العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية منتدى الجهاد الكفائي

منتدى الجهاد الكفائي المنتدى مخصص للجهاد الكفائي الذي أطلق فتواه المرجع الأعلى السيد السيستاني دام ظله

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية nad-ali
nad-ali
شيعي حسيني
رقم العضوية : 72513
الإنتساب : May 2012
المشاركات : 7,601
بمعدل : 1.67 يوميا

nad-ali غير متصل

 عرض البوم صور nad-ali

  مشاركة رقم : 51  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 28-01-2013 الساعة : 10:33 PM




2013.. عام التغيير في السعودية؟





لعبة الدومينو لم تصل الى نهايتها بعد في الشرق الأوسط، فلا تزال هناك مناطق مرشّحة لأن تشهد تحوّلات كبرى، وأن رياح التغيير منذ انطلقت من الغرب هي في طريقها الى الشرق، وقد وصلت الى المناطق التي كان يعتقد حكّامها بأنها محصّنة وبمنأى عن التغيير..لقد بات حديث التغيير محسوماً الآن في المملكة السعودية، ولم يعد الأمر فرضياً، ولا تكهناً، فهذا الربيع يزحف تدريجاً، ويحاول حكّامها احتواءه، استيعابه، الالتفاف عليه عبر مبادرات عبثية، كتشكيل مجلس شورى جديد يضم 30 إمرأة، من أجل كسب تأييد الغرب..مصيبة العائلة المالكة أنها باتت عاجزة عن هضم الحقائق الجديدة، وأبرزها أن الناس لم تعد تنتظر دعماً غربياً أو تكترث لموقف الغرب سلباً أم إيجاباً، ولا للتغطية الاعلامية شبه الغائبة عن وقائع التحول الداخلي العميق والسريع، ولا التهويل الامني الذي يزداد شراسة الى حد اعتقال النساء والاطفال، ولا تدابير كثيرة كان النظام يلجأ اليها حين يريد قمع الحركة المطلبية..
لقد فرض ربيع الثورة نفسه في مملكة الاستبداد حتى على الأمراء أنفسهم الذين راحوا يتحدثون عنه تارة بعنوان التمجيد حتى قال خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، بأن الربيع بدأ في المملكة قبل 82 عاماً، موهماً جمهوره بأن المملكة سبّاقة في التغيير والاصلاح ولكن ليس وفق شروط الربيع الثوري الديمقراطي، ولذلك لم يلبث أن شنّ هجوماً على الربيع الحالي في نسخته الحالي وكتب فيه قصيدة بعنوان (هبوب) اشتملت على هجاء للربيع العربي، واعتبر ان ما يجري هو لخدمة الدولة الصهيونية وتحقيقاً لفكرة الفوضى الخلاّقة..
على أية حال، فإن قصيدة خالد الفيصل لم تلامس الاستبداد السياسي في مملكة ال سعود، والذي يتطلب تغييراً شاملاً وجوهرياً، وإن تحميل الآخر، مسؤولية مايجري ليس سوى المحاولة المكرورة واليائسة للهروب..وقد سبقه أخوه الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات العامة الأسبق والسفير السابق في لندن وواشنطن، الذي نفى وجود ربيع عربي، وقال بأن من السابق لأوانه الحكم على ما يجري في الشرق الأوسط بأنه ربيع (فقد يكون صيفاً أو شتاءً أو زمهريراً).
ومهما كانت التوصيفات لما يجري، فإن مملكة آل سعود تواجه حركة مطلبية شعبية متصاعدة، لايمكن إيقافها، بل تفيد المؤشرات بأن ما تشهده هذه البقعة شديدة الحساسية والحيوية بالنسبة للإقتصاد العالمي ينذر بتحولات غير قابلة للسيطرة في حال تمسّكت العائلة المالكة بموقف التجاهل لمطالب الشعب التي باتت قنوات التواصل الاجتماعي (تويتر) و(فيسبوك) الأكفأ في نقلها بأمانة فائقة.
الصحف السعودية هي الأخرى لم تعد قادرة على تجاهل ما يجري، بحيث بات طيف من الكتّاب المحليين ينخرطون في نقاشات جدية وواسعة حول موضوعات ذات مصلة بمطالب الناس وهمومهم اليومية الاقتصادية والسياسية..فقضايا مثل الحريات والانتخابات والمشاركة السياسية وحقوق المرأة، وتدخّل رجال الدين والمطاوعة في خصوصيات المواطنين، وعلاقة الحاكم بالمحكوم، وشرعية السلطة، باتت عناوين حاضرة في الكتابات الصحفية اليومية..


توقيع : nad-ali



من مواضيع : nad-ali 0 تصاميم لشهر محرم الحرام
0 تصميم شهادة الامام الباقر عليه السلام
0 تصميم لمولد الامام الرضا عليه السلام
0 تصميم لذكرى استشهاد الامام جعفر الصادق عليه السلام
0 تصاميم لشهادة امير المؤمنين علي ع

الصورة الرمزية nad-ali
nad-ali
شيعي حسيني
رقم العضوية : 72513
الإنتساب : May 2012
المشاركات : 7,601
بمعدل : 1.67 يوميا

nad-ali غير متصل

 عرض البوم صور nad-ali

  مشاركة رقم : 52  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-01-2013 الساعة : 10:58 PM








الجزء الأول:
البحرين: التقرير الاستيراتيجي 2013

يقدم مركز البحرين للدراسات في لندن في هذا الإصدار: البحرين.. التقرير الاستيراتيجي 2013، قراءة تحليلية معمقة لصورة جانبية من الحالة البحرينية في العام 2012، وآفاقها في العامين 2013 و 2014.

وينشر المركز التقرير بنسخة عربية، وأخرى إنجليزية تضم أغلب عناصر التقرير.

التقرير ليس إرشيفا، ولا يحيط بكامل المشهد، وإلا كان حجمه مضاعفا لمرات، وإنما ينتقي معطيات ومفاصل، ويقاربها حدثا وتحليلا وأفقا.

وإجمالا، يحاول التقرير الإجابة على جملة من الأسئلة تتعلق بواقع الحال واستشراف الآتي، ومن بينها: من هم الفاعلون في المشهد؟ ما هي مواقعهم ؟ ما أبرز خطواتهم أو افعالهم خلال العام المنصرم؟ ما نوع السياسيات التي يسلكها الفاعلون؟ هل هي سياسات واضحة أو غير متوقعة أم أنها سياسات ثابتة ضئلية التغيير؟ إلى اي حد يمكن لهذه السياسات أن تواجه منافسين أو مخاطر عملية؟ ما هي المبادرات التي قدمها الفاعلون في سياق عملهم؟ هل أثمرت السياسات المتبعة عن نتائج ما؟ ما هي؟ ما أهم الإشكاليات والتحديات التي تواجه الفاعلين؟ وما هو أفق المستقبل القريب والمستقبل البعيد لهذه السياسات والنتائج؟

يحتوي التقرير على سبع أوراق موزعة على خمسة فصول، ساهم فيها خمسة من الباحثين المعروفين بكتابتهم الموضوعية والمعمقة.

في الفصل الأول، يكتب الباحث البحريني عباس المرشد عن القوى السياسية، معتبرا أن "سيطرة صيغة الانقسام بين أطراف المعارضة، أثر سلبا على إنجاز التحول الديمقراطي، إذ تولدت حالة من الشرعية المنقوصة لدى أطراف المعارضة والمولاة، بما أفقدها صفة الشمول والاستيعاب لكافة مكونات المجتمع. ونتيجة لهذا الوضع المنقسم، توفرت مساحة فراغ بمقدور النظام الهروب إليه كلما ضاق عليه أفق الحلول والتسويات، بل إن بقاء الانقسام السياسي أيا كانت مسبباته أعطى النظام فرصة لأن يسوق نفسه على أنه متعالٍ على الخلافات والانقسامات السياسية”.

وفي مقاربته للحراك الميداني، يلاحظ المرشد أن "التظاهر في العاصمة كان ولا يزال بمثابة خط التماس بين المعارضة والنظام، وأن الأكثر نفوذا وهيمنة هو من يحكم سيطرته على العاصمة، ما يجعل من سياسات النظام تتشدد بطريقة متطرفة في حصارها للفعاليات الاحتجاجية التي تقام في المنامة، وفي الوقت نفسه فإن هذا الوضع الاستراتيجي يجعل من فعاليات المعارضة خارج محيط العاصمة بمثابة الوضع المسموح به ضمن حدود اللعبة السياسية، ومع ذلك فإن بعض تلك الفعاليات تصيب النظام بأكثر من حالة هسيترية يفقد معها قواعد الاشتباك السياسي.

في الفصل الثاني: مشكلات مزمنة، يكتب الباحث البحريني نادر المتروك عن أزمة الإعلام الذي يعيش خصاما على الحقيقة، ويقرر أن “المواد الإعلاميّة أصبحت مرجعاً لمقاربة الأوضاع العامة التي عاشتها البلاد تباعاً منذ تفجّر الانتفاضة. وقد عمل الإعلام الرّسمي على ترسيخ الصّورة النّمطيّة المعهودة، فقدّم دوراً "رسميّاً" خالصاً، ونأى عن إعطاء المساحات المرضيّة للآراء الأخرى. وتحوّل الجهاز الإعلامي الحكومي إلى أداة "مؤثرة" في تشجيع قمع الاحتجاجات السّياسيّة القائمة”.

ويعتقد المتروك أن "توزُّع العمل الإعلامي بين الأهالي والإعلاميين المجهولين؛ نقطة قوّة أمّنت استمراريّة الإعلام المُعارض وحماه من الاستهداف القاتل. إلاّ أنّ تشتّت الجهود، وغياب التّنسيق الإستراتيجي، ضيّع على الإعلام المعارض الفرص المناسبة لتحقيق الأهداف الإعلاميّة في الأوقات المناسبة".

وفي مسألة الإسكان، يرى المتروك أن “الصّراعُ الحاد بشأن أزمة الإسكان يتداخل على أهم محورين في المناجزة السيّاسيّة القائمة في البحرين اليوم. الأوّل، محور الأرض، والثّاني محور السّكان. وقد عمِد نظام الحكم إلى السّيطرة على منافذ القوّة على الأرض، فتحكّم في حدود الانتشار، وطريق التملّك. من جانبٍ آخر، اشتغل الحكم على الطبيعية السّكانيّة، وأنشأ فئات مختلطة من السّكان، وهو ما يوفّر حجماً مؤثراً في التأثير على إدارة أزمة الإسكان من جهة، والحيلولة دون الانتقال إلى الاستحقاقات المعيشيّة الأكبر من جهةٍ أخرى".

وفي البعد الاقتصادي (الفصل الثالث)، يتساءل النائب البحريني السابق والمحلل الاقتصادي الدكتور جاسم حسين عما إذا كان المارشال الخليجي "سيكون بديلا عن الإصلاح السياسي والاقتصادي، بسبب وجود رغبة للاستفادة من الأموال الخليجية لمعالجة بعض الملفات الساخنة غير السياسية، خصوصا تلك المتعلقة بتوفير مستوى من الرفاهية للمواطنين. بمعنى آخر يخشى أن يكون المارشال الخليجي بديلا عن تنفيذ إصلاحات ديمقراطية جوهرية. ومرد ذلك استغلال حاجة البعض للحصول على مسكن لائق، ووظيفة توفر العيش الكريم له ولأفراد أسرته، لكن على حساب المطالبات الديمقراطية".

وفي موضوع المديونية العامة، يلاحظ جاسم حسين "تكرار ظاهرة رفع سقف الدين العام المسموح به بصورة مستمرة في غضون عدة سنوات فقط من مليار دينار إلى مليارين ومن ثم إلى 3.5 مليار دينار في العام 2011، فيما حجم السقف الجديد للدين في العام 2012 فيبلغ 5 مليار دينار".

ويعتقد حسين أنه "في ظل غياب مؤسسات دستورية قادرة على لجم شهية القطاع العام للصرف يخشى بخروج المديونية العامة عن نطاق السيطرة مع كل سلبيات ذلك على الحالة الاقتصادية للبلاد ومعيشة ومستقبل الناس".

ويعالج الباحث السعودي الدكتور حمزة الحسن، في الفصل الرابع، الموقف الخليجي والعربي من أزمة البحرين، ويسجل أن "مواقف الدول العربية عامة والإقليمية كتركيا وإيران اتسمت بطابع الجمود طيلة العام 2012، ولربما كان هذا سبباً أساسياً في الجمود السياسي الذي تشهده القضية البحرينية. فبالرغم من انقسام الموقف تجاه الثورة البحرينية، فإن تحولاً في السياسات والمواقف لم يحدث. ولم يسجل للدول العربية والخليجية والإقليمية أية مبادرة جادّة للتوصل إلى حلّ سياسي بين النظام البحريني والمعارضة، ما ينبئ عن حقيقة أن الموضوع البحريني بالنسبة لأغلبية هذه الدول إما مؤجلا وتسبقه في الأهمية ملفات أخرى اكثر أهمية وحساسية (كالملف السوري)؛ أو أنه موضوع يتعمّد لاعبون أساسيون تجاهله أملاً في موت الثورة البحرينية ببطء أو بسبب الإهمال، أو على أمل أن يؤدي الصراع الإقليمي والدولي في منطقة الشرق الأوسط الى بروز ظرف مناسب يساهم في تقليص حجم التنازل من قبل نظام الحكم في البحرين للمعارضة".

ويستشرف الصحافي البحريني عباس بوصفوان السنياريوهات المحتملة للتسوية في 2014 في الفصل الخامس من التقرير، على النحو التالي: 1. سيناريو إزاحة الملك يصطدم بتشتت المعارضة وضعف ولي العهد، 2. اعتبار المعارضة وزير الديوان ملكا يواري خيار إزاحته ويزيد من فرص الإطاحة برئيس الوزراء، 3. فرص التوافق الدستوري منعدمة مادام الملك يرى المس بالدستور مسا بشخصه، 4. سيناريو الإصلاح الحكومي من طرف واحد المكلف من دون مردود، 5. سيناريو إنجاز "أسلو" بحريني جديد الذي قد يقصم ظهر الحراك الشعبي ويؤثر سلبا على جمعية "الوفاق".

ويرى بوصفوان أن الوصول إلى تسوية ما أمراً وارداً، بالنظر إلى حدوث ذلك في 1923، 1973، و2001، والمشاركة في انتخابات 2006 و2010، مرجحا أن تكون التسوية هشة أو مؤقتة (أوسلو بحريني جديد)، عوضا عن توافق مجمع عليه وطنيا. بمعنى أنه يصعب أن تكون التسوية المرتقبة دائمة/ تاريخية، وفرص أن لا يتم الوصول إلى تسوية أقرب من الوصول إلى تسوية تاريخية. ولا يساعد ذلك إلا على القول بأن الأرض البحرينية ستظل مسرحا للتوتر لن يحل إلا بتسوية "رصينة" وتاريخية وتقوم على التوافق الوطني.

يتبع...


توقيع : nad-ali



من مواضيع : nad-ali 0 تصاميم لشهر محرم الحرام
0 تصميم شهادة الامام الباقر عليه السلام
0 تصميم لمولد الامام الرضا عليه السلام
0 تصميم لذكرى استشهاد الامام جعفر الصادق عليه السلام
0 تصاميم لشهادة امير المؤمنين علي ع

الصورة الرمزية nad-ali
nad-ali
شيعي حسيني
رقم العضوية : 72513
الإنتساب : May 2012
المشاركات : 7,601
بمعدل : 1.67 يوميا

nad-ali غير متصل

 عرض البوم صور nad-ali

  مشاركة رقم : 53  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-01-2013 الساعة : 10:59 PM






الجزء الثاني:

الفصل الأول: البعد السياسي والميداني.. أزمة الولاء والتوافق الوطني



1-القوىالسياسية.. موالاة تائهة.. ومعارضة“حقوقية“

أولا: الموالاة وإشكالية الولاء للدولة

لم يكن من الواضح خلال العام المنصرم قدرة القوى السياسية الموالية للنظام على خلق ولاء سياسي للدولة مقابل الولاء الشخصي للعائلة المالكة، بما خلق لدى القاعدة الشعبية المصنفة مذهبيا (اهل السنة) إشكاليات عميقة حول الانتماء والولاء لم تحسم، فهناك الانتماء الخليجي -وبالأخص السعودي- مقابل الانتماء للدولة بحدودها المعروفة، وهناك الانتماء الوطني مقابل الانتماء الديني/المذهبي، وهناك الولاء للنظام السياسي مقابل الولاء للوطن.

لقد حاولت هذه القوى استعادة موقعها السياسي والبحث لها عن مكانة داخل المسار السياسي البحريني وطرحت وثيقة الفاتح كنوع من المسايرة لوثيقة المنامة، التي قدمت فيها المعارضة رؤيتها للبحرين الديمقراطية. إلا أن وثيقة الفاتح لم تجد صدى لا داخل هذه القوى ولا عند النظام أو الأطراف المعنية بالأزمة السياسية في البحرين، ما يعد فشلا في تحقيق وظيفتها السياسية وتحولها لعناصر مذخرة يبقيها النظام وقت ما يحتاجها في صراعه مع القوى المعارضة أو في مباحثاته مع الأطراف الدولية والإقليمية.

من ناحية التعبئة الشعبية فقد كشفت الفترة المتأخرة من العام الماضي انحسار قدرة القوى الموالية على الحشد والتعبئة سواء في المواضيع والقضايا التي شكلت عصبية جماهيرتيها أو في البناء الهيكلي لبعض تلك القوى.

وقد صرح الدكتور عبد اللطيف المحمود لإحدى الصحف المحلية عن عجز تجمع الوحدة الوطنية في إقامة تجمعات جماهيرية لنقص الكوادر البشرية وضعف الميزانية الاقتصادية لإقامة مثل هذه التجمعات.

كما أبرزت المؤتمرات السنوية لهذه القوى ومنها تجمع الوحدة الوطنية تضاؤل الحضور وصعوبة تحقيق النصاب القانوني لعقد تلك المؤتمرات، وهو وضع تكرس بعد حالات الخروج والانشقاق على الوحدات الناظمة لهذه القوى كما في حالة جمعية المنبر الإسلامي (إخوان مسلمين)، وجمعية الأصالة (سلفيين)، حيث استقال العديد من أعضائها للدخول في تجمع الوحدة الوطنية وثم انشقوا عن التجمع مؤسسين شباب تجمع الفاتح الذي تلاشت قوته بعد ذلك أيضا.

لقد استفادت هذه القوى الموالية من دعم النظام لها سياسيا واقتصاديا كما استفادت من غياب النظام الديمقراطي الحقيقي وهو ما ترك المجال مفتوحا لأعضاء هذه القوى لأن تنطبق عليهم خصائص قانون الحظوة والاقتراب من مركز السلطة والحصول على المنافع الاجتماعية والمهنية، خصوصا في الوظائف العليا داخل المؤسسات الحكومية وخلق وظائف عليا جديدة لهم. مقابل هذا الصعود ( الشخصي) تعرضت القوى الموالية لهبوط في أدائها السياسي تمثل في عدة مظاهر:

أولا: فقدانها عصبية التجميع الشعبي عبر حشرها بداية في تجمع الوحدة الوطنية ومن ثم تعرض التجمع لخطر التفتت.

ثانيا: انعدام رؤيتها السياسية المستقلة عن رؤية النظام وأجندته وقد عكس تقرير المؤتمر الأول لتجمع الوحدة الوطنية هذا الواقع عبر تفسيره للمسار السياسي الذي اتخدته القوى الموالية منذ 14 فبراير 2011 وأفضى لأن تستخدم هذه القوى من قبل النظام بشكل صريح وعلني.

ثالثا: انسداد فرص تفاعلها الجماهيري دون الحماية والدعم الحكومي لها.

رابعا: انشغالها بمناكفة ومعارضة القوى السياسية المعارضة والمزايدة على النظام في إنزال أشد العقوبات بالقيادات السياسية المعتقلة والطليقة.



ثانيا: الجمعيات المعارضة: طغيان البعد الحقوق

تضم المعارضة الرسمية ثمان جمعيات سياسية تشكل جمعية الوفاق وجمعية العمل الديمقراطي من الناحية السياسية عمودها الفقري. بطبيعة الحال لم تخلق الجمعيات السياسية حراك 14 فبراير وكانت حذرة في تعاطيها مع دعوة يوم الغضب باستثناء جمعية العمل الديمقراطي التي كان لها موقف مؤيد بشكل علني وواضح لتلك الدعوة، إلا هذه الجمعيات انخرطت في الحراك بعد اشتداده وسخرت كافة كوادرها للانخراط في فعاليات الثورة ولكن على طيقتها الخاصة.

يقوم مشروع الجمعيات السياسية على مبدأ الإصلاح الديمقراطي الجذري وهي تعني بذلك المطالبة بالانتقال من الملكية الدستورية المطلقة إلى الملكية الدستورية المقيدة حيث يمكن تداول السلطة وانتخاب الحكومة بدل تعينها من قبل الملك.

اعتمدت الجمعيات السياسية استراتيجية سلمية الحراك الميداني، وإدانة العنف مهما كان مصدره كأفضل الخيارات المتاحة في ظل تعقيد الوضع الداخلي وشراسة الأجهزة الأمنية وقوتها المتعاظمة.

مع الإعلان عن تشكيل لجنة تقصى الحقائق المستقلة وتحت ضغوط بعض السفارات الكبرى وافقت الجمعيات السياسية على الدخول في جلسات حوار التوافق الوطني، إلا أن جمعية الوفاق انسحبت في الأيام الأولى رافضة مخرجات الحوار، وكذا رفضته الجمعيات السياسية المعارضة، بما في ذلك المنبر التقدمي.

رغم وجود خلافات عديدة بين الجمعيات السياسية المعارضة في المنحى الايديولوجي، وخلافات أعمق في صيغ المعالجة السياسية كالاختلاف في شكل الحكومة المنتخبة والاحتماء بالمرجعيات الدينية؛ إلا انها استطاعت أن تؤصل خلافاتها السياسية في وثيقة سياسية سميت "بوثيقة المنامة" كإطار سياسي يجمع القوى السياسية المعارضة. وقد دعت الجمعيات السياسية الموقعة على وثيقة المنامة مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية للتوقيع على الوثيقة إلا ان الاستجابة لم تكن بالمستوى المتوقع.

مع ذلك فقد تجاهل النظام والقوى الموالية وثيقة المنامة معتبرين أنها رؤية سياسية خاصة لقوى المعارضة، وليست أرضية حوار وطني الذي يجب أن يبدأ دون شروط ودون متطلبات سياسية. تطور الموقف السياسي للحوار لدى الجمعيات السياسية المعارضة بتطور المعطيات السياسية المتغيرة، وتناغم خطابها مع خطابات الحوار بلا شروط، بعد أن كانت تسوق للمبادئ السبعة لولي العهد ووثيقة المنامة وتقرير اللجنة المستقلة لتقصى الحقائق، ولم تلق هذه التحولات قبولا لدى أطراف الحكم بل إن النظام مارس هجمات أمنية وتسعفا في التضييق على عمل الجمعيات السياسية المعارضة لدفعها للجلوس على طاولة حوار شكلي ودون جدول أعمال زمني أو أرضية واضحة.

وقد استغل النظام حاجة الدول الكبرى كالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا إلى إنهاء ملف القضية البحرينية، والتفرغ لملف إيران النووي والقضية السورية، من أجل ممارسة ضغوط أكبر على قوى المعارضة لقبول تسويات سياسية لا تصل لحد انتخاب الحكومة وتأجيل ذلك لمرحلة قادمة. وكان من الطبيعي أن تسقط مثل هذه التسويات نظرا لعدم توافر مكافئ لها لدى شارع المعارضة ونظرا لدرجتها المتدنية مقارنة مع السقف الادني من المطالب الديمقراطية.

ما يجدر ذكره أن المعارضة الرسمية ظلت تؤكد تمسكها بالحوار غير المشروط، ورفضها للعنف كوسيلة من وسائل الضغط السياسي، وقد أدى تأكيدها على ما يسميه البعض السلمية إلى تعرضها لبعض النقد الاجتماعي خصوصا فيما يتعلق بإدانتها لأعمال احتجاجية مضادة لعنف السلطة والأجهزة الأمنية واحتوائها فتوى اسحقوه الصادر من المرجع الشيخ آية الله عيسى قاسم.

لقد ظلت قوى المعارضة الرسمية ثابتة في مواقعها السياسية ولم تلجأ للتصعيد السياسي. وقد أدى إلى تحويل قضية المطالبة بالديمقراطية إلى قضية حقوقية تؤكد على أحقيتها تقارير اللجنة المستقلة لتقصى الحقائق وتقرير مجلس حقوق الإنسان في جنيف وغيرها من التقارير الحقوقية، وبالتالي فإن الجمعيات السياسية المعارضة لم تفلح تماما في جعل القضية السياسية على قائمة الموضوعات والأولويات الخاصة بقضية البحرين.



ثالثا: إئتلاف شباب 14 فبراير : المطرقة الثقيلة

خارج إطر النظام السياسي السلطوي وخارج القوى السياسية الرسمية تقف القوى السياسية المعارضة والمطالبة بإسقاط النظام وحق تقرير المصير بدلا من الإصلاح السياسي والمملكة الدستورية.

ويعتبر إئتلاف شباب 14 فبراير كأبرز هذه القوى حيث يقود عمليات مواجهات ميدانية بشكل يومي، وبات يتملك قوة بشرية موزعة جغرافياً على العديد من مناطق البحرين بما فيها جزيرة المحرق، يؤمن لإتئلاف تعدد في القيادات الميدانية، كما يعتمد على تنسيق بين المنضوين في الحركة والمتعاطفين معه في القرى والمدن، سواء من حيث الشعارات التي يتم رفعها، أو من حيث نوع تكتيكات المواجهة مع قوات الأمن.

من الناحية السياسية يرى الإئتلاف أن النظام القائم فقد شرعيته منذ 17 مارس 2011، ولم يعد هناك فسحة لأن تكون هناك جولة تصالح أو حوار مع النظام ورموزه، وبالتالي فإن الاستمرار في المواجهة والتصعيد الميداني والسياسي هي الوسائل والآليات التي يهتم بها الإئتلاف في حركيته ونضاله اليومي. منذ يوليو 2011 طرح الإئتلاف شعار تقرير المصير كشعار سياسي قد يعتبر جسرا بين أطياف المعارضة المنقسمة حول المطالب الكلية بين مملكة دستورية وما بين جمهورية شعبية، رغم أن للإئتلاف رؤية سياسية ضمنها في وثيقة ثورة اللؤلؤة تقوم على فكرة إسقاط النظام كأساس لأي حل سياسي منصف. ونظرا لطبيعة عمله الميداني فقد نفذ الإئتلاف العديد من الفعاليات عنونها بعنوان مساندة ومؤيدة للقيادات السياسية المسجونة أو لقضايا سياسية محل إجماع كافة القوى السياسية المعارضة. وهو بذلك يؤطر عمله بما يشبه المطرقة التي يجب عليها تكسير أروقة النظام وتفكيك سلطويته. من جانبه ظل النظام يتجاهل وجود الإئتلاف ويحمل تبعاته على عاتق جمعية الوفاق ومرجعيتها الدينية، وهذا يتأكد من خلو لوائح الإتهام التي قدمت للنيابة العامة والتي يتجاوز عددها الخمسة آلاف صحيفة اتهام من تهمة الانضمام لإئتلاف 14 فبراير واستبدالها بتهم خلايا صغيرة منفصلة ووجهت إليهم تهم التفجيرات أو استهداف دورايات الأجهزة الأمنية أو قطع الطرق.



رابعا: التوافق الوطني مفتاح الحل

سيطرة صيغة الانقسام بين القوى السياسية على أغلب مفاصل المشهد السياسي بما أثر سلبا على إنجاز التحول الديمقراطي المطلوب رغم وجود أرضية صالحة لتحقيق الانتقال، بيد أن الرهان على كسب الجولة بحصيلة صفرية كان سيد مواقف القوى السياسية المعارضة والموالية، وبسبب الانقسام السياسي على أسس طائفية تولدت حالة من الشرعية المنقوصة لدى كل الأطراف بما أفقدها صفة الشمول والاستيعاب لكافة مكونات المجتمع. ونتيجة لهذا الوضع المنقسم والمتصارع بين القوى السياسية، توفرت مساحة فراغ بمقدور النظام الهروب إليه كلما ضاقت عليه أفق الحلول والتسويات، بل إن بقاء الانقسام السياسي أيا كانت مسبباته أعطى النظام فرصة لأن يسوق نفسه على أنه متعالي على الخلافات والانقسامات السياسية، وأنه بصدد الانتظار لحين وصول القوى السياسية لتفاهمات متفق عليها وبتعبير اللغة الرسمية، فإن تحقيق الاجماع أو التوافق الوطني على جملة المطالب السياسية وصيغة الانتقال الديمقراطي هي ورقة ومفتاح الحل للأزمة المتفاقمة منذ 14 فبراير.

.. يتبع


توقيع : nad-ali



من مواضيع : nad-ali 0 تصاميم لشهر محرم الحرام
0 تصميم شهادة الامام الباقر عليه السلام
0 تصميم لمولد الامام الرضا عليه السلام
0 تصميم لذكرى استشهاد الامام جعفر الصادق عليه السلام
0 تصاميم لشهادة امير المؤمنين علي ع

الصورة الرمزية nad-ali
nad-ali
شيعي حسيني
رقم العضوية : 72513
الإنتساب : May 2012
المشاركات : 7,601
بمعدل : 1.67 يوميا

nad-ali غير متصل

 عرض البوم صور nad-ali

  مشاركة رقم : 54  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-02-2013 الساعة : 09:42 PM






الجزء الثالث:

2-الحراك الميداني.. تحديات ليست قانونية



رغم سيطرة النظام في البحرين على منطقة دوار اللؤلؤة، وهدم نصبه التذكاري وتحويل منطقة محيط الدوار لمنطقة عسكرية مغلقة، وقيام قوات مشتركة من الحرس الوطني ووزارة الداخلية بمنع اقتراب أي مواطن منها، إلا أن الحراك السياسي والحراك الميداني (الثورة الشبابية) التي انطلقت في 14 فبراير 2011 لا يزالان يهمينان على كافة مفاصل المشهد السياسي. هذا الاستمرار المثير للدهشة ساهم في تكوين حركة مراجعات حول مسألة الديمقراطية والتنمية في منطقة الخليج العربي، بعد أن انكشفت حقيقة التنمية النفطية، وأنها لم تكن سوى تكريس للأوضاع التقليدية والمركزية السياسية والاستئثار بالسلطة. كما شكلت احتجاجات البحرين محورا مهما في صيغة العالم العربي بعد الربيع العربي، فقد كشفت طبيعة الاحتجاجات ومطالبها وردّة الفعل التي قوبلت بها من قبل أنظمة الخليج العربي عن بداية تشكل غطاء حماية للأنظمة السياسية، من قبل الأطراف الدولية الفاعلة في الخليج من جهة وبداية للإنحلال السياسي في الأنظمة الملكية من جهة أخرى.



أولا: التمايزات بين المعارضة

اتسم الحراك الميداني منذ إعلان رفع حالة السلامة الوطنية (الطوارئ)- مطلع يونيو 2011- بالفاعلية والحيوية آخذا بعدا متنوعا في الأشكال الاحتجاجية. فقد باشرت الجمعيات السياسية أنشطتها السياسية بعد تجميدها خلال فترة الطوارئ، في حين كثفت التنظيمات الشبابية ممثلة في إئتلاف 14 فبراير من وتيرة حراكها، مستفيدة من دعم ومساندة الحقوقيين والفاعلين السياسيين في الخارج والداخل.

تنوُع الحراك الميداني أرفد القضية المركزية حيوية متواصلة، وحضوراً واسعاً على الصعيد المحلي، كما اسهم هذا الحراك في إسباغ التعددية على قوى المعارضة وخلق تمايزات فيما بينها، خصوصا في الجزء المتعلق بالتصعيد الميداني والموقف من المواجهات الأمنية المعبر عنه بالعنف والعنف المضاد.

وبصورة عامة فقد اتسم الحراك الميداني خلال هذا العام بصفتين هما الجماهيرية والمواجهة أو ما يعرف بين الاوساط الشعبية بالصمود.

فقد حافظت الجماهير على التواجد بكثافة في جميع فعاليات قوى المعارضة التي حملت عناوين مختلفة، مؤكدة على الاستمرار في الحراك الميداني وعلى المطالب الديمقراطية، ومواجهة السلطة سياسيا وحقوقيا وإعلاميا. ورغم حالات القمع والتصدي العنيف للحراك الميداني السلمي من قبل ألجهاز الأمني المهمين على شكل وجوهر النظام فقد ظلت المسيرات اليومية مستمرة وبفعالية عالية وهو ما أكسبها سمة مدهشة في القدرة على التكييف مع أنماط جديدة من القمع والملاحقات الأمنية



ثانيا: إشكالية الاعتصامات المرخصة



المظهر الذي شكل تطورا لافتاً هو سماح الحكومة باعتصامات مؤقتة للجمعيات السياسية المعارضة (الوفاق وشريكاتها)، في ساحة الحرية بقرية المقشع بداية فبراير 2012 ، حيث نظمت الجمعيات عدة اعتصامات مستمرة لأكثر من ثلاثة أيام ماعدا المبيت في الساحة نفسها، و شارك فيها العديد من النشطاء من بينهم الحقوقي الدولي نبيل رجب عبر مسيرة سلمية قادها إلى مقر الاعتصام وتكرر اختيار الجمعيات السياسية لساحة المقشع مرات عديدة، من بينهم الاعتصام الذي أقيم في في يونيو 2012 تحت عنوان التعذيب جريمة ضد الانسانية.



واجه هذا النوع من الحراك إشكالتين: أحدهما الرهان على قدرة مثل هذه الاعتصامات في خلق أجواء تحشيدية كالتي كانت تعقد في دوار اللؤلؤة بين فبراير ومارس 2011.

والاشكالية الاخرى: افتقاد هذه الاعتصامات تجاوز سلطة المنع والتحكم من قبل وزارة الداخلية؛ التي منعت أكثر من مرة إقامة اعتصامات خاصة للجمعيات السياسية. وإشكاليات قانون التجمعات وهو ما يجعل من الجمعيات السياسية ترتهن في حراكها لقانون ترفضه اساسا، وتحاول الخروج عليه، إلا أنها في النهاية كانت تجبر على الانصياع إليه وتكييف الاعتصام بحسب أوامر وزارة الداخلية. كما حدث في الاعتصام المقرر في يوليو 2012 والتوجه بالاعتصام إلى قرية جبلة حبشي القريبة من قرية المشقع، وآخر كان مقرراً في سبتمر 2012، حيث قامت وزارة الداخلية بمنع الاعتصام واعتقال الكوادر المنظمة لعقده ومن ثم الافراج عنهم لاحقاً.

الجمعيات السياسية بحسب قناعتها ترى بأن الجماهير تريد أن تعتصم وتمارس حقها في التظاهر، ولكنها في الوقت نفسه تبحث عن سياجات أمان في حراكها، وهذا ما يوفره قانون التجمعيات في مواده الإيجابية التي تحاول الجمعيات السياسية استثمارها، لكنها تواجه تحديا حقيقيا في المواد القامعة لحرية التظاهر والتجمع والرغبة الذاتية التي تتيح للأجهزة الأمنية التلاعب في منع وترخيص هذه المسيرات والتجمعات.

فتحت عنوان الأماكن الحساسة رفضت وزارة الداخلية إقامة اعتصام الجمعيات السياسية في خليج توبلي المقرر عقده الأربعاء 9 مايو 2012، تحت شعار "لا عودة إلا بالديمقراطية"، وقد أصدرت الجمعيات بياناً قالت فيه ان قوات الأمن منعت بالقوة تجمعا جماهيريا دعت له قوى المعارضة البحرينية في منطقة خليج توبلي بالعاصمة المنامة، مشيرة إلى أن «قوات الأمن طوقت كل المداخل والمنافذ المؤدية لمنطقة الاعتصام منذ وقت مبكر وكثفت تواجدها الأمني في محيط المنطقة وفي طرقاتها الرئيسية والفرعية لمنع وصول المواطنين»، وتابعت «رغم تقديم الاخطار وتوفر المتطلبات لاقامة الاعتصام في المنطقة فإن الجهات الأمنية قالت ان الاعتصام ممنوع دون أن تبدي أسباباً موضوعية للمنع، ونشرت قواتها في محيط المنطقة.

مع وذلك، فقد شكلت التظاهرات المرخصة فرصة كبيرة، ليس فقط لإبراز استمرار الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية، وإنما أيضا أن حجم هذا الحراك ضخم بمقاييس البحرين حين تسير مظاهرات تفوق حجمها مئة وخمسين ألف متظاهر، إضافة إلى استمرار ادعاء الجمعيات بأن هذه الحشود تؤيد المسار السياسي للجمعيات المعارضة.

وقد جاءت مسيرة 9 مارس 2012 كأبرز حراك ميداني من حيث عدد المشاركين الذين قدر عددهم بأكثر من 200 ألف، ومن حيث مشاركة كافة الأطياف السياسية والاجتماعية المعارضة في رسالة مباشرة على توصيف ملك البحرين بأن المعارضة الحالية هي شرذمة يمكن التعامل معها بكل سهولة وأن مطالبهم لا تلقى تعاطفا وقبولا من الشعب، فجاءت مسيرة 9 مارس لتؤكد على وجود خط متفق عليه يخالف توصيف الملك وأن ما اشار إليه بالشرذمة يمثلون نصف الشعب، وهذا ما جعل من الديوان الملكي يصدر بيانا بعد انتهاء المسيرة يصفها بالعمل الحضاري في محاولة لتمليع صورة النظام الذي فشل في تنظيم مسيرة تأييد من قبل تجمع الوحدة الوطنية في المحرق، حيث لم يتجاوز حضور تلك المسيرة سوى بضع مئات.



ثالثا: العاصمة المحاصرة

ظلت العاصمة عصية على الجمعيات السياسية، ولم تستطيع عبر تفاهماتها مع وزارة الداخلية وممثلي نظام الحكم في الحصول على ترخيص لتنظيم مسيرات جماهيرية فيها، وقد حدثت عدة مواجهات أمنية في أكثر من مرة ( 13 يونيو/ 29 يونيو/19 يوليو 2012) أطلقتها الجمعيات السياسية لتحدي المنع في العاصمة، حيث لم تستطيع الجمعيات من تنظيم مسيراتها في العاصمة بفعل قيام قوات الأجهزة الأمنية بفرض حصار أمني على منطقة المنامة ومنع التوافد عليها ومن ثم ملاحقة التجمعات الصغيرة التي تحاول الانطلاق.

وقد اتسمت الدعوات الثلاث بقلة المشاركين فيها، إلا أن دعوة التظاهر في العاصمة في 7 سبتمبر 2012 وتصدي الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان في التحشيد لها، ونزوله ميدانيا أكسب تلك المسيرة قوة وحيوية.

صنفت المسيرة على أنها من أقوى المسيرات وأكثرها إيلاما للنظام، وذلك من خلال ردة الفعل الحكومية وإيعازها للتجار والجهات الموالية لإصدار بيانات استنكار ورفض للتظاهر في المنامة.

وكان الواضح في حراك الجمعيات السياسية ناحية المنامة أنه خيار تلجأ إليه عند محاصرتها ومنعها من تنظيم مسيراتها المتعادة، وكأنها رسالة للنظام أن المنع والتعسف في قانون التجمعات يقابله تحدي في كسر الهدنة غير المعلنة بخصوص التظاهر في منطقة المنامة وفي الحي التجاري في العاصمة.

إزاء الدعوات القليلة من قبل الجمعيات السياسية للتظاهر في المنامة العاصمة، كان الناشط الحقوقي نبيل رجب يدعو بإستمرار عبر ما أطلق عليه بمسيرات "صمود" إلى التظاهر في المنامة، وكان يقودها بنفسه وقد نظم رجب أكثر من ست مسيرات في شهري فبراير ومارس 2012 في مساء كل خميس، بعنوان مسيرة "صمود" في المنامة، تنتهي بصدامات أمنية ومواجهات بين المتظاهرين وقوات الأجهزة الأمنية.

كما دعا إئتلاف شباب 14 فبراير إلى التظاهر في العاصمة المنامة، مؤكدا على أنها قلب الثورة وخاصرة النظام وكان يشارك في هذه المسيرات المئات من مؤيدي الإئتلاف.

وفي الواقع، فإن التظاهر في العاصمة كان ولا يزال بمثابة خط التماس بين المعارضة والنظام، وأن الأكثر نفوذا وهيمنة هو من يحكم سيطرته على العاصمة، ما يجعل من سياسات النظام تتشدد بطريقة متطرفة في حصارها للفعاليات الاحتجاجية التي تقام في المنامة، وفي الوقت نفسه فإن هذا الوضع الاستراتيجي يجعل من فعاليات المعارضة خارج محيط العاصمة بمثابة الوضع المسموح به ضمن حدود اللعبة السياسية، ومع ذلك فإن بعض تلك الفعاليات تصيب النظام بأكثر من حالة هسيترية يفقد معها قواعد الاشتباك السياسي.



رابعا: إشكالية المواجهة مع الأجهزة الأمنية

شهد الحراك الميداني جدلا سياسيا حول الأدوات المستخدمة والطريقة التي يجب أن يتحرك من خلالها، ففي الوقت الذي تصر فيه الجمعيات السياسية على تجنب المواجهات مع الأجهزة الأمنية وتحبذ المسيرات المخطر عنها والموافق عليها من قبل وزارة الداخلية، تضطر الفئات الشبابية في مواجهتها اليومية مع القوات الأمنية للتصادم، ما يقتضي أن تفعّل أدوات ما بات يعرف "الدفاع المقدس"، وهو مصطلح محلي يشير لاستخدام المالتوف وإغلاق الطرق بالإطارات، كنوع من أنواع الحماية للمتظاهرين والمحتجين، والذي قد يشمل الهجوم على قوات الأمن المشكلة من عناصر أجنبية (مرتزقة).

لقد خلق هذا التباين في أدوات الحراك إصطفافا سياسيا وإصطفافا ميدانيا بين القوى السياسية المعارضة، وبين هذه القوى وقوى الموالاة والحكم من جهة ثانية. فقد اعتبرت الجمعيات السياسية نفسها مسئولة عن ترشيد الحراك الميداني وتشجيعه على نبذ استخدام المالتوف، وبرزت هذه الحملة في تصريحات قادة الجمعيات السياسية، وفي حراكها فترة منعها من القيام بالمسيرات والتظاهر، حيث قام أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان ومساعده خليل المرزوق بعقد لقاءات مفتوحة في المناطق والقرى، واحتوت أغلب تلك اللقاءات على تشجيع نبذ ما تمسيه عنفا مضادا لعنف السلطة وقد أصدرت الجمعيات عدة بينات سياسية قالت فيها أنها ضد كل أشكال العنف ومن أي جهة.

وفي الواقع أتت هذه الدعوات متسقة سياسيا مع منطق الجمعيات السياسية، لكن ذلك لم يكن بعيدا عن مجريات لقاءات التفاهم التي أجريت بين السلطة والجمعيات السياسية، أو التعاطي مع دعوات الحوار حيث برزت شروط جديدة منها إدانة العنف بكل أشكاله، والتي قد يكون في ضوئها صنفت المواجهات اليومية على أنها عنف أيضا مع أن الجمعيات المعارضة تدين العنف دائما، كما لا يجب فصل ذلك عن ضغوط ممثلي بعض الدول الكبرى حيث تصر على ان تعلن الجمعيات السياسية موقفها من مواجهة قوات الشرطة والتصدي لهم.

من ناحية أخرى، عكس الحراك الميداني لتيارات الممانعة وبالأخص إئتلاف شباب 14 فبراير عن قدرة الإئتلاف على تحريك الساحة ميدانيا كما يريد، وهي قدرة يمكن ملاحظتها مباشرة في فعاليات تقرير المصير التي تقام في مناطق مختلفة وتشهد مواجهات أمنية فريدة من نوعها وترتيبات أمنية ولوجستية خاصة بالمناطق حيث تقوم التنظيمات الشبابية بتجهيز مشافي ميدانية ودعم وحماية المشاركين من قمع وملاحقة قوات الأجهزة الأمنية.



خامسا: فعاليات تقرير المصير

في 23 اكتوبر 2011 ، أصدر إئتلاف 14 فبراير بيانا أعلن فيه استئناف فعاليات تقرير المصير، عبر شعلة تقرير المصير كفعالية ميدانية تجوب المناطق والقرى، وبحضور عوائل الشهداء والمعتقلين، حيث قدم الائتلاف فعاليات حق تقرير المصير كمطلب سياسي وكشعار مرحلي يجمع الفئات الثورية وقد خصص الإئتلاف لجان شعبية ( سترة، المنامة، الدير، كرزكان، بلاد القديم، العكر والنويدرات، الدراز وبني جمرة. عالي وبوري..) تتوزع في الكثير من أنحاء قرى ومدن البحرين، وتعمل على خلق أزمات للسلطة ولها طرقها في الأحتجاج ومواصلة الحراك الميداني.

وشهدت هذه الفعاليات حضورا وترتيبات تدل على قوة التنظيم والتواصل بين المجاميع الثورية في أوضاع شديدة السرية وعالية الخطورة، ويخصص لكل فعالية مستشفى ميداني وتجهيزات خاصة لمعالجة الإصابات التي تحدثها قوات الأاجهزة الامنية عند تصديها لفعاليات تقرير المصير.



سادسا: الحراك المضاد

قاد تجمع الوحدة الوطنية الموالي للنظام مظاهرات تحت مسمي مظاهرات الولاء للقيادة مضادة للمظاهرات الأصلية، وأنشأت صفحات إلكترونية مضادة لصفحات ثورية على "الفيس بوك". ولعبت الآلة الإعلامية المرئية والمقروءة هي الأخري دورا رئيسيا في إنشاء حراك مضاد للحراك السياسي، بالتركيز على فكرة طائفية الحراك وعنفه وارتباطه بإيران من جهة ومحاولة تضخيم الأحداث السياسية في البلدان الأخرى من جهة أخرى. هكذا، تبدو الثورات المضادة في الخليج أكثر ضراوة من الثورات المضادة التي تشهدها دول الثورات العربية (مصر وتونس)، وفي الوقت الذي لا تزال فيه قوي الثورات الحقيقية هزيلة ومنزوية في هامش المشهد الإعلامي، تبدو الثورات المضادة طاغية ومسيطرة، ولديها وسائل القوة والتعبير اللازمة لإجهاض الثورات الأصلية. إن قوي الثورة المضادة متمترسة في قلب النظام، وتتمثل في المؤسسات الدينية التي أقامت تحالفا حديديا مع السلطة، وتستقطب الأنصار، وتغدق الحوافز، وتتمثل أيضا في أجهزة إعلام قوية لديها القدرة علي التستر علي المشهد الداخلي الحقيقي، وتصدير مشهد مغاير، ولديها أيضا القدرة علي استيراد مشاهد قلق إقليمية، والصمت علي مشاهد القلق الداخلي(1)



سابعا: تحديات الحراك الميداني

رغم كثافة الحراك الميداني اليومي والاسبوعي فقد واجه هذا التحرك مجموعة من التحديات أبرزها:

أولا: تدخل الأجهزة الأمنية وفق قانون التجمعات لمنع بعض الفاعليات أو تحديد أماكنها، فقد ظل حظر التظاهر في العاصمة المنامة ساريا منذ فرضه في 16 مارس 2011، ولم تستطع القوى السياسية الرسمية من خرق هذا المنع سوى في حالات ممانعة نادرة كما في دعوة جمعية الوفاق للتظاهر في العاصمة المنامة بقيادة الأمين العام الشيخ علي سلمان في بداية سبتمبر 2012.

كما منعت السلطات الأمنية الجمعيات السياسية من إقامة أي تجمع أو مسيرة بعد تحدي الشيخ علي سلمان لقائد الجيش المشير خليفة بن احمد، في كلمة افتتاح المؤتمر السادس لجمعية الوفاق في مارس 2012 حيث قال سلمان: "قال المشير إن عدتم عدنا وعندنا 200 بالمئة قوة، لتعلم يا أيها المشير إن في هذا الشعب قوة ومصادر قوة لم نستخدم حتى خمسين بالمائة منها، تعلم أنت ويعلم غيرك أننا أبناء رسول الله وأهل البيت، وهذه الذرية وأبناء خيار الصحابة و التابعين، وتعلم أن تربيتنا مركزها الآخرة، وتعلم أن مجرد كلمتين بفتوى شرعية، يقدم أبناء هذا الشعب عشرات الآلاف على كفوفهم لا تبقي ولا تذر...مهما استخدمتم من وسائل بطش ستؤول إلى الفشل، ولو جاء كل قوات المنطقة من أجل منعنا عجزت وستعجز. الدنيا تغيرت لا يمكن إرجاع عقارب التاريخ للخلف، ولم يعد بالإمكان أن ينهي القمع هذه المطالب ، لن تكونوا بقوة صدام ولا ببطش صدام حسين ، ولكن كل هذه التجارب التي قدمها الله لكم قادت إلى أنه لم يعد بالامكان أن تكسر شعبا واعيا، مصرا على نيل حقوقه بالقوة، ولن تستيطع أيها النظام أن تقوم بمناورات سياسية تقسم فيها المعارضة او تشققها، فعقل المعارضة وتجربتها أكبر من قدرتك والآعيبك فأترك ذلك".

بعد كلمة زعيم الوفاق تلك، ظل المنع قائما لأكثر من شهرين ثم تم السماح للجمعيات السياسية باستئناف حراكها الميداني.

ثانيا: تحول المسيرات والتظاهرات اليومية في المناطق إلى مواجهات أمنية فور انطلاقها بما أدى إلى تقليل عدد المشاركين فيها وحصر ذلك بالفئات الشبابية والنسوية المتوسطة في العمر.

ثالثا: انحسار التفاعل الإعلامي من قبل القنوات الإعلامية مع الحراك الميداني لحساب قضايا أخرى، مثل القضية السورية والقضية المصرية.

رابعا: التضارب والتعارض في فعاليات الحراك الميداني بين إئتلاف شباب 14 فبراير وفعاليات الجمعيات السياسية، وهو تعارض يؤدي بطبيعة الحال لفرز الجماهير وتصنيفها في بعض اللحظات المفصلية، وقد شهدت أيام الجمع الكثير من هذا النوع من التضارب على الأقل في البعد الزمني فضلا عن البعد الوظيفي للحراك نفسه.

خامسا: استنزاف الحراك الميداني اليومي للعديد من الكوادر عبر الحملات الأمنية المقننة من جهة وإحداث إصابات خطيرة في صفوف الشباب المتظاهرين في المناطق من جهة اخرى.



أصدرت الجمعيات السياسية في البحرين "جمعية العمل الوطني الديمقراطي-وعد، وجمعية الوفاق الوطني الاسلامية، وجمعية المنبر التقدمي، وجمعية التجمع الوطني الوحدوي وجمعية التجمع القومي وجمعية الاخاء الوطني" اعلان مبادئ اللاعنف.

إعلان مبادئ اللاعنف:


هذا الإعلان يمثل مبادئنا التي نؤمن بها، وقد التزمنا بها منذ تأسيس جمعياتنا وأكدنا عليها بعد 14 فبراير 2011، ونعيد التأكيد عليها، باعتبار ان السلمية هي النهج الاستراتيجي في عملنا السياسي سلوكا وممارسة لتحقيق مطالب شعبنا من خلال مشاركته الحقيقية في صياغة قراره السياسي ورسم مستقبل بلادنا في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والأمن الاجتماعي والسلم الأهلي. وان دعواتنا المتكررة للتسامح والتعددية والتنوع نابعة من قناعاتنا الراسخة والصادقة بانها الطريق الأمثل لتعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء شعبنا بمكوناته المختلفة.
إن الحراك السياسي والمجتمعي في البحرين له تاريخ عريق يمتد لقرابة قرن من الزمان، وشهد هذا التاريخ لقوى وشخصيات وطنية قديما وحديثا ناضلت وتناضل من أجل حقوق الشعب المشروعة، وحراك اليوم هو امتداد لحراك الأمس، ويتكامل معه في منطلقاته وأهدافه، وإنطلاقا من الحق الأصيل والحرية الكاملة المكفولة إنسانيا ودوليا ووفق المبادئ الدستورية المتعارف عليها، في تحقيق المطالب المشروعة السياسية والاجتماعية والاقتصادية عبر انتهاج الحراك السلمي الحضاريوالتمسك بالوحدة الوطنية اللتين درجت عليهما نضالات شعبنا، وبواسطتهما حققت الاستقلال السياسي وأنتجت أول دستور وبرلمان للبلاد، نطلق نحن الموقعون على هذا الاعلان، مبادئ نؤمن ونلتزم بها، ونحفز الآخرين على االاخذ بها لتكون الإطار الجامع لجميع قوى المجتمع ومكوناته مهما بلغت درجة خلافاتهم في الرؤى والمواقف، ليبقى الإطار الوطني الجامع هو الانتماء الوطني النابع من القيم السماوية والإنسانية التي لا تتجزأ ولا تتعارض ولا تصادر.

ومن هذا المنطلق،
وإذ نشير للقرار A/RES/61/271 الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 حزيران/يونيه 2007 بخصوص اليوم الدولي للاعنف
وإلى قرارات الجمعية العامة 53/243 ألف وباء المؤرخين 13 أيلول/سبتمبر 1999، ‏اللذين يتضمنان إعلان ثقافة السلام وبرنامج العمل بشــأن ثقافــة الســلام، و 55/282 ‏المؤرخ 7 أيلول/سبتمبر 2001 بشأن اليوم الدولي للسلام، و 61/45 المؤرخ 4 كانون ‏الأول/ديسمبر 2006 بشأن العقد الدولي لثقافة السلام واللاعنف من أجل أطفال العالم، ‏‏2001-2010، والقرارات الأخرى ذات الصلة،‏
واضعين في إعتبارناأن اللاعنف، والتسامح، والاحترام الكامل لجميع حقوق ‏الإنسان، والحريات الأساسية للجميع، والديمقراطية، والتنمية، والتفاهم المتبادل، واحترام ‏التنوع، أمور مترابطة ويعزز ويكمل بعضها بعضا،‏
ومؤكدين أن العنف لا يمكن أن يكون وسيلة لتحقيق مطالب مشروعة أو يستخدم لمنع تحقيق مطالب مشروعة.
ومؤمنين أن الكرامة والحرية والأمن والعدالة والمساواة والتعددية والتنوع والشراكة في الدولة الديمقراطية الحديثة هي متطلبات ضرورية للأفراد والمجتعات لايجوز سلبها من الأفراد والمجتمعات تحت أي ظرف أو مبرر.
ومعتمدين أن من حق الأفراد والمجتمعات اتخاذ كافة الوسائل السلمية من حرية تعبير وتجمع وتنظيم للمطالبة بهذه الحقوق الأساسية، ولا يجوز لأحد معارضة ذلك فضلا عن منعهم خصوصا بالقوة.

وواضعين في اعتبارنا أننانحن اليوم بأمس الحاجة أكثر من أي وقت مضى، وبعمل وطني جماعي من كافة الأطراف ومن كل المستويات لترسيخ ثقافة اللاعنف وانتهاج أسلوب الحوار والقبول بالرأي الآخر والتعددية في الآراء
وعليه نطرح مبادئنا في إعلان مبادئ اللاعنف ونحث الآخرين لتبنيها:
1- أن نحترم الحقوق الأساسية للأفراد والقوى المجتمعية، وأن ندافع عنها.
2- أن نلتزم بمبادئ حقوق الآنسان والديموقراطية والتعددية
3- أن لا ننتهج في سلوكنا أي من أساليب العنف أو تجاوز حقوق الإنسان والآليات الديموقراطية
4-أن ندين العنف بكل أشكاله ومصادره وأطرافه.
5- آن ندافع عن حق المواطنين في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وفقا للمواثيق العالمية المعتمدة، وفي مقدمتها الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
6- أن نكرس وندعوا في آدبياتنا وخطابنا وبرامجنا الي ثقافة اللاعنف وانتهاج السبل السلمية والحضارية.

الجمعيات السياسية الموقعة
·جمعية العمل الوطني الديمقراطي وعد
·جمعية الوفاق الوطني الإسلامية
·جمعية التجمع الوطني الوحدوي
·جمعية المنبر التقدمي
·جمعية الإخاء الوطني
·جمعية التجمع القومي الديمقراطي



واشنطن ترحب بإعلان المعارضة البحرينية «وثيقة اللاعنف»

واشنطن - وزارة الخارجية الأميركية
أعلن بيان صحافي صادر عن المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية بتاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 ترحيبه بـ «وثيقة اللاعنف» التي أصدرتها المعارضة البحرينية. وجاء في البيان: «نرحب بإعلان مبادئ اللاعنف الصادر عن ست من الجمعيات السياسية المعارضة في البحرين في 7 نوفمبر 2012. إن الالتزام العلني باللاعنف يُعتبر خطوة مهمة نحو بناء الثقة، ونحن نثني على الجمعيات السياسية بإعلان التزامها بمسار سياسي يرفض العنف من أجل تحقيق أهدافهم. إننا نحث الحكومة البحرينية والجمعيات السياسية الست للدخول في عملية سياسية جادة وعملية لإيجاد سبل تفسح المجال لاستئناف المظاهرات السلمية في أقرب وقت ممكن.
لقد طالبنا مراراً وتكراراً حكومة البحرين وجميع عناصر المجتمع البحريني باتخاذ خطوات ملموسة لخلق مناخ ملائم لحوار وطني جاد يستجيب لتطلعات جميع البحرينيين. ونحن نحث جميع الأطراف على المساهمة في تعزيز مناخ المصالحة.
ما زلنا نشعر بالقلق العميق إزاء استمرار الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في البحرين، وكذلك بسبب زيادة الهجمات العشوائية العنيفة والمتزايدة على المدنيين وقوات الأمن البحرينية».

http://www.alwasatnews.com/3718/news...l#.UKIypI77XaY



توقيع : nad-ali



من مواضيع : nad-ali 0 تصاميم لشهر محرم الحرام
0 تصميم شهادة الامام الباقر عليه السلام
0 تصميم لمولد الامام الرضا عليه السلام
0 تصميم لذكرى استشهاد الامام جعفر الصادق عليه السلام
0 تصاميم لشهادة امير المؤمنين علي ع

الصورة الرمزية nad-ali
nad-ali
شيعي حسيني
رقم العضوية : 72513
الإنتساب : May 2012
المشاركات : 7,601
بمعدل : 1.67 يوميا

nad-ali غير متصل

 عرض البوم صور nad-ali

  مشاركة رقم : 55  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-02-2013 الساعة : 09:44 PM






الجزء الرابع:

الفصل الثاني : الإعلام والإسكان.. تعبير عن أزمة أعمق



نادر المتروك

3- الإعلام.. الخصام على الحقيقة

أولاً: الإعلام الرسّمي.. تأمين الموالاة ومصَادر التشّويش

1-هيئة شؤون الإعلام

لا تختلف السّياسة الإعلامية الرسمية في الفترة بين أكتوبر 2011- سبتمبر 2012 عن الفترات السّابقة. تعتبر هيئة شؤون الإعلام الجهة الحكوميّة المختصّة بالإعلام الرّسمي، وهي تتولّى الإشراف على جميع وسائل الإعلام، بمختلف أنواعها، وقد تشكّلت بمرسوم ملكي اعتباراً من 8 يوليو 2010م، بعد فصْلها عن وزارة الثقافة، وإنشاء الهيئة برئاسة الشّيخ فوّاز بن محمد بن خليفة آل خليفة. بحسب أدبيّات الهيئة المنشورة في موقعها الإلكتروني؛ فإنّها تضع في أولوياتها جملةً من الأهداف العامة، من بينها تحقيق "المصلحة العليا للوطن، والمحافظة على وحدة المجتمع"، انطلاقاً من محدِّدات معياريّة تتبنّاها الهيئة، وهي "خدمة مسيرة الإصلاح، والتطوّر السّياسي والدّيمقراطي، والتّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وحماية حقوق الإنسان وحرّياته الأساسيّة"(1).

تتصدّر الهيئة قائمة الفاعلين في إعلام الحكومة، وقد اكتسبت قوّةً مضافةً بمجيء شخصيّة محسوبة على المتشدّدين في العائلة الحاكمة. تتكشف صلابة الشّيخ فوّاز من إدارته السّابقة للوسط الرّياضي – حيث كان رئيس المؤسّسة العامة للشّباب والرّياضة - فقد كان معروفاً بسلوكه الحاد والنّهاني في التّعاطي مع إدارات الأندية والإعلام الرّياضي. من خلال متابعة الإطلالات والبيانات الصّادرة عن الهيئة، يظهر الشّيخ فوّاز بوصفه مؤثّراً أساسيّاً في إمساك الرّواية الرّسميّة، ومنحها ما تحتاجه من إسنادٍ وحِجج.

1-بانوراما هيئة الإعلام



أشاد الشّيخ فوّاز (2 سبتمبر 2012) بكلمة ملك البحرين التي دعت للارتقاء بالرّسالة الإعلاميّة. تطرّق الملك في كلمته إلى رغبة الحكومة في "تحسين أوضاع الصّحفيين معيشيّاً وإسكانيّاً ومهنيّاً واحترافيّاً"، واعتبر رئيس الهيئة الخطاب الملكي ضامناً لتوفير "أفضل السّبل للتّعبير عن الرأي بحرّية وأمان واستقلاليّة"(12.

في 14 أغسطس 2012م، وعد رئيس الهيئة بإصدار "قانون عصري ومستنير" للصّحافة، مع إشراك جمعية الصّحافة البحرينيّة في ذلك. وقد حرص على مدى الفترة التي يرصدها هذا التقرير؛ على الإشادة بالكتّاب والإعلاميين الذين ارتبطت أسماؤهم بالإثارة الإعلاميّة، ومناوأة المعارضين، والكتابات المؤيّدة لسياسة العنف الرّسمي ضدّ المحتجّين.

أجرت مجلّة "المجلّة" السّعوديّة ( 3 يوليو 2012) حواراً مع الشّيخ فوّاز تتجلّى فيه أهم ملامح السّياسة الإعلاميّة "المتحايلة" التي تطبع هيئة الإعلام ومؤسّساتها. كرّر رئيس هيئة الإعلام ذات المضامين المثيرة التي اشتغل عليها الإعلامُ التّحريضي والكتاباتُ الصّحافيّة التي أفرزتها مرحلة السّلامة الوطنيّة، حيث وصّف أحداث فبراير ومارس 2011 بأنّها "مؤامرة إرهابيّة لقلب نظام الحكم"، وأعاد تثبيت اتهامات لم يجزم بها القضاء التّابع للدّولة، مستخدماً لغة إطلاقيّة معتادة بحديثه عن "احتلال مستشفى حكومي"، و"تشكيل تحالف لإقامة جمهوريّة طائفيّة على النّمط الإيراني".

في نهاية شهر سبتمبر من عام 2011م، نشرت الهيئة بياناً "هاماً" أشارت فيه إلى قيامها بتوثيق "انتهاكات" الكادر الطّبي البحريني، وقامت ب"تسجيل اعترافاتهم التي تكشف حجم المؤامرة التي قاموا بها". صدر هذا البيان في إطار إبراز الهيئة لدورها في "إظهار الحقائق"، و"صدّ المؤامرة الانقلابيّة" التي تعرّضت لها البلاد، بحسب اللّغة التي ستكون لازمة غير منقطعة في بيانات الهيئة وتصريحات رئيسها الشّيخ فوّاز. يمثّل هذا البيان تأكيداً على شهادات قدّمها ضحايا في السّجون، ذكروا أن موظفين في الهيئة قاموا بتصويرهم وهم يدلون باعترافاتٍ أُنتزعت منهم تحت التّعذيب، وبينهم المخرج البحريني أحمد يعقوب المقلة.

على هذا المنوال، سيرحّب رئيس هيئة الإعلام بتقرير تقصّي الحقائق (23 نوفمبر 2011م)، ولكنّه يُسجّل بمعيّة هذا التّرحيب أنّ "الهيئة كانت مهمّتها في الفترة الماضية نقْل الحقائق على أرض الواقع، وتوصيلها للرأي العام الخليجي". يأتي ذلك في سياق سياسة أخرى اعتمدها الإعلام الرّسمي، وتقوم على اجتزاء المواقف الصّادرة. بعد نشْر تقرير بسيوني، أذاعت وكالة الأنباء الرسمية (بنا) بياناً اكتفى بما ذكره التقرير من عدم وجود أدلة على "خطاب مفعم بالكراهية" في الإعلام الحكومي، وتحاشى الإشارة إلى ما ذكره التقرير نفسه من نقودٍ حول برامج التلفزيون، وتبعيّة الإعلام المطلقة للسّلطة.

2- وزيرة الدولة لشؤون الإعلام: سميرة رجب

شكّلت الوزيرة سميرة رجب عنصراً فاعلاً في تمرير السّياسة الإعلاميّة للسّلطة. كانت وُجهة مفضّلة للإدلاءات المثيرة، ووجهاً مطلوباً من جانب السّلطة، وهي خيارها الأكثر دفْعاً في الإطلالات الإعلاميّة الخارجيّة. تنطوي رجب على قيمة إيجابيّة للسّلطة، كونها تنحدر من عائلة شيعيّة عريقة، كما أنّها تملك سجلاً قديماً في تكريس الإطار التبريري الذي سوّقه الإعلام الرّسمي في قمع الاحتجاجات الشّعبيّة، وخصوصاً الحديث عن المدّ الإيراني في المنطقة وارتهان المعارضة بالأجندة الخارجيّة.

في مؤتمر صحافي بتاريخ 18 أغسطس 2012م(3) وافقت رجب الحكومة على الإجراءات المتخذة ضدّ النّاشط الحقوقي نبيل رجب، وأكّدت على سلامة الموقف القانوني للسّلطة، وأن الناشط رجب مُنح كافة حقوقه بوصفه متّهماً بالتّحريض والتجمهر "غير القانوني". ومن اللافت أنّ الوزيرة كرّرت في المؤتمر المذكور أهم العناوين التي تتبنّاها السّلطة ضد نشطاء حقوق الإنسان، الذين تراهم يمارسون "عملاً سياسيّاً". وامتعضت من موقف المنظمات الدّولية تجاه الحقوقي رجب، وشدّدت على أن هذه المنظّمات "لديها ترسّبات من اعتمادها على الإعلام المُضلِّل" التّابع لمن أسمتهم بالمخرّبين الذين يواصلون "الكذب وإيصال الافتراءات إلى الإعلام في الخارج".

كان تعيين رجب في منصبها الوزاري (أبريل 2012م) تتويجاً لظهوراتها الإعلاميّة المتكرّرة، والتي نافحت فيها بصرامةٍ متواصلة عن الموقف الرّسمي تجاه الأحداث الجارية، ومن غير اكتراث بما حولها من اعتراضات أو نقودٍ معاكسة. وقد اكتسبت، تبعاً لذلك، احتراماً كبيراً في أوساط الموالين للسّلطة، ونظروا إليها باعتبارها نموذجاً "للشّيعي" الحر الذي يستحقّ الاحتفاء والتّكريم.

3- تلفزيون البحرين

واكب تلفزيون البحرين السّياسة الرّسميّة التي اتبعتها السّلطات في التّعاطي مع الأحداث والاحتجاجات، وقدّم مواد إعلاميّة اعتادت على "تلويث سمعة المحتجين"، و"الحديث بطريقة مُهينة"، كما سجّل تقرير بسيوني(4)، والذي خلُص إلى أمرٍ وصفه بالـ"جليّ" مفاده أن "وسائل الإعلام البحرينيّة كانت مُنحازة إلى حكومة البحرين"(5).

من أبرز البرامج التلفزيونيّة التي ارتبطت بهذه الأوصاف، برنامج "الرّاصد"(6)، و"حوار مفتوح" (سعيد الحمد)، و"كلمة أخيرة" (سوسن الشّاعر)(7). تخصّص الأوّل في بثّ حلقات ذات طابع أمني، وباستخدام التّشهير المبرمج، وقام بعرض حلقات متسلسلة تناولت قطّاعات مهنيّة متعدّدة بغرض التّحريض عليها، واتهام منسوبيها بالمشاركة في التظاهرات السّياسيّة، وقد اعتقل العديد جرّاء هذه الحلقات مباشرةً. انطلق البرنامج فوْر دخول قوّات درع الجزيرة في 17 مارس 2011م، واستمر حتّى نهاية شهر أبريل من العام الماضي.

مثّل سعيد الحمد أكثر النماذج الممتلئة بعمليات التّشهير ضد المعارضين. سبّب حرجاً للمسؤولين في التلفزيون الذين اضطّروا إلى إيقاف برنامجه مع مجيء لجنة بسيوني. استمرّ الحمد في تقديم برنامجه من خلال قنوات أخرى معروفة بالتّحريض الطّائفي. أسّس الحمد للغة التّحقير الإعلامي، واعتمد على معلومات أمنيّة واستخباراتية لمزاولة المهمّة. لا يختلف الأمر مع سوسن الشّاعر التي ترفض أيّ تقارب مع المعارضين، وخصّصت برنامجها التلفزيوني وكتابتها الصّحافيّة لاتهام المعارضة والطّعن فيها، ولم تتردّد في لصق تهمة الخيانة بها والتّحريض المباشر ضدّها. وكان لافتاً أنّها استضافت في حلقة أخيرة من برنامجها سعيد الحمد، في خطوةٍ بدت احتفاءاً بطريقته في التشويه الإعلامي.

4- الصّحف والمطبوعات المحلّية

تصدر في البحرين سبع صحف يوميّة، كلّها تمثّل الموقف الرّسمي، عدا صحيفة الوسط. تحرص الصّحف على التطابق شبه التّام مع السّياسة الإعلاميّة الرّسميّة. قدّمت صحيفة "الوطن"، على وجه الخصوص، نهجاً صحافياً منبوذاً في العمل المهني، وذلك بإمعانها في مناهضة المعارضين، ونشرها أخبارا وتقاريرا تحطّ من سمعة المناوئين للحكومة وتشويه مطالبهم المرفوعة، وباللّجوء عادةً إلى النّبش الطائفي. فقدت الصحف الرسمية المعايير المعتادة في التحرير الخبري، وطغى عليها الخطاب التّحريضي. يختصر هذا الاندفاع غير المسبوق للصّحافة المحلّية؛ الهجوم المنظّم ضدّ شيخ عيسى قاسم ومخاطبته بنعوت تحقيريّة.

5- قناة العربيّة (محمد العرب)

ارتبط مراسل قناة العربية (السّعوديّة) محمّد العرب – العراقي، الفلسطيني الأصل، المتجنّس بالجنسية البحرينيّة حديثاً– بالجهاز الأمني مباشرةً وبشكل علني. أعدّ تقاريره بما يتوافق مع سياسة القناة السّعوديّة، ومن خلال تنسيق دائم ومفتوح مع جهاز المخابرات البحريني. لم يكتفِ العرب بنقل الأحداث من خلال الرّواية الرّسميّة، فقد سعى لإضافة "اجتهادات إعلاميّة" انطوت على فبركات مفضوحة والتّشهير وإهانة المعارضين، وقد سجّل تقرير بسيوني ذلك(8). من خلال رصد السّلوك الإعلامي للعرب، وما ينشره في القناة وموقعها الإلكتروني؛ يتضح أن الهدف الأبرز لديه هو تبرئة السّلطات من الاستخدام المفرط للقوّة وإضفاء صفات ملائكيّة على رجال الأمن من ناحية، وإلصاق تهم الإرهاب والعنف والعمالة بالمتظاهرين من ناحيةٍ أخرى(9).

6- الإعلام الإلكتروني

استغرق الموالون للنّظام في بثّ الكراهية والتحريض على العنف من خلال قنوات التواصل الاجتماعي. لم يُسجّل الإعلام الإلكتروني الرسمي حضوراً مؤثراً على مشهد الأحداث، باستثناء اهتمام الموالين. اعتمدت السّلطة الدّعم غير المعلن للمواقع والحسابات الإلكترونيّة المتخصّصة في تجريح المعارضين واستهدافهم، وقد نشطت هذه المواقع في فترة السّلامة الوطنيّة. في ذلك الوقت، شهد موقع "منتديات مملكة البحرين" تصعيداً طائفيّاً حامياً، وتجاوب مع عمليات التّشهير والتّطهير التي بلغت أوجها آنذاك. من بين الأدوار المؤثرة على هذا الصّعيد، برز حساب "حارقهم" في تويتر، الذي انطبع بالكراهية والتّحريض على العنف، كما قال تقرير بسيوني(10). تشير المعطيات إلى أنّ الحساب المذكور مرتبط بجهات نافذة في هيئة الإعلام ووزارة الدّاخليّة، ومن اللافت أنّ مسؤولين في الهيئة يتابعون "حارقهم" ويقوم بعضهم بإعادة نشْر تغريداته (11).



ثانيا: السياساتالمتبّعة

من خلال رصْد البيانات والمواقف الإعلاميّة للهيئة ولوسائل الإعلام الخاضعة لها؛ يتضح أنّ الجهاز الإعلامي الحكومي؛ أبدى حرصاً مفهوماً على إدخال أدبيّاتٍ خطابيّة جديدة، تتركّز على حرّية الإعلام والصّحافة، والمواكبة "الدّعائيّة" للتّوصيات التي خرجت بها لجنة تقصّي الحقائق (لجنة بسيوني) ومؤتمر التوافق الوطني. ولكن لم تشهد الممارسة الإعلاميّة الرّسميّة تغييرات إيجابيّة ملموسة، وعوّلت الهيئة على إستراتيجيّة مزدوجة، فهي تؤكّد على عناوين برّاقة في مجال الشّفافيّة والموضوعيّة والانفتاح، ولكنها تتولّى تنفيذ سياسات إعلاميّة تتناقض مع جوهر هذه العناوين.

عوّل الإعلام الحكومي على إغراق المشهد بالإدّعاءات والاتهامات، وتوظيف مختلف وسائل الإعلام لتوسيع نطاق هذه الاتهامات، وإبرازها بوصفها حقائق نهائيّة، وغير قابلة للدّحض والنّفي. واعتبر الإعلام الآخر ضالاً ومضلاً. بدورها، استمرّت الصّحف في تبليغ الموقف الحكومي، وظلّت مقفلة في وجه المعارضة أو الكتابات الناقدة للسّلطة. خلافاً للبيانات الرّسميّة، فإنّ الصحف الرّسميّة لم تشهد حراكاً متنوّعاً للآراء والمواقف، وكان الجامع المشترك بينها هو الالتحاق بالرّواية الرّسمية والتّطبيل عليها.



ثالثاً : النتائج

كان الفاعلون في الإعلام الحكومي والمؤيّد للسّلطة مؤثّرين على مستوى تحقيق الهدف الإعلامي الدّاخلي (الأنصار المفترضين)، فقد استطاع النّمط الإعلامي الموسّع ضمان إبقاء الموالين في الصّف الحكومي، وأمّن المبرّرات المؤيّدة لاتهام المعارضين بالتّخوين والعمالة للأجنبي، وقد أثمر ذلك –تدريجيّاً- (وبسرعةٍ) في تصليب الجدار الطّائفي. رغم أن الاستثناءات محدودة، فإنّ موالين مفترضين للسّلطة لم يبدوا تسليماً مفتوحاً للإعلام الحكومي، وارتفع صوتٌ يسخر من بعض المواد الإعلاميّة التي تنشرها الحكومة بغرض التّحريض وتعليب الاتهامات.



رابعاً: التّحدّيات والسّيناريوهات

خسر الإعلام الرّسمي مصداقيته المهنيّة بدرجاتٍ كبيرة. قدّم دوراً كبيراً في التّعتيم، وصناعة الشّائعات، والتّوجيه المضاد للرّأي العام. لم تُحقّق هيئة الإعلام شيئاً من أهدافها المنصوصة، وكان أداؤها على النّقيض. بناءاً على الأداء الذي استمرّ حتّى إعداد التّقرير، فإنّ التّلفزيون الحكومي ارتبط مباشرةً بالخطط الأمنيّة التي تتبعها السّلطة، وتولّى المعدّون والمقدّمون مهمّة محدّدة، تتلخّص في مباركة السّلطات، وإلحاق الأذى بالمعارضين.

من غير المتوقّع أنّ يتخلّى الجهاز الإعلامي الحكومي عن هذا المنهاج، إلا في حال إجراء تغيّر في السّياسة الرّسميّة وإصلاح الوضع السّياسي برمّته، وهو قرارٌ لا يبدو في الأفق القريب.



ثانياً: الإعلام المُعارِض.. الإزعاج وإبطال الاتهامات

عانى الإعلام "المستقل" والصّحافيين غير التّابعين للسّلطة؛ محنة كبيرة بعد إعلان السّلامة الوطنيّة(12). استمرّ ذلك في المرحلة التي سبقت وتلقت مجيء المحقّق بسيوني وإصدار التّقرير. رغم ذلك، فرضَ الاحتجاج المعارض مستوياتٍ جديدة من الإعلام الُمناهض للسّلطة، وكان لافتاً أنّ فئة "المعارضين الإعلاميين" جرّبت المهمّة الإعلاميّة بمقادير واضحة من الاحتراف والمهنيّة بالمقارنة من الأداء الإعلامي للحكومة وموالاتها.

حضور صحافيين محترفين في أوساط المعارضة البحرينيّة؛ وفّر أجواء محفّزة على تحقيق الجودة والإبداع. التقى ذلك باشتراطات الصّدقيّة والنّقل الميداني المباشر، وهي مواصفات تميّز بها إعلام المعارضة، وهو ما هيّأ سُبلاً وافرة لمناجزة الإعلام الحكومي، رغم فارق الإمكانات الماديّة.



1- قناة اللؤلؤة

تُعرّف القناة نفسها بأنها قناة بحرينيّة مستقلة، تبثّ من العاصمة البريطانيّة لندن. بدأ بثّها الفضائي في يوليو 2011م. تختص القناة بنقل الشأن البحريني، وتحرص على تقديم تغطية قريبة من الوقائع الجارية على الأرض وهو ما جعلها تتعرّض للتشويش من قِبل السّلطات البحرينيّة. خطابها الإعلامي يتجاوب مع المطالب الدّيمقراطيّة التي ينادي بها المواطنون، مع محافظة ملحوظة على المواصفات المهنيّة.

2- قنوات عربيّة وأجنبيّة

مع انطلاق احتجاجات 14 فبراير 2011م، حظيت الأحداث في البحرين بتغطيات موسّعة من جانب المحطّات الأجنبيّة والعربيّة، وقد أُعدّت تقارير خاصة من الدّاخل، نال بعضها جوائز دوليّة مرموقة(13). تتميّز الوثائقيّات المُعدّة حول البحرين بطرحها المتوازن، وعدم تبنّيها المطلق للموقف الرّسمي، وسلّطت الضّوء على طبيعة الأحداث الجارية، ومنحت مساحة لشرح وجهة نظر المعارضين. بعض القنوات العربيّة تبنّت مطالب المحتجّين، وخصّصت تغطيات يوميّة حول البحرين، ومنها قناة "العالم" التي انحازت بوضوح إلى الموقف الشّعبي، وأحدثت ثغرة في احتكار الصّورة، وقد شنّت عليها السّلطات حملات دعائيّة، وطالبت بإيقاف بثّها الفضائي وطردها من اتحاد العرب التلفزيوني. في السّياق نفسه، تُقدِّم قناة "المسار" إطلالة يوميّة لمتابعة التطوّرات السّياسيّة والميدانيّة في البحرين، وبلغةٍ إعلاميّة قريبة من الحراك الثّوري هناك. تعرض القناة للوقائع اليوميّة الجارية من داخل البحرين، مع الحرص على نقل الوتيرة المتصاعدة من الغضب الشّعبي جرّاء تزايد قمع السّلطة، إضافة إلى إجراء حواراتٍ مع المعارضين البحرينيين من السّياسيين والإعلاميين.

3- صحيفة الوسط

تُصنّف "الوسط" باعتبارها الصّحيفة الوحيدة غير الرّسمية من بين الصّحف اليوميّة التي تصدر من داخل البحرين. منذ بدء الاحتجاجات، اتخذت الصّحيفة موقفاً واضحاً في دعم المطالب الديمقراطيّة التي رفعها المحتجّون، ولكنها نأت عن المطابقة مع الحراك الثّوري الذي تفجّر مع تطوّر الأحداث. نتيجة ذلك، كانت الصحيفة والعاملون فيها محلّ استهداف من السّلطة والموالين. تعرّضت مكاتبها ومطبعتها للهجوم في منتصف مارس 2011، وأوقفت هيئة الإعلام صدورها في 2 أبريل من العام نفسه بعد أن بثّ التلفزيون الحكومي حلقة خاصة ضدّ الصّحيفة ورئيس تحريرها، منصور الجمري، أُتهمت فيه بنشر أخبار كاذبة. أجبر الجمري على التنحّي شرطاً لمعاودة ظهور الصّحيفة، وفُرض عبيدلي العبيدلي بديلاً عنه. رغم أنّ ذلك لم يستمر طويلاً، إلا أنّ هذه التجربة أعطت الوسط والجمري، فيما بعد، قدرةً مضاعفة في التأثير على الرأي العام.

4- مرآة البحرين

ظهرت صحيفة "مرآة البحرين" http://www.bahrainmirror.org/ في مايو 2011م، وهي واحدة من أهم تطوّرات الإعلام الإلكتروني المعارض. استطاعت في فترة وجيزة أن تأخذ موقعها المؤثر والمتميّز ضمن شبكات الإعلام غير الرّسمي التي ظهرت بعد ثورة 14 فبراير. انزعاج النّظام من الصّحيفة كان مؤشّراً على نجاحها غير المتوقّع بالنسبة للكثيرين. اللّقطة الهامة في الاستهداف الذي وُجّه للصّحيفة، كان في الاعتراف بتفوّقها على الجهاز الإعلامي الحكومي، كما عبّر الصحافي عقيل سوار في لقاء بتلفزيون البحرين.

تتميّز "مرآة البحرين" بأنها جمعت بين الصّحافة المحترفة، ووظائف الإعلام الجديد. يمكن القول بأنها الخلاصة الأكثر نضجاً للإعلام المعارض حتّى الآن. لم تخلُ من الأخطاء أو تحيّزات النشأة الأولى. ويُسجّل أنها قدّمت أكثر من اعتذار حين تورّطت في الأخطاء غير المقصودة. من الواضح أنها استفادت من أخطائها بسرعة، والأهم من ذلك أنها تعلّمت الدّرس الإلكتروني بذكاء عندما تخلّت عن الإدّعاءات المفرطة، وأخذت بعين الاعتبار الوقائع المستجدة وغير الثابتة. حدّثت (آب ديت) قرون استشعارها بشكل متواصل. مع مرور الوقت، تخلّت عن الرقابة المسبقة، وتعاملت بمرونة مع اختلاف أسقف المعارضة، وكان منهجها الإعلامي يقوم على المتابعة الصّحافيّة للأحداث والفاعلين، بمعزل عن سياستها الإعلاميّة.

5- المواقع الإلكترونيّة

يوتيوب :تمثّل مواقع التواصل الاجتماعي ساحة مفتوحة للمعارضين في البحرين. مبكّراً، استفاد المحتجّون من هذه المواقع في تبليغ أهدافهم ومطالبهم. الإلمام بطبيعة الإعلام الرّسمي، وطريقة إنتاج المعلومة، يسّر للأهالي توظيف الأدوات الإلكترونيّة في صناعة إعلامهم المعارض والبديل. لا تهتم المواد الإعلامية المنشورة في الفضاء الإلكتروني بإثبات "الكذبة الرّسميّة" فحسب، ولكن أيضاً القيام بأدوار أخرى.

في "يوتيوب" اهتم المعارضون بتقديم الأحداث مباشرةً. كان نقل الصّورة الحيّة والكاملة جزءاً من المهام الحرجة التي مارسها الإعلاميّون الإلكترونيون، وتسبّب في إبطال السّياسات الدّعائيّة للإعلام الحكومي. تتمّ المقارعة بأسلوب السّخرية تارة(14)، وبجديّة مهنيّة تارة أخرى. يستهدف هذا الإعلام إفشال الإعلام الحكومي، وإظهار الغايات المبرمجة، وتحصين الرّأي العام من آثارها النفسيّة والتوظيفات السّياسية المضادة. اشتغل المعارضون على توفير مواد إعلاميّة تعمل في كلّ هذه الاتجاهات، ونجحوا في تحقيق أهدافهم، برغم غياب التخطيط الممنهج وعدم الالتزام الكامل بأصول اللّعبة الإعلاميّة.

استهدفت قوات الأمن المصوّرين الميدانيين، وتكشف الأفلام المنشورة أن فرقاً أمنيّة خاصة تتولّى رصْد حاملي الكاميرات أثناء التظاهرات، وتتعمّد إصابتهم مباشرةً(15). لم يفوّت الإعلاميون المتظاهرون هذا الاستهداف، فتمّ توثيق عشرات الأفلام التي تُظهِر القوات الأمنيّة وهي تُطلق النّار على الكاميرا والإعلاميين الميدانيين، ولم يسلم مراسلون محترفون من الأذى، وكان ذلك شكلاً من المواجهة الحامية بين كاميرا الأجهزة الأمنيّة وكاميرا المتظاهرين.

تويتر: وجد تويتر ولادته الحقيقيّة مع بدء الاحتجاجات في فبراير 2011. أحرز تقدّماً على موقع فيسبوك في الإعلام المعارض. تحوّل الأوّل إلى فضاء حيوي، وهو متقدِّم في كلّ السّاحات ويتواجد في أكثر الميادين سخونةً. في تويتر يخوض المتظاهرون ومؤيّدو الثورة أوسعَ عمليات التغطية الإعلاميّة. يتبادلون الأخبار العاجلة، ويعلّقون على مستجدات الأحداث. منه تنطلق حملات التّضامن وتنسيق فعّاليات الاحتجاج الدّيمقراطي. وهو المكان المفضَّل لإبداء الآراء المختلفة ومناجزة رموز النّظام والمسؤولين والموالين. مثّل ذلك أبرز وجوه الإعلام الجديد وأسرعها فاعليّةً في البحرين، وقد علّق ناشط حقوقي مصري (جمال عيد) بأن "تويتر يتكلّم بحريني"(16)، وهو ما تؤكّده بعض الأرقام التي تتحدّث عن حضور البحرينيين المتقدِّم في "تويتر".

يجمع تويتر ميزات الإعلام الجديد، ما يمنح دوره الإعلامي مثاليّةً أكثر وشموليّة أكبر. عمِدت السّلطة إلى التّشويش على الإعلام التويتري المعارض من خلال تجنيد ما يُعرف ب"الترولز". أشاع هؤلاء أجواء مناوئة للمعارضين في تويتر، وحاولوا تنظيم حملات لغلق الحسابات، وإغراقها بالشتائم والقاموس التخويني المعروف. لكنها لم تفلح في مهمّتها، واستطاع المعارضون الاستمرار في التربّع على عرش تويتر. مؤخراً، لجأت السّلطة إلى استهداف هذا الإعلام من خلال محاكمة ناشطين في تويتر بتهمة الإساءة إلى الملك. وكان الحقوقي نبيل رجب قد حوكم بسبب تغريداته أيضاً.

المدوّنات والمنتديّات: تراجع حضور المدوّنات البحرينيّة في المشهد الإعلامي المعارض. إضافة إلى الأسباب الأمنيّة، فإنّ المدوّنين وجدوا في وسائل الاتصال الجديدة فسحةً أوسع للانتشار والتأثير. برغم التراجع المحدود، إلا أن المنتديات الإلكترونيّة حافظت على نشاطها، وخصوصيتها في إتاحة التحاور التفاعلي، وبينها موقع "بحرين أون لاين". بشكل عام، استمرّت هذه المواقع في مهمّتها المفترضة، بوصفها قنوات إعلاميّة غير معنيّة بالالتزامات والمواثيق الجارية بين السياسيين والفاعلين في المشهد الواقعي. رسّخت هذه القنوات الإلكترونيّة سيرتها المعهودة في التّحريض على الخروج على كلّ الاتفاقات والتّوصلات النّهائيّة.

6- رابطة الصّحافة البحرينيّة

تأسّست الرّابطة في لندن، في يوليو 2011م، علي أيدي صحافيين وإعلاميين بحرينيين خرجوا من البلاد بعد اجتياح قوّات درع الجزيرة وإخلاء دوّار اللؤلؤة. تأسيس الرّابطة شكّل ردّاً على احتكار التّمثيل الذي تدّعيه جمعية الصّحافيين المدعومة من الحكومة. وهي بهذا المعنى تعتبر حدثاً إعلاميّاً هاماً. أصدرت الرّابطة بيانات وتقارير غير مرهونة للسياسة الرّسمية، ومنها تقرير بمناسبة اليوم العالمي للصّحافة، وتقريرها السّنوي لعام 2011م الذي رصدَ الانتهاكات التي يتعرّض لها الصحافيون غير التّابعين للإعلام الحكومي. قدّمت تقارير الرّابطة مادة توثيقيّة موسّعة تكشف الخروقات والمعوقات الكبيرة التي تعترض العمل الصّحافي الحر داخل البلاد، وبادرت لتقديم توصياتها لأجل إنعاش حرية الصحافة وحماية الإعلاميين من الاستهداف والقتل.

7- الظهور الإعلامي والصّحافي

ظهر المعارضون في الصّحف غير البحرينيّة والقنوات الخارجيّة بكتاباتهم ومقالاتهم وتحليلاتهم. قدّم هؤلاء الرأي الآخر، وفنّدوا وجهة النّظر الحكوميّة، كما حرصوا على عرض المطالب الدّيمقراطيّة التي ينادي بها المتظاهرون. إضافة إلى ظهور السياسيين والنشطاء، فقد كان للكتّاب والإعلاميين حضورهم الخاص، خصوصاً في الكتابات الصّحافيّة التي قدّمت صورةً مختلفة عن الصّورة المنشورة في الصّحف الرّسميّة. قدّمت صحيفة "الأخبار" اللّبنانيّة تعاوناً مفتوحاً في هذا المجال، وأسهم فيها كتّاب وصحافيون بحرينيون في إعداد تقارير وملفات مؤثرة، مثل ملفها الخاص باختيار البحرين عاصمة للثقافة العربيّة، والتي عرض وجهة نظر ناقدة للسّلطة السياسية والثقافيّة في البلاد(17).



ثالثاً:السّياسات المتّبعة:

اهتمّ الإعلامُ المعارض بتقديم الصّورة المُغيّبة من الأحداث. كان معنيّاً بأن يكوِّن إعلاماً بديلاً متعدِّد الوظائف. تطلّب ذلك الدّخول في مختلف مجالات الإعلام واستثمارها. نشط المعارضون في مواقع التّواصل الاجتماعي، وطوّروا الإمكانات الإلكترونيّة لتأسيس إعلام إلكتروني محترف، إضافة إلى التّواجد المؤثر في الوسط الصّحافي العربي والأجنبي. لم يقتصر التنوّع على وسائل الإعلام، فقد تنوّع الأنماط الإعلاميّة، تبعاً للمهام المطلوبة.

نجحت هذه السّياسة في إيصال الصّوت الآخر، والصّورة الأخرى، وهو ما أزعج الحكومة، ولجأت إلى مضاعفة حملاتها الدّعائيّة المضادة في الدّاخل والخارج، وقامت هيئة الإعلام برفع دعاوي ضدّ صحف أجنبيّة (الاندبندت) والرّد على أخرى (الإيكونومست).



رابعاً: النّتائج:

رغم الطّوق الإعلامي الدّاخلي، وسياسة الحكومة في بناء شبكة علاقات عامة واسعة في الخارج، ولكن المعارضين حقّقوا قوّة إعلاميّة ملموسة. اعترفت وزيرة شؤون الإعلام، سميرة رجب، بما أسمته بالقصور الإعلامي للحكومة، ورأت أنّ المعارضة تتميّز بنشاط إعلامي "قوي" و"غير طبيعي". (برنامج "الصورة الكاملة"، قناة أون تي في، بتاريخ 7 أكتوبر 2012م).

مع الممارسة المتواصلة في تغطية الأحداث، تحوّل المعارضون والمتظاهرون إلى إعلاميين يتقنون فنّ التوثيق. حقّق ذلك غلبة مؤكّدة ضد الإعلام الحكومي الذي عوّل على قوّة الانتشار في تطبيع رواياته للأحداث. النتيجة الحاسمة هي أنّ التوثيق الإعلامي لا يتطلّب إمكانات ماديّة وفنيّة ضخمة، ويكفي الحضور في السّاحات أو رصْد الحدث الجاري للحصول على التفوّق المطلوب.

بسبب عدم الحرفيّة الكافية، وعدم التفرّغ، فإنّ بعض إدّعاءات الإعلام الحكومي لم تجد ردوداً شافية في الإعلام الأهلي. اكتفى المعارضون بإنتاج مواد إعلاميّة ذات طابع ساخر أو ترويجي للردّ على اتهامات تتعلّق بطائفيّة الحركة الاحتجاجيّة أو ارتباطاتها الدّينيّة بالخارج. بسبب الضّخ الإعلامي الحكومي، لم يفلح الإعلام الأهلي المعارض في اكتساب شرائح جديدة أو واسعة من الوسط السّني المحلّي والخليجي والعربي. بدا الإعلام المعارض، في الغالب، غير جادٍ في تقديم المزيد من الإقناع، مكتفيّاً بإعلام المظلوميّة وتوثيق الانتهاكات.



خامساُ: لتّحدّيات والسيناريوهات:

تحمل الفترة التي يرصدها التقرير، خلاصة الآثار الحاسمة التي عاشتها المملكة بعد الانتفاضة الشّعبية في فبراير 2011م، ومثّل الإعلام صورةً ناظرة وعاكسة لتلك الآثار، وأصبحت المواد الإعلاميّة مرجعاً لمقاربة الأوضاع العامة التي عاشتها البلاد تباعاً منذ تفجّر الانتفاضة. رسّخ الإعلام الرّسمي، خلال هذه الفترة، الصّورة النّمطيّة المعهودة، فقدّم دوراً "رسميّاً" خالصاً، ونأى عن إعطاء المساحات المرضيّة للآراء الأخرى. تحوّل الجهار الإعلامي الحكومي إلى أداة "مؤثرة" في تشجيع قمع الاحتجاجات السّياسيّة القائمة، ووفّر الأجواء المناسبة لتوتير الرأي العام، وإثارة الضغائن بين المواطنين. وبنحوٍ دقيق، فقد تولّى الإعلام الحكومي تهيئة المبرّرات المحتملة لسياسة القمع العنيف الذي واجهت به السّلطات حركة الاحتجاج، وتمّ ذلك عبر سلسلة من البرامج والمواد الإعلاميّة المليئة بالتّحريض ضدّ كلّ ما له صلة بالبيئة الاحتجاجيّة.

لم يستطع الإعلام "غير الحكومي" والإعلام المعارض مجاراة إعلام الحكومة، بسبب نقص الدّعم المادي المناسب، ولكنه قدّم قدرة محسوبة في إظهار الرأي الآخر، ونقض روايات السّلطة، وهو ما أسهم بشكل مباشر في إجهاض استثمار الحكومة لنجاحها الأمني.

يُنتظر من الإعلام الأهلي تحديد أهدافه بوضوح، والخروج من ردود الأفعال. الانشغال بالاتهامات يفضي إلى الرّضوخ لأجندة إعلاميّة محدودة. ليس ثمّة حاجة إلى مركزيّة إعلاميّة موحّدة بالنسبة للمعارضة، فقد كان توزُّع العمل الإعلامي بين الأهالي والإعلاميين المجهولين؛ نقطة قوّة أمّنت استمراريّة الإعلام المُعارض وحماه من الاستهداف القاتل. إلاّ أنّ تشتّت الجهود، وغياب التّنسيق الإستراتيجي، ضيّع على الإعلام المعارض الفرص المناسبة لتحقيق الأهداف الإعلاميّة في الأوقات المناسبة.



سادساً: خاتمة

لا إعلام حرّاً في ظلّ نظامٍ غير ديمقراطي، والحديث خلاف ذلك هو ضرْبٌ من التّرويج الدّعائي أو محاولة إثبات المستحيل. هذا الحكم لا يمكن المغالبة عليه في بلدٍ خليجي يشهدُ، منذ 14 فبراير 2011م، سلسلة غير متوقّفة من الاحتجاجات السّياسيّة، تخلّلتها أحداث دامية، تذكر التقارير الدّوليّة بأنها مثّلت تجاوزاً لحقوق الإنسان، وأظهرت قدراً هائلاً من "الاضطهاد السّياسي" بحسب مفوضيّة حقوق الإنسان، بيلاي، الأمر الذي انتهى بالبلاد إلى أن تكون "مقبرة" للإنسان وحقوقه، وفق التّوصيف الذي اعتادت على استخذامه جمعيّة "الوفاق"، كبرى جمعيات المعارضة في الدّاخل.

المكارثيّة صفة مستحقّة في الأداء الإعلامي للحكومة. المعارضون بنوا إعلاماً مُوزَّعاً يُقدِّم الكثير من المظلوميّة والمناوأة والتوثيق، والقليل غير الكافي من المناظرة الملائمة في إقناع الرأي العام المعاصر.

_________________________________

1- الموقع الإلكتروني لهيئة شؤون الإعلام http://www.iaa.bh/ar/aroverview.aspx

2- في حوار مع صحيفة الأيام البحرينيّة، نُشر بتاريخ 23 أكتوبر 2012م، ذكر رئيس هيئة شؤون الإعلام بأنّ "الإعلام البحريني يعيش عصره الذّهبي بفضل انحياز (الملك) للحرّيّات الإعلاميّة وحقوق الصّحفيين (...)". وأكّد ترحيب الحكومة بحقّ النّقد، ولكنه اشترط أن يكون ذلك "في ظلّ المشروع الإصلاحي للملك"، وهي شارطة يُراد بها التّسليم بالسياسة الرّسميّة المعمول بها. http://www.iaa.bh/ar/arnews-details.aspx?id=362

3- وكالة أنباء البحرين "بنا" http://www.bna.bh/portal/en/news/521349

4- جاء في تقرير لجنة تقصّي الحقائق - النّسخة العربيّة – (قُدّم بتاريخ 23 نوفبمر 2011م) بأنّ تلفزيون البحرين أساء استخدام هذا المنبر الإعلامي وشارك في سلوكٍ، ربّما، يكون انطوى على التّشهير. ص 506، فقرة 1630.

5- تقرير لجنة تقصّي الحقائق، النّسخة العربيّة، ص 508، فقرة رقم 1640

6- انظر نتائج بحث "برنامج الراصد" في موقع يوتيوب. ومن بين الذين قدّموا البرنامج الإعلامي محمد الشّروقي، الذي خرج من تلفزيون البحرين ليلتحق بقنوات أخرى متخصّصة بالتّأجيج الطائفي. في حسابه عبر تويتر @malshurouki، يتبنّى الشروقي القاموس التخويني ضد المعارضة، ويمارس لغة تحقيريّة ضدّ رموزها السياسيين والدّينيين، ويكاد يتطابق أداؤه "الإعلامي" مع مجموعة "حارقهم".

7- من اللّافت أنّ تلفزيون البحرين، وعلى موقع الهيئة، يُعرِّف برنامج "كلمة أخيرة" على هذا النّحو: "تقدم الإعلامية المخضرمة سوسن الشاعر عمودها الصحفي اليومي في قالبٍ تلفزيوني يضم حوارات على طاولة مستديرة. حيث يستضيف البرنامج الإسبوعي مجموعة من المختصين في الشأن العام ليطرح عليهم القضايا المحلية و الإقليمية و يحاورهم فيها". ومن المعروف أن العمود اليومي للشّاعر يُنشر في صحيفة "الوطن" البحرينيّة، والتي تُصنّف باعتبارها من صحف التّحريض الطّائفي. والصّحيفة إحدى ثمار ما يُسمّى بتقرير "البندر"، وهو تقرير أصدره المستشار الحكومي المنشقّ صلاح البندر، وضمّ تفصيلاً لمخطّط القوى المتشدّدة في السّلطة لإثارة الفوضى في البلاد.

8- تقرير تقصّي الحقائق، ص 507، فقرة رقم 1635

9- انظر مثلاً تقريره الأخير حول قرية العكر البحرينيّة، أثناء حصارها من قبل الشّرطة، حيث أعدّ تقريره بغرض تكذيب الحصار، وتأكيد رواية السّلطات. قارن: تقرير العرب حول "العكر" http://www.youtube.com/watch?v=90PBe...eature=related. وتقرير آخر ينقل شهادات من أهالي العكر أثناء الحصار http://www.youtube.com/watch?v=Z97jm...eature=related . وكذلك تقريره "الأمني" بشأن ما يُعرف بنفق قرية عذاري البحرينيّة، والإيهام بوجود مخازن للأسلحة لدى المتظاهرين. وقد أرسلته السّلطات البحرينيّة إلى جنيف لحضور اجتماعات حقوق الإنسان في سبتمبر 2012، وقد تولّى مهمّة محدّدة وهي إثارة الوفد الأهلي ومشاغبته، وتعرّض للطّرد نتيجة ذلك.

10- تقرير تقصّي الحقائق، فقرة رقم 162

11- بتاريخ 23 أكتوبر 2012م قام يوسف محمد، مدير إدارة المطبوعات والنّشر في هيئة شؤون الإعلام، بإعادة نشر تغريدة لحساب مجموعة "حارقهم". الحساب لايزال يعمل حتّى تاريخ إعداد هذا التقرير، وينشر تغريدات بنفس المحتوى الطائفي، ويحرّض على العنف والكراهية. وقد كشف تقرير نُشر بتاريخ 26 أكتوبر 2012م على موقع "الفاتح نيوز" هوية الشّخصية التي تدير هذه المجموعة، وهو محمد بن سلمان آل خليفة http://alfatehnews.wordpress.com/

12- انظر: تقرير لجنة التقصي، الفصل العاشر. و: تقارير رابطة الصّحافة البحرينية، ومراسلون بلا حدود مثلا.

13- فاز وثائقي قناة "الجزيرة" الإنكليزيّة (البحرين.. صرخة في الظلام) بجوائز متنوّعة، منها جائزة «جورج بولك» الدولية. كاد يفجّر الفيلم أزمة بين البحرين وقطر، فقد وصفه وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة بـ«المكيف»، وأضاف عبر حسابه على تويتر:"من الواضح أنّ في قطر مَن لا يريد خيراً للبحرين. وما الفيلم المكيّف في «الجزيرة» الإنكليزية سوى خير مثال على العداء غير المفهوم". وردّ سفير قطر لدى البحرين الشيخ عبد الله آل ثاني في حسابه بتويتر: "يستغل العاطفة ليزيد في نشر سمومه، فلا يتورع في ذلك حين يذكر أن هناك من يضمر السوء في قطر. (...) أحترم البحرين ملكاً وحكومة وولي العهد وشعباً غالياً على قلبي عشت معه لإحدى عشرة سنة (...) تعلمت الكثير فيه وله كل احترامي. أما من يتطاول على قطر ورموزها، فسأردّ بتوضيح الحقائق باحترام، ولن يعنيني السفهاء». وقد اشتعلت في الصحافة القطرية والبحرينية هذه المناوشة، حتّى هدأت فجأة.

14- عرض تلفزيون البحرين في نوفمبر 2011م، من خلال برنامج سوسن الشاعر، شريطاً ادّعى أنه يُظهر متظاهرين يمارسون التخريب. http://www.youtube.com/watch?v=q0kgALZCOno ونظراً لكونه مليئاً بالثغرات، فقد ردّ عليه معارضون بأسلوب ساخر http://www.youtube.com/watch?v=q0kgALZCOno

15- قُتِل الشّاب أحمد إسماعيل في مارس 2012م أثناء تصويره لإحدى التظاهرات في منطقة سلماباد. والشهيد إسماعيل ناشط إعلامي اختصّ بتغطية المسيرات والتظاهرات بكاميرته الخاصة. http://www.youtube.com/watch?v=v6y1lq7a6qw

16- مقال قاسم حسين، صحيفة الوسط البحرينيّة، العدد 3508 - الأحد 15 أبريل 2012م الموافق 24 جمادى الأولى 1433هـ http://www.alwasatnews.com/3508/news/read/656011/1.html

17- صحيفة الأخبار اللّبنانيّة، ع 1632، 11 فبراير 2012م، ص 10-11، ملف بعنوان "المنامة عاصمة المكارثيّة العربية 2012". وقد نشرت مجلّة الآداب اللبنانية ملفاً بعنوان "انتفاضة البحرين" في عدد صيف 2012م ساهم فيه كتّاب بحرينيون.

يتبع..


توقيع : nad-ali



من مواضيع : nad-ali 0 تصاميم لشهر محرم الحرام
0 تصميم شهادة الامام الباقر عليه السلام
0 تصميم لمولد الامام الرضا عليه السلام
0 تصميم لذكرى استشهاد الامام جعفر الصادق عليه السلام
0 تصاميم لشهادة امير المؤمنين علي ع

الصورة الرمزية nad-ali
nad-ali
شيعي حسيني
رقم العضوية : 72513
الإنتساب : May 2012
المشاركات : 7,601
بمعدل : 1.67 يوميا

nad-ali غير متصل

 عرض البوم صور nad-ali

  مشاركة رقم : 56  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-02-2013 الساعة : 09:45 PM






الجزء الخامس:

4-أزمة الإسكان..بل أزمتا الأرض والسكّان


نادر المتروك

يتّفقُ البحرينيون جميعاً على الحديث عن أزمة سكن في بلادهم. تشيع في الإعلام وكتابات الصّحافة أوصافٌ تعتبر السكن "أزمة الأزمات"، و"القنبلة الموقوتة". هذه الأزمة من الملفّات التي تلقى إجماعاً بين فئات المجتمع البحريني، ولا يختلف حولها المعارضون عن الموالاة. ارتبطت هذه الأزمة بالأزمات الأخرى، وهي عادةً ما تكون موضوعاً سياسيّاً بالنسبة للسّلطة السّياسيّة في البحرين، خصوصاً حينما تعجّ البلاد بالأزمات المتراكمة. حين لجأت السّلطة إلى حلّ التجربة البرلمانيّة الأولى، عام 1975م، صرّح رئيس الوزراء، خليفة بن سلمان، بأنّ أزمة الإسكان ستكون إحدى أهم أولوياته في المرحلة المقبلة، مؤكّداً على إنهاء هذه الأزمة بسرعة. تكرّرت هذه التّصريحات الرّسميّة مع كلّ انعطاف سياسي تمرّ به البلاد، وصولاً إلى الرّابع عشر من فبراير 2011م، وحتّى كتابة هذا التّقرير.

اولاً:واقع الحال

بحسب طبيعة المشكلة الإسكانيّة؛ كان من الطّبيعي أن تتراكم طلبات الإسكان على مرّ السّنين. الحصيلة المتوافرة تفوق 52 ألف طلب إسكاني، مرشّح للزّيادة كلّ يوم. مؤخراً، لجأت الجهة الحكوميّة، وزارة الإسكان، إلى إلزام المراجعين بحجز مسبق للمواعيد، وهو ما يُشير إلى ضغوط متزايدة في مراجعات المواطنين (بما فيهم المجنّسين).

ومن الملاحظ أنّ هذه المشكلة لم تُواجَه بالنّكران من جانب الحكومة، فالأخيرةُ اعتادت على تسجيل وعود دائمة بحلّ المشكلة، وبطرقٍ مختلفة. عبّرت الدّولة عن هذه الوعودة بجملةٍ من الشّعارات البرّاقة. اتضح، عبر السّنوات، أنّ المسألة كانت هروباً من الحلّ، أو انشغالاً بأزماتٍ أخرى تعصف بالبلاد، لاسيما الأزمة السّياسيّة التي أخذت مجرى أكثر صداميّة مع احتجاجات 14 فبراير 2011م.

"بيت لكلّ مواطن"، هو اختصار للشّعارات التي ضخّتها الدّولة كلّ مرة. بعد اندلاع انتفاضة فبراير، لم يكن مستغرباً أن الحكومة لجأت بسرعة إلى تحسين مواقفها وصورتها من أزمة الإسكان. ابتدأ ذلك، وبنحوٍ دراماتيكي، مع الإتيان بالوزير السّابق مجيد العلوي على رأس وزارة الإسكان (فراير 2011). كان من الواضح أنّ الحكومة قدّمت حجماً متقدّماً من الوعود، ففي 27 فبراير 2011م وضع العلوي تشخيصاً مجملاً للمشكلة القائمة، مؤكّداً على أنّ هناك ما "يكفي من الموازنة والخطط ومن الأفكار لحلحلة الملف الإسكاني"، مبشّراً الجميع بتفاؤلٍ مُبكّر، فحواه "بأننا سنتقدّم خطوات كبيرة في طريق معالجة الأزمة الإسكانية بشكل جذري، من خلال تعاون الجميع(1).

بمواكبة مع الظروف العصيبة التي أحاطت الإتيان به، تقدّم الوزير العلوي سريعاً في إطلاق الحلول، وأعلن عن "خطّة عاجلة" لحلّ ملف الإسكان، تتضمّن "بناء 50 ألف وحدة سكنية خلال ثلاث سنوات".

لم يُقدَّر للعلوي أن يُنجز مهمّته، أو اختباره الأصعب، حيث علق عمله في الحكومة مع دخول قوّات درع الجزيرة في منتصف مارس 2011، واستخدام القوّة لإنهاء اعتصام دوّار اللؤلؤة، وأدى ذلك إلى تعيين وزير جديد.

باستثناء فترة السّلامة الوطنيّة (نهاية مايو 2011) كان موضوع الإسكان حديثاً متّفقاً عليه بين جميع الأطراف، وفي كلّ الأوقات. ليس ثمّة معارضة أو موالاة في هذا المجال، فالجميع يتحدّث عن "أزمة" حقيقيّة قائمة، كما يتّفق الجميع على تحميل الحكومة المسؤولية المباشرة على استمرار المشكلة، كما يقول النّائبان حسن الدّوسري، وعدنان المالكي(2). ولكن الموقف لا يذهب بعيداً بالنسبة للموالين، حيث يُكرّس الموالون انتقاداتهم للجهات التنفيذيّة في الحكومة، من غير سحبها إلى رئيس الحكومة، والذي يتّفق الموالون على اعتباره صادقاً في وعوده، مع وجود توجّه عام لمناشدة "القيادة العليا" لحلّ المشكلة، والإيحاء الدّائم بأنّ المشكلة تكمن في المعوّقات البيروقراطيّة، والتّزايد الطّبيعي في طلبات الإسكان.

لم يتغيّر الموقف الحكومي جرّاء ذلك. استمرّ وزراء الإسكان في ترديد العبارة "الإمكانيّة"، وأنّ الوزارة تضع خططاً إستراتيجيّة لحلّ المشكلة، مع إدخال طرفٍ آخر في المعادلة، متمثّلاً في القطاع الخاص، والذي مارس بدوره قدْراً من إلقاء المسؤوليّة على الحكومة، حيث وجّه بعض رجال الأعمال الأنظار إلى مشكلة ارتفاع سعر الأراضي وكلفة البناء، وطبيعة القروض البنكيّة غير الميسّرة(3). وقد أبرزت بعض الجهات الأهليّة المعنيّة بالإسكان، اهتماماً متزايداً في حلحلة الأزمة الإسكانيّة، وقدّمت جمعية العقاريين في 8 أكتوبر 2011م رؤيتها لحلّ الأزمة. هذا الاهتمام في إشراك القطاع في حلّ الطلبات الإسكانيّة دفعت به، على نحوٍ خاص، غرفةُ تجارة وصناعة البحرين في 17 سبتمبر 2012 أثناء اجتماع لجنة القطاع العقاري في الغرفة(4).

من جهتها، تؤكّد المعارضة على المضاعفات الخطيرة لأزمة الإسكان، وتذهب إلى أنّ الأزمة ترتبط بإهمال الدّولة لحلّها بطريقة جذريّة منذ البداية. بحسب المعارضة، فإن تراكم الطّلبات الإسكانيّة (قروض، شراء أرض، وحدات سكنيّة مؤقتة ودائمة) يرتبط هيكليّاً بأزمة الدّولة نفسها، والتي تعاني من الفساد وسوء الإدارة(5).

وفي هذا الإطار، يُثير سياسيّون وحقوقيّون مسائل تتعلّق بالأراضي، والاستملاك الخاص، ودفان السّواحل من قِبل أشخاص متنفّذين ومن أبناء العائلة الخليفيّة خاصةً، وكذلك مسألة التّجنيس والفساد المالي الذي تتطرّق إلى بعض جوانبة تقارير الرقابة المالية التي تصدرها الدّولة.

كلّ تلك العوامل أدّت إلى أن يكون أكثر من 500 كم من مجموع أرض البحرين (البالغة 700 كم) في قبضة عدد محدود من الملاّك، في حين يتنافس على البقيّة كلّ من الدّولة والمستثمرين وعامة المواطنين. يزيد من المخاوف، أنّ عملية توزيع الأراضي وتخطيطها تتمّ خلف الأستار، ويخفى على المعنيين بالقطّاع العقاري الجهات التي تتولّى هذه العمليّة.

دخول المستثمر الخليجي ضاعف من حدّة الأزمة السّكانيّة، حيث يُعاني المواطن البحريني من محدوديّة الدّخل، في حين يتمتع الخليجي بقوّة شرائيّة تمنحه القدرة الواسعة على الاستثمار في الأراضي، وهو ما يعني زيادة سعر الأراضي، وبالتّالي مضاعفة أزمة السكن بالنسبة للمواطنين.



ثانياً: السّياسات المتّبعة

مجمل السّياسات التي اتّبعتها الحكومة لمعالجة أزمة الإسكان، تنحصر في حدود التّعاطي معها بوصفها إفرازاً لأزماتٍ أخرى، أو مرتبطة بها، وليست أزمة لها أبعادها الخاصة، بما يعني ضرورة التّخطيط الإستراتيجي لها، وبمعزل عن الظّروف المحيطة.

لهذا السّبب، لم تنجح الحكومة في إنهاء الأزمة، بل إن سياساتها المتعثّرة أو المؤقّتة تسبّبت في خلق تراكمات إضافيّة كما سنلاحظ. سعت الحكومة إلى استملاك الأراضي، لإقامة المزيد من المشاريع الإسكانيّة، إلاّ أنّ ذلك لم يكن كافياً، ولأسبابٍ تتعلّق بمشاكل جوهريّة تتعلّق بصعوبة الوضع المعيشي، ومحدوديّة الدّخل، وعدم كفاية التمويل البنكي والقروض الممنوحة، فضلاً عن ارتفاع كلفة البناء بشكلٍ عام.

تتحدّث الحكومة، باستمرار، عن إستراتيجيّة لحلّ الأزمة، إلا أنّ بقاء الأزمة وتفاقهما يشير إلى غياب إستراتيجيّة حقيقيّة معمول بها كما تمّت الإشارة. ومن المريب، من بعض الجهات، الحديث عن تجاوز الأزمة لقدرة الدّولة وإمكاناتها، لاسيما في ظلّ إلحاح القطاع الخاص على تمكينه من الإسهام في حلّ المشكلة الإسكانيّة. ليس فقط الإهمال هو السّبب في تراكم الأزمة، وبالتّالي احتشاد الطّلبات الإسكانيّة وصعوبة تلبيتها جميعاً في الوقت المناسب، فالرؤية الإستراتيجية تغيب تماماً، خصوصاً في ظلّ المشاكل الجوهريّة المتعلّقة بإدارة الدّولة عموماً، وتسيير أمورها العامة وفق سياسات التّمييز والفساد المالي والمحسوبيّات.

انحصرت السياسات الحكوميّة على التحرّك في إطار "الأرض"، ومن غير مواكبة كافية للمحاور الأخرى المرتبطة بخصوصيّة الأوضاع الاجتماعيّة للبلد، والتشكيلات المركّبة للسّكان، والأبعاد المرتبطة بالتمويل والمساعدات البنكيّة. على هذا النّحو، كانت سياسة البناء العمودي ونظام الشقق محلّ إعراض واعتراض غير قليل من جانب أصحاب الطّلبات الإسكانيّة. وبسبب نقص مساحات الأرض، وضغط الطّلبات (فاقمتها سياسة التّجنيس) لم ينفع التوجّه إلى البيوت الذكيّة في الحدّ من تفاقم الأزمة، ويتّصل ذلك بشكل محوري بتمركز الكثافة السّكانيّة في مناطق معيّنة من البلاد (شمال البحرين ووسطها)، حيث تنتشر أراض شاسعة في المناطق الجنوبيّة غير واردة في التخطيط الإسكاني العام، وانحصار المشاريع الإسكانيّة فيها بفئات معيّنة، وخصوصاً العاملين في السّلك العسكري والمرتبطين بالعائلة الحاكمة. إضافة إلى ذلك، فإنّ هناك مجموعة من الجزر المناسبة(6) لإقامة مشاريع الإسكان عليها، ولكنها مستبعدة نهائيّاً لكونها خاضعة لسيطرة كبار شخصيّات عائلة آل خليفة، ويتم التّعامل معها بوصفها مناطق مسكوت عنها عادةً بفعل نظام الهيمنة والاستبداد السّائد في البلاد.



ثالثا: النتّائج

عدم وجود مخطّط هيكلي واضح ومعلن للأراضي في البحرين؛ تسبّب في تعويم كلّ الحلول الموضوعة لحلّ أزمة الإسكان. على هذا النّحو؛ كان استمرار التبرّم، وعدم تطويق امتداد المشكلة، والطّفرة في الطّلبات، وممانعة الأهالي ورفضهم لأنظمة الإسكان غير الملائمة مع الطبيعة الاجتماعيّة للمواطنين، والذين يجدون صعوبة في التّجانس مع فئة المجنّسين المُراد زرْعهم عنوةً داخل النّسيج الاجتماعي وشبْكهم في علاقاتٍ جديدة تسمح للنّظام باستثمارهم سياسيّاً وطائفيّاً. أخفقت كلّ الحلول التي اعتمدتها الحكومة في حلّ مشكلة الإسكان، وفي المقابل، فإنّها لم تغيّر جذريّاً في سياساتها.

في ظلّ ذلك، كان توجيه الحلول نحو "الأرض"، سبباً في بروز مشاكل أخرى، وكانت بمثابة النتائج المدمّرة لغياب السياسة الحكيمة، أو لسيطرة الفساد على إدارة الأزمة. برز على هذا الصّعيد ما يُعرف بالدّفان، أو ردم البحر، من أجل توفير الأرض المطلوبة للإسكان أو للاستثمارات الأخرى. وخلال السّنوات العشر الماضية، تمّ "ردم أكثر من 60 كم من بحر (البحرين)، أي ما يوازي 10% من مساحة يابسة البحرين الأصليّة"(7). جرّاء ذلك، غاب البحر بوصفه معلماً أساسيّاً في حياة البحرينيين، وكان الدّفان فرصةً ذهبيّة لكبار المتنفّذين الذين لم يهتمّوا بالمسألة الإسكانيّة للمواطنين، وكان اهتمامهم محصوراً في إقامة مدن جديدة تُرضي كبار الملاّك والموظفين الأجانب والشّخصيات القريبة من الحكم.

غير مستبعد ما يذهب إليه باحثون من أن طبيعة السياسة العقاريّة المتّبعة في البحرين سوف تؤدي إلى ما يُشبه "اقتلاع الجذور"، وإحداث أكبر خلل في التركيب السّكاني للمواطنين، وذلك إرضاءاً لجشع التّجار المحلّيين والوافدين والمتنفّذين (وهي عبارة تتضمّن عادةً الفاسدين من العائلة الحاكمة)(8). وسيكون لذلك مضاعفات على حقوق المواطنين، وإعادة رسم الخارطة السّياسية، وبما يُتيح للنّظام السّياسي توسيع نطاق الهيمنة والإخضاع السّياسي والتّحكم في الإفرازات السّكانيّة وتوجّهاتها. وهي جوانب سيتم التطرّق إليها في الملف الخاص بالتّجنيس في البحرين.



رابعا: التحّديّات والسيّناريوهات

يتداخل في مسألة الإسكان الصّراعُ الحاد على أهم محورين في المناجزة السيّاسيّة القائمة في البحرين اليوم. الأوّل، محور الأرض، والثّاني محور السّكان. عمِد نظام الحكم إلى السّيطرة على منافذ القوّة على الأرض، فتحكّم في حدود الانتشار، وطريق التملّك. من جانبٍ آخر، اشتغل الحكم على الطبيعية السّكانيّة، وأنشأ فئات مختلطة من السّكان، وهو ما يوفّر حجماً مؤثراً في التأثير على إدارة أزمة الإسكان من جهة، والحيلولة دون الانتقال إلى الاستحقاقات المعيشيّة الأكبر من جهةٍ أخرى.

التّحدي البالغ سيكون في إفراز دولة متوافق عليها تكون مؤتمنة لوضع خارطة تخطيطيّة تفصيليّة للبلاد، وإنجاز سياسة مناسبة لتخطيط المدن والمشروعات الإسكانيّة، وبالتّوازي مع مراجعة شاملة لمسألة التّجنيس، والتي أفرزت جملة من التّحديات أمام المجتمع البحريني من جهة، وإمكانات الدّولة الخدميّة من جهة أخرى، ومن المؤكّد أنّ التّغاضي عن هذه المسألة لن يُفضي إلى حلولٍ جادة لأزمة الإسكان، ولأزمة الوطن في المحصّلة. ولاشكّ أنّ النّظام الحالي في البحرين غير مؤهّل حتّى الآن للإقدام على خطوات عمليّة في أمْرَي الأرض والسّكان، ومن المتوقّع أنّ القائمين على الحُكم سيواصلون الأداء السّابق، والقائم على ضخّ الوعود، وتطبيق السّياسات الإسكانيّة غير المتكاملة، بما يعني ذلك فرْض الأمر الواقع على الجميع.

_____________________________

1- وكالة أنباء البحرين (بنا) بنا 0746 جمت 27/02/2011

2- صحيفة "الوطن"، تاريخ 29 أغسطس 2012م؛ يقول النّائب الدوسري: " إن ما يعانيه البحرينيون في قضايا الإسكان ليست مشكلة بل أزمة، وأنها اليوم وبفعل عدم وجود استراتيجيات حقيقية لدى الوزارة، وصلت الأزمة إلى العمق وتجذرت، وحين تتحول المشكلة إلى أزمة حقيقية". ويقول المالكي “حين أتحدث معكم عن قضية الإسكان، فإني أتحدث معكم عن قضية شعب بأكمله، فكم من وزير تم تبديله بسبب ضعف أدائه أو لأسباب أخرى، وكلهم لم يكونوا يملكون خططاً واضحة وصريحة في تنفيذ المشاريع، ما يؤدي بالتالي إلى تأخيرها”.

3-رجل الأعمال عبدالله الكبيسي.

4-صحيفة الوطن - العدد 2473 الأثنين 17 سبتمبر 2012

5-انظر رؤية جميعة الوفاق الوطني الإسلاميّة للأزمة الإسكانيّة، موقع الوفاق الإلكتروني www.alwefaq.org

6-تضمّ البحرين حالياً ما يصل إلى 36 جزيرة، وليس مُتاحاً الاستفادة العامة من أكثرها. وتعدّ المنامة (البحرين) وسترة والمحرّق أكبر هذه الجزر من حيث المساحة، وهي مأهولة بالسّكان. ومن مجموع مساحة البحرين، فإنّ المنطقة المعمورة تساوي 330 كم فقط.

7-عمر الشّهابي، المدينة والدفان في الخليج العربي، موقع مركز الخليج لسياسات التّنمية.

8-عمر الشهابي، "اقتلاع الجذور.. المشاريع العقارية وتفاقم الخلل السكاني في مجلس التعاون لدول الخليج العربيّة"، مركز دراسات الوحدة العربيّة, ط 2012.

يتبع..


توقيع : nad-ali



من مواضيع : nad-ali 0 تصاميم لشهر محرم الحرام
0 تصميم شهادة الامام الباقر عليه السلام
0 تصميم لمولد الامام الرضا عليه السلام
0 تصميم لذكرى استشهاد الامام جعفر الصادق عليه السلام
0 تصاميم لشهادة امير المؤمنين علي ع

الصورة الرمزية nad-ali
nad-ali
شيعي حسيني
رقم العضوية : 72513
الإنتساب : May 2012
المشاركات : 7,601
بمعدل : 1.67 يوميا

nad-ali غير متصل

 عرض البوم صور nad-ali

  مشاركة رقم : 57  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-02-2013 الساعة : 09:48 PM






الجزء السادس:

الفصل الثالث: الاقتصاد.. التداعيات والربح



د.جاسم حسين

5- المارشال الخليجي: بديل الإصلاح السياسي والاقتصادي

أكثر ما يخشى من مشروع (المارشال الخليجي) المعني بتقديم منح مالية لكل من البحرين وعمان هو أن يكون بديلا عن تنفيذ إصلاحات سياسية شاملة. ففيما يخص البحرين وهو موضوع بحثنا يتداول وراء الكواليس حديث مرده وجود رغبة للاستفادة من الأموال الخليجية بدأ بالعون المالي من الكويت لمعالجة بعض الملفات الساخنة غير السياسية، خصوصا تلك المتعلقة بتوفير مستوى من الرفاهية للمواطنين. وتشمل هذه الملفات- والتي تركز على المسائل المعيشية- أموراً مثل: الإسكان وتطوير البنية التحتية (كالكهرباء) وتطوير شبكة الطرق وتطوير مرافق صحية ومنشآت تعليمية في مختلف ربوع المملكة.

بمعنى آخر يخشى أن يكون المارشال الخليجي بديلا عن تنفيذ إصلاحات ديمقراطية جوهرية. ومرد ذلك استغلال حاجة البعض للحصول على مسكن لائق فضلا عن وظيفة توفر العيش الكريم له ولأفراد أسرته لكن على حسابالمطالبات الديمقراطية.

أولا: مال سياسي

بالعودة للوراء وافق مجلس التعاون الخليجي في العام 2011 بتقديم مبلغ قدره 10 مليار دولار لكل من مملكة البحرين وسلطنة عمان على حده، بغية مساعدة البلدين العضوين في المنظومة الخليجية بالتكيف مع أسباب وتداعيات اندلاع احتجاجات سياسية في الربع الأول من 2011. وكانت البحرين أول دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي تشهد مظاهرات شعبية في أعقاب الربيع العربي بهدف تحقيق مطالب ديمقراطية، وشراكة في صنع القرارات والخيارات ومعالجة التحديات التي تواجه البلاد فضلا عن القضاء على كافة أشكال التمييز بين المواطنين وضمان تكافؤ الفرص.

وفهم من القرار أو التوجه كونه غير ملزم قيام الدول الأربع الأخرى وهي الغنية نسبيا وتحديدا السعودية والإمارات وقطر والكويت تحمل العبء المالي بالتساوي أي 2.5 مليار دولار من أصل 10 مليار دولار. عموما ليس متى وهل سوف تقدم الدول الثلاث الأخرى في تقديم العون المادي للبحرين وهل سوف يتم التعبير عن الدعم بشكل نقد أم بآلية أخرى.



ثانياً: الكويت في المقدمة

حقيقة القول لم يكن مفاجئا أخذ الكويت زمام المبادرة الخليجية بتقديم العون المالي للبحرين، بالنظر للروابط التاريخية بين البلدين الشقيقين على كافة المستويات الرسمية منها والشعبية. بل تشتهر الكويت بتقديم مساعدات دورية للبحرين تنصب كلها في خدمة التنمية مع التركيز على حقل التعليم وعلى الخصوص إنشاء مدارس نموذجية فضلا عن تطوير القطاع الصحي مثل بناء مراكز صحية.

وكانت الحكومة الكويتية قد وافقت في شهر يونيه على تخصيص هذا المبلغ للبحرين انطلاقا من ميزانية السنة المالية 13-2012. تبدأ السنة المالية في الكويت في شهر أبريل وتنتهي في مارس وبالتالي تم تخصيص المبلغ من العام الجاري. كما أنه لم يكن من المتوقع وقوف السلطة التشريعية حجر عثرة أمام الإقرار النهائي للمخصصات المالية للبحرين نظرا للعلاقة الطيبة التي تربط البلدين.

وتماشيا مع التوجه الخليجي المتفق عليه سوف يتم توزيع مبلغ 2.5 مليار دولار على مدى 10 سنوات بقيمة 250 مليون دولار سنويا. ويعد هذا الأمر صحيحا لأن المطلوب صرف الأموال على مشاريع تنموية بعد إخضاعها لدراسات مستفيضة، إضافة للتأكد من قدرة الأسواق المحلية على استيعاب الأموال والأنشطة وبالتالي ضمان وجود طاقة استيعابية.

كما تشتهر هكذا مساعدة بضمان وجود نوع من استدامة دخول أموال جديدة في الاقتصاد البحريني لفترة مطولة نسبيا. وهذا يذكرنا بمقولة (قليل دائم خير من كثير من منقطع). في المقابل من شأن دخول أموال ضخمة وبسرعة التسبب بالتضخم، وهي حالة غير مرغوب فيها في كل حال من الأحوال. بل هناك شبه اتفاق بين الاقتصاديين بأن التضخم عدو جوهري لأي اقتصاد لأنه ينال من القدرة الشرائية للناس.



ثالثاً: مشاريع متنوعة

تتضمن تفاصيل المرحلة الأولى من مبلغ الدعم الكويتي أي 250 مليون دولار الصرف على البنية التحتية مثل تطوير شبكة الطرق التابعة لمشروعين إسكانيين فضلا عن شوارع أخرى وتوسعة محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي وتمويل جانب من شبكة نقل الكهرباء. أيضا سوف يتم تخصيص جانب من الأموال لمشاريع تطوير البنية التحتية بمدينة سلمان الصناعية شمال العاصمة فضلا عن إنشاء مجمع الإعاقة وإنشاء مجمع للخدمات الاجتماعية وبالتالي أمور مهمة وحساسة.

بالتمعن في مخصصات أول دفعة سوف يتم توظيف جانب من الدعم لإنشاء 6600 وحدة سكنية في شمال وغرب العاصمة المنامة، وبالتالي المساهمة في حل موضوع شائك في البحرين. يشار إلى أن نسبة كبيرة من المواطنين بحرينيين يعتمدون على مشاريع خدمات إسكانية حكومية لحل مشكلة السكن بسبب الواقع المعيشي للمواطنين والمتمثل بمحدودية الدخل. حيث يعد شراء أو بناء منزل القرار الأكثر كلفة للناس بصورة عامة ولا يمكن مقارنة ذلك مع شراء سيارة على سبيل المثال.

لكن الملفت بأن السواد الأعظم من المنازل المراد تشييدها تقع في محافظة المحرق وليس محافظتي الشمالية والعاصمة. وتحديدا سوف يتم تمويل بناء 4500 وحدة سكنية شرق الحد مقابل 2100 وحدة سكنية في الجزيرة رقم 14 بالمدينة الشمالية. مصدر الذهول هو أن الأزمة الإسكانية متفاقمة بشكل أساسي في المحافظة الشمالية والتي بدورها تحتضن أكبر نسبة تجمع للمواطنين بين المحافظات الخمس للمملكة. لكن ما يبعث على الاطمئنان هو تخصيص 45 في المائة من نفقات المرحلة الأولى للدعم المالي الكويتي للمشاريع الإسكانية.

وبخصوص الشوارع المراد تطويرها في إطار 250 مليون دولار فهناك الطريق المؤدى للمدينة الشمالية، الطريق الغربي، الطريق الساحلي، تطوير شارع الشيخ جابر الأحمد الصباح (أي الأمير السابق لدولة الكويت).

كما تشمل المشاريع جانب من المرحلة الرابعة من توسعة محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي، تمويل جانب من مشروع تطوير شبكة نقل الكهرباء جهد 400 كيلو فولت وتمويل جانب من مشروع تطوير شبكة نقل الكهرباء جهد 220 كيلو فولت.

وبخصوص قطاع الكهرباء تبين لنا بعد البحث والتمحيص بأن الكلفة الإجمالية عبارة عن 800 مليون دولار حيث قررت الكويت تحمل 250 مليون دولار من المجموع. ويفهم من هذا الأمر توقع قيام الدول الثلاث الأخرى (السعودية والإمارات وقطر) بتحمل باقي الأموال لكن الصورة ليست واضحة بخصوص الدعم المالي الخليجي عير الكويتي.

ويتوقع تخصيص مبلغ أكبر من الدعم المالي الكويتي لمشروع الكهرباء ربما في 2013 و 2014 حيث من المقرر الانتهاء منه في غضون ثلاث سنوات. بمعنى آخر سوف يتم تخصيص أكبر من الدعم المالي الكويتي لقطاع الكهرباء مستقبلا. ومن شأن تطوير قطاع الكهرباء المساهمة شبه القضاء على أزمة انقطاع الكهرباء من جهة وتعزيز توافر الطاقة لأغراض السكن والصناعة وغيرها من الأمور الحيوية. وربما يفهم من إسناد حقيبة الكهرباء للوزير د.عبدالحسين ميرزا إلى رغبة الحكومة بالاستفادة من خبراته للإشراف على هذا القطاع المهم بالنسبة للمشاريع التنموية بشكل عام. وحتى الأمس القريب كان الوزير ميرزا يتولى حقائب وزارية أخرى مثل النفط.

أيضا تقرر تخصيص مبلغ وقدره 23 مليون دولار من الدعم الكويتي بهدف إنشاء مجمع عصري للإعاقة في منطقة عالي، يشمل على كافة وسائل الترفيه والتعليم. ومن المنتظر الانتهاء من المشروع النوعي في غضون سنتين.

من جهة أخرى من شأن تطوير مدينة سلمان الصناعية المساهمة في حل معضلة أخرى وهي توفير فرص عمل مناسبة للمواطنين. يعتبر القطاع الصناعي حيويا أنه يتمتع بقدرة توفير عدد ضخم من الوظائف وهي من المسائل المهمة في البلاد. يتميز الشعب البحريني بوجود رغبة لدى قطاع واسع من الشعب للعمل في المجال الصناعي كما هو الحال مع صناعة الألمنيوم فضلا عن القطاع النفطي.

اللافت في هذا الصدد قيام الجانبين بالتوقيع على اتفاقية إطارية لم يتم الإعلان عن تفاصيلها بشكل كامل. لكن اشتهر وهو أمر معقول ضرورة حصول موافقة كويتية بل وإشراف كويتي على كافة تفاصيل المشاريع التنموية المقررة لضمان عودة الأموال بالنفع المباشر على المواطنين مثل الإسكان والبنية التحتية والصحة والتعليم ورعاية الشبابوغيرها من الأمور المتعددة.



رابعا: تعزيز الاقتصاد أم تعزيز الحل الأمني

يعد مبلغ الدعم المالي الخليجي -أي 10 مليار دولار- ضخما نسبيا قياسا بالواقع الاقتصادي للبحرين. الشواهد والأدلة على ذلك كثيرة حيث لا يزيد حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين عن 26 مليار دولار استنادا لمبدأ الأسعار الجارية، وأقل من ذلك عند احتساب الأرقام ضمن مفهوم الأسعار الثابتة، أي بعد إبعاد هامش ارتفاع أسعار النفط. كما تقل قيمة النفقات المخصصة للسنة المالية 2012 عن 9 مليار دولار تذهب غالبيتها للنفقات الجارية مثل الرواتب بدل المشاريع التنموية.

كما من شأن النفقات المرتبطة بالدعم المالي الخليجي المساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي في البحرين، وهي مسألة ذات أهمية بالنظر للنتائج غير المرضية للعام 2011. فحسب مجلس التنمية الاقتصادية وهي الجهة المخولة برسم السياسيات الاقتصادية فقد تم تسجيل نمو فعلي أي بعد تحييد عامل التضخم قدره 2.2 في المائة فقط في 2011. بالمقارنة وحسب المصدر نفسه تم تحقيق نمو اقتصادي قدره 4 في المائة في 2010. في المقابل قدر صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.8 في المائة في 2011 وبالتالي أقل من التقديرات الرسمية. وحسب الصندوق حقق الاقتصاد البحريني نموا قدره 4.1 في المائة في 2010 (الرجاء ملاحظة بحث آخر حول تراجع الأهمية النسبية لمجلس التنمية الاقتصادية في أعقاب الحراك الديمقراطي في البلاد).

كما من شأن المنحة المالية الكويتية وضع حد لتنامي ظاهرة المديونية العامة والتي تقدر بنحو 11.6 مليار دولار أي 44 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي (الرجاء ملاحظة بحث آخر حول المديونية العامة).

عموما يتوقع أن يساهم المبلغ الدعم المالي الخليجي في تعزيز النشاط الاقتصادي بشكل عام، عبر ما يعرف بمتغير (مضاعف الدخل) حيث يتحول كل دينار إلى أكثر من دينار في الاقتصاد عن طريق تبادل الأيدي. كما سوف يستفيد القطاع الخاص من الدعم الخليجي بناء على مبدأ (الخير يعم). والمقصود هنا عبارة عن تحول عمليات شراء لمختلف أنواع المنتجات والخدمات عند إنشاء مدارس ومراكز وتطوير طرق. كما من شأنه تعزيز إنتاج الكهرباء ضمان وصول الخدمة لمن يحتاجها وخصوصا بالنسبة لقطاعي الصناعة والتجارة.

مهما يكن من أمر يشكل إقرار الكويت بتقديم مبلغ مالي ضخم نسبيا للبحرين في إطار ما يعرف بمشروع (المارشال الخليجي) نقلة نوعية في عملية التكامل الاقتصادي في المنظومة الخليجية حيث تقوم البلدان الغنية بمساعدة تلك الفقيرة نسبيا. حقيقة القول يعتبر الاقتصاد السعودي الأكبر من نوعه على مستوى العالم العربي. كما يعد دخل الفرد في قطر الأعلى من نوعه على الإطلاق دونما منافس يذكر.

بيد أنه في الوقت الذي لا بد من الترحيب بالدعم المالي الخليجي لا بد من التأكيد على مسألة جوهرية وهي أن لا يكون الدعم بديلا عن حل المعضلات السياسية التي تواجه البحرين حيث ليس بالمقدور الخلط بين الأمرين.


توقيع : nad-ali



من مواضيع : nad-ali 0 تصاميم لشهر محرم الحرام
0 تصميم شهادة الامام الباقر عليه السلام
0 تصميم لمولد الامام الرضا عليه السلام
0 تصميم لذكرى استشهاد الامام جعفر الصادق عليه السلام
0 تصاميم لشهادة امير المؤمنين علي ع

الصورة الرمزية nad-ali
nad-ali
شيعي حسيني
رقم العضوية : 72513
الإنتساب : May 2012
المشاركات : 7,601
بمعدل : 1.67 يوميا

nad-ali غير متصل

 عرض البوم صور nad-ali

  مشاركة رقم : 58  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-02-2013 الساعة : 09:50 PM


طهران تنعى «المشروع القطري»: الرياض تغيّر الاتجاه... وواشنطن تلهث للتفاوض

إيلي شلهوب ..



اعتاد صديق القول إن الفرق بين العقل الإيراني وباقي العقول كالفرق بين نظامي تشغيل ماكينتوش وويندوز. الرموز مختلفة، كذلك آليات القراءة، وبالطبع النتائج. فرق لا يمكن أن يتلمسه إلا متابع دقيق لمقاربة المسؤولين الإيرانيين لما يجري في الداخل والخارج. مقاربة، برهنت بعد 34 عاماً على الثورة، أنها فعّالة. فهل تصيب هذه المرة أيضاً؟




تتسارع التطورات في المنطقة في أكثر من اتجاه. جو بايدن يعرض مفاوضات مباشرة على طهران. معاذ الخطيب يستعد لزيارتها. تعيين مقرن بن عبد العزيز نائباً ثانياً لرئيس الوزراء في السعودية. حزب النور السلفي في مصر ينقلب على الإخوان، في خطوة تؤدي إلى تصدعه، ولا يوقف تمرده هذا... وكل ذلك في خضمّ الغارة الإسرائيلية على سوريا، وقبل أسابيع من اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في آذار المقبل.


حراك يبدو للوهلة الأولى متعدد المسارات ولا رابط بينها. لكنها في عيون المعنيين في طهران تأتي في سياق واحدة جامع لا يمكن فهم أيّ مما يجري في المنطقة من دونه. مصادر قريبة من أروقة صناعة القرار في إيران تختصره بجملة واحدة: هزيمة المشروع القطري في المنطقة التي تتجه نحو تسوية في قمة الكبار.


مشروع قطري في المنطقة؟ يأتي الجواب بسيطاً ومختصراً: المقصود محاولة قطر بناء دائرة نفوذ للإخوان المسلمين تمتد من تركيا إلى المغرب في مقابل المشروع الإيراني. هزيمة لعل أبرز الدلائل حولها، على ما تصفه المصادر، بأنه «تراجع أميركي سعودي منظم»، من مؤشراته دعوة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لطهران إلى مفاوضات مباشرة، والصدام السعودي القطري في أكثر من محور. «ألم تلاحظ أن كل النقد يتوجه منذ مدة إلى تركيا وقطر، ويجري تحييد السعودية».

«واشنطن ومعها تل أبيب والرياض تريد أن تنسحب من الجبهة الداعمة للإخوان المسلمين».

الحديث هنا يجري عن أكثر من ملف. في سوريا، قناة تفاوض سعودية سورية عبر الأردن. تقارب انعكس ميدانياً في توجه لواء التوحيد المدعوم من السعودية، الذي يحاصر غالبية القرى الشيعية والمسيحية في الشمال السوري، إلى قريتي نبّل والزهراء الشيعيتين موزعاً السلاح والأموال تحت عنوان: ما عدنا نريد أن نقاتل الشيعة، بل جبهة النصرة (المدعومة من قطر). هذا ما تؤكده مصادر سورية وثيقة الاطلاع كشفت أيضاً عن أن «صفقة إطلاق الرهائن الإيرانيين في سوريا، تضمنت إطلاق معتقلين سعوديين من السجون السورية جاء الأمير السعودي عبد العزيز بن عبد الله إلى دمشق وأخذهم بنفسه». ولا يمكن نسيان عودة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل إلى اللجنة الرباعية المعنية بالأزمة السورية بعد مقاطعة طويلة.


في مصر، السلفيون، وفي مقدمتهم حزب النور السلفي (المدعوم من السعودية)، يحيدون أنفسهم عن «الإخوان» (المدعومين من قطر) في خطوة أدت إلى تصدعات في صفوفهم. «وحدها جماعة حازم أبو اسماعيل بقيت متحالفة مع الإخوان. قيادات حزب النور أخذت مسافة، في مقدمهم منظر السلفيين في مصر (الداعية) محمد حسان الذي بدا أكثر قرباً من جبهة الإنقاذ». ويفسر البعض ما يجري لمحمد مرسي بأنه تعبير عن توجه أميركي مدعوم من حلفاء واشنطن في المنطقة بإضعاف مصر، عبر ترك رئيسها منهمكاً بالشؤون الداخلية من دون أن تكون له القدرة على التفكير في الخارج، وخاصة إسرائيل.


لكن المؤشر الأبرز، في عيون المعنيين في طهران، كان تعيين مقرن بن عبد العزيز في منصبه الجديد، لافتين إلى أن هذا الأخير هو «منظّر التقارب السعودي ـــ السوري، الذي ترجم في إحدى المراحل في معادلة سين ــ سين». بنظر هؤلاء، «أعطت القيادة السعودية بندر بن سلطان الفرصة»، عبر تكليفه قيادة جهاز الاستخبارات. «جربناك ولم تفعل شيئاً»، الجملة التي يقدر الإيرانيون أن تكون قد هُمس بها في أذن بندر. يستعيدون عبارة نقلها لهم مسؤول خليجي رفيع المستوى: «الأميركيون ضاقوا ذرعاً بـ(رجب طيب) أردوغان»، في إشارة إلى رئيس وزراء تركيا. وبناءً عليه، يرى هؤلاء أن السعودية بدأت تأخذ زمام المبادرة شيئاً فشيئاً من أيدي قطر.

ننتقل الآن إلى عرض بايدن. يضحك محدثوك عندما تسأل عما يجري. يكشفون عن أن إيران تلقت على مدى الأشهر الماضية أكثر من عرض أميركي، عبر وسطاء بينهم أوستراليا وإيطاليا وألمانيا. المشترك بين كل هذه العروض كان النووي: قبول طهران بوقف التخصيب بنسبة 20 في المئة، في مقابل اعتراف دولي بها دولة نووية. الاختلاف بين الرسائل كان يتعلق بتقسيم دوائر النفوذ في المنطقة: كلها تعطي إيران حقها في ممارسة نفوذها على الخليج كله. لكن مرة يعرض أن تسحب إيران يدها من الملف السوري في مقابل أن تصبح جزءاً من الحل، ومرة تُشترَط أمور يفهم منها وقف طهران تمددها باتجاه البحر الأحمر ومصر وباتجاه المتوسط. وإن شملت كلها تأكيدات لـ«مفاوضات مفتوحة إلى حين التوصل إلى اتفاق».
في مقابل هذه العروض، يجزم المعنيون بأن «الوقت ليس وقت تفاوض. لن يحصل شيء قبل تحصين عرين الأسد»، في إشارة إلى الرئيس السوري. بدا ذلك من خلال رد علي أكبر صالحي: ندرس الاقتراح.

الموكلون الملف السوري في طهران يكشفون عن أن الرئيس الأسد «فوض إلى طهران خطياً التفاوض نيابة عن دمشق مع من تريد في سبيل إيجاد حل في سوريا»، مشيرين إلى أن «كل أطياف القوس المعارض السوري، من سلمي ومسلح، إلى معاذ الخطيب، كلهم اتصلوا بنا. أدركوا أن اتفاق بوتين أوباما على حلول تفاوضية أصبح من المسلمات. لا يريدون أن يقضوا بين الأرجل». ويضيفون: «نعدّ لطاولة مفاوضات نفضلها في دمشق. لكن المعارضة السورية تريدها في الخارج».


معلومة تفتح الباب أمام سؤالين: ماذا يفعل سعيد جليلي في دمشق؟ «يضع الأسد بصورة المباحثات الدولية والعروض الغربية للتفاوض. وفي الوقت نفسه، يضع خبرات إيران وقدراتها في تصرف دمشق إن كان القرار الرد على الغارة الإسرائيلية». ولماذا يضع الأسد كل أوراقه بيد طهران؟ «لأنه يثق بالإيرانيين أكثر مما يثق بالروس. روسيا تقاتل من أجل أمنها القومي. تقاتل في دمشق لحماية أسوار موسكو. قتالها دفاعي. أما إيران، فهي تقاتل من أجل القدس. عقيدتها العسكرية تختصر بمقولة أنه بقتالها على أبواب تل أبيب تكون تدافع عن جميع العواصم العربية والإسلامية. قتالها تقدمي».


وماذا عن الغارة الإسرائيلية؟ وعن الرد المزعوم؟ ضحكة. «لنتفق أولاً على أن ما فعله الإسرائيلي أشبه بلعب كلمات متقاطعة في المرحلة الانتقالية الأميركية في المنطقة. غارة ضربت هدفاً ساقطاً عسكرياً. لم يكن أمامه هدف متاح. موقع أخلي منذ أشهر. وثانياً، أنها أظهرت للعالم كله أن كل ما كنا نقوله منذ عامين صحيح. أن الإسرائيلي هو المدير الحقيقي للعمليات في سوريا والباقي أدوات. لا ثورة ولا ربيع ولا من يحزنون. وثالثاً، أن (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو، بضربته تلك، يكون قد حرر واشنطن من ضغوطه لتصعيد المعركة، تحت عنوان أن الغارة لم تحقق شيئاً، وفي الوقت نفسه أرضى شهيته للحرب». حسناً، لكن أين الرد؟ «لننتهِ أولاً من التوظيف السياسي للغارة. الأتراك سقطت لهم طائرة ولم يردوا. لا يعني أنهم سكتوا. وظفوا الضربة في مكان آخر. إيران قتل لها علماء وحصل داخلها عمليات تفجيرات، ولم تعلن الحرب. الأمور ليست دائماً أسود أو أبيض». للفائدة، «سقطت طالبان في أفغانستان، وصدام حسين في العراق، من دون طلقة واحدة». ألن يفسر عدم الرد ضعفاً؟ «أولاً، لم يقل أحد إنه لن يكون هناك رد. ثانياً، الإسرائيلي أكثر ذكاءً ليعتقد بضعف. هو يعلم أن قواعد الاشتباك معه في مكان آخر، وطبيعتها مختلفة عن ألعاب الصغار التي يلعبها».





http://www.al-akhbar.com/node/176839



توقيع : nad-ali



من مواضيع : nad-ali 0 تصاميم لشهر محرم الحرام
0 تصميم شهادة الامام الباقر عليه السلام
0 تصميم لمولد الامام الرضا عليه السلام
0 تصميم لذكرى استشهاد الامام جعفر الصادق عليه السلام
0 تصاميم لشهادة امير المؤمنين علي ع

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 59  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي ايران تحتفل بذكرى ثورتها وعينها على الخارج
قديم بتاريخ : 06-02-2013 الساعة : 03:49 PM


ايران تحتفل بذكرى ثورتها وعينها على الخارج
د. سعيد الشهابي

الانجاز السياسي لهثمنه الاقتصادي الباهظ في الدول الناهضة، هذه واحدة من حقائق الثورة الاسلاميةالايرانية التي يحتفل قادتها وشعبها هذه الايام بمرور 34 عاما على انتصارها. وليسمن الصعب ادراك حقيقة اخرى ذات صلة، مفادها ان من جذور الاختلاف بين الفرقاءالايرانيين (وآخر تجلياته ما جرى مؤخرا من تبادل الاتهامات بين الرئيس احمدي نجاد،ورئيس مجلس الشورى الاسلامي، علي لاريجاني) الموقف ازاء طرفي هذه المعادلة.

فأيهما الاهم: الانجاز السياسي على الصعيد الدولي الذي يجعل الدولة مهابة، ام الرفاه الاقتصادي مع غياب الاستقلال والمكانة السياسية؟

زعماء ثورة ايران التي اطلقهاالامام الخميني واسقطت اكبر عروش الاستبداد والتبعية للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة، يرون في استقلال ايران وانفصالها من التبعية للغرب اهمية استراتيجية مرتبطة بهوية الثورة التي تنتمي لعقيدة وايديولوجية متباينتين مع الاسس التي يقوم عليها النظام السياسي العالمي الذي تمخض بعد الحرب الثانية. ولتحقيق ذلك، وفق رؤية هذا الفريق الذي يقود الثورة ويمسك بمفاصل الدولة، تقتضي الضرورة تحمل تبعات تلك الاستراتيجية ومن بينها الصعوبات الاقتصادية والحصار والمقاطعة. بينما يذهب معارضو تلك السياسة الى ان على ايران انتهاج سياسات اخرى مختلفة تساهم في تبريد البؤرالساخنة كالملف النووي ومشروع الاسلام السياسي وتغيير الموقف ازاء 'اسرائيل' ودعم المقاومة الاسلامية ضدها، والتوقف عن تطوير المشاريع التصنيعية التي انتجت الصواريخ ودفعت ايران لغزو الفضاء. بين هذين المذهبين، يتواصل التوتر الظاهر احيانا والخفي اغلب الاحيان. وقد تحول ذلك الى ما يشبه القطيعة بين التيارين اللذين خاضا حروبا اعلامية وسياسية ضد بعضهما. ومع شيخوخة رموز التيارين، استطاع تيار ولاية الفقيه تهميش مناوئيه، معتمدا على اجهزة سياسية وامنية ودينية. وبرغم ذلك يتواصل السجال السياسي على اشده، خصوصا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية بعد بضعة شهور.

من يزورايران هذه الايام يرى بلدا متحركا على صعدان شتى. وفي اجواء ذكرى الثورة يسعى قادتها لاعادة اجوائها للحياة العامة، املا في ربط الجيل الحالي بتلك الثورة وزعاماتها خصوصا قائدها الامام الخميني. ولكنهم يواجهون تحديات تتصاعد تدريجيا خصوصا مع الاصرار الغربي على استهداف الجمهورية الاسلامية على كافة الصعدان،واستمرار الاختلافات بين الاجنحة المتنافسة للوصول الى السلطة وتحديد وجهة الثورة. وتزامنت الاحتفالات هذا العام مع ذكرى مولد النبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام، فنظمت ايران مؤتمرا عالميا حول الوحدة الاسلامية والتقريب بين المذاهب، حضره المئات من الرموز الدينية من كافة اقطار العالم. الرسالة كانت واضحة: ان محاولات تفتيت الامة وفق خطوط التباين العرقي والمذهبي امر مرفوض يجب مواجهته من قبل علماء الامة ومفكريها، وان نهضة امة العرب والمسلمين لن تتحقق الا بالوحدة والتفاهم والتحاوروتقارب وجهات النظر، وليس بالاحتراب والاستهداف. ايران تعلم، من خلال التجربة والممارسة، ان مشاريع التغيير في العالمين العربي والاسلامي مستهدفة، وان ذلك الاستهداف بدأ عندما قامت ثورة ايران واستطاعت تعبئة الجماهير ضد نظام الشاه الذي سقط في مثل هذه الايام قبل 34 عاما.

وتعرف الجمهورية الاسلامية ايضا ان قوى الثورة المضادة استطاعت آنذاك اقامة جدران عازلة بين النظام السياسي الاسلامي في ايرانوالشعوب العربية، واطلقت اتهامات طالما كررها السياسيون ووسائل الاعلام الغربي، بانايران تعتزم 'تصدير الثورة' وانها تروج لـ 'الاسلام السياسي'. او 'الخمينية'. بهذه التهم تم التعامل معها بقدر كبير من الحذر والشك، فشنت ضدها الحرب، وفرض عليهاالحصار، واستهدفت اعلاميا بحرب بلا هوادة. والحقيقة ان مشروع التغيير الثوري تأجل كثيرا، ولكنه لم يتوقف تماما، فخلال الثمانينات والتسعينات انتعشت الحركات الاسلامية واصبح ما يسمى 'الاسلام السياسي' ظاهرة اوصلت العديد من الحركات الىالحكم او مواقع متقدمة في الحراكات السياسية في بلدانها. وبعد ثلاثين عاما انتهت حقبة العمل السياسي كوسيلة للوصول الى الحكم، بعد ان اتضح ان التغيير من داخل تلك الانظمة اصبح سرابا لا يمتلك القدرة على التحول الى واقع. وجاءت ثورات الربيع العربي لتدفع بالمشروع التغييري الى الامام. ولكن الامر تكرر مجددا، فاستهدفت الثورات بقسوة، تارة بالقوة العسكرية، واخرى بالقمع الامني، وثالثة بخداع الجماهير بان القوى التي طالما عرفت بدورها ضد حرية الشعوب اصبحت تدعم الثورات. ايران من جانبها حققت انتصارا معنويا كبيرا واعتبرت تلك الثورات امتدادا لثورتها، وتحدثمسؤولوها ووسائل اعلامها عن 'صحوة اسلامية' انطلقت في اجواء التغيير التي صاحبت ثورتها في 1979.

هموم ايران اليوم تختلف عما عانت منه خلال الحرب العراقية الايرانية وما بعدها. وثمة دوائر اربع تقلق الجمهورية الاسلامية وتضغط على مسؤوليها. اولها الانتخابات الرئاسية المقبلة في غضون شهور ثلاثة. فبرغم انتظام تلك الانتخابات التي تجرى كل اربع سنوات، تخشى طهران من تكرر ماجرى في الانتخابات السابقة التي اعادت احمدي نجاد الى الحكم واعقبت ذلك موجة من الاضطرابات والاحتجاجات من المجموعات التي تعتبر نفسها اصلاحية. وتخشى ان تتكرر تلك الاضطرابات مجددا خصوصا مع توسع الفجوة بين تياري المحافظين والاصلاحيين. ووفقا للمعلومات المتوفرة فقد اتخدت السلطات اجراءات جديدة لمنع الاضطرابات، مستفيدة منتجربتها السابقة، ومن انقسام تلك المجموعات التي استطاعت اختراقها وتحييد بعض عناصرها.

واظهر النظام قدراته الامنية والعسكرية من خلال حوادث عدة اثبتت بها فاعلية قدراتها في هذين المجالين. ففي فبراير 2010 تمكنت اجهزة الاستخبارات والامن الايرانية من القبض على عبد الملك ريغي المسؤول عن عدد من التفجيرات في ايرانوأهمها قتل حوالي 15 من قيادات الحرس الثوري في مدينة زاهدان وذلك في فبراير 2007. واعتبرت تلك الحادثة من اكثر العمليات تعقيدا اذ استطاعت السلطات متابعة ريغي الذي كان يتنقل بين باكستان ودبي، وعندما استقل طائرة لتنقله الى احدى البلدان الأسيوية استطاعت السلطات الايرانية انزال طائرته بأحد مطاراتها، ومن ثم محاكمته واعدامه. وتمكنت لاحقا من اعتقال اعضاء مجموعته ومحاكمتهم بالسجن او الاعدام. وعلى الجانب الآخر وجهت ايران ضربة قوية للولايات المتحدة عندما تمكنت من انزال ثلاث طائرات امريكية تطير بدون طيار، الاولى من نوع 'شبح' والأخريان من نوع 'درون'. وهذا النوع من الطائرات اصبح السلاح الاول في الاستراتيجية الامريكية الجديدة لمواصلة ما تسميه 'الحرب ضد الارهاب' بديلا للتدخل العسكري المباشر. وقد اندهش الامريكيون من قدرةالايرانيين على الاستيلاء على اهم سلاح في هذه الحرب بدون جهد يذكر، وانزال الطائرات بدون تحطم. هذه التطورات جعلت ايران في عيون مناوئيها دولة قوية قادرة على الدفاع عن نفسها امام التحديات.

ولكن يبقى الملف النووي واحدا من اكثر القضايا ضغطا على ايران وعلى الدول الغربية التي تتحداها ازاء هذا المشروع وتسعى لمنعها من امتلاك دورة تصنيع نووية كاملة. وسيظل هذا التوتر في العلاقات والتشكيك في النوايا مستمرا. الايرانيون يعلمون ان الضغط انما هو بسبب السياسة الايرانية تجاه الكيان الاسرائيلي ورفض طهران الاعتراف بالكيان الاسرائيلي. والواضح ان ايران نجحت في استمالة كل من روسيا والصين الى جانبها في العديد من القضايا الجوهرية خصوصا الملف النووي والقضية السورية.

وتسعى الجمهورية الاسلامية للتقارب مع مصر الثورة، ولذلك اقترح الايرانيون ان تعقد المفاوضات المقبلة بين ايران ودول 5+ 1 في مصر في اشارةالى تحسن العلاقات بين البلدين. كما انه اشارة للغربيين بان لايران امتدادات عربية واسلامية اكبر مما يتصورونه. واذا صدق تقرير صحيفة 'التايمز' البريطانية الشهرالماضي بان الحاج قاسم سليماني، مسؤول لواء 'القدس' بالحرس الثوري قد زار مصر في ديسمبر وتباحث مع جماعة الاخوان المسلمين بشأن تأسيس ذراع امني لها، فان التعاون بين النظامين قد قطع خطوات كبيرة الى الامام.

ايران تصر على مواصلة التخصيب وفق نصوص معاهدة منع انتشار السلاح النووي، الامر الذي دفع جو بايدن، نائب الرئيس الامريكي لاطلاق تصريحات مثيرة ضد ايران خلال لقائه الاسبوع الماضي مع المستشارة الالمانية، انجيلا ميركيل، مهددا بان دور الدبلوماسية لن يستمرالى الابد. ولكنه فياليوم التالي عاد ومد غصن الزيتون باتجاه طهران، آملا ان يؤدي ذلك الى حوار جاد بين البلدين. هذه التصريحات تعكس التوتر الامريكي الناجم في بعض جوانبه من الشعور بعدم جدوى الحصار الاقتصادي في التأثير على الموقف الايراني ازاء تخصيب اليورانيوم. هذالا يعني عدم وجود نتائج سلبية لتلك المقاطعة. فمنذ ان بدأت بشكل جاد واستهدفت المؤسسات الاقتصادية والمصارف، تراجع مستوى العملة الايرانية بمقدار النصف، الامرالذي ادى الى ارتفاع باهظ في الاسعار. وبلغ الامر ان اصبحت ايران غير قادرة على استيراد الدواء. وعندما كشفت وزيرة التعليم السابقة، عدم وجود ادوية كافية لدى الحكومة اضطرت للاستقالة من منصبها، نظرا لحساسية القضية واصرار الايرانيين على التظاهر بعدم فاعلية ذلك الحصار. ومن يتحدث للاطباء الايرانيين يسمع منهم قصصا مأساوية حول وفاة اطفال ورجال مرضى نتيجة عدم توفر الدواء المناسب. صحيح انالحصارلا يشمل الدواء، ولكن الشركات الغربية ترفض التعامل التجاري مع ايران خشية من قيام حكوماتها بمعاقبتها. ومن نتائج هذا الحصار ارتفاع الاسعار بمعدلات متسارعةوتراجع النمو الاقتصادي نتيجة عدم القدرة على الاستيراد.

وثمة قلق في اوساط الحكم الايراني من احتمال تأثير الغلاء المعيشي على مجريات الانتخابات الرئاسية المقبلة، وما قد ينجم عن ذلك من تحديات امنية للنظام المركزي. فالتراجع الاقتصادي ينعكس عادة بشكل سلبي على الثورات الحديثة العهد، ويحاصر الانظمة، ويصرف انظارالناس عن قضاياهم المعيشية الخاصة. فبعد ان تمكنت القيادة الايرانية من احتواءالموقف في سوريا، أصبحت اكثر اصرارا على استقلال قرارها وعدم الرضوخ للضغوط الامريكية. لقد كان للسياسة الايرانية دورها في منع سقوط بشار الاسد، الامر الذي لايخلو من دلالات استراتيجية. فكأن طهران تقول: نحن لا نتخلى عن اصدقائنا عند الشدة. بينما تخلى الامريكيون عن انظمة طالما تحالفوا ودافعوا عنها. وهكذا فبعد ثلث قرن اصبحت الجمهورية الاسلامية قادرةعلى التأثير على مسار دول المنطقة، بل تحديده في بعض الاحيان.

ايران اليوم تختلف عما كانت عليه سابقا. فقد اصبحت اكثر اطمئنان المشروع 'الاسلام السياسي' الذي قامت ثورتها من اجله، وأقدر على مواجهة التحديات الخارجية، وأوسع تأثيرا على مسارات السياسة في منطقة مضطربة على كافة الصعدان. انهاتسعى لبلورة مشروع استقلال سياسي وثقافي يشمل بقية الدول العربية والاسلامية، خصوصا بعد ثورات الربيع العربي التي تتحدى، في جوهرها وهويتها، النفوذ الغربي في المنطقة وتقاوم الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين. ومع ان ايران، كغيرها من الدول التي ترفع شعار الديمقراطية، تسعى للموازنة بين المبادىء والمصالح، فان تجربة العقود الثلاثة الماضية تؤكد ان الجمهورية الاسلامية استطاعت تحقيق توازن دقيق بينهما، واصبحت دولة ذات نفوذ يتسع تدريجيا. انها اكثر دولة تفاعلت مع ثورة مصر بشكل ايجابي، وانحازت بشكل مبدئي الى جانب الثوار، كما ان مواقفها ازاء ثورات تونس وليبيا واليمن والبحرين. وموقفها من سوريا ينطلق من حرصها على قطع ايدي القوى التي تسعى باستمرارلاستهداف قوى التحرر وانظمة الاستقلال. انها تسعى لتفعيل مبادرة عربية او اسلامية تهدف لانقاذ سوريا من اوضاعها الحالية والوصول بها الى بر آمن، بعيدا عن العنف والارهاب والاستبداد.

ومن هنا تشعر القيادة الايرانية انها اكثر حضورا في الميدان الاقليمي مما كانت عليه طوال الثلاثين عاما الماضية. وقد حققت مكاسب كثيرة للمشروع الاسلامي، بالاضافة لما اقامته من علاقات مع دول العالم بدون انقطاع. انها تشعرانها في وضع صعب، ولكن المهمة ليست مستحيلة في ظل منظومة سياسية فاعلة تأسست علىقواعد الاستقلال وانهاء التبعية. بين الامل والقلق تواصل ثورة ايران طريقها الوعرآملة ان تحتوي التهديدات الغربية والسياسات المعادية للمشروع السياسي الاسلامي. مع ذلك ستبقى التحديات الداخلية واحدة من التحديات الكبرى التي تواجهها دولة الثورة،كما اظهرت حادثة مجلس الشورى قبل يومين. مرشد الثورة، آية الله السيد علي خامنئي،يقود سفينة ايران وسط محيط لجي، ولكي يحميها من الغرق او الضياع، فانه سيجد نفسها امام تحديات الداخل والخارج على حد السواء. انها فترة عصيبة في تاريخ الثورة، والعالم ينتظر ما ستتمخض عنه التطورات الداخلية الايرانية، المرتبطة هي الاخرى بالتدافع الاقليمي في 'ربيع الثورات' والتهديدات الدولية المنبعثة من الكيانالاسرائيلي وداعميه في الغرب.

' كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن


توقيع : kumait


يحتاج الإنسان إلى سنتين ليتعلم الكلام وخمسين ليتعلم الصمت
إرنست همنغواي
من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»

الصورة الرمزية nad-ali
nad-ali
شيعي حسيني
رقم العضوية : 72513
الإنتساب : May 2012
المشاركات : 7,601
بمعدل : 1.67 يوميا

nad-ali غير متصل

 عرض البوم صور nad-ali

  مشاركة رقم : 60  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 11-02-2013 الساعة : 08:51 PM




هندسة العالم الجديد بعيون ايرانية!


محمد صادق الحسيني

لا مفاوضات لا صلح لا استسلام وكل من يريد ذلك مع واشنطن اما ساذج او مغرض وكلاهما في الجوهر واحد لا سيما في وقت تهافت الامبراطوريين وافتضاح خداعهم!
وايران لن تكون ورقة امريكا الرابحة في معادلة المفاوضات تحت الضغط واستمرار العقوبات مهما كانت العروض مغرية!
هذا هو تقدير الموقف لدى الناس والقيادة في طهران الثورة والاسلام وكل من اتقن فن التفاوض وديبلوماسية حياكة السجاد ولكل من له قلب بصيراوالقى السمع وهو شهيد !
هكذا تبدو ايران في عيدها الرابع والثلاثين للثورة وهي تشد الرحال مرة الى المناورات ومرة الى المفاوضات وفي كل الاحوال قاطعة الاف الاميال طولا وعرضا مرة على اليابسة واخرى في البحار وثالثة الى الفضاء وعزمها الراسخ دوما يشير ان لا تراجع الى الوراء!
يحدثك اهلها دوما باجيالهم الاربعة عن سر استودعه الله في هذا الكون لم يتغير منذ عهد ادم من ادركه وعمل به ربح وفاز فوزا عظيما ومن جحده خسر خسرانا مبينا!
اربعة وثلاثون عاما بالتمام والكمال مضت والشعب الايراني العظيم صامد شامخ مرفوع الهامة وعالي الجبين كجبل دماوند العظيم رغم تزاحم عوادي الدهر عليه كما لم تتزاحم على امة من قبل!
برمح انطلق من قوسه في القرن السابع الميلادي ليستقر في قلب كلب حراسة اكبر امبراطورية في القرن العشرين اي ملك ملوك ايران الشاه ابتدأت حكاية هذه الثورة الفريدة من نوعها بامتياز!
رجل ثمانيني جلس على سجادة صلاته لا يملك من سلاح العصر وقتها الا الدعاء وارادة الانحياز للفقراء والمستضعفين وقول الحق في وجه سلطان جائر تمكن بقدرة قادر قدير من تفكيك عرش الطاووس وتقطيع اوصال امبراطوريته المادية العظمى ليهلكه ويستبدل به قوما اخرين!
جنوده الذين نصروه وظلوا مصممين على الا يخذلوه ما هم الا فتية امنوا بربهم وقالوا ربنا الله ثم استقاموا وعقدوا العزم على مبايعة الولي الفقيه في البأساء والضراء وبذل الغالي والنفيس من اجل اقامة سلطة العدل فدانت لهم الدنيا كما لم تدن لاحد من قبل!
لم تكن ايران قبل هذا التحول الكبير شيئا مذكورا ولم يكن لها موقع لا في سجل دول الرفاهية ولا رتب العلوم ولا سلم الاقوياء النافذين ولا في جغرافية المدنية او العسكر ولا في دنيا المبتكرين او المبدعين!
وحده منطق النور مقابل منطق النار منطق الاعتراف بالربوبية لله مقابل العبودية للمستكبرين وحده منطق ان تكون مظلوما خير من ان تكون ظالما هو من جعل الدم ينتصر على السيف ولو بعد حين!
انها معادلة التوازن السلبي تجاه القوى العظمى ' انها المعادلة المعجزة التي جعلت ذلك الشيخ العجوز ينتصر على جبروت الطاغوت المدعوم من القوتين العظميين انذاك اي الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سابقا ما جعلته يرفع شعار العصر الذي لم يعرف الهزيمة لا في النظرية ولا في التطبيق شعار لا شرقية ولا غربية جمهورية اسلامية!
اليوم ورغم مرور السنين وتغير الحال والاحوال تستمر التجربة هي هي وتخط مسارها المتجدد على يد خليفته المجدد وهو يواجه المتغيرات بكل حيوية واقتدار متحديا الكبار في زمن تكالب الاغيار!
انه القائد الكبير السيد علي الخامنئي الخليفة المنتخب والامام المنتسب وصاحب القدرة على مقارعة عتاة الحروب بالسيف والقلم وهو القائل بان امر عملياتنا اليوم هو ان واجهوا التهديد بالتهديد والعين بالعين والسن بالسن والبادي اظلم !
انه هو من امر رجاله وطالبهم بالرد بكل ما اوتوا من قوة في البر والبحر والفضاء وان لا تفاوض مع من يحمل السكين على رقابهم او يملي عليهم التفاوض والحوار المباشر الا بعد ان يضع السلاح جانبا ويذعن بمعادلة التكافؤ وعندها لكل حادث حديث!
انه هو صاحب القرار القائل بان ما يواجه ايران اليوم انما هو حرب ارادات وصراع مقولات ومعتقدات وانه من صبر ظفر ومن تعجل خسر وان ' مداراة العدو ' في الديبلوماسية والحوار ليس ضعفا والمروءة مع الصديق لا تعني بالضرورة اشعال حرب في غير موعدها!
وكما في ايران فهي الحال ايضا في تونس ومصر واليمن والبحرين وسوريا فان من سيبقى وينتصر هو الشعب ومن سيخرج ملطخا بالعار فهو من تسول له نفسه ان باستطاعته سرقة ثورات الشعوب!
هكذا تعتقد ايران القيادة وهكذا يعتقد جمهور الناس في ايران وهم متأكدون بان ما هو طاف على السطح ليس سوى زبد وما سيمكث في الارض هو الذي سيغير مجرى التاريخ وهو في الاعماق كامن وهو من سيفاجئ عتاة الفتنة والحروب في اللحظة المناسبة وما ذلك على الله بعزيز!
انه الصبر الاستراتيجي الذي سيجني ثماره يوم تعد الفراخ في اخر الخريف كما يقول المثل الايراني الشهير!
ايران اليوم شوكة في حلق معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية وهي تنازعهم الدور والمقام والوزن وتصارع قوى الشر الكبرى على حافة الهاوية في منعطف هو الاخطر في تاريخ البشرية تعاد فيه اعادة صياغة هندسة العالم الجيوسياسية بامتياز!
ايران اليوم استطاعت بالصبر والتحمل والاناة وطول البال والاستقامة والمثابرة رغم العواصف ان تتحول الى الرقم الاصعب في معادلة فك رموز الاحادية الامبراطورية الامريكية ' تلك الامبراطورية التي يتوقع الكثيرون بانها ستهزم على يد هذا المارد الاسلامي في المنازلة الكبرى التي يتوقعها الكثيرون على بوابات بيت المقدس واكناف بيت المقدس!


توقيع : nad-ali



من مواضيع : nad-ali 0 تصاميم لشهر محرم الحرام
0 تصميم شهادة الامام الباقر عليه السلام
0 تصميم لمولد الامام الرضا عليه السلام
0 تصميم لذكرى استشهاد الامام جعفر الصادق عليه السلام
0 تصاميم لشهادة امير المؤمنين علي ع
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 01:17 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية