أبارك لكما هذا الحوار العقائدي المثمر وأشد على أياديكما طبتم وطاب حواركما بذكر النبي عليه الصلاة والسلام وفتح الله لكما أبواب السعادة بحب الآل الأطهار وبشفاعة خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام حشرنا الله وإياكم وثبتنا على حب النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ودمتم في صحة وعافية .
قوله تعالى :" ليذهب عنكم الرجس " ... فيه اذهاب للرجس ... و هذا يعني أنّ الرجس كان موجودا و أذهبه الله تعالى >>> أي أنّه لا وجود للعصمة في الأساس ...
...................
الرد :
صحيح كلمة اذهاب تقال لإزالة شيء موجود ... لكنها تقال أيضا لاستبعاد أمر غير موجود قد يقع ...
كأن أقول لك أختي : اذهب الله عنك كل شر ... اذهب الله عنك كل بلاء ... اذهب الله عنك كل مرض ...
فهل هذا يعني لزاما انك في شر لا سمح الله أو في بلاء أو في مرض ( حفظك الله ) ...
هذه أمور قد تقع لك ... لكنها ليس بالضرورة أنها قد وقعت لك فعلا ...
و أهل البيت صلاة الله و سلامه عليهم ... لهم التكوين الجسدي ( الجسماني ) نفسه الموجود لدى كافة البشر ... و هذا التكوين لا يخلو من غرائز الميول للطغيان و التعدي و ارتكاب المعاصي ...
فالمقومات لارتكاب المعاصي موجودة ... لكنهم عليهم السلام لعلوّ تقواهم و عمق علمهم و عظمة استشعارهم بالخالق لم يرتكبوا تلك المعاصي يوما ... ( ومن لديه اعتراض على هذا الكلام فليأتِ بخطأ لأحد أصحاب الكساء عليهم السلام ) قبل الآية أو بعدها ...
لذا لا اشكال في قول اذهاب امر لم يقع أصلا ... و ذلك لإذهابه و استبعاده بالمطلق بأمر من الباري عزّ و جلّ ...
سياق الآية يتحدث عن نساء النبي ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) ... و جاءت آية التطهير تسبقها و تتبعها آيات نزلت و تخاطب نساء النبي ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) ... فكيف تخاطب آية التطهير غيرهنّ ؟؟؟!!!!
................
الرد :
سأختصر الرد بوجهين ...
(1) يكون السياق حجة اذا لم يكن هناك دليلا أقوى منه على غير ذلك ... كالأحاديث الكثيرة و الصحيحة و المتواترة عن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) في تخصيص و تحديد أهل البيت الذين طهرهم الله تعالى تطهيرا ...
للمزيد بالامكان العودة الى بعض الأحاديث الشريفة التي أوردناها سابقا في هذا المجال ...
.........
(2) هناك أدلة عديدة على استقلال آية التطهير عمّا سبقها و تبعها من آيات ... سأذكر اثنين للاختصار :
1- الروايات في هذا المجال : جميع الروايات تقول بنزول آية التطهير مستقلة عن غيرها من الآيات ... و ذلك بجميع طرق تلك الروايات و على اختلاف أصحابها في تحديد اصحاب الكساء ... فعن أم سلمة : نزلت في بيتي : " انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا " ... و عن عروة ابن الزبير أنّه قال : " انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا " قال : ازواج النبي , نزلت في بيت عائشة ....
فالموافق على نزول الآية في اصحاب الكساء و المخالف لذلك كعروة و عكرمة ... أجمعوا على نزولها مستقلة عن غيرها من الآيات .. و ليس هناك من قال بنزولها ضمن الآيات الخاصة بأزواج النبي ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) ... و انّما وضعت في ذلك الموضع بأمر من النبي ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) ...
>>> الآية بحد ذاتها آية مستقلة عن غيرها من الآيات و لها سبب نزول خاص بها ...
2- التنبيه و الالتفات و التركيز ... و هذا مما اشتهر به الفصحاء في كلامهم ... و هو من فنون البلاغة في القرآن الكريم الحكيم ... أن يتوسط كلاما جديدا بين الجمل المتناسقة ... للالتفات و التنبيه ...
و المتأمّل في آيات القرآن الكريم لا يكاد يحصي عدد الأمثلة على مثل هذا النوع من البلاغة في الانتقال من موضوع لآخر ثمّ العودة للموضوع الأول ... فكم من الآيات التي تتحدث عن المؤمنين ثمّ تتحدث عن الكافرين ثمّ تعود للحديث عن المؤمنين .. و غير هذا الكثير مما لا يسمح لي الوقت بسرده .. لذا سأكتفي بمثال واحد :
ففي بداية الآيات يكون الخطاب موجها من النبي لقمان عليه السلام ... ثمّ تغيّر سياق الآيات ليكون الخطاب موجها من الله عزّ و جل الى الانسان بشكل عام ... ثمّ بعد هذا يرجع مرة أخرى لخطاب لقمان عليه السلام الموجه لابنه ...
فهل بعد هذا يكون السياق حجة ؟؟؟ و بالذات مع وجود الأحاديث الصحيحة المتواترة التي توضح و تبيّن أهل البيت المقصودون بآية التطهير ؟؟؟!!!!! لكن ما العمل بالنصب الموجود لدى البعض و الجهل الموجود لدى الآخرون ..
>> حجة السياق حجة ضعيفة لوجود ما يحدد أهل البيت عليهم السلام في الأحاديث الشريفة الصحيحة ... بالاضافة الى أنّ اسلوب تغيير سياق الآيات ليس بالأسلوب الغريب و البعيد عن القرآن الكريم الحكيم ...
---> يتبع لاحقا بإذن الله تعالى
التعديل الأخير تم بواسطة ** مسلمة سنية ** ; 05-09-2009 الساعة 03:08 AM.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
في الإنتظار