ليس هو قرار بالحسم العسكري النهائي، جرى اتخاذه على أعلى مستوى داخل الدولة السورية. فهذا القرار لا يبدو قريباّ ولا مجدْوَلاً للأسابيع القليلة القادمة. إلا أن ثمة قرار كبير لا شك جرى اتخاذه بشأن تبديل "ستاتيكو المراوحة" الحالي لقلب الأمور إلى صالح الدولة السورية في الميدان، وذلك خلال فترة زمنية حدودها الصيف المقبل. وهذا ما يفسّر تحوّل الجيش السوري من تكتيكات المشاغلة بالنار لمسلحي المعارضة والاكتفاء بتطويق جيوبهم التي تغلغلوا إليها، إلى أسلوب الهجمات الصاعقة السريعة والمدمرة، سواء في جميع مناطق الغوطة الدمشقية ومختلف أرجاء ريف العاصمة، أو أبعد من ذلك باتجاه الحدود الشرقية والغربية والشمالية مع كلٍ من الأردن وتركيا ولبنان، وكل ذلك وفق تفاهم على التفاصيل مع الحلفاء ولا سيما منهم الروس والإيرانيين.
ويسود الاعتقاد أن أحد أسباب التطوّر المستجدّ في موقف دمشق بهذا الإتجاه، ناجم عن تمادي الإدارة الأميركية في مسلكها الزئبقي المتذبذب حيال الأزمة السورية. فلو جمعنا مختلف التصريحات والمواقف التي أطلقتها إدارة أوباما في هذا الصدد خلال الأشهر القليلة المنصرمة، لتجمّع لدينا كمّ كبير من التناقضات والمواقف الملتبسة، ما بين بيانات حمائمية تنادي بحل سلمي تفاوضي لإخماد الحريق السوري، من جهة، ومواقف صقورية مناقضة تماماً من جهة أخرى، يواصل عبرها الأميركي إعداد "الجهاديين المرتزقة" في الأردن وغير الأردن، ويمضي قدماً في دعم المسلحين المقاتلين على الأرض السورية عبر الحدود والأدوات التركية، كما لا يني عن مواصلة تشجيع حلفائه الغربيين من فرنسيين وإنكليز وسواهم لبذل ما في وسعهم في سبيل كسر الدولة السورية، ناهيك عن إطلاق واشنطن أيدي نواطير مشيخات النفط الخليجية ليموّلوا كل ذلك فيفرشوا بالمال والسلاح والعتاد دروب التهريب عبر مختلف الحدود السورية، ويدفعوا أثمان استقدام أفواج المرتزقة من شتى أنحاءالعالم.
يأتي ذلك كله في إطار مواصلة أوباما وإدارته تحريك واستثمار حصان طروادة المسمى بالربيع العربي لإسقاط الحكومات العربية المناهضة للسياسة الأميركية- الإسرائيلية، وإكراه الدولة السورية بعد أن وصلتها الموسى، على الشرب من الكأس ذاتها التي شربت منها ليبيا، فيتم لواشنطن كسر حلقة المقاومة والممانعة والإنقضاض من خلال كل ذلك على المصالح الروسية في المياه الدافئة.
ويشير السياق المنطقي للأمور إلى أن الإدارة السورية، وأمام هذا الواقع الذي لم تعد تفاصيله خافية، رأت ضرورة الإقدام على كسر المسلسل وإحداث تبديل نوعي في مسار الحرب، ولا سيما في ظل عمليات التحشيد المعادي باتجاه العاصمة دمشق وارتفاع نبرة التهديدات بمهاجمتها في سبيل إسقاط الدولة. ومن الطبيعي أن يقتضي ذلك توجيه ضربات نوعية ساحقة أولاً ضد المسلحين في نواحي محيط دمشق القريب والبعيد، بُغية تحطيم تشكيلاتهم العسكرية لتعطيل فعاليتها وجدواها ورفع تهديدها عن العاصمة، وهو الأمر الذي باشرته قوات الجيش النظامي وما انفكت تواصله بعزم واضح في أرجاء الغوطة كافة ومختلف مناطق ريف العاصمة، مترافقاً ذلك مع ضرب التجمعات التي "تتغذّى" عبر الحدود مع كلٍ من الأردن وتركيا ولبنان والقضاء على تحشداتها.
ولكي يكون بإمكان دمشق أن تستثمر على طاولة التفاوض أية إنجازات عسكرية تنجح في تحقيقها على الأرض، ينبغي أن تكون هناك حدود زمنية لهذا الزخم الهجومي المتصاعد، وهي، أي الحدود، تقع على ما يبدو في أوائل الصيف المقبل كما سبقت الإشارة، وتحديداً على أبواب لقاء القمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما في إيرلندا الشمالية، على هامش قمة الثماني التي ستُعقد هناك أواخر حزيران المقبل.
وفي هذا السياق كان "يوري أوشاكوف" مساعد الرئيس بوتين، صرّح حديثاً أنه "من المقرر أن يجري الرئيسان الروسي والأميركي محادثات كاملة الإطار خلال انعقاد قمة ايرلندا الشمالية للثماني الكبار في نهاية حزيران". وأشار أوشاكوف إلى أن جدول أعمال بوتين يتضمن لقاءً خاصاً مع أوباما، للتباحث في القضايا الحساسة التي تهمّ البلدين (من دون أن يذكر سورية تحديداً على الرغم من أنها المقصودة في القضايا التي وصفها بالحساسة).
ويبدو أن هذه القمة المرتقبة ستكون تتويجاً لمرحلة شاقة من التواصل الروسي-الأميركي من خلال ما يمكننا تسميته بـ "الرسائل الموقعّة في الميدان"، والتي اشتملت على جملة من "الإنتصارات والهزائم" لكلا الطرفين، سواء في العراق أم في إيران أم في سورية. ومن الإنصاف القول إن معظمها في البلدين الأولين كان من نوع الهزائم التي نزلت بالأميركي وتمثّلت بخروجه الذليل من العراق، وبعجزه عن تعطيل اليد الفاعلة الإيرانية، لا على مستوى التكنولوجيا النووية السلمية في الداخل ولا على مستوى الشرق الأوسط وقضاياه الحارة ومياهه الدافئة. ومن هنا كان "الربيع العربي" لعبة شيطانية أميركية انتقلت واشنطن ومعسكرها بها من الدفاع إلى الهجوم، فحققت إنجازات في كلٍ من تونس وليبيا ومصر (باعتبار أن الدول العربية الثلاث باتت على الأقل محيّدة عن أيّ صراع مع العدو الإسرائيلي)، متوقعة لإنجازاتها أن تتواصل على طريقة الدومينو لتكتسح سورية ومختلف البلاد العربية التي هي خارج الجيب الأميركية. وهذا ما يقدّم تفسيراً يبدو منطقياً للإصرار الروسي على مساندة الدولة السورية أمام الهجمة، بعد أن اتضح المشهد تماماً أمام موسكو التي نهشت أصابعها ندماً على سكوتها عمّا تعرّضت له ليبيا، فقررت منع تكرار الخدعة ذاتها ضدّ سورية خصوصاً وأنها باتت مرتكزها الأساسي في منطقة شرقي المتوسط. لذا جاءت الرسائل الروسية الأخيرة بعناوين صارمة لا لُبس فيها، ولا سيما منها ما يتصل بالمناورات الواسعة وغير المتوقعة التي أمر بها بوتين (مستعجلاً) وهو على متن طائرته أثناء رحلتها من مدينة دوربان الجنوب أفريقية حيث عُقدت قمة مجموعة دول "بريكس"، إلى موسكو، وهي المناورات التي وصفها الناطق الرسمي الروسي بـ "المفاجئة" ، والتي "لم يُحط وزير الدفاع علماً مسبقاً بها". وقد جاءت في إطار تشديد الروس على جاهزيتهم لمساندة الدولة السورية، بعد أن ارتفعت لهجة العداء الغربية ضدّ دمشق وعلا الصوت من غير عاصمة أوروبية منادياً بضربات جوية ضد بعض قطعات الجيش السوري. وفور اختتام تلك المناورات، جرى سحب أسطول المحيط الهادي (الروسي) إلى المتوسط ونشره قبالة السواحل السورية تحديداً ، في إشارة تأكيد إضافية على الدعم الروسي الثابت للدولة السورية، والنظر بعين الرضا إلى حركة الجيش النظامي المستجدة لقلب الأوضاع في الميدان لصالح السلطة والنظام العام.
ويعني ذلك من جملة ما يعنيه أن وتيرة الهجمات النظامية ستشهد ارتفاعاً استثنائياً خلال شهري نيسان وأيار وحتى أواسط حزيران. وهذه مدة زمنية تعتبر كافية لاستكمال خطة "السحق والتطهير" ضد مسلحي المعارضة إذا سارت الأمور كما تخطط له القوات النظامية.
وبناء على ذلك لا بد من توقع أمرين متلازمين خلال الأيام والأسابيع التي تفصلنا عن أواخر حزيران: المزيد من الشدّة في تعامل الجيش السوري مع المسلحين، والمزيد من تسرّب الهاربين منهم والمثخنين بالجراح إلى الملاذات والمستشفيات المقامة عنوة على الأراضي اللبنانية، ما سيفرغ عبارة "النأي بالنفس" من آخر ما تركه فيها مسلك حكومة ميقاتي من معنى، ويرفع أمام السلطات اللبنانية تحديات جديدة غير مسبوقة لا يعلم إلا الله كيف ستجري معالجتها. فمع تيقّن جماعات المسلحين والمرتزقة على الأراضي السورية من الاقتراب الواقعي لنهايتهم، تحت غائلة التدمير الممنهج الذي ينفذه الجيش العربي السوري ضد معاقلهم وتجمعاتهم، سيتحول هدفهم من مواجهة الدولة السورية التي أعملت السيف في رقابهم، إلى محاولة تشتيت العزم العسكري للقوات النظامية بإخراج الحرب من مساراتها الراهنة وتوسيع بيكارها نحو أراضي الدول المجاورة. وتعتبر الأراضي اللبنانية هدف هؤلاء المسلحين المفضّل (وهذا ما ابتدأ بالفعل من خلال القصف الصاروخي القاتل على بلدات في منطقة الهرمل) بالنظر إلى توفر البيئة الحاضنة ومعسكرات التدريب والملاذات الآمنة التي يمولها خليجيون ويديرها ضباط أميركيون وغير أميركيين فوق الاراضي اللبنانية.
وهذه ستكون مرحلة أخرى وتحديات جديدة أمام اللبنانيين ينبغي الاستعداد لها على مختلف المستويات ولا سيما العسكرية والإغاثية منها.
وكيفما دار الأمر فسيدخل البلد في متاهة جديدة تحتاج إلى أكثر بكثير من مجرّد حكومة انتخابات أو محايدين(!)، إذ ستبلغ تداعيات الأزمة السورية على لبنان إحدى ذرواتها المُقلقة، ، ما يتطلّب بالضرورة حكومة سياسية حقيقية التمثيل تكون قادرة على الفعل لمواجهة مفاعيل كل ذلك، إلى احتمالات تحرّك الخلايا النائمة لـ"القاعدة" في لبنان، فضلاً عن إمكانية حصول عدوان إسرائيلي.
ذلك أن كسر ظهر المعارضة السورية المسلحة، إذا حصل، لن يمرّ بسلام على بلد يسيل فيه مال حرام كثيف برائحة المازوت البترول البشعة. ولا جدوى من كل التطمينات التي ينقلها الإعلام عنهم. فالحية تغيّر جلدها وليس طبعها.
لا شيء عادياً يستدعي المخاطرة بأمن الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله الذي، ولا شك، تُحاول أجهزة مخابرات دولية وإقليمية في مقدّمها إسرائيل رصد أقل حركة له بهدف النيل منه جسدياً، فكيف إذا استقلّ طائرة وسافر إلى طهران وعاد منها، فلا بد أن يكون الأمر على أعلى مستوى من الأهمية ليستحق هذه المجازفة وهذا التحدي الكبير، ولا بدّ أن تنتج الزيارة تطوّراً غير عادي في القريب العاجل.
ويربط محلّلون استراتيجيون بين اجتماع السيد نصرالله مع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي خامنئي وبين قمة الثماني الكبار المرتقبة في إيرلندا الشمالية يومي 17 و18حزيران المقبل، التي ستجمع الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي على جدول أعمالها مواجهة تهديدات الصواريخ الإيرانية والكورية الشمالية والأزمة السورية، إضافة إلى مكافحة الإرهاب والعلاقات الإستراتيجية بين البلدين.
تُدرك طهران أن الحرب الدائرة في سوريا تستهدفها في شكل غير مباشر، من خلال محاولات ضرب مشروعها وتقليص نفوذها في المنطقة، وهي ترى أن النظام السوري المحاصر خارجياً وداخلياً يتلقّى الضربات ويُستنزف، ويتهاوى يوماً بعد يوم.
وبما أن طهران لم تفقد الأمل بعد في إعادة إنعاش النظام السوري، قرّرت الدفع بما تملك من قدرات عسكرية وبشرية وتقنية حديثة في المعركة لمؤازرة حليفها مهما كلّف الأمر، وحدّدت الخامس عشر من حزيران المقبل، أي عشية القمة الأميركية – الروسية، موعداً لحسم المعركة عسكرياً لكي تُسقط الورقة السورية من يَدَي أوباما، فلا يبقى أمامه على الطاولة ما قد يفاوض عليه من موقع قوة، ولا ما قد يطالب به من ثمن في عملية تسوية مرتقبة مع بوتين.
ويربط خبراء بين تزامن عودة السيد نصراالله من طهران، وبين انطلاق عمليات عسكرية نوعية، وواسعة، وضارية، ضد مسلّحي المعارضة السورية، بما يُشبه وصول كلمة السر وتحديد ساعة الصفر لفتح أبواب الجحيم على المقاتلين المناهضين للرئيس بشار الأسد.
وبالفعل، فقد استعادت القوات النظامية السورية مُعظم درعا، وتقدّمت نحو حرستا في ضواحي دمشق. وتمكّنت، للمرة الأولى منذ أشهر، وبعد معارك عنيفة في منطقة حوض العاصي وحتى القصير، من إعادة فتح الطريق الرئيسية التي يبلغ طولها نحو 160 كيلومتراً وتربط بين العاصمة ومدينة طرطوس الساحلية شمالاً، بعدما كانت قوات المعارضة تتغلغل في مناطق معيّنة منها وتقطعها.
وتقضي الخطة العسكرية للنظام، بمواصلة الهجمات الضارية لإعادة السيطرة على منطقة القصير سريعاً، والإنطلاق منها إلى حمص في مرحلة أولى، ثم إلى حلب. وقد شكّل الدخول الإيراني المتجدِّد وحلفاؤه بقوة على خط المعركة، إخلالاً في موازين القوى العسكرية على الأرض، لكن التجارب السابقة أظهرت أن السيطرة على بابا عمرو لم تحسم النزاع، وأن الطرف الثاني أيضاً لديه من يقف خلفه ويمدّه بجرعات مقاومة.
في النتيجة، لا أحد يملك ضمانة بألاّ يعود مسلحو المعارضة إلى المواقع التي خسروها أو أخلوها، وألاّ تُقطع طريق دمشق – اللاذقية مجدداً، ولا أحد يستطيع الجزم بأن الحرب في سوريا ستنتهي قبل سنتين أو ثلاث سنوات أو أكثر.
وحدها دماء الشعب السوري لن تكون على طاولة المفاوضات.
حتمية الحرب .. هاغل في اسرائيل و نصر الله في ايران
أحمد الشرقاوي
نهاية مرحلة وبداية أخرى
لم يعد المراهنون على الوهم يرددون اليوم شعار الحرية والديمقراطية واسقاط النظام في سورية، وهو الشعار الذي رفعه نادي “المعارضة” الخارجية اللقيطة في صالونات فنادق الدول المتآمرة على سورية، من قطر إلى المغرب جنوبا، ومن اسطنبول إلى لندن شمالا، ونظمت له العديد من اللقاءات تحت شعار “أصدقاء سورية” اجتمعت حوله 144 دولة تدور في محور الولايات المتحدة الأمريكية، وروجت له قنوات التضليل العربية ووسائل الإعلام الغربية طوال السنتين الماضيتين، فنجحت أيما نجاح في التأثير على الرأي العام العربي والغربي، من خلال التركيز على شخص الرئيس بشار الأسد، وشيطنته، وتقديمه على أنه “ديكتاتور يقتل شعبه”، ليتبين أن ما تسمى بالمعارضة لم تكت تسعى للإصلاح والحوار، بل كانت مجرد أداة تعمل جاهدة على تدمير وطنها وقتل شعبها والتآمر على جيشها.
بعد خطاب الأسد الأخير، والذي جاء عقب تحقيق الجيش العربي السوري لانتصارات ميدانية سريعة حاسمة وفعالة، أبانت عن استراتيجية جديدة مفاجأة، نجحت في تغيير كفة الصراع على الأرض لصالح القيادة والجيش والشعب في سورية، وأظهرت للعالم بوضوح أن الحرب الدائرة في الشام هي في “ظاهرها” حرب على الإرهاب بامتياز.. إرهاب تدعمه بمليارات الدولارات والسلاح والمقاتلين من مختلف أصقاع الأرض، دول إقليمية تحكمها أسر إقطاعية فاسدة ومستبدة لا تعرف للحرية أصل ولا للديمقراطية معنى. وأخرى إما متواطئة طمعا في دور إقليمي يعيد لها بعضا من أمجاد إمبراطوريتها القديمة كتركيا العثمانية، متناسية أن التاريخ لا يعيد نفسه، وأن الإمبراطوريات التي تموت لا تعود لتحيا من جديد، أو دول غربية متهالكة، كفرنسا وبريطانيا الحالمتين بجزء من الغنيمة، نظرا لما تختزنه المنطقة (سورية ولبنان) من غاز ونفط يمثل عصب الصناعة والإقتصاد لإوروبا المأزومة.. وهي جميعها أدوات تمثل جوقة التحالف الدولي المنخرط في المشروع الصهيوأمريكي.
أما الذين يحكمون على طبيعة الصراع من ظاهره، ويعتقدون أن الأمر يتعلق بحرب أهلية بين نظام وشعبه، ومن ثم يتهمون الإدارة الأمريكية بالإنتقائية وازدواجية المعايير في التعامل مع موضوع الحرية والدموقراطية بين سورية والبحرين والسعودية مثلا، فهم أناس طيبون ينظرون للأمور بنظرة أخلاقية طوباوية لا علاقة لها بالبراغماتية السياسية وحقيقة ما يجري ويدور من صراع مصالح كبرى على مستوى العالم.. وآن لهم أن يفهموا أن “أمريكا” لا تتعامل بمعايير الأخلاق في السياسة، ولا تحترم شرعية أممية، ولا تقيم وزنا لقانون انساني، ولا تلتزم بحرية أو ديمقراطية عندما يتعلق الأمر بمصالحها الاستراتيجية العليا.
صراع المحاور
أصبح واضحا اليوم، أن هذه الحرب المجنونة التي تدور بالوكالة اليوم في الملعب السوري، هي حرب بين محورين و رؤيتين للعالم.. رؤية قديمة تؤمن بأسطورة “الحق الإلهي لقيادة العالم” وتستند في ذلك إلى “لاهوت القوة” وتتعامل مع الدول باستعلاء واستكبار وتجبر.. تحتقر الضعفاء، وتسخر الأقوياء كعبيد لخدمة مصالحها، وترفض التنازل عن بعض من حدود امبراطوريتها. هذا المحور هو الذي أصبح يعرف في الإعلام الغربي اليوم بمحور “روما الجديدة”، وهو المحور الذي يمثل قمة الشر بكل المقاييس الدينية والأخلاقية والإنسانية. مقابل محور آخر صاعد، يرفض هيمنة أمريكا على العالم وينافسها على المصالح الجيواستراتيجية السياسية والإقتصادية. محور له رؤية مختلفة لأدارة شؤون العالم، يمتح من الشرعية والقانون الدولي، ومبادىء احترام سيادة الدول وإرادة الشعوب في تقرير مصيرها، ويرفض التدخل العسكري لتغيير الأنظمة والسياسات بالقوة، ويحارب الإرهاب باعتباره شر مطلق لا دين ولا جنس ولا لون له.. هذا المحور هو ما أصبح يعرف اليوم بدول البريكس (روسيا، الصين، الهند، البرازيل، جنوب إقريقيا)، والذي تتزعمه روسيا الجديدة، وتتحالف معه دول أخرى، تشاركه نفس الرؤية، وتعارض منطق القوة والاستكبار الذي تمارسه الإدارة الأمريكية على الشعوب المستضعفة، ومن بين هذه الدول والقوى: محور المقاومة (إيران، سوريا، العراق، حزب الله، الجهاد الإسلامي في فلسطين) بالإضافة لكوريا الشمالية.. وهو المحور الذي يمثل الخير والتدافع الإيجابي من أجل عالم أفضل تنعم فيه الدول بالإحترام والشعوب بالسلام. ومن المرجح أن يتسع ويتقوى هذا المحور أكثر مما هو اليوم، حسب تطورات الأحداث التي من المتوقع أن تعرفها سورية خلال الأشهر القليلة القادمة.. وهذا هو “باطن” الصراع وجوهره وحقيقته التي تمثل الحرب على الإرهاب في سورية اليوم ظاهره المرئي للعيان فقط.
مفاتيح للفهم
وإذا كانت الحرب بمفهوم التخطيط العملياتي، تقتضي وضع مجموعة استراتيجيات ديبلوماسية، وإعلامية، وأمنية وعسكرية بأهداف دقيقة ومحددة، تصب جميعها في تحقيق الغاية النهائية من خوضها، فإننا أصبحنا اليوم نعرف الغاية من الحرب الكونية الدائرة اليوم في الملعب السوري، والمتمثلة في الدور الذي تلعبه “إمبراطورية روما الجديدة” وفق الرؤية التي أوضحناها أعلاه.. وبالتالي، فالنقاش الدائر اليوم على مستوى التحليل الموضوعي ينصب في مجمله حول تتبع المتغيرات على مستوى الإستراتيجيات لرصد التوجهات الجديدة على مستوى الخطاب، ومن ثم توقع مسارات وتطورات الصراع .. هذا هو المنهج المعتمد اليوم من قبل المحللين الإستراتيجيين الموضوعيين والمستقلين في الغرب. ومن مزايا هذا المنهج، أنه يساعد على استشراف مآلات الصراع حتى في غياب المعلومات الدقيقة التي يمكن أن تبنى عليها الإستنتاجات. كيف؟
الغاية و الإستراتيجيات
بحكم معرفتنا بالطبيعة العميقة للعقلية الأمريكية والعقيدة السياسية الثابتة لصناع الإستراتيجيا في الإدارة الأمريكية من قبل المحافظين القداما والجدد على حد سواء، وهو الموضوع الذي تحدثنا عنه بإسهاب في مقالة سابقة من جزئين تحت عنوان (أمريكا خلقها الله لقيادة العالم) نشرت على موقع بانوراما الشرق الأوسط، نستطيع الجزم بأن التسوية السياسية للأزمة التي تم الترويج لها إعلاميا على أساس مبادىء مؤتمر جنيف، هي عبارة عن تضليل في تضليل لتمرير الوقت وبيع وهم السلام للطيبين.. لسبب بسيط ووجيه، وهو أن الصراع في جوهره، وكما كشفت عنه القناع الحرب الدائرة منذ سنتين ونيف في سورية، هو لا يهم سورية بالذات، لا كنظام ولا كشعب يطالب بالحرية والديمقراطية، فذاك آخر هم يشغل الإدارة الأمريكية. وحتى إذا افترضنا حسن نية الإدارة الأمريكية، وسلمنا جدلا برغبتها واستعدادها للتسوية السياسية في سورية، فإن فقدان أمريكا لنقط القوة التي كانت تمتلكا قبل شهر، يجعلها في موقف المفاوض الضعيف الذي لم تعد له اليوم أوراق ضغط يقدمها لفرض شروطه في المفاوضات المقبلة، مما يجعلنا ننسنتج بالمحصلة، أن لقاء أوباما و بوتن في حزيران المقبل لو تم، فسيكون بروتوكوليا واستعراضيا أكثر منه لقاء جدي لحل الخلافات الحقيقية بين القوتين.. ما دام الرهان الاستراتيجي كما سبق وأوضحنا لا يتعلق بسورية كدولة، بل بصراع الأقطاب لإعادة اقتسام النفوذ، وهو ما لا يمكن أن تقبل به الإدارة الأمريكية في هذه المرحلة المبكرة من المواجهات، لأنه يتطلب الحسم في العديد من الملفات الحساسة والمعقدة في الشرق الأوسط و منطقة شرقي آسيا.
أما على مستوى الإستراتيجيات، فيمكن أن نتحدث بإيجاز عن ثلاث استراتيجيات معتمدة كروافد تخدم الدور الأمريكي في العالم وتصب في تحقيق الغاية المرسومة أو الهدف النهائي الأكبر.. وهي كالتالي: استراتيجية إعلامية، إستراتيجية ديبلوماسية و إستراتيجية أمنية. وقد استبعدنا في هذه المرحلة “مؤقتا” الإستراتيجية العسكرية لأن أمريكا نفسها استبدلتها باستراتيجية “الفوضى الخلاقة” أو “الحرب الناعمة” التي تدخل في مجال الإستراتيجية الأمنية.
ووفق هذه المنظومة المتكاملة، فإن كل من يعزف في الجوقة العالمية من مساندي وداعمي الرؤية الأمريكية، إنما يعزف نفس السينفونية وفق نفس النوتة التي وضعها المايسترو الأمريكي.. لكن، كل حسب الآلة التي يتقنها، والمقاطع المسندة إليه في تناغم تام. وليس صحيحا ما يروج له بعض المحللين العرب، من أن أمريكا أعطت لقطر والسعودية وتركيا مزيدا من الوقت حتى حزيران/يونيو المقبل لتحقيق نتائج مهمة على الأرض تستخدمها الإدارة الأمريكية كأوراق قوة خلال تفاوضها مع الروسي، لأن في الصراعات الدولية الكبرى، الاستراتيجيون الأمريكيون هم وحدهم من يتحكمون بخيوط اللعبة، ويوزعون الأدوار، ويديرون المعارك وفق خطط معدة مسبقا، يتم تحديثها بمرونة على ضوء التطورات الميدانية. أما بالنسبة للإستراتيجيات فنقول:
تداخل الإعلامي والدبلوماسي والأمني
الأمر هنا لا يحتاج لكثير ذكاء لمعرفة أن صناع الرأي القائمين على رأس إمبراطوريات الإعلام الضخمة في العالم من قنوات وفضائيات التضليل وتزييف الوعي، وكبريات الصحف ومراكز الدراسات والبحوث ومواقع الإنترنت وغيرها.. كلها تتغذى على الإشهار لتعيش وتروج لسلعة الزبون من دون إعتبار للحياد والاستقلالية والموضوعية.. هذه الشعارات انتهت من عالمنا اليوم الذي تحول إلى سوق كبير في فضاء مفتوح، يقوم على علم الماركتينغ في تسويق المنتجات من الحذاء إلى الأفكار. والذي يتعامل بأخلاق وضمير لا يكتب له النجاح بل يحارب وينتهي ويشطب إسمه من السوق. لهذا لم يعد للمثقف النزيه من دور يلعبه اليوم إلا إذا فهم طبيعة اللعبة وقبل بالإنخراط في مسرحية تزييف الوعي التي يديرها الإعلامي التاجر بإتقان ونجاح. نحن لا نتحدث هنا عن بعض الاستثناءات القليلة في عالمنا العربي والتي لا تستطيع التأثير في رأي عام أمي لا يقرأ ويفضل متابعة قنوات العهر الفضائية. كما أن مواجهة الغزو الفكري، كما قال الرئيس بشار الأسد للزفد اللبناني الذي زاره نهاية الأسبوع الماضي، يلزمه إرادة جماعية، وخطة واضحة وعملية على مستوى الأمة، وسورية جاهزة لدعم مشروع طموح من هذا النوع.
ونظرا لفعالية الاستراتيجية الإعلامية في كسب الرأي العام، خصوصا في المواضيع الحساسة التي تتعلق بأولويات أمريكا ومصالحها الحيوية في العالم زمن الحرب، كما كان الأمر بعد 11 من شتنبر/أيلول 2001 وفي أفغانستان والعراق، ثم في سورية اليوم، حيث لا يسمح للخصم أن يعزف منفردا على آلة تصدر أصواتا نساز تخرج عن الكورس فتشوش على تناغم وانسجام السينفونية التي تفرضها الإمبراطورية على أسماع العالم، وهو ما يفسر سبب قطع بث القنوات السورية والإيرانية (وقناة المنار في وقت من الأوقات)، وإغلاق حسابهم على التويتر والفيسبوك، لأن الصوت النشاز يثير الفضول ويفسد التناغم، وقد يفضح المستور ويؤثر على حسن سير الإستراتيجية.
ما نريد قوله هنا، هو أن هذه الإستراتيجية الإعلامية فشلت فشلا ذريعا، بمجرد أن سقطت شعارات الحرية والديمقراطية و’بشار’ الذي “يقتل شعبه”، وتبين للجميع أن الواقع هو عكس ما يتم الترويج له، فانقلب السحر على الساحر، وخرصت ألسن الشر، وبدأ الإعلام في الغرب وفي العالم العربي يتخبط في عجزه عن تبرير ما هو قائم مقارنة بما كان يروج له.. وبدأنا نلاحظ تطورا ملموسا على مستوى الوعي الشعبي، وأصبح الناس يدركون حقيقة المؤامرة التي تحاك ضد سورية والأمة، وأصبح الرأي العام الغربي يتسائل: – إذا كانت المعارضة السورية المزعومة تحارب نظام الأسد دفاعا عن حرية وكرامة الشعب السوري، فما محل القاعدة من الإعراب في هذا “العرس الديمقراطي الدموي”، وهي التي ترفع شعار إقامة إمارات ظلامية في المناطق التي تسيطر عليها في أفق إحياء دولة الخلافة الإسلامية؟.
لكن الغرب الذي خسر معركة الإعلام في الجولة الأولى لم يستسلم، وبدأ يروج لمهزلة جديدة مفادها أنه يعمل على تدريب معارضين في الأردن لمواجهة مقاتلي القاعدة والجيش النظامي معا.. هذا علما أنه لم يعد هناك شيىء إسمه معارضة سورية مسلحة، بدليل ما صرح به الرئيس الأسد لوفد من الأحزاب اللبنانية الذي زاره في دمشق نهاية الأسبوع المنصرم، حيث قال بصريح العبارة: “الجيش الحر انتهى، والقتال اليوم هو ضد الإرهاب القادم من 23 جنسية”. وهذا كلام دقيق ومسؤول يكذب مزاعم “حلف الشر” عن تدريب مقاتلين سوريين، ويوحي بأن شيئا خطيرا يحضر لسورية في الأفق المنظور، وله علاقة وثيقة بما ذكره الرئيس الأسد في خطابه الأخير عن مؤشرات وبوادر توحي بالعمل على تفجير الصراع ليشمل دول أخرى بالمنطقة ومنها على وجه الخصوص الأردن.
من هنا يفهم سبب التركيز بشكل لافت منذ حوالي أسبوعين على قضية مفتعلة إسمها “الأسلحة الكيماوية”، في محاولة محمومة للهروب من مأزق فشل مخطط تدمير سورية من الداخل من خلال الإرهاب. وذلك من خلال قلب الحقائق، وتنصل الغرب من مسؤوليته في دعم الإرهاب، والعزف على وثر الخوف من أن تسقط الأسلحة الكيماوية في يد تنظيم القاعدة في سورية حيث الدولة توجد على وشك الإنهيار وتهدد بتفجير المنطقة برمتها. وفق ما كتبه ‘ديميس روس’، المساعد الخاص السابق للرئيس الاميركي باراك أوباما، في مقالة له نشرتها مجلة “فورين بوليسي” الإثنين 22 أبريل/نيسان 2013 جاء فيها بالحرف: “مشكلة اللاجئين ليست وحدها هي التي تهدد الدول المجاورة لسوريا والمنطقة ككل، بل إن الانهيار الوشيك للدولة السورية يعني أنها لن تحافظ على سيطرتها المركزية على الأسلحة الكيميائية، فإذا لم يتم اتخاذ خطوات مسبقة للسيطرة على / أو تدمير هذه الأسلحة، فإن المصالح والقيم الأميركية أيضاً ستكون في خطر محدق”. وهذا الكلام معناه أنه لم يعد أمام الإدارة الأمريكية من حل في سورية اليوم سوى التدخل العسكري المباشر للسيطرة على السلاح الكيماوي قبل فوات الأوان.
وتناغما مع هذا الموقف الأمريكي الذي يتبنى الأطروحة الصهيونية بالكامل ويكشف عن طبيعة الصراع في المرحلة المقبلة، نلاحظ تركيز بريطانيا الجديد والمثير للإنتباه على قضية السلاح الكيماوي، وادعائها أنها تملك أدلة توثق لوقائع تفيد بأن النظام السوري استعمل هذا السلاح الفتاك ضد شعبه في مواقع بعينها. وهو الأمر الذي دفع فرنسا للاستغلال الطلب السوري الموجه إلى الأمم المتحدة للتحقيق في السلاح الكيماوي الذي استعملته المعارضة السورية ضد مدنيين بمساعدة من تركية، فضغطت (أي فرنسا) على مجلس الأمن لتوسيع مهمة لجنة التحقيق الأممية. والهدف كما فهمته سورية وحلفائها، كان عبارة عن محاولة خبيثة لإرسال مجموعة عملاء ضمن لجنة التحقيق الأممية، مهمتهم تزوير تقارير تؤكد مزاعم بريطانيا في هذا الصدد.. لذلك رفضت سورية المهمة وعادت البعثة أدراجها بعد أن كانت في الأردن تنتظر الضوء الأخضر لدخول الأراضي السورية. ومرة أخرى فشل الرهان على هذه الخطة الخبيثة، وكلنا يعرف ماذا نجم عن مثل هذه البعثات في العراق. لكن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين.
غير أن مأزق الغرب، وبعد أن افتضح أمره وتواطئه مع الإرهاب، لم يعد يملك اليوم من ورقة يسوق بها وهم تدخله السافر في سورية بعد الهزيمة المنكرة التي لحقت بأداوته من معارضة مسلحة وفلول الإرهلبيين، سوى التركيز على المخاوف الإسرائيلية ودول الجوار من مخاطر “السلاح الكيماوي”. وهذا معطى هام جدا يؤسس لفهم ما نحن بصدده اليوم وما خططت له “روما الجديدة” في المرحلة المقبلة والتي قد تنطلق خلال شهر يونيو/حزيران 2013، بعد الإنتهاء من الإعداد الأمني والعسكري واللوجستي لها.
وعلى المستوى الديبلوماسي، يمكن القول أن اجتماع ما يسمى بـ”أصدقاء سورية” الذي انعقد في اسطنبول نهاية الأسبوع المنصرم، لم تحضره سوى 11 دولة من بين 144، الأمر الذي يؤشر إلى انفراط عقد هذا التحالف المشبوه وفشله في تسويق ما يسمى بقضية المعارضة السورية. لكن الضربة القاضية هذه المرة جائت من تقديم “معاذ الخطيب” استقالته رسميا من سيرك المهرجين وتعيين “جورج صيرا” رئيسا مؤقتا للإئتلاف. وقبل ذلك، أعلن الائتلاف عن سحب ثقته من رئيس الحكومة المدعو “هيتو”، وبالتالي سقط وهم مشيخة قطر وجامعتها العبرية بعد أن لم يعد لمقعد المعارضة السورية من معنى، وأصبح من العسير إن لم يكن من المستحيل الترويج لمشروع الاعتراف بهذا الإئتلاف الكرتوني باعتباره ممثلا وحيدا للشعب السوري المزمع تقديمه في الأيام القادمة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة كسابقة لم يعرفها تاريخ هذه المنظمة، مما يفقد المشروع القيمة و الجدوى.
وفيما له علاقة بالطبخة الأمنية السرية التي تحضر لسورية، يمكن القول، أنه وبغض النظر عما دار ويدور بين أمريكا وروسيا من مفاوضات وصفقات لا تزال في مرحلة الأخذ والرد في الكواليس، وبغض النظر عما تحاول كسبه الإدارة الأمريكية لجهة تليين موقف إيران للقبول بالمفاوضات المباشرة والتخلي عن طموحاتها النووي مقابل الاعتراف لها بدور إقليمي في إطار الحلف الثلاتي الذي اقترحه أوباما قبل أيام على أساس أن يضم (تركية – إيران – مصر)، وبغض النظر عما يجري من مسرحيات عبثية في الجامعة العربية ومجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها سواء تلك التي تهتم باللاجئين أو حقوق الإنسان.. كل ذلك يدخل في إطار تعويم الوقت في انتظار استواء الطبخة والمرور لمرحلة الحسم.. فإن سيناريو المرحلة المقبلة هو الذي يتم الإعداد له بسرية تامة بدأت بزيارة أوباما الأخيرة للمنطقة، وتبعتها اجتماعات الإستماع التي عقدتها لجنة الأمن والدفاع في الكونغريس، وما تلى ذلك من زيارات لوزير الخارجية الأمريكي للمنطقة، ووزير الدفاع لإسرائيل وقادة قطر والإمارات والأردن وتركية لواشنطن. وتم الحديث عن صفقات أسلحة بقيمة 10 مليار دولار للسعودية والإمارات وصفقة أسلحة ضخمة لإسرائيل، أعلن صراحة أنها تمثل رسالة واضحة موجهة ضد ايران.
فهل معنى ذلك أن الأمر يتعلق برسالة تهديد جدي لثني إيران عن التدخل في الشأن السوري تمهيدا لتنفيذ المخطط الجديد الذي أعد لإنهاء الصراع في سورية عن طريق الحسم العسكري من المدخل الأردني؟..
خصوصا بعد اعتراف السفير الأمريكي في سورية أمام لجنة الكونجريس قبل أسبوع بأن “إيران تلعب دورا خبيثا في سورية”، والذي أعقبه تصريح من مسؤولين إيرانيين مفاده، أن إيران: “مستعدة لإرسال عشرات الآلاف من المقاتلين للدفاع عن سورية بالإضافة لمقاتلي حزب الله”. ويذكر كذلك، أن صحيفة “وورلد تريببيون” كانت قد أشارت بتاريخ 10 يناير/كانون الثاني 2013، إلى جود أكثر من عشرة آلاف من مقاتلي حزب الله على الأراضي السورية يقاتلون بجانب نظام الأسد، فيما ذكرت مصادر إعلامية غربية أخرى أن عناصر حزب الله دخلوا سورية لحماية المزارات المقدسة والمواقع الحساسة ومساندة الجيش السوري في تطهير الأرض من الإرهابيين، وتقدر هذه المصادر عددهم بـ 20 ألف مقاتل، هذا في الوقت الذي يجهل عدد المقاتلين الإيرانيين المتواجدين حاليا في سورية. وهو ما يفسر النجاح الذي حققه هذا التحالف في القضاء على المقاتلين من “الجيش الحر” و “القاعدة” معا.
خطة الحسم القادمة
المؤكد اليوم من المعلومات المتداولة بهذا الخصوص، أن زيارة أوباما الأخيرة للمنطقة وخاصة لإسرائيل والأردن، كان الهدف منها التسويق لخطة الحسم القادمة من مدخل “الأسلحة الكيماوية” والتي تذكر تقارير أنها مخازنها موزعة على 8 مواقع بسورية.. وقد بدأت تتضح هذه الخطة معالمها الواضحة مع جلسات الإستماع التي عقدتها لجنة من الكونجريس الأمريكي وأدلى أمامها بشهادات حول موضوع السلاح الكيماوي السوري كل من السفير الأمريكي في سورية ووزير الخارجية ووزير الدفاع، حيث قدموا رؤيتهم للحسم في سورية، وركزوا جميعا على الخطر الذي تمثله هذه الأسلحة الفتاكة على أمن إسرائيل ودول الجوار في حال سقوطها بيد مقاتلي القاعدة وحزب الله تحديدا.
وكلنا يذكر في هذا الصدد، الهجوم الذي نفذته قوة جوية إسرائيلية على مركز بحث في الجنوب الغربي من سوريا قبل بضعة أشهر، ثم ادعت أن الهجوم كان على قافلة يعتقد أنها تحمل أسلحة باليستية موجهة لحزب الله في الجنوب اللبناني. حينها لم يرد الجيش السوري، لأن الهدف الحقيقي – وفق خبراء – كان يتمثل في دفع سورية للرد وكشف مقدراتها في هذا المجال، قبل أن تقرر أمريكيا بشأن إنشاء منطقة عازلة في الجولان من دون أن تتعرض لمفاجآت.
ويتبين أن الإدارة الأمريكية قد حسمت خيارها في المرحلة القادمة بالتركيز على الأردن كحصان طروادة للنفاذ إلى العمق السوري بهدف قلب المعادلات على الأرض بدعوى تدمير مخازن الأسلحة الكيماوية. من هنا يفهم قرار بعث 200 جندي من المارينز إلى الأردن لينضموا إلى 150 من الجنود المتواجدين هناك، على أساس أن يتم استكمال العدد في الأسبوعين القادمين ليصل إلى 20.000 عنصر من الكوماندوس الخاص والمدرب على التدخل السريع والمركز بالإضافة لتدريب وإعداد ما تسميهم الإدارة الأمريكية بـ”مقاتلي المعارضة السورية”. وهي الاستراتيجية التي تحدث عنها ‘ديميس روس’ في مقاله المشار إليه أعلاه، والذي جاء فيه “الانهيار الوشيك للدولة السورية يعني أنها لن تحافظ على سيطرتها المركزية على الأسلحة الكيميائية، فإذا لم يتم اتخاذ خطوات مسبقة للسيطرة على / أو تدمير هذه الأسلحة، فإن المصالح والقيم الأميركية أيضاً ستكون في خطر محدق”.
وتقتضي هذه الإستراتيجية الجديدة التركيز في المرحلة الأولى على تدريب ما يسمى بـ”المعارضة السورية غير المتطرفة” وتسليحها بأسلحة نوعية قادرة على قلب معادلة الصراع لصالها، وعند قرب انهيار النظام، تستطيع فرق الكوماندوس الأمريكية بمساندة من قوات إسرائيلية خاصة، التدخل للسيطرة على الأسلحة الكيماوية وإخراجها من سورية أو تدميرها في عين المكان.
ويشرح ‘ديميس روس’ في المقالة المذكور أعلاه المرحلة الأولى من هذه الإستراتيجية بقوله: “الولايات المتحدة بحاجة أولاً إلى التركيز على تغيير موازين القوى على الأرض، ليس فقط بين المعارضة والنظام، ولكن داخل المعارضة نفسها، كما أنها بحاجة لبذل المزيد من الجهود لحماية الشعب السوري، والعمل على احتواء الصراع ومنعه من الانتشار خارج سوريا”، موضحا ان: “الولايات المتحدة لن تتمتع بنفوذ حقيقي في سوريا إلا إذا قدمت أسلحة متطورة إلى جانب المساعدات غير القاتلة التي تحصل عليها المعارضة السورية، حيث إن السبيل لتقويض هيمنة الإسلاميين ومنعهم من الصعود للسلطة لا يكمن في المسارعة بإسقاط الأسد، وإنما في تعزيز قدرات الجماعات التي تتطلع إلى مستقبل غير طائفي وشامل في سوريا”.
وواضح أن الأردن من جهته، قد وافق على الإنخراط بالكامل في الإستراتيجية الأمريكية الجديدة بعد تلقيه ضمانات من الرئيس أوباما بالدفاع عن الأردن ضد أي هجوم خارجي مصدره سورية، وتقرر تزويده بصوارخ باتريوت لحمايته من صواريخ إيران المحتملة. وقد حملت وكالة الأنباء الدولية يوم الإثنين 22 أبريل/نيسان 2013 موافقة الأردن الرسمية على فتح مجاله للطيران الإسرائيلي بهدف جمع معلومات عن مواقع السلاح الكيماوي السوري ومراقبة احتمال نقله إلى أماكن أخرى (برغم النفي الأردني)، في انتظار انتهاء المرحلة الأولى من الخطة وبدأ مرحلة التدخل لتدمير هذا السلاح الفتاك. كما أنه خلال المرحلة الأولى سيتم تسريب جحافل الإرهابيين من الحدود التركية إلى الشمال السوري وخاصة منهم القادمين من الشيشان، حيث يعتبر هؤلاء ثاني قوة إرهابية تقاتل في سورية بعد الليبيين.. ليتسنى بعد ذلك ربط تنفيذ مرحلة الحسم الثانية بحجة خطر الإرهابيين الشيشان الساعين إلى السيطرة على الأسلحة الكيماوية، والمجتمع الأمريكي لم ينسى بعد مسؤولية الشيشانيين عن تفجيرات بوسطن. وها هي مجموعة إرهابية شيشانية أقدمت اليوم الإثنين 22 أبريل/نيسان 2013 على خطف مطرانين (بولس اليازجي و يوحنا إبراهيم) لدى عودتهما من تركية عند مدخل مدينة حلب، ليعطى للعملية بعدا إعلاميا كبيرا وخطيرا يوفر الدعم الدولي لتنفيذ المرحلة الثانية من العدوان على سورية.
غير أن القيادة السورية قد وضعت الاستراتيجية المناسبة لمواجهة هذه الخطة التصعيدية الجديدة، بحيث أنها أقامت سدا عسكريا محكما على طول الحدود الجنوبية مع الأردن، بالإضافة إلى كمائن وأفخاخ من شأنها قطع الطريق على أية محاولة لتسلل إرهابيين أو غيرهم إلى العمق السوري. أما على الحدود مع الجولان المحتل، فللجيش السوري فرقا جاهزة من النخبة لم تشارك في الحرب الدائرة على الإرهاب، وعلى رأسها الفرقة الرابعة، وتنتظر أول خطأ ترتكبه إسرائيل لتبدأ حفلة تدمير المدن والمنشئات الحساسة بالصواريخ الباليستية في عمق الكيان الصهيوني، بموازات الزحف البري من جانب حزب الله داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويشار إلى أن المجال الجوي السوري مقفل بالكامل أمام الطيران الصهيوني الذي تعتمد عليه إسرائيل بشكل كبير لتدمير القدرات الجوية والصاروخية السورية تحت مسمى تدمير مخازن السلاح الكيماوي الذي يهدد أمنها وأمن المنطقة.
الموقف الروسي
روسيا من جهتها، استبقت هذه المستجدات بإرسال أسطول بحري جديد إلى ميناء بندر عباس في إيران ومن المتوقع أن ينضم خلال أيام إلى أسطولها المتواجد في البحر الأبيض قبالة السواحل السورية، لكن هذه المرة أعلنت روسيا أن الهدف هو المرابطة في المنطقة. وهو ما يعني بالتحليل العسكري أن سورية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يخطط لسورية، وأنها على أتم الإستعداد للدفاع عن سورية ضد أي تدخل عسكري محتمل، في حالة فكرت الولايات المتحدة والناتو حسم الصراع عسكريا في سورية، وبذات المناسبة ستواصل تزويد الجيش السوري بما يلزمه من أسلحة وذخائر. ويقول مراقبون أن روسيا جادة في تهديداته، وتعتبر أن سوريا تمثل خط الدفاع المتقدم عن موسكو. وهو الموقف الذي أكد ثباته الرئيس الأسد مؤخرا.
شاك هاغل في اسرائيل وحسن نصر الله في ايران
وفي الوقت الذي كان وزير الدفاع الأمريكي “شاك هاغل” يقوم بجولة مشبوهة في المنطقة تشمل اسرائيل وعمان والسعودية ومصر والإمارات للترويج لصفقة أسلحة ضخمة مع هذه الدول في رسالة موجهة لإيران، أعلن ‘هاغل’ يوم الأحد 21 أبريل/نيسان 2013 من إسرائيل، أن من حق الكيان الصهيوني الدفاع عن نفسه وحماية أمنه وسلامة مواطنيه، في إشارة ضمنية لضوء أخضر أمريكي يسمح للصهيوني بضرب أهداف سورية يعتبرها خطرا عليه.. ويذكر بالمناسبة، أن مسؤول عسكري صهيوني كبير كان قد صرح قبل يومين، أن تفجيرات بوسطن الإرهابية تخدم المصلحة العليا الإسرائيلية، لجهة كسب المزيد من دعم الشعب الأمريكي للكيان في حربه ضد الإرهابيين الذي يهددون أمنه في المنطقة.
في هذا الوقت، كان السيد حسن نصر الله يجتمع مع القيادة السياسية والعسكرية الإيرانية، حيث أوضحت مصادر لصحيفة “الرأي” التي أوردت الخبر أمس الأحد 21 أبريل/نيسان 2013، أن الوضع في سورية احتل مكانة مركزية في لقاءات السيد نصر الله مع المسؤولين الإيرانيين، حيث تمت مقاربة الوضع من زوايا عدة، منها: حمايات المقامات الدينية بسورية، واعتبار المعارضة السورية أداة في يد المصالح الكبرى، وإفرازات لدول الجوار، وصدى للسياسة الاميركية.
وتم الإتفاق على التعامل مع تلك المعارضة، ما دامت رافضة للحوار مع نظام الرئيس بشار الاسد وموالية للغرب، وفق معادلة “اضرب الضعيف ضرباً يهتز به فؤاد القوي”. وقد بدأت الامور – وفق المصادر الإيرانية – تُترجم عمليا على الارض من خلال تمكين النظام من تحقيق انتصارات سريعة وحاسمة أبهرت العالم.
كما اتفقت الاطراف التي شاركت في اجتماعات طهران، على الانتقال في سورية من موقع الدفاع الى الاجراءات الهجومية، رداً على الدعم الأمريكي – البريطاني – الفرنسي –التركي والخليجي للمعارضة.
ونقلت ذات المصادر عن جنرالات ايرانيين كبار قولهم: انه “إنفاذاً لاتفاق الدفاع المشترك مع سورية، فإن ايران في وسعها إرسال مئات الآلاف من رجالها الى سورية دفاعاً عن نظام الاسد وحماية لدوره في خط الممانعة، في حال تمادى الغرب في دعم المسلحين”.
لكن، وهذا هو بيت القصيد، وهو ما يفسر سفر السيد حسن نصر الله إلى إيران والإجتماع مع القيادات السياسية والعسكرية لتنسيق المواقف، هو أوردته المصادر عينها عن “الحرب الحتمية” مع اسرائيل في ضوء المباحثات التي اجراها الرئيس الاميركي باراك اوباما مع كل من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والملك الاردني عبد الله الثاني خلال زيارة اوباما الأخيرة للمنطقة. ففي تقويم المتحاورين في طهران ان “الحرب مع اسرائيل واقعة لا محالة، مما يوحي باستعدادات لملاقاتها”.
وهذا هو الحل الذي طالما أكدنا عليه في تحليلات سابقة، حيث قلنا أن الصراع في سوريا لن يعرف نهاية سلمية سعيدة قريبة، وأن النزاع سيطول أمدا طويلا لتدمير سورية من الداخل واستنزافها حتى تنهار قواها وتفقد دورها.. وبالتالي لا حل يبدو في الأفق سوى بتفجير الصراع ليشمل دول المنطقة، وخاصة إسرائيل والأردن الذي يبدو أنه في ورطة حقيقية بسبب الضغوط الأمريكية.. أما غير ذلك فالأمريكي ماض في مؤامرة تلو مؤامرة، وتحريض العرب ليذبح بعضهم بعضا، في الوقت الذي تتفرج فيه إسرائيل على المجازر والفتن المشتعلة، فرحة بما يجري من حولها من مشاريع تفتيت طائفية ومذهبية قائمة على قدم وساق، مستبشرة بنهاية قريبة لسورية الدولة والدور، باعتبارها آخر معاقل المقاومة والممانعة والصمود في المنطقة، ليتسنى لها التفرغ بعد ذلك لإيران.
لن يعرف العرب السلام إلا باجتثاث اسرائيل من المنطقة، هذه الغدة السراطنية المزروعة في جسدهم العليل الآيل للتفكك والإنفجار.
خاص بانوراما الشرق الاوسط نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية.
تعالت بالايام القليلة الماضية و ستتعالى بعض الاصوات بالمستقبل القريب تنديدا بدخول حزب الله على خط المواجهات الدائرة على الحدود السورية اللبنانية و بالتحديد مواجهات القصير التي تسارعت وتيرتها منذ اقل من اسبوع و التي ادت الى سيطرة الجيش السوري على ابرز مواقع المسلحين و التي اعتبرت ابرز معاقلهم هناك ..
تقول المصادر ان السفارة الاميريكية في بيروت و اسرائيل تراقبان عن كثب ما يجري على الحدود اللبنانية مع سوريا خصوصا بمنطقة الهرمل فالسفارة الاميركية تجمع معلومات من منطقة الهرمل ومن تلك المناطق عبر عملاء ارسلتهم الى المنطقة، لمعرفة حقيقة ما يجري..
المصادر نفسها اشارت ان واشنطن تفاجئت بقوة حزب الله وطريقة قتاله، كذلك قامت اسرائيل برصد كيفية تحرك حزب الله وكيفية وصوله الى المناطق واتخاذ خطوات عسكرية لا تتخذها الا جيوش محترفة..
قد يحتاج بعض الداخل اللبناني و بعض "الربيعيين العرب " الى اكثر من ما تشير اليه عبارة " قلق اسرائيلي " بخلفياتها و دلائلها لشرعنة تدخل حزب الله بالدفاع عن بلدات و قرى لبنانية و ليتاكدوا ان الامر يتعلق بنار قد تجتاح لبنان اذا لم يتم تداركها ..
هذا القلق الاسرائيلي الذي لم يكن موجودا و ما زال غير موجودا عندما يتسلل الارهابيين و المسلحين من لبنان الى سوريا و من طرابلس الى سوريا لان في هذا مصلحة حتمية لاسرائيل بزعزعة الامن السوري و الاستقرار فيها ..
حزب الله يعرف ان في عدم تدخله فتح الباب على مصرعيه للعملاء و الاستخبارات الصهيونية بالعبث و التدخل بالحدود لما في ذلك خطر كبير على سكان تلك المناطق و على قيادات وعناصر حزب الله التي تعيش بتلك المناطق بشكل طبيعي فهم ابناء هذه القرى و البلدات ..
حزب الله يعرف جيدا ان تدخله الفوري و الذي اتى بعد اطلاق المسلحين من داخل الاراضي السورية الصواريخ على قرى لبنانية حدودية في الهرمل و اوقع شهداء و جرحى و احدث بلبة في صفوف المواطنين هناك بات ضرورة لابعاد المسلحين الى الخلف خصوصا و ان الدولة اللبنانية لم تتحرك لايفقاف هذا الاعتداء ..رغم مالبة السكان بالنظر لحالهم و الا سيتدخلون بانفسهم بالدفاع عن ارضهم و حدودهم من الارهاب ..
حزب الله بالغنى عن الاتهامات القديمة الجديدة و النصح و الارشاد و اتهامه بالغنى عن
هل سيعني لحزب الله كثيرا ان يتهمه الممولين و المسلحين و المنخرطين بالازمة السورية بدخوله طرفا قد يورط لبنان حسب رؤيتهم و هم منذ اليوم الاول للازمة السورية غادروا لبنان بهدف ادارة المعارك و مساعدة المسلحين و دخلو فيها طرفا ؟
من يعرف حزب الله يعرف جيدا ان امنه و امن عناصره و امن قراه و ابعاد اسرائيل عن التمادي باستخباراتها فيها و عن مراقبة عناصره و مراقبة المواطنين و الذي يصب كله بخانة التعدي على لبنان هو هدفه الاول و الاخير..
حزب الله يعرف جيدا ايضا انهم يريدون استدراجه منذ زمن للمطالبة بقوات طوارئ دولية " يونيفيل " تشبه تلك التي بالجنوب اللبناني و ها قد علت الاصوات المطالبة بذلك ...
حزب الله "لن يسمع" و" لن يسمح" .... ..
...فاعذروا حزب الله ..
- في المئة يوم ركبوا أعلى ما في خيلهم لإسقاط سوريا سياسيا وعسكريا والزمن يضيق على رقبة الأميركي كما قلنا فعام 2014 لأفغانستان وحدها
- ينقلب التوسع والتمدد العسكري في الميدان من المعارضة إلى الجيش وتتساقط ما قالوا انها قلاع لا تهتز
- آخرها العتيبة غرفة عمليات القاعدة في كل بلاد الشام
- اين هولاند وسعود وأوغلو والتهديد والوعيد ؟
- حمد حزين في لقاء اوباما و بيان من سطرين ان الرئيس إستقبل الحمدين والصورة تقول بلسان اوباما : "إسمع يا حمد إتضبضب للأبد"
- كيري يعلن إتفاقه مع لافروف على تفاوض سوري سوري
- كي مون والإبراهيمي لمراقبين ووقف النار تمهيدا لإنتخابات بإشراف دولي
- الأوروبيون : شراء النفط وصفة تصفية المعارضة لبعضها البعض بحروب آبار النفط
- لا نهاية للأزمة بمئة يوم ولا توقف إطلاق النار بل وقف قرار الحرب العالمية
- حرب الكبار تربحها سوريا بصمودها وحلفها مع الكبار وتذكروا الصواريخ النووية الكورية
- يخرج الكبار من الحرب فيبقى صغارها تتكفل بهم صلية نار ودعوة حوار
8 أيام هي ثمانية والباقون هم الزبانية
حين روى مقاتل سعودي بطولاته على موقع «تويتر» في الشهور الأولى من القتال في سوريا، مشفوعة برسالة تحريضية على الهجرة إلى أرض الجهاد الجديدة، نبّه إلى تجربتيْ أفغانستان والعراق، حين كان السعوديون من التيار السلفي على وجه الخصوص ينفرون خفافاً وثقالاً للانخراط في معارك ضد الخصوم (القوات السوفياتية في أفغانستان والأميركية في العراق قبل أن تتحول إلى قتال ضد شيعته).
في أفغانستان، تمخّضت التجربة الجهادية عن ولادة تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، وتمثيل سعودي وازن في طبقتي القيادة والقاعدة التنظيمية، ظهر ذلك واضحاً في نسبة المتورطين السعوديين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، كما كشفت التجربة القتالية في العراق عن حجم لافت من السعوديين، وخصوصاً الانتحاريين، حيث ذكرت سجلات سنجار غرب العراق أنّ أغلبية الانتحاريين الذين دخلوا العراق بين أغسطس (آب) عام 2006 وأغسطس 2007 هم سعوديون. نشير هنا إلى الملف الساخن العالق بين الرياض وبغداد بخصوص السجناء لدى البلدين، حيث تحتفظ السلطات العراقية بعدد كبير من السجناء السعوديين المعتقلين على خلفية المشاركة في القتال ضد الدولة العراقية.
المشهد الجهادي في سوريا بدا مختلفاً تماماً بالنسبة إلى السعوديين، وكأنما ثمة «ردّة» مفاجئة ليس عن الجهاد فحسب بل عن كل محرّكاته البشرية والإيديولوجية والمادية. وبالرغم من وجود سابق لتنظيم جهادي مثل «كتائب عبدالله عزّام» في بلاد الشام، الذي يقوده السعودي صالح بن عبدالله القرعاوي، لم يلبث هذا التنظيم أن تلاشى في بحر المقاتلين الأجانب القادمين من خلف الحدود، وعبر منافذ تركية وعراقية ولبنانية وأخيراً أردنية.
السؤال: ما سر ضآلة تمثيل السعوديين وسط المقاتلين العرب والأجانب في سوريا؟
على المستوى السياسي الرسمي، تبدو رغبة الحكومة السعودية هذه المرة مقوننة، وموجّهة بما يحبط أي تداعيات محتملة لانخراط مواطنين سعوديين في تجارب «جهادية» جديدة. لا شك سوف تكون السلطات السعودية مسرورة لهجرة العناصر القاعدية من كل الجنسيات الى سوريا، بمن فيهم السعوديون، وسوف تمدّهم بالمال والسلاح كيما تبقيهم في ساحة القتال أمداً طويلاً. وقد كشفت وثيقة مهرّبة العام الفائت عن اتفاق بين وزارة الداخلية السعودية ومعتقلين من عناصر القاعدة محكوم عليهم بعقوبة الاعدام على القتال في سوريا، في سياق تسوية بين الطرفين.
المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي كان قد هدّد في 25 مارس (آذار) الماضي باعتقال كل من يعود من القتال في سوريا. قرأ البعض تهديداً كهذا على أنه رسالة للمقاتلين بعدم العودة، لأن الحكومة السعودية لا تريد ظاهرة «الأفغان العرب» أن تتكرر مجدداً، ولذلك فإنها تسعى من أجل أن يصبح مواطنوها بمثابة مقاتلين دوليين، متأهبين للانخراط في معارك متنقلة متى شاءت القوى الراعية لها، على ألا يعودوا إلى الديار. لم تشأ الحكومة السعودية تكرار تجربتي أفغانستان والعراق في سوريا، ولكن وفق مبدأ النأي بالنفس على الطريقة اللبنانية. فمن جهة، أطلقت الحكومة السعودية حملات التبرع للشعب السوري تحت رعاية الملك عبدالله، وما زالت الحملات متواصلة، ومن جهة أخرى، ثمة استنفار إعلامي متواصل لتغطية الحدث السوري.
فالدعم السعودي المطلوب شعبياً هو تبرعات مالية وصخب إعلامي شعبي يضمن القدر المتيقن من مشاغلة الرأي العام المحلي عن أي استحقاقات داخلية، على ألا يصل ذلك الى مستوى تجنيد العناصر السعودية في القتال. لا يعني ذلك البتة أن سوريا لم تستقبل سعوديين خلال سنتي الأزمة، ولكن الحديث عن «قوافل المجاهدين» كما كان المواطنون يلحظون مسيرتها في ثمانينيات القرن الماضي باتجاه أفغانستان، ولحظوا مسيرتها في العراق أيضاً بعد سقوط النظام في إبريل (نيسان) 2003، وتحدّثت عنها الصحف المحلية، وأفصحت عنها معارك نهر البارد في طرابلس في عام 2007، حيث كان العنصر السعودي نوعياً وكبيراً من الناحية العددية. القتال في سوريا كان هذه المرة من نصيب مقاتلي المغرب وشمال أفريقيا، وخصوصاً تونس والجزائر وليبيا، إلى جانب الشيشان. أما العناصر السعودية، فجنحوا للسلم، وعزفوا عن القتال، ولا صلة لذلك بالضرورة بتقويم الوضع السوري، مع النظام أم مع المعارضة، بل هم أقرب إلى الأخيرة، ولكن ثمّة تطوّرات فرضت نفسها وأحدثت تغييرات دراماتيكية في الرؤية والسلوك لدى طيف واسع من السعوديين، وفي البيئة السلفية على وجه الحصر. من باب العلم بالتعبئة السلفية السعودية إزاء النظام السوري، فإن الأخير من بين الأنظمة العربية كافة، كان حاضراً بكثافة في الأدبيات المذهبية السعودية لأكثر من ثلاثة عقود، بما يجعل إمكانية تجنيد عناصر سلفية سعودية للقتال في سوريا أمراً في غاية السهولة. وأيضاً، فإن علماء المؤسسة الدينية الرسمية عارضوا الثورات العربية واعتبروها من باب الفتن، والغوغائية والفساد. ولكن في سوريا، وعلى العكس تماماً، فقد أفتى رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح اللحيدان في إبريل (نيسان) 2011 بجواز قتل ثلث الشعب السوري كيما ينعم الثلثان، إضافة إلى فتاوى عديدة في السياق نفسه. فلماذا لم ينعكس هذا التحشيد السياسي والديني على العنصر السعودي وسط المقاتلين العرب والأجانب في سوريا؟
لا ريب أن مواقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك وتويتر) وهبت مواطني المملكة السعودية قناة حوارية نموذجية، افتقدوها طيلة تاريخ الدولة السعودية، وتحوّلت إلى ما يشبه مختبراً للأفكار والمواقف، وكذلك إلى سوق تعرض فيه بضائع من كل الأصناف، والأهم أنّ هذه المواقع تحوّلت إلى وعاء كبير يسكب فيه مواطنون همومهم وآمالهم وآلامهم. ونتوقف هنا عند الآلام، لأن ما يلحظه المراقب بخصوص الموضوع السوري يبدو مستغرباً. أثار ناشطون سعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ انطلاقة أول حملة تبرعات أعلنها الملك عبدالله في آذار (مارس) 2011، سؤالاً كبيراً يلخّص طائفة أسئلة تتصل بمواقف جوهرية من المؤسستين السياسية والدينية في المملكة السعودية. السؤال يتعلق بمصير أموال التبرعات، ومقصدها، ومآلها. بخلاف حملات تبرع سابقة، فإن بعضاً تردد وبعضاً آخر امتنع وبعضاً ثالثاً انتقد، فاضطرت العائلة المالكة إلى أن تفتح أمد الحملة زمنياً، فيما تدخّل الملك والأمراء لمزيد من التبرعات من أموالهم الخاصة تفادياً لفشل الحملة. الحملات الأهلية، بإشراف المشايخ، هي الأخرى واجهت المصير نفسه، وهناك من أطلق سحباً من الشكوك حول نيات المشايخ إزاء اهتمامهم بالتبرعات، ووضعت النيات على محك الصدقية، ولذلك صلة بموضوع آخر. مثّل مشايخ السلفية السعودية من الاتجاهات السياسية كافة العنصر التحريضي الحاسم في التجربتين الأفغانية والعراقية. ببساطة، لأن ثقة القاعدة الشعبية بالمشايخ مفرطة وغير خاضعة للنقاش بحال، بخلاف التجربة السورية، حيث بدت الثقة شبه مفقودة. ويبرز هنا أيضاً دور مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً «تويتر»، إذ أطلق ناشطون حملة تطالب المشايخ بإرسال أبنائهم للقتال في سوريا قبل دعوة الآخرين. يستدعي هؤلاء الناشطون قصة «مزحة» معاذ، ابن الداعية الصحوي الشيخ سلمان العودة، الذي بعث برسالة من هاتف خلوي في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004 يبلغ والده بأنه عازم على الهجرة للجهاد في العراق، الأمر الذي دفع الشيخ العودة إلى الاتصال العاجل بالسلطات السعودية للبحث عنه وإرجاعه. نفى العودة حينذاك أن يكون قد حرّض أحداً على الهجرة والجهاد في العراق. على أي حال، فإن غياب أبناء المشايخ عن ساحات الجهاد أثار سؤالاً مشروعاً حول المعني والمعفى من الجهاد.
من جهة ثانية، وفّرت مواقع التواصل الاجتماعي مساحة لعرض الأخبار الخاصة عن الحياة الفارهة للمشايخ، ثرواتهم، قصورهم، ما جعل قيمة التضحية بالمال والنفس موضع شك لدى من يبشرون بها ولا يعملون.
في نهاية المطاف، أطلقت التجربة السورية موجة أسئلة وكشفت عن جيل لم يعد يخضع بسهولة تحت تأثير التحريض بلغة دينية، ولسان حال كثيرين: من يدع للجهاد فليقدّم نفسه وأبناءه قبل أبناء غيره.
[IMG]http://www.mepanorama.com/wp-*******/uploads/2013/05/mepanorama6132.jpg[/IMG]
أحمد الشرقاوي
إسرائيل تتحدى ايرن وحزب الله وتقصف سورية
من المبكر الحديث عن خلفيات العدوان الإسرائيلي على سورية، فالمعلومات لا تزال شحيحة بشأن طبيعة الهجوم والأهداف الحقيقية الكامنة من ورائه، كما أن مواقف حلف المقاومة الرسمية بشأن طريقة التعامل مع هذا الإستفزاز المتعمد والخطير لم تصدر بعد بشكل واضح وحاسم باستثناء موقف إيراني المعلن على لسان وزير خارجيتها والذي سنتطرق لفحواه ومعناه بعد قليل، في حين أن الآراء والتحليلات الأولية تبدو متضاربة بشأن الأهداف من وراء إقدام إسرائيل للمرة الثانية هذا العام على ضرب نفس الموقع (المرة الأولى كانت في شهر يناير/كانون الثاني 2013).
وفي انتظار وضوح الصورة الرسمية كاملة، فما يمكن استنتاجه حتى الساعة، هو أن الهدف المعلن من قبل إسرائيل والإدارة الأمريكية على لسان الرئيس أوباما، يمكن اختزاله في العبارة التالية: “من حق إسرائيل أن تقلق على أمنها وتمنع نقل شحنات الأسلحة الإيرانية المتطورة من سورية إلى حزب الله”.
هذا الكلام معناه أن إسرائيل باعتبارها “الوكيل” ما كان لها أن تغامر بالعدوان على سورية دون ضوء أخضر من “الأصيل” الذي هو أمريكا، وهو ما أكدته صحيفة “نيويورك تامز” اليوم بقولها أن الإدارة الأمريكية كانت على علم بالعملية. الخطاب الأمريكي صيغ ليوجه للرأي العام الأمريكي الداخلي والحكومات الغربية المتحالفة مع الإدارة الأمريكية، ويحمل في طياته شرعنة للعدوان تحت يافطة “حق الدفاع عن النفس”، ويبعث برسالة تحدي واستفزاز لمحور المقاومة بربطه المتعمد بين شحنات السلاح “الإيراني” التي تنقله “سورية” إلى منظمة “حزب الله” التي تعتبرها أمريكا “إرهابية”.
هل سيأتي الرد قريبا؟
واضح أن هذا العدوان يأتي هذه المرة في ظرفية خاصة جدا، اتسمت بقرب إعلان الجيش العربي السوري انتصاره الميداني على عصابات جبهة النصرة التكفيرية المدعومة أمريكيا وإسرائيليا وخليجيا، وبعد خطاب السيد حسن نصر الله الذي أكد فيه أن حلف المقاومة سيدافع عن سورية ولن يسمح بسقوطها في يد الأمريكي والإسرائيلي والجماعات التكفيرية. وهو ما جعل الشارع العربي (مناصرين لمحور المقاومة ومناوئين له على حد سواء)، يطرح السؤال التالي:
• هل سينفذ محور المقاومة وعيده ويرد على العدوان الإسرائيلي، باعتباره استفزازا متعمدا وتحديا مباشرا يضعه في مأزق أمام الرأي العام العربي والإسلامي والدولي؟
نستطيع أن نستبق الموقف الرسمي ونؤكد أن الرد هذه المرة سيكون قريبا، قويا، حاسما و قاطعا لا لبس فيه، لكننا لا نستطيع الجزم إن كان هذا الرد سيكون بداية النهاية بالنسبة لإسرائيل إلا إذا ردت إسرائيل على الرد. لأننا نتوقع أن لا يكون الرد في المرحلة الأولى جماعيا من قبل محور المقاومة، بل ستقوم سورية منفردة بالرد على قدر الإعتداء، باعتبار أن الذي أصبح اليوم في الميزان هو كرامة سورية المعتدى عليها ومن ورائها محور المقاومة والحلفاء (روسيا والصين)، وهو أمر لا يمكن أن يمر مرور الكرام كما كان الحال في الماضي، خصوصا بعد دخول الإمام خامئني شخصيا على الخط، ولأول مرة، وتهديد إسرائيل بمحو حيفا وتل أبيب من الوجود، وتلاه بعد ذلك تهديد السيد حسن نصر الله الواضح والصريح الذي ربط من خلاله بين ما يقع في سورية وبقية محور المقاومة، واعتبر استهداف سورية حرب وجود تستهدف حلف المنتصرين كله، وهو ما لا يمكن القبول به.
لكن علينا أن نضع في الإعتبار أن ردا من هذا القبيل لا يخضع لقرار الرئيس بشار الأسد وحده، ولا يأخذ بالإعتبار عواطف الشارع المناصر والمناىء على حد سواء، بل يمر عبر سلسلة مشاورات تبدأ من سورية ولبنان وإيران وتنتهي في روسيا والصين. وعندما يتخذ القرار بطبيعة الرد وليس بالرد، لأن القرار بالرد قد اتخذ، فحينها يكون التنفيذ. لكن في انتظار ذلك، توضع الجيوش في حالة تأهب قصوى، وتنصب الصواريخ، وتزود الطائرات بالوقود، وتحرك الغواصات والبوارج، وتخرج الأسلحة النوعية من المخازن، ويتم تحديث خرائط الدفاع وخطط الهجوم.
لكن، ما الذي قصفته إسرائيل في سورية.. بحكم أن الرد يفترض أن يكون بحجم الإعتداء؟
المؤكد وفق شهود عيان وما نقله مراسلو الفضائيات من عين المكان، أن ما تم قصفه من قبل الطيران الإسرائيلي هو مخزن سلاح وذخيرة في قلب ثكنة عسكرية، ومركز صناعي لإعداد الغداء للجيش السوري، بالإضافة لمزارع دواجن لفلاحين بالمنطقة. المعلومات الأولية تؤكد أن لا وجود لصواريخ متطورة كانت تنقل لحزب الله كما ادعت إسرائيل. لكن ما يثير الشك والريبة، هو أن المتمردين كانوا على علم بالغارة وتوقيتها بالضبط، حيث تمكنوا من تصوير الإنفجار مباشرة أثناء وقوعه وبثه على وسائل الإعلام الإلكترونية. وما يؤكد هذه الفرضية كذلك، أن مجموعات إرهابية سارعت إلى الهجوم على نقط حراسة عسكرية عديدة، في محاولة منها للتسلل إلى دمشق من عدة محاور في نفس الوقت، وهي العملية التي أفشلها الجيش السوري بسرعة ونجح في صد المهاجمين وإلحاق خسائر فادحة في صفوفهم.
هذا الأمر يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن العملية تمت على مستوى التخطيط، بتنسيق كامل بين “الموساد” الصهيوني ومخابرات “بندر بوش” بضوء أمريكي واضح. وعلى مستوى التنفيذ، فالعملية العسكرية تمت بتنسيق بين الجيش الصهيوني والعصابات الإرهابية التي تتحكم فيها المخابرات السعودية والأمريكية على الأرض. وهو ما يؤشر إلى أمرين هامين: الأول، أن اسرائيل متورطة في الصراع السوري بشكل مباشر، سواء من خلال تزويد المتمردين بالسلاح النوعي (وفق ما تمت مصادرته من قبل الجيش العربي السوري)، أو من خلال توفير غطاء جوي لتمكين العصابات الإرهابية من اختراق الحواجز المقامة على مشارف العاصمة وخصوصا في محيط جبل “قسيون”، والتسلل إلى دمشق، سواء من أجل التسريع بمعركة الحسم والمصير على مستوى العاصمة، وهي المعركة التي فشلت فيها العصابات الإجرامية أكثر من مرة، أو من أجل تنفيذ مخطط ما.. لم تتضح معالمه بعد.
خصوصا بعد أن اتضح أن الرئيس السوري يغامر في تنقلاته وظهوره واختلاطه بآلاف المواطنين، بشكل يمثل خطرا كبيرا على حياته، وتحديا غير مقبول من مسؤول في مستواه ووضعه، ضدا في االإجراءات الأمنية الواجبة الإتباع في الحالة السورية الراهنة.. نقول هذا لأن خطورة العدوان تكمن في أنه تم عبر الأراضي الأردنية، وكلنا يعلم ما يحضر في الأردن من مؤامرات ضد الرئيس شخصيا. كما أن هذا العدوان أكد ما كانت تنفيه السلطات الأردنية فيما له علاقة بالسماح لإسرائيل باستعمال أجوائها للعدوان على سورية. ما يحتم أن يشمل الرد السوري المنظور الأردن كذلك.
لم يكن الهدف المعلن إذن من قبل إسرائيل والولايات المتحدة هو الذي دفع جيش العدو لقصف ما قيل أنه مركز للبحوث العلمية بريف دمشق.. لأن المركز في حد ذاته لم يتعرض للقصف، كما أن حزب الله وعلى لسان السيد حسن نصر الله، سبق وأن أكد في خطابه الأخير، أن الحزب ليس بحاجة لسلاح من خارج لبنان، وأن له ما يكفي ويفيض عن حاجاته ويغطي كل عدوان إسرائيلي مستقبلا على لبنان. كما أن إيران نفت رسميا أن يكون القصف قد طال شحنة صواريخ بعثتها إلى سورية بهدف نقلها إلى حزب الله.
وحيث أن حزب الله لا يكذب.. وإيران لا تكذب.. فإن إسرائيل وأمريكا يكذبان.. هذا ما يقوله التاريخ وتدعمه شواهد سابقة عديدة. ما يعيد طرح السؤال حول الهدف الحقيقي من وراء العدوان، والذي سيتضح قريبا لا محالة.
الموقف الإيراني: اسرائيل تسعى لتفجير المنطقة
إيران هي أول من أصدرت مجموعة من التصريحات على لسان مسؤولين كبار سواء في السياسة أو العسكر. وفي الوقت الذي قال الناطق الرسمي بإسم الحكومة الإيرانية: “أن الهدف من الهجوم على سورية هو ضرب أمن المنطقة وزعزعة استقرارها” مضيفا “أن إيران لن تسمح لإسرائيل بالعبث بأمن المنطقة”. هذا كلام سياسي كبير، يضع الهجوم الإسرائيلي برسم الإنفجار الكبير الذي تدفع إسرائيل في اتجاه حدوثه. ويفهم منه أن إسرائيل تحاول توريط الجميع في حرب إقليمية طاحنة ضد سورية وإيران وحزب الله. بمعنى، أن إسرائيل بضربها لسورية التي تمثل محور المقاومة، تكون كمن ضرب إيران وحزب الله في نفس الوقت. هذه الرسالة فهمتها إيران وفضحتها وحذرت من تداعياتها على إسرائيل وعلى كل من يقف ورائها لدفع المنطقة إلى الإنفجار.
قائد سلاح البر الايراني الجنرال أحمد رضا بورداستان قال أن “إيران مستعدة لتدريب الجيش السوري”، وهذا الكلام يترجم سياسيا بما معناه، أن إيران مستعدة لبعث قوات عسكرية للمشاركة في القتال إلى جانب الجيش العربي السوري. لأن ما دفع إسرائيل للعدوان على سورية هو الخطورة الحقيقية والمضاعفة التي أصبح عليها الجيش العربي السوري من قدرة وحنكة ومهارات، بسبب انخراطه خلال أزيد من سنتين في حرب قاسية طاحنة ضد عصابات الإرهاب والإجرام التي تقاتل من أجل أن تموت (وهذه أخطر عقيدة مخيفة لكل جيوش العالم)، وهو ما شكل تدريبا ميدانيا حقيقيا ومتواصلا، الأمر الذي أكسبه جهوزية لا يتمتع بها اليوم أي جيش في المنطقة بما في ذلك الجيش الصهيوني.
رئيس البرلمان سعيد لاريجاني قال: “أن الأزمة السورية هدفها بالمحصلة إضعاف محور المقاومة” وأن إيران لم يغب عنها هذا الهدف وستواجهه بما يلزم من حسم. وهو ما يعني أن محور المقاومة يتصر على أن الغارة الصهيونية تعتبر “عدوانا” على محور المقاومة وليس “إعتداءا” على سورية، كما تروج لذلك بعض وسائل الإعلام المدفوعة الأجر، وبالتالي، فلا يمكن أن يمر من دون رد مناسب.
لكن الموقف الأخطر على الإطلاق، هو الذي عبر عنه وزير الخارجية الإيراني، والذي جاء فيه: “هناك رد ساحق سيزيل كل أنواع الظلم في المنطقة”. هذا التصريح قلب كل المعادلات، وجعل الجميع يراجع حساباته من جديد. لأن كلاما من هذا الحجم والمستوى الرسمي الذي صدر عنه، يعني أن الرد المقبل قادم في المدى المنظور، وسيركز أساسا على تحرير فلسطين من الظلم التاريخي الذي فرض عليها، وسيضع حدا نهائيا لتآمر الغرب وعربان الخليح. هذا ترجمة حقيقية لما كان قد قاله السيد حسن نصر الله ذات خطاب، بأن الحرب المقبلة مع إسرائيل، ستغير وجه المنطقة إلى الأبد.
وهنا لا بد من السؤال: هل ورط باراك حسين أوباما إسرائيل لتفجير المنطقة برمتها، ليتخلص من خبثها وتآمرها وينتقم منها بطريقة غير مباشرة بسبب الإنهيار الذي أوصلت إليه الولايات المتحدة على المستوى السياسي والإقتصادي والإنحسار على المستوى العسكري؟.. سؤال ستجيب عنه الأيام القليلة الماضية بعد الرد السوري.
موقف حزب الله
لم يصدر بعد موقف رسمي من حزب الله، لكن “غسان بن جدو” من قناة “الميادين”، نقل عن مصدر بالحزب لم يسميه، قوله: “ما وقع هو إعلان حرب والرد قادم قريبا جدا”. وهو ما يؤكد أن محور المقاومة قد اتخد قرارا حاسما ونهائيا بالرد. وفي رأي “بن جدو” أن حزب الله قد أعلن حالة الإستنفار القصوى، ولا يهتم لما يقوله الفرقاء في لبنان أو غيره. وأن الحزب يرى أن الرد هذه المرة لن يكون موضعيا فقط، بل ستكون حربا مفتوحة على كل الإحتمالات، لأن محور المقاومة ينظر إلي هذا الإعتداء باعتباره تهديدا وجوديا، فإما أن ينتصر محور المقاومة ويكون أو لا يكون. هذه هي المعادلة الجديدة وفق منطق حزب الله وحلفائه.
الموقف السوري
وبالنسبة لسورية، يعتبر هذا العدوان انتهاكا للقانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة، ويضع حدا نهائيا لإتفاقية فك الإشتباك الموقعة مع إسرائيل عام 1974. وتعتبر دمشق أن العدوان عليها هو عدوان على كل المقاومة ويدخل في إطار مؤامرة دولية لتغيير المعادلة على الأرض، خصوصا بعد نجاح الجيش العربي السوري في نحقيق انتصارات سريعة وواضحة على الأرض، الأمر الذي أقلق معسكر العدوان الغربي، فأوعز لإسرائيل بالتدخل لمساندة عصابات الإجرام الإرهابية وإعادة خلط أوراق الصراع في المنطقة، قطعا للطريق أمام أية إمكانية للإستقرار أو الحل السياسي المرتقب. وهذا ما كانت قد خذحذرت منه روسيا واعتبرت أن إدارة أوباما تخدعها بالحديث عن الحل السياسي في الوزقت الذي تدفع فيه الأمور نحو الإنفجار العسكري.
الموقف الإسرائيلي: العدوان رسالة ردع لإيران وحزب الله
وسط صمت رسمي إسرائيلي مريب، خرج وزير الحرب الصهيوني الأسبق، ورئيس حزب كاديما، “شاؤل موفاز”، ليقول: “إن الغارات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف في سوريا هدفها منع تعاظم قوة حزب الله وردع إيران”. وهو ما دفع محللون إسرائيليون إلى التحذير من اللعب بالنار ومن عواقب دخول إسرائيل في الحرب الدائرة في سوريا واحتمال اندلاع حرب إقليمية.. وهذا هو المغزى السياسي العميق للتصريح الإيراني. كما قال ساسة صهاينة أن الهدف من العملية هو منع “حزب الله” من التدخل في الصراع الدائر في سورية، في إشارة منهم للصراع الدائر على مشارف مدينة القصير التي توشك أن تسقط في يد الجيش العربي السوري، باعتبارها آخر أكبر مخازن السلاح ومعاقل الإرهابيين، وما سينتج عن هذا النصر الكبير من قطع لطرق الإمداد بين لبنان وسورية.
آخر الأخبار تتحدث عن أن رئيس الحكومة الصهيونية “نتنياهو” ألغى زيارته المقررة إلى الصين، وعقد اجتماعا أمنيا موسعا ومغلقا، سيضل مفتوحا إلى أجل غير مسمى. الأنباء الواردة من إسرائيل تتحدث عن أن القيادة العسكرية استشعرت تحركا عسكريا في لبنان وسورية وإيران، وأن شيئا خطيرا سيحدث في المنطقة، وأن الأمر قد يخرج بالكامل من يدها، وأن الصواريخ نصبت وتم توجيهها للمدن الإسرائيلية، وكل المؤشرات تؤكد أن شيئا خطرا داهما يربص بها. في ذات الوقت، وضع الجيش في حالة تأهب قصوى، ونصبت بطاريات القبة الحديدة في محيط حيفا وعدد من المواقع الحساسة، وأغلق المجال الجوي فوق سماء حيفا وفي الشمال على الحدود مع لبنان، وأعطيت أوامر لتعزيز الأمن في السفارات والقنصليات والمصالح الصهيونية في العالم.. هذا معناه، أن الرد المنتظر سيكون بحجم الكارثة.. الديبلوماسية الإسرائيلية نشطت على الخط الدولي في محاولة للضغط على روسية لامتصاص الصدمة والضغط على محور المقاومة ليضبط نفسه.
المحلل العسكري في صحيفة (يديعوت أحرونوت) ألكس فيشمان، أشار الأحد إلى أن الغارات الإسرائيلية ضد سوريا لن تردعها وتشكل خطرا حيال احتمال نشوب حرب إقليمية. وأشار فيشمان إلى أنه “ليس الجميع في الإدارة الأميركية يحبون هذا الاستقلال (الإسرائيلي بشن هذه الغارات) وربما هذا هو السبب للتسريبات التي تدعي أن هذه غارات إسرائيلية قد جاءت من جانب موظفين أميركيين”. وهو ما يعتبر تحديا للرئيس أوباما الذي أعلن عن أن مصلحة أمريكا وأمنها القومي لا يسمحان ببعث جنود أمريكيين إلى سورية.
لكن محلل الشؤون العربية في (هآرتس) تسفي بارئيل، رأى أن الغارات الإسرائيلية في سوريا في الأيام الأخيرة تشير إلى وجود “مصلحة مشتركة لإسرائيل والمتمردين”، وأن “إسرائيل قد توسع عملياتها الجوية في سوريا من أجل منح مظلة لحماية المتمردين أيضا”. لكنه خلص إلى التحذير من أن “تدخلا إسرائيليا كهذا من شأنه أن يمنح الشرعية لتدخل من جانب إيران وحزب الله في القتال الدائر في سوريا وحتى أنه قد يؤدي إلى فتح جبهة أخرى من جهة لبنان”.
وكان لافتا حدا أن تشير (هآرتس) في هذا السياق إلى أقوال الكولونيل الأمريكي “لورانس ويلكرسون”، الذي تولى منصب مدير مكتب وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولين باول بين الأعوام 2002 – 2005، بأن إسرائيل هي التي استخدمت سلاحا كيميائيا في سوريا، في إطار عملية تضليل غايتها تجريم النظام السوري وجر المجتمع الدةلي لشن حرب لإسقاطه. وكان الكولونيل الأمريكي قد وصف هذه العملية بأنها “عَلم مزيف” وهو مصطلح مأخوذ من القتال البحري ويعني أن أحد جانبي القتال يتنكر بأنه الجانب الآخر من أجل تضليل عدوه أو الابتعاد عن تحمله مسؤولية عمليات عسكرية. ونقلت الصحيفة عن ويلكرسون تبريره لفرضيته هذه بالقول: “يحكم في إسرائيل نظام يفتقر للقدرات في المجال الجيو – استراتيجي والجيو – سياسي”. وأردف ويلكرسون: “قد شاهدنا أدلة مثيرة على ذلك عندما تعين على الرئيس (الأمريكي باراك) أوباما أن يقول لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو: أجر محادثة مع أنقرة، أيها الغبي، وأخرج نفسك من العزلة التي تتواجد فيها” في إشارة إلى اتصال نتنياهو مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان وتقديم اعتذار على مهاجمة أسطول الحرية التركي.
في انتظار الكارثة
أنباء غير مؤكدة تتحدث عن أن الرئيس السوري أمهل الرئيس بوتن 6 ساعات لموافاته بموقفه النهائي. لم يصدر بعد موقف رسمي عن سورية والصين، لكن الجميع منهمك في دراسة العدوان وأوجه الرد في جلسات أمنية مغلقة. هذه الليلة قد يظهر الخيط الأبيض من الأسود، ونسمع تصريحات رسمية روسية وصينية وسورية تفصح عن الموقف النهائي بشأن الرد المرتقب، وقد يأتي الرد قبل الموقف، عملا بمقولة “إضرب واشرح بعد ذلك”.
وفي انتظار ذلك، نحن الآن أمام حادثة لها هدفان: هدف ظاهر يقول أن الهجوم هو لمنع شحن صواريخ متطورة لحزب الله، وهو الهدف المخادع الذي تختبأ ورائه إسرائيل، وهناك هدف باطن كبير تسعى إسرائيل لتحقيقه من خلال تفجير المنطقة وتوريط أمريكا والغرب في الحرب على سورية وحزب الله وإيران وربما روسيا كذلك. لأن إسرائيل لا تستصيغ أن يبقى الرئيس الأسد في السلطة وتخرج سورية منتصرة ليبقى محور المقاومة قويا يهدد كيانها ووجودها ويفشل كل مخططاتها للسيطرة على مقدرات المنطقة.
لكن إن كان للعدوان الإسرائيلي الجديد على سورية من مزية، فإنه كشف للمضللين إعلاميا وكل من كان لا يزال لديه شك في حقيقة الحرب الكونية الدائرة اليوم في سورية، أن خيوط المؤامرة بدأت تنكشف علنا، ولم يعد الحديث لا عن ثورة ولا من يحزنون، فتدخلت إسرائيل مباشرة في الحرب على سورية بعد أن وصلت إلى قناعة مفادها، أن عصابات الإرهاب الصهيو – وهابية تقهقرت في معظم الجغرافية السورية، وفقدت عديد المواقع التي كانت تسيطر عليها.. وفشلت فيما كانت تسميه بمعركة الحسم في دمشق، لذا تحرك الحليف الصهيوني بطلب من أبناء عمومته عربان الخليج لينقد ماء وجوههم البئيسة الكالحة، ويبعث في قلوبهم المريضة المنافقة بصيص أمل يعيشون على وهمه قبل أن يبدأ العد العكسي لنهايتهم وانهيار نظمهم العميلة.. غير أن مكرهم ارتد عليهم وجائت النتائج عكسية تماما.. حيث يمكن القول اليوم أن هذا التدخل الإسرائيلي السافر في الصراع السوري، إنما سيعجل بانفحار المنطقة وسقوط أنظمة العهر والبورديل والخيانة، وسيرفع الظلم عن فلسطين وكل الشعوب المستضعفة في الوطن العربي.
هناك مؤشرات إيجابية تدل على أن الشارع العربي بدأ يتحرك بكثافة، رافضا هذا العدوان الغاشم على سورية، ومن شأن تنامي هذا الحراك وخروج المظاهرات في الوطن العربي والدول الأوروبية حيث يتحضر المجتمع المدني المناهض للحرب لمسيرات مليونية ضد العدوان الصهيوني، أن يقلب كل المعادلات السياسية والحسابات العسكرية، ويعطي لمحور المقاومة دعما معنويا قويا. لأن البوصلة هذه المرة هي فلسطين التي توحد الأمة، لا سورية التي كانت ضحية مؤامرة إعلامية وإرهابية وإقتصادية وعسكرية لأزيد من سنتين.
أتى أمر الله فلا تستعجلون…
خاص بانوراما الشرق الاوسط نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية
غارات اسرائيلية على ريف دمشق تقول تل ابيب انها ردا على ايران ومنع تعاظم قوة حزب الله وانباء عن القبض على طيارين واقتربت ساعة الهاوية او تكاد!
سباق ماراتوني غير مسبوق تعيشه الدوائر الامريكية بين الاعداد للتسوية اذعانا لوقائع الميدان وبين التهويل بتصعيد الحرب المفتوحة على سورية!
تخبط غير مسبوق تعيشه الادارة الامريكية بين الاذعان للتفاوض مع الروس بالنيابة عن وكلائها الاقليميين الذين خسروا رهان اسقاط الاسد ودخول دمشق فاتحين؛ وبين منح تل ابيب ضوءا اخضر لخلط الاوراق ومحاولة تغيير معادلة الميدان !
‘في هذه الاثناء فان اصابع موسادية اتخذت لنفسها منحى تصعيديا من خلال التمادي في عمليات العبث بقبور الاولياء والصالحين من صحابة النبي الاعظم ومن آله ومن والاه متجاوزة كل الخطوط الحمر بنبش قبر الصحابي الجليل حجر بن عدي في محاولة واضحة لتأجيج الفتن المذهبية المتنقلة لتؤكد ذلك التخبط واضطراب العقول والموازين لدى قادة الروم !
وحده ‘السيد’ من بين زعماء العرب لم تضطرب لديه الموازين وقرر إعارة جمجمته لله وغرس قدميه في عمق الارض العربية ورمى بصره في اقصى القوم من الروم والصهاينة محددا اتجاه بوصلته التي لا تخطئ بكلام لا يقبل التأويل او التفسير: لن نسمح لسورية ان تسقط بيد امريكا او اسرائيل او التكفيريين!
‘بالمقابل فانهم سيظلون على بؤسهم ويأسهم اولئك ‘المرجفين في المدينة’ عندما يحاولون ‘التفنن’ بالتحليل و’اللعب’ على وتر الطائفية والمذهبية احيانا وعلى نبض ‘الحرية’ احيانا اخرى عندما يتهمون السيد بالوقوف مع الظلمة مقابل الشعب السوري العظيم !
بينما هم اكثر من يعرف بان اصطفاف السيد وانصاره انما هو في جوهره ضد الظلم والطغيان الدولي المتربص بقضية فلسطين وما الساحة السورية الا ميدان اختبار جديد بين من انصار الوعد الصادق وبين عملاء حاكم العالم الظالم والطاغية الاكبر الذي يريد تطويب ‘ اسرائيل ‘ بالتحايل على جمهور الامة مرة باسم ‘مبادرة السلام العربية’ ومرة ثانية باخرى ‘معدلة’ وكأن ارضنا واوطاننا وقيمنا وديننا براميل نفط وغاز او بضاعة بتروكيماوية تخضع لاسعار البورصة
من هنا تأتي اهمية تحذيرات سيد المقاومة وندائه للمنازلة ‘وقوله فماذا لو تدحرجت الامور؟
‘وقوله انى من يقاتل مثلث الاستكبار العالمي والرجعية الاقليمية والاسلام الامريكي حتى الان هو الجيش العربي السوري كما تؤكد وقائع الميدان، فماذا لو دخلت قوات دول وكتائب احزاب مقاومة وجحافل متشوقة للشهادة دفاعا عن اصحاب نبيها واهل بيته ؟
‘وهنا ثمة من قرأ تحذيرات نصر الله باحتمالات التدحرج على الشكل التالي :
لو تدحرجت الامور ولم يذعن اوباما للتفاوض والقبول بقواعد اللعبة الجديدة ومعادلات الميدان الفعلية على الارض السورية عليه ان يستعد لدفع اثمان باهظة.
لو تدحرجت الامور وركب اوباما رأسه وقرر التصعيد على مستوى المنطقة فانه قد يستفيق من نوم احدى لياليه ليقرأ رسالة عاجلة من احدى بوارج حربيته بانه كلما ينظر في المنظار لا يتمكن من رؤية الجيوبوليتيك الخليجي كما اعتاد ان يراه قبل التدحرج !
هذا امر عمليات جدي اتخذ من جانب القيادة العليا و’امر النار’ اصبح بيد القادة الميدانيين ولن تكون هناك حاجة لديهم بعد الان للعودة لغرفة العمليات كما تؤكد المعلومات المسربة من مطبخ العمليات المشتركة!
يتحدثون في اعلامهم عن غرفة عمليات مشتركة بين رجال المقاومة على امتداد محورهم الذي بات يضم روسيا والصين ايضا ويقولون انها هي التي منعت سقوط الاسد وسورية وفتح دمشق!
الجواب كان واضحا لدى سيد الكلام: حتى الان لم تدخل القوات الايرانية ولا كتائب حزب الله وان الجيش العربي السوري هو من يقاتلكم لوحده فان اردتموها حربا مفتوحة على المقاومة فنحن اهلا لها!
‘يؤكد متابعون جيدون بان رياحهم ستصبح في مهب عاصفة الكرار وما ادراك ما الكرار لانه سيكون يوما ليس له ما يشبهه في تاريخ حروب المنطقة الحديثة !
هكذا يقولون وهكذا يعدون وهكذا يتأملون مشهد يوم القيامة الموعود !
انها ساعات الصبر والتأني والتأمل والدعاء للجيش العربي السوري لوحده بالتمكن من وقف سفك الدم السوري عند الحدود الراهنة وعدم زج المنطقة والعالم في ما لا يحمد عقباه!
ثمة عقلاء وحكماء من بقايا العالم القديم يقفون صفا يتوسلون تسويات دولية واقليمية للخروج من منزلق او كوريدور التدحرج وهم يتجولون في عواصم المنطقة في الظل لعلهم ينجحون في لجم عطش بقايا الحرس القديم من حزب بوش ممن لا يزالون يعششون في بيت اوباما!
بعد طول تردّد حسمت الولايات المتحدة الأميركية خيارها وأدارت محرّكاتها باتجاه تحقيق التسوية السياسية في سوريا، فيما يشبه ترجيح وجهة نظر الأمنيين على السياسيين والدبلوماسيين الذين كانوا يراهنون على الحسم العسكري. فأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عقب اجتماعه بنظيره الأميركي، الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي حول سوريا.
لا بل أكثر فإنّ التبدل الأميركي الحاسم كانت بشائره قد وصلت إلى الدول الخليجية، وهو ما دفع قطر الدولة التي شكلت رأس حربة الهجوم على النظام السوري، ومن خلاله على النفوذ الإيراني، إلى طلب موعد لرئيس وزرائها لزيارة طهران.
وقبل ذلك زار الموفد الشخصي للرئيس الروسي إلى المنطقة الدبلوماسي الخبير ميخائيل بوغدانوف لبنان في جولة موسعة شملت جهات سياسية كثيرة، قبل أن تختتم بلقاء مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله. وبدا للذين التقوا موفد بوتين أن الزيارة لا تحمل مهمة واضحة سوى استطلاع الآراء وترداد العناوين المعروفة، وهذا ما دفع المراقبين إلى الاعتقاد بأن الهدف الفعلي ربما كان اللقاء مع السيد نصرالله، إذ كان بوغدانوف معظم الوقت مستمعاً إلى أمين عام حزب الله العائد لتوه من طهران، حول الموقف من الأوضاع اللبنانية والتداخلات مع الأحداث العسكرية في سوريا والتأثيرات الإقليمية وسط المشاريع المطروحة. وتردّد أن الموفد الروسي سمع ما كان يريد أن يسمعه قبل أن يقفل عائداً إلى بلاده.
لكنّ الضربة الجوية الإسرائيلية التي حصلت بعد أيام، بدت للوهلة الأولى وكأنها لحن شاذ في سمفونية التسوية السلمية، ليعود ويظهر لاحقاً أنها تهدف لفصل الخيوط المتشابكة وربما للتمهيد لاقتراح المؤتمر الدولي الذي جرى الإعلان عنه بعد أيام قليلة في لقاء كيري- لافروف في موسكو.
وعلى رغم التكتم الذي ما يزال يحيط بحقيقة الهدف الذي استهدفته إسرائيل في جبل قاسيون، فإنّ المعلومات الشحيحة التي تسربت تحدثت عن استهداف مخزن للصواريخ المتطورة والقادرة على الوصول إلى صحراء النقب وتحقيق إصابات دقيقة. وارتكزت هذه المعلومات على صور الأقمار الصناعية التي تعدّ أدلّة حاسمة.
وصحيح أن جميع الأطراف المعنية بالضربة (سوريا، إيران، إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية) تعمدت عدم الإفصاح عن حقيقة الهدف الذي جرى استهدافه كل لأسبابه الخاصة وتحاشياً للمواجهة الشاملة الممنوعة على الجميع، إلا أن ما لفت كان الكلام الصادر عن الرئيس الأميركي قبل أيام معدودة من الغارة، والذي أعلن فيه التزام واشنطن أمن إسرائيل وعدم السماح لأي طرف كان بتهديده.
ومن المنطقي عندها الاستنتاج بأن توقيت حصول الاعتداء الإسرائيلي قد يكون مناسباً أكثر فيما لو انطلقت مفاوضات التسوية لاحقاً برعاية دولية.
لكن هنالك من يورد هدفاً إضافياً لواشنطن ويتعلق باختبار قدرات الدفاع الجوي السوري والتي جرى تحديثها بمساعدة روسية، إذ كان رئيس هيئة قيادة الأركان الأميركية مارتن ديمبس قد اعتبر أن الدفاع الجوي السوري يشكل عامل إعاقة أساسياً أمام أي تدخل أميركي للسيطرة على الأسلحة الكيميائية السورية، كما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وقد تكون مسألة إبقاء السيطرة على هذا السلاح إحدى نقاط “المصالح المشتركة” لواشنطن وموسكو في سوريا كما ورد بعد لقاء كيري – لافروف، إضافة إلى نقاط أخرى تتعلق بعدم إطلاق يد إيران بالكامل في سوريا ومنع التنظيمات الإسلامية المتطرفة من إنشاء مناطق واسعة تحت سيطرتها المطلقة.
وتكشف المعلومات في هذا الإطار أن العاصمة الأميركية أرسلت برقية إلى سفارتها في لبنان تحمل طابع العاجل والسري، وتطلب فيها من فريقها الدبلوماسي القيام بالتحركات اللازمة مع السلطات اللبنانية لضمان عدم تسرّب أي نوع من أنواع الأسلحة الكيميائية إلى الأراضي اللبنانية، إن باتجاه حزب الله أو باتجاه التنظيمات الإسلامية المتطرفة والتي يتزايد حضورها بين شمال لبنان والمخيمات الفلسطينية في بيروت والجنوب. وتركز واشنطن على السبل لضبط الحدود اللبنانية – السورية بشكل يمنع من تسرّب هذه المواد لكن بدون إيجاد حلول جدية.
وما زاد من الخوف الغربي لهذه الناحية المعلومات حول استعمال جبهة النصرة للسلاح الكيميائي في حلب، والذي كان مصدره ليبيا، ما دفع واشنطن إلى الطلب من تركيا مساعدتها الميدانية لاكتشاف القنوات التي استخدمت لتهريب هذا السلاح واحتمال وجود المزيد منه.
كل هذا الوضع المعقد والمأزوم لعب لمصلحة ترجيح وجهة نظر الدوائر الأمنية الغربية على حساب وجهة نظر السياسيين، والقائلة بأن مصالح الغرب باتت مهددة فعلياً مع التطورات التي تشهدها الساحة السورية.
وجاء تهديد القاعدة في المغرب العربي والذي يعدّ أقوى فروع القاعدة مالياً وتنظيمياً للمصالح الفرنسية، ليزيد من الحاجة إلى الدخول في تسوية سياسية حول سوريا تمنع الوضع من الانزلاق أكثر ناحية الفوضى والجنون.
وبدا كلام وزير الخارجية الأميركي واضحاً في هذا المضمار، وهو ما يعني إعادة إحياء اتفاق جنيف وعلى أساس تسوية سياسية تؤدّي إلى “طائف سوري”، ويقوم على حكومة جديدة تضم وجوهاً من المعارضة التي ترتاح لها واشنطن، وعلى قاعدة إبقاء الحقائب الأمنية والعسكرية بيد النظام الحالي، ولكن وفق بروتوكول جديد ينظّم العلاقة بين الدولة والشعب من جهة، وبين الدولة والعواصم الغربية من جهة أخرى.
يبقى أن نشير إلى أن ألمانيا التي خالفت السياسة الفرنسية، كانت قد فتحت قناة اتصال مباشرة مع دمشق خلال الأسابيع الماضية لتكسر بذلك قرار مقاطعة النظام السوري ومحاصرته.