا ولا تعلموهما فانهما أعلم منكم...}
ولكن لا قول ألا حسبنا الله ونعم الوكيل في القوم الظالمين من الأولين والآخرين
هل عرفت الآن يا طيب إن الناس لا تستطيع منع إرادة الله تعالى ولكنها تستطيع أن تتكبر وترفض ما يريده الله تعالى لهم لصلاحهم وفوزهم في الدنيا والآخرة .
والســــــــــــــــلام
_( حيـــــــــــــــــدرة )_
[/quote]