|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 76357
|
الإنتساب : Nov 2012
|
المشاركات : 62
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
حميد الغانم
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 10-12-2012 الساعة : 04:08 PM
هذا الحديث الذي تستدل به على جواز التوسل اسمع كلام العلماء :
وإليك الجواب بالتفصيل عما استُدلّ به :
1 – قول القائل :
[وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما نصه: " وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمّان عن مالك الدار قال أصاب الناس قحط (أي مجاعة) في زمن عمر (أي في خلافته) فجاء رجل (من الصحابة) إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسقِ لأمتك فإنهم قد هلكوا، (معناه اطلب من الله المطر لأمتك) ]
الجواب :
أولاً : هذا النصّ أُدْخِل فيه ما ليس منه ، لِيَخْدِم الغَرَض الذي سِيق لأجله !
ثانياً : النصّ كما هو في فتح الباري :
[ وروى بن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الداري - وكان خازن عمر - قال : أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله اسْتَسْقِ لامتك فإنهم قد هلكوا . فأُتي الرجل في المنام فقيل له : ائت عمر .. الحديث . وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة ] .
فقوله في النصّ السابق [فجاء رجل (من الصحابة)] يُوهَم أنه من رواية ابن أبي شيبة التي صحَّح إسنادها الحافظ ابن حجر رحمه الله ، وليس كذلك ، بل هي من رواية سيف بن عمر ، وروايته لا يُعوّل عليها عند أهل العلم !
فلا يثبت أن الذي جاء هو رجل من الصحابة ، فلِم أُقْحِم في النصّ أن الرجل من الصحابة ؟!
ولماذا حُذِفتْ بقية كلام الحافظ ؟
ربما لأنها تُسقط الاستدلال !
كما أنه زيد في النص ما ليس منه ، وهو قوله : [إيتِ عمر فاقرئه مني السلام وأخبره أنهم يُسقون]
وهذا القدر ليس في فتح الباري .. وإن كان في رواية ابن أبي شيبة .
وهذا تُبيّنه وتُوضِّحه رواية بن أبي خيثمة – وفيها - : ائت عمر فقل له : إنكم مُسْتَسْقُون فعليك الكَّفّين . قال : فبكى عمر وقال : يا رب ما آلوا إلا ما عجزت عنه . ذَكَرها ابن حجر في كتاب " الإصابة " .
فقوله : " إنكم مُسْتَسْقُون " يُوضِّح المقصود ، وهو ما دَلَّتْ عليه رواية البخاري ، وأوصاه بالدعاء ورفع الأكَفّ .
ثم إن هذا ليس فيه مُستمسَك لأهل التوسّل الممنوع [ التوسّل بالأموات ] !
كيف ؟
الجواب :
أولاً : أنه رؤيا منام ، ورؤيا المنام ليس فيها دليل ، ولا يُعوّل عليها ولا يَجوز العمل بمقتضاها ، وإلا لزِم منه تغيير الدِّين ، والاستدراك على شريعة خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم ، كما بيّنه أوضح بيان الإمام الشاطبي في كتابه " الاعتصام " .
ثم إن الرؤى يُستبشر بها ولا يُعوّل عليها ، لقوله عليه الصلاة والسلام : لـم يَبْقَ من النبوة إلا المبشِّرات . قالوا : وما المبشِّرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة . رواه البخاري .
فهي مُبشرِّة بنصّ قوله صلى الله عليه وسلم ، أي أنه يُستبشر بها ، ولا يُعوّل عليها من ناحية العمل .
ثانياً : لو صحّ الاستدلال بها لم يكن فيها مُستمسَك ، لأن الرجل لم يَكتَفِ بإتيان قبره صلى الله عليه وسلم وسؤاله ، بل أُتِي الرّجل في المنام – أتاه آتٍ – فأرشده أن يأتي إلى عمر رضي الله عنه
ثالثاً : أصحاب هذا الْمَسْلَك والاستدلال يبترون النصوص لِيَتِمّ لهم ما أرادوا .
وإلا فلِم لم يُعرِّجوا على آخر القصة ، وأن الرجل قيل له في المنام : ائت عمر .
وأنه أتى إلى عمر رضي الله عنه ، وفَعَل عمر ما فَعَل ، وهو ما رواه البخاري عن أنس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قَحِطُوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب ، فقال : اللهم إنا كُنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بِعَمِّ نبينا فاسقنا . قال : فَيُسْقَون .
وهذا لا يُنكَر .
بل فيه دليل على من أجاز التوسّل بالأموات ، وفيه إسقاط لِشُبْهَتِه ، ودحض لِباطِله .
إذ لو كان من الْمُستَقِرّ عند الصحابة إتيان قبره صلى الله عليه وسلم والتوسّل به لما لجأ عمر رضي الله عنه ومن معه من الصحابة إلى العباس عمّ النبي صلى الله عليه وسلم .
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الأنبياء ، وأفضل من عمّه بلا ريب ، فلو كان الصحابة رضي الله عنهم يَرون جواز التوسّل بالأموات لأتوا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وسألوه السُّقيا والشفاء !
وهذا لم يَكن منهم رضي الله عنهم .
وتقديم عمر رضي الله عنه للعباس رضي الله عنه ليس من باب التوسّل بالأموات ، بل هو من باب طلب الدعاء من الحيّ الذي يُرجَى صلاحه ، وهذا لا خلاف فيه .
والعباس رضي الله عنه حيّ وهو رجل صالح بالإضافة إلى قُربه من النبي صلى الله عليه وسلم .
ولو كان يجوز التوسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم لما تَرَكَ الصحابة رضي الله عنهم سؤاله صلى الله عليه وسلم وهم أقرب الناس إليه – في المدينة – وأحب الناس إليه ، وهو أحب الناس إليهم ، ولما قدّموا العباس رضي الله عنه يَدعو لهم .
ولم يكن التوسّل بشخص العباس فحسب بل بِصلاحه ودعائه ، فقد روى عبد الرزاق في المصنّف عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر استسقى بالمصلى ، فقال للعباس : قُم فاسْتَسْقِ ، فقام العباس فقال : اللهم إن عندك سحابا وإن عندك ماء ، فانشر السحاب ، ثم أنزل فيه الماء ، ثم انزله علينا ، فاشْدُد به الأصل ، وأطَلْ به الزرع ، وأدِرّ به الضرع ... الحديث .
وكان من دعاء العباس يومئذ : اللهم إنه لا ينزل بلاء إلا بذنب ، ولا يكشف إلا بتوبة ، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك ، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ، ونواصينا إليك بالتوبة ، فاسقنا الغيث .
فَدَلّ هذا على أن التوسّل إنما كان بِدعاء العباس رضي الله عنه ، ولو كان بشخص العباس فَحَسْب لاكتفى عمر رضي الله عنه بالدعاء بشخص العباس أو بمن هو أولى منه ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفرق بين طلب الدعاء من الحيّ ، وبين طلبه من الميّت .
فالأول مسموح ، والثاني ممنوع .
|
|
|
|
|