بقلم المؤرخ والكاتب: أرشد الهرمزي
وجوابا على استفسار من وزارة الخارجية أرسلت السفارة البريطانية تقريرا مفصلا عن أحداث كركوك وذلك في الرابع والعشرين من شهر تموز(يوليو)1959 حول مجريات الأمور وبالشكل التالي:
" يوم 14 تموز(يوليو):
1- بداية الحدث عندما هاجمت جمهرة من الأكراد معززين بأفراد من قوات المقاومة الشعبية مقهى تركمانيا احتجاجا على ما كتب على قوس نصر يزين المنطقة باللغة التركية. وقد تم تحطيم المقهى وقتل صاحبه.
2- نجم عن ذلك هجوم واسع ضد الأحياء التركمانية من المدينة حيث جرى قتل بعض وجهاء التركمان وأضرمت النيران في المحلات التجارية والمباني الحكومية. وقد حصل المهاجمون على السلاح من مخفر للشرطة استولوا عليه.
3- شارك الجنود الأكراد من منتسبي الفرقة الثانية مع الغوغاء وأفراد المقاومة الشعبية في مهاجمتهم للتركمان. وقد صدر أمر بمنع التجول إلا أن الأكراد لم يلتزموا به وقد لجأ بعض أفراد المجتمع التركماني إلى التحصن في داخل حصن قديم.
" يوم 15 تموز(يوليو):
1- بقيت كركوك في أيدي جمهرة الأكراد وأفراد المقاومة الشعبية لكامل اليوم.
2- حاول المهاجمون الأكراد مهاجمة التركمان في القلعة بإسناد من الجنود المنشقين من الفرقة الثانية.
" يوم 16 تموز(يوليو):
1- وصلت تعزيزات الحكومة بقيادة العميد عبد الرحمن عارف( قائد القوات المدرعة وشقيق نائب رئيس الوزراء السابق). وقد أصدر أوامره بعودة القوات في الفرقة الثانية للعودة إلى معسكراتها وأفراد المقاومة الشعبية إلى منازلهم. وقد اتخذت الإجراءات الأولية لإعادة الأمن إلى المدينة وإقناع التركمان لمغادرة القلعة.
2- وصل عبد الكريم محمد، قائد فوج المشاة 19(وهو فوج عبد الكريم قاسم) من بغداد وتولى قيادة الفرقة الثانية.
"أيام 17-19 تموز(يوليو):
تم استتباب الأمن وسيادة القانون.
1- بعد استقراء الأدلة المتوفرة لدينا فأن من الواضح أن الاضطرابات قد بدأت بين الأكراد والتركمان إلا أن الشيوعيين قد استغلوا أحداث الشغب إلى أبعد الحدود. وليس من المستبعد أنهم قد توقعوا مثل هذه الأحداث من الشغب وتهيئوا لها مقدما بشكل واسع. وليس في وسعنا الحكم عما إذا كان هناك تخطيط مسبق للأحداث من قبل الشيوعيين أم أنهم قد استغلوا حوادث الشغب بكفاءتهم المشهودة في ذلك وفي أحداث تنبئوا بحدوثها.
2- لم نسمع بضحايا آخرين أكثر مما سمعه السفير من اللواء(أحمد صالح) العبدي، أي 31 قتيلا و130 جريحا، ولكن هناك إشاعات مبالغ فيها بفعل الغضب العام.
3- لا شك أن الحكومة تدرس الأوضاع عن كثب. وقد أكد رئيس الوزراء على عزمهم في إقرار النظام والهدوء في خطاب له ألقاه في التاسع عشر من تموز(يوليو). وقد اتخذت بعض الإجراءات في هذا الاتجاه في الأيام القليلة الماضية، وإن مشاركة الحاكم العسكري العام اللواء العبدي والسلطات العسكرية في هذه الإجراءات هي أمر ذو مغزى. ومثالا على ذلك:
أ- وصول لجنة التحقيق إلى كركوك. وقد اتخذ هذا الإجراء على وجه السرعة وقد أصدر اللواء العبدي يوم أمس نداء إلى من هرب من أهل كركوك ملتجئين إلى خارج المدينة للعودة إلى منازلهم والإدلاء بشهاداتهم إلى لجنة التحقيق المختصة لامكان معاقبة المذنبين.
ب- تعيين ضباط عسكريين لمناطق معينة في بغداد للمساعدة في تسريع الإجراءات العدلية المتخذة. ويمكن أن يعقب ذلك تعيينات مماثلة في باقي أنحاء البلاد. وقد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من قبل الشيوعيين إلا أن من الواضح أن الحكومة مصممة لإجراء ذلك.
ت- القانون الخاص بالجمعيات الشعبية جاء في وقته تماما.
ث- إن الإجراء الذي اتخذ بصدد إضراب البصرة يظهر تصميم الحكومة وتوجهاتها.
6- وكما هو متوقع فأن الصحافة الموالية للشيوعيين قد نشرت أخبار أحداث كركوك من زاويتها ووجهة نظرها. وقد جاءت هذه الرواية في مذكرة كان من المفروض حسب رواية صحيفة اتحاد الشعب أن يسلمها وفد من كركوك إلى رئيس الوزراء(إلا أنهم لم يستطيعوا ذلك). وأرفق طيا صورة كاملة للمذكرة، وتفيد المذكرة أن مجموعات مناهضة قد هاجمت القوى الموالية للجمهورية التي كانت تحتفل بذكرى إعلان الجمهورية في 14 تموز(يوليو)، وادعت المذكرة أن هذه القوى قد هاجمت قوات المقاومة الشعبية والقوات الموالية في الفرقة الثانية. وبسبب انحياز بعض العناصر الموالية للشيوعيين من أفراد الفرقة الثانية للجيش العراقي إلى ذلك الجانب فأن المذكرة تدعي بأن الجيش كان في صف المخلصين الحقيقيين في مواجهة المناهضين للجمهورية!
7- ونتيجة لأحداث كركوك، فقد وصفت إذاعة القاهرة انتفاضة كركوك بأنها أهم حدث منذ ثورة الموصل في آذار(مارس) الماضي ، وادعت أن هناك الآلاف من القتلى والجرحى. وقد تحدثت صباح هذا اليوم لبرهة من الوقت مع وزير الخارجية والذي أبلغني بأن موقف إذاعة القاهرة والذي لم يعقبه حتى الآن هجوم مماثل من إذاعة بغداد سيسيء إلى موقف التهدئة مع الجمهورية العربية المتحدة."
وفي برقية مماثلة من السفارة البريطانية في أنقرة إلى الدائرة الشرقية بوزارة الخارجية البريطانية بتاريخ 25 تموز(يوليو)1959 أشار السفير البريطاني في تركيا إلى برقية السفير البريطاني في العراق رقم 973 و978 جاء ما يلي:
" إن المعلومات والأرقام التي حصلت عليها وزارة الخارجية ( التركية) من السفير( التركي) في بغداد تبدو متطابقة إلى حد بعيد مع تقارير السفير السير همفري تريفليان.وقد أبلغ مساعد وكيل وزارة الخارجية كونرالب الممثلين الدائمين لحلف بغداد بتاريخ 23 تموز(يوليو) أن خمسة وعشرين تركمانيا قد قتلوا.
لأن القسم الوحيد من رواية كونرالب للأحداث والتي لا تتوافق مع ما أورده السير همفري تريفليان هو أن السفير التركي في بغداد يعتقد بأن أحد أهم أسباب الاضطرابات كانت للتأثير على علاقات الصداقة بين العراق وتركيا وأن الشيوعيين كانوا وراء الأحداث بشكل كامل.
وقد أبلغني كونرالب أنه وعلى ضوء اتخاذ الحكومة العراقية لإجراءات صحيحة في معالجة الوضع وقيامها ببعض الجهود الرامية إلى إيضاح أنها تشجب هذه الأحداث وأنها ستتخذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة مسببي الحادث فأن الحكومة التركية لا تفكر في اتخاذ أية إجراءات ضد الحكومة العراقية بسبب هذه الأحداث."
وحول رد فعل رئيس الوزراء العراقي آنذاك عبد الكريم قاسم والإجراءات التي كان ينوي اتخاذها جاء في برقية للسفارة البريطانية في بغداد إلى مقر وزارة الخارجية في الثلاثين من تموز(يوليو)1959 ما يلي:
" 1- أن مما له دلالات قوية أن يبادر رئيس الوزراء إلى عقد مؤتمر صحفي إثر تحقيقات اللجنة الخاصة حول أحداث كركوك. ولعل ذلك هو لتهيئة الرأي العام للعقوبات المشددة التي ينوي إنزالها بمسببي الحادث.
2- وصلتنا معلومات بأن قاسم قد صدم بمظاهر الوحشية التي صاحبت الأحداث وأدرجت في تقرير اللجنة التحقيقية الخاصة وقرر بغض النظر عن كل التوازنات السياسية وجوب معاقبة المجرمين بأقصى العقوبات. وقد أدلى بتصريحات للصحفيين بشرط عدم النشر أن من الامكان أن يصل عدد القتلى إلى 120 شخصا إضافة إلى المصابين وعددهم 140 جميعهم من التركمان.
3- وكالمعتاد فإن قاسم يبدي حرصا على عدم ذكر الشيوعيين بالاسم، وهو في الحقيقة يشير إلى إجراءات ضد أفراد وليس ضد أحزاب، ولكن المعروف أن الشيوعيين هم المقصودون بذلك. وقد أبلغ ناطق باسم وزارة الخارجية الصحفيين أن ذلك كان أقسى هجوم على الشيوعيين لحد الآن. وعندما رأيت وزير المعارف لمناقشة المؤتمر التعليمي صباح هذا اليوم فقد قال لي أن ذلك كان أهم خطوة ضد المد الشيوعي.
4- نتيجة الأدلة التي وضعت قوات الشرطة يدها عليها لدى مداهمتها لاتحاد الطلبة والتنظيمات الأخرى فان الحكومة عازمة على التحرك ضد النفوذ الشيوعي في اتحاد الطلبة واتحاد التجار والجمعيات الفلاحية. وإثر المؤتمر الصحفي فقد أذاعت محطة إذاعة بغداد برقية من خمسة وعشرين عضوا منتمين إلى أحدى الجمعيات يطالبون فيها بحل الجمعية وحل الاتحاد العام للتجار والحرفيين لمواكبتهم خط سير أحد الأحزاب السياسية وطالبوا بإعادة الانتخابات.
5- إن انتقاد رئيس الوزراء للصحافة يبدو كإشارة إلى التوجه المذكور حيث أن الصحف الموالية للشيوعيين قد بدأت منذ الأسبوع الماضي باتخاذ نهج معتدل. وقد بدأت صحيفة"إتحاد الشعب" بالتركيز على الشكوى مما حصل في كركوك والحث على الوحدة الوطنية.
6- أدلى الحاكم العسكري العام بتصريحين جديدين احتوت على ضوابط لم يسبق لها مثيل في كل تصريحاته منذ قيام الثورة. وقد علم أن العبدي قد تحدث بصورة حازمة وشديدة في المؤتمر الصحفي.
7- تتخذ بعض الاحتياطات العسكرية في بغداد حاليا إلا أن الوضع بشكل عام لا ينذر بالقلق.
8- تطرقت افتتاحية "إتحاد الشعب" حول المؤتمر الصحفي إلى ضرورة الاهتمام بمنع الاعتداء على حرية المواطنين.وقد أوردت الصحيفة أنها لم تقم بإدانة"الأحداث الأليمة" في كركوك لعدم حصولها على معلومات دقيقة بشأنها. وأن الشيوعيين مع باقي المنظمات الديمقراطية قد دعوا إلى احترام منع التجول الذي فرض من قبل الجيش، وقد اتخذت الصحف الشيوعية الأخرى نفس النهج الاسترضائي مؤخرا.
9- استلم السفير التركي في بغداد تعليمات من حكومته لاستقصاء الأوضاع في كركوك، وقد أبلغني أمس أن هاشم جواد قد زوده بمعلومات مفيدة، وهو بصدد المغادرة إلى أنقرة هذا اليوم.
10- سأقوم بزيارة وزير الخارجية صباح الثالث من آب(أغسطس).
وقد أفردت السفارة ملحقا لتصريحات الحاكم العسكري العام أحمد صالح العبدي بالتسلسل الزمني:
19 تموز(يوليو):
حدثت إضطرابات في كركوك. وقد عادت الأمور إلى مجاريها حاليا.أرسلت لجنة تحقيقية خاصة للتحقيق في الموضوع وسيقدم الجناة إلى العدالة.
20 تموز(يوليو):
تم تعيين ضباط ذوي رتب عالية يمثلون مكتب الحاكم العسكري العام في ستة مناطق من بغداد لتنظيم وتعجيل البت في الشكاوي المقدمة إلى مراكز الشرطة والجهات العدلية.
21 تموز(يوليو):
نداء إلى سكنة كركوك الذين تركوا منازلهم للعودة إلى إليها والإدلاء بشهاداتهم أمام اللجنة التحقيقية الخاصة.
22 تموز(يوليو):
يحظر حمل الأسلحة النارية سواء كانت مرخصة أم لا وجميع الآلات القاطعة، ويخول أفراد الجيش والشرطة تفتيش المشتبه بهم في حمل مثل هذه الأسلحة.
25 تموز(يوليو):
إن الأشخاص التابعين للدوائر الرسمية أو شبه الرسمية والذين انتحلوا أسماء لجان الدفاع عن الجمهورية وتدخلوا في أمور ليست من اختصاصهم إنما يعرقلون عمل المختصين الآخرين ويسيئون إلى الصالح العام. وعلى جميع الموظفين الرسميين الانصراف إلى مزاولة أعمالهم ويكون مدراء الدوائر مسؤولين عن تسيير موظفيهم لأعمالهم ومراقبتهم والذين يحق لهم فقط اتخاذ الإجراءات التأديبية بحقهم.
إن الحكومة لم ترخص بعد ما تسمى بلجان الدفاع عن الجمهورية، لذلك فأن كل من تسول له نفسه استخدام هذا الاسم وإرهاب الموظفين سيعاقب وفق القانون الجزائي، وعلى الموظفين إبلاغ رؤسائهم عن أي تدخل في شؤونهم الوظيفية من أية جهة كانت. وستقوم لجان التطهير المشكلة بمساعدة رؤساء الدوائر. وقد أمر رئيس الوزراء بضمان حقوق ومستقبل الموظفين ويجب أن يعلموا بأن كل الإجراءات المقتضية ستتخذ وفق قواعد العدل ودون تمييز أو تفريق.
29 تموز(يوليو):
نظرا لتأجيل عمليات تدريب المقاومة الشعبية وتعليق مهماتها في أنحاء القطر، يمنع منعا باتا ارتداء الزي الخاص بالمقاومة الشعبية، وستقوم سلطات الجيش وأجهزة الأمن بإلقاء القبض على من يخالف ذلك.
29 تموز(يوليو):
تلغى جميع رخص حمل الأسلحة النارية وسيجري الترخيص مستقبلا لها بصورة استثنائية، ويجب تسليم جميع الأسلحة غير المرخص لها وفق ذلك.
ملاحظة: صدر القانون رقم 151 لعام 1959 حول تنظيم وتحديد أعمال الجمعيات الشعبية. ولم يجر الالتفات إلى الاعتراضات التي قدمت من قبل الشيوعيين عندما أعلنت مسودتها على الملأ في شهر أيار(مايو).
وفي برقية أخرى في الحادي والثلاثين من تموز(يوليو)1959 أبرقت السفارة البريطانية في بغداد إلى وزارة الخارجية البريطانية مرئياتها حول المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء وما تناولته بعض الصحف ومما جاء في هذه البرقية:
" أفردت جميع الصحف المحلية حيزا واسعا لأنباء المؤتمر الصحفي الذي عقد في الثامن والعشرين من تموز(يوليو) في اليوم التالي. وقد نشرت جميع الصحف باستثناء واحدة النص الرسمي الذي وزع عليها. ولم نقم بإرسال كل ذلك إليكم حيث أنكم قد تابعتم النص من نشرة خدمات هيئة الإذاعة البريطانية دون شك.
في حين انفردت جريدة الثورة وجازفت بنشر نص كامل دون حذف أي جزء منه، ويتضح من ذلك:
1- قول رئيس الوزراء:"أروني شخصا واحدا قتل من الطرف المقابل. إن أعداء الشعب هم أولئك الذين يعلمون من سحل أبناء المواطنين في الشوارع.( وقد عرض هنا صورا لنساء وأطفال).
2- أ هي " صوت الأحرار" أم صوت الفاشيين؟ أن من المهم أن لا تنحرف الصحف عن مسارها.
3- لقد دبرت مؤامرة ضد الشعب في كركوك، وقد سحبوا من بيوتهم بالسيارات وسحلوا في الشوارع. وبعض هؤلاء هم أحياء وتحت المعالجة الطبية.
4- سأريكم خرائط نظمت من قبل اتحاد الطلبة تقسم بغداد إلى مناطق حيث سيسحل أبناء الشعب فيها. مثلا: منزل فلان الفلاني، للسحل. أو مشبوه، وكثيرون آخرون بعضهم مشتبه به والآخر يجب سحله، وهناك شارع كامل معد لسحل من فيه وبضمنه منزل كامل الجادرجي. وقد أشر على منزل الملا مصطفى البرزاني في الكرخ بتأشيرة السحل. هل هذه من واجبات اتحاد الطلبة؟
5- ذكر بوجه خاص إصرار صحيفة"إتحاد الشعب" على ذكر المؤامرات عندما ذكر وجوب توخي الصحف للحياد.
6- أدلى بتفصيلات على تنظيم هذه الخرائط في كركوك وبغداد وهاجم اتحاد الطلبة لتورطه بالسياسات الحزبية.
7- قال: عندما تذكر الاستعمار فلا تحدد جهة الاستعمار، بل أذكر الاستعمار وحسب".
8- إن من واجب الجمعيات الفلاحية الاهتمام بمشاكل الفلاحين... كان هناك خطأ في التقدير وعلى وزارة الداخلية الترخيص للجمعيات حسب القوانين ثم تجرى انتخابات لها. إن وجود كاظم فرهود مثلا لا يعني أن بوسعه أن يتصرف حسب أهوائه ولا يمنح التراخيص إلا بعد استشارة حزبه السياسي. إننا لم نأت لهذه المسائل.
9- صدقوني، أنني صعقت بسبب الأعمال البربرية والإرهابية التي ارتكبت في كركوك.
10- يؤسفني أن أقول ن التنظيمات هناك( يقصد كركوك) لم تعمل بتجرد."
وقد نقلت صحيفة الديلي تلغراف التي تصدر في لندن في عددها الصادر يوم 31 تموز(يوليو)1959 أن الفوضويين قد استوعبوا الهجوم الواقع عليهم خاصة بعد تصريحات رئيس الوزراء العراقي عبد الكريم قاسم واستخدمت وسائل لاحتواء الموضوع ومن ذلك تقديم عدد كبير من الأعضاء استقالتهم من المنظمات الشعبية خلال اثنتي عشر ساعة من المؤتمر الصحفي الذي عقده قاسم.
وقد نقلت الصحيفة عن عبد الكريم قاسم أنه صعق إزاء أنباء مجزرة كركوك وأنه لم ينم ليلة تلقى فيها هذا الخبر.
وهناك برقية ذات مغزى أبرقت بها السفارة البريطانية في أنقرة إلى وزارة الخارجية البريطانية بتاريخ 3 آب(أغسطس) 1959 جاء فيها:
" بالنسبة للعلاقات التركية-العراقية فقد سألت الوزير زورلو يوم الثلاثين من شهر تموز(يوليو) عما إذا كانت أحداث كركوك والتي قتل أو أصيب فيها عدد من الأقلية التركمانية التي تعيش في العراق تؤثر على مجرى العلاقات بين الحكومتين العراقية والتركية، فأجابني بأنه يعتبر الموضوع منتهيا وأنه مقنع بأن الحكومة العراقية مخلصة في بياناتها التي أعربت عن عميق الأسف لهذه الأحداث واتخذت جميع الإجراءات المقتضية للتحقق مما حدث ومعاقبة متسببي الحادث.
وأضاف أن الحكومة التركية تواجه صعوبة جمة في كبح جماح الصحافة التركية في متابعتها الشديدة لجوهر الأوضاع."
كما بعثت السفارة البريطانية في أنقرة ببرقية أخرى إلى مقر وزارة الخارجية في لندن بتاريخ الثامن من آب(أغسطس)1959 جاء فيها:
" لقد استفسرت من مدير الدائرة الآسيوية في وزارة الخارجية التركية عما إذا كانت لديه معلومات أخرى بشأن الوضع في العراق سواء من سفير تركيا في بغداد أو من ملاحظات الوفد الذي ذهب إلى بغداد للاشتراك في احتفالات 14 تموز(يوليو).
وقد حلل السيد بنلر الوضع على ضوء المعلومات التي توفرت لدينا أيضا. إلا أنه أضاف بأنه يستطلع إمكان عرض الموضوع من قبل الممثل التركي الدائم في مجلس حلف شمال الأطلسي لمناقشته هناك. وسيكون من المهم للحكومة التركية أن تعرف وجهة نظر حلفائها بالنسبة لأمرين:
1- ماذا كان تأثير العنف الشيوعي في كركوك على قاسم شخصيا. وصحيح أنه قد قام بهجوم مضاد، إلا أن الأتراك يعتقدون أن من الضروري أن يقوم قاسم بخلق التوازن بين الشيوعيين والقوميين.
2- هل خططت موسكو لافتعال أزمة كركوك بالقسوة التي جرت عليها أم أن الشيوعيين العراقيين قد تمادوا في التنكيل بشكل أوسع مما أراده أسيادهم بالفعل؟ إن الحكومة التركية تشعر أن الأحداث قد خطط لها في موسكو حيث أن الحكومة السوفييتية تشعر بالقلق من تنامي الصداقة التركية مع قاسم."
التحليل البريطاني لأحداث مجزرة كركوك
نظم محضر منظم في الدائرة الشرقية بوزارة الخارجية البريطانية حول الرسالة التي وردت إلى الدائرة من المستشار السياسي لشركة الخليج وأوربا السيد كوبلاند، المقيم في بيروت، وهي من التقارير التي اعتادت الخارجية البريطانية الحصول عليها من واجهات مشابهة لعملها السياسي.
ويقول المحضر فيما يخص موضوع كركوك والمأساة التي حصلت فيها أن المعلومات الواردة في هذا التقرير تفصيلية وواقعية أكثر من التي وردت من المصادر الأخرى رغم التحفظ على تركيز التقرير على حركات الانشقاق في صفوف بعض أفواج الجيش في خضم هذه الأحداث وعدم التزامها بالانضباط الوظيفي والعسكري وتأثر ذلك بالنفوذ الشيوعي حيث يعتقد المحضر أن الاتجاه العرقي كان أكثر تأثيرا.
وتذهب الدراسات المنظمة في هذا الاتجاه إلى أن تقارير عملاء الاستخبارات البريطانية يختلفون بصورة جذرية عن التحليل الأمريكي الذي تعتمده وزارة الخارجية الأمريكية حول أحداث كركوك. ويأخذ الاتجاه البريطاني على الأمريكيين نظرتهم المتفائلة نسبيا لسير الأمور في العراق رغم توفر الأدلة التي تشير إلى عمق الشرخ الموجود في السياسة العراقية وسيطرة الشيوعيين على مقاليد الأمور.
ويعتقد التقرير أن من غير الممكن أن لا يعلم عبد الكريم قاسم بما يجري في كركوك منذ الساعات الأولى، إلا أن من الملاحظ أنه لم يدل بأي تصريح لا للجماهير ولا للدبلوماسيين عما يجري في كركوك طيلة أربعة أيام والسبب في ذلك أن قاسم قد انتظر لمعرفة النتيجة التي تؤول إليها الأحداث ليحدد موقفه في ذلك الوقت الحرج.
والتقرير الذي نظم في 31 تموز(يوليو) 1959 له دلالاته من حيث تجميعه للمعلومات شبه المؤكدة من مصادر داخلية إضافة إلى استقراء التقارير الواردة من المصادر الغربية والتركية ومن القاهرة وبيروت والعراق.
يتطرق التقرير إلى أحداث كركوك على الوجه التالي:
"1- يقول التركمان في كركوك بأنهم كانوا يعلمون بحدوث "شيء ما" قبل عشرة أيام من وقوع الحادث. فقد لاحظوا أن رئيس بلدية كركوك وهو كردي يسمى"البرزنجي" والذي يكرهونه كان يشرف على تخزين معدات عسكرية( مثل الملابس الرسمية إضافة إلى احتمال تخزين أسلحة صغيرة)، كما أن التركمان قد علموا بأن البرزنجي قد نصح بعض أصدقائه الأكراد بضرورة مغادرة مدينة كركوك قبل الرابع عشر من تموز(يوليو).
وسواء كان التركمان محقين في ذلك أم لا في هذا الهاجس فإن من الواضح أنهم كانوا قلقين ويتوقعون مشكلة
من نوع ما.
2- لم تحدث أية مشاكل في الساعات الأولى من احتفالات 14 تموز(يوليو) وقد شارك فيها التركمان والأكراد. وكان هناك عدد كبير ممن يصعب تصنيفه وقد نعتوا فيما بعد"بالشيوعيين" رغم عدم وضوح عدد المنتمين إلى الحزب الشيوعي بينهم بالفعل. وبالنظر إلى اللافتات التي كانوا يحملونها فأن من الممكن القول بأنهم كانوا يتلقون تعليماتهم من الشيوعيين وعلى الأقل فيما يتعلق بمنطوقهم الدعائي.
3- اتضحت أولى شرارة للأحداث بعد ظهر يوم الرابع عشر من تموز(يوليو) وتحديدا في الساعة الرابعة من بعد ظهر ذلك اليوم عندما بدأت مكبرات الصوت التي ركبت على السيارات العسكرية باستفزاز التركمان وتوجيه مختلف الإهانات إليهم وإطراء وتمجيد الجبهة الوطنية المتحدة والتي هي إحدى واجهات الشيوعيين. وتقول مصادر تركمانية أنهم قد امتنعوا عن الاشتراك في المسيرة لدى سماعهم لهذه الإهانات من سيارات الجيش، وتقول مصادر أخرى أن بعض التركمان قد اعترضوا على هذه الإهانات وأن حادثة واحدة على الأقل قد جرت عندما حاول بعض التركمان قلب سيارة للجيش. وقد لاحظ المراقبون أن تغيرا قد حصل في الموقف بعد ساعتين من ذلك حينما توقفت سيارات الجيش عن توجيه هذه العاصفة من الإهانات ضد التركمان وبدأت بالعزف على وتر" إننا جميعا أصدقاء" وأن جميع الأقليات ستأخذ دورها في المشاركة في الاحتفالات.
4- وعندما تجاوزت عقارب الساعة السابعة مساء من يوم 14 تموز(يوليو) حدثت أول حادثة عندما تجمعت جمهرة من الأكراد المدنيين( ولا توجد معلومات موثقة عما إذا كانوا شيوعيين أم لا) عند مقهى 14 تموز والمملوك من قبل تركماني يدعى عثمان. وقد طلب الأكراد من عثمان إزالة بعض الشعارات التي كانت تزين جدران المقهى من الداخل والخارج منذرين إياه بعواقب وخيمة إذا امتنع عن ذلك، وقد قام عثمان بتغطية الشعارات وابتعدت الجمهرة عن المقهى. ولكن فيما بعد لم يمكن السيطرة على عواطف الأكراد الهائجين ورجعوا فسحبوا عثمان إلى الخارج وأردوه قتيلا.
5- لا توجد لدينا معلومات مؤكدة عما إذا كانت الأحداث الأخرى في كركوك متزامنة ولكن هناك دلائل تشير على أن اثنين من الحوادث الأخرى كانت تقع بالضبط في وقت أن سحب عثمان من المقهى وقتل. وعلى أية حال فإن مهاجمة مقهى 14 تموز والحوادث الأخرى قد خلقت عاصفة من الهستيريا زجت بقوات المقاومة الشعبية أيضا في الأحداث. وما بين الساعة السادسة إلى الثامنة مساء يوم 14 تموز(يوليو) سيطرت مجموعة من المقاومة الشعبية مركز شرطة إمام قاسم واستولوا على أسلحتها. وقد انضم المقاومون الشعبيون إلى الأكراد في سحلهم جثة عثمان في الشوارع كما انضموا إليهم في نهب المحلات التجارية المملوكة للتركمان في المنطقة.
6- وبعد دقائق من الهجوم على مقهى 14 تموز أصدر العميد محمود عبد الرزاق وكيل قائد الفرقة الثانية أوامره إلى الوحدات التي بإمرته للنزول إلى الشوارع والسيطرة على الأمور والحد من شغب هذه التجمعات. والظاهر أن هذه الوحدات قد بادرت إلى النزول إلى الشوارع تلقائيا إلى أن لاحظوا أن الأكراد و"الشيوعيين" ( وتضع مصادرنا كلمة الشيوعيين بين قوسين للإشارة لعدم التثبت من نوعية وحجم مشاركة الشيوعيين في الأحداث) لهم الغلبة على التركمان وأن تنفيذهم للأوامر يعني هجومهم على الأكراد و"الشيوعيين" للسيطرة على الوضع.
7- وفي هذا الأثناء تمرد بعض الضباط الصغار وضباط الصف من اللواء الرابع ضد قادتهم وانضموا إلى المدنيين الأكراد وقوات المقاومة الشعبية في الهجوم على الأحياء التركمانية في حين كانت بعض قوات الفرقة الثانية التي امتنعت عن العصيان توفر لها الحماية لها. وقد تضاربت التقارير الواردة عما حدث بعد ذلك، فقسم من التقارير تتحدث عن اقتحام مجموعة من الضباط لمكتب العميد محمود عبد الرزاق وتهديده تحت السلاح مطالبين إلغاءه للأوامر التي سبق وأن أصدرها، ولكن من الواضح أن الروح المعنوية وعنصر الانضباط لدى جميع أفراد الفرقة الثانية قد نزلت إلى الحضيض خلال ساعات قليلة بعد نزولهم إلى الشارع ورؤيتهم لقوات المقاومة الشعبية والجنود المتمردين يمتلكون اليد العليا في كركوك.
ولعل أحد أسباب العصيان الذي حصل من قبل بعض رجال الفرقة الثانية كان ولاؤهم لقائد الفرقة الثانية السابق داود سلمان الجنابي الذي كان يعرف بأنه شيوعي أو موال للشيوعيين وشعور الامتعاض من تولي محمد عبد الرزاق لأمور الفرقة الثانية. أما التقارير التي تحدثت عن تخطيط العميد الجنابي للمجزرة فإنها لم تؤكد.
8- كان من المفترض وحسب أوامر العميد عبد الرزاق أن يبادر الجيش إلى التحرك بين الساعة الثامنة والتاسعة من مساء يوم 14 تموز(يوليو). لا أن المقاومة الشعبية والجنود المتمردون أصدروا قرارا بمنع التجول في الساعة الحادية عشر مساء يشمل جميع مناطق كركوك وأثناء سريان منع التجول انضموا إلى الأكراد الذين كانوا يقومون بالسلب والنهب في الأحياء التركمانية. وحتى الساعة الثالثة صباحا أخذت عصابات من المقاومة الشعبية والأكراد والجنود المتمردين و"الشيوعيين" يقتحمون منازل الأحياء التركمانية ويتنقلون من منزل إلى منزل لإلقاء القبض على زعماء التركمان ووجهائهم( بمن في ذلك عطا خير الله، أحد أبرز وجوه الحركة القومية التركمانية) وسحلهم في الشوارع أو ربطهم في مؤخرة سيارات الجيب.
9- وفي صبيحة الخامس عشر من تموز(يوليو) التجأ الكثيرون من التركمان ومعهم الآثوريون والأرمن إلى قلعة كركوك.وقد بدأت قوات المقاومة الشعبية صباح يوم السادس عشر من تموز(يوليو) بمهاجمة القلعة بقذائف الهاون والبازوكا محدثين أضرار بليغة، ولكن لم تتوفر أنباء عن الضحايا وإن قيل بأنهم قلة.
10- لم تصدر أية أوامر لوفود قوات لتعزيز الوضع في كركوك حتى صباح اليوم الخامس عشر من تموز(يوليو). ونظرا لوجود تقارير متناقضة فإن السؤال الهام الذي لم تجر الإجابة عليه لحد الآن بقي معلقا: ماذا حصل في مكتب قاسم وكبار الضباط من لحظة ورود خبر اندلاع الأحداث ولحين إصدار الأوامر للتعزيزات للتحرك نحو كركوك؟ إن الثابت على أي حال أن مكاتب عبد الكريم قاسم وأحمد صالح العبدي وكبار الضباط الآخرين كانت في حالة فوضى عندما كان هؤلاء الضباط يبحثون عن أفضل القوات التي يمكن الوثوق بها. وأخيرا تم اتخاذ القرار بتولية العميد عارف لقيادة قوات الإغاثة.وقد تضاربت الأنباء عن شخصية العميد عارف الذي تولى قيادة القوات فهناك ثلاثة بهذا الاسم في الجيش، ولكن من المؤكد الآن أن هذه التقارير كانت على خطأ عندما زعمت أنه العميد عارف، أخ عبد السلام عارف).وقد تضمنت قوات الإغاثة كتائب من جلولاء ومعسكر الرشيد ببغداد والمسيب التي تبعد أربعين كيلومترا إلى الجنوب من بغداد، وقد بدأت هذه القوات بالوصول بعد ظهر 15 تموز(يوليو) وبدأت باتخاذ إجراءات قوية يوم السادس عشر من الشهر نفسه. وقد تخلى على إثر ذلك الكثير من منتسبي اللواء الرابع أغلبهم من الأكراد عن حركاتهم وهربوا من الميدان وعاد الضباط والجنود الآخرون من منتسبي اللواء إلى ثكناتهم كما تم تفريق أفراد المقاومة الشعبية. وفي يوم السابع عشر من الشهر لم تكن هناك إلا حالات قليلة ومتفرقة من المصادمات واستتب الوضع نهائيا بحلول ظهر يوم الثامن عشر من الشهر.
11- كان ضباط من الجيش العراقي من مختلف الصنوف يتابعون الموضوع عن كثب منذ الساعات الأولى لأحداث كركوك، وهناك دلالات قوية على أن حالة من الفوضى والتفكك والانشقاق كانت ستجتاح صفوف الجيش العراقي لو لم تفلح قوات التعزيز من بسط يد السيطرة على كركوك في الوقت المناسب. وقد أتضح لكبار الضباط في بغداد مساء الثامن عشر من الشهر أن الوضع هو تحت السيطرة العسكرية مما شجعهم على ألإصرار بوجوب اتخاذ قاسم لإجراءات معينة قوية. ورغم أن قاسم قد أستنكر ما حدث في كركوك في تصريحين منفصلين إلا أنه تردد في اتخاذ خطوات محددة إلا بعد الضغط الذي تعرض إليه من قبل كبار ضباط الجيش.وهناك دلائل للاعتقاد بأن قاسم شأنه في ذلك شأن الكثير من الضباط العراقيين قد انتظر مليا لمعرفة ما تؤول إليه الأحداث في كركوك قبل الالتزام بموقف معين إلى جانب فريق أو آخر.
وختاما فإن مصادرنا تفيد بأن جميع التقارير تشير إلى أحداث كركوك بأنه صراع تركماني- كردي وعدم وجود أدلة ثابتة على وجود يد "شيوعية" في الجانبين. كما تفيد التقارير أن إجراءات الحكومة لقمع الشغب كانت لغرض إرساء قواعد الأمن ضد الفتنة ولا توجد مؤشرات بأن إجراءات قاسم وكبار مسؤولي الحكومة العراقية كانت أعمالا مناهضة للشيوعية. ويجدر بالذكر أن قاسم لم يذكر اسم الشيوعيين إطلاقا عند إدلائه بتصريحاته حول أحداث كركوك، ولكنه أنحى باللائمة أثناء حديثه إلى الدبلوماسيين العرب بصدد الأحداث على"الشيوعيين المزيفين"."
ويستطرد التقرير المستند على هذه المصادر فيدلي بمعلومات عن التركمان فيفيد أن هناك من 70 إلى 80 ألفا من التركمان يعيشون في داخل كركوك إضافة إلى 20 ألفا حواليها.
ويستطرد التقرير أن هناك مجموعات تركمانية أخرى تسكن المدن والقرى الواقعة بين كركوك والموصل ومجموعة تركمانية كبيرة العدد في قضاء مندلي.
ويشير التقرير أن عبد الكريم قاسم قد سرح الوجبة المتكونة من 880 ضابطا احتياطيا تخرجوا في نيسان(أبريل) الماضي والذين كان من المفترض أن يحلوا محل الضباط الذين جرى تسريحهم بعد المحاولة الانقلابية في الموصل.
ويقول التقرير أن الأخبار التي نقلت عن تورط قوات حراسة شركة نفط العراق مع مثيري الشغب لم تنقل إلا في التقارير الأجنبية وأن المصادر الأخرى بما في ذلك مسؤولو الشركة المتواجدين في كركوك أثناء الأزمة قد صرحوا بأن الروايات التي نقلت من قبل المصادر الخارجية مبالغ فيها وأن هذه القوات قد أدت واجبها للحفاظ على ممتلكات الشركة وأرواح منتسبيها، وأن مسؤولي الشركة لم يبلغوا بأية انتهاكات من قبل هؤلاء الحراس.