وقصة هذا الماء وردت في أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وذلك من في قوله : عن يحيى بن سعيد بن القطان , عن إسماعيل بن أبي خالد , عن قيس بن حازم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأزواجه : (( كيف بإحداكنّ تنبح عليها كلاب الحوأب )) { رواه الإمام أحمد في مسنده 6 / 97} .
ومن طريق آخر من طريق شعبة عن اسماعيل ولفظه : أن عائشة لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب , فقالت : ما أظنني إلا راجعة , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا : أيتكنّ ينبح عليها كلاب الحوأب . فقال لها الزبير بن العوام : أترجعين ؟ عسى الله أن يُصلح بكِ بين الناس .
وبهذا اللفظ أخرجه يعلى بن عبيد عن اسماعيل وهو عند الحاكم . {المستدرك 3 / 120}
وقال الإمام الألباني رحمه الله : إسناده صحيح جدا ً وقال : صححه من كبار أئمة الحديث : ابن حبان , والذهبي , وابن كثير , وابن حجر.
إذا ً كل الروايات وكما تبين صحيحة وليس فيها شيء من الضعف من ناحية السند .
ولكن شاء المارقين وأرادوا أن يتخذوا من هذا الحديث مدخلا ً للطعن في عائشة رضي الله عنها ويوجهوا لها التُهم تليها التهم من أجل الإستنقاص منها والنيل من مقامها وقدرها عند أهل السنة .
ولكن شاء الله أن يعمي أبصارهم كما أعمى قلوبهم وكما أغلق على عقولهم فلا يفهموا المراد من هذا الحديث , ولن يفهموا ولو شرحه ألف شارح طالما أنهم يتخذون من دينهم عقيدة السب للصحابة والطعن في الزوجات الطاهرات رضي الله عنهم , بل ويتقربون لله بذلك .
فشرح الحديث كما هو واضح من خلال هذه الروايات يُبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم يُلمح إلى هذه الحادثة وإلى هذا المرور لإحدى زوجاته , ولم يرد بذلك طعنا ً لها ولا مسّا من مكانتها .
وإلا لو أراد ذلك صلى الله عليه وسلم لذكر النهي بصيغته المعروفة عند العرب لا بهذه الصيغة التعريضية لأمر الورود
وكما تبيّن فإن السيدة عائشة كانت هي من مرّت من هذا الماء وذلك في خروجها بعد مقتل عثمان رضي الله عنه متوجهة ً إلى البصرة مطالبة ً بالصلح وليس كما يزعم المارقون بأن خروجها كان على خلافة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه .
فصادف مرورها على ذلك الماء نباح الكلاب كما أخبرها بذلك الصادق المصدوق فشعرت امنا أم المؤمنين رضي الله عنها بالذنب من ذلك كونها تذكرت كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهمّت بالرجوع مرة ثانية إلى المدينة لولا أن ذكّرها الزبير رضي الله عنها بهدفها ومقصدها من الخروج وهو الإصلاح بين الناس , فعدلت بعد ذلك عن رأيها وواصلت المسير .
هذا هو الفهم الصحيح من هذه الرواية