الكتاب: مجلة الرسالة
أصدرها: أحمد حسن الزيات باشا (المتوفى: 1388هـ)
عدد الأعداد: 1025 عددا (على مدار 21 عاما)
[الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع، ورقم الجزء هو رقم العدد]
ثورة على الأخلاق
معدة قرقرت ثم استقرت
للدكتور عبد الوهاب عزام
فأما صاحبك فقد ساءتني حربه وسلمه، وهو في سلمه اشد إساءة وأعظم جناية؛ صورته لي غاضباً للأخلاق، راثياً للفضيلة، ثائراً على الناس، يقذفهم بالتهم، ويرميهم بالحمم؛ يشتط في غضبته ويغلو في ثورته، فقلت: حر غضب فأخطأ، وكريم ثار فجار، وأبيٌّ برٌّ أسخطته المذلة، وهاجه الفجور، فانطلق لا يقف عند حد. ثم صورته قنوعاً مستسلماً فقلت: وا سوأتا! أهذا المبطان جادلت، وهذا الجبان نازلت؟ لقد كان جهاداً في غير عدو. لم تكن شقشقة هدرت ثم قرت، بل معدة قرقرت ثم استقرت. وما الشقاشق إلا لفحول الجمال، وأشباههم من فحول الرجال.
ثورة على الأخلاق
شقشقة هدرت ثم قرت
أخي عزام
قرأت مقالك البليغ في عدد الرسالة السابق، وكان محمود خصمك حاضراً فكفاني ما كلفتني من إبلاغه. وهو في هذه الساعة لين الحاشية، لأنه قام منذ هنيهة عن مائدة الإفطار الغنية الشهية، ممتلئ البطن من خير الله، رطيب اللسان بحمد الله، لا يذكر أن العالم ضيق رزق، ولا أن في الناس سوء خلق. ولذلك قال حين ذكَّرته برأيه وخبَّرته برأيك ما قال الإمام علي رضي الله عنه: تلك شقشقة هدرت ثم قرت! فكانت حاله التي حالت بين الأمس واليوم دليلاً جديداً لعلماء الاجتماع الذين يردون ثورات الشعوب المختلفة إلى العوامل الاقتصادية المحض من الحرمان والجوع. والواقع الذي لا يرفعه زخرف القول أن الناس يدورون بعواطفهم وأخلاقهم حول مادة العيش، فإن أعطوا منها رضوا، وأن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون. http://sh.bib-alex.net/gwame3e/Web/31854/029.htm
الكتاب: مجلة الرسالة
أصدرها: أحمد حسن الزيات باشا (المتوفى: 1388هـ)
عدد الأعداد: 1025 عددا (على مدار 21 عاما)
[الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع، ورقم الجزء هو رقم العدد]
ثورة على الأخلاق
معدة قرقرت ثم استقرت
للدكتور عبد الوهاب عزام
فأما صاحبك فقد ساءتني حربه وسلمه، وهو في سلمه اشد إساءة وأعظم جناية؛ صورته لي غاضباً للأخلاق، راثياً للفضيلة، ثائراً على الناس، يقذفهم بالتهم، ويرميهم بالحمم؛ يشتط في غضبته ويغلو في ثورته، فقلت: حر غضب فأخطأ، وكريم ثار فجار، وأبيٌّ برٌّ أسخطته المذلة، وهاجه الفجور، فانطلق لا يقف عند حد. ثم صورته قنوعاً مستسلماً فقلت: وا سوأتا! أهذا المبطان جادلت، وهذا الجبان نازلت؟ لقد كان جهاداً في غير عدو. لم تكن شقشقة هدرت ثم قرت، بل معدة قرقرت ثم استقرت. وما الشقاشق إلا لفحول الجمال، وأشباههم من فحول الرجال.
ثورة على الأخلاق
شقشقة هدرت ثم قرت
أخي عزام
قرأت مقالك البليغ في عدد الرسالة السابق، وكان محمود خصمك حاضراً فكفاني ما كلفتني من إبلاغه. وهو في هذه الساعة لين الحاشية، لأنه قام منذ هنيهة عن مائدة الإفطار الغنية الشهية، ممتلئ البطن من خير الله، رطيب اللسان بحمد الله، لا يذكر أن العالم ضيق رزق، ولا أن في الناس سوء خلق. ولذلك قال حين ذكَّرته برأيه وخبَّرته برأيك ما قال الإمام علي رضي الله عنه: تلك شقشقة هدرت ثم قرت! فكانت حاله التي حالت بين الأمس واليوم دليلاً جديداً لعلماء الاجتماع الذين يردون ثورات الشعوب المختلفة إلى العوامل الاقتصادية المحض من الحرمان والجوع. والواقع الذي لا يرفعه زخرف القول أن الناس يدورون بعواطفهم وأخلاقهم حول مادة العيش، فإن أعطوا منها رضوا، وأن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون. http://sh.bib-alex.net/gwame3e/Web/31854/029.htm
الباحث الشافعي عبدالرحمن عبد الوهاب في مقالته في جريدة الشعب بعنوان فقه الثورة
أنقل منها موضع الشاهد :
يقول المحللون:
من البداهة ان دين اللّه يقر و يبارك كل ما فيه خير الانسان بجهة من الجهات ، بل حث دين اللّه و أمر بالجهاد و إعلان الثورة على الطغاة و المستغلين من أجل المستضعفين و المعذبين . قال عز من قائل : « و مالكم لا تقاتلون في سبيل اللّه و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان (75 النساء » . و بخ سبحانه في هذه الآية من لا يثور و يقاتل لخلاص المظلومين ، و اعتبر الثورة من أجلهم تماما كالقتال في سبيله ، بل هي هو . و قال الإمام علي:***"و اللّه لو لا ما أخذ اللّه على العلماء من الميثاق ان لا يقارّوا على كظة ظالم ، و لا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها " . و المقارة الموافقة ،و الكظة التخمة ، و السغب شدة الجوع . و مجمل ما أراده الإمام انه : لو لا عهد اللّه و ميثاقه على العلماء أن لا يسكتوا عن التفاوت الفاحش بين الناس في لقمة العيش بحيث يتخم البعض ، و يموت البعض الآخر جوعا لما جاهد ،و في خطبة ثانية : اضرب بطرفك حيث شئت من الناس ، ***فهل تبصر الا فقيرا يكابد فقرا ، أو غنيا بدّل نعمة اللّه كفرا ، أو بخيلا اتخذ البخل بحق اللّه و فرا . ***و إذا كان اللّه سبحانه قد أخذ العهد و الميثاق على رجال الدين و العلم به أن يجاهدوا لخلاص المظلومين ، و يعلنوا الثورة على من طغى و بغى..
كما اعتقد أن الإنسان الذي يحمل القرآن بين جنبيه فقد حمل كل مقومات الثورة - ولم يختلف كثير من مفكري العالم عن البعد الثوري للقرآن*** ليقول مصطفى السباعي ثورة القران ضد الظلم والفساد*** والباطل ما تزال قائمة*** ولم تنته معركتها ولن تنتهي مادام في الدنيا ظلم وفساد اهـ
أقول : واحتج أيضآ بقول الإمام علي عليه السلام هذا و اللّه لو لا ما أخذ اللّه على العلماء من الميثاق ان لا يقارّوا على كظة ظالم ، و لا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها في مقالته : إن لم يحكم هذا القرآن العالم فلنلبس طرحاً كالنساء !!