برلماني بلجيكي: البلاد أصبحت مركزاً حيوياً بتصدير المقاتلين إلى سوريا
أشار عضو البرلمان البلجيكي دونيس دوكيرم إلى ان "بلاده أصبحت مركزاً حيوياً في تصدير المقاتلين الشبان إلى سوريا للقتال هناك، وهناك مجموعات راديكالية تقوم بتجنيدهم، وهذا يمثل مشكلة كبيرة سواء بالنسبة لعائلات هؤلاء الشبان أو بالنسبة للحالة الأمنية أو على الصعيد الاجتماعي حيث يتدرب هؤلاء هناك على القتال وينضمون لجماعات متشددة ويتعلمون كيفية إستخدام أسلحة متنوعة وهذا كله يمكن أن يشكل خطراً على أمن بلجيكا بعدعودتهم". وفي تصريحات لـ"الشرق الأوسط"، أشار إلى ان "الأمر لا يقتصر على بلجيكا فحسب فهناك شبان يتم تجنيدهم وتسفيرهم إلى سوريا يحملون جنسيات أخرى من ألمانياوفرنسا وهولندا وغيرها، وعرفت الساعات القليلة الماضية إجتماعات حكومية وأمنية وبرلمانية وعلى مستويات مختلفة، كلها تعمل على منع سفر المزيد من الشبان البلجيكيين إلى سوريا للقتال هناك، بعد أن وصل عددهم حتى الآن إلى ما يقرب من 80شاباً".
يو إس إيه توداي": حتى لو لقي الأسد نحبه فهذا لن يغير الكثيرفي سوريا
نقلت صحيفة "يو إسإيه توداي" الأميركية عن خبراء قولهم أنه "حتى لو لقي الرئيس السوري بشار الأسد نحبه فإن الأمر لن يغير الكثير في سوريا"، مشيرا إلى أن "حكومة الأسد وقادة الجيش في وضع يمكنهم من الحفاظ على السلطة، في حين أن المعارضة ليس لديها زعيم بديل قادرعلى إدارة شؤون البلاد، وذلك ما يظهره جلياً استقالة أحمد معاذ الخطيب من منصبه كرئيس للائتلاف الوطني السوري". ولفتت إلى أن "النظام السوري راسخ، في حين يواصل التمرد قتاله الشرس من أجل السيطرة على أكبر جزء ممكن منالأراضي السورية وتحريرها من قبضة القوات النظامية الموالية لبشار الأسد"، مشيراإلى أن "استقالة الخطيب تلقي مزيداً من الشكوك على قدرة المعارضة على توحيد كلمتها في مجابهة الأسد، وهو مصدر قلق للمانحين الذين يرون أن تلك الانقسامات عقبة في طريق تقديم المساعدة لحركة التمرد".
الفجور العربي في تسليح القتلة في سوريا...والمفاعيل ؟
أمين حطيط
عندما سألني صديق عن موقفي من مؤتمر "جامعة النعاج العربية" الملتئمة في قطر، وعما اذا كنت بصدد كتابة شيئ في الموضوع، كان جوابي ان من ظلم النفس ان يصرف المرء فكرا او جهدا في غير محله خاصة وان العرب منذان وقعت جامعة دولهم في قيضة "مجلس حراس المصالح الغربية "و اقامت مساكنة علنية بينها وبين السفارة الاسرائيلية في القاهرة ، افتقدت اي اهمية استراتيجية لها و لم يبق مبررا الاهتمام بها او بما يصدر عنها، الا في ان لحظات الافاقة التي كانت تحصل بين الحين والاخر في مسار هذه الجامعة لكن عربان النفط كانوا يسارعون دائما الى خنق تلك الافاقات وتغييب اثارها حتى يكون الشلل والتهميش والتنازل للاجنبي و التبعية لههو الاساس في سلوك هذه المنطمة الاقليمية المترهلة العاجزة.
أ. ورغم ذلك و لاني رأيت لدى البعض اهتماما واسئلة تبحث عن اجلبة حول اهمية قرار "قمة النعاج العربية" بتسليح المعارضة السورية وترك التنفيذ لرغبة كل من اعضائها و في حدود ما يريد و ما يقدر وحتى لا يقع حسنوالنية بالخديعة و الخبث المتمثل بمواقف "مجلس العربي لحرسة المصالح الاميركية والصهيونية"، ويكون الطبيبون من حسني النية فريسة للحرب النفسية التي شنت وتصاعدت ووتيرتها بزيارة اوباما الاخيرة، فاننا نرى من الواجب القاء الضوء على هذا الموقف الشنيع كما يلي:
1) قبل اي بحث ينبغي اولاً ان نؤكد على انموقف "قمة النعاج القطرية" يعتبر خرقا فاضحا لقواعد القانون الدولي العام، ولميثاق الجامعة بذاته، وتدخل عدواني سافر في شؤون دولة عربية مستقلة، ذات حكومة شرعية قائمة ومعترف بها و هي عضو فاعل في منطمة الامم المتحدة. والغريب بالشأن انه في الوقت الذي تتراجع فيه نظرية التدتخل الدولي الانساني التي اعتمدتها اميركا لتبرير حروبها العدوانية في العقود الاخيرة، وامنتعت الامم المتحدة عن الترويج لهذهالنظرية، لتعود وتتقدم نظرية السيادة الوطنية وتستعيد موقعها في النظام الدولي والعلاقات الدولية ، في هذا الوقت نجد حفنة من الدول الفاقدة للوزن ولاعتبارالاستراتيجي تتخذ من المواقف ما يذكر بهذه النظرية البالية.
2) واما في القرار ذاته فاننا نلاحظ بان مجموعة الدول العميلة للسياسة الاميركية سارعت منذ البدء الى نتفيذ ما كلفت به في سياق العدوان على سوريا، ووضعت كل امكاناتها في سبيل ذلك شاملا عمليات التسليح والتجهيز و الخدمات الاعلامية حيث شنت ولا زالت حربا نفسية واسعة منذ الايام الاولى لبدء لعدوان . وقد انخرطت تلك الدول و بالتحديد قطر و السعودية بتجهيز ما اسمي معارضة سوريا و ارسلت اليها السلاح الذي اشترته باموال النفط العربي، وتم نقله عبرتركيا و لبنان و الاردن و بشكل دائم ومستمر منذ الاسابيع الاولى لبدء العدوان. وفي تقدير ورد في بعض التقارير الغربية مؤخرا ذكر ان قيمة الاسلحة و التجهيزات العسكرية ووسائل الاتصال و الخدمات اللوجستية التي ادخلت الى سوريا و وضعت بتصرف الارهابيين و القتلة لامست الـ12 مليار دولار (لا يشمل الرقم الرواتب و مبالغ شراء الذمم التي تدفع للعملاء و الخونة). و بالتالي و مع هذه الحقيقة لا يكون القرار المتخذ في "جامعة قطر للنعاج العربية" لا يكون قد اتى بجديد، كما انه لم يخلق واقعا لم يكن قائما في الميدان، ولن يغير في مسار الاحداث من الناحية العسكرية، فتسليح الجماعات الارهابية كان قائما قبل القرار و يستمر بعده من قبل الجهات ذاتها التي انتظمت اصلا في العدوان على سوريا وفقا للخطة الصهيو – اميركية . و من جهة اخرى ينبغي ان نشير بان القرار ترك الحرية للاعضاء كل حسب رغبته و امكاناته بان ينخرط في عملية التسليح للقتلة هؤلاء ، و هنا يطرح السؤال هل ان المتبرع من هؤلاء كان بحاجة اصل القرار؟
3) ومع انتفاء الاثر الميداني عسكري القرار "النعاج العربية" نعود الى الغاية التي رمت اليها قطر من حمل النعاج الاخرين على مثل هذا الموقف ، فنجد ان اميركا ارادت مثل هذا القرار الممهور بخاتم ظاهرهعربي ، ارادته معطوفا على اغتصاب مقعد الدولة السورية في الجامعة التي كانت عربية،من اجل ان تختلق مشروعية ما لتلك الفئة المرتزقة المسماة ائتلاف وطني، و تجيز لهالاحقا – بعد تأكيد شرعيتها العربية – ان تستعين بالحلف الاطلسي من اجل التدخلالعسكري في سوريا واذا حصل مثل هذا التدخل فانه بظنهم لن يكون عداونا على دولة مستقلة بل يكون نجدة و مساعدة تقدم لدولة من اجل "استعادة امن و استقرار مفقود فيها "في سياق عملية خداع و تزوير غير مسبوقة في العلاقات الدولية .
4) و تبقى غاية اخرى يقدمه مؤتمر قطر عبر ذاك القرار ، حيث اندعاته شاؤوا ان ينقلب تسليحهم للقتلة من ذهنية التهريب و ارتكاب المحظور غيرالمشروع الى المعنى المعاكس اي من عمل مرذول مرفوض ، الى ذهنية المساعدة والنجدة ومد يد العون "للشعب السوري" و هو عمل يستدعي الشكر و الامتنان و يكون للقائم به انيفاخر بما يفعل لا ان يستحي بما ارتكب . و في ذلك تشجيع – كما يطنون – لم نلم يبادرحتى الان و يمد القتلة بالمساعدة و السلاح و ان يلحق الركب من غير حذر و لا ملامة .
ب. اما في الاستنتاج و التقييم العام، فاننا و بعد حصر المسألة بعناواين ثلاثة : التأثير على ميزان القوى في الميدان ، و التأثير على السعي للتدخل الاجنبي، و التأثير على حشد دول جديدة في العدوان على سوريا فاننا وبدراسة متأنية نستطيع ان نقول :
1) لن يكون هناك اي اثر او مفعول ميداني لقرار تسليح القتلة ، فما تم من تسليح حتى الان يعتبر الذروة التي لن يليها ما هو اكثر خاصة مع تبدل غير معلن في طبيعة و تركيب القوى العاملة في الميدان السوري لجهة دخول الجماعات المعتدية فيمرحلة التشتت و التناحر و التشردم ما جعلها تسلك خطا انحداريا هابطا لا يبقى معه اثر فعلي ذو قيمة استراتيجية حقيقية لاي انجاز قد تحققه في الميدان ، لان ذلك يكون عرضة للزوال السريع ان تحقق.
2) لن يكون هناك اي تدخل عسكري اجنبي تحت علم اي دولة من دول العدوان او تحت علم الحلف الاطلسي او الامم المتحدة ، فالانقسام العامودي الذي باتعليه العالم اليوم سيحول دون اي تدخل من هذا القبيل ، فقط اذا ارادت الولايات المتحدة الاميركية – و حدها فقط – اذا ارادت الدخول في حرب شاملة في منطقة الشرق الاوسط في الحد الادنى، عندها يكون ممكنا الحديث عن تدخل ، و بما اننا نستبعد كليا مثل هذا الاحتمال و نرى ان اميركا ستبقى في وضع القيادة الخلفية و من وراء الستار وتمتنع عن الدخول المباشر في اي حرب جديدة او فتح جبهات جديدة ، فاننا على ثقة بان اي تدخل اجنبي لن يحصل بما في ذلك الاطلسي او التركي.
3) اما في انخراط دول عربية او اسلامية في العدوان و تسليح القتلة ،قاننا نرى بان واقع اليوم وصل الى رسم الخط الفاصل بين المعسكرين معسكر العدوان ومعسكر الدفاع، و اذا كان المعسكر الثاني لم يلق بعد بكل اوراقه و امكاناته فيالمعركة حتى الان الدولة السورية لا زالت في موقع المسيطر على الحالة العامة ،( نميز في السيطرة بين السيطرة الجزئية على مكان ما و السيطرة العامة الكلية على مجمل الوضع ) فاننا نسجل بان المعسكر الاخر وصل الى سقف الممكن المسموح به، والقى بكل مالديه، و لن يغير قرار فاجر و غير مشروع من قبيل الاعلان عن تسليح القتلة ،لن يغيرشيئا في هذا الواقع.
ج. ونختم قائلين بان كل ما اراده النعاج في قطر من امعان في العدوانعلى سوريا، و ما اتخذوه من قرارات لن يغير واقع الحال، وستستمر المواجهة التي يحقق فيها الجيش العربي السوري انجازات مؤثرة على مسار الاحداث ، لكن نسأل هل سيكون لتهريب قرار يتعلق بفلسطين غاب عنه حق العودة و اقر بتعديل الحدود كما تريداسرائيل، هل سيكون له التأثير الفعلي على تسريع تصفية القضية الفلسطنية وفقا لما تريد الصهيونية العالمية؟
القمة العربية ومبدأ 'القصف بالدولارات' استعدادا للحرب المتوقعة!
محمد عبد الحكم دياب
القمة العربية التي انعقدت في العاصمة القطرية - الدوحة؛ الثلاثاء(26/ 3/ 2013).. حضرها ستة عشر ملكا ورئيسا وأميرا، جاؤوا بخلافاتهم وصراعاتهم، التي توشك أن تعصف بالوجود العربي، فيبقى أثرا بعد عين. وحرصت الغالبية العظمى منهم على استنساخ النموذج الدموي في التعاطي مع الحالة السورية، وهذا منح المعارضة السورية مقعدا في القمة، وإن كنا لا نختلف مع المعارضة الوطنية في حاجة السوريين إلى التحرر من الاستبداد والفساد وسطوة الدولة البوليسية، ونحن معها لا نؤمن بأن أي حل حقيقي يأتي من الخارج. وبالنسبة لسوريا فمن الواضح أن الحل الخارجي يستهدف الوجود السوري ذاته.
وسوريا تواجه ما واجهت يوغوسلافيا فيما بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وتفكك كتلة شرق أوروبا، فسوريا الموحدة ما زالت عقبة أمام استكمال بنيان 'الشرق الأوسط الجديد'، ووحدة أراضيها مستهدفة في مرحلة تصفية الحساب مع إيران، وقد اصبحت المواجهة معها ضرورة للنيل من الصين، كقوة عظمى صاعدة؛ يتعجل الغرب جرها لصدام يستنزفها ويقطع عليها طريق التقدم إلى عرش القوة الأعظم عالميا، وكي لا تكون صاحبة التأثير الأكبر في صياغة معادلات القوة الجديدة في العالم. وسوريا ولبنان من أهم محطات العبور إلى إيران، وإيران بدورها محطة تسبق المواجهة مع روسيا لاختصار طريق الوصول إلى الصين.
من هنا نفهم قرارات القمة العربية التي التأمت وانفضت في يوم واحد؛ واعتبارها حلقة من حلقات سلسلة صراع لعبة الأمم على أرض الشام، وأقرت حق دولها تسليح المعارضة السورية، ومنح مقعد سوريا في القمة وفي جميع المنظمات التابعة للجامعة لـ'الائتلاف الوطني السوري المعارض' ومنحه صفة الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، وذلك في مخالفة صريحة للبند الثامن من ميثاق الجامعة، الذي لا يجيز لدولة عضو التدخل ضد دولة أخرى فيها. وقد قدمت المساعدة للاجئين السوريين في الأردن والعراق ولبنان.
وفي الوقت الذي أعطت الحق لكل دولة عربية في تسليح المعارضة السورية كان التناقض واضحا في 'التأكيد على 'اهمية الجهود الرامية للتوصل الى حل سياسي كأولوية للازمة السورية، والتأكيد على حق كل دولة وفق رغبتها تقديم كافة وسائل الدفاع عن النفس بما في ذلك العسكرية لدعم صمود الشعب السوري والجيش الحر'(!!).
وأقرت القمة مقترحي قطر بعقد قمة مصغرة للمصالحة الفلسطينية في القاهرة، وتأسيس صندوق عربي خاص بالقدس برأسمال مليار دولار. وافتتحت قطر التغطية بربع قيمة هذا الصندوق. وراهن البيان الختامي على دور 'المجتمع الدولي' في إرساء السلام العادل والشامل، وفك الحصار عن غزة وفتح المعابر، ورفض الاستيطان وانتهاكات الدولة الصهيونية بحق الفلسطينيين، ودعم حق الشعب السوري في استعادة الجولان المحتل.وقد أثارت كلمة معاذ الخطيب ممثل 'الائتلاف السوري المعارض' قلق وفود مشاركة بسبب لغته الناقدة لممارسات الحكام العرب، واستسلمت القمة للأمر الواقع، وبذلك تمكنت الدولة المضيفة في إخراج سوريا من القمة العربية، ونالت بذلك دعما سعوديا ومصريا قويا، ومساندة تونسية وليبية، مع تحفطات جزائرية وعراقية وأردنية ولبنانية وسودانية ويمنية.
ولفت د. مرسي نظر المراقبين بلغة التهديد التي يتعامل بها مع مواطني بلده، واستخدمها بحدة بدت مقصودة؛ لوح فيها بأصابعه محذرا من التدخل في شؤون مصر الداخلية، وهو في نفس الوقت من الصقور القابلة بالتدخل في سوريا، وأنذر القمة 'على الجميع أن يعي ذلك'. وبدت تهديداته موجهة لدول بعينها متهمة بإثارة القلاقل ضده.
وأقرت القمة بـ'العمل المسلح' وعسكرة المعارضة في سوريا، أما مع الملف الفلسطيني كانت على النقيض؛ تؤكد على 'حل سلمي' لم يتطرق إلى تسليح المقاومة، وقصرت القمة مهمتها في دعوة لقمة مصغرة؛ تعقد في القاهرة لمصالحة حركتي فتح وحماس، والانطلاق نحو العالم لإنعاش السلام واستئناف المفاوضات(!!)، التي صارت هدفا لذاتها، ودعما لهذا 'الحل السلمي' خصت القمة فلسطين بمليار دولار لحساب مدينة القدس، بعيدا عن أي موقف عملي وضاغط يضمن حقوق الفلسطينيين في التحرير والعودة والتعويض والتمتع بالحقوق السياسية والوطنية والإنسانية.
ويشعر المرء تجاه تلك القمة 'وقصفها المالي' وكأنه بمثابة 'رسالة وفاء' لروحي السير مارك سايكس نائب وزير الحرب البريطاني والمندوب السامي لشؤون الشرق الادنى، والمسيو جورج بيكو قنصل فرنسا السابق في بيروت ومندوبها السامي لشؤون الشرق الأدنى كذلك، فينامان في قبريهما قريري العين، فقد حققت لهما القمم العربية في العقود الأربعة الأخيرة ما لم يحلما به، وها هي تمزق أوصال أمتها، وتوفر القوة المادية والسياسية والعملياتية (اللوجستية) والإعلامية لخدمة الغزاة الجدد، وتأتي قراراتها بمثابة رخصة تعيد المتربصين والطامعين أقوى وأكثر دموية وشراسة مما كانوا عليه إبان عصر الاحتلال الأوربي المباشر.
ويجهل بعض أبناء الجيل الجديد هذين الاسمين وعلاقتهما بواقع العرب المعاصر منذ بدايات القرن الماضي؛ فهما اللذان صاغا وأعلنا ووقعا 'اتفاق سايكس - بيكو' في 16 مايو 1916، وهو اتفاق خرج بعد محادثات سرية طويلة؛ عُرضت نتائجها على روسيا القيصرية، فباركتها ومنحتهما الموافقة مقابل الاعتراف بنصيبها في أجزاء من آسيا الصغرى بعد انتهاء الحرب العظمى الأولى.
وجاء انتصار الثورة الروسية عام 1917 كاشفا لأسرار ذلك الاتفاق، ولولا ذلك لبقي طي الكتمان. وكان يتضمن تقسيم الوطن العربي؛ حيث مُنحت سواحل الشام (السورية اللبنانية) لفرنسا وأُعطيت العراق والخليج لبريطانيا، ووضعت فلسطين تحت 'إدارة دولية'؛ كمقدمة لانتزاعها من أهلها وإقامة كيان استيطاني على أطلالها وأشلاء أبنائها.. تلاها وعد بلفور 2 نوفمبر 1917، ثم الانتداب البريطاني على فلسطين بمشروع عُرض على عصبة الأمم في 6 يوليو 1921، وصُدق عليه في 24 يوليو 1922، وبدأ تنفيذه في 29 سبتمبر من نفس العام.
وما كان أحد يتصور أن تتحول القمم العربية إلى قوة ضاربة؛ تجاوزت خرائط سايكس - بيكو؛ وجعلت من دول المنطقة شراذم من جماعات وطوائف ومذاهب وقبائل متناحرة متصارعة متقاتلة. وكل ذلك مشاركة في ترسيخ المشروع الصهيوني، وبعث الروح في مشروع 'الشرق الأوسط الجديد'.ومنذ مبادرة قمة بيروت العربية في 1982 والقمم العربية تعمل بسفور؛ منظم وممنهج على التحريض والمشاركة في ذبح 'المارقين' من أعضائها، إذا ما أتى الدور على أحدهم يتسابقون وكأنهم ذاهبون إلى عرس أو وليمة؛ هكذا ذُبِح العراق، وها هو الدور وقد حل بسوريا في سياق استكمال ضياع ما تبقى من فلسطين.
وأريد أن أنوه إلى أنني ممن لا يعنيهم من يحكم سوريا أو يدير فلسطين أو يرأس أي بلد عربي آخر، وكل ما يعنيني تلك الجرائم المتتالية التي تقترفها 'جامعة العرب' باسمنا، وها هي تجهض الحلم السوري في الثورة؛ بالعسكرة والتمويل والتسليح والتعبئة لتغذية الحرب الأهلية فيها لـ'تقسيم المقسم وتفتيت المفتت'، ولا يمكن تبرئة أحد من هذه الجرائم حتى لو حمل الكعبة على رأسه.
والمبدأ السليم في مرحلة يوصف فيها القابض على وطنه كالقابض على الجمر، هو الحفاظ على الأوطان والأقطار موحدة وتقوية اللُّحمة بين مواطنيها، مهما كانت خلافاتهم وتعدد وجهات نظرهم، وإلا فمعنى ذلك أننا مصابون بانفصام نفسي وأخلاقي وسياسي، ومستوى خلاف جيلي مع سياسة المملكة العربية السعودية حاد للغاية ، لكن هل يمكن لنا أن نقبل بذبحها، أو أن يحتل أحد معارضيها مقعدها في القمة أو غيرها، وإذا كان هذا لا نقبله مع المملكة فهل يُقبل على سوريا؛ أليس هذا انفصاما نفسيا وأخلاقيا وسياسيا؟! ونفس الشيء رغم الرفض الكامل من القوى الثورية والوطنية والمعارضة لحكم محمد مرسي فمن الصعب أن يقبل مواطن إزاحة ممثل مصر من مقعده في مؤتمرات القمة أو من أي منظمة من المنظمات الإقليمية أو الدولية، والسبب حاكم مستبد هنا أو مسؤول باطش هناك.
ومؤتمر قمة يعقد ومهمته الوحيدة ذبح سوريا وليس للضغط على بشار الأسد لن يفلت من حساب التاريخ، وسوف تأتي لحظة تؤكد فيها سوريا العزيزة أنها أكبر من المحن وأقوى من أي حاكم، وسوف تعود قلبا نابضا للعروبة وحائط صد لأعداء الأمة كما كانت، ولسوف يتجاوز الشعب السوري العظيم محنته ويستأنف دوره، ويقيني أنه سيعود حرا أبيا، وهو نفس اليقين الذي يزيد من ثقتنا في تحرير فلسطين من النهر إلى البحر وانتهاء كابوس الاستيطان كما انتهى نظراؤه من قبل. وحين أشاهد وأقرأ وأسمع وعود الغرب الجديدة بحل وتسوية القضية الفلسطينية، في موازاة مع مخطط ذبح سوريا؛ حينها أقول علينا أن نتحسس أعناقنا، فهذا وهم سئمناه، وغطاء مكشوف لمذبحة كبرى وجريمة بشعة قادمة؛ قد تفوق في وحشيتها ودمويتها ما سبقها من مجازر ومن حملات التطهير العرقي.
ستخضع سوريا خلال الأسابيع القليلة المقبلة لضغوط وبشاعات سياسية وعسكرية؛ عربية وإقليمية ودولية، خاصة وقد تم إحياء التحالف التركي- الصهيوني الأميركي؛ بملحقاته وتوابعه الإقليمية والعربية والإسلامية، وسوف يعمل أردوغان على ضم أكراد تركيا إلى حشد المواجهة مع الدولة السورية، ويبدو أن ذلك جزء من صفقة أُبرِمت مع الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، وأدت إلى إعلان وقف العمل المسلح من قبل جماعته ضد الحكومة التركية.
ذبح سوريا يتوقف على نجاح ما يمكن تسميته مبدأ 'القصف بالدولارات'، وهدفه حشد المقأتلين، وتوريد السلاح، وتمويل نشاط العلاقات العامة، وبرامج التعبئة السياسية الإعلامية، وهذا 'القصف المالي' مهمته إغلاق الأبواب أمام أي حل سياسي.ومن المعروف أن اجتماعات لقمة بمستوى مسؤولي الصف الأول العرب؛ مهمتها الأولى الحد من التوترات ومعالجة الاحتقانات، ولا تفعل ما فعلته قمة الدوحة، بأن زادت الأوضاع اشتعالا وتفجرا. بدون مشروعات حقيقية ومدروسة، وبغير حلول ناجعة وملائمة فمن المتوقع أن يرتد ذلك القصف إلى عكس اتجاهه؛ خاصة أننا نعيش في منطقة فلت عيارها وتحطم عقالها، وتنتشر على أرضها قواعد عسكرية، وتجوب مياهها أساطيل وبوارج وغواصات نووية مستنفرة، وتحلق في سماواتها قاذفات وحاملات صواريخ مهيأة لشن حرب على بلد عزيز بغرض محوه من على خريطة العالم، وللأسف فكل هذا يتم باسمنا زورا وبهتانا، ويتخذ من أقطارنا منصات تصويب وهجوم، وزحف نحو سوريا ولبنان وإيران. ومن المتوقع أن يكون صيف هذا العام ملتهبا يلفح المنطقة بنيرانه التي قد تأكل الجميع.
التلفزيون الإسرائيلي الرسمي: الدولة العبرية بصدد
إقامة منطقة عازلة وحزام أمني في الجولان المحتل
زهير أندراوس
الناصرة ـ 'القدس العربي' قالت القناة الأولى الرسمية في التلفزيون الإسرائيلي أمس، نقلاً عن مصادر سياسية وأمنية وصفتها بأنها رفيعة المستوى في تل أبيب، قالت إن صناع القرار في الدولة العبرية باتوا يُفكرون بصورة جدية للغاية في إقامة منطقة عازلة في الجولان العربي السوري المحتل، وأضافت المصادر عينها أن إسرائيل أقامت مستشفي ميداني في الجولان المحتل، لتقديم الإسعافات الأولية للجرحى من المعارضة السورية المحتلة، وإذا احتاج الأمر يتم نقلهم إلى مستشفى نهاريا الحكومي في الجليل الغربي، والذي يُعتبر مستشفى عسكريا، وتم تجهيزه بأحدث الأجهزة لعلاج المصابين في الحروب من الجنود. وأكد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، الميجور جنرال يوآف موردخاي، على عدم وجود تغيير في سياسة الجيش نحو المصابين من الجانب السوري، والمتمثل بتقديم العلاج لهم على الشريط الحدودي أو داخل المستشفيات الإسرائيلية إذا تطلبت الأمر ذلك، على أن تتم إعادتهم إلى سورية بعد تحسن وضعهم الصحي، على حد تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك، نقل التلفزيون عن المصادر عينها قولها إن الدولة العبرية ترغب في تحسين علاقاتها مع المعارضة السورية عبر ما أسمته بالإجراءات الإنسانية، لكي لا تبدأ المناوشات بينها وبين المعارضة بعد سقوط الرئيس السوري، د. بشار الأسد، وذلك على غرار الحزام الأمني، الذي أقامه الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب اللبناني ف منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وأسس ما يُسمى بجيش لبنان الجنوبي، والذي كان عبارة عن مليشيات عسكرية تابعة للاحتلال الإسرائيلي، على حد تعبير المصادر.
في السياق ذاته أفادت المصادر في تل أبيب أن وتيرة المناوشات في الجولان المحتل ارتفعت خلال الآونة الأخيرة، بما يشير إلى أن إسرائيل قد تُجبَر على القيام بإجراءات دفاعية حتى لا تنجر إلى الحرب الأهلية الدائرة في سورية، وهنا منبع المخاوف بالنسبة للكثيرين.ولفتت المصادر ذاتها إلى أنه وبعد هدوء استمر على مدار 4 عقود، جاءت تلك القذائف السورية التي ضلت طريقها ووصلت الحدود الإسرائيلية السورية خلال فصل الخريف الماضي لتثير بعض المخاوف. وبدأت تتطور الأمور خلال الأيام القليلة الماضية في مرتفعات الجولان، بما يشير إلى أن إسرائيل قد تُجبَر على القيام بإجراءات دفاعية بهدف عدم الانجرار إلى الحرب الأهلية الدائرة في بلاد الشام. وبينما انضمت إسرائيل للقوى الإقليمية التي تطالب الرئيس الأسد بالرحيل، فإن القادة الأمنيين الإسرائيليين يؤكدون أن أكثر ما يقلقهم هو هؤلاء الثوار الجهاديين الذين يتجمعون حاليًا على الجانب السوري من حدود عام 1974 في ظل غياب القوات السورية.
في السياق ذاته، لم يستبعد جنرال إسرائيلي إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية بعد انهيار محتمل لنظام الرئيس بشار الأسد لإبعاد ما توصف بالتنظيمات الجهادية عن الجولان المحتل.وقال قائد القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي يائير غولان في مقابلة نشرتها صحيفة (يسرائيل هايوم) إن الإجراء الذي لا يمكننا بالتأكيد استبعاده هو إقامة منطقة أمنية على الجانب الآخر من الحدود، على حد تعبيره.
جدير بالذكر أن الدولة العبرية تقيم منذ شهور ما تسميه جدارا ذكيا بين الجولان المحتل وبقية الأراضي السورية، وأوقفت الأسبوع الماضي مؤقتًا الأشغال في الجدار بعد إطلاق نار من الجانب السوي استهدف دورية إسرائيلية. منذ شهور، يدور قتال متقطع بين ما يُطلق عليه الجيش السوري الحر والقوات النظامية التابعة للجيش العربي السوري على مسافة قريبة جدًا من خط وقف إطلاق النار في هضبة الجولان المحتلة.
وقال قائد القيادة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي يائير غولان أيضا إن مَنْ لهم مصلحة مشتركة في التعاون مع إسرائيل ضد المقاتلين الإسلاميين المتشددين سيكونون حلفاءها الطبيعيين في حالة إقامة تلك المنطقة العازلة.وزاد قائلاً في المقابلة عينها إنه إذا سنحت فرصة، وهو ما لم يحدث بعد، فيجب ألا نتردد، يجب عمل كل ما يلزم بحكمة وسرية مع مراعاة حقيقية لمصالح الجانب الآخر، على حد تعبيره. وبحسب الجنرال الإسرائيلي، المسؤول عن الجبهتين السورية واللبنانية في جيش الاحتلال، فإن المنطقة التي تفكر إسرائيل في إقامتها بعمق عدة كيلومترات داخل سورية يمكن أن تكون شبيهة بالشريط الحدودي الذي فرضته في جنوب لبنان، والذي طُردت منه في نهاية المطاف في أيار (مايو) من العام 2000.
جدير بالذكر أن الجنرال غولان لم يذكر ما إذا كان يفكر في نشر قوات إسرائيلية في مثل هذه المنطقة العازلة. وأشار غولان في سياق رده على سؤال الصحيفة إلى نموذج المنطقة الأمنية التي أقامتها القوات الإسرائيلية لمدة 15 عامًا في جنوب لبنان بهدف معلن هو إبعاد مقاتلي وصواريخ حزب الله عن حدود الدولة العبرية، وقال إن خلاصة القول: (المنطقة العازلة في لبنان) كانت واحدة من أهم الاستثمارات الأمنية التي قامت بها دولة إسرائيل على الانطلاق، في إشارة إلى منطقة كثيرا ما تعرضت فيها القوات الإسرائيلية لهجمات ورحلت عنها في عام 2000 بقرار من رئيس الوزراء ووزير الأمن آنذاك، إيهود باراك.
ولفتت المصادر العسكرية الإسرائيلية إلى أنه خلال الشهور القليلة الماضية سقط عدد من الصواريخ التي أطلقت خلال القتال بين القوات السورية ومقاتلي المعارضة داخل مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، وتراقب قوات من الأمم المتحدة هضبة الجولان التي يسودها الهدوء منذ عقود.وأطلقت إسرائيل النار على سورية الأحد الماضي زاعمةً أنها قامت بتدمير موقعٍ للبنادق الآلية أطلقت منه أعيرة على جنود إسرائيليين في الجولان المحتل. يُشار في هذا السياق، إلى أن قائد هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي، الجنرال بيني غانتس حذر من انفجار محتمل للوضع بالجولان وذلك بعد إطلاق نار من الجانب السوري من الحدود على دورية للجيش الإسرائيلي الذي رد بقصف موقع للجيش السوري.وكان غانتس حذر قبل ذلك من أن الجماعات التي وصفها بالجهادية في سورية قد تتحول إلى شن عمليات تستهدف القوات الإسرائيلية في جبهة الجولان المحتل، في إشارة إلى جماعات تعاظم نفوذها في سورية.