تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق
(466) { سَكِينَتَهُ } ما ألقى في قلبه من الأمنة، التي سكن عندها وعلم أنهم لا يصلون إليه، والجنود الملائكة يوم بدر، والأحزاب وحنين.
* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق
{ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا }بالعصمة والمعونة. روي (أن المشركين طلعوا فوق الغار فأشفق أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما ظنك باثنين الله ثالثهما " فأعماهم الله عن الغار فجعلوا يترددون حوله فلم يروه). وقيل لما دخلا الغار بعث الله حمامتين فباضتا في أسفله والعنكبوت فنسجت عليه. { فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ } أمنته التي تسكن عندها القلوب. { عَلَيْهِ } على النبي صلى الله عليه وسلم، أو على صاحبه وهو الأظهر لأنه كان منزعجاً. { وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا } يعني الملائكة أنزلهم ليحرسوه في الغار أو ليعينوه على العدو يوم بدر والأحزاب وحنين، فتكون الجملة معطوفة على قوله { نَصَرَهُ ٱللَّهُ }.
تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ) مصنف و مدقق
{ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ } طمأنينته { عَلَيْهِ } على نبيه
* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق
قال القاضي أبو محمد: فهذه كقراءة ما بقي من الربا وكقوله جرير: [البسيط ]
قال القاضي أبو محمد: أقول بل خرج منها كل من شاهد غزوة تبوك ولم يتخلف، وإنما المعاتبة لمن تخلف فقط، أما إن هذه الآية منوهة بأبي بكر حاكمة بقدمه وسابقته في الإسلام رضي الله عنه، وقوله: { إن الله معنا } يريد به النصر والإنجاء واللطف، وقوله تعالى: { فأنزل الله سكينته عليه } الآية، قال حبيب بن أبي ثابت: الضمير في { عليه } عائد على أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل ساكن النفس ثقة بالله عز وجل.
قال القاضي أبو محمد: وهذا قول من لم ير السكينة إلا سكون النفس والجأش، وقال جمهور الناس: الضمير عائد على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أقوى، و " السكينة " عندي إنما هي ما ينزله الله على أنبيائه من الحياطة لهم والخصائص التي لا تصلح إلا لهم، كقوله تعالى:
{ فيه سكينة من ربكم }
تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان/القمي النيسابوري (ت 728 هـ) مصنف و مدقق
ثم زعم أهل السنة أن الضمير في قوله { فأنزل الله سكينته عليه } عائد إلى أبي بكر لا إلى الرسول لأنه أقرب المذكورين فإن التقدير: إذ يقول محمد لصاحبه أبي بكر ولأن الخوف كان حاصلاً لأبي بكر والرسول كان آمناً ساكن القلب بما وعده الله من النصر، ولو كان خائفاً لم يمكنه إزالة الخوف عن غيره بقوله { لا تحزن } ولناسب أن يقال: فأنزل الله سكينته عليه فقال لصاحبه لا تحزن. واعترض بأن قوله { وأيده } عطف على { فأنزل } فواجب أن يتحد الضميران في حكم العود.
وأجيب بأن قوله { وأيده } معطوف على قوله { فقد نصره } والتقدير: إلا تنصروه فقد نصره في واقعة الغار وأيده في واقعة بدر والأحزاب وحنين بالملائكة، والظاهر أن الحزن لا يبعد أن يكون شاملاً للنبي صلى الله عليه وسلم أيضاً من حيث البشرية كقوله
{ وزلزلوا }
[البقرة: 214] ويكون في الكلام تقديم وتأخير والتقدير: فأنزل الله سكينته عليه إذ يقول، أو يكون { فأنزل } معطوفاً على نصره. والمراد بالسكينة ما ألقي في قلبه من الأمنة التي سكن عندها قلبه وعلم أنه منصور لا محالة كقوله في قصة حنين
{ ثم أنزل الله سكينته على رسوله }
تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق
قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ }؛ أي أنزلَ طُمَأنِينَةً على رسولهِ حتى سَكَنَ واطمأنَّ.
* تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق
{ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ } سكونه وطمأنينته { عَلَيْهِ } أي على رسول الله صلى الله عليه وسلم
تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ) مصنف و مدقق
{ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا } اختلف العلماء في قوله تعالى { عَلَيْهِ } ، هل المقصود بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو أن المقصود بها أبو بكر؟ وما دامت السكينة قد نزلت؛ فلا بد أنه نزلت على قلب أصابه الحزن. ولكن العلماء يقولون: إى الضمائر في الآيات تعود على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالحق قال: { إِلاَّ تَنصُرُوهُ } أي محمداً عليه الصلاة والسلام، وسبحانه يقول: { فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ } أي محمداً صلى الله عليه وسلم، ويقول أيضاً: { إِذْ أَخْرَجَه } أي محمداً صلى الله عليه وسلم، فكل الضمائر في الآية عائدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تفسير في ظلال القرآن/ سيد قطب (ت 1387 هـ) مصنف و مدقق
والقوم على إثرهما يتعقبون، والصديق - رضي الله عنه - يجزع - لا على نفسه ولكن على صاحبه - أن يطلعواعليها فيخلصوا إلى صاحبه الحبيب، يقول له: لو أن أحدهم نظر إلى قدمية لأبصرنا تحت قدميه. والرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد أنزل الله سكينته على قلبه، يهدئ من روعه ويطمئن من قلبه فيقول له: " يا أبا بكر ما ظنك بأثنين الله ثالثهما؟ ".
ثم ماذا كانت العاقبة، والقوة المادية كلها في جانب، والرسول - صلى الله عليه وسلم - مع صاحبه منها مجرد؟ كان النصر المؤزر من عند الله بجنود لم يرها الناس.
تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق
التفريع مؤذن بأنّ السكينة أنزلت عقب الحُلول في الغار، وأنّها من النصر، إذ هي نصر نفساني، وإنّما كان التأييد بجنود لم يروها نصراً جثمانياً. وليس يلزم أن يكون نزول السكينة عقب قوله: { لا تحزن إن الله معنا } بل إنّ قوله ذلك هو من آثار سكينة الله التي أنزلت عليه، وتلك السكينة هي مظهر من مظاهر نصر الله إيّاه، فيكون تقدير الكلام: فقد نصره الله فأنزل السكينة عليه وأيّده بجنود حين أخرجه الذين كفروا، وحِين كان في الغار، وحين قال لصاحبه: لا تحزن إن الله معنا. فتلك الظروف الثلاثة متعلّقة بفعل { نصره } على الترتيب المتقدّم،وهي كالاعتراض بين المفرّع عنه والتفريع، وجاء نظم الكلام على هذا السبك البديع للمبادأة بالدلالة على أنّ النصر حصل في أزمان وأحوال ما كان النصر ليحصل في أمثالها لغيره لولا عناية الله به، وأنّ نصره كان معجزةً خارقاً للعادة.
* تفسير النهر الماد / الأندلسي (ت 754 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى
{ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ } الآية، قال ابن عباس: السكينة الرحمة والوقار. والضمير في عليه عائد على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هو المحدّث عنه. وقال ابن عطية: والسكينة عندي إنما هي ما ينزله الله تعالى على أنبيائه من الحياطة لهم والخصائص التي لا تصلح إلا لهم كقوله:
{ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ }
[البقرة: 248]، ويحتمل أن يكون قوله: فأنزل الله سكينته.. إلى آخره، يراد به ما صنعه الله تعالى لنبيه إلى وقت تبوك من الظهور والفتوح لا أن يكون هذا يختص بقضية الغار. وكلمة الذين كفروا هي الشرك وهي مقهورة، وكلمة الله هي التوحيد، وفي فصل بين المبتدأ والخبر، أو مبتدأ، والعليا خبره، والجملة خبر لقوله: وكلمة الله.
|