قال التستري -من كبار علمائهم-: (كما جاء موسى للهداية وهدى خلقا كثيرا منبني إسرائيل وغيرهم فارتدوا في أيام حياته ولم يبق فيهم أحد على إيمانه سوى هارون (ع)، كذلك جاء محمد صلى الله عليه وسلم وهدى خلقاً كثيراً لكنهم بعد وفاته ارتدواعلى أعقابهم)
([1]) إحقاق الحق للتستري (ص: 316).
من الأقوال التي نسبت إلى علي بن أبي طالبرضي الله عنه: [[إن الناس كلهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمغيرأربعة] زادوا عمار بن ياسر رضي الله عنه على الثلاثة السابقين-.
([2]) انظر السقيفة لسليم بن قيس (ص:92)، والأنوار النعمانية للجزائري (1/81).
عن محمد بن علي الباقر رحمه الله: [[كان الناسأهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة]، و [ارتد الناس إلا ثلاثة نفر]
([3]) روضة الكافي للكليني (ص: 115)، وتفسير العياشي (1/199)، واختيار معرفة الرجال (ص: 6-8-11)، وانظر: علم اليقين للكاشاني (2/743-744)، وتفسير الصافي له (1/148، 305)، وقرة العيون له (ص: 426)، والبرهان للبحراني (1/319)، وبحار الأنوار للمجلسي (6/749)، وحياة القلوب له (2/837)، والدرجات الرفيعة للشيرازي (ص: 223)، وحق اليقين لعبد الله شبر (1/218-219).
هل يكفي هذا يا ابو الحر؟؟
الان انت جاوب على سؤال الموضوع
الروايات لا يتجاوز السبع روايات; وهي بين ضعيف لا يعوّل عليه،وموثّق ـ حسب اصطلاح علماء الإمامية في تصنيف الأحاديث ـ وصحيح قابلين للتأويل،ولا يدلاّن على الارتداد عن الدين ، والخروج عن الإسلام بل يرميان إلى أمرآخر .
أمّا الضعيف فهو ما رواه الكشّي عن حمدويه وإبراهيمابني نصير قال : حدّثنا محمّد بن عثمان ، عن حنّان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفرـ عليه السلام _ قال : ( كان الناس أهل الردّة بعد النبيّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـإلاّ ثلاثة . . .) رجال الكشي : 12 / 1
وكفى في ضعفها وجود محمّد بن عثمان في سندها; وهو من المجاهيل .
ما رواه أيضاً عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة،عن أبي بكرالحضرمي قال : قال أبوجعفرعليه السلام) : ارتدّ الناس إلاّ ثلاثة نفر : سلمان ، وأبو ذر ، والمقداد ) رجال الكشي : 16 / 13
وكفى في ضعفها أنّ الكشّي من أعلام القرن الرابع الهجري القمري ، فلا يصحّ أن يروي عن عليّ بن الحكم ، سواء أكان المراد منها لأنباري الراوي عن ابن عميرة المتوفّى عام (217هـ ) أو كان المراد الزبيري الذي عدّه الشيخ من أصحاب الرضاـ عليه السلام المتوفّى عام 203هـ .
وما نقله أيضاً عن حمدويه بن نصير قال : حدّثني محمّدبن عيسى ومحمّد بن مسعود قال : حدّثنا جبرئيل بن أحمد قال : حدثنا محمّد بن عيسى،عن النضر بن سويد ، عن محمّد بن البشير ، عمّن حدثه قال : ( ما بقي أحد إلاّ وقد جال جولة إلاّ المقداد بن الأسود; فإنّ قلبه كان مثل زبرالحديد ) رجال الكشي : 16 الحديث11
والرواية ضعيفة بجبرئيل بن أحمد; فإنّه مجهول كماأنّها مرسلة في آخرها .
وأمّا الروايات الباقية فالموثّق عبارة عمّـا ورد في سنده عليّ بن الحسن الفضال ، والثلاثة الباقية صحيحة ، ومن أراد الوقوف على أسنادها ومتونها فليراجع إلى رجال الكشّي المصدر نفسه : 13 / 3 و 4 و 6و 7
ومع ذلك كلّه فإنّ هذه الروايات لا يحتجّ بها أبداً لجهات عديدة نشير إلى بعض منها:
1 ـ كيف يمكن أن يقال إنّه ارتدّ الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يبق إلاّ ثلاثة تمسّكوا بولاية عليّ ولم يعدلوا عنها ، مع أنّ ابن قتيبة والطبري رويا أنّ جماعة من بني هاشم وغيرهم تحصَّنوا في بيت علي معترضين على ما آل إليه أمرالسقيفة ، ولم يتركوا بيت الإمام إلاّ بعد التهديد والوعيد وإضرام النار أمام البيت . وهذا يدلّ على أنّه كان هناك جماعة مخلصون بقوا أوفياء لما تعهّدوا به في حياة النبي ّصلى الله عليه وآله وسلم _، وإليك نصّ التاريخ : قال ابن قتيبة :
إنّ بني هاشم اجتمعت عند بيعة الأنصار إلى عليّ بن أبي طالب ، ومعهم الزبير ابن العوّام ـ رضي الله عنه ـ الإمامة والسياسة 1 : 10 ـ 12 .
وقال في موضع آخر : إنّ أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ تفقّد قوماً تخلَّفوا عن بيعته عند عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار عليّ ، فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها ، فقيل له : يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة، فقال : وإن . . . المصدر نفسه .
روى الطبري : قال : أتى عمر بن الخطاب منزل عليّ وفيها طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال : والله لأُحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة ، فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه تاريخ الطبري 2 : 442
وقال ابن واضح الأخباري : وتخلّف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار ومالوا مع عليّ بن أبي طالب ، منهم : العبّاس بن عبدالمطلب ، والفضل بن العبّاس ، والزبير بن العوّام بن العاص ، وخالد بن سعيد،والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبوذر الغفاري ، وعمّـار بن ياسر ، والبراء بن عازب ، وأُبي بن كعب . فأرسل أبو بكر إلى عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح والمغيرة بن شعبة فقال : ما الرأي؟ قالوا : الرأي أن تلقى العباس بن عبد المطلب فتجعل له في هذا الأمر نصيباً . . . تاريخ اليعقوبي 2 : 124
كلّ ذلك يشهد على أنّه كان هناك أُمّة بقوا على ماكانوا عليه ، في عصر الرسول الأعظمصلى الله عليه وآله وسلم _، ولم يغترّوا بانثيال الأكثرية إلى غير من كان الحقّد يدور مداره . وكيف يمكن ادّعاء الردّة لعامة الصحابة إلاّ القليل .
2 ـ كيف يمكن أن يقال : ارتدّ الناس إلاّ ثلاثة مع أنّ الصدوق ـ رضي الله عنه ـ ذكر عدّة من المنكرين للخلافة في أوائل الأمر وقد بلغ عددهم اثنا عشر رجلا من المهاجرين والأنصار وهم : خالد بن سعيد بن العاص ، والمقدادبن الأسود ، وأُبي ابن كعب ، وعمّـار بن ياسر ، وأبوذر الغفاري ، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن مسعود ، وبريدة الأسلمي ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وسهل بنحنيف ، وأبو أيّوب الأنصاري ، وأبو هيثم بن التيهان وغيرهم .
ثمّ ذكر اعتراضاتهم على مسألة الخلافة واحداً بعدواحد الخصال ، الشيخ الصدوق أبواب الاثني عشر : 461 ـ 465 .
3 ـ إنّ وجود الاضطراب والاختلاف في عدد من استثناهم الإمام يورث الشكّ في صحّتها ، ففي بعضها ( إلاّ ثلاثة ) وفي البعض الآخر ( إلاّ سبعة ( وفي ثالث ( إلاّ ستة ) فإنّ التعارض وإن كان يمكن رفعه بالحمل على اختلافهم في درجات الإيمان غير أنّه على كلّ تقدير يوهن الرواية .
4 ـ كيف يمكن إنكار إيمان أعلام من الصحابة مع اتّفاق كلمة الشيعة والسنّة على علوّ شأنهم ، أمثال : بلال الحبشي ، وحجر بن عدي ، وأُويس القرني ، ومالك ابن نويرة المقتول ظلماً على يد خالد بن الوليد ، والعبّاس بن عبدالمطلب وابنه حبر الأُمّة وعشرات من أمثالهم ، وقد عرفت أسماء المتخلّفين عن بيعة أبي بكر في كلام اليعقوبي ، أضف إلى ذلك أنّ رجال البيت الهاشمي كانوا على خطّ الإمام ولم يتخلّفوا عنه ، وإنّما غمدوا سيوفهم اقتداءً بالإمام لمصلحة عالية ذكرها في بعض كلماته نهج البلاغة ، الكتاب 62 ،
وأقصى ما يمكن أن يقال في حقّ هذه الروايات هو أنّه ليس المراد من الارتداد الكفر والضلال والرجوع إلى الجاهلية ، وإنّما المراد عدم الوفاء بالعهد الذي أُخذ منهم في غير واحد من المواقف وأهمّها غدير خم . ويؤيّد ذلك :
ما رواه وهب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه السلام جاء المهاجرون والأنصار وغيرهم بعد ذلك ( أي بعد بيعة أبي بكر ( إلى عليّ عليه السلام فقالوا له : أنت والله أمير المؤمنين وأنت والله أحقّ الناس وأولاهم بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لمّ يدك نبايعك فوالله لنموتنّ قدامك . فقال عليّـ عليه السلام ـ : إن كنتم صادقين فاغدوا غداً عليّ محلّقين . فحلق أمير المؤمنين وحلق سلمان وحلق المقداد وحلق أبو ذر ولم يحلق غيرهم لاحظ رجال الكشي : 14 / 7 من هذا الباب .
وهذه الرواية قرينة واضحة على أنّ المراد هو نصرة الإمام عليه السلام لأخذ الحق المغتصب ، فيكون المراد من الردّة هو عدم القتال معه .
التعديل الأخير تم بواسطة حيــــــــــدرة ; 20-10-2007 الساعة 11:18 PM.