ج /أُولُوا العزم مصطلح قرآني يُطلق على أصحاب الشرائع و الكتب من الرسل الذين بعثهم الله عَزَّ و جَلَّ إلى شرق العالم و غربه ، أي إلى البشرية كافة ، بل إلى الجن أيضاً ، و هم سادة النبيين و المرسلين ، و هم خمسة :
1. النبي نوح ( عليه السَّلام ) .
2. النبي إبراهيم خليل الله ( عليه السَّلام ) .
3. النبي موسى كليم الله ( عليه السَّلام ) .
4. النبي عيسى روح الله ( عليه السَّلام ) .
5. نبينا محمد المصطفى حبيب الله ( صلى الله عليه و آله ) .
منها: ما ورد في الكافي عن سماعة ابن مهران قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام قول الله عزوجل: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف : 35] فقال: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم، قلت: كيف صاروا اولي العزم؟ قال: لان نوحا بعث بكتاب وشريعة، وكل من جاء بعد نوح أخذ بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه، حتى جاء ابراهيم عليه السلام بالصحف وبعزيمة ترك كتاب نوح لا كفرا به فكل نبي جاء بعد إبراهيم عليه السلام أخذ بشريعة إبراهيم و منهاجه وبالصحف حتى جاء موسى بالتوراة وشريعته ومنهاجه، وبعزيمة ترك الصحف وكل نبي جاء بعد موسى عليه السلام أخذ بالتوراة وشريعته ومنهاجه حتى جاء المسيح عليه السلام بالانجيل وبعزيمة ترك شريعة موسى ومنها جه فكل نبي جاء بعد المسيح أخذ بشريعته ومنهاجه، حتى جاء محمد صلى الله عليه وآله فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه فحلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، فهؤلاء اولوالعزم من الرسل عليهم السلام.
ومنها: ايضا ما ورد في الكافي ايضا عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه : 115] " قال عهدنا إليه في محمد والائمة من بعده، فترك ولم يكن له عزم أنهم هكذا وإنما سمي أولوا العزم اولي العزم لانه عهد إليهم في محمد والاوصياء من بعده والمهدي وسيرته وأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك والاقرار به.
ومنها: ما ورد في كامل الزيارة عن ابي عبد الله (عليه السلام)، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قالا: من احب ان يصافحه مائة الف نبي واربعة وعشرون الف نبي فليزر قبر ابي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) في النصف من شعبان، فان ارواح النبيين (عليهم السلام) يستأذنون الله في زيارته، فيؤذن لهم، منهم خمسة اولوا العزم من الرسل، قلنا: من هم، قال: نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم اجمعين، قلنا له: ما معنى اولي العزم، قال: بعثوا الى شرق الارض وغربها، جنها وانسها.
ومنها: ما ورد في تفسير القمي -رحمه الله- في قوله تعالى {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ } [الأحقاف : 35] قال ومعنى(اولوا العزم) انهم سبقوا الانبياء إلى الاقرار بالله والاقرار بكل نبي كان قبلهم وبعدهم وعزموا على الصبر مع التكذيب والاذى.
ومنها: لان طاعتهم عزم وحتم على جميع من سواهم (حتى لو كان من سواهم انبياء ايضا كما في اابراهيم ولوط عليهما السلام) و (موسى وهارون عليهما السلام) بخلاف غيرهم من الانبياء فان منهم من كان نبيا على نفسه ومنهم من لم تكن رسالته عامة.
ج.
منشأ إطلاق أولي العزم على خصوص هؤلاء الرسل الخمسة يتضح مما روى عن الإمام أبي الحسن الرضا في عيون الأخبار قال: (إنما سُميَّ أولوا العزم أولي العزم لأنهم كانوا أصحاب العزائم والشرايع)(1).
وفي تفسير القمي أنّ منشأ تسميتهم بأولي العزم هو أنهم سبقوا الأنبياء إلى الإقرار بالله وأقروا بكل نبيِّ كان قبلهم وبعدهم وعزموا على الصبر مع التكذيب والأذى.
وقد ذكر بعضهم أن منشأ تسميتهم بأولي العزم يلاحظ أن المراد من العزم هو الصبر ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ ولذلك كان أولوا العزم هم جميع الرسل فتكون (من) في قوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ بيان لأُولي العزم وليست تبعيضية.
وهناك قول أخر هو منشأ التسمية بأولي العزم هو أن العزم بمعنى الوفاء بالميثاق المأخوذ من الأنبياء، وهذا يناسب القول بأن أولي العزم هم جميع الرسل.
إلا أن القول الذي ينبغي اختياره هو أن منشأ الإطلاق هو ما ورد في عيون الأخبار عن الإمام الرضا (ع) وأنَّ أولي العزم هو أحد أصحاب العزائم والشرايع إذ أن ذلك هو منطبق الروايات الكثيرة والواردة عن الرسول الكريم (ص) والأئمة (ع) وأن أولي العزم هم سادة الأنبياء وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص).
فالتعبير لا يخضع للإستظهارات بعد أن تصدى الرسول (ص) والأئمة (ع) لبيان المراد منه، على أنَّ القضية الحقيقية على أن المنشأ المذكور يناسب المدلول اللغوي.