العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العقائدي منتدى العقائد والتواجد الشيعي

منتدى العقائد والتواجد الشيعي المنتدى متخصص لعرض عقائد الشيعة والتواجد الشيعي في العالم

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.37 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي العصمة /اسئلة واجوبة
قديم بتاريخ : 02-04-2019 الساعة : 12:19 AM


العصمة /اسئلة واجوبة


السؤال: حدود العصمة
انا من السنّة ولست شيعي ولكن اريد ان اعرف بعض الامور عن اخواني من هذا المذهب من مصادرهم هم وليس من غيرهم .
ما هي حدود العصمة ؟
الجواب:
.
نحن نعتقد أنّ العصمة هي ملكة تعصم صاحبها من مقارفة المعاصي ، وفي نفس الوقت باعتبار الحجية للحجج سواء كانوا أولياء أم أوصياء لابد أن يكونوا معصومين من الخطأ سواء كان ذلك في تلقّي أحكام الشريعة عن الله تعالى أو في إلقائها الى الناس، أو في تطبيقاتها لان التطبيقات نحو من أنحاء التبليغ ، والكل متفقون على عصمته (ص) في التبليغ، وكما يكون التبليغ بالقول يكون بالتقرير والفعل وعليه لا يخطأ النبي (ص) في فعله أيضاً .



السؤال: الأدلة العقلية على العصمة
ما الدليل العقلي على عصمة الائمة عليهم السلام ؟
الجواب:

إن الأدلة العقلية كثيرة نقتصر على اثني عشر دليلاً :
الأوّل : الإمام يجب أن يكون حافظاً للشّرع فيجب أن يكون معصوماً ليؤمن منه الزّيادة والنّقصان في الشريعة .
الثاني : يجب أن يكون متولّياً لسياسة الرّعية ، فيجب أن يكون معصوماً ليؤمن منه الظّلم والجور والتّعدّي في الحدود والتّعزيرات .
الثالث : الإمام يجب أن يكون معصوماً بعد النّبي لوجوب الحاجة إلى النّبيّ ، فهو في مقام النّبيّ ورتبته ما عدا النّبوة تجب فيه العصمة فتجب في الإمام فما دلّ على عصمة النّبيّ دلّ على عصمة الإمام ؛ لأنّ النّبوّة والإمامة من الله تعالى ، فلا يجوز بعث غير المعصوم في النّبوّة ولانصب غير المعصوم في الإمامة لأنّه قبيح عقلاً وهو لا يفعل قبيحاً .
الرّابع : الإمام يجب أن يكون غير جائز الخطأ وإلاّ لاحتاج إلى مدد ، فيجب أن يكون معصوماً ؛ وإلاّ تسلسل .
الخامس : الإمام يجب أن يكون غير مداهن في الرّعيّة ، وإلاّ وقع الهرج والمرج ، وغير المعصوم يجوز فيه ذلك فتنتفي فائدة نصبه فيجب أن يكون معصوماً .
السّادس : الإمام يجب أن لا يقع منه منكر ، وإلاّ لزم ترك الواجب إن لم ينكر عليه ، وخروجه عن أن يكون إماماً ، بل ومأموماً ، فيجب أن يكون الإمام معصوماً فلا يقع منه منكر .
السّابع : الإمام يجب أن يكون مقتدى به في أقواله وأفعاله على الإطلاق ، فيجب أن يكون معصوماً .
الثّامن : الإمام يجب أن يكون صادقاً على الإطلاق ليحصل الوثوق بأخباره ، فيجب أن يكون معصوماً .
التّاسع : الإمام يجب أن لا يفعل قبيحاً ولا ينحل بواجب ، وإلاّ لارتفع محلّه من القلوب ؛ فيجب أن يكون معصوماً .
العاشر : الإمام يجب طاعته على الإطلاق وغير المعصوم لا يجب طاعته ، فيجب أن يكون الإمام معصوماً ، لقوله : (( يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ... )) (النساء:59).
الحادي عشر : الإمام يجب أن يكون أعلى رتبة في الرّعية ، فيجب أن يكون معصوماً وإلاّ انحط عن رتبة ساير الرّعية عند فعله المعصية لعلمه بموجب الطّاعة والمعصية ، فاقدامه على ترك الطاعة وفعل المعصية مع علمه انحطاط رتبته عند الخلق والمخلوق .
الثّاني عشر : الإمام يجب أن يكون منزّهاً عن جميع الذّنوب والفواحش ما ظهر منها وما بطن ، لأنّه أقرب إلى الخالق تعالى في الرّعيّة ؛ فيجب أن يكون معصوماً وإلاّ ساوى المأموم والإمام ، والتابع والمتبوع ، والله سبحانه يقول : (( ... هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أولو الألباب )) (الزّمر:9) .


تعليق على الجواب (1)

السّادس : الإمام يجب أن لا يقع منه منكر، وإلاّ لزم ترك الواجب إن لم ينكر عليه، وخروجه عن أن يكون إماماً، بل ومأموماً، فيجب أن يكون الإمام معصوماً فلا يقع منه منكر .
لم أفهم (( إن لم ينكر عليه، وخروجه عن أن يكون إماماً، بل ومأموماً )) .
فممكن أن توضحوا لي .. ؟
الجواب:

معنى ذلك: ان فعل الامام منكرا فقد وجب طبقا لمبدا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ان ينكر على الامام ذلك المنكر الذي فعله لان النهي عن المنكر واجب وترك الواجب حرام وبفعل المنكر فقد خرج الامام عن ان يكون اماما لان الامام لا يفعل المنكرات وهو ايضا يخرج عن ان يكون اماما لانك لا تقتدي به حال اتيانه المنكر واما انه لا يكون ماموماً فلأن المأموم هو الذي عليه امام والمفروض انه لا امام عليه. فالامام ليس من شأنه ان يكون مأموماً فظهر انه يجب ان يكون معصوما والأ لزم عن عدم عصمته المحذورات المتقدمة.



السؤال: بعض الأدلة على العصمة

أرجو منكم ان تعطوني أدلة نقلية من كتب السنة على عصمة الأنبياء والأئمة عليهم السلام جميعا

الجواب:

عذراً فهذا السؤال غير صحيح, حيث أنه لا يمكن طلب أدلة على كل المذهب أي مذهب بتفاصيله من كتب مخالفيه فهذا أمر غير ممكن وغير صحيح وغير منهجي.
نعم, يمكن طلب الدليل على صحة دين أو مذهب ما من كتب خصومه أو من العقل الذي يشترك فيه البشر جميعاً, فهذا ممكن وصحيح ومنهجي وعلمي.
ولكن طلب الدليل على كل مفردة وكل تفاصيل دين أو مذهب من كتب خصومه ومخالفيه فهو غير مقبول البتة ولا يقبل به عاقل.
ونعرف أن الوهابية هم من يطلبون منك ذلك ولكن لا يمكن النزول إلى كل ما يطلبه الخصوم حتى لو كان طلباً غير عقلائي!
أما بالنسبة للمشتركات فيمكن أن نوضح ذلك وهي مسألة عصمة الأنبياء (عليهم السلام) والنبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) على الخصوص فنقول:
1ـ قال تعالى: (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلاَّ وَحيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى )) (النجم:3-5).
2ـ وقال تعالى: (( إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ )) (الحجر:42).
3ـ وقال تعالى على لسان إبليس اللعين: (( وَلأُغوِيَنَّهُم أَجمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ )) (الحجر:39-40).
4ـ قوله تعالى: (( إِن أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ )) (الأنعام:50).
5ـ قال ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري 8/101) في شرح حديث الرزية: وقد تكلم عياض وغيره على هذا الموضوع فأطالوا ولخصه القرطبي تلخيصاً حسناً ثم لخصته من كلامه وحاصله:
أن قوله (هجر) الراجح فيه إثبات همزة الاستفهام وبفتحها على أنه فعل ماض قال: ولبعضهم أهُجر بضم الهاء وسكون الجيم والتنوين على أنه مفعول بفعل مضمر: أي قال: أهُجراً,والهُجر بالضم ثم السكون الهذيان, والمراد به هنا ما يقع من كلام المريض الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم فائدته ووقوع ذلك من النبي (صلى الله عليه وآله) مستحيل لأنه معصوم في صحته ومرضه, لقوله تعالى: (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى )) (النجم:3). ولقوله (صلى الله عليه وآله): (إني لا أقول في الغضب والرضا إلا حقاً).
6ـ قوله (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن عمرو بن العاصي حينما نهته قريش عن كتابة كل ما يقوله رسول الله (صلى الله عليه وآله), كما ورد في الحديث الذي رواه أحمد في (مسنده 2/ 162 و 192) والدارمي في سننه أيضاً (1/125) وأبو داود كذلك (2/176) والحاكم في مستدركه (1/106) وذكره الشيخ الألباني المحدث السلفي الوهابي في سلسلته الصحيحة (ح 1532)أكتب فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق) حينما قال ابن عمرو: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أريد حفظه فنهتني قريش وقالوا: أتكتب كل شيء ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بشر يتكلم في الغضب والرضى! فأمسكت عن الكتاب فذكرت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فأومأ بإصبعه إلى فيه فقال: ... الحديث. ثم قال الألباني معلقاً على رأي الحاكم: كذا قال وإنما هو الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث مولى بني الدار حجازي وهو ثقة كما قال ابن معين وابن حبان.
فيجب بعد ثبوت كل هذه النصوص سقوط كل ظهور يخالف هذا النصوص الصحيحة التي توافق وتطابق حكم العقل ولا يمكن قبول أي ظاهر يخالف هذه الحقائق الظاهرة الواضحة التي لا تقبل الشك.
أما بالنسبة لأهل البيت من أصحاب الكساء والأئمة الاثنى عشر(عليه السلام) فيكفيهم بعض ما هو متفق عليه أو ما يروونه هم على الأقل ومنه:
1ـ قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم )) (النساء:59).
وهنا أمر بالطاعة المطلقة وقرن طاعة ولي الأمر بطاعة الله والرسول ولا يمكن الأمر بالطاعة المطلقة لغير المعصوم.
2ـ قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55).
حيث تخبر الآية تأمر باتخاذ الله ورسوله ووليه أولياء بصورة مطلقة ولا يستقيم مثل هذا الأمر بالولاية المطلقة إلا مع العصمة المطلقة وموافقة الحق المطلق.
3ـ قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الأحزاب:33).
والتي ذكر القاصي والداني أنها نزلت في أصحاب الكساء وهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابنته الزهراء وعلي والحسنين (عليهم السلام).
فإذهاب الرجس من الله تعالى وتطهير محمد وأهل بيته تطهيراً يدل على العصمة لهم جميعاً حيث لا يمكن إذهاب الرجس والتطهير الكلي لبعض دون بعض والتمايز بينهم ومع ثبوت إرادة الله تعالى لذلك التطهير وإذهاب الرجس ببيان واحد ولفظ واحد وحالة واحدة وكساء واحد وآية واحدة دون وجود فرق ملحوظ في النص والظرف والحادثة.
4ـ قوله (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام): (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيث دار).
و(علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض).
و(إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما).
و(لا يستقيم أمر الناس حتى يليهم إثنا عشر كلهم من قريش).
و(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ).
وقوله (صلى الله عليه وآله): (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب).
وقوله (صلى الله عليه وآله) : ( من آذى عليّاً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ) و ( من سبّ عليّاً فقد سبّني ومن سبّني فقد سبّ الله عزّ وجلّ ).
وغيرها الكثير كلّها تدلّ أو تشير إلى الحجيّة المطلقة والعصمة عن الخطأ والمعاصي والضلال.
ومن السيرة: ثبوت الحق مع علي (عليه السلام) في جميع مواقفه وإجماع الأمة على أحقيته في كل تصرفاته وخلافاته ومنها حروبه الثلاثة التي أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) بها من قتاله للناكثين والقاسطين والمارقين.
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: (إني قاتلت على تنزيله وستقاتل يا علي على تأويله).
وغير ذلك من أدلة على العصمة ومن الشواهد الشيء الكثير ولكن نكتفي بهذا القدر, لأننا كما قلنا غير ملزمين بأخذ عقائدنا وتفاصيل ديننا عمن يخالفنا ولكن ذكرنا ذلك للإلزام وإقامة الحجة ليس إلا.
وللتفصيل في أدلة العصمة, ارجع إلى موقعنا على الإنترنيت وتحت العنوان: (الأسئلة العقائدية/ العصمة).




السؤال: مراتب العصمة
الأنبياء هم صفوة البشر, وهم أكرم الخلق على الله تعالى, اصطفاهم الله تعالى لتبليغ الناس دعوة لا إله إلا الله, وجعلهم الله تعالى الواسطة بينه وبين خلقه في تبليغ الشرائع, وهم مأمورون بالتبليغ عن الله تعالى, قال الله تعالى : (( أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين )) (الأنعام:89).
والأنبياء وظيفتهم التبليغ عن الله تعالى مع كونهم بشرا, ولذلك فهم بالنسبة للأمر المتعلق بالعصمة على حالين :
1- العصمة في تبيلغ الدين .
2- العصمة من الأخطاء البشرية .
أولاً : أما بالنسبة للأمر الأول, فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون في التبليغ عن الله تبارك وتعالى, فلا يكتمون شيئاً مما أوحاه الله إليهم, ولا يزيدون عليه من عند أنفسهم, قال الله تعالى لنبيه محمد (صلى الله عليه) : (( يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )) (المائدة:67), وقال تعالى : (( ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين )) (الحاقة:44-47).
وقال تعالى : (( وما هو على الغيب بضنين )) (التكوير:24), قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي (رحمه الله) في تفسير هذه الآية (( وما هو على ما أوحاه الله إليه بشحيح, يكتم بعضه, بل هو (صلى الله عليه وسلم) أمين أهل السماء, وأهل الأرض, الذي بلغ رسالات ربه, البلاغ المبين, فلم يشح بشيء منه, عن غني ولا فقير, ولا رئيس ولا مرؤوس, ولا ذكر ولا أنثى, ولا حضري ولا بدوي, ولذلك بعثه الله في أمة أمية جاهلة جهلاء, فلم يمت (صلى الله عليه وسلم) حتى كانوا علماء ربانيين, إليهم الغاية في العلوم ... )) انتهى
فالنبي في تبليغه لدين ربه وشريعته لا يخطأ في شيء البتة لا كبير ولا قليل, بل هو معصوم دائماً من الله تعالى .
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (رحمه الله) ( فتاوى ابن باز ج6/371 ):
(( قد أجمع المسلمون قاطبة على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - ولاسيما محمد (صلى الله عليه وسلم) معصومون من الخطأ فيما يبلغونه عن الله عز وجل, قال تعالى : (( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى )) (النجم:1-5), فنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) معصوم في كل ما يبلغ عن الله قولاً وعملاً وتقريراً, هذا لا نزاع فيه بين أهل العلم )) انتهى .
وقد اتفقت الأمة على ‏أن الرسل معصومون في تحمل الرسالة, فلا ينسون شيئا مما أوحاه الله إليهم, إلا شيئا قد ‏نسخ, وقد تكفل الله جل وعلا لرسوله (صلى الله عليه وسلم) أن يقرئه فلا ينسى, إلا شيئاً ‏أراد الله أن ينسيه إياه وتكفل له بأن يجمع له القرآن في صدره . قال تعالى (( سنقرئك فلا ‏تنسى إلا ما شاء الله )) (الأعلى:7), وقال تعالى : (( إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع ‏قرآنه )) (القيامة:17-18).
قال شيخ الإسلام رحمه الله ( مجموع الفتاوى ج18 / 7 ) :
(( فان الآيات الدالة على نبوة الأنبياء دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله عز وجل فلا يكون خبرهم إلا حقاً وهذا معنى النبوة وهو يتضمن أن الله ينبئه بالغيب وأنه ينبئ الناس بالغيب والرسول مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم رسالات ربه )) انتهى .
ثانيا : بالنسبة للأنبياء كأناس يصدر منهم الخطأ, فهو على حالات :
1- عدم الخطأ بصدور الكبائر منهم :
أما كبائر الذنوب فلا تصدر من الأنبياء أبدا وهم معصومون من الكبائر, سواء قبل بعثتهم أم بعدها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( مجموع الفتاوى : ج4 / 319 ) :
(( إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام, وجميع الطوائف ... وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء, بل لم يُنقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول )) انتهى .
2- الأمور التي لا تتعلق بتبيلغ الرسالة والوحي .
وأما صغائر الذنوب فربما تقع منهم أو من بعضهم, ولهذا ذهب أكثر أهل العلم إلى أنهم غير معصومين منها, وإذا وقعت منهم فإنهم لا يُقرون عليها بل ينبههم الله تبارك وتعالى عليها فيبادرون بالتوبة منها .
والدليل على ‏وقوع الصغائر منهم مع عدم إقرارهم عليها :
- قوله تعالى عن آدم : (( وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )) (طه:‏‏121-122), وهذا دليل على وقوع المعصية من آدم (عليه الصلاة والسلام), وعدم إقراره عليها, مع توبته إلى ‏الله منها .‏
- قوله تعالى (( قال هذا من عمل الشيطان إنه عدوٌ مضلٌ مبين* قال رب إني ظلمت ‏نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم )) (القصص:15-16) . فموسى (عليه الصلاة والسلام) اعترف ‏بذنبه وطلب المغفرة من الله بعد قتله القبطي, وقد غفر الله له ذنبه .
- قوله تعالى : (( فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب * فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب )) (‏‏ص:23-24), وكانت معصية داود هي التسرع في الحكم قبل أن يسمع من الخصم ‏الثاني .
وهذا نبينا محمد يعاتبه ربه سبحانه وتعالى في أمور ‏ذكرت في القرآن, منها :
- قوله تعالى (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي ‏مرضات أزواجك والله غفور رحيم )) (التحريم:1), وذلك في القصة المشهورة مع بعض أزواجه.
- كذا عتاب الله تعالى للنبي في أسرى بدر :
فقد روى مسلم في صحيحه ( 4588 ) قال ابن عباس : فلما أسروا الأسارى قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأبي بكر وعمر : ما ترون في هؤلاء الأسارى ؟ فقال أبو بكر : يا نبي الله ! هم بنو العم والعشيرة, أرى أن تأخذ منهم فدية, فتكون لنا قوة على الكفار, فعسى الله أن يهديهم للإسلام, فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ما ترى يا ابن الخطاب ؟! قال : قلت لا, والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر, ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم, فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه, وتمكني من فلان - نسيبا لعمر - فأضرب عنقه, فإن هء ?لاء أئمة الكفر وصناديدها, فهوي رسول الله ما قال أبو بكر, ولم يهو ما قلت, فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين وهما يبكيان, قلت : يا رسول الله ! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت, وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما, فقال رسول الله (ص): (( أبكي للذي عَرَضَ عليّ أصحابُك من أخذهم الفداء, لقد عُرِض عليّ عذابُهم أدنى من هذه الشجرة )) - شجرة قريبة من نبي الله (ص) وأنزل الله عز وجل : (( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض )) إلى قوله (( فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا )) (الأنفال:67-69), فأحل الله الغنيمة لهم .
الجواب:

تقسم مراتب العصمة إلى ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: المصونية من الذنب ومخالفة الأوامر المولوية.
المرتبة الثانية: المصونية في تلقي الوحي ووعيه وابلاغه إلى الناس .
المرتبة الثالثة: المصونية من الخطأ والاشتباه في تطبيق الشريعة والامور الفردية والاجتماعية.
وانت قسمت العصمة إلى قسمين بدمج الأولى والثالثة ولا مشكله في ذلك ولكن وضحنا ذلك لكي يتضح دليلنا على كل قسم.
المرتبة الأولى:
فأنت قلت أنهم معصومون من الكبائر دون الصغائر ونحن نقول أنهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل البعثة وبعدها وهناك من يجوز ارتكاب الكبائر على الأنبياء كالحشوية بل ان بعضهم يجوز الكفر عليهم كالازارقة من الخوارج ومنهم من يجوز الكبيرة قبل البعثة ولا يجوزها بعدها كبعض المعتزلة ومنهم من لم يجوز الصغائر إذا كانت منفرّة عند بعض المعتزلة.
ونحن نورد والدليل على قولنا وهو:
الدليل الأول: ان ثقه الناس بالانبياء وبالتالي حصول الغرض من بعثتهم إنما هو رهن الاعتقاد لصحة مقالهم وسلامة افعالهم وهذا بدوره فرع كونهم معصومين عن الخلاف والعصيان في السر والعلن من غير فرق بين معصية وأخرى ولا بين فترة من فترات حياتهم واخرى. وذلك لأن المبعوث إليه إذا جوز الكذب على النبي أو جوز المعصية على وجه الاطلاق جوز ذلك أيضاً في امره ونهيه وافعاله التي أمره باتباعه فيها ومع هذا الاحتمال لا ينقاد إلى امتثال اوامره فلا يحصل الغرض من البعثة لانه ـ بحكم عدم عصمته ـ يحتمل ان يكون كاذباً في اوامره ونواهيه وان يتقول على الله ما لم يأمر به. ومع هذا الاحتمال لا يجد المبعوث إليه في قرارة نفسه حافزاً إلى الامتثال.
الدليل الثاني: ان الهدف العام الذي بعث لأجله الأنبياء هو تزكيه الناس وتربيتهم وان التربية عن طريق الوعظ والإرشاد وان كانت مؤثرة إلا أن تأثير التربية بالعمل اشد واعمق وآكد وذلك أن التطابق بين مرحلتي القول والفعل هو العامل الرئيس في إذعان الآخرين بأحقية تعاليم المصلح والمربي ولو كان هناك انفكاك بينهما لانفض الناس من حوله وفقدت دعوته إي اثر في القلوب.
هذان دليلان عقليان أوردناهما لاثبات عصمة الانبياء وما ذكرته انت من قول ابن تيميه لا يعد دليلاً على العصمة لأن العقائد لا تأخذ عندنا من التقليد .
وانما لم نرد دليلاً نقلياً من القرآن والسنة على العصمة من الكذب (وهو احد الذنوب) حذراً من الوقوع في الدور المحال,ذلك ان إثبات العصمة من الكذب يتوقف على صدقهم وصدقهم يتوقف على العصمة واما عدم عصمتهم من الصغائر فغير صحيح وان قول اكثر اهل العلم لا يصحح ذلك لعدم جواز التقليد في العقائد وان الاجماع غير تام مع مخالفة الشيعة في ذلك.
وأما الآيات القرآنية التي ذكرتها فقد اجبنا عليها فارجع إلى الموقع الاسئلة العقائدية: العصمة: 1ـ التوفيق بين ترك الأولى لآدم وتوبته 2ـ الادلة على عصمة الانبياء عليهم السلام.
وارجع كذلك إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله : 1ـ معنى قوله تعالى: (( لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ )) (التحريم:1) 2ـ موقفه من أسرى بدر.
وأما ما توصلت إليه من صدور ذنب من نبي الله داود عليه السلام من خلال استغفاره فإنه غير صحيح, وذلك :
1- ان قضاءه لم يكن قضاء باتاً خاتماً للشكوى بل كان قضاءاً على فرض السؤال وان كان الاولى هو انه إذا سمع الدعوى من احد الخصمين ان يسأل الآخر فاستغفاره كان تداركاً لما صدر منه مما كان الاولى تركه وشكراً وتعظيماً لنعمة التنبه.
2- ان من الممكن ان يكون قضاؤه قبل سماع كلام المدعي عليه لاجل انكشاف الواقع له بطريق من الطرق وان الحق مع المدعي فقضى بلا استماع لكلام المدعي عليه وان استغفاره كان لترك الاولى هو عدم التسرع في اصدار الحكم وترك الاولى لا يعد ذنباً قادحاً بالعصمة.
المرتبة الثانية:
وهي العصمة في التبليغ فانك وافقتنا في ذلك فلا داعي لإطالة الكلام فيها.
المرتبة الثالثة:
وهي العصمة من الخطأ والاشتباه فانت وافقتنا ايضاً في عدم الخطأ ولا النسيان في التبليغ واجزت غير ذلك ولكنا نقول بعصمة الأنبياء من الخطأ والسهو في تطبيق الشريعة في الامور الفردية والاجتماعية فهو لا يسهو في صلاته ولا يخطأ في إجراء الحدود ولا يخطأ في مقدار دينه وغير ذلك .
وقد دلت على ذلك مجموعة من الآيات منها: (( إِنَّا أَنزَلنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحكُمَ بَينَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُن لِلخَائِنِينَ خَصِيماً )) (النساء:105) ومنها: (( وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ وَرَحمَتُهُ لَهَمَّت طَائِفَةٌ مِنهُم أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُم وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَم تَكُن تَعلَمُ وَكَانَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ عَظِيماً )) (النساء:113).
وهذه الآية القرآنية نزلت في شكوى رفعت إلى النبي صلى الله عليه وآله وكان كل من المتخاصمين يسعى ليبرء نفسه ويلقي التهمة على الآخر فجاءت الآية لتصونه من الضلال وانه لا يصدر في حال قضائه الا عن التعليم الإلهي ولا يتم القضاء بالحق إلا بتميز الصغريات فجاء قوله: (( وَعَلَّمَكَ مَا لَم تَكُن تَعلَمُ )) (النساء:113),فيكون المراد ان النبي صلى الله عليه وآله لأجل عميم فضله سبحانه مصون في مقام القضاء من الخطأ والسهو ولما كان هنا موضع توهم وهو ان رعاية الله لنبيه تختص بمورد دون مورد دفع ذلك التوهم بالفقرة الرابعة وقال: (( وَكَانَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ عَظِيماً )) (النساء:113) حتى لا يتوهم اختصاص فضله عليه بواقعه دون اخرى بل مقتضى عظمة الفضل سعة شموله لكل الوقائع والحوادث سواء أكانت من باب المرافعات ام من الامور العادية الشخصية.
ومن الآيات التي دلت على عصمته من الخطأ والاشتباه قوله تعالى: (( وَكَذَلِكَ جَعَلنَاكُم أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيداً )) (البقرة:143), فالرسول صلى الله عليه وآله شاهد على العباد وكذلك الانبياء وان الشهادة هنا ليست على صور الاعمال والافعال فانها غير كافيه في القضاء الاخروي بل المشهور عليه هو حقائق اعمال الامة: الإيمان والكفر والنفاق والرياء والاخلاص ومن المعلوم ان هذه المشهودات لا يمكن تشخيصها والشهادة عليها عن طريق الحواس الخمس لأنها لا يمكنها ان تستكشف حقائق الأعمال وما يستبطنه الإنسان فيجب أن يكون الأنبياء مجهزين بحس خاص يقدرون معه على الشهادة على ما لا يدرك بالبصر ولا بسائر الحواس وهذا هو الذي نسميه بحبل العصمة وكل ذلك بأمر من الله سبحانه وإذنه والمجهز بهذا الحس لا يخطئ ولا يسهو.
وان شئت قلت: ان الشهادة هنا لو كانت خاطئة للزم عقاب المطيع أو إثابة المجرم وهو قبيح لا سيما الاول فيجب ان تكون شهادة الشاهد مصونة عن الخطأ والاشتباه حتى تكون منزهة عما يترتب عليها من القبيح,وللمزيد راجع الإلهيات ج3 ص155 ـ 211
وكذلك اعتراف إبليس بأنّه لا يمكنه أن يغوي العباد المخلَصين: (( قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )) (الحجر:39-40).
والمخلـَصين هم من اختارهم الله من الانبياء والأوصياء, قال تعالى: (( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون )) (القصص:68).



السؤال: هل مفهوم العصمة متواطئ أم مشكك
هل ان العصمة متواطئ أم مشككه؟ باعتبار ان عصمة الأنبياء والأئمة (ع) تختلف فيما بينهما.
الجواب:

لا اختلاف في عصمة الأنبياء والأئمة، إذ أن من عقائد الامامية أن الأنبياء جميعاً من آدمهم إلى خاتمهم وكذلك الأئمة من أولهم إلى قائمهم معصومون من جميع الذنوب والمعاصي والرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن، من أول حياتهم إلى حين وفاتهم عمداً وسهواً، كما يجب ان يكونوا معصومين من الخطأ والنسيان، والتنزه عما ينافي المروة ويدعو إلى الاستهجان.
والدليل على وجوب العصمة انه لو جاز أن يفعل النبي المعصية أو الخطأ وينسى، وصدر منه شيء من هذا القبيل، فإما أن يجب إتّباعه في فعله الصادر منه خطأ أو نسياناً أو لا يجب، فإن وجب إتّباعه فقد جوّزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالى، بل أوجبنا ذلك! وهذا باطل بضرورة الدين والعقل، وإن لم يجب إتّباعه فذلك ينافي النبوة التي لابد أن تقترن بوجوب الطاعة أبدا،ً والإمام في ذلك كالنبي ، لأنه الحافظ للشريعة، المبيّن لها، والقائم عليها.
وما ذكرناه هنا صرّح به أعلام الطائفة كالشيخ المفيد والشريف المرتضى وغيرهم... فالعصمة حسب ما تقدم متواطئة بالحد الأدنى، وهو عدم الأتيان بالذنوب صغيرة كانت أو كبيرة خطأ أو نسياناً ، وليست مشككة أو متفاوتة، وهذا تمام الدليل بالنسبة للأنبياء والأئمة (عليهم السلام) على حد سواء، ويمكن تسميته (البيان الفقهي للعصمة)...
نعم، هي متفاوته أو مشككة في نفس مقام الفعل من حيث كمالاته، بل في نفس التروكات والأفعال، وان كانت مباحة، إلا أن لها دلالة على مقامات كمالية في نفس المعصومين هي غير المعنى الأول أو الحد الأدنى الذي تكلمنا عنه... والله العالم.



السؤال: عصمة الائمة (عليهم السلام) في الكتاب والسنة (1)
ما الأدلة على عصمة أهل البيت (عليهم السلام) . من كتب أهل السنة الذين يقولون بعدم عصمتهم.
والحمد لله رب العالمين وصلى على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين .
الجواب:

من الادلة على عصمتهم ( عليهم السلام ) من القرآن الكريم كثيرة نذكر أهمها 1) قوله تعالى : (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) (الاحزاب:33). هذه الآية نزلت في أصحاب الكساء وهم : رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ وعلى هذا تواترت روايات كثيرة من السنة والشيعة، واذا أردت الوقوف على ما ندّعيه فعليك بمراجعة كتاب (البرهان في تفسير القرآن 3 / 209). وممن ذكر نزول هذه الآية المباركة في أهل البيت (عليهم السلام) من أهل السنة :
1 ـ الطبري / جامع البيان 22 / 6 .
2 ـ الحاكم الحسكاني / شواهد التنزيل 2 / 36 .
3 ـ ابن كثير / تفسير القرآن العظيم 3 / 458 .
4 ـ الحمويني / فرائد السمطين 1 / 376 .
5 ـ ابن حجر / الصواعق المحرقة ص80 .
6 ـ البلاذري / انساب الاشراف 2 / 104 .
7 ـ السيوطي / الدر المنثور 5 / 198 .
8 ـ الحاكم النيسابوري / المستدرك على الصحيحين 2 / 416 .
9 ـ ابن عساكر / تاريخ مدينة دمشق 1 / 250 .
وغيرهم من علماء السنة .
وهذه الآية صريحة في عصمة أصحاب الكساء، بدليل إذهاب الرجس عنهم والتطهير لهم على الاطلاق.(2) قوله تعالى : (( فمن حاجك فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )) (آل عمران:61). وهذه الآية الشريفة نزلت في حق النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ بإجماع علماء الفريقين ، لاحظ :
1 ـ البرهان في تفسير القرآن 1 / 286 .
2 ـ النيسابوري في صحيحه 7 / 120 .
3 ـ الطبري / جامع البيان 3 / 192 .
4 ـ مسند أحمد 1 / 185 .
5 ـ الجصّاص / أحكام القرآن 2 / 16 .
6 ـ الاصبهاني / دلائل النبوة ص297 .
7 ـ الواحدي النيسابوري / اسباب النزول ص74 .
8 ـ الزمخشري / الكشّاف 1 / 193 .
9 ـ الرازي / التفسير الكبير 8 / 85 .
10 ـ ابن أثير / افسد الغابة 4 / 25 .
وآخرون من العلماء .
حيت جعلت علياً (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والرسول معصوم بالاتفاق، اذن علي كذلك.(3) قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم… )) (النساء:59). والمرا د من أولي الامر في الآية الشريفة هم الائمة الإثنا عشر من آل محمد ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ للروايات الكثيرة المروية عن ائمة أهل البيت (عليهم السلام) والمذكورة في عدة كتب منها كتاب : ( البرهان في تفسير القرآن 1 / 381). وهذه الاية دلت على عصمة اولي الامر ، بدليل ان طاعتهم مقرونة بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله (ص) والطاعة لا تكون إلا لذوي العصمة والطهارة . وقد ذكر جمهرة من علماء أهل السنة نزول هذه الآية المباركة في شأن الامام علي (ع) وان المقصود من أولي الامر هو علي بن أبي طالب (ع) ، منهم :
1 ـ الحسكاني / شواهد التنزيل 1 / 149 .
2 ـ أبي حيّان الاندلسي / تفسير البحر المحيط 3 / 278 .
3 ـ الكشفي الترمذي / مناقب المرتضوية / 56 .
4 ـ القندوزي / ينابيع المودة : 116 . وأما الآيات الاخرى الدالة على عصمتهم فنذكر لك أرقامها، وللوقوف على الحقيقة والواقع راجع كتاب (عمدة النظر) للسيد هاشم البحراني وكتب التفاسير الشيعيّة :
4 ـ التوبة 119 .
5 ـ المائدة 55 .
6 ـ الرعد 43 .
7 ـ النساء 41 .
8 ـ الحج 77 ـ 78 .
9 ـ النحل 43 .
10 ـ الانبياء 73 .
11 ـ السجدة 24 .
12 ـ النور 55 . وأما الادلة الدالة على عصمتهم (عليهم السلام) من السنة الشريفة، فكثيرة جداً نذكر بعضها:
(1) قال عبد الله بن عباس : سمعت رسول الله (ص) يقول : ( أهل بيتي أمان لاهل الارض ، كما ان النجوم أمان لاهل السماء ، قيل : يا رسول الله الائمة بعدك من أهل بيتك ؟ قال : نعم الائمة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين ، امناء معصومون ، ومنّا مهدي هذه الامة ، ألا إنهم أهل بيتي وعترتي من لحمي ودمي ، ما بال اقوام يؤذونني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي ) . (الحمويني/ فرائد السمطين 2 / 133 الرقم 430) .(2) قال جابر بن عبد الله الانصاري : كان رسول الله (ص) في الشكاة التي قبض فيها ، فإذا فاطمة (عليها السلام) عند رأسه ، فبكت حتى ارتفع صوتها ، فرفع رسول الله طرفه اليها فقال : حبيبتي فاطمة ، ما الذي يبكيك ؟ قالت : أخشى الضيعة من بعدك ، قال : يا حبيبتي لا تبكين ، فنحن أهل بيت اعطانا الله سبع خصال لم يعطها أحداً قبلنا ولا يعطيها أحداً بعدنا : أنا خاتم النبيين ، …… ، ومنّا سبطا هذه الامة ، وهما ابناك الحسن والحسين ، وسوف يخرج الله من صلب الحسين تسعة من الائمة أمناء معصومون ، ومنّا مهدي هذه الامة ..
روى هذا الحديث من علماء السنة :
1 ـ ابن عساكر / تاريخ دمشق 1 / 239 ح303 .
2 ـ الحمويني / فرائد السمطين 2 / 84 .
3 ـ الطبراني / المعجم الكبير ص135 .
4 ـ الطبري / ذخائر العقبى ص135 .
5 ـ البدخشي / مفتاح النجا ص263 .(3) حديث الثقلين ، فقد ورد عن رسول الله (ص) متواتراً قوله : ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ). رواه وأخرجه أكثر من ( 180 ) عالم سني منهم :
1 ـ صحيح مسلم 2 / 238 .
2 ـ مسند أحمد 5 / 181 ، 3 / 26 .
3 ـ صحيح الترمذي 2 / 220 .
4 ـ الطبقات الكبرى 1 / 194 .
5 ـ المعجم الصغير 1 / 131 .
6 ـ سنن الدارمي 2 / 431 .
7 ـ كنز العمال 15 / 122 .
8 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 109 .
دلّ هذا الحديث على عصمة أهل البيت (ع) لانهم عدل القران ، وبما أن القران محفوظ من الزلل ومعصوم من الخطأ لانه من عند الله تعالى فكذلك ما قرن به وهم عترة محمّد (ص) وإلاّ لما صحت المقارنة .
نكتفي بهذا المقدار من الاحاديث للاختصار ، وعليكم بمراجعة كتاب ( عمدة النظر ) للبحراني حيث ذكر (45) حديثا على عصمتهم (عليهم السلام) كما ذكر اثنا عشر دليلا عقليا على عصمتهم (عليهم السلام) .




السؤال: عصمة الائمة (عليهم السلام) في الكتاب والسنة (2)
مسألة العصمة من اختراعات الشيعة بعد زمان علي عليه السلام
الجواب:

مسألة العصمة واشتراطها في الأئمة (ع) قد أوضحتها بإسهاب كتب الكلام والعقائد, فأوجبتها الشيعة الإمامية مستندين إلى أدلة عقلية ونقلية نكتفي بذكر دليل عقلي وآخر نقلي رعاية للمقام:
الدليل العقلي: إن الإمامة إنما وجبت للقيام بشطر من وظائف النبوة فهي امتداد لمقامها واستمرارية لحكومتها, فإذا كان الإمام هو القائم بحفظ الشريعة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو المسؤول عن إقامة السنّة فحاله كحال النبيّ في اشتراط العصمة, وإلاّ فيكف يؤتمن مَن كان فاقداً لها على إقامة الشرائع وحفظ السنن وهو غير مأمون من ارتكاب الخطأ والزيغ عن الطريق, ومتى كان كذلك كان محتاجاً في نفسه إلى إمام آخر يسدّده ويهديه، والثاني كذلك إذا لم يكن معصوماً احتاج إلى من يقومّه ويعلّمه وهكذا حتى ينتهي الأمر إلى إمام معصوم - فذلك هو الإمام الذي تجب طاعته - وإلاّ بقي التسلسل بحاله وهو باطلٌ, لذلك اشترط في الإمام - العصمة - في نفسه حتى لا يرتكب القبيح ولا يخالف الشريعة في حفظه لها علماً وعملاً.
الدليل النقلي: قوله تعالى: ((إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين))[البقرة:124] فهذه الآية دلت بوضوح أن الإمامة عهدٌ من الله وبجعل منه, وانها لا ينالها من كان ظالماً, ومعلوم أن غير المعصوم من ارتكاب الخطأ والزلل هو ظالم إما لنفسه أو لغيره, وهو عاص بادعائه ما ليس له لأن كل عاص ظالم لقوله تعالى: ((ومن يتعدّ حدود الله فاولئك هم الظالمون))[لبقرة:229].
وقد روى السيوطي في تفسير الآية المذكورة نقلاً عن ابن اسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ((معناها انه كائن لا ينال عهده مَن هو في رتبة ظالم ولا ينبغي أن يولّيه شيئاً من أمره)) ، كما روى عن وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد - وهؤلاء من أعاظم المحدّثين والحفّاظ وهم من غير الشيعة - قال: ((المعنى لا أجعل إماماً ظالماً يقتدى به)).
إذن فمن لم يكن معصوماً فلا تجوز إمامته لأنه إما ظالم لنفسه أو ظالم لغيره لجواز ارتكابه الصغائر أو الكبائر, أما المعصوم فلا يرتكب شيئاً من ذلك.
ولما كانت العصمة من الامور الخفية, لأنها ملكة تقضي عدم مخالفة التكاليف اللزومية عمداً أو خطأً مع القدرة على الخلاف, لذلك كان تعيين الإمام بجعل من الله تعالى لأن الإمامة عهده كما في الآية السابقة, فليس للناس أن يختاروا من شاؤا ((وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة))[القصص:68] .



السؤال: عصمة الأربعة عشر ثابتة بأدلة خاصة
قال الشيخ المفيد في كتاب (أوائل المقالات) باب (القول في عصمة الأئمة): إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأتديب ألانام معصومون كعصمة الأنبياء ولا تجوز عليهم كبيرة ولا صغيرة.. ولا سهو في شيء من الدين ولا ينسون شيئاً من ألاحكام.
ويقول الشيخ المظفر: ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن من سن الطفولة إلى الموت عمداً وسهواً كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه حالهم في ذلك حال النبي (صلى الله عليه وآله).
طيب لو توصلنا إلى عدم تحقق العصمة بمفهومها الشيعي في الأنبياء فهل يكفي ذلك لإبطال عصمة الأئمة خاصة وان دواعي وجوب العصمة في الأثنين واحدة؟
الجواب:

إن الادلة العامة التي تثبت العصمة للانبياء والأئمة على حد سواء هي أدلة عقلية ثابتة ومسلمة وعليه، فلا ترد على العصمة نقوض من باب الموارد والامثلة، بل وبحسب القواعد العلمية يجب تفسير تلك الموارد غير الواضحة على ضوء أدلة العصمة فانه من تفسير وتوضيح المشكوك بالقطعي.
وإذا أمكن الاتيان بدليل قاطع يعارض تلك الأدلة ويسقطها عن الاعتبار فان عصمة الانبياء والأئمة (عليهم السلام) سوف تبطل لو كانت العصمة مستندة الى ذلك الدليل فقط, أما إذا كان هناك أكثر من دليل غير معارض فتبقى العصمة باقية بتلك الأدلة. ولو سلمنا بإمكان القدح بكل الأدلة التي تثبت العصمة للانبياء (عليهم السلام) فانه تبقى عصمة الأئمة (عليهم السلام) ونبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وابنته فاطمة (عليها السلام) ثابتة، لأن هناك أدلة خاصة تثبت العصمة لخصوص الائمة (عليهم السلام).



السؤال: عصمة الأئمة (عليهم السلام) مطلقة

ماهو الدليل على عصمة الائمة عليهم السلام في غير ما يرتبط بالشريعة
الجواب:

هنالك عدة أدلة لبيان عصمتهم بشكل عام غير مختصة بالعصمة في التشريع. ونكتفي ببيان بعضها:
من القرآن الكريم:
(1) قال تعالى: (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) (الأحزاب:33).
إن تحلية الرجس بـ(ال) دليل على الشمولية والعموم كما قرر في محله من علم اللغة سواء أريد منها الاستغراق أو الجنس، ولا يمكن جعلها عهدية لعدم تقدم ذكر أو إشارة إلى الرجس حتى تكون عهدية. وهذه الشمولية تعني نفي الرجس عن هؤلاء البررة نفياً عاماً شاملاً لجميع مستويات الرجس سواء على مستوى الاعتقاد، أم الأعمال، أم الأخلاق والسلوك، أم التعلق بغير الله . فكل رجس وكل قذارة قد أذهبها الله تعالى عنهم . وأثبت مكانها الطهارة المؤكدة.
(2) قال تعالى: (( وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمهنّ قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين )) (البقرة:124) . حيث تفيد هذه الآية المباركة إن كل ظلم ـ وبجميع أقسامه ـ ممنوع عن منصب الإمامة . والمعروف في اللغة ان الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه . وتكون النتيجة ممنوعية كل فرد من أفراد الظلمة عن الارتقاء لمنصب الإمامة سواء كان ظالما في فترة من عمره ثم تاب أو لا .
من السنة النبوية :
ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متواترا قوله : ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ). وبما أن القرآن الكريم محفوظ من الزلل والخطأ لأنه من عند الله تعالى فكذلك ما قرن به وهم عترة محمد (صلى الله عليه وآله) وسلم . وإلا لما صحت المقارنة . وحاشا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول شيئا من عنده (( إن هو إلا وحي يوحى )) (النجم:4).


تعليق على الجواب (1)
ان آل البيت والصحابة جميعهم دفنوا في مقابر واحدة وهي البقيع و لايجوز دفن المسلم مع الكافر صح؟
السؤال هو هل علم اهل البيت بكفر الصحابة؟
اذا كانت الاجابة بنعم فقد خرقتم عصمة آل البيت لانهم خالفو امر الله و اذا كانت الاجابة لا كيف علمتم امر لم يعلمه اهل البيت؟!
الجواب:

1- نحن لا نقول بكفر الصحابة بل نقول باسلامهم الظاهري فكل من يتشهد الشهادتين يحكم عليه بالاسلام وبالتالي يدفن في مقابر المسلمين .
2- على فرض كفر بعض الصحابة فلا شك ان الائمة يعلمون بذلك ولكن ليس هم من امر بدفن هؤلاء الكفار في البقيع بل كان ذلك رغما عن ارادتهم فالبقيع ليس ملكا للائمة حتى يتحكموا فيه بدفن هذا او عدم دفن ذاك .
3- لما حكم المسلمون على عثمان بالكفر لم يسمحوا بدفنه في مقبرة المسلمين وهي البقيع بل دفن في حش كوكب وهي مقبرة اليهود فالامر اذن يعود للمسلمين فهم الذين يجيزون لهذا بالدفن وللكفار بعدم الدفن ولايستطيع الائمة عليهم السلام ان يعملوا بعلمهم دون ان يقبل المسلمون بذلك .



السؤال: عصمة الائمة (عليهم السلام) ليست جبرية
هناك من يقول ان عصمة الانبياء جبرية وذلك لعلمهم بخفايا الامور وحقيقة الاشياء مثلا: قول الامام: (والله لا اراه الا قيحا) وذلك اشارة الى طعام ما، فهو بناء على علمه يكون مجبر على عدم الاكل مثلاً.
ما مدى صحة هذه المقولة ؟
الجواب:
.
ان كان المراد من الجبر ان الائمة (عليهم السلام) لعلمهم بحقائق الاشياء فهم غير قادرين على ارتكاب المعصية والخطأ ، فمن الواضح ان العلم بحقيقة الشيء لا يستلزم عدم القدرة على المخالفة ، والعلم بحقيقة الشيء لا يسلب من الانسان اختياره ، ولا منافاة بين ان يكون الانسان عالماً بحقيقة شيء وان يرتكب ذلك الشيء ، الا ان أئمتنا (عليهم السلام) كانوا عالمين بحقائق الاشياء ، ومع ذلك كانوا يجتنبون ولا يرتكبون المعاصي والخطايا ولا يصدر عنهم السهو ولا النسيان عن اختيار .


تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب

يذهب البعض بتشبيه الأئمة عليهم السلام بحواري محمد (ص) مثل حواري عيسى (ع) مع أن المراجع التاريخية تأكد بأن عيسى قد أبدل إحدى حوارييه وهو يهوذا فكيف يمكن أن يحدث الخطىء من قبل هؤلاء.
الجواب:

لم يكن النقل التاريخي عن حواريي عيسى صحيحاً وما نقوله عن الحواريين انهم كانوا مخلصين في انفسهم ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكير كما ورد ذلك عن الرضا (عليه السلام) وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سأل عن حواري عيسى فقال: كانوا من صفوته وخيرته وكانوا اثني عشر مجردين مكنسين في نصرة الله ورسوله لازهو فيهم ولا ضعف ولا شك كانوا ينصرونه على بصيرة ونفاد وجد وعناء.
ثم إن الأئمة (عليهم السلام) ليسوا بحواريين مخلصين لنبي الله بل أعلى مرتبة فهم أوصياء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) اصطفاهم الله



السؤال: عصمة الإمام ليست جبرية

هل عصمة الإمام ذاتية ام من الله؟
وهل الاية الكريمة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ....) تدل على ان العصمة من الله حيث ان جميع العلماء يستدلون بالآية على العصمة.
الجواب:

ما نفهمه من سؤالك: تريد السؤال عن منشأ العصمة هل هي من الله تعالى؟ أي أنها تكوينية فيتبادر الى الذهن لزوم الجبر وعدم فضل الإمام (عليه السلام) في شيء فلا يستحق الثناء أو الثواب عليها. أم إنها ذاتية أي هي إلتزام من الإمام بأوامر الله تعالى التشريعية فهي إذن باختيار الإمام ويستحق عليها الثناء والثواب.
ولكن استدلالنا بآية التطهير على أنها إرادة تكوينية من الله سبحانه يلزم منها عندك إشكال الجبر والاضطرار. فنقول:
عَرَّف علماؤنا العصمة: بأنها لطف يفعله الله بالمكلف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية وترك الطاعة مع قدرته عليهما. قال تعالى: ((وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)) (النساء:113).
فهذا اللطف والفضل والرحمة هو نحوٌ من العلم اليقيني الذي إطلعوا من خلاله على عالم الملكوت والغيب فهو علم شهودي حضوري لا حصولي كعلومنا والفرق بين العلمين بأن هنالك فرقاً بين أن تعلم بأن النار محرقة وبين ان تحس بالاحراق وتحترق مثلاً، وكذلك هناك فرق بين أن تعلم شيئاً عن الجنة وبين دخولك فيها ولذلك يؤثر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: (والله لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً)، وهذا العلم اليقيني ثابت للإمام وهو العصمة، قال تعالى: ((وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)) (الأنعام:75)، وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24).
والذي يصل من حيث العلم إلى مقام اليقين فهو يصل يقيناً من حيث العمل الى مقام الصبر، ومن ثَمَّ لن يكون هناك إنفكاك بين هذا السنخ من العلم والعمل، هذا هو جوهر العصمة مختصراً .
وأما الاستحالة ذاتية ووقوعية: فامتناع وقوع المعصية واستحالتها ليست ذاتية للإمام نتيجة عصمته المفاضة من الله (أي أن ذاته لا تقع منها المعصية) حتى يلزم منها الجبر والاضطرار فلا تكون باختيار الإمام وجهده فلا يستحق عليها الثناء والثواب، وإنما يكون إمتناع وقوع المعصية من الإمام (مع علمه اليقيني) بنحو ما نعبّر عنه بالاستحالة الوقوعية أي أنه لا يمكن أن يصدر عنه ذلك مع قدرته عليه، كما أثبت سبحانه ذلك في حق الانبياء (عليهم السلام) بقوله للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): ((وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) (الزمر:65).
وهذا الخطاب للأنبياء يدل على إمكان صدور الشرك منهم (عليهم السلام) ذاتاً وعقلاً لكونهم فاعلين مختارين، وإنما الواقع يقول بأن أحداً من الانبياء (عليهم السلام) لم ولن يرتكب شركاً قط لعلمه اليقيني بالله الواحد الاحد، ومعرفته الحضورية به تعالى وبحقائق الاعمال الحسنة والسيئة وحقيقة التوحيد والشرك فلا يتخلف حينئذ عملهم عن علمهم مع إختيارهم الكامل وعدم جبرهم او اضطرارهم لتركه وإلا لما نهاهم تعالى عن الشرك المجبرين على تركه فإنه لا معنى للنهي عما لا يُستطاع فعله أصلاً.
فالانسان المعصوم إنما ينصرف عن المعصية بنفسه ومن اختياره وإرادته، ونسبة الصرف إلى عصمته تعالى كنسبة إنصراف غير المعصوم عن المعصية إلى توفيقه تعالى، فتنبه



السؤال: الجبر والاختيار في العصمة
هل الأئمة المعصومين (عليهم السلام) مجبرين في عصمتهم أم وارد احتمال الخطأ منهم وهم يمتنعون لسموّ أرواحهم الطاهرة ؟
الجواب:

العصمة تارة تكون من الذنب , فهي باختيار المعصوم , يتجنبها المعصوم بإرادته , ويكون الذنب أمام المعصوم واجتنابه عنه , كما ينظر أحدنا للعذرة ويتجنب عن أكلها , مع قدرته على أكلها .
وتارة تكون عن السهو والنسيان , فانها جبرية , متعلّقة بعلم الله بأن هؤلاء سيكونون من أفضل البشر , فاصطفاهم وطهرهم تطهيراً .



السؤال: عصمة النبي بالإرادة وليس بالجبر
(( لَا تحَرّك به لسَانَكَ لتَعجَلَ به )) هذه الاية توحي بان النبي ليس بمعصوم وانما الذي يعصمه هو وحي الله تعالى من السماء فما قولكم فيها
ولكم الشكر؟؟؟
الجواب:

هذه الآية الكريمة كأختها: (( وَلا تَعجَل بالقرآن من قَبل أَن يقضَى إلَيكَ وَحيه وَقل رَبّ زدني علماً )) (طـه:114), بالضبط فهما يحكيان حال النبي (ص) في كيفية تلقيه للوحي وتعامله معه وما صاحب ذلك من حرصه الشديد على تعجل تلقي الوحي وحبه له وشوقه إليه لانه خير يحب أن يضبطه ليعمل به ومن ثم يبلغه للناس لأنه (ص) كان حريصاً على الخير له وللجميع، وأكثر علمائناً قالوا على أن فعل النبي (ص) كان عن علم ومعرفة لأنه (ص) قد نزل عليه القرآن الكريم دفعة واحدة في ليلة القدر أو في ليلة مباركة ثم نزل القرآن الكريم على دفعات بحسب الحاجة والوقائع، فكان النبي (ص) يتذكر النزول الأول عند النزول الثاني فيتسابق مع الوحي ويبادر لترديده معه أو قبله ليستذكر ويحفظ أسرع وأتقن لسبق علمه بما يوحى إليه في الجملة، فنهي (ص) عن تلك المبادرة وأمره تعالى بالتأني والتروي ولا شيء عليه إن تأخرّ وأنصت واستمع ثم قرأه وتلاه (ص) وتعهّد له تعالى بأن يحفظه إيّاه (( سَنقرئكَ فلا تَنسَى )) (الأعلى:6) حتى مع عدم الإسراع بالتلقي.
وهذا لا محذور فيه ولا نقص ولا إشارة لعدم عصمته (ص) أبداً وقد قال (ص): (أدبني ربي فأحسن تأديبي)، فقد كان الله تعالى يربيه ويؤدبه بأحسن الأخلاق والتصرفات وأحكم وأكمل وأمثل صورة، فلماذا نصر نحن المسلمون على سوء الظن برسول الله (ص) وشخصيته العظيمة ونحاول ازدرائها من هنا وهناك، ونغفل وننسى أو نتناسى ما قاله تعالى فيه وما امتدحه سبحانه به حيث قال تعالى: (( وَإنَّكَ لَعَلَى خلق عَظيم )) (القلم:4) ,وقال عز من قائل: (( وَمَا يَنطق عَن الهَوَى * إن هوَ إلَّا وَحيٌ يوحَى * عَلَّمَه شَديد القوَى * ذو مرَّة فاستَوَى ))[النجم:3 ـ 6].
ويشهد لهذا المعنى ـ وأن النبي (ص) معصوم وبإرادته لا بالجبر والوحي فقط دون اختيار وإرادة وجدارة ذاتية مع تأييد إلهي ولطف وتسديد بالوحي وغيره ـ وهو كونه (ص) كان يراجع ويعرض تلاوته وما حفظه من القرآن على جبريل في كل عام مرة وفي آخر عام له (ص) راجعه معه مرتان!!
وهذه الآية تشبه قوله تعالى: (( يَا أَيّهَا الرَّسول بَلّغ مَا أنزلَ إلَيكَ من رَبّكَ وَإن لَم تَفعَل فمَا بَلَّغتَ رسَالَتَه وَاللَّه يَعصمكَ منَ النَّاس )) (المائدة: من الآية67), لأنها تأمر النبي (ص) بالتبليغ وعدم خوف الناس وتعهد الله تعالى بحفظه منهم مع أن النبي(ص) لم يقصّر في الدعوة لحظة واحدة ولم يتوقف عنها أبداً ، وبالتالي فهذه الآيات مربية ومادحة لإطاعته وقادحة فلا تتصادم مع العصمة بل تؤكدها, هدانا الله وإيّاكم إلى سواء السبيل.



السؤال: العصمة لا تعني الجبر على الفعل
هل يخلق المعصوم معصوما من الخطا بمعنى ان تكوينه وخلقه لا يدعانه يرتكب الذنوب الا يتعارض هذا مع الجبر والتفويض ومع الثواب والعقاب
الجواب:

العصمة لا تعني الجبر على الفعل, وإنما هي تعني قوة العقل بحيث لا يغلب, وهي لا تتنافى مع التكليف والثواب والعقاب, فالمعصوم حاله كحال الناس في التعامل مع الشهوات والحالات الإنسانية من الانفعال والغضب وما شابه ذلك إلا أن الفرق بيننا نحن - أي غير المعصومين - والمعصوم ان الوضوح الذي يراه بقبح الأشياء المحرمة والمكروهة أكثر مما نراه نحن, وهذا الوضوح هو الذي يدفعه إلى عدم ارتكاب الحرام أو فعل المكروه .. وهذا ليس من الجبر بمكان بل هو زيادة ألطاف للقوى العقلية والروحية للمعصوم مع وجود الحالة الشهوية وبقية القوى الأخرى من الغضبية وغيرها عنده.



السؤال: الفرق بين اختيار المعصوم بالامكان الذاتي وحتمية العصمة بالامكان الوقوعي

ارجو منكم توضيح الفارق : بين اختيار المعصوم بالإمكان الذاتي وحتمية العصمة بالإمكان الوقوعي .
وببيان آخر: أن المعصوم في ذاتة يمكن أن يصدر منه الخطأ , فعدم ارتكابه للمعصية هو عن اختيار, وذلك يرجع لانكشاف الواقع له كما هو, أما بالإمكان الوقوعي فهو لا يمكن أن يعصي , وذلك للزوم المحال في صدور المعصية منه خارجا .
أرجو من سماحتكم بيان وجه المحالية بالشرح والتوضيح مع ضرب الأمثلة ، وهل يلزم من القول بمحالية وقوع المعصية منه خارجا على نحو الإمكان الوقوعي كون الإمام مجبورا وغير قادر على فعل المعصية خارجا ؟
هذا هو سؤالي , أرجو التوضيح التام للمسألة يخرج منه اللبس والإيهام .

الجواب:

نعم , العصمة هي مناعة وصيانة عن الوقوع في الخطأ والمعصية , ولكن ليست هذه الحصانة تنفي قدرة واختيار المعصوم (ع) , بل صدور الخطأ ممكن منه (ع) من حيث الفرض , ولكن لا يقع عملاً , وهذا ما يسمى بالامكان الوقوعي , أي أن الزلل ممكن منه (ع) وقوعاً ـ وليس ممتنع ذاتاً ـ ولكن لا يرتكب المعصية , وذلك وفقاً لأدلة العصمة .
والمقصود من الاستحالة في المقام هي الاستحالة الوقوعية لا الذاتية , وهذه الاستحالة الوقوعية هي نتيجة الاعتماد على أدلة العصمة .
فالترتيب المنطقي للموضوع هكذا : إن صدور السلبيات من المعصوم (ع) ممكن نظرياً بالامكان الوقوعي , ولكن نظراً الى أدلة العصمة نلتزم باستحالة ذلك بالاستحالة الوقوعية .
فترى أن هذه الاستحالة لا تفرض حالة جبرية على المعصوم (ع) , بل هي نتيجة الأخذ بأدلة العصمة .
وإن شئت عبّرت عن الموضوع بأن المعصوم (ع) لا يصدر منه الخطأ والمعصية في الخارج , وإن كان صدورها منه (ع) ممكن الوقوع عقلاً .



السؤال: العصمة المكتسبة

لدينا عدة أسئلة نرجو الإجابة عليها لو سمحتم :
1- فهمنا من بعض أسئلة الموقع " هنا " أن الشخص إذا لم يذنب طيلة حياته فقد وصل لمقام العصمة الاكتسابية , فهلا ذكرتم الأدلة العقلية والنقلية على ذلك .
2- البعض من الشيعة يقول : إن مقام العصمة الاكتسابية أو النسبية لانستطيع إطلاقها على أحد من المراجع أو العلماء إلا بتوافر معايير ثلاثة وهي :
أ- شهادة المعصوم عصمة جعلية كما شهد المعصوم عصمة جعلية للعباس بن علي عليه السلام .
ب-تحمل المسؤولية في حفظ الشريعة .
ج-السيرة الكريمة والخالصة .
وهؤلاء الناس يريدون القول أن لاعصمة صغرى لأحد من المراجع الأتقياء إلا بتوافر هذه المعايير الثلاثة علمًا أننا نعيش في زمن الغيبة فكيف نقول عن مرجع أو عالم أو فقيه أن لديهم عصمة صغرى ولم يحظوا بشهادة من المعصوم عصمة جعلية ؟
3- يقول هؤلاء الناس كذلك أن هذه المعايير متفق عليها عند أغلب فقهاء الشيعة والعلماء فهل هذا صحيح ؟

الجواب:

إن اطلاق تسميه العصمة الاكتسابية او الثبوتية او النسبية او الالتزامية بمعنى الالتزام بأوامر الشريعة ما هو الا اصطلاح يفسر بحسب مراد واضع الاصطلاح فالبعض سمن من لم يقترف الذنوب والتزم بجميع الاوامر الألهيه والاحكام الشرعية بالعصمة الألتزامية والبعض سمى من لم يفارق طريق العدل والطاعه وعدم السلوك في طريق القبيح والمعصيه بالعصمه الثبوتية وهكذا في بقيه الاصطلاحات ومشاحة في الاصطلاح.
وهذه العصمة المصطلحه تختلف عن العصمه الثابته للانبياء ولاوصياء (عليهم السلام).
ثم انه ما يذكر من المعايير الثلاثه ما هي الاطريق يوصلنا لفهم عدم مفارقة العباس مثلاً لطريق العدل والطاعة وعدم سلوك طريق القبيح والمعصيه فمن قول الامام نستكشف ذلك أو من السيره أو من اعطائه المسؤوليه في قيادة الامه وحفظ الشريعة، فهذه الطرق التي ذكروها ترشدنا الى عصمتة المصطلحة ولا يعني هذا عدم ثبوت العصمة من طريق آخر فلو دل الدليل القاطع على عدم مقارقة شخص للذنوب والتزامه بجميع الطاعات فما المانع من أطلاق الاصطلاح عليه.
وكذلك الحال بالنسبة لاطلاق العصمه الصغرى على بعض العلماء فهو اصطلاح ما يراد به الا تحقق العداله عند هؤلاء العلماء ولا يراد بها اكثر من ذلك.



السؤال: بين العصمة الالتزامية والعصمة الجعلية

لو أن شخصا منذ ولادتة إلى حين وفاته لم يرتكب لم يعص الله تعالى فهل يعتبر معصوما كعصمة الانبياء والائمة عليهم السلام معذكر الاسباب
الجواب:

إن الحالة الواردة في مفروض السؤال تسمى العصمة الإلتزامية، أي الناتجة من الالتزام بأحكام الشريعة وتطبيقها وفق ما أراده المولى سبحانه وتعالى، ولكنها ليست كالعصمة الجعلية للأنبياء والأئمة (عليهم السلام) فهذه أدق منها وأعمق لما فيها من عوامل اللطف الإلهي ومعاضدة الوحي أو الإلهام للشخص المعصوم بالجعل.



السؤال: كيف عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)
هل عصمة النبي والائمة (عليهم السلام) بأمر من الله اي ان الله خلقهم من غير ان يخطأوا ام ان تكوينهم الذاتي والنفسي وارتباطهم الدائم بالله جعلهم رساليون فعصمتهم من عمق رسالتهم ؟

الجواب:

العصمة تارة تكون من الذنب , فهي من مجاهدتهم (عليهم السلام) , إذ بإرادتهم لم يذنبوا مع مقدرتهم على الذنب , ويكون حال الذنب وابتعادهم عنه , كحال ابتعاد أحدنا عن أكل العذرة مع قدرته على الأكل . وتارة تكون العصمة عن السهو والنسيان والخطأ , فهي عصمة الهية بأمر من الله, أي : أن الله خلقهم كذلك , وذلك لسبق علم الله بأن هؤلاء خلص عباده فعصمهم. فمقدمات العصمة في هذا القسم كسبية وكانت النتيجة الهية وهبها لعباده المخلصين .


تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
معنى كلامكم: أن الله سبحانه وتعالى اختارهم أئمة لعلمه المسبق بأنهم لا يعصونه بإرادتهم.وهنا أطرح سؤالين :
كيف نفسر بأن أهل البيت (عليهم السلام) قد وجدوا أنوارا حول العرش قبل خلق آدم ؟
السؤال الثاني: كيف نفسر قول الإمام أمير المؤمنين علي(عليه السلام) للمسلمين ما مضمونه : ألا وإنكم لا تقدروا على ذلك ولكن أعينونا بورع منكم ؟
هل يمكنكم إعطاء توضيح أكثر في التوفيق بين العصمة و بين الإختيار؟
الجواب:

قلنا العصمة عن الذنب هي عن مجاهدة منهم , وأنهم يستطيعون أن يذنبوا , ولكن لا يذنبون بإرادة منهم , وأما العصمة عن السهو والنسيان والخطأ , فان الله خلقهم كذلك , وذلك لسبق علم الله. ومقصودنا من سبق علم الله قبل أن يوجدهم أنواراً حول العرش , إذ لم يقل أحد بقدم هذه الأنوار .
وأما عن السؤال الثاني , فنقول : ما هو مقصود أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله : ( لا تقدروا على ذلك) ؟ فاذا كان قصده لا تقدروا على ما يقدر عليه أهل البيت (عليهم السلام) المعصومون بالعصمة الالهية والعصمة التي هي بارادتهم , فانه لا يرد عليه اي اشكال .



السؤال: عصمة الأنبياء في جميع الحالات (1)
ما المانع من أن يكون النبي غير معصوم حيث من الممكن أن نتصور أن النبي معصوم فقط في تلقي الوحي وإبلاغه وما عدا ذلك غير لازم وأما شبهة أن الثقة تنعدم في النبي مندفعة بكون النبي عندما يحدث عن الوحي فهو معصوم من جهة ومن جهة ثانية نحن نعرف بأن الضرر المحتمل واجب دفعه فهذا يكفي في أن يكون محرك للالتزام بأوامر الرسول حتى لو لم تكن قطعية بالنسبة إلينا
الجواب:

إذا قلنا بعصمة النبي الأقوال التي يبلغ بها عن الوصي فكيف نقتدي بأفعال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! وكيف يكون لنا أسوة حسنة ونحن نجيز المعصية في أفعاله!!
ولا مجال هنا لبقاء الثقة بالسببين الذين ذكرتهما: أما العصمة في التبليغ فهي لا تعطي العصمة في الأفعال حسب ما فرضنا, وأما الضرر المحتمل الواجب دفعه فاننا نحتمل إذا اقتدينا بأفعال الرسول والرسول يحتمل فيه العصيان في الأفعال, فنكون قد وقعنا في العصيان, وهذا الاحتمال يولد عندنا الخوف فيدفعنا إلى عدم الاقتداء بسيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم), فتضعف ثقتنا بأفعاله. فليس دائماً الضرر المحتمل يزيد ثقتنا, بل يكون في بعض الأحيان عكس ذلك كما عرفت.
ثم كيف لا تضعف الثقة بالنبي وهم يشاهدونه يسهو في تطبيق الشريعة التي أمرهم بها أو يغلط في أموره الفردية والاجتماعية؟! بل سوف لن يبقى شيء مما جاء به هذا النبي إلاّ وتطرقه علامات الاستفهام.
وان التفكيك بين صيانة النبي في مجال الوحي وصيانته في سائر المجالات وإن كان أمراً ممكناً عقلاً لكنه بالنسبة الى عقول الناضجين في الأبحاث الكلامية, وأما عامة الناس ورعاعهم الذين يشكلون أغلبية المجتمع فانهم غير قادرين على التفكيك بينهما, بل يجعلون السهو في الامور الفردية دليلاً على امكان تسرب السهو الى مرحلة التبليغ.
ولسد هذا الباب الذي ينافي الغاية المطلوبة من ارسال الرسل لابد من أن يكون النبي معصوماً من الخطأ في عامة المراحل، سواء في حقل الوحي، أم تطبيق الشريعة، أم في الامور الفردية والاجتماعية.



السؤال: عصمة الأنبياء في جميع الحالات (2)
ما مدى صحة الرواية المذكورة عن الامام الصادق (عليه السلام) حيث جاء عن رجل عن رجل عنه (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يطلي فيتبول وهو قائم قال:لا بأس به. الكافي ج6 كما ان اهل السنة يزعمون بأن الرسول (ص) قد (بال قائماً) أليس في ذلك إنتقاص له صلى الله عليه وآله وسلم ؟
الجواب:

لقد ثبتت عصمة الانبياء بدليلي العقل و النقل ، و يكفي ان نذكر هنا قوله تعالى في حقّهم (عليهم السلام) : (( واجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم )) (الانعام:87) ، ثم نرده بقوله جلّ وعلا : (( ومن يهد الله فما له من مضل )) (الزمر:37) ، لنعرف ان الذي يهديه الله لا يقدر على إضلاله أحد .. وفي هذا علينا ان نعرف أن الغرض من بعثة الانبياء (عليهم السلام) كما هو معلوم هو تبليغ رسالات الله سبحانه الى الناس ، و الشرط المهم في تحقق هذا الغرض هو الوثوق بالمبلّغ و الاعتماد عليه وإلا أعرض الناس عن المبلغ ولم يأخذوا بكلامه لانتفاء صفة الوثوق. ومن هنا وجب القول بعصمة النبي في جميع الحالات سواء قلنا في مجال التبليغ والوحي أو في الأقوال و الأفعال العادية . و يمكن توضيح ذلك في البيان التالي :
بعد التعرف على أن صفة الوثوق بالمبلّغ والاعتماد عليه شرط أساس في تقبل الرسالة و الايمان بها نتساءل هنا : ما قولك فيما لو شاهد الناس نبيّهم يسهو في تطبيق الشريعة التي أمرهم بها ، أو يغلط في أموره الفردية و الاجتماعية ؟ هل من ريب في أن الشك سيجد طريقا رحبة للتسرب إلى أذهان الناس فيما يدخل في مجال الوحي و الرسالة ، بل لن يبقى شيء مما جاء به هذا النبي إلا و تطرقه علامات الاستفهام ، ولسان حاله يقول : هل ما يحكيه عن الله تعالى من الوظائف ، هي وظائف الهية حقا ؟ أم انها مزيج من الاخطاء والاشتباهات وباي دليل هو لا يخطيء في مجال الوحي ، إن كان يخطئ و يسهو في المجالين الآخرين ؟ و هذا الحديث النفسي و الشعور الداخلي اذا تعمّق في أذهان الناس سوف يسلب اعتمادهم على النبي وتنتفي بالتالي النتيجة المطلوبة من بعثة .. فلا بدّ .. لسد هذا الباب الذي ينافي الغاية المطلوبة من إرسال الرسل .. من أن يكون النبي مصونا عن الخطأ في عامة المراحل ، سواء في حقل الوحي أم تطبيق الشريعة أم في الأمور الفردية. ومن هنا نعلم أن لا دليل عقلي أو نقلي يدلل على ارتكاب الانبياء للصغائر و يحصر عصمتهم في نقل الوحي وعدم فعلهم للكبائر فقط كما هو الوارد في سؤالك. وأما الآيات التي يستدل بها المجوّزون لوقوع الاخطاء من الانبياء (عليهم السلام) عامة أو من النبي (ص) خاصة، فقد ناقشها العلماء ببيانات وافية ودحضوا الاستدلال بها على مراد المجوزين هذا ، و يمكن الرجوع الى كتاب (الالهيات/ للشيخ جعفر السبحاني ج3 ص 197) للوقوف على تلك البيانات الوافية .
وفي نفس السياق السابق نقول: ان من مراتب العصمة أن لا تحصل من الانبياء أمور توجب النفرة منهم لان ذلك ينافي الغرض من بعثتهم و هو ابلاغ الرسالات السماوية بواسطتهم الى الناس ، ومن ذلك مسألة البول قائما التي توجب النفر ، من فاعلها و قلة مروءته بين الناس ، والتي لا نتصور نحن البشر العاديّون ان أحدا من الناس المحترمين فضلا عن ذوي الشأن و السمو يفعل ذلك ، ومن هنا يذكر ابن قدامة في (المغني ج6 ص 500) عن أبي مسعود قوله : من الجفاء أنه تبول و أنت قائم ، بل ينقل عن سعد بن ابراهيم انه لا يجيز شهادة من بال قائما ، و يروي ـ أي ابن قدامة ـ عن عائشة أنها قالت : من حدّثكم أنّ رسول الله (ص) كان يبول قائما فلا تصدقوه ، ما كان يبول إلا قاعداً ، قال : قال الترمذي هذا أصح شيء في الباب (فليراجع ثمة) . وأما عن الرواية المنقولة عن (الكافي) في الرجل يطلي فيتبول وهو قائم ، قال الامام الصادق (ع) : (لا بأس به) ، فهي تدل على الجواز لا على رجحان الفعل ، وموردها مورد المعذور عن القعود للتبول لوجود علّة وهي الطلاء من النورة ، مع أن الكلام في نسبة ذلك الى النبي (ص) و انه ينافي المروءة لا في جواز الفعل منا فالرواية اجنبية عن محل الكلام .
وأما رواية الجاريتين و الجارية السوداء وأمثالها، فهما باطلتان ومردودتان على ناقليها ، لأن فيها انتقاصاً واضحاً لشخص النبي الأعظم (ص) و انحطاطه ـ حاشاه ـ الى مستويات ترفع عنها أبو بكر وعمر كما نصت عليه تلك الروايات . أعاذنا الله من زلل الأقدام وزيغ الأفهام و أعاننا على ديننا و فهم عقيدتنا بجاه محمد وآله الطيبين الكرام.


يتبع

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.37 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2019 الساعة : 12:19 AM


السؤال: الأدلة على عصمة الانبياء (عليهم السلام)
إني إثنا عشري و لله الحمد، ومن القائلين بعصمة الأنبياء و أطلب منكم شاكراً معرفة أدلة عصمة الأنبياء وعلاقتها مع الآية التالية :
((فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم))
وقول النبي موسى (ع) : ((إني ظلمت نفسي فاغفر لي)) .
الجواب:

إن الأدلّة على عصمة الانبياء كثيرة، فقد ذكر المحقق الطوسي ثلاثة منها (راجع كشف المراد/274)، وأضاف إليها القوشجي دليلين آخرين (شرح التجريد/358) ، وذكر الايجي تسعة أدلة (المواقف359_360) . ونقتصر في هذا المجال على ذكر دليلين هما :1- الوثوق فرع العصمة
إنّ التبليغ يعمّ القول والفعل، فكما في أقوال النبي تبليغ فكذلك في أفعاله، فالرسول معصوم عن المعصية و غيرها لأنّ فيها تبليغاً لما يناقض الدين و هو معصوم من ذلك .
ولا يفتقر ذلك على زمن البعثة فقط وإنّما يشمل ما قبلها أيضاً لأنّه لو كانت سيرة النبي غير سليمة قبل البعثة فلا يحصل الوثوق الكامل به وإن صار إنساناً مثاليّاً.
إذن فتحقق الغرض الكامل من البعثة رهن عصمته في جميع فترات عمره.2- التربية رهن عمل المربّي
إنّ الهدف العام الذي بعث الأنبياء لأجله هو تزكية الناس و تربيتهم و معلوم (أن فاقد الشيء لا يعطيه) فلذا لابد من التطابق بين مرحلتي القول والعمل، وهذا الأصل التربوي يجرّنا الى القول بأن التربية الكاملة المتوخاة من بعثة الأنبياء لا تحصل إلّا بمطابقة أعمالهم لأقوالهم فانّ لسوابق الأشخاص وصحائف أعمالهم الماضية تأثيراً في قبول الناس كلامهم وإرشاداتهم . أمّا ما ذكرته بالنسبة للآيات المباركة من سورة القصص، فإن الأصل في الأنبياء العصمة والأدلة من القرآن والسنة والعقل صريحة بالعصمة، وكل ما ورد ظاهره مناف للعصمة، فلابد من البحث عن التأويل له و فهم معناه.
فقد جاء في (عيون أخبار الرضا (ع)) باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا (عليه السلام)، فقال له المأمون : يا بن رسول الله، أليس من قولك : إنّ الأنبياء معصومون ؟ قال : بلى . قال : فأخبرني عن قول الله: ((فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان)) (القصص 15).
قال الرضا (عليه السلام) : إنّ موسى (ع) دخل مدينةً من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها، وذلك بين المغرب والعشاء، فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته و هذا من عدوّه، فقضى على العدو بحكم الله - تعالى ذكره - فوكزه فمات، قال : هذا من عمل الشيطان، يعني الاقتتال الذي وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى (ع) من قتله (إنه) يعني الشيطان (عدوّ مضلّ مبين) .
قال المأمون : فما معنى قول موسى: (( ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي )) 16؟
قال : يقول : وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة، فاغفر لي، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني، فغفر له إنّه هو الغفور الرحيم . قال موسى(ع) : ربّ بما أنعمت علي من القوة حتى قتلت رجلاً بوكزة فلن أكون ظهيراً للمجرمين، بل أجاهدهم بهذه القوة حتى ترضى .
و جعلنا الله و اياك من الموالين في القول والعمل.

تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
انا اميل الى الالتزام بالنص سواء اتفق مع العقل أم لا
الجواب:
معنى كلامك أنك ترفض الدليل العقلي ولا تقبل به، وتقول أنه في قبال الأدلة النقلية فلذلك ترفض القول بعصمة الأنبياء . ونحن نقول: لو سلمنا معك ذلك فما تقول بالأدلة النقلية التي تثبت العصمة للأنبياء؟ حتماً سيحصل تعارض بين دليل يثبت عصمة الأنبياء ودليل آخر تتصوره ينفي العصمة عن الأنبياء، فلا بدّ عليك أن لا تأخذ فقط بتلك الأدلة التي تتصورها أنها تنفي العصمة عن الأنبياء.
ثم إن الدليل العقلي لا يصح منك ردّه، فإنه إذا ثبت صحته أو قُطع به يكون مقدّماً على تلك الأدلة النقلية التي تقبل التأويل بما ينسجم مع الدليل العقلي. ولا يردّ الدليل العقلي القطعي الإّ السفسطائي.



السؤال: عصمة الأنبياء في رأي الفريقين
هل هناك خلاف بين العلماء حول موضوع عصمة الانبياء. وهل المشهور سابقا خلاف ذلك؟ وشكراً.
الجواب:

ممّا تفردّت به الاماميّة هو القول بوجوب عصمة الأنبياء (عليهم السلام) في أخذ الوحي وايصاله وتطبيقه واجتناب بالمعاصي والذنوب ـ كبيرة كانت أو صغيرة ـ، ولهم في هذا المجال دلائل واضحة وجليّة لا مجال لنا بذكره في هذه العجالة.
واتفّق رأي أهل السنّة على عدم وجوب العصمة إلاّ في تبليغ الرسالة ، حتى أنّ جمهورهم جوزّوا صدور المعاصي من الانبياء (عليهم السلام) ـ والعياذ بالله ـ.
نعم، كان هناك رأي للشيخ الصدوق رحمه الله، وشيخه ابن الوليد في جواز السهو على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في الموضوعات التطبيقيّة ـ لا في تبليغ الوحي ولا في الابتعاد عن المعاصي ـ وهذا رأيهما الخاص، ولم يتبعهما في ذلك أساطين الطائفة الشيعية وجمهورها.

تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
الشيخ الصدوق لم يقل بجواز السهو على النبي , بل قال بجواز الاسهاء للنبي(ص) , بخلاف ما يظهر من الكلام في اجابتكم السابقة و التي بدأ يهرج بها الوهابية على الشيعة , وانا انقل لكم رأي الشيخ السبحاني على قضية السهو , قال في صفحة 302 بعد نقل كلام الشيخ الصدوق :
(( وحاصل كلامه: انّ السهو الصادر عن النبي إسهاء من الله إليه لمصلحة، كنفي وهم الربوبية عنه، وإثبات انّه بشر مخلوق، وإعلام الناس حكم سهوهم في العبادات وأمثالها , وأمّا السهو الذي يعترينا من الشيطان فإنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) منه بريء، وهو منزّه عنه، وليس للشيطان عليه سلطان ولا سبيل. ومع ذلك كلّه، فهذه النظرية مختصة به، وبشيخه ابن الوليد، ومن تبعهما كالطبرسي في (( مجمعه )) على ما سيأتى؛ والمحقّقون من الامامية متفقون على نفي السهو عنه في أمور الدين حتى مثل الصلاة )).
ولقد شاهدت كلاما للعلامة السيد جعفر مرتضى العاملي حول الموضوع مؤداه نفس الكلام , وهو ان الشيخ الصدوق و استاذه ذهبا إلى جواز الاسهاء وليس السهو كما يظهر من كلامهما ( الاسهاء هو من الله لغاية معينه كما هو معلوم ) و قد خالفتهم الطائفه المحقه في هذا الكلام.
هذا و لكم جزيل الشكر لما تقومون به من الذود عن العقائد الحقة .
الجواب:

لم يكن المركز بصدد التفريق بين السهو والاسهاء , وانما كان بصدد بيان مسألة السهو , مع غض النظر عن الدخول في مبحث السهو والاسهاء , والطرف الاخر من جهله بالمباني يعتمد على هكذا مسائل , ولا أقل عليه أن يفرق بين السهو الذي يقع علينا وبين السهو الذي يقع على الأنبياء على رأي من يقول به .
وهنا ننقل نص كلام الشيخ الصدوق (رحمه الله) في آخر باب أحكام السهو في الصلاة من كتابه (من لا يحضره الفقيه 1 / 234 ط دار الكتب الإسلامية ـ طهران) ، لتتضح المسألة : قال رحمه الله : (( إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي (صلى الله عليه وآله) يقولون : لو جاز أن يسهو (عليه السلام) في الصلاة جاز أن يسهو في التبليغ ، لأن الصلاة عليه فريضة كما أن التبليغ عليه فريضة ، وهذا لا يلزمنا ، وذلك لأن جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي (صلى الله عليه وآله) فيها ما يقع على غيره ، وهو متعبد بالصلاة كغيره ممن ليس بنبي ، وليس كل من سواه بنبي كهو ، فالحالة التي اختص بها هي النبوة ، والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة ...وليس سهو النبي (صلى الله عليه وآله) كسهونا لان سهوه من الله عز وجل ، وإنما هو اسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ ربا معبودا دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا ، وسهونا عن الشيطان ، وليس للشيطان على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (صلوات الله عليهم) سلطان ، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلى من تبعه من الغاوين ... وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) يقول : أول درجة الغلو نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله) ولو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن نرد جميع الأخبار وفي ردها إبطال الدين والشريعة ... )) .



السؤال: الأنبياء معصومون حتى لو لم يبعثوا لأحد


أستفيد من عصمة الإمام أو النبي المعصوم بأن أخذ منهم وأنا مطمئن من سلامة ديني ومعتقدي,
والسؤال هو : لا يوجد داعي لعصمة النبي الغير المرسل إذ أني لا استفيد من عصمته شيئا ؟؟؟
أفيدونا والسلام
الجواب:

نفهم من سؤالك أنك تتصور أن هناك نبي لا يرسل إلى مجموعة من الناس, وهذا تصور خاطئ, فجميع الأنبياء إنما بعثوا لأقوامهم ولجماعتهم من بني البشر,فهذه هي وظيفة الأنبياء وهي هداية الناس إلى الدين الحق وإخراجهم من ظلمات الجهل والأوهام إلى نور العلم والمعرفة والإيمان, فهم الواسطة بين الله سبحانه وتعالى وبين البشر ولذا قلنا بوجوب عصمتهم,لأن البشر ملزمين بمتابعتهم في أقوالهم وأفعالهم فإذا كانت أفعالهم وأقوالهم خاطئة فهذا معناه دعوة الناس إلى المسير على الطريق الخاطئ وهذا ما لا يقبل.
ثم أننا لو تصورنا أن هناك أنبياء لم يبعثوا لأحد عن البشر سوى أنفسهم لما دل هذا على عدم عصمتهم, بل يكون هذا الدليل غير تام في حقهم, فليس السبب لعصمة الأنبياء هو حتى لا يتنفر الناس منهم, بل لأنهم وصلوا إلى درجة من التقوى تمنعهم من ارتكاب الذنوب وهذا ما نسميه بالعصمة وإنما نحن نستدل على ان المنفرات لا يمكن صدورها من الأنبياء فإنه لا يعني أنها هي السبب في عصمتهم, فالعصمة هي نتيجة الدرجة الإيمانية العالية التي تكسب صاحبها درجة عالية من التقوى المقرون بالعلم القطعي بعواقب الأمور مما تجعله بعيداً عن الذنوب والمعاصي, والأنبياء جميعاً وصلوا إلى تلك الدرجة العالية فصاروا معصومين حتى لو لم يرسل أحدهم إلى أية جماعة.



السؤال: عصمة الأنبياء (عليهم السلام) ثابتة من البداية وليس بالتدارك

هل إستخدم المولى عز وجل في خطابه مع الانبياء أسلوب الشدة بالتحذير والوعيد ؟!
وما معنى قول الله عز وجل في خطابه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في بعض المواضع التالية
1- (( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَّولاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُم فِيمَا أَخَذتُم عَذَابٌ عَظِيمٌ )) (الأنفال:67 - 68)
2- (( وإِن كَادُوا لَيَفتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ لِتَفتَرِيَ عَلَينَا غَيرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَولا أَن ثَبَّتنَاكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئاً قَلِيلاً * إِذاً لأذَقنَاكَ ضِعفَ الحَيَاةِ وَضِعفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيراً )) (الإسراء:86 - 87)
هنا يا اخي الكريم لا أدعى (( على )) عصمة النبي محمد صلى الله عليه وآله , ولكنه أمر ذي شقين !
الملاحظ في الشق الأول أن الله عز وجل استخدم أسلوب شديد اللهجة مع المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الأسرى اولا , ولولا لطف الله وكتاب منه سبق لمسهم فيما أخذوا عذاب أليم ؟!
وفي الاية المباركة الثانية أستخدم المولى عز وجل أسلوب أشد مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الركون الى الكفار والميل عن وحي الله ولولا تثبيت الله لقلب الرسول قد سبق الركون والميل اليهم لاذاق الله الرسول ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد علينا نصيرا !
أسلوب شديد من المولى عز وجل وتهديد ووعيد واضحين وصريحين في هاتين الايتين للرسول صلى الله عليه وآله وسلم
الشق الثاني ننقله بصفة المقارنة مع خطأ سيدنا آدم ومعصيته , والخطأ الذي كاد أن يتحقق لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فالرسول صلى الله عليه وآله لم تتحقق في فعله الشروط الواجبة لاطلاق صفة الخطأ , ولم تتحقق شروط المعصية على أعتبار أن امر الأسرى والفعل بهم لم يكن واردا على أساس تشريعي واضح ولم ينهى الله عنه ولكن أيضا لم يوافق عليه والدليل على عدم اكتمال الشروط يتبلور في كلمتين في الاية الاولى (( لولا كتاب من الله - سبق )) - سبق ماذا ؟! سبق حدوث الفعل الخطأ الذي كان سيسخط الله ويغضبه وعليه سيمسهم عذاب عظيم - وهنا تدارك المولى عز وجل للرسول في امر يجهله, وفي الاية الثانية (( ولولا أن ثبتناك لكدت تركن إليهم شيئا قليلا )) وهنا تدارك أيضا من المولى عز وجل الى الرسول للتنبيه , ولولا هذا التنبيه والتثبيت لذاق الرسول ضعف الحياة وضعف الممات ولم يدله على الله نصيرا !!!!
إذا فالخطأين في الايتين لا يمكن وصفهما بالخطأ ..... لعدم تحقق الشروط
1- أنه ليس هناك نية من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لاغضاب الله عز وجل على اعتبار أنه لم يكن هناك نواهي على هذا الامر والامر الذي قام به الرسول مبني على حسن النية وليست نية الفعل المعلوم والمنهي عنه كما فعل سيدنا آدم حين علم النواهي في عدم الاقتراب حتى من هذه الشجرة الا انه كسر هذا النهي واكل من الشجرة ولم يكتفي بالاقتراب فحسب وهو المنهي عنه - وهذا امر آخر يطول فيه الشرح سأتجنبه .
2- لم يتحقق فعل العمل ولا نتيجته والدليل كلمة الله (( سبق )) و أسلوب النهي (( ما )) ونزول الاية ومن الواضح منها أنها نزلت في وقت الحدث قبل أن تتم النتيجة (( لولا كتاب من الله سبق لمسكم - فيما أخذتم -))
ولكن عند سيدنا آدم قد تحقق فعل العمل ان بادر إلى أكل التفاحة وتضمنته النتيجة أن طفقا يخصفان على أنفسهم , بدت لهما سوئاتهما , وأهبطهما الله الى الارض بعضهم لبعض عدو , حيث عصى آدم ربه , حيث تاب الله عليه بعد ان تلقى آدم نفسه من الله كلمات ليتوب عليها !
وهنا تتحقق العصمة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حين انها لم تتحقق لآدم عليه السلام فالله قد عصم الرسول من الزلل بالوعي والسهو , بالمعرفة والجهل معا وهذا ما لم يحدث لأدم عليه السلام
وهناك امثلة كثيرة يا اخي حول تدارك المولى سبحانه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذه حكمة إلاهية يختص بها رسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
فقد بعث للناس كافة ولا نبي بعده ودين محمد خاتم الاديان وجامعها , فالعصمة للرسول صلى الله عليه وآله امر واجب ومحتم فمليارات البشر وآلالف السنين ستخلف هذا الرسول الكريم وعليه فإن هذا النبي سيكون دستورا شاملا (( يجب )) عليه أن يكون خاليا من الشوائب (( بالمطلق ))
خذ مثالا آخر لهذا التدارك الالهي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو ما أتى في سورة التحريم (( رغم )) أن الرسول في حادثة التحريم لم يكن يقصد به العموم بل كان يقصد به الخاص على نفسه بتحريمه على نفسه ما أحله الله والدليل مخاطبة المولى للرسول بصفة الخصوص والمباشرة
(( بسم الله الرحمن الرحيم * يا أيها النبيُ لم تُحرّمُ ما أحلَّ اللهُ لك تبتغي مرضاة أزواجك )) - وهنا أبتعد المولى في الاسلوب عن الشدة وأستخدم أسلوب الملاطفة التنبيهية ليدرك الرسول في عدة امور
1- إن الرسول كما قلت سابقا هو قدوة ومتبع في كل أمر يحدثه أو يقوله لان (( لا ينطق عن الهوى )) وعليه فإن بقية من مع الرسول سيتبعونه , وبما أنه حرم على نفسه ما احل الله , وبما أن زوجته أفشت السر فهذا يعني أنه ربما ينتشر خارجا ويتخذه الاصحاب منهاجا لهم بأن يحرموه على أنفسهم أيضا فنزلت هذه السورة !
2- تخليص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من (( يمينه )) , والحلف باليمين على البشر العاديين امر واجب فما بالنا لو كان الحالف باليمين هو الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم وذلك في قول الحق جل في علاه (( قَد فَرَضَ اللَّهُ لَكُم تَحِلَّةَ أَيمَانِكُم وَاللَّهُ مَولَاكُم وَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ ))
ومن هذه الامثلة نفهم أمر مهم أن الله سبحانه وتعالى كما قلت أثبت العصمة للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بتداركه المستمر , ولم يثبتها على سيدنا آدم عليه السلام
والصلاة والسلام على أِشرف الخلق والمرسلين سيدنا وحبيبنا محمد المصطفى الأمين وعلى اهل بيته الطهرين الميامين وأصحابه المنتجبين وعلى الانبياء اجمعين وسلم تسليما كثيرا
الجواب:

معنى قوله تعالى: (( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) (لأنفال:67).
ليس كما تصورتموه، بل ان التفسير المناسب له هو أن الآية الكريمة إنما نزلت في التنديد بالذين كانوا يودون العير وأصحابه على ما حكاه الله تعالى عنهم في قوله ـ عن هذه الواقعة ـ عزّ من قائل: (( وَإِذ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحدَى الطَّائِفَتَينِ أَنَّهَا لَكُم وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوكَةِ تَكُونُ لَكُم وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ )) (لأنفال:7), وكان النبي(ص) قد استشار أصحابه فقال لهم (كما هو مذكور في السيرتين الحلبية والدحلانية وغيرهما من الكتب المشتملة على هذه الواقعة): إن القوم قد خرجوا على كل صعب وذلول فما تقولون؟ العير أحب إليكم أم النفير؟ قالوا: بل العير أحب إلينا من لقاء العدو، وقال بعضهم حين رآه (ص) مصّراً على القتال: هلاّ ذكرت لنا القتال لنتأهب له؟ إنا خرجنا للعير لا للقتال؟ فتغير وجه رسول الله (ص) فأنزل الله تعالى: (( كَمَا أَخرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيتِكَ بِالحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ المُؤمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوتِ وَهُم يَنظُرُونَ )) (لأنفال:5 - 6).
وحيث أراد الله عز وجل أن يقنعهم بمعذرة النبي (ص) في إصراره على القتال، وعدم مبالاته بالعير وأصحابه، قال عزّ من قائل (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ )) (التوبة:113) من الأنبياء المرسلين قبل نبيّكم محمد (ص) (( أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ )) (الأنفال:67) فنبيكم لا يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض على سنن غيره من الأنبياء (عليه السلام) ولذلك لم يبال إذ فاته أسرى أبي سفيان وأصحابه حين هربوا بعيرهم إلى مكة، لكنكم أنتم (تريدون) إذ تودون أخذ العير وأسر أصحابه (( عَرَضَ الدُّنيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ )) (الأنفال:67) باستئصال ذات الشوكة من اعدائه (( واللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )).
والعزة والحكمة تقتضيان يومئذ اجتثاث عز العدو، وإطفاء جمرته، ثم قال تنديداً بهم (( لَولا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ )) (الأنفال:68) في علمه الأزلي بأن يمنعكم من أخذ العير، وأسر أصحابه لأسرتم القوم وأخذتم عيرهم، ولو فعلتم ذلك (( لَمَسَّكُم فِيمَا أَخَذتُم )) (لأنفال:68) قبل أن تثخنوا في الأرض (( عَذَابٌ عَظِيمٌ )) (الأنفال:68). (انظر هذا التفسير للآية الكريمة في كتاب النص والاجتهاد للسيد شرف الدين ص322).
وأما قوله تعالى: (( وَإِن كَادُوا لَيَفتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ لِتَفتَرِيَ عَلَينَا غَيرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً )) (الاسراء:73), فهو أيضاً ليس كما تصوره الأخ السائل، وانما هذه الآية ومثيلاتها التي وردت في القرآن الكريم والتي فيها عتاب للنبي(ص) انما نزلت بلسان (بإياك أعني واسمعي يا جارة)، روى الشيخ الكليني بسنده عن الامام الصادق(ع) قال: ((نزل القرآن إياك اعني واسمعي يا جارة) وفي رواية أخرى، عن ابي عبد الله(ع) قال: معناه ما عاتب الله عز وجل به على نبيّه(ص) فهو يعني به ما قد مضى في القرآن مثل قوله: (ولولا ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً) عنى بذلك غيره)). انتهى (الكافي 2: 631) .
هذا هو التفسير المناسب لهذه الآيات الكريمة، فالعصمة ثابتة من أول الأمر للأنبياء(ع) وليست بالتدارك كما يشير الأخ السائل إليه وقد اثبت العلماء الأعلام كل هذه المباحث الدقيقة في عصمة الأنبياء والآيات التي قد يستفاد من ظهورها ما يخدش في هذه العصمة في كتب مفصلة



السؤال: عصمة الأوصياء للأنبياء السابقين
السلام عليكم ورحمة الله..ارجو من حضرتكم توضيح الأتي : نحن الشيعة نعتقد بعصمة الانبياء والأئمة عليهم السلام بما توجد هنالك من الأدلة العقلية والنقلية .. لكن هل عامة الأوصياء ايضأ معصومون?: يوجد لدينا هذا الحديث في البحار: ( الانبيآء وأوصياؤهم لا ذنوب لهم لانهم معصومون مطهرون ) وجزاكم الله خيرآ
الجواب:

الاستدلال على عصمة الأوصياء يأتي من عدة طرق منها:
1ـ الأخبار الصريحة التي أشارت إلى ذلك، منها ما ذكرته في البحار والذي نقله عن الخصال في رواية للإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وفي قصص الأنبياء للراوندي، رواية عن الصادق (عليه السلام) قال فيها: (لو لم تقبل شهادة المقترفين لما قبلت إلا شهادة الأنبياء والأوصياء، لأنهم معصومون دون سائر الخلق...).
2ـ أنهم حجة الله على الخلق بعد مفارقة النبي لهذه الدنيا لأن الأرض لا تخلو من حجة وحجة الله لا يكون إلا معصوماً وعلى ذلك تدل بعض الأخبار كما عن الصادق (عليه السلام)، (ولا يتخذ على خلق حجة إلا معصوماً).
3ـ أنهم مسددون بروح القدس كما يشير إلى ذلك خبر أبي جعفر (عليه السلام) فيه قال: يا جابر أن في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح، روح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى ثم قال: يا جابر أن هذه الأربعة يصيبها الحدثان إلا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب.
4ـ إن طاعة الأوصياء فرض في أعناق الأمم، والذي يجب طاعته لابد أن يكون معصوماً، والذي يدل على وجوب طاعتهم قول أمير المؤمنين عليه السلام (ان الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي طاعتهم ومحنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم وأوصياء بعد وفاتهم ويصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء...).
5ـ نقل بعض العلماء أن الأنبياء والأوصياء معصومون للإجماع والأخبار الكثيرة على ذلك.
6ـ إن العصمة من قبيل العلم أنظر الميزان ج11 ص 162 قال تعالى مخاطباً نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً).
وقوله تعالى حكاية عن يوسف: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ)، وأن الأوصياء ورثوا جميع العلوم من الأنبياء، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصية وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد، قال السائل وما كانوا علموا ذلك الحكم؟
قال: بلى قد علموه ولكن لا يستطيعون أمضاء شيء منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة.
7ـ إن الأنبياء والأوصياء من عباد الله المخلصين ـ كما في الأخبار ـ كما يذكر ذلك النراقي في مستند الشيعة ج15 ص 198 والمخلصون لا تنالهم غواية الشيطان كما يذكر ذلك القرآن بقوله: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)، والذي لا تناله غواية الشيطان لا يصدر منه الذنب




السؤال: لا تناقض بين العصمة وقصص الأنبياء في القرآن
بسم الله خير الأسماء
نذهب نحن الشيعة الى عصمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أجمعين فإذا سلمنا بذلك فما هو تفسير خروج أبونا آدم و أمّنا حوّاء من الجنة وما هو تفسير بقاء نبي الله يونس في بطن الحوت مدة من الزمن وكذلك قصة نبي الله موسى التي ورد اجابة عليها في صفحتكم ،ألا ينافي ذلك عصمة الأنبياء أودّ معرفة الاجابة بمزيد من التفصيل ....
الجواب:

يشير العلاّمة الحلي (رحمه الله) الى رأي الإمامية حول عصمة الانبياء (عليهم السلام) بقوله : ذهبت الإماميّة كافّة الى أنّ الانبياء معصومون عن الصغائر والكبائر منزّهون عن المعاصي قبل النبوة وبعدها على سبيل العمد والنسيان وعن كلّ رذيلة ومنقصة وما يدل على الخسة والضعة ، وخالفت أهل السنة كافة في ذلك وجوّزوا عليهم المعاصي ….
وعلى هذا يمكن توجيه خروج أبينا آدم (ع) وأمّنا حوّاء من الجنة بأنّ الخروج من الجنّة ليس عقاباً ـ على معصيتهما وهما منزّهان منها ـ لأنّ سلب اللذّات والمنافع ليس بعقوبة وإنّما العقوبة هي الضرب والألم الواقعان على سبيل الاستخفاف والاهانة ، وكيف يكون من تعبدنا الله فيه بنهاية التعظيم والتبجيل مستحقاً منّا ومنه تعالى الاستخفاف والاهانة .
فان قيل : فما وجه الخروج ان لم يكن عقوبة ؟
قلنا : لا يمتنع ان يكون الله تعالى علم أن المصلحة تقتضي تبقية آدم (ع) في الجنّة وتكليفه فيها متى لم يتناول من الشجرة فمتى تناول منها تغيّرت الحال في المصلحة وصار إخراجه عنها وتكليفه في دار غيرها هو المصلحة . وإنما وصف إبليس بأنّه مخرج لهما من الجنة ـ فأخرجهما مما كانا فيه ـ البقرة 36 ـ من حيث وسوس اليهما وزيّن عندهما الفعل الذي يكون عند الإخراج .
ثم لا يخفى ان المعصية هي مخالفة الأمر ، والأمر من الحكيم تعالى قد يكون بالواجب والمندوب معاً فلا يمتنع على هذا أن يكون آدم (ع) مندوباً الى ترك التناول من الشجرة ويكون بمواقعتها تاركاً نفلاً وفضلاً وغير فاعل قبيحاً ،وليس يمتنع أن يسمى تارك النفل عاصيا كما يسمى بذلك تارك الواجب . وفي هذا المجال نذكر هذه الرواية الشريفة :
روى الصدوق أن المأمون العباسي جمع للامام علي بن موسى الرضا (ع) أهل المقالات من أهل الاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وكان فيهم علي بن الجهم من أهل المقالات الاسلاميين فسأل الرضا (ع) وقال له : يا بن رسول الله أتقول بعصمة الانبياء؟ قال : بلى ، قال : فما تعمل في قول الله عز وجل : (( وعصى آدم ربَّه فغَوى )) وقوله تعالى : (( وذا النون إذ ذهبَ مغاضباً فظنَّ أن لن نقدرَ عليه )) … فقال مولانا الرضا (ع) : ويحك يا علي إتق الله ولا تنسب الى أنبياء الله الفواحش ، ولا تتأوَّل كتاب الله برأيك ، فان الله عز وجل يقول : ((وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم)) .
أما قوله عز وجل في آدم : (( وعصى آدم ربَّه فغوى )) فإنّ الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفته في بلاده لم يخلقه للجنة وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الارض لتتم مقادير أمر الله عز وجل ، فلمّا أهبط الى الارض وجعل حجّة وخليفة عصمَ بقوله عز وجل : (( إنّ الله اصطفى آدمَ ونوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عمرانَ على العالمين )).
وأما قوله عز وجل : (( وذا النون إذ ذهبَ مغاضباً فظنَّ أن لن نقدر عليه )) إنما ظنّ أنّ الله عز وجل لا يضيق عليه رزقه ألا تسمع قول الله عز وجل : (( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه)) أي ضيّق عليه ولو ظنّ أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر …. (البحار 11 : 73 عن أمالي الصدوق / 55 وعيون الاخبار : 108) .
وأما يونس (ع) إنما بقي في بطن الحوت الى مدّة من الزمن لا لمعصية صدرت منه ولا لذنب ارتكبه والعياذ بالله وإنّما لكون خرج من قومه ـ وهو معرضاً عنهم ومغضبا عليهم بعد ان دعاهم الى الله تعالى فلم يجيبوه إلاّ بالتكذيب والرد ـ ولم يعد إليهم ظانّاً ان الله عز وجل لا يضيّق عليه رزقه أو ظانّاً ان لن يبتلى بما صنع حتّى وصل الى البحر وركب السفينة فعرض لهم حوت فلم يجدوا بدّاً من أن يلقوا إليه واحداً منهم يبتلعه وتنجو السفينة بذلك فقارعوا فيما بينهم فأصابت يونس (ع) فألقوه في البحر فابتلعه الحوت ونجت السفينة ، ثم ان الله سبحانه وتعالى حفظه حيّا في الحوت مدّة من الزمن ، ويونس (ع) يعلم أنّها بليّة ابتلاه الله بها مؤاخذة بما فعل من عدم رجوعه الى قومه بعد ان آمنوا وتابوا فأخذ ينادي في بطن الحوت أن (( لا إله إلاّ انت سبحانك إني كنت من الظالمين )) ـ قيل أي لنفسي بالمبادرة الى المهاجرة ـ فاستجاب الله له ونجّاه من الحوت .
وأما قتل موسى (ع) للقبطي فلم يكن عن عمد ولم يرده وإنّما اجتاز فاستغاث به رجل من شيعته على رجل من عدوه بغى عليه وظلمه وقصد الى قتله ، فأراد موسى (ع) ان يخلصه من يده ويدفع عنه مكروهه فأدى ذلك الى القتل من غير قصد اليه ، وكلّ ألم يقع على سبيل المدافعة للظالم من غير ان يكون مقصوداً فهو حسن غير قبيح ولا يستحق عليه العوض به ، ولا فرق بين ان تكون المدافعة من الإنسان عن نفسه وبين ان يكون عن غيره في هذا الباب والشرط في الأمرين ان يكون الضرر غير مقصود ، وأن القصد كلّه الى دفع المكروه والمنع من وقوع الضرر فإن ادى ذلك الى ضرر فهو غير قبيح .
وفّق الله الجميع للخير والصلاح



السؤال: مسألة خروج آدم(عليه السلام) من الجنة
بسم الله الرحمن الرحيم
إنني من المعتقدين بعصمة الأنبياء عليهم السلام , ولكن المرء يجد في القرآن الكريم عدة آيات لا يجد لها تفسيراً واضحاً للرد على الشبهات , ومن بينها مسألة خروج آدم عليه السلام من الجنة , فإن كان غير مكلف في الجنة كما جاء في تفسيركم فالحال يشمل إبليس عليه اللعنة , إذ أنه خالف الله في مسألة السجود لآدم فلعنه الله .
أما في ما يخص اصطفاء آدم , فما هو تفسير الآية 32 فاطر = ثم أورثنا الكتاب وتذكر الآية : (( فمنهم ظالم لنفسه )) .
الجواب:

إن موضوع عصمة الأنبياء (ع) يعتمد على أدلة عقلية ونقلية ثابتة ومسلمة ـ كما ذكر في محله ـ , ومع النظر الى هذه الأدلة نعرف أنها لا تعتمد في إثباتها على أمثلة وشواهد , أي أنها مستقلة عنها , وبعبارة أخرى : لا يستفاد في إثبات أدلة العصمة من القياس التمثيلي .
وعليه , فلا ترد عليها ـ أي العصمة ـ نقوض من باب الموارد والأمثلة , بل وبحسب القواعد العلمية يجب تفسير تلك الموارد غير الواضحة على ضوء أدلة العصمة , فانه من تفسير وتوضيح المشكوك بالقطعي , وهذا مما يدل عليه الوجدان بالضرورة .
ومما ذكرنا يظهر وجه الدلالة على عصمة آدم (ع) , فيجب علينا أن نفسّر الأحداث والقضايا التي مرّت به (ع) بعد الفراغ والتسليم لعصمته , فلا معنى لورود النقض عليها , هذا أولاً .
وثانياً : عدم تكليف آدم (ع) في الجنة هو أحد الآراء في المسألة , وهناك أقوال أخرى , وعلى سبيل المثال يرى بعضهم أنّ النهي المتوجّه لآدم (ع) من قبل الله عزوجل كان نهياً إرشادياً لا مولوياً , ومعناه عدم صدور معصية منه (ع) في صورة ارتكابه للمنهي , بل مجرد تعرضه لبعض المتاعب والمصاعب تكويناً , وهذا ما قد حدث , فانه (ع) قد هبط إلى الأرض ومارس هو وولده الحياة الصعبة على وجهها إلى يوم القيامة بعدما كان قد تنعم في الجنة بدون تعب ومشقة .
وأما ابليس , فانه كان مكلفاً بالأوامر والنواهي التكليفية , كما يظهر من الأمر بالسجود المتوجّه إليه ومؤاخذته من قبل الله تبارك وتعالى على عدم انصياعه لذلك الأمر .
فبالنتيجة , كان ابليس في عالم التكليف , بخلاف آدم (ع) الذي لم يتوجّه اليه التكليف ـ عموماً أو في خصوص التناول من الشجرة المعينة ـ , أو كان الأمر المتوجه اليه ارشادياً , أو أنه (ع) كان قد ترك الأولى والأفضل .
وبالجملة , فصدور المعصية من إبليس أمر مسلم , لمخالفته الصريحة في مسألة السجود , لكن الذي صدر من آدم (ع) لم تكن مخالفة مولوية , بقرينة عدم مؤاخذته من قبل الله عزوجل . وأما بالنسبة لتفسير آية : (( ثم أورثنا الكتاب ... ))[فاطر:32]، فملخص القول فيه :
أولاً : إن الكتاب المذكور هو القرآن , بدليل أن الآية السابقة تصرّح بهذا المطلب (( والذي أوحينا إليك من الكتاب ... ))[فاطر:31]، فبدلالة السياق نعرف ان المقصود هو القرآن فاللام في (( الكتاب )) للعهد دون الجنس .
ثانياً : اصطفاء آدم (ع) ثابت بحسب النصّ القرآني : (( إن الله اصطفى آدم ونوح ...))[آل عمران:33] .
ثالثاً : هذا الاصطفاء كان بعد هبوط آدم (ع) وتوبته وجعله خليفة الله في الأرض , لا عند إسكانه في تلك الجنة المعينة أو عند أكله للشجرة الممنوعة .
رابعاً : الضمير في (( فمنهم ظالم ))[فاطر:32] فيه احتمالان :
1- أن يرجع إلى (( عبادنا )) باعتبار قاعدة رجوع الضمير الى الأقرب , وعليه فالمعنى يكون واضحاً بلا شك وريب , إذ لا يكون الظالم ـ حينئذ ـ مشمولاً للاصطفاء .
2- أن يرجع إلى (( الذين اصطفينا )) , ولا مانع منه وتصح هذه النسبة ـ نسبة الوراثة ـ إلى الكل مع قيام البعض بها حقيقةً , كما جاء في القرآن (( ... وأورثنا بني إسرائيل الكتاب ... )) [المؤمن: 54] , والحال نعلم أن المؤدين لحق الكتاب والقائمين بأمره آنذاك بعض بني اسرائيل لا جميعهم .
خامساً : كما ذكرنا في مقدمة الجواب فان ظلم آدم (ع) لنفسه لم يكن ظالماً تشريعياً , أي لم يخالف الله عزوجل في أمر تكليفي مولوي يستحق العقاب والمؤاخذة , بل ظلم نفسه بالقائها في المتاعب والمشاكل الدنيوية وإن استدركه بالتوبة والاستغفار والانابة .
سادساً : الظاهر من الآية المذكورة : (( ثم أورثنا الكتاب ... )) أنها بصدد تعريف المصطفين بعد النبي(ص) , بدلالة سبقها بآية: (( والذي أوحينا إليك من الكتاب ... )) , وبقرينة الروايات الواردة عن المعصومين (ع) , فلا تشمل المصطفين من الأمم السابقة , وإن سلمنا باصطفائهم بأدلة عقلية ونقلية أخرى .




السؤال: معنى قوله تعالى: (فعصى آدم ربه فغوى)
ما المقصود بالاية القرانية التالية:
(( فعصى ادم ربه فغوى ))
الجواب:

إن الأمر الإلهي الذي أمر به آدم بعدم الأكل من الشجرة لم يكن أمراً مولوياً بحيث لو خالفه لقدح ذلك الفعل بعصمة آدم (عليه السلام) , بل كان أمراً إرشادياً فإن التكاليف الدينية المولوية لم تكن مجعولة على آدم (ع) في الجنة بعد. (انظر تفسير الميزان ج1/ص145).
يقول صاحب الميزان حول هذه الآية: ( الغي خلاف الرشد الذي هو بمعنى إصابة الواقع وهو خلاف الضلال الذي هو الخروج من الطريق والهدى يقابلهما , ويكون بمعنى الإرشاد إذا قابل الغي كما في الآية التالية , وبمعنى إراءة الطريق أو الايصال على المطلوب بتركيب الطريق إذا قابل الضلال فليس من المرضي تفسير الغي في الآية بمعنى الضلال .
ومعصية آدم إنما هي معصية أمر إرشادي لا مولوي والإنبياء (عليهم السلام) معصومون من المعصية والمخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يوحى إليهم من جهة تلقيه فلا يخطئون ومن جهة حفظه فلا ينسون ولا يحرفون ومن جهة القائه إلى الناس وتبليغه لهم قولا فلا يقولون الإ الحق الذي أوحي اليهم وفعلا فلا يخالف فعلهم قولهم ولايقترفون معصية صغيرة ولا كبيرة لان في الفعل تبليغا كالقول .
وأما المعصية بمعنى مخالفة الأمر الإرشادي الذي لا داعي فيه الإ إحراز المأمور خيراً أو منفعة من خيرات حياته ومنافعها بانتخاب الطريق الأصلح كما يأمر وينهى المشير الناصح نصحا فاطاعته ومعصيته خارجا ن من مجرى أدلة العصمة , وهو ظاهر .) (انظر تفسير الميزان ,ج 14 / ص222).


تعليق على الجواب (1)
تقولون بأن معصية آدم هي معصية أمر إرشادي لا مولوي.
أوّلاً: من قال بهذا التقسيم في المعاصي! هل ورد في كتاب الله أو قاله رسوله؟
ثانياً: ما معنى أمر مولوي؟
ثالثاً: إذا أخذت عنكم أنّ أدم وهو النبيّ المعصوم عندكم عصى ربّه في أمر إرشادي وهذا ممكن حسب كلامكم، فالعقل يقول بأن هذا النوع من المعصية يمكن أن يقترفه أي معصوم آخر سواء أكان الرسول أو الأئمة الاثنا عشر؛ أليس كذلك؟!
رابعاً: أنتم تعملون العقل في أمور العقيدة وهذا أمر رائع، ولكن العقل لا يقبل أن نبدأ بفرض نعتبره وحدنا صحيحاً حتماً لنصل إلى نتيجة يعتبرها الجميع صحيحة.. فهذا لن يوصل إلاّ إلى نتيجة محدّدة سلفاً ولن يقبل بصحتها إلاّ من أقر بصحة الفرض الذي تم تحديده منذ البداية.. ممّا يعني تعطيل العقل بطريقة ما، أو على الأقل توجيهه في اتجاه محدّد سلفاً.. وهذا المنهج لا يوصل إلى الحقيقة.
العقل يقبل أن يكون هناك خالق معصوم وخلق غير معصومين، بدليل أنّ هذا الفرض تقبله كلّ الفرق الإسلامية.. أما أن تضعوا العصمة كشرط لقبول سلامة أي رواية، فهذا ليس ضمن نطاق العقل بل ضمن نطاق الإيمان.
الجواب:

أوّلاً وثانياً: حتى يتضح لك المقصود بالأمر الإرشادي والأمر المولوي، ننقل لك ما ذكره السيد محمد حسين الطباطبائي في (تفسير الميزان):
((ومعصية آدم ربّه إنّما هي معصية أمر إرشادي لا مولوي، والأنبياء(عليهم السلام) معصومون من المعصية والمخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يوحي إليهم من جهة تلقيه فلا يخطؤون، ومن جهة حفظه فلا ينسون ولا يحرفون، ومن جهة إلقائه إلى الناس وتبليغه لهم قولاً، فلا يقولون إلا الحقّ الذي أوحي إليهم، وفعلاً فلا يخالف فعلهم قولهم، ولا يقترفون معصية صغيرة ولا كبيرة، لأن في الفعل تبليغاً كالقول، وأما المعصية بمعنى مخالفة الأمر الإرشادي الذي لا داعي فيه إلا إحراز المأمور خيراً أو منفعة من خيرات حياته ومنافعها بانتخاب الطريق الأصلح، كما يأمر وينهى المشير الناصح نصحاً فإطاعته ومعصيته خارجتان من مجرى أدلّة العصمة وهو ظاهر.
وليكن هذا معنى قول القائل: إنّ الأنبياء(عليهم السلام) على عصمتهم يجوز لهم ترك الأولى، ومنه أكل آدم(عليه السلام) من الشجرة، والآية من معارك الآراء، وقد اختلفت فيها التفاسير على حسب اختلاف مذاهبهم في عصمته الأنبياء، وكلّ يجر النار إلى قرصته))(تفسير الميزان ج 14 - ص 222).
ثالثاً: لا ننكر الإمكان، لا سيّما بعد ثبوت أن مخالفة الأمر الإرشادي ليس ذنباً ولا معصية، كما ذكرناه في الفقرة أعلاه.
رابعاً: لسنا نصادر على المطلوب كما تدّعي، وليست العصمة فرضاً نفرضه، فقد دلّ عليها الدليل العقلي والدليل النقلي.


تعليق على الجواب (2)
انتم مخطؤون فيما تقررون في عصمة الانبياء وفيما تردون به على الاخ سامي :
خطاكم فيما تقررون :
1- ان عصمة الانبياء لها غاية (حفظ الرسالة وترغيب المرسل اليهم في القرب من الانبياء) وانتم فيما تقررون يبدوانكم لاتضعون هذا في الاعتبار؟
2- والا ما المانع في عدم عصمة الانبياء فيما لا يؤدي الى تحريف الرسالة ولا الى نفور المرسل اليهم من الانبياء .
3- انتم تتحدثون عن العصمة كما لو كانت الغاية منها رفع الانبياء الى مقام الله تعالى او مقام الملائكة ؟
4- والادهى من هذا انكم جعلتم الامام علي واحدى عشر من نسله معصومين بهذا المعنى المغالى فيه
5- فما الفائدة من عصمة الحكام (الائمة حسب تعبيركم) انهم ليسوا في حاجة لاللعصمة بمعناها الوسط ولابمعناها المغالى فيه فلاهم ينزل عليهم وحي يحتاجون من اجله العصمة ولالزوم لان ينجذب اليهم كل الناس المسلمين وغير المسلمين بل شرعية حكمهم تكفي فيها شورى المسلمين ورضاء جمهورهم ولايضر نفور بعضهم فما بالك بنفور الكافرين
اما الخطا في الرد على السائل:
1- فانتم رغم اجتهادكم في تقسيم الامر الى ارشادي ومولوي (لعلكم تقصدون به تشريعي) فاتكم ان مخالفة امر الله تعالى لاتجوز خاصة لمن كان في مرتبة النبوة .
2- فهل يعقل ان يرفض النبي ارشاد ربه وهو مطالب شرعا بان يعلم الناس صلاة الاستخارة .
3- ردكم على سامي خلاصته ان الانبياء يختارون لانفسهم عكس ما اختار الله لهم ولايعتبر ذلك معصية فهل هذا يستقيم ؟
4- والله تعالى يقول : ما كان لمؤمن ولامؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم
اذا ردودكم غير مقنعة وتقريركم منطلقه عقلي والمسالة شرعية لاعقلية فيجب الرجوع الى القران والسنة وفيهما كما يظهر من حياة الانبياء ان العصمة ليست تاليهية ولا املاكية بل العصمة لها غاية محددة لاتستعي المبالغة والغلو فيها وانتم مع كل الاسف لجاتم الى تاويل الايات مثل قوله تعالى وعصى ادم ربه فغوى تاويلا لالزوم اليه شرعا ولكن عقلا اجزتم لانفسم ذلك التاويل وقد سبق القول ان مرجع المسالة الى النقل وليس الى العقل والفلسفة
الجواب:

حتى لا يتشعب الكلام ويستعصي الفهم ويضيع الجواب، لابد لنا في البدء أن نسألكم عن منافيات العصمة ما هي؟ أي نطالبكم أن تذكروا لنا مصاديق خارجية يتبين بها المعصوم من غير المعصوم؟
وحتى نوفر عليكم الجهد نقول: إن كافة الاخطاء مهما كان نوعها منافية للعصمة، أعم من أن تكون تلك الاخطاء سلوكية عامة أو شرعية خاصة، ومن الامثلة على الاولى: الخطأ في الرأي والحكم، أو التصرف على منهج لا يجيزه العقلاء. ومن الامثلة على الثانية: الكذب والزنا والفحش وسائر المعاصي المعروفة. فكل هذه الأخطاء أو الخطايا قادحة في العصمة، فلو جاز على النبي أن يأتي ببعضها لانتفى الغرض من بعثته، لأنه قد بعث أصلا ليطاع بإذن الله، قال تعالى: (( وَمَا أَرسَلنَا مِن رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذنِ اللَّهِ )) (النساء:64)، فإذا اقترف بعض تلك الاخطاء فلا مورد لطاعته بل تجب مخالفته، وإلا لصار المكلف بتصديق النبي واتباعه مأموراً بفعل الخطأ والمعصية والله تعالى لا يأمر بذلك: (( قُل إِنَّ اللَّهَ لَا يَأمُرُ بِالفَحشَاءِ )) (الأعراف:28).
والأمر بطاعة الرسول مطلق، قال عز من قائل: (( قُل أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الكَافِرِينَ )) (آل عمران:32)، وقال: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوا عَنهُ وَأَنتُم تَسمَعُونَ )) (الأنفال:20)... ولذلك كان كل نبي أو رسول قدوة لقومه، فمن يقتدي يا ترى برسول يخطأ ويرتكب المعاصي؟
وأما دعوى أن العصمة لا تجوز إلا لله والملائكة فقول لا دليل عليه، مع أنا لا نسلم جعلكم رتبة الملائكة فوق رتبة الانبياء، بل الانبياء أفضل قطعاً، والادلة على افضليتهم كثيرة يسعك الرجوع إليها في مصادر الفريقين، ومن غير المعقول أن تثبت العصمة للملائكة دون الانبياء مع أن الانبياء افضل منهم.
وأما ربط العصمة بالغلو فمما يثير العجب، فالغلو هو نسبة الألوهية إلى المألوه المخلوق، فهل وجدتم في كلام الشيعة وفي احاديثهم ما يشير إلى أن الأئمة آلهة؟ بل كتبنا مشحونة بأحاديث تثبت عبوديتهم وتذللهم للخالق العظيم، خذ على سبيل المثال ما ورد في بعض ادعية الصحيفة السجادية حينما يقول الإمام زين العابدين: (إلهي أنا ذرة فما دونها)، او ما ورد في زيارات الأئمة الطاهرين التي هي دروس لا مثيل لها في تبيان عبوديتهم لله تبارك وتعالى. ولو كان من يقول بعصمة غير الله تعالى مغالياً لكنتم أول المغالين، لأنكم تقولون بعصمة الملائكة، مع أنهم عليهم السلام عباد كسائر عباد الله عز وجل.



السؤال: لا تنافي بين قوله تعالى: ( همت به وهم بها ) والعصمة
بعد الدعاء لكم بطول العمر والتوفيق والتسديد لكل خير وصلاح نرجو التكرم بالجواب على السؤال التالي :
قال أحد المفسرين عند تفسيره لقوله تعالى : (( وهم بها )) : ( وهكذا نتصور موقف يوسف ، فقد أحس بالإنجذاب في إحساس لا شعوري وهمّ بها استجابة لذلك الإحساس كما همّت به ولكنه توقف وتراجع ) ، علما أنه في مكان آخر يقول أن همّ يوسف هذا الذي كان نتيجة الانجذاب اللا شعوري هو أيضا لا شعوري بل طبعي وأن قصد المعصية من يوسف لم يحصل .
فما رأيكم بقوله هذا ، هل يتنافى مع عصمة الأنبياء عليهم السلام حسب رأي الشيعة في العصمة أم لا ؟ وإن كان جوابكم بأنه مناف لها ، فالرجاء بيان وجه المنافاة .
الجواب:

إنّ ما نقلتموه في تفسير تلك الآية لا يتوافق مع العقيدة الصحيحة في شأن الأنبياء (عليهم السلام) ولمزيد من التوضيح نذكر روؤساً للنقاط الهامّة في هذا المجال :
أوّلاً : إنّ عصمة الأنبياء (عليهم السلام) مسألة ثابتة بالأدلة العقليّة والنقليّة ـ كما ذكر في محلّه ـ ، وعليه فالانجذاب نحو المعصية ـ حتى ولو كان عن غير شعور ـ يتنافى مع مقام العصمة لأنّ العصمة هي الابتعاد عن المعصية والهمّ بها .
ثانياً : إنّ قول ذلك القائل يتعارض مع روايات أهل البيت (عليهم السلام) في هذا المجال ، ففي أكثرها إنّ متعلق الهمّ يختلف عند يوسف (عليه السلام) وامرأة العزيز ، إذ أنّ امرأة العزيز همّت بفعل الفاحشة ولكن يوسف (عليه السلام) همّ بعدم فعلها أو أنّ يوسف (عليه السلام) همّ بضربها أو قتلها إن أجبرته على ذلك .
ثالثاً : على فرض عدم قبول هذه الروايات ـ سنداً أو دلالةً ـ فالآية بظاهرها كافية في ردّ كلام القائل فإنّ (( لولا )) ملحقة بأدوات الشرط وتحتاج إلى جزاء ، فجملة (( همّ بها )) تكون جزاءاً مقدّماً عليها .
وأمّا على تقدير كلام ذلك القائل ، فاللازم أن تكون الجملة هكذا (( فلولا )) أو (( ثمّ لولا )) أي السياق حينئذ يقتضي أن يؤتى بعبارة فصليّة لا وصليّة .



السؤال: يوسف (عليه السلام) همّ بالضرب لا بالفحشاء

رجاء اعطاء تفسير أو توضيح للآية رقم 24 من سورة يوسف في القرآن الكريم من نظرة شيعية وكيف نقدر قبولها مع قبول عصمة الانبياء.
الجواب:

أنت تعلم أن الذين فسّروا ((الهم)) في الآية الكريمة قد اختلفوا في معناها ، إلاّ أن الإمامية قد امتازت بتفسير يحفظ معه عصمة يوسف (ع) ويناسب مقامه ومنزلته عند الله تعالى .
إذ امتداح الله تعالى ليوسف(ع) لا يكون إلاّ بسبب حالة استثنائية تحدث عند الرجال بسبب مدافعة الشهوة وغلبة الهوى حين تكون الأسباب قد أتيحت لهم ، ومثل يوسف(ع) ذلك الفتى الذي مهّدت له حياته وهو بين ظهراني الملكة الفتاة الحسناء الفاتية التي حرصت أن تقترب إلى يوسف(ع) بكل وسيلة فلم تجد منه مطاوعة ولن تحصل على شيء يكون سبباً لمجاذبته طوعاً ، حتى هامت به (( فشغفها حباً )) وهي حالة وصفها القرآن الكريم إن امرأة العزيز قد هامت بيوسف(ع) فلم تجد لذلك سبيلا (( فغلقت الأبواب وقالت هيت لك )) وهي آخر مرحلة تصل بها امرأة العزيز مع يوسف(ع) فراودته ودافعته فلم تجد منه إلاّ تمنعاً واستجارةً بالله العزيز واستعاذة به (( قال معاذ الله )) أي أنه لا يخاف إلاّ الله ولا يخشى إلاّ الله ، ولم يقل إني أخشى الملك أو إني لم أخن الملك أو إني نبي الله ، بل استعصم بالله والتجأ إليه وهان كل شيء لديه من أجل طاعته وعدم معصيته، فما بالنا نقول بعد ذلك أنه هم بها كما همت به ، أليس هذا ظلم لمقامه المقدّس وتجاهلٌ لموقفه الشجاع وتغافل عن مدح الله وثنائه (( ولنصرف عنه السوء والفحشاء )) فكيف بمن يريد أن يرتكب الموبقة ويجتري المعصية تجد أن الله يمتدحه فيصرف عنه السوء والفحشاء ؟!
وقوله تعالى: ((إنه من عبادنا المخلصين)) ، أي قد أخلص في عبوديته وأخلص في طاعته فلم تنازعه شهوة ولم يغلبه هوى .
إذن (( فهمّت به )) أي همّت بالفاحشة وهو ما يناسبها ، و ((همّ بها)) بالخلاص منها بأي وسيلة كأن يكون ضربها وهو ما يناسبه ، أي لم تكن هناك مقابلة بين الهمّين فكلّ بحسبه ، وهذا شبيه قولك أن زيداً الفاسق يحي الليل ، وعمرو العابد يحي الليل ، ولم تحدد صفة إحيائهما ، فمن غير المعقول أن ينصرف ذهنك إلى أن زيد الفاسق يحي الليل بالطرب واللهو وعمرو العابد مثله ، بل لابد أن تقول وعمرو العابد يحي الليل بالعبادة لمناسبة مقام كل منهما ، وهكذا هي في قصة يوسف (عليه السلام).
وهذا ما أشار إليه الإمام الرضا (عليه السلام) في حديث طويل قال : (وأما قوله في يوسف (عليه السلام) (( ولقد همت به وهم بها )) فإنها همت بالمعصية ، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما تداخله ...)(عيون الأخبار 1/154) .
وقول الصادق (عليه السلام) في حديث إلى أن قال : ( ألم ينسبوا يوسف (عليه السلام) إلى أنه هم بالزنا ؟!).
هذا وقوله تعالى : (( لولا أن رأى برهان ربه )) أنه (عليه السلام) أوحي إليه أنه إن هو ضربها تذرعت هي بأنه أراد منها الفحشاء ولذا ضربني لامتناعي عنه ، أي أرشده الله تعالى إلى أن لا يضربها لئلا تتوسل إلى الملك بتهمة يوسف (عليه السلام).



السؤال: المراد في قوله تعالى (ليغفر الله لك...)
استمعت إلى خطيب المنبر وهو يتلو الآية (( إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر... ))
وقال إن معنى الذنوب هي ما اعتقدته قريش بأنه أذنب في حقها ( اي ذنوب إجتماعية) فهل ما ذهب إليه صحيح؟
أفيدونا
الجواب:

قال العلاّمة الطباطبائي في تفسيره (الميزان 18: 251): ((المراد بالذنب ـ والله اعلم ـ التبعة السيئة التي لدعوته (صلى الله عليه وآله وسلم) عند الكفار والمشركين وهو ذنب لهم عليه كما في قول موسى لربه: (( ولهم عليَّ ذنب فأخاف ان يقتلون ))( الشعراء: 14)، وما تقدم من ذنبه هو ما كان منه (صلى الله عليه وآله) بمكة قبل الهجرة، وما تأخر من ذنبه هو ما كان منه بعد الهجرة، ومغفرته تعالى لذنبه هي ستره عليه بإبطال تبعته بإذهاب شوكتهم وهدم بنيتهم، ويؤيد ذلك ما يتلوه من قوله: ((ويتم نعمته عليك ـ إلى أن قال ـ وينصرك الله نصراً عزيزا)ً).
ثم قال الطباطبائي: للمفسرين في الآية مذاهب مختلفة أخر:
فمن ذلك: أن المراد بذنبه (ص) ما صدر عنه من المعصية ، والمراد بما تقدم منه وما تأخر ما صدر عنه قبل النبوة وبعدها، وقيل: ما صدر قبل الفتح وما صدر بعده.
وفيه أنه مبني على جواز صدور المعصية عن الانبياء (عليهم السلام) وهو خلاف ما يقطع به الكتاب والسنة والعقل من عصمتهم (عليهم السلام) على أن إشكال عدم الارتباط بين الفتح والمغفرة على حاله.
ومن ذلك: أن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر مغفرة ما وقع من معصيته وما لم يقع بمعنى الوعد بمغفرة ما سيقع منه إذا وقع لئلا يرد الإشكال بأن مغفرة ما لم يتحقق من المعصية لا معنى له. وفيه مضافاً إلى ورود ما ورد على سابقة عليه أن مغفرة ما سيقع من المعصية قبل وقوعه تلازم ارتفاع التكاليف عنه(ص) عامة، ويدفعه نص كلامه تعالى في آيات كثيرة كقوله تعالى: (( إنَّا أَنزَلنَا إلَيكَ الكتَابَ بالحَقّ فاعبد اللَّهَ مخلصاً لَه الدّينَ )) (الزمر:2)، وقوله: (( وَأمرت لأَن أَكونَ أَوَّلَ المسلمينَ )) (الزمر:12)، إلى غير ذلك من الآيات التي تأبى بسياقها التخصيص.
على أن من الذنوب والمعاصي مثل الشرك بالله وافتراء الكذب على الله والاستهزاء بآيات الله والإفساد في الأرض وهتك المحارم، وإطلاق مغفرة الذنوب يشملها ولا معنى لأن يبعث الله عبداً من عبادة فيأمره أن يقيم دينه على ساق ويصلح به الأرض فإذا فتح له ونصره وأظهره على ما يريد يجيز له مخالفة ما أمره وهدم ما بناه وإفساد ما أصلحه بمغفرة كل مخالفة ومعصية منه والعفو عن كل ما تقوله وافتراه على الله، وفعله تبليغ كقوله، وقد قال تعالى: (( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعضَ الأَقَاويل * لَأَخَذنَا منه باليَمين * ثمَّ لَقَطَعنَا منه الوَتينَ )) (الحاقة:44-46).
ومن ذلك: قول بعضهم إن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه مغفرة ما تقدم من ذنب أبويه آدم وحواء (عليهما السلام ) ببركته (ص) والمراد بمغفرة ما تأخر منه مغفرة ذنوب أمته بدعائه.
وفيه ورود ما ورد على ما تقدم عليه.
ومن ذلك: أن الكلام في معنى التقدير وإن كان في سياق التحقيق والمعنى: ليغفر لك الله قديم ذنبك وحديثه لو كان لك ذنب.
وفيه أنه أخذ بخلاف الظاهر من غير دليل.
ومن ذلك: أن القول خارج مخرج التعظيم وحسن الخطاب والمعنى: غفر الله لك كما في قوله تعال: (( عََفا اللَّه عَنكَ لمَ أَذنتَ لَهم )) (التوبة:43).
وفيه أن العادة جرت في هذا النوع من الخطاب أن يورد بلفظ الدعاء كما قيل.
ومن ذلك: ان المراد بالذنب في حقه (ص) ترك الأولى وهو مخالفة الأوامر الإرشادية دون التمرد عن امتثال التكاليف المولوية، والأنبياء على ما هم عليه من درجات القرب يؤاخذون على ترك ما هو أولى كما يؤاخذ غيرهم على المعاصي المعروفة كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
ومن ذلك: ما ارتضاه جمع من أصحابنا من أن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر مغفرة ما تقدم من ذنوب أمته وما تأخر منها بشفاعة (ص)، ولا ضير في إضافة ذنوب أمته (ص) اليه للإتصال والسبب بينه وبين أمته.
وهذا الوجه والوجه السابق عليه سليمان عن عامة الإشكالات لكن إشكال عدم الأرتباط بين الفتح والمغفرة على حاله.
ومن ذلك: ما عن علم الهدى رحمه الله أن الذنب مصدر، والمصدر يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول معاً فيكون هنا مضافاً إلى المفعول، والمراد ما تقدم من ذنبهم اليك في منعهم إياك من مكة وصدّهم لك عن المسجد الحرام، ويكون معنى المغفرة على هذا الإزالة والنسخ لأحكام أعدائه من المشركين أي يزيل الله تعالى ذلك عنك ويستر عليك تلك الوصمة بما يفتح لك من مكة فتدخلها فيما بعد.
وهذا الوجه قريب المأخذ مما قدمناه من الوجه، ولا بأس به لو لم يكن فيه بعض المخالفة لظاهرة الآية)). (انتهى)



السؤال: شرح الرواية الواردة عن نبي الله دانيال (عليه السلام)
ورد عن وهابي في احد المنتديات الكلام التالي:
الإمام معصوم أما النبي فلا
عن أبي جعفر قال: " إن الله عز وجل أوحى إلى داود عليه السلام أن ائت عبدي دانيال فقل له: إنك عصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك...
فلما كان في السحر قام دانيال فناجى ربه فقال: فوعزتك لئن لم تعصمني لأعصينك ثم لأعصينك ثم لأعصينك"
(الكافي 2/316 كتاب الإيمان والكفر باب التوبة).
هذه الرواية فيها التصريح بأن دانيال عصى الله عدة مرات. وهذا يتناقض مع عقيدة الشيعة بعصمة الأنبياء والأئمة. وهذه واحدة من الروايات التي تطعن في الأنبياء وربما كانت أحد أدلة الشيعة في تفضيل الإمام على النبي. إذ كيف يقبل الشيعة هذه الرواية التي تزعم أن نبيا من أنبياء الله يخاطب الله بهذه الجرأة قائلا لأعصينك يا رب ثم لأعصينك ثم لأعصينك…!!!

الجواب:


الثابت عند الإمامية ـ أعزّهم الله ـ الاعتقاد بعصمة الانبياء (عليهم السلام) وتنزيههم عن الكبائر والصغائر وما يخل بمروءتهم (عليهم السلام)، وهذه العقيدة يمكن مراجعتها في كل الكتب التي تناولت عقائد الإمامية وتطرقت إلى عصمة الأنبياء(ع).
والرواية الوارده في (الكافي) بحق نبي الله دانيال (ع) فهي تحمل كما يحمل معنى قوله تعالى: (( وَعَصَى آدَم رَبَّه فَغَوَى )) (طه: 121)، على ترك الأولى بعد الثبوت القطعي لعصمة الأنبياء (عليهم السلام).
وأما قول نبي الله دانيال(ع): (( فوعزتك لئن لم تعصمني لأعصينك..)).
فهو أقر بالتقصير واعترف بالعجز عن مقاومة النفس وكمال الانقطاع إلى الرغبة في العون والمد الإلهي في ان لا يكفله الله إلى نفسه طرفة عين أبداً ، لأنه سيعصيه عندئذ لا محالة، فهو ـ وكأن هذا هو لسان حال دانيال ـ ان لم يرحمه الله ويعصمه من الزلل فهو واقع في المعصية لا محالة، وهذا اللسان هو نفسه أو قريب منه الذي تكلم به نبي الله يوسف ـ كما يحكي ذلك القرآن الكريم عنه ـ حين قال: (( وَإلَّا تَصرف عَنّي كَيدَهنَّ أَصب إلَيهنَّ وَأَكن منَ الجَاهلينَ )) (يوسف:33) .



السؤال: قول ( يا محسن قد اتاك المسيء ) هل يقدح في العصمة ؟
لقد سمعت أن الإمام الحسن (ع) كان يقف عند باب المسجد ويقول (( يا محسن قد أتاك المسيء... ))
ماذا كان يقصد الإمام الحسن (ع) بهذا القول؟
وهو ردكم على الذي يقول أن الحسن (ع) ليس معصوم لأنه كان يقول (( قد أتاك المسيء )) ؟...
الجواب:

ليس الإساءة المذكورة هنا في كلام المعصومين هي الإساءة القادحة بالعصمة، بل هي قد تكون لحظة من لحظات القلوب التي يكون التوجه فيها إلى المراتب العليا متأخراً وهذه تعد في نظر أولئك الواصلين إساءة وذنب تحتاج إلى الاستغفار فالإساءة المذكورة شيء اعم من الذنوب القادحة في العصمة وقد يكون الإمام ينزل نفسه منزلة المسيء تدللاً لله تعالى وطلباً للمزيد من الرحمة.
ثم إنه لو قيل ان الإساءة المراد بها الذنب لا كما ذكرنا فنقول ان أدلة العصمة قطعية عندنا وثابته لجميع الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) ولو ورد ما ينافي هذا الدليل القطعي لابد من تأويله بما ينسجم مع العصمة ذات الدليل القطعي ونأول كل النصوص الواردة في الأنبياء والأئمة بالتي يكون ظاهرها مخالفاً للعصمة.



السؤال: النسيان الوارد عن الأنبياء في القرآن هل ينافي العصمة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
واللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين
سلام عليكم, قال جل و علا:
(( ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ))
(( قال ارايت اذ اوينا الى الصخرة فاني نسيت الحوت وما انسانيه الا الشيطان ان اذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا ))
1- ما معنى نسيان الأنبيآء عليهم السلام و كيف نوجه ذلك مع إعتقادنا الجازم بعصمتهم سلام الله عليهم, كيف تكون النسيان لهم جائزا و نحن نعتقد أن الأنبياء والرُسل والأئمة معصومون من الخطأ والنسيان من ولادتهم حتى مماتهم.
2- كيف يؤثر الشيطان على المعصوم عليه السلام فينسيه؟ فإن هذه الشبهة قدأثارها الوهابية أخزاهم الله تعالى, و قد سببت في زلزلة بعض شبابنا القليلي المعرفة, بعقيدتهم في عصمة الأنبيآء و الأئمة عليهم السلام, و نحن العوام لا بضاعة علمية قوية لنا في رد شبهتهم هذه بجواب مسكت.
فإن أجبناهم بأن المعنى النسيان عند الأنبيآء كما هو في قوله تعالى: (( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومنا هذا... )).
قالوا لنا حينئذ بأن ليس المراد به النسيان الحقيقي.. فالمقصود به: ( نعاملهم معاملة المنسي في النار فلا نجيب لهم دعوة ولا نرحم لهم عبرة ).
ومما يؤكد ذلك قوله تعالى: (( قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى )).
وقوله تعالى: (( لا تأخذه سنة ولا نوم )).
أما قول موسى (( لا تؤاخذني بما نسيت )) .. فهو نسيان حقيقي
أرجوا أن يكون الجواب قويما و مسكتا و مفصلا
وشكرا
الجواب:

1- إختلف المفسرون في بيان المراد من (النسيان) الوارد في حق الأنبياء (عليهم السلام) في القرآن الكريم، هل هو المعنى المعهود أي الغفلة وعدم التذكر،أم أريد به الترك من دون غفلة، من جهة أن عدم الاعتناء بالشيء يكون بمنزلة الغفلة، وهذا له شبيه كما في قوله تعالى: (( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم )) (التوبة:67) ، فالإهمال أحد المعاني الذي تستعمل فيه كلمة النسيان.
ولئن كان الظهور الأولي هو لصالح القول بأن المقصود به الغفلة ما لم تقم القرينة على الخلاف فإن سياق الآيات يشكل قرينة على أن المراد الإهمال.
وبهذا المعنى فسر ابن جرير الطبري قوله تعالى: (( وَلَقَد عَهِدنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ وَلَم نَجِد لَهُ عَزماً )) (طـه:115).
قال: ((إن النسيان على وجهين: أحدهما على وجه التضييع من العبد والتفريط ، والآخر على عجز الناسي عن حفظ ما استحفظ ووكل به وضعف عقله عن احتماله.
فأما الذي يكون من العبد على وجه التضييع منه والتفريط ، فهو ترك منه لما أمر بفعله، فذلك الذي يرغب العبد إلى الله عز وجل في تركه وعدم مؤاخذته به.
وهو النسيان الذي عاقب الله عز وجل به آدم صلوات الله، فأخرجه من الجنة، فقال في ذلك: (( وَلَقَد عَهِدنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ وَلَم نَجِد لَهُ عَزماً )) .
وهو النسيان الذي قال جلَّ ثناؤه: (( فَاليَومَ نَنسَاهُم كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَومِهِم هَذَا )) (الأعراف:51). (جامع البيان3: 211).
وبهذا المعنى أيضاً فسر القرطبي الآية الكريمة، وقال: ((قوله تعالى: (( وَلَقَد عَهِدنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ )).
قرأ الأعمش باختلاف عنه ((فنسي))، بإسكان الياء، وله معنيان: أحدهما: ترك، أي ترك الأمر والعهد وهذا قول مجاهد وأكثر المفسرين،ومنه: (( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم )) )) (تفسير القرطبي).
ومن الامامية المرتضى والطوسي والطبرسي وكذلك غيرهم ممن فسر النسيان في الآية الكريمة بالترك ، أنظر الأمالي للمرتضى 4: 44، والبيان 7/ 213، ومجمع البيان 7: 60.
فهنا كما ترى قد أتفق علماء السنة والشيعة ومفسرييهم في بيان المراد من هذهِ الآية الكريمة.
وأما قوله تعالى في حق فتى موسى (عليه السلام): (( وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيطَانُ أَن أَذكُرَهُ )) (الكهف:63)،قال السيد الطباطبائي في الميزان: ( قوله تعالى: (( وما أنسانيه الإّ الشيطان أن أذكره )) فإن (( أَن أَذكُرَهُ )) بدل من ضمير (( أَنسَانِيهُ )) ، والتقدير: وما أنساني ذكر الحوت لك إلا الشيطان فهو لم ينس نفس الحوت، وإنما نسي أن يذكر حاله التي شاهد منه لموسى. ولا ضير في نسبة الفتى نسيانه إلى تصرف الشيطان بناءً على أنه كان يوشع بن نون النبي والأنبياء في عصمة إلهية من الشيطان لأنهم معصومون، مما يرجع إلى المعصية، وأما مطلق إيذاء الشيطان فيما لا يرجع إلى معصية فلا دليل يمنعه، قال تعالى: (( وَاذكُر عَبدَنَا أَيُّوبَ إِذ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيطَانُ بِنُصبٍ وَعَذَابٍ )) (ص:41))، (الميزان في تفسير القرآن 13: 341).
وهكذا بقية الموارد التي يمكن تفسيرها بلحاظ السياق الذي وردت فيه وهي لا تدل على النسيان المعهود الذي يعني الغفلة أو عدم التذكر، وإن أفاد ذلك فهو غير المورد التي تؤدي إلى المعصية كما في قصة يوشع بن نون.
وأيضاً أن شاء المعاند أن يحمل هذه الألفاظ على معنى واحد فأرد هو إرادة النسيان بمعنى الغفلة وعدم التذكر فجوابه: لقد ثبت بالدليل العقلي القطعي أن الأنبياء معصومون فعندها لا محيص من تأويل كل ما ورد من دليل نقلي يخالف هذا القطع العقلي وإلا هل يستطيع هؤلاء المتفلسفون أن يقولوا بأن قوله تعالى: (( الرَّحمَنُ عَلَى العَرشِ استَوَى )) (طـه:5). المراد منه الانبساط والجلوس حقيقة فيكون كلامهم نص في عقيدة التشبيه والتجسيم بعد ثبوت الدليل العقلي القطعي والنقلي بعدم صحّة التشبيه والتجسيم في حقّه سبحانه؟!!

تعليق على الجواب (1)
طيب اخواني كيف نطبق بين قوله تعالى (( وماينطق عن الهوى ان هوى الا وحي ٌ يوحى )) وآيات النسيان
لان الملاحظ من آيات النسيان تذكر ان النبي ينسى وهنا تقول ان النبي لاينطق عن الهوى والنطق هو ابسط الحالات فكيف بالحركات كالصلاة وغيرها
ومالمقصود بالنسيان في هذه الآيات للأنبياء, فكيف لنبي ان يبلغ رسالته وهو ينسى ويسهى او ينسى صلاته.. وهو القدوة, لان لربما البعض سيحمل هذا السهو في حياة النبي ربما من المشركين او المنافقين بعدم الاقتداء بالنبي لانه يسهو, فما قولكم
الجواب:

يمكن التوفيق بين الآية الكريمة (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى )) (النجم:3) ولآيات التي ورد فيها نسبة النسيان إلى بعض الأنبياء بالرغم من كونهم معصومين من النسيان بل عما هو أخف منه وطئة كالسهو..
وذلك بأن نقول: أن آيات النسيان المذكورة محمولة على معنى الترك الذي لا يتعارض مع عصمة الأنبياء, وقد جاء في القرآن الكريم في مواضع متعددة التعبير عن الترك بالنسيان كقوله عز وجل: (( نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُم )) (التوبة:67) وقوله عز وجل (( فَاليَومَ نَنسَاهُم كَمَا نَسُوا لِقَاء يَومِهِم هَذَا )) (الاعراف:51).. فالآيات الكريمة عبرت بالنسيان مع أن المقصود هو الترك والإهمال جزاءًَ على إنهماك العصاة بإقتراف المعاصي وترك طاعة الله عز وجل.


تعقيب على الجواب (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد و العن أعدآئهم أجمعين
قال الله تعالى :
(( فَلَمَّا بَلَغَا مَجمَعَ بَينِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحرِ سَرَبًا ))
قد نُسب النسيان في هذه الآية الكريمة إلى الإثنين, فقالت الآية " نسيا " بضمير مثنى, والحال أن أحدهما أي الفتى كان المسؤول عن السمك, فإذا كان المقصود من النسي هو الغفلة لكان يتعين القول بان الناسي هو شخص واحد الذي هو المسؤول عن السمك, ولكن إن كان المقصود من النسي هو الترك, فكلاهما كان قد ترك السمك, فبهذا التحليل يتعين أن المراد من النسيان هو الترك وليس الغفلة, إشارة لطيفة أحببت إضافتها علها تكون مفيدة, وفقكم الله لكل خير
وأسألكم خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها
يا علي


يتبع

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.37 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2019 الساعة : 12:19 AM


السؤال: الأدلة على عصمة الانبياء (عليهم السلام)
إني إثنا عشري و لله الحمد، ومن القائلين بعصمة الأنبياء و أطلب منكم شاكراً معرفة أدلة عصمة الأنبياء وعلاقتها مع الآية التالية :
((فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم))
وقول النبي موسى (ع) : ((إني ظلمت نفسي فاغفر لي)) .
الجواب:

إن الأدلّة على عصمة الانبياء كثيرة، فقد ذكر المحقق الطوسي ثلاثة منها (راجع كشف المراد/274)، وأضاف إليها القوشجي دليلين آخرين (شرح التجريد/358) ، وذكر الايجي تسعة أدلة (المواقف359_360) . ونقتصر في هذا المجال على ذكر دليلين هما :1- الوثوق فرع العصمة
إنّ التبليغ يعمّ القول والفعل، فكما في أقوال النبي تبليغ فكذلك في أفعاله، فالرسول معصوم عن المعصية و غيرها لأنّ فيها تبليغاً لما يناقض الدين و هو معصوم من ذلك .
ولا يفتقر ذلك على زمن البعثة فقط وإنّما يشمل ما قبلها أيضاً لأنّه لو كانت سيرة النبي غير سليمة قبل البعثة فلا يحصل الوثوق الكامل به وإن صار إنساناً مثاليّاً.
إذن فتحقق الغرض الكامل من البعثة رهن عصمته في جميع فترات عمره.2- التربية رهن عمل المربّي
إنّ الهدف العام الذي بعث الأنبياء لأجله هو تزكية الناس و تربيتهم و معلوم (أن فاقد الشيء لا يعطيه) فلذا لابد من التطابق بين مرحلتي القول والعمل، وهذا الأصل التربوي يجرّنا الى القول بأن التربية الكاملة المتوخاة من بعثة الأنبياء لا تحصل إلّا بمطابقة أعمالهم لأقوالهم فانّ لسوابق الأشخاص وصحائف أعمالهم الماضية تأثيراً في قبول الناس كلامهم وإرشاداتهم . أمّا ما ذكرته بالنسبة للآيات المباركة من سورة القصص، فإن الأصل في الأنبياء العصمة والأدلة من القرآن والسنة والعقل صريحة بالعصمة، وكل ما ورد ظاهره مناف للعصمة، فلابد من البحث عن التأويل له و فهم معناه.
فقد جاء في (عيون أخبار الرضا (ع)) باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا (عليه السلام)، فقال له المأمون : يا بن رسول الله، أليس من قولك : إنّ الأنبياء معصومون ؟ قال : بلى . قال : فأخبرني عن قول الله: ((فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان)) (القصص 15).
قال الرضا (عليه السلام) : إنّ موسى (ع) دخل مدينةً من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها، وذلك بين المغرب والعشاء، فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته و هذا من عدوّه، فقضى على العدو بحكم الله - تعالى ذكره - فوكزه فمات، قال : هذا من عمل الشيطان، يعني الاقتتال الذي وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى (ع) من قتله (إنه) يعني الشيطان (عدوّ مضلّ مبين) .
قال المأمون : فما معنى قول موسى: (( ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي )) 16؟
قال : يقول : وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة، فاغفر لي، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني، فغفر له إنّه هو الغفور الرحيم . قال موسى(ع) : ربّ بما أنعمت علي من القوة حتى قتلت رجلاً بوكزة فلن أكون ظهيراً للمجرمين، بل أجاهدهم بهذه القوة حتى ترضى .
و جعلنا الله و اياك من الموالين في القول والعمل.

تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
انا اميل الى الالتزام بالنص سواء اتفق مع العقل أم لا
الجواب:
معنى كلامك أنك ترفض الدليل العقلي ولا تقبل به، وتقول أنه في قبال الأدلة النقلية فلذلك ترفض القول بعصمة الأنبياء . ونحن نقول: لو سلمنا معك ذلك فما تقول بالأدلة النقلية التي تثبت العصمة للأنبياء؟ حتماً سيحصل تعارض بين دليل يثبت عصمة الأنبياء ودليل آخر تتصوره ينفي العصمة عن الأنبياء، فلا بدّ عليك أن لا تأخذ فقط بتلك الأدلة التي تتصورها أنها تنفي العصمة عن الأنبياء.
ثم إن الدليل العقلي لا يصح منك ردّه، فإنه إذا ثبت صحته أو قُطع به يكون مقدّماً على تلك الأدلة النقلية التي تقبل التأويل بما ينسجم مع الدليل العقلي. ولا يردّ الدليل العقلي القطعي الإّ السفسطائي.



السؤال: عصمة الأنبياء في رأي الفريقين
هل هناك خلاف بين العلماء حول موضوع عصمة الانبياء. وهل المشهور سابقا خلاف ذلك؟ وشكراً.
الجواب:

ممّا تفردّت به الاماميّة هو القول بوجوب عصمة الأنبياء (عليهم السلام) في أخذ الوحي وايصاله وتطبيقه واجتناب بالمعاصي والذنوب ـ كبيرة كانت أو صغيرة ـ، ولهم في هذا المجال دلائل واضحة وجليّة لا مجال لنا بذكره في هذه العجالة.
واتفّق رأي أهل السنّة على عدم وجوب العصمة إلاّ في تبليغ الرسالة ، حتى أنّ جمهورهم جوزّوا صدور المعاصي من الانبياء (عليهم السلام) ـ والعياذ بالله ـ.
نعم، كان هناك رأي للشيخ الصدوق رحمه الله، وشيخه ابن الوليد في جواز السهو على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في الموضوعات التطبيقيّة ـ لا في تبليغ الوحي ولا في الابتعاد عن المعاصي ـ وهذا رأيهما الخاص، ولم يتبعهما في ذلك أساطين الطائفة الشيعية وجمهورها.

تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
الشيخ الصدوق لم يقل بجواز السهو على النبي , بل قال بجواز الاسهاء للنبي(ص) , بخلاف ما يظهر من الكلام في اجابتكم السابقة و التي بدأ يهرج بها الوهابية على الشيعة , وانا انقل لكم رأي الشيخ السبحاني على قضية السهو , قال في صفحة 302 بعد نقل كلام الشيخ الصدوق :
(( وحاصل كلامه: انّ السهو الصادر عن النبي إسهاء من الله إليه لمصلحة، كنفي وهم الربوبية عنه، وإثبات انّه بشر مخلوق، وإعلام الناس حكم سهوهم في العبادات وأمثالها , وأمّا السهو الذي يعترينا من الشيطان فإنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) منه بريء، وهو منزّه عنه، وليس للشيطان عليه سلطان ولا سبيل. ومع ذلك كلّه، فهذه النظرية مختصة به، وبشيخه ابن الوليد، ومن تبعهما كالطبرسي في (( مجمعه )) على ما سيأتى؛ والمحقّقون من الامامية متفقون على نفي السهو عنه في أمور الدين حتى مثل الصلاة )).
ولقد شاهدت كلاما للعلامة السيد جعفر مرتضى العاملي حول الموضوع مؤداه نفس الكلام , وهو ان الشيخ الصدوق و استاذه ذهبا إلى جواز الاسهاء وليس السهو كما يظهر من كلامهما ( الاسهاء هو من الله لغاية معينه كما هو معلوم ) و قد خالفتهم الطائفه المحقه في هذا الكلام.
هذا و لكم جزيل الشكر لما تقومون به من الذود عن العقائد الحقة .
الجواب:

لم يكن المركز بصدد التفريق بين السهو والاسهاء , وانما كان بصدد بيان مسألة السهو , مع غض النظر عن الدخول في مبحث السهو والاسهاء , والطرف الاخر من جهله بالمباني يعتمد على هكذا مسائل , ولا أقل عليه أن يفرق بين السهو الذي يقع علينا وبين السهو الذي يقع على الأنبياء على رأي من يقول به .
وهنا ننقل نص كلام الشيخ الصدوق (رحمه الله) في آخر باب أحكام السهو في الصلاة من كتابه (من لا يحضره الفقيه 1 / 234 ط دار الكتب الإسلامية ـ طهران) ، لتتضح المسألة : قال رحمه الله : (( إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي (صلى الله عليه وآله) يقولون : لو جاز أن يسهو (عليه السلام) في الصلاة جاز أن يسهو في التبليغ ، لأن الصلاة عليه فريضة كما أن التبليغ عليه فريضة ، وهذا لا يلزمنا ، وذلك لأن جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي (صلى الله عليه وآله) فيها ما يقع على غيره ، وهو متعبد بالصلاة كغيره ممن ليس بنبي ، وليس كل من سواه بنبي كهو ، فالحالة التي اختص بها هي النبوة ، والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة ...وليس سهو النبي (صلى الله عليه وآله) كسهونا لان سهوه من الله عز وجل ، وإنما هو اسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ ربا معبودا دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا ، وسهونا عن الشيطان ، وليس للشيطان على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (صلوات الله عليهم) سلطان ، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلى من تبعه من الغاوين ... وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) يقول : أول درجة الغلو نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله) ولو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن نرد جميع الأخبار وفي ردها إبطال الدين والشريعة ... )) .



السؤال: الأنبياء معصومون حتى لو لم يبعثوا لأحد


أستفيد من عصمة الإمام أو النبي المعصوم بأن أخذ منهم وأنا مطمئن من سلامة ديني ومعتقدي,
والسؤال هو : لا يوجد داعي لعصمة النبي الغير المرسل إذ أني لا استفيد من عصمته شيئا ؟؟؟
أفيدونا والسلام
الجواب:

نفهم من سؤالك أنك تتصور أن هناك نبي لا يرسل إلى مجموعة من الناس, وهذا تصور خاطئ, فجميع الأنبياء إنما بعثوا لأقوامهم ولجماعتهم من بني البشر,فهذه هي وظيفة الأنبياء وهي هداية الناس إلى الدين الحق وإخراجهم من ظلمات الجهل والأوهام إلى نور العلم والمعرفة والإيمان, فهم الواسطة بين الله سبحانه وتعالى وبين البشر ولذا قلنا بوجوب عصمتهم,لأن البشر ملزمين بمتابعتهم في أقوالهم وأفعالهم فإذا كانت أفعالهم وأقوالهم خاطئة فهذا معناه دعوة الناس إلى المسير على الطريق الخاطئ وهذا ما لا يقبل.
ثم أننا لو تصورنا أن هناك أنبياء لم يبعثوا لأحد عن البشر سوى أنفسهم لما دل هذا على عدم عصمتهم, بل يكون هذا الدليل غير تام في حقهم, فليس السبب لعصمة الأنبياء هو حتى لا يتنفر الناس منهم, بل لأنهم وصلوا إلى درجة من التقوى تمنعهم من ارتكاب الذنوب وهذا ما نسميه بالعصمة وإنما نحن نستدل على ان المنفرات لا يمكن صدورها من الأنبياء فإنه لا يعني أنها هي السبب في عصمتهم, فالعصمة هي نتيجة الدرجة الإيمانية العالية التي تكسب صاحبها درجة عالية من التقوى المقرون بالعلم القطعي بعواقب الأمور مما تجعله بعيداً عن الذنوب والمعاصي, والأنبياء جميعاً وصلوا إلى تلك الدرجة العالية فصاروا معصومين حتى لو لم يرسل أحدهم إلى أية جماعة.



السؤال: عصمة الأنبياء (عليهم السلام) ثابتة من البداية وليس بالتدارك

هل إستخدم المولى عز وجل في خطابه مع الانبياء أسلوب الشدة بالتحذير والوعيد ؟!
وما معنى قول الله عز وجل في خطابه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في بعض المواضع التالية
1- (( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَّولاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُم فِيمَا أَخَذتُم عَذَابٌ عَظِيمٌ )) (الأنفال:67 - 68)
2- (( وإِن كَادُوا لَيَفتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ لِتَفتَرِيَ عَلَينَا غَيرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَولا أَن ثَبَّتنَاكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئاً قَلِيلاً * إِذاً لأذَقنَاكَ ضِعفَ الحَيَاةِ وَضِعفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيراً )) (الإسراء:86 - 87)
هنا يا اخي الكريم لا أدعى (( على )) عصمة النبي محمد صلى الله عليه وآله , ولكنه أمر ذي شقين !
الملاحظ في الشق الأول أن الله عز وجل استخدم أسلوب شديد اللهجة مع المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الأسرى اولا , ولولا لطف الله وكتاب منه سبق لمسهم فيما أخذوا عذاب أليم ؟!
وفي الاية المباركة الثانية أستخدم المولى عز وجل أسلوب أشد مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الركون الى الكفار والميل عن وحي الله ولولا تثبيت الله لقلب الرسول قد سبق الركون والميل اليهم لاذاق الله الرسول ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد علينا نصيرا !
أسلوب شديد من المولى عز وجل وتهديد ووعيد واضحين وصريحين في هاتين الايتين للرسول صلى الله عليه وآله وسلم
الشق الثاني ننقله بصفة المقارنة مع خطأ سيدنا آدم ومعصيته , والخطأ الذي كاد أن يتحقق لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فالرسول صلى الله عليه وآله لم تتحقق في فعله الشروط الواجبة لاطلاق صفة الخطأ , ولم تتحقق شروط المعصية على أعتبار أن امر الأسرى والفعل بهم لم يكن واردا على أساس تشريعي واضح ولم ينهى الله عنه ولكن أيضا لم يوافق عليه والدليل على عدم اكتمال الشروط يتبلور في كلمتين في الاية الاولى (( لولا كتاب من الله - سبق )) - سبق ماذا ؟! سبق حدوث الفعل الخطأ الذي كان سيسخط الله ويغضبه وعليه سيمسهم عذاب عظيم - وهنا تدارك المولى عز وجل للرسول في امر يجهله, وفي الاية الثانية (( ولولا أن ثبتناك لكدت تركن إليهم شيئا قليلا )) وهنا تدارك أيضا من المولى عز وجل الى الرسول للتنبيه , ولولا هذا التنبيه والتثبيت لذاق الرسول ضعف الحياة وضعف الممات ولم يدله على الله نصيرا !!!!
إذا فالخطأين في الايتين لا يمكن وصفهما بالخطأ ..... لعدم تحقق الشروط
1- أنه ليس هناك نية من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لاغضاب الله عز وجل على اعتبار أنه لم يكن هناك نواهي على هذا الامر والامر الذي قام به الرسول مبني على حسن النية وليست نية الفعل المعلوم والمنهي عنه كما فعل سيدنا آدم حين علم النواهي في عدم الاقتراب حتى من هذه الشجرة الا انه كسر هذا النهي واكل من الشجرة ولم يكتفي بالاقتراب فحسب وهو المنهي عنه - وهذا امر آخر يطول فيه الشرح سأتجنبه .
2- لم يتحقق فعل العمل ولا نتيجته والدليل كلمة الله (( سبق )) و أسلوب النهي (( ما )) ونزول الاية ومن الواضح منها أنها نزلت في وقت الحدث قبل أن تتم النتيجة (( لولا كتاب من الله سبق لمسكم - فيما أخذتم -))
ولكن عند سيدنا آدم قد تحقق فعل العمل ان بادر إلى أكل التفاحة وتضمنته النتيجة أن طفقا يخصفان على أنفسهم , بدت لهما سوئاتهما , وأهبطهما الله الى الارض بعضهم لبعض عدو , حيث عصى آدم ربه , حيث تاب الله عليه بعد ان تلقى آدم نفسه من الله كلمات ليتوب عليها !
وهنا تتحقق العصمة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حين انها لم تتحقق لآدم عليه السلام فالله قد عصم الرسول من الزلل بالوعي والسهو , بالمعرفة والجهل معا وهذا ما لم يحدث لأدم عليه السلام
وهناك امثلة كثيرة يا اخي حول تدارك المولى سبحانه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذه حكمة إلاهية يختص بها رسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
فقد بعث للناس كافة ولا نبي بعده ودين محمد خاتم الاديان وجامعها , فالعصمة للرسول صلى الله عليه وآله امر واجب ومحتم فمليارات البشر وآلالف السنين ستخلف هذا الرسول الكريم وعليه فإن هذا النبي سيكون دستورا شاملا (( يجب )) عليه أن يكون خاليا من الشوائب (( بالمطلق ))
خذ مثالا آخر لهذا التدارك الالهي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو ما أتى في سورة التحريم (( رغم )) أن الرسول في حادثة التحريم لم يكن يقصد به العموم بل كان يقصد به الخاص على نفسه بتحريمه على نفسه ما أحله الله والدليل مخاطبة المولى للرسول بصفة الخصوص والمباشرة
(( بسم الله الرحمن الرحيم * يا أيها النبيُ لم تُحرّمُ ما أحلَّ اللهُ لك تبتغي مرضاة أزواجك )) - وهنا أبتعد المولى في الاسلوب عن الشدة وأستخدم أسلوب الملاطفة التنبيهية ليدرك الرسول في عدة امور
1- إن الرسول كما قلت سابقا هو قدوة ومتبع في كل أمر يحدثه أو يقوله لان (( لا ينطق عن الهوى )) وعليه فإن بقية من مع الرسول سيتبعونه , وبما أنه حرم على نفسه ما احل الله , وبما أن زوجته أفشت السر فهذا يعني أنه ربما ينتشر خارجا ويتخذه الاصحاب منهاجا لهم بأن يحرموه على أنفسهم أيضا فنزلت هذه السورة !
2- تخليص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من (( يمينه )) , والحلف باليمين على البشر العاديين امر واجب فما بالنا لو كان الحالف باليمين هو الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم وذلك في قول الحق جل في علاه (( قَد فَرَضَ اللَّهُ لَكُم تَحِلَّةَ أَيمَانِكُم وَاللَّهُ مَولَاكُم وَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ ))
ومن هذه الامثلة نفهم أمر مهم أن الله سبحانه وتعالى كما قلت أثبت العصمة للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بتداركه المستمر , ولم يثبتها على سيدنا آدم عليه السلام
والصلاة والسلام على أِشرف الخلق والمرسلين سيدنا وحبيبنا محمد المصطفى الأمين وعلى اهل بيته الطهرين الميامين وأصحابه المنتجبين وعلى الانبياء اجمعين وسلم تسليما كثيرا
الجواب:

معنى قوله تعالى: (( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) (لأنفال:67).
ليس كما تصورتموه، بل ان التفسير المناسب له هو أن الآية الكريمة إنما نزلت في التنديد بالذين كانوا يودون العير وأصحابه على ما حكاه الله تعالى عنهم في قوله ـ عن هذه الواقعة ـ عزّ من قائل: (( وَإِذ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحدَى الطَّائِفَتَينِ أَنَّهَا لَكُم وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوكَةِ تَكُونُ لَكُم وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ )) (لأنفال:7), وكان النبي(ص) قد استشار أصحابه فقال لهم (كما هو مذكور في السيرتين الحلبية والدحلانية وغيرهما من الكتب المشتملة على هذه الواقعة): إن القوم قد خرجوا على كل صعب وذلول فما تقولون؟ العير أحب إليكم أم النفير؟ قالوا: بل العير أحب إلينا من لقاء العدو، وقال بعضهم حين رآه (ص) مصّراً على القتال: هلاّ ذكرت لنا القتال لنتأهب له؟ إنا خرجنا للعير لا للقتال؟ فتغير وجه رسول الله (ص) فأنزل الله تعالى: (( كَمَا أَخرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيتِكَ بِالحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ المُؤمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوتِ وَهُم يَنظُرُونَ )) (لأنفال:5 - 6).
وحيث أراد الله عز وجل أن يقنعهم بمعذرة النبي (ص) في إصراره على القتال، وعدم مبالاته بالعير وأصحابه، قال عزّ من قائل (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ )) (التوبة:113) من الأنبياء المرسلين قبل نبيّكم محمد (ص) (( أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ )) (الأنفال:67) فنبيكم لا يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض على سنن غيره من الأنبياء (عليه السلام) ولذلك لم يبال إذ فاته أسرى أبي سفيان وأصحابه حين هربوا بعيرهم إلى مكة، لكنكم أنتم (تريدون) إذ تودون أخذ العير وأسر أصحابه (( عَرَضَ الدُّنيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ )) (الأنفال:67) باستئصال ذات الشوكة من اعدائه (( واللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )).
والعزة والحكمة تقتضيان يومئذ اجتثاث عز العدو، وإطفاء جمرته، ثم قال تنديداً بهم (( لَولا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ )) (الأنفال:68) في علمه الأزلي بأن يمنعكم من أخذ العير، وأسر أصحابه لأسرتم القوم وأخذتم عيرهم، ولو فعلتم ذلك (( لَمَسَّكُم فِيمَا أَخَذتُم )) (لأنفال:68) قبل أن تثخنوا في الأرض (( عَذَابٌ عَظِيمٌ )) (الأنفال:68). (انظر هذا التفسير للآية الكريمة في كتاب النص والاجتهاد للسيد شرف الدين ص322).
وأما قوله تعالى: (( وَإِن كَادُوا لَيَفتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ لِتَفتَرِيَ عَلَينَا غَيرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً )) (الاسراء:73), فهو أيضاً ليس كما تصوره الأخ السائل، وانما هذه الآية ومثيلاتها التي وردت في القرآن الكريم والتي فيها عتاب للنبي(ص) انما نزلت بلسان (بإياك أعني واسمعي يا جارة)، روى الشيخ الكليني بسنده عن الامام الصادق(ع) قال: ((نزل القرآن إياك اعني واسمعي يا جارة) وفي رواية أخرى، عن ابي عبد الله(ع) قال: معناه ما عاتب الله عز وجل به على نبيّه(ص) فهو يعني به ما قد مضى في القرآن مثل قوله: (ولولا ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً) عنى بذلك غيره)). انتهى (الكافي 2: 631) .
هذا هو التفسير المناسب لهذه الآيات الكريمة، فالعصمة ثابتة من أول الأمر للأنبياء(ع) وليست بالتدارك كما يشير الأخ السائل إليه وقد اثبت العلماء الأعلام كل هذه المباحث الدقيقة في عصمة الأنبياء والآيات التي قد يستفاد من ظهورها ما يخدش في هذه العصمة في كتب مفصلة



السؤال: عصمة الأوصياء للأنبياء السابقين
السلام عليكم ورحمة الله..ارجو من حضرتكم توضيح الأتي : نحن الشيعة نعتقد بعصمة الانبياء والأئمة عليهم السلام بما توجد هنالك من الأدلة العقلية والنقلية .. لكن هل عامة الأوصياء ايضأ معصومون?: يوجد لدينا هذا الحديث في البحار: ( الانبيآء وأوصياؤهم لا ذنوب لهم لانهم معصومون مطهرون ) وجزاكم الله خيرآ
الجواب:

الاستدلال على عصمة الأوصياء يأتي من عدة طرق منها:
1ـ الأخبار الصريحة التي أشارت إلى ذلك، منها ما ذكرته في البحار والذي نقله عن الخصال في رواية للإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وفي قصص الأنبياء للراوندي، رواية عن الصادق (عليه السلام) قال فيها: (لو لم تقبل شهادة المقترفين لما قبلت إلا شهادة الأنبياء والأوصياء، لأنهم معصومون دون سائر الخلق...).
2ـ أنهم حجة الله على الخلق بعد مفارقة النبي لهذه الدنيا لأن الأرض لا تخلو من حجة وحجة الله لا يكون إلا معصوماً وعلى ذلك تدل بعض الأخبار كما عن الصادق (عليه السلام)، (ولا يتخذ على خلق حجة إلا معصوماً).
3ـ أنهم مسددون بروح القدس كما يشير إلى ذلك خبر أبي جعفر (عليه السلام) فيه قال: يا جابر أن في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح، روح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى ثم قال: يا جابر أن هذه الأربعة يصيبها الحدثان إلا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب.
4ـ إن طاعة الأوصياء فرض في أعناق الأمم، والذي يجب طاعته لابد أن يكون معصوماً، والذي يدل على وجوب طاعتهم قول أمير المؤمنين عليه السلام (ان الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي طاعتهم ومحنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم وأوصياء بعد وفاتهم ويصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء...).
5ـ نقل بعض العلماء أن الأنبياء والأوصياء معصومون للإجماع والأخبار الكثيرة على ذلك.
6ـ إن العصمة من قبيل العلم أنظر الميزان ج11 ص 162 قال تعالى مخاطباً نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً).
وقوله تعالى حكاية عن يوسف: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ)، وأن الأوصياء ورثوا جميع العلوم من الأنبياء، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصية وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد، قال السائل وما كانوا علموا ذلك الحكم؟
قال: بلى قد علموه ولكن لا يستطيعون أمضاء شيء منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة.
7ـ إن الأنبياء والأوصياء من عباد الله المخلصين ـ كما في الأخبار ـ كما يذكر ذلك النراقي في مستند الشيعة ج15 ص 198 والمخلصون لا تنالهم غواية الشيطان كما يذكر ذلك القرآن بقوله: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)، والذي لا تناله غواية الشيطان لا يصدر منه الذنب




السؤال: لا تناقض بين العصمة وقصص الأنبياء في القرآن
بسم الله خير الأسماء
نذهب نحن الشيعة الى عصمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أجمعين فإذا سلمنا بذلك فما هو تفسير خروج أبونا آدم و أمّنا حوّاء من الجنة وما هو تفسير بقاء نبي الله يونس في بطن الحوت مدة من الزمن وكذلك قصة نبي الله موسى التي ورد اجابة عليها في صفحتكم ،ألا ينافي ذلك عصمة الأنبياء أودّ معرفة الاجابة بمزيد من التفصيل ....
الجواب:

يشير العلاّمة الحلي (رحمه الله) الى رأي الإمامية حول عصمة الانبياء (عليهم السلام) بقوله : ذهبت الإماميّة كافّة الى أنّ الانبياء معصومون عن الصغائر والكبائر منزّهون عن المعاصي قبل النبوة وبعدها على سبيل العمد والنسيان وعن كلّ رذيلة ومنقصة وما يدل على الخسة والضعة ، وخالفت أهل السنة كافة في ذلك وجوّزوا عليهم المعاصي ….
وعلى هذا يمكن توجيه خروج أبينا آدم (ع) وأمّنا حوّاء من الجنة بأنّ الخروج من الجنّة ليس عقاباً ـ على معصيتهما وهما منزّهان منها ـ لأنّ سلب اللذّات والمنافع ليس بعقوبة وإنّما العقوبة هي الضرب والألم الواقعان على سبيل الاستخفاف والاهانة ، وكيف يكون من تعبدنا الله فيه بنهاية التعظيم والتبجيل مستحقاً منّا ومنه تعالى الاستخفاف والاهانة .
فان قيل : فما وجه الخروج ان لم يكن عقوبة ؟
قلنا : لا يمتنع ان يكون الله تعالى علم أن المصلحة تقتضي تبقية آدم (ع) في الجنّة وتكليفه فيها متى لم يتناول من الشجرة فمتى تناول منها تغيّرت الحال في المصلحة وصار إخراجه عنها وتكليفه في دار غيرها هو المصلحة . وإنما وصف إبليس بأنّه مخرج لهما من الجنة ـ فأخرجهما مما كانا فيه ـ البقرة 36 ـ من حيث وسوس اليهما وزيّن عندهما الفعل الذي يكون عند الإخراج .
ثم لا يخفى ان المعصية هي مخالفة الأمر ، والأمر من الحكيم تعالى قد يكون بالواجب والمندوب معاً فلا يمتنع على هذا أن يكون آدم (ع) مندوباً الى ترك التناول من الشجرة ويكون بمواقعتها تاركاً نفلاً وفضلاً وغير فاعل قبيحاً ،وليس يمتنع أن يسمى تارك النفل عاصيا كما يسمى بذلك تارك الواجب . وفي هذا المجال نذكر هذه الرواية الشريفة :
روى الصدوق أن المأمون العباسي جمع للامام علي بن موسى الرضا (ع) أهل المقالات من أهل الاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وكان فيهم علي بن الجهم من أهل المقالات الاسلاميين فسأل الرضا (ع) وقال له : يا بن رسول الله أتقول بعصمة الانبياء؟ قال : بلى ، قال : فما تعمل في قول الله عز وجل : (( وعصى آدم ربَّه فغَوى )) وقوله تعالى : (( وذا النون إذ ذهبَ مغاضباً فظنَّ أن لن نقدرَ عليه )) … فقال مولانا الرضا (ع) : ويحك يا علي إتق الله ولا تنسب الى أنبياء الله الفواحش ، ولا تتأوَّل كتاب الله برأيك ، فان الله عز وجل يقول : ((وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم)) .
أما قوله عز وجل في آدم : (( وعصى آدم ربَّه فغوى )) فإنّ الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفته في بلاده لم يخلقه للجنة وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الارض لتتم مقادير أمر الله عز وجل ، فلمّا أهبط الى الارض وجعل حجّة وخليفة عصمَ بقوله عز وجل : (( إنّ الله اصطفى آدمَ ونوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عمرانَ على العالمين )).
وأما قوله عز وجل : (( وذا النون إذ ذهبَ مغاضباً فظنَّ أن لن نقدر عليه )) إنما ظنّ أنّ الله عز وجل لا يضيق عليه رزقه ألا تسمع قول الله عز وجل : (( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه)) أي ضيّق عليه ولو ظنّ أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر …. (البحار 11 : 73 عن أمالي الصدوق / 55 وعيون الاخبار : 108) .
وأما يونس (ع) إنما بقي في بطن الحوت الى مدّة من الزمن لا لمعصية صدرت منه ولا لذنب ارتكبه والعياذ بالله وإنّما لكون خرج من قومه ـ وهو معرضاً عنهم ومغضبا عليهم بعد ان دعاهم الى الله تعالى فلم يجيبوه إلاّ بالتكذيب والرد ـ ولم يعد إليهم ظانّاً ان الله عز وجل لا يضيّق عليه رزقه أو ظانّاً ان لن يبتلى بما صنع حتّى وصل الى البحر وركب السفينة فعرض لهم حوت فلم يجدوا بدّاً من أن يلقوا إليه واحداً منهم يبتلعه وتنجو السفينة بذلك فقارعوا فيما بينهم فأصابت يونس (ع) فألقوه في البحر فابتلعه الحوت ونجت السفينة ، ثم ان الله سبحانه وتعالى حفظه حيّا في الحوت مدّة من الزمن ، ويونس (ع) يعلم أنّها بليّة ابتلاه الله بها مؤاخذة بما فعل من عدم رجوعه الى قومه بعد ان آمنوا وتابوا فأخذ ينادي في بطن الحوت أن (( لا إله إلاّ انت سبحانك إني كنت من الظالمين )) ـ قيل أي لنفسي بالمبادرة الى المهاجرة ـ فاستجاب الله له ونجّاه من الحوت .
وأما قتل موسى (ع) للقبطي فلم يكن عن عمد ولم يرده وإنّما اجتاز فاستغاث به رجل من شيعته على رجل من عدوه بغى عليه وظلمه وقصد الى قتله ، فأراد موسى (ع) ان يخلصه من يده ويدفع عنه مكروهه فأدى ذلك الى القتل من غير قصد اليه ، وكلّ ألم يقع على سبيل المدافعة للظالم من غير ان يكون مقصوداً فهو حسن غير قبيح ولا يستحق عليه العوض به ، ولا فرق بين ان تكون المدافعة من الإنسان عن نفسه وبين ان يكون عن غيره في هذا الباب والشرط في الأمرين ان يكون الضرر غير مقصود ، وأن القصد كلّه الى دفع المكروه والمنع من وقوع الضرر فإن ادى ذلك الى ضرر فهو غير قبيح .
وفّق الله الجميع للخير والصلاح



السؤال: مسألة خروج آدم(عليه السلام) من الجنة
بسم الله الرحمن الرحيم
إنني من المعتقدين بعصمة الأنبياء عليهم السلام , ولكن المرء يجد في القرآن الكريم عدة آيات لا يجد لها تفسيراً واضحاً للرد على الشبهات , ومن بينها مسألة خروج آدم عليه السلام من الجنة , فإن كان غير مكلف في الجنة كما جاء في تفسيركم فالحال يشمل إبليس عليه اللعنة , إذ أنه خالف الله في مسألة السجود لآدم فلعنه الله .
أما في ما يخص اصطفاء آدم , فما هو تفسير الآية 32 فاطر = ثم أورثنا الكتاب وتذكر الآية : (( فمنهم ظالم لنفسه )) .
الجواب:

إن موضوع عصمة الأنبياء (ع) يعتمد على أدلة عقلية ونقلية ثابتة ومسلمة ـ كما ذكر في محله ـ , ومع النظر الى هذه الأدلة نعرف أنها لا تعتمد في إثباتها على أمثلة وشواهد , أي أنها مستقلة عنها , وبعبارة أخرى : لا يستفاد في إثبات أدلة العصمة من القياس التمثيلي .
وعليه , فلا ترد عليها ـ أي العصمة ـ نقوض من باب الموارد والأمثلة , بل وبحسب القواعد العلمية يجب تفسير تلك الموارد غير الواضحة على ضوء أدلة العصمة , فانه من تفسير وتوضيح المشكوك بالقطعي , وهذا مما يدل عليه الوجدان بالضرورة .
ومما ذكرنا يظهر وجه الدلالة على عصمة آدم (ع) , فيجب علينا أن نفسّر الأحداث والقضايا التي مرّت به (ع) بعد الفراغ والتسليم لعصمته , فلا معنى لورود النقض عليها , هذا أولاً .
وثانياً : عدم تكليف آدم (ع) في الجنة هو أحد الآراء في المسألة , وهناك أقوال أخرى , وعلى سبيل المثال يرى بعضهم أنّ النهي المتوجّه لآدم (ع) من قبل الله عزوجل كان نهياً إرشادياً لا مولوياً , ومعناه عدم صدور معصية منه (ع) في صورة ارتكابه للمنهي , بل مجرد تعرضه لبعض المتاعب والمصاعب تكويناً , وهذا ما قد حدث , فانه (ع) قد هبط إلى الأرض ومارس هو وولده الحياة الصعبة على وجهها إلى يوم القيامة بعدما كان قد تنعم في الجنة بدون تعب ومشقة .
وأما ابليس , فانه كان مكلفاً بالأوامر والنواهي التكليفية , كما يظهر من الأمر بالسجود المتوجّه إليه ومؤاخذته من قبل الله تبارك وتعالى على عدم انصياعه لذلك الأمر .
فبالنتيجة , كان ابليس في عالم التكليف , بخلاف آدم (ع) الذي لم يتوجّه اليه التكليف ـ عموماً أو في خصوص التناول من الشجرة المعينة ـ , أو كان الأمر المتوجه اليه ارشادياً , أو أنه (ع) كان قد ترك الأولى والأفضل .
وبالجملة , فصدور المعصية من إبليس أمر مسلم , لمخالفته الصريحة في مسألة السجود , لكن الذي صدر من آدم (ع) لم تكن مخالفة مولوية , بقرينة عدم مؤاخذته من قبل الله عزوجل . وأما بالنسبة لتفسير آية : (( ثم أورثنا الكتاب ... ))[فاطر:32]، فملخص القول فيه :
أولاً : إن الكتاب المذكور هو القرآن , بدليل أن الآية السابقة تصرّح بهذا المطلب (( والذي أوحينا إليك من الكتاب ... ))[فاطر:31]، فبدلالة السياق نعرف ان المقصود هو القرآن فاللام في (( الكتاب )) للعهد دون الجنس .
ثانياً : اصطفاء آدم (ع) ثابت بحسب النصّ القرآني : (( إن الله اصطفى آدم ونوح ...))[آل عمران:33] .
ثالثاً : هذا الاصطفاء كان بعد هبوط آدم (ع) وتوبته وجعله خليفة الله في الأرض , لا عند إسكانه في تلك الجنة المعينة أو عند أكله للشجرة الممنوعة .
رابعاً : الضمير في (( فمنهم ظالم ))[فاطر:32] فيه احتمالان :
1- أن يرجع إلى (( عبادنا )) باعتبار قاعدة رجوع الضمير الى الأقرب , وعليه فالمعنى يكون واضحاً بلا شك وريب , إذ لا يكون الظالم ـ حينئذ ـ مشمولاً للاصطفاء .
2- أن يرجع إلى (( الذين اصطفينا )) , ولا مانع منه وتصح هذه النسبة ـ نسبة الوراثة ـ إلى الكل مع قيام البعض بها حقيقةً , كما جاء في القرآن (( ... وأورثنا بني إسرائيل الكتاب ... )) [المؤمن: 54] , والحال نعلم أن المؤدين لحق الكتاب والقائمين بأمره آنذاك بعض بني اسرائيل لا جميعهم .
خامساً : كما ذكرنا في مقدمة الجواب فان ظلم آدم (ع) لنفسه لم يكن ظالماً تشريعياً , أي لم يخالف الله عزوجل في أمر تكليفي مولوي يستحق العقاب والمؤاخذة , بل ظلم نفسه بالقائها في المتاعب والمشاكل الدنيوية وإن استدركه بالتوبة والاستغفار والانابة .
سادساً : الظاهر من الآية المذكورة : (( ثم أورثنا الكتاب ... )) أنها بصدد تعريف المصطفين بعد النبي(ص) , بدلالة سبقها بآية: (( والذي أوحينا إليك من الكتاب ... )) , وبقرينة الروايات الواردة عن المعصومين (ع) , فلا تشمل المصطفين من الأمم السابقة , وإن سلمنا باصطفائهم بأدلة عقلية ونقلية أخرى .




السؤال: معنى قوله تعالى: (فعصى آدم ربه فغوى)
ما المقصود بالاية القرانية التالية:
(( فعصى ادم ربه فغوى ))
الجواب:

إن الأمر الإلهي الذي أمر به آدم بعدم الأكل من الشجرة لم يكن أمراً مولوياً بحيث لو خالفه لقدح ذلك الفعل بعصمة آدم (عليه السلام) , بل كان أمراً إرشادياً فإن التكاليف الدينية المولوية لم تكن مجعولة على آدم (ع) في الجنة بعد. (انظر تفسير الميزان ج1/ص145).
يقول صاحب الميزان حول هذه الآية: ( الغي خلاف الرشد الذي هو بمعنى إصابة الواقع وهو خلاف الضلال الذي هو الخروج من الطريق والهدى يقابلهما , ويكون بمعنى الإرشاد إذا قابل الغي كما في الآية التالية , وبمعنى إراءة الطريق أو الايصال على المطلوب بتركيب الطريق إذا قابل الضلال فليس من المرضي تفسير الغي في الآية بمعنى الضلال .
ومعصية آدم إنما هي معصية أمر إرشادي لا مولوي والإنبياء (عليهم السلام) معصومون من المعصية والمخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يوحى إليهم من جهة تلقيه فلا يخطئون ومن جهة حفظه فلا ينسون ولا يحرفون ومن جهة القائه إلى الناس وتبليغه لهم قولا فلا يقولون الإ الحق الذي أوحي اليهم وفعلا فلا يخالف فعلهم قولهم ولايقترفون معصية صغيرة ولا كبيرة لان في الفعل تبليغا كالقول .
وأما المعصية بمعنى مخالفة الأمر الإرشادي الذي لا داعي فيه الإ إحراز المأمور خيراً أو منفعة من خيرات حياته ومنافعها بانتخاب الطريق الأصلح كما يأمر وينهى المشير الناصح نصحا فاطاعته ومعصيته خارجا ن من مجرى أدلة العصمة , وهو ظاهر .) (انظر تفسير الميزان ,ج 14 / ص222).


تعليق على الجواب (1)
تقولون بأن معصية آدم هي معصية أمر إرشادي لا مولوي.
أوّلاً: من قال بهذا التقسيم في المعاصي! هل ورد في كتاب الله أو قاله رسوله؟
ثانياً: ما معنى أمر مولوي؟
ثالثاً: إذا أخذت عنكم أنّ أدم وهو النبيّ المعصوم عندكم عصى ربّه في أمر إرشادي وهذا ممكن حسب كلامكم، فالعقل يقول بأن هذا النوع من المعصية يمكن أن يقترفه أي معصوم آخر سواء أكان الرسول أو الأئمة الاثنا عشر؛ أليس كذلك؟!
رابعاً: أنتم تعملون العقل في أمور العقيدة وهذا أمر رائع، ولكن العقل لا يقبل أن نبدأ بفرض نعتبره وحدنا صحيحاً حتماً لنصل إلى نتيجة يعتبرها الجميع صحيحة.. فهذا لن يوصل إلاّ إلى نتيجة محدّدة سلفاً ولن يقبل بصحتها إلاّ من أقر بصحة الفرض الذي تم تحديده منذ البداية.. ممّا يعني تعطيل العقل بطريقة ما، أو على الأقل توجيهه في اتجاه محدّد سلفاً.. وهذا المنهج لا يوصل إلى الحقيقة.
العقل يقبل أن يكون هناك خالق معصوم وخلق غير معصومين، بدليل أنّ هذا الفرض تقبله كلّ الفرق الإسلامية.. أما أن تضعوا العصمة كشرط لقبول سلامة أي رواية، فهذا ليس ضمن نطاق العقل بل ضمن نطاق الإيمان.
الجواب:

أوّلاً وثانياً: حتى يتضح لك المقصود بالأمر الإرشادي والأمر المولوي، ننقل لك ما ذكره السيد محمد حسين الطباطبائي في (تفسير الميزان):
((ومعصية آدم ربّه إنّما هي معصية أمر إرشادي لا مولوي، والأنبياء(عليهم السلام) معصومون من المعصية والمخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يوحي إليهم من جهة تلقيه فلا يخطؤون، ومن جهة حفظه فلا ينسون ولا يحرفون، ومن جهة إلقائه إلى الناس وتبليغه لهم قولاً، فلا يقولون إلا الحقّ الذي أوحي إليهم، وفعلاً فلا يخالف فعلهم قولهم، ولا يقترفون معصية صغيرة ولا كبيرة، لأن في الفعل تبليغاً كالقول، وأما المعصية بمعنى مخالفة الأمر الإرشادي الذي لا داعي فيه إلا إحراز المأمور خيراً أو منفعة من خيرات حياته ومنافعها بانتخاب الطريق الأصلح، كما يأمر وينهى المشير الناصح نصحاً فإطاعته ومعصيته خارجتان من مجرى أدلّة العصمة وهو ظاهر.
وليكن هذا معنى قول القائل: إنّ الأنبياء(عليهم السلام) على عصمتهم يجوز لهم ترك الأولى، ومنه أكل آدم(عليه السلام) من الشجرة، والآية من معارك الآراء، وقد اختلفت فيها التفاسير على حسب اختلاف مذاهبهم في عصمته الأنبياء، وكلّ يجر النار إلى قرصته))(تفسير الميزان ج 14 - ص 222).
ثالثاً: لا ننكر الإمكان، لا سيّما بعد ثبوت أن مخالفة الأمر الإرشادي ليس ذنباً ولا معصية، كما ذكرناه في الفقرة أعلاه.
رابعاً: لسنا نصادر على المطلوب كما تدّعي، وليست العصمة فرضاً نفرضه، فقد دلّ عليها الدليل العقلي والدليل النقلي.


تعليق على الجواب (2)
انتم مخطؤون فيما تقررون في عصمة الانبياء وفيما تردون به على الاخ سامي :
خطاكم فيما تقررون :
1- ان عصمة الانبياء لها غاية (حفظ الرسالة وترغيب المرسل اليهم في القرب من الانبياء) وانتم فيما تقررون يبدوانكم لاتضعون هذا في الاعتبار؟
2- والا ما المانع في عدم عصمة الانبياء فيما لا يؤدي الى تحريف الرسالة ولا الى نفور المرسل اليهم من الانبياء .
3- انتم تتحدثون عن العصمة كما لو كانت الغاية منها رفع الانبياء الى مقام الله تعالى او مقام الملائكة ؟
4- والادهى من هذا انكم جعلتم الامام علي واحدى عشر من نسله معصومين بهذا المعنى المغالى فيه
5- فما الفائدة من عصمة الحكام (الائمة حسب تعبيركم) انهم ليسوا في حاجة لاللعصمة بمعناها الوسط ولابمعناها المغالى فيه فلاهم ينزل عليهم وحي يحتاجون من اجله العصمة ولالزوم لان ينجذب اليهم كل الناس المسلمين وغير المسلمين بل شرعية حكمهم تكفي فيها شورى المسلمين ورضاء جمهورهم ولايضر نفور بعضهم فما بالك بنفور الكافرين
اما الخطا في الرد على السائل:
1- فانتم رغم اجتهادكم في تقسيم الامر الى ارشادي ومولوي (لعلكم تقصدون به تشريعي) فاتكم ان مخالفة امر الله تعالى لاتجوز خاصة لمن كان في مرتبة النبوة .
2- فهل يعقل ان يرفض النبي ارشاد ربه وهو مطالب شرعا بان يعلم الناس صلاة الاستخارة .
3- ردكم على سامي خلاصته ان الانبياء يختارون لانفسهم عكس ما اختار الله لهم ولايعتبر ذلك معصية فهل هذا يستقيم ؟
4- والله تعالى يقول : ما كان لمؤمن ولامؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم
اذا ردودكم غير مقنعة وتقريركم منطلقه عقلي والمسالة شرعية لاعقلية فيجب الرجوع الى القران والسنة وفيهما كما يظهر من حياة الانبياء ان العصمة ليست تاليهية ولا املاكية بل العصمة لها غاية محددة لاتستعي المبالغة والغلو فيها وانتم مع كل الاسف لجاتم الى تاويل الايات مثل قوله تعالى وعصى ادم ربه فغوى تاويلا لالزوم اليه شرعا ولكن عقلا اجزتم لانفسم ذلك التاويل وقد سبق القول ان مرجع المسالة الى النقل وليس الى العقل والفلسفة
الجواب:

حتى لا يتشعب الكلام ويستعصي الفهم ويضيع الجواب، لابد لنا في البدء أن نسألكم عن منافيات العصمة ما هي؟ أي نطالبكم أن تذكروا لنا مصاديق خارجية يتبين بها المعصوم من غير المعصوم؟
وحتى نوفر عليكم الجهد نقول: إن كافة الاخطاء مهما كان نوعها منافية للعصمة، أعم من أن تكون تلك الاخطاء سلوكية عامة أو شرعية خاصة، ومن الامثلة على الاولى: الخطأ في الرأي والحكم، أو التصرف على منهج لا يجيزه العقلاء. ومن الامثلة على الثانية: الكذب والزنا والفحش وسائر المعاصي المعروفة. فكل هذه الأخطاء أو الخطايا قادحة في العصمة، فلو جاز على النبي أن يأتي ببعضها لانتفى الغرض من بعثته، لأنه قد بعث أصلا ليطاع بإذن الله، قال تعالى: (( وَمَا أَرسَلنَا مِن رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذنِ اللَّهِ )) (النساء:64)، فإذا اقترف بعض تلك الاخطاء فلا مورد لطاعته بل تجب مخالفته، وإلا لصار المكلف بتصديق النبي واتباعه مأموراً بفعل الخطأ والمعصية والله تعالى لا يأمر بذلك: (( قُل إِنَّ اللَّهَ لَا يَأمُرُ بِالفَحشَاءِ )) (الأعراف:28).
والأمر بطاعة الرسول مطلق، قال عز من قائل: (( قُل أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الكَافِرِينَ )) (آل عمران:32)، وقال: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوا عَنهُ وَأَنتُم تَسمَعُونَ )) (الأنفال:20)... ولذلك كان كل نبي أو رسول قدوة لقومه، فمن يقتدي يا ترى برسول يخطأ ويرتكب المعاصي؟
وأما دعوى أن العصمة لا تجوز إلا لله والملائكة فقول لا دليل عليه، مع أنا لا نسلم جعلكم رتبة الملائكة فوق رتبة الانبياء، بل الانبياء أفضل قطعاً، والادلة على افضليتهم كثيرة يسعك الرجوع إليها في مصادر الفريقين، ومن غير المعقول أن تثبت العصمة للملائكة دون الانبياء مع أن الانبياء افضل منهم.
وأما ربط العصمة بالغلو فمما يثير العجب، فالغلو هو نسبة الألوهية إلى المألوه المخلوق، فهل وجدتم في كلام الشيعة وفي احاديثهم ما يشير إلى أن الأئمة آلهة؟ بل كتبنا مشحونة بأحاديث تثبت عبوديتهم وتذللهم للخالق العظيم، خذ على سبيل المثال ما ورد في بعض ادعية الصحيفة السجادية حينما يقول الإمام زين العابدين: (إلهي أنا ذرة فما دونها)، او ما ورد في زيارات الأئمة الطاهرين التي هي دروس لا مثيل لها في تبيان عبوديتهم لله تبارك وتعالى. ولو كان من يقول بعصمة غير الله تعالى مغالياً لكنتم أول المغالين، لأنكم تقولون بعصمة الملائكة، مع أنهم عليهم السلام عباد كسائر عباد الله عز وجل.



السؤال: لا تنافي بين قوله تعالى: ( همت به وهم بها ) والعصمة
بعد الدعاء لكم بطول العمر والتوفيق والتسديد لكل خير وصلاح نرجو التكرم بالجواب على السؤال التالي :
قال أحد المفسرين عند تفسيره لقوله تعالى : (( وهم بها )) : ( وهكذا نتصور موقف يوسف ، فقد أحس بالإنجذاب في إحساس لا شعوري وهمّ بها استجابة لذلك الإحساس كما همّت به ولكنه توقف وتراجع ) ، علما أنه في مكان آخر يقول أن همّ يوسف هذا الذي كان نتيجة الانجذاب اللا شعوري هو أيضا لا شعوري بل طبعي وأن قصد المعصية من يوسف لم يحصل .
فما رأيكم بقوله هذا ، هل يتنافى مع عصمة الأنبياء عليهم السلام حسب رأي الشيعة في العصمة أم لا ؟ وإن كان جوابكم بأنه مناف لها ، فالرجاء بيان وجه المنافاة .
الجواب:

إنّ ما نقلتموه في تفسير تلك الآية لا يتوافق مع العقيدة الصحيحة في شأن الأنبياء (عليهم السلام) ولمزيد من التوضيح نذكر روؤساً للنقاط الهامّة في هذا المجال :
أوّلاً : إنّ عصمة الأنبياء (عليهم السلام) مسألة ثابتة بالأدلة العقليّة والنقليّة ـ كما ذكر في محلّه ـ ، وعليه فالانجذاب نحو المعصية ـ حتى ولو كان عن غير شعور ـ يتنافى مع مقام العصمة لأنّ العصمة هي الابتعاد عن المعصية والهمّ بها .
ثانياً : إنّ قول ذلك القائل يتعارض مع روايات أهل البيت (عليهم السلام) في هذا المجال ، ففي أكثرها إنّ متعلق الهمّ يختلف عند يوسف (عليه السلام) وامرأة العزيز ، إذ أنّ امرأة العزيز همّت بفعل الفاحشة ولكن يوسف (عليه السلام) همّ بعدم فعلها أو أنّ يوسف (عليه السلام) همّ بضربها أو قتلها إن أجبرته على ذلك .
ثالثاً : على فرض عدم قبول هذه الروايات ـ سنداً أو دلالةً ـ فالآية بظاهرها كافية في ردّ كلام القائل فإنّ (( لولا )) ملحقة بأدوات الشرط وتحتاج إلى جزاء ، فجملة (( همّ بها )) تكون جزاءاً مقدّماً عليها .
وأمّا على تقدير كلام ذلك القائل ، فاللازم أن تكون الجملة هكذا (( فلولا )) أو (( ثمّ لولا )) أي السياق حينئذ يقتضي أن يؤتى بعبارة فصليّة لا وصليّة .



السؤال: يوسف (عليه السلام) همّ بالضرب لا بالفحشاء

رجاء اعطاء تفسير أو توضيح للآية رقم 24 من سورة يوسف في القرآن الكريم من نظرة شيعية وكيف نقدر قبولها مع قبول عصمة الانبياء.
الجواب:

أنت تعلم أن الذين فسّروا ((الهم)) في الآية الكريمة قد اختلفوا في معناها ، إلاّ أن الإمامية قد امتازت بتفسير يحفظ معه عصمة يوسف (ع) ويناسب مقامه ومنزلته عند الله تعالى .
إذ امتداح الله تعالى ليوسف(ع) لا يكون إلاّ بسبب حالة استثنائية تحدث عند الرجال بسبب مدافعة الشهوة وغلبة الهوى حين تكون الأسباب قد أتيحت لهم ، ومثل يوسف(ع) ذلك الفتى الذي مهّدت له حياته وهو بين ظهراني الملكة الفتاة الحسناء الفاتية التي حرصت أن تقترب إلى يوسف(ع) بكل وسيلة فلم تجد منه مطاوعة ولن تحصل على شيء يكون سبباً لمجاذبته طوعاً ، حتى هامت به (( فشغفها حباً )) وهي حالة وصفها القرآن الكريم إن امرأة العزيز قد هامت بيوسف(ع) فلم تجد لذلك سبيلا (( فغلقت الأبواب وقالت هيت لك )) وهي آخر مرحلة تصل بها امرأة العزيز مع يوسف(ع) فراودته ودافعته فلم تجد منه إلاّ تمنعاً واستجارةً بالله العزيز واستعاذة به (( قال معاذ الله )) أي أنه لا يخاف إلاّ الله ولا يخشى إلاّ الله ، ولم يقل إني أخشى الملك أو إني لم أخن الملك أو إني نبي الله ، بل استعصم بالله والتجأ إليه وهان كل شيء لديه من أجل طاعته وعدم معصيته، فما بالنا نقول بعد ذلك أنه هم بها كما همت به ، أليس هذا ظلم لمقامه المقدّس وتجاهلٌ لموقفه الشجاع وتغافل عن مدح الله وثنائه (( ولنصرف عنه السوء والفحشاء )) فكيف بمن يريد أن يرتكب الموبقة ويجتري المعصية تجد أن الله يمتدحه فيصرف عنه السوء والفحشاء ؟!
وقوله تعالى: ((إنه من عبادنا المخلصين)) ، أي قد أخلص في عبوديته وأخلص في طاعته فلم تنازعه شهوة ولم يغلبه هوى .
إذن (( فهمّت به )) أي همّت بالفاحشة وهو ما يناسبها ، و ((همّ بها)) بالخلاص منها بأي وسيلة كأن يكون ضربها وهو ما يناسبه ، أي لم تكن هناك مقابلة بين الهمّين فكلّ بحسبه ، وهذا شبيه قولك أن زيداً الفاسق يحي الليل ، وعمرو العابد يحي الليل ، ولم تحدد صفة إحيائهما ، فمن غير المعقول أن ينصرف ذهنك إلى أن زيد الفاسق يحي الليل بالطرب واللهو وعمرو العابد مثله ، بل لابد أن تقول وعمرو العابد يحي الليل بالعبادة لمناسبة مقام كل منهما ، وهكذا هي في قصة يوسف (عليه السلام).
وهذا ما أشار إليه الإمام الرضا (عليه السلام) في حديث طويل قال : (وأما قوله في يوسف (عليه السلام) (( ولقد همت به وهم بها )) فإنها همت بالمعصية ، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما تداخله ...)(عيون الأخبار 1/154) .
وقول الصادق (عليه السلام) في حديث إلى أن قال : ( ألم ينسبوا يوسف (عليه السلام) إلى أنه هم بالزنا ؟!).
هذا وقوله تعالى : (( لولا أن رأى برهان ربه )) أنه (عليه السلام) أوحي إليه أنه إن هو ضربها تذرعت هي بأنه أراد منها الفحشاء ولذا ضربني لامتناعي عنه ، أي أرشده الله تعالى إلى أن لا يضربها لئلا تتوسل إلى الملك بتهمة يوسف (عليه السلام).



السؤال: المراد في قوله تعالى (ليغفر الله لك...)
استمعت إلى خطيب المنبر وهو يتلو الآية (( إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر... ))
وقال إن معنى الذنوب هي ما اعتقدته قريش بأنه أذنب في حقها ( اي ذنوب إجتماعية) فهل ما ذهب إليه صحيح؟
أفيدونا
الجواب:

قال العلاّمة الطباطبائي في تفسيره (الميزان 18: 251): ((المراد بالذنب ـ والله اعلم ـ التبعة السيئة التي لدعوته (صلى الله عليه وآله وسلم) عند الكفار والمشركين وهو ذنب لهم عليه كما في قول موسى لربه: (( ولهم عليَّ ذنب فأخاف ان يقتلون ))( الشعراء: 14)، وما تقدم من ذنبه هو ما كان منه (صلى الله عليه وآله) بمكة قبل الهجرة، وما تأخر من ذنبه هو ما كان منه بعد الهجرة، ومغفرته تعالى لذنبه هي ستره عليه بإبطال تبعته بإذهاب شوكتهم وهدم بنيتهم، ويؤيد ذلك ما يتلوه من قوله: ((ويتم نعمته عليك ـ إلى أن قال ـ وينصرك الله نصراً عزيزا)ً).
ثم قال الطباطبائي: للمفسرين في الآية مذاهب مختلفة أخر:
فمن ذلك: أن المراد بذنبه (ص) ما صدر عنه من المعصية ، والمراد بما تقدم منه وما تأخر ما صدر عنه قبل النبوة وبعدها، وقيل: ما صدر قبل الفتح وما صدر بعده.
وفيه أنه مبني على جواز صدور المعصية عن الانبياء (عليهم السلام) وهو خلاف ما يقطع به الكتاب والسنة والعقل من عصمتهم (عليهم السلام) على أن إشكال عدم الارتباط بين الفتح والمغفرة على حاله.
ومن ذلك: أن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر مغفرة ما وقع من معصيته وما لم يقع بمعنى الوعد بمغفرة ما سيقع منه إذا وقع لئلا يرد الإشكال بأن مغفرة ما لم يتحقق من المعصية لا معنى له. وفيه مضافاً إلى ورود ما ورد على سابقة عليه أن مغفرة ما سيقع من المعصية قبل وقوعه تلازم ارتفاع التكاليف عنه(ص) عامة، ويدفعه نص كلامه تعالى في آيات كثيرة كقوله تعالى: (( إنَّا أَنزَلنَا إلَيكَ الكتَابَ بالحَقّ فاعبد اللَّهَ مخلصاً لَه الدّينَ )) (الزمر:2)، وقوله: (( وَأمرت لأَن أَكونَ أَوَّلَ المسلمينَ )) (الزمر:12)، إلى غير ذلك من الآيات التي تأبى بسياقها التخصيص.
على أن من الذنوب والمعاصي مثل الشرك بالله وافتراء الكذب على الله والاستهزاء بآيات الله والإفساد في الأرض وهتك المحارم، وإطلاق مغفرة الذنوب يشملها ولا معنى لأن يبعث الله عبداً من عبادة فيأمره أن يقيم دينه على ساق ويصلح به الأرض فإذا فتح له ونصره وأظهره على ما يريد يجيز له مخالفة ما أمره وهدم ما بناه وإفساد ما أصلحه بمغفرة كل مخالفة ومعصية منه والعفو عن كل ما تقوله وافتراه على الله، وفعله تبليغ كقوله، وقد قال تعالى: (( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعضَ الأَقَاويل * لَأَخَذنَا منه باليَمين * ثمَّ لَقَطَعنَا منه الوَتينَ )) (الحاقة:44-46).
ومن ذلك: قول بعضهم إن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه مغفرة ما تقدم من ذنب أبويه آدم وحواء (عليهما السلام ) ببركته (ص) والمراد بمغفرة ما تأخر منه مغفرة ذنوب أمته بدعائه.
وفيه ورود ما ورد على ما تقدم عليه.
ومن ذلك: أن الكلام في معنى التقدير وإن كان في سياق التحقيق والمعنى: ليغفر لك الله قديم ذنبك وحديثه لو كان لك ذنب.
وفيه أنه أخذ بخلاف الظاهر من غير دليل.
ومن ذلك: أن القول خارج مخرج التعظيم وحسن الخطاب والمعنى: غفر الله لك كما في قوله تعال: (( عََفا اللَّه عَنكَ لمَ أَذنتَ لَهم )) (التوبة:43).
وفيه أن العادة جرت في هذا النوع من الخطاب أن يورد بلفظ الدعاء كما قيل.
ومن ذلك: ان المراد بالذنب في حقه (ص) ترك الأولى وهو مخالفة الأوامر الإرشادية دون التمرد عن امتثال التكاليف المولوية، والأنبياء على ما هم عليه من درجات القرب يؤاخذون على ترك ما هو أولى كما يؤاخذ غيرهم على المعاصي المعروفة كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
ومن ذلك: ما ارتضاه جمع من أصحابنا من أن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر مغفرة ما تقدم من ذنوب أمته وما تأخر منها بشفاعة (ص)، ولا ضير في إضافة ذنوب أمته (ص) اليه للإتصال والسبب بينه وبين أمته.
وهذا الوجه والوجه السابق عليه سليمان عن عامة الإشكالات لكن إشكال عدم الأرتباط بين الفتح والمغفرة على حاله.
ومن ذلك: ما عن علم الهدى رحمه الله أن الذنب مصدر، والمصدر يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول معاً فيكون هنا مضافاً إلى المفعول، والمراد ما تقدم من ذنبهم اليك في منعهم إياك من مكة وصدّهم لك عن المسجد الحرام، ويكون معنى المغفرة على هذا الإزالة والنسخ لأحكام أعدائه من المشركين أي يزيل الله تعالى ذلك عنك ويستر عليك تلك الوصمة بما يفتح لك من مكة فتدخلها فيما بعد.
وهذا الوجه قريب المأخذ مما قدمناه من الوجه، ولا بأس به لو لم يكن فيه بعض المخالفة لظاهرة الآية)). (انتهى)



السؤال: شرح الرواية الواردة عن نبي الله دانيال (عليه السلام)
ورد عن وهابي في احد المنتديات الكلام التالي:
الإمام معصوم أما النبي فلا
عن أبي جعفر قال: " إن الله عز وجل أوحى إلى داود عليه السلام أن ائت عبدي دانيال فقل له: إنك عصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك...
فلما كان في السحر قام دانيال فناجى ربه فقال: فوعزتك لئن لم تعصمني لأعصينك ثم لأعصينك ثم لأعصينك"
(الكافي 2/316 كتاب الإيمان والكفر باب التوبة).
هذه الرواية فيها التصريح بأن دانيال عصى الله عدة مرات. وهذا يتناقض مع عقيدة الشيعة بعصمة الأنبياء والأئمة. وهذه واحدة من الروايات التي تطعن في الأنبياء وربما كانت أحد أدلة الشيعة في تفضيل الإمام على النبي. إذ كيف يقبل الشيعة هذه الرواية التي تزعم أن نبيا من أنبياء الله يخاطب الله بهذه الجرأة قائلا لأعصينك يا رب ثم لأعصينك ثم لأعصينك…!!!

الجواب:


الثابت عند الإمامية ـ أعزّهم الله ـ الاعتقاد بعصمة الانبياء (عليهم السلام) وتنزيههم عن الكبائر والصغائر وما يخل بمروءتهم (عليهم السلام)، وهذه العقيدة يمكن مراجعتها في كل الكتب التي تناولت عقائد الإمامية وتطرقت إلى عصمة الأنبياء(ع).
والرواية الوارده في (الكافي) بحق نبي الله دانيال (ع) فهي تحمل كما يحمل معنى قوله تعالى: (( وَعَصَى آدَم رَبَّه فَغَوَى )) (طه: 121)، على ترك الأولى بعد الثبوت القطعي لعصمة الأنبياء (عليهم السلام).
وأما قول نبي الله دانيال(ع): (( فوعزتك لئن لم تعصمني لأعصينك..)).
فهو أقر بالتقصير واعترف بالعجز عن مقاومة النفس وكمال الانقطاع إلى الرغبة في العون والمد الإلهي في ان لا يكفله الله إلى نفسه طرفة عين أبداً ، لأنه سيعصيه عندئذ لا محالة، فهو ـ وكأن هذا هو لسان حال دانيال ـ ان لم يرحمه الله ويعصمه من الزلل فهو واقع في المعصية لا محالة، وهذا اللسان هو نفسه أو قريب منه الذي تكلم به نبي الله يوسف ـ كما يحكي ذلك القرآن الكريم عنه ـ حين قال: (( وَإلَّا تَصرف عَنّي كَيدَهنَّ أَصب إلَيهنَّ وَأَكن منَ الجَاهلينَ )) (يوسف:33) .



السؤال: قول ( يا محسن قد اتاك المسيء ) هل يقدح في العصمة ؟
لقد سمعت أن الإمام الحسن (ع) كان يقف عند باب المسجد ويقول (( يا محسن قد أتاك المسيء... ))
ماذا كان يقصد الإمام الحسن (ع) بهذا القول؟
وهو ردكم على الذي يقول أن الحسن (ع) ليس معصوم لأنه كان يقول (( قد أتاك المسيء )) ؟...
الجواب:

ليس الإساءة المذكورة هنا في كلام المعصومين هي الإساءة القادحة بالعصمة، بل هي قد تكون لحظة من لحظات القلوب التي يكون التوجه فيها إلى المراتب العليا متأخراً وهذه تعد في نظر أولئك الواصلين إساءة وذنب تحتاج إلى الاستغفار فالإساءة المذكورة شيء اعم من الذنوب القادحة في العصمة وقد يكون الإمام ينزل نفسه منزلة المسيء تدللاً لله تعالى وطلباً للمزيد من الرحمة.
ثم إنه لو قيل ان الإساءة المراد بها الذنب لا كما ذكرنا فنقول ان أدلة العصمة قطعية عندنا وثابته لجميع الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) ولو ورد ما ينافي هذا الدليل القطعي لابد من تأويله بما ينسجم مع العصمة ذات الدليل القطعي ونأول كل النصوص الواردة في الأنبياء والأئمة بالتي يكون ظاهرها مخالفاً للعصمة.



السؤال: النسيان الوارد عن الأنبياء في القرآن هل ينافي العصمة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
واللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين
سلام عليكم, قال جل و علا:
(( ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ))
(( قال ارايت اذ اوينا الى الصخرة فاني نسيت الحوت وما انسانيه الا الشيطان ان اذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا ))
1- ما معنى نسيان الأنبيآء عليهم السلام و كيف نوجه ذلك مع إعتقادنا الجازم بعصمتهم سلام الله عليهم, كيف تكون النسيان لهم جائزا و نحن نعتقد أن الأنبياء والرُسل والأئمة معصومون من الخطأ والنسيان من ولادتهم حتى مماتهم.
2- كيف يؤثر الشيطان على المعصوم عليه السلام فينسيه؟ فإن هذه الشبهة قدأثارها الوهابية أخزاهم الله تعالى, و قد سببت في زلزلة بعض شبابنا القليلي المعرفة, بعقيدتهم في عصمة الأنبيآء و الأئمة عليهم السلام, و نحن العوام لا بضاعة علمية قوية لنا في رد شبهتهم هذه بجواب مسكت.
فإن أجبناهم بأن المعنى النسيان عند الأنبيآء كما هو في قوله تعالى: (( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومنا هذا... )).
قالوا لنا حينئذ بأن ليس المراد به النسيان الحقيقي.. فالمقصود به: ( نعاملهم معاملة المنسي في النار فلا نجيب لهم دعوة ولا نرحم لهم عبرة ).
ومما يؤكد ذلك قوله تعالى: (( قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى )).
وقوله تعالى: (( لا تأخذه سنة ولا نوم )).
أما قول موسى (( لا تؤاخذني بما نسيت )) .. فهو نسيان حقيقي
أرجوا أن يكون الجواب قويما و مسكتا و مفصلا
وشكرا
الجواب:

1- إختلف المفسرون في بيان المراد من (النسيان) الوارد في حق الأنبياء (عليهم السلام) في القرآن الكريم، هل هو المعنى المعهود أي الغفلة وعدم التذكر،أم أريد به الترك من دون غفلة، من جهة أن عدم الاعتناء بالشيء يكون بمنزلة الغفلة، وهذا له شبيه كما في قوله تعالى: (( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم )) (التوبة:67) ، فالإهمال أحد المعاني الذي تستعمل فيه كلمة النسيان.
ولئن كان الظهور الأولي هو لصالح القول بأن المقصود به الغفلة ما لم تقم القرينة على الخلاف فإن سياق الآيات يشكل قرينة على أن المراد الإهمال.
وبهذا المعنى فسر ابن جرير الطبري قوله تعالى: (( وَلَقَد عَهِدنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ وَلَم نَجِد لَهُ عَزماً )) (طـه:115).
قال: ((إن النسيان على وجهين: أحدهما على وجه التضييع من العبد والتفريط ، والآخر على عجز الناسي عن حفظ ما استحفظ ووكل به وضعف عقله عن احتماله.
فأما الذي يكون من العبد على وجه التضييع منه والتفريط ، فهو ترك منه لما أمر بفعله، فذلك الذي يرغب العبد إلى الله عز وجل في تركه وعدم مؤاخذته به.
وهو النسيان الذي عاقب الله عز وجل به آدم صلوات الله، فأخرجه من الجنة، فقال في ذلك: (( وَلَقَد عَهِدنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ وَلَم نَجِد لَهُ عَزماً )) .
وهو النسيان الذي قال جلَّ ثناؤه: (( فَاليَومَ نَنسَاهُم كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَومِهِم هَذَا )) (الأعراف:51). (جامع البيان3: 211).
وبهذا المعنى أيضاً فسر القرطبي الآية الكريمة، وقال: ((قوله تعالى: (( وَلَقَد عَهِدنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ )).
قرأ الأعمش باختلاف عنه ((فنسي))، بإسكان الياء، وله معنيان: أحدهما: ترك، أي ترك الأمر والعهد وهذا قول مجاهد وأكثر المفسرين،ومنه: (( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم )) )) (تفسير القرطبي).
ومن الامامية المرتضى والطوسي والطبرسي وكذلك غيرهم ممن فسر النسيان في الآية الكريمة بالترك ، أنظر الأمالي للمرتضى 4: 44، والبيان 7/ 213، ومجمع البيان 7: 60.
فهنا كما ترى قد أتفق علماء السنة والشيعة ومفسرييهم في بيان المراد من هذهِ الآية الكريمة.
وأما قوله تعالى في حق فتى موسى (عليه السلام): (( وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيطَانُ أَن أَذكُرَهُ )) (الكهف:63)،قال السيد الطباطبائي في الميزان: ( قوله تعالى: (( وما أنسانيه الإّ الشيطان أن أذكره )) فإن (( أَن أَذكُرَهُ )) بدل من ضمير (( أَنسَانِيهُ )) ، والتقدير: وما أنساني ذكر الحوت لك إلا الشيطان فهو لم ينس نفس الحوت، وإنما نسي أن يذكر حاله التي شاهد منه لموسى. ولا ضير في نسبة الفتى نسيانه إلى تصرف الشيطان بناءً على أنه كان يوشع بن نون النبي والأنبياء في عصمة إلهية من الشيطان لأنهم معصومون، مما يرجع إلى المعصية، وأما مطلق إيذاء الشيطان فيما لا يرجع إلى معصية فلا دليل يمنعه، قال تعالى: (( وَاذكُر عَبدَنَا أَيُّوبَ إِذ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيطَانُ بِنُصبٍ وَعَذَابٍ )) (ص:41))، (الميزان في تفسير القرآن 13: 341).
وهكذا بقية الموارد التي يمكن تفسيرها بلحاظ السياق الذي وردت فيه وهي لا تدل على النسيان المعهود الذي يعني الغفلة أو عدم التذكر، وإن أفاد ذلك فهو غير المورد التي تؤدي إلى المعصية كما في قصة يوشع بن نون.
وأيضاً أن شاء المعاند أن يحمل هذه الألفاظ على معنى واحد فأرد هو إرادة النسيان بمعنى الغفلة وعدم التذكر فجوابه: لقد ثبت بالدليل العقلي القطعي أن الأنبياء معصومون فعندها لا محيص من تأويل كل ما ورد من دليل نقلي يخالف هذا القطع العقلي وإلا هل يستطيع هؤلاء المتفلسفون أن يقولوا بأن قوله تعالى: (( الرَّحمَنُ عَلَى العَرشِ استَوَى )) (طـه:5). المراد منه الانبساط والجلوس حقيقة فيكون كلامهم نص في عقيدة التشبيه والتجسيم بعد ثبوت الدليل العقلي القطعي والنقلي بعدم صحّة التشبيه والتجسيم في حقّه سبحانه؟!!

تعليق على الجواب (1)
طيب اخواني كيف نطبق بين قوله تعالى (( وماينطق عن الهوى ان هوى الا وحي ٌ يوحى )) وآيات النسيان
لان الملاحظ من آيات النسيان تذكر ان النبي ينسى وهنا تقول ان النبي لاينطق عن الهوى والنطق هو ابسط الحالات فكيف بالحركات كالصلاة وغيرها
ومالمقصود بالنسيان في هذه الآيات للأنبياء, فكيف لنبي ان يبلغ رسالته وهو ينسى ويسهى او ينسى صلاته.. وهو القدوة, لان لربما البعض سيحمل هذا السهو في حياة النبي ربما من المشركين او المنافقين بعدم الاقتداء بالنبي لانه يسهو, فما قولكم
الجواب:

يمكن التوفيق بين الآية الكريمة (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى )) (النجم:3) ولآيات التي ورد فيها نسبة النسيان إلى بعض الأنبياء بالرغم من كونهم معصومين من النسيان بل عما هو أخف منه وطئة كالسهو..
وذلك بأن نقول: أن آيات النسيان المذكورة محمولة على معنى الترك الذي لا يتعارض مع عصمة الأنبياء, وقد جاء في القرآن الكريم في مواضع متعددة التعبير عن الترك بالنسيان كقوله عز وجل: (( نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُم )) (التوبة:67) وقوله عز وجل (( فَاليَومَ نَنسَاهُم كَمَا نَسُوا لِقَاء يَومِهِم هَذَا )) (الاعراف:51).. فالآيات الكريمة عبرت بالنسيان مع أن المقصود هو الترك والإهمال جزاءًَ على إنهماك العصاة بإقتراف المعاصي وترك طاعة الله عز وجل.


تعقيب على الجواب (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد و العن أعدآئهم أجمعين
قال الله تعالى :
(( فَلَمَّا بَلَغَا مَجمَعَ بَينِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحرِ سَرَبًا ))
قد نُسب النسيان في هذه الآية الكريمة إلى الإثنين, فقالت الآية " نسيا " بضمير مثنى, والحال أن أحدهما أي الفتى كان المسؤول عن السمك, فإذا كان المقصود من النسي هو الغفلة لكان يتعين القول بان الناسي هو شخص واحد الذي هو المسؤول عن السمك, ولكن إن كان المقصود من النسي هو الترك, فكلاهما كان قد ترك السمك, فبهذا التحليل يتعين أن المراد من النسيان هو الترك وليس الغفلة, إشارة لطيفة أحببت إضافتها علها تكون مفيدة, وفقكم الله لكل خير
وأسألكم خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها
يا علي


يتبع

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.37 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2019 الساعة : 12:20 AM


السؤال: تفسير قوله تعالى (عفا الله عنك لم أذنت لهم)

قوله تعالى (( عفا الله عنك لم اذنت لهم )) ..هل فيه ذنب مترتب على النبي ص واله
الجواب:

قال السيد الطباطبائي في (الميزان ج 9 - ص 285 – 288):
والآية كما ترى وتقدمت الإشارة إليه في مقام دعوى ظهور كذبهم ونفاقهم وانهم مفتضحون بأدنى امتحان يمتحنون به ومن مناسبات هذا المقام القاء العتاب إلى المخاطب وتوبيخه والانكار عليه كأنه هو الذي ستر عليهم فضائح أعمالهم وسوء سريرتهم وهو نوع من العناية الكلامية يتبين به ظهور الامر ووضوحه لا يراد أزيد من ذلك، فهو من اقسام البيان على طريق إياك أعني واسمعي يا جاره.
فالمراد بالكلام اظهار هذه الدعوى لا الكشف عن تقصير النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسوء تدبيره في احياء أمر الله وارتكابه بذلك ذنبا حاشاه، وأولوية عدم الإذن لهم معناها كون عدم الإذن انسب لظهور فضيحتهم وانهم أحق بذلك لما بهم من سوء السريرة وفساد النية لا لأنه كان أولى واحرى في نفسه وأقرب وأمس بمصلحة الدين.
والدليل على هذا الذي ذكرنا قوله تعالى بعد ثلاث آيات (( لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم.. )) إلى آخر الآيتين فقد كان الأصلح ان يؤذن لهم في التخلف ليصان الجمع من الخبال وفساد الرأي وتفرق الكلمة والمتعين ان يقعدوا فلا يفتنوا المؤمنين بالقاء الخلاف بينهم والتفتين فيهم وفيهم ضعفاء الايمان ومرضى القلوب وهم سماعون لهم يسرعون إلى المطاوعة لهم ولو لم يؤذن لهم فاظهروا الخلاف كانت الفتنة أشد والتفرق في كلمه الجماعة أوضح وأبين.
ويؤكد ذلك قوله تعالى بعد آيتين (( ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عده ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين )) فقد كان تخلفهم ونفاقهم ظاهرا لائحا من عدم اعدادهم العدة يتوسمه في وجوههم كل ذي لب ولا يخفى مثل ذلك على مثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد نبأه الله باخبارهم قبل نزول هذه السورة كراراً فكيف يصح ان يعاتب ههنا عتابا جدياً بأنه لم لم يكف عن الاذن ولم يستعلم حالهم حتى يتبين له نفاقهم ويميز المنافقين من المؤمنين فليس المراد بالعتاب الا ما ذكرناه.
ومما تقدم يظهر فساد قول من قال إن الآية تدل على صدور الذنب عنه (ص) لان العفو لا يتحقق من غير ذنب وان الاذن كان قبيحا منه (ص) ومن صغائر الذنوب لأنه لا يقال في المباح لم فعلته انتهى. وهذا من لعبهم بكلام الله سبحانه ولو اعترض معترض على ما يهجون به في مثل المقام الذي سيقت الآية فيه لم يرضوا بذلك وقد أوضحنا ان الآية مسوقة لغرض غير غرض الجد في العتاب. على أن قولهم ان المباح لا يقال فيه لم فعلت فاسد فان من الجائز إذا شوهد من رجح غير الأولى على الأولى ان يقال له لم فعلت ذلك ورجحته على ما هو أولى منه على انك قد عرفت ان الآية غير مسوقه لعتاب جدي. ونظيره ما ذكره بعض آخر حيث قال إن بعض المفسرين ولا سيما الزمخشري قد أساؤوا الأدب في التعبير عن عفو الله تعالى عن رسوله (ص) في هذه الآية وكان يجب ان يتعلموا أعلى الأدب معه (ص) إذ اخبره ربه ومؤدبه بالعفو قبل الذنب وهو منتهى التكريم واللطف. وبالغ آخرون كالرازي في الطرف الآخر فأرادوا ان يثبتوا ان العفو لا يدل على الذنب وغايته ان الاذن الذي عاتبه الله عليه هو خلاف الأولى. وهو جمود مع الاصطلاحات المحدثة والعرف الخاص في معنى الذنب وهو المعصية وما كان ينبغي لهم ان يهربوا من اثبات ما أثبته الله في كتابه تمسكا باصطلاحاتهم وعرفهم المخالف له والمدلول اللغة أيضا. فالذنب في اللغة كل عمل يستتبع ضررا أو فوت منفعه أو مصلحه، مأخوذ من ذنب الدابة وليس مرادفا للمعصية بل أعم منها والاذن المعفو عنه قد استتبع فوت المصلحة المنصوصة في الآية وهى تبين الذين صدقوا والعلم بالكاذبين وقد قال تعالى: (( انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر... )) (الفتح:2).
ثم ذكر في كلام له طويل ان ذلك كان اجتهادا منه ص فيما لا وحى فيه من الله وهو جائز وواقع من الأنبياء ع وليسوا بمعصومين من الخطاء فيه وانما العصمة المتفق عليها خاصه بتبليغ الوحي ببيانه والعمل به فيستحيل على الرسول ان يكذب أو يخطئ فيما يبلغه عن ربه أو يخالفه بالعمل.
ومنه ما تقدم في سوره الأنفال من عتابه تعالى لرسوله (ص) في اخذ الفدية من أسارى بدر حيث قال: (( ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة )) (الأنفال:67).
ثم بين انه كان مقتضيا لنزول عذاب اليم لولا كتاب من الله سبق فكان مانعا انتهى كلامه بنوع من التلخيص. وليث شعري ما الذي زاد في كلامه على ما تفصى به الرازي وغيره حيث ذكروا ان ذلك من ترك الأولى ولا يسمونه ذنبا في عرف المتشرعين وهو الذي يستتبع عقابا وذكر هو انه من ترك الأصلح وسماه ذنبا لغة. على انك قد عرفت فيما تقدم انه لم يكن ذنبا لا عرفا ولا لغة بدلاله ناصة من الآيات على أن عدم خروجهم كان هو الأصلح لحال جيش المسلمين لتخلصهم بذلك عن غائلة وقوع الفتنة واختلاف الكلمة وكانت هذه العلة بعينها موجوده لو لم يأذن لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وظهر منهم ما كانوا أبطنوه من الكفر والخلاف وان الذي ذكره الله بقوله ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عده ان عدم اعدادهم العدة كان يدل على عدم ارادتهم الخروج كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اجل من أن يخفى عليه ذلك وهم بمرئى منه ومسمع.
مضافا إلى أنه (ص) كان يعرفهم في لحن القول كما قال تعالى: (( ولتعرفنهم في لحن القول )) (محمد:30) وكيف يخفى على من سمع من أحدهم مثل قوله ائذن لي ولا تفتني أو يقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو اذن أو يلمزه في الصدقات ولا ينصح له صلى الله عليه وآله وسلم ان ذلك من طلائع النفاق يطلع منهم وما وراءه الا كفر وخلاف.
فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتوسم منهم النفاق والخلاف ويعلم بما في نفوسهم ومع ذلك فعتابه (ص) بأنه لم لم يكف عن الاذن ولم يستعلم حالهم ولم يميزهم من غيرهم ليس الا عتابا غير جدي للغرض الذي ذكرناه.
واما قوله ان الاذن المعفو عنه قد استتبع فوت المصلحة المنصوصة في الآية وهى تبين الذين صدقوا والعلم بالكاذبين ففيه ان الذي تشتمل عليه الآية من المصلحة هو تبين الذين صدقوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلمه هو بالكاذبين لا مطلق تبينهم ولا مطلق العلم بالكاذبين وقد ظهر مما تقدم انه ص لم يكن يخفى عليه ذلك وان حقيقة المصلحة انما كانت في الاذن وهى سد باب الفتنة و اختلاف الكلمة فإنه ص كان يعلم من حالهم انهم غير خارجين البتة سواء اذن لهم في القعود أم لم يأذن فبادر إلى الاذن حفظا على ظاهر الطاعة ووحده الكلمة.
وليس لك ان تتصور انه لو بان نفاقهم يومئذ وظهر خلافهم بعدم اذن النبي لهم بالقعود لتخلص الناس من تفتينهم والقائهم الخلاف لما في الاسلام يومئذ وهو يوم خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى غزوه تبوك من الشوكة والقوة وله (ص) من نفوذ الكلمة.
فان الاسلام يومئذ انما كان يملك القوة والمهابة في أعين الناس من غير المسلمين كانوا يرتاعون شوكته ويعظمون سواد أهله ويخافون حد سيوفهم واما المسلمون في داخل مجتمعهم وبين أنفسهم فلم يخلصوا بعد من النفاق ومرض القلوب ولم يستول عليهم بعد وحدة الكلمة وجد الهمة و العزيمة والدليل على ذلك نفس هذه الآيات وما يتلوها إلى آخر السورة تقريبا.
وقد كانوا تظاهروا بمثل ذلك يوم أحد وقد هجم عليهم العدو في عقر دارهم فرجع ثلث الجيش الاسلامي من المعركة ولم يؤثر فيهم عظه. ولا الحاح حتى قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم فكان ذلك أحد الأسباب العاملة في انهزام المسلمين.



السؤال: آية (لا تخف اني لا يخاف لدي المرسلون الإّ من ظلم....) لا تناقض العصمة

هل تتناقض الاية (( وَأَلقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدبِرًا وَلَم يُعَقِّب يَا مُوسَى لا تَخَف إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ المُرسَلُونَ )) و (( إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسنًا بَعدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) الايات 10 و 11 من سورة النمل مع العصمة؟

الجواب:

بعد ثبوت العصمة بدليل قطعي للأنبياء ( عليهم السلام ) جميعاً من جميع الكبائر والصغائر لا بد من تأويل كل النصوص التي ظاهرها يخالف العصمة بما ينسجم مع العصمة، والتفسير الذي يمكن أن يذكر كما عن ( صاحب الميزان ج15 ص 45 ): الذي ينبغي أن يقال والله أعلم، أن الآية (( إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ المُرسَلُونَ )) (النمل:10) لما أخبرت عن أن المرسلين آمنون لا يخافون، فَهِمَ منه أن غيرهم من أهل الظلم غير آمنين لهم أن يخافوا، استدرك الآية اللاحقة حال أهل التوبة من جملة أهل الظلم فبين أنهم لتوبتهم وتبديلهم ظلمهم - وهو السوء - حسنا بعد سوء مغفور لهم مرحومون فلا يخافون أيضاً.



السؤال: هل في رواية الجنة النازلة من السماء ما ينافي العصمة؟
فانطلقا حتى دخلا على فاطمة وهي في مصلاها قد قضت صلاتها وخلفها جفنة تفور دخانا, فلما سمعت كلام رسول الله صلى الله عليه وآله خرجت من مصلاها فسلمت عليه, وكانت أعز الناس عليه, فرد السلام ومسح بيديه على رأسها وقال لها: يا بنتاه كيف أمسيت رحمك الله ؟
قالت: بخير, قال: عشينا رحمك الله وقد فعل, فأخذت الجفنة فوضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي فلما نظر علي إلى الطعام وشم ريحه رمى فاطمة ببصره رميا شحيحا, قالت له فاطمة: سبحان الله ما أشح نظرك وأشده ! هل أذنبت فيما بيني وبينك ذنبا استوجبت منك السخط ؟
فقال: وأي ذنب أعظم من ذنب أصبته - ورد هذا في بحار الانوار...
فهل هو ينافي العصمه؟؟؟
الجواب:

إن الحديث ليس فيه أي دلالة على وقوع ما يخالف العصمة من فاطمة (عليه السلام)، وأما نظر علي (عليه السلام) وقوله لها ( عليه السلام) فأنه يجري مجرى الاستفهام والعتاب لإيجاد الجواب منها (عليها السلام) عن الموقفين في الصباح إذ لا طعام وفي العشاء إذ بجفنة تفور، ومن الواضح جداً أن مثل هذا الموقف ممّا يبعث على الاستفهام لدى كل لكل من يحدث له مثل ذلك.
والمؤيد لما قلنا هو أن رواية الجفنة قد وردت بعدة أشكال ليس في واحدة منها مثل هذه الألفاظ الموهمة, بل إن الاستفهام صريح فيها سواء من علي (عليه السلام) أو من رسول الله فقد ذكر صاحب (مدينة المعاجز) عدة روايات لحادثة الجفنة (1: 326) فراجعها.



السؤال: رواية النهي عن إيذاء الخطاف لا تقدح بالعصمة
اللهم صل على محمد وآل محمد
السؤال هل يمكن للمعصوم أن يرتكب المكروه مع أنه معصوم؟
إذا كان الجواب لا, فما نقول في الرواية التي رواها الكليني في الكافي الشريف ج6 - كتاب الصيد - باب الخطاف (علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قتل الخطاف أو إيذائهن في الحرم، فقال: لا يقتلن فإني كنت مع علي بن الحسين عليه السلام فرآني وأنا اوذيهن فقال لي: يا بني لا تقتلهن ولا تؤذهن فإنهن لا يؤذين شيئا.)
وسند الخبر صحيح ورجاله ثقات وحسَنه المجلسي رحمة الله عليه في المرآة
السؤال كيف يفعل الإمام الصادق المكروه؟

الجواب:

بشكل عام ترك المكروه لا يقدح في العصمة لأنه من ترك الأولى،وقلنا أن ترك الأولى لا يعد معصية ولا يقدح في العصمة.
نعم،ربما يقول بعضهم أن ترك الأولى لا يصدر من أئمتنا (عليهم السلام) فان كان دليله قطعياً فلابد من تأويل هذه الرواية أو عدم العمل بها لأنها تعارض ماهو قطعي، وإن لم يكن الدليل قطعياً فيقع التعارض ويقدم العمل بأحدهما إن كان هناك مرجحات.
والحصيلة أنه لا مشكلة في العصمة على كلا الرأيين فلا داعي لإطالة الكلام فيها من جهة العصمة. خاصة وإذا عرفنا أن ما فعله الإمام كان قبل البلوغ،وبالتالي قد يقال بأن تكليف الكراهة غير متوجه إليه فلا يبقى إلا ترك الأولى القبح الشرعي. فلاحظ.



السؤال: أفعال صدرت من الأنبياء لا تقدح بالعصمة
أرجوا منكم الرد على هذه الشبهة و شكراً
*************************
بسم الله الرحمن الرحيم
روايات تنفي العصمة عن الانبياء في كُتب الشيعة
هذه من ما جنته أيدي الشيعة في خير خلق الله بعد سيدنا محمد صلى الله عليه و على آله و صحبه أجمعين
و هذه راوايات جديدة في كُتبهم إخترت منها رواية عن سيدنا يعقوب عليه السلام و روايات أخرى عن سيدنا يوسف عليه السلام
قال يعقوب: أنت بلوتني بها عقوبة منك وأدبا لي, قال الله: فهل كان يقدر على صرفها عنك - بحار الانوار مجلد: 12 من ص 313 سطر 19 الى ص 321 سطر 18 أحد غيري? قال يعقوب: اللهم لا, قال: أفما استحييت مني حين شكوت مصائبك إلى غيري ولم تستغث بي وتشكو مابك إلي? ! فقال يعقوب: أستغفرك يا إلهي وأتوب إليك وأشكو بثي وحزني إليك, فقال لله تبارك وتعالى: قد بلغت بك يا يعقوب وبولدك الخاطئين الغاية في أدبي, ولو كنت يا يعقوب شكوت مصائبك إلي عند نزولها بك واستغفرت وتبت إلي من ذنبك لصرفتها عنك بعد تقديري إياها عليك, ولكن الشيطان أنساك ذكري فصرت إلى القنوط من رحمتي, وأنا الله الجواد الكريم, أحب عبادي المستغفرين التائبين الراغبين إلى فيما عندي ; يا يعقوب أناراد إليك يوسف وأخاه, ومعيد إليك ما ذهب من مالك ولحمك ودمك, وراد إليك بصرك, ويقوم لك ظهرك, فطب نفسا, وقر عينا, و إن الذي فعلته بك كان أدبا مني لك فاقبل أدبي.
عقوبة سيدنا يوسف لأنه إستغاث بغير الله و أمل من عبد خلقه الله و لم يأمل من الله (6)
12- فس: وقال: ولما أمر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه الله تأويل الرؤيا فكان يعبر لاهل السجن, فلما سألاه الفتيان الرؤيا وعبر لهما وقال للذي ظن أنه ناج منهما: اذكرني عند ربك ولم يفزع في تلك الحال إلى الله فأوحى الله إليه: من أراك الرؤيا التي رأيتها? قال يوسف: أنت يا رب, قال: فمن حببك إلى أبيك? قال: أنت يارب, قال: فمن وجه إليك السيارة التي رأيتها? قال: أنت يارب, قال: فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا? قال: أنت يارب, قال: فمن أنطق لسان الصبي بعذرك? قال: أنت يارب, قال: فمن ألهمك تأويل الرؤيا? قال: أنت يارب, قال: فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي? وأملت عبدا من عبيدي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي وفي قبضتي ولم تفزع إلي? البث في السجن بضع سنين.
ثم قال للذي ظن أنه ناج منهما: اذكرني عند ربك, قال: ولم يفزع يوسف في حاله إلى الله فيدعوه فلذلك قال الله: " أفانساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين " قال: فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك: يا يوسف من أراك الرؤيا التي رأيتها? قال: أنت يا ربي, قال: فمن حببك إلى أبيك? قال: أنت ياربي, قال: فمن وجه السيارة إليك? قال: أنت ياربي, قال: فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجب فرجا? قال: أنت يا ربي, قال: فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا? قال: أنت ياربي, قال: فمن أنطق لسان الصبي بعذرك? قال أنت ياربي, قال: فمن صرف عنك كيد امرأة العزيز والنسوة? قال: أنت ياربي, قال فمن ألهمك تأويل الرؤيا? قال: أنت ياربي, قال: فكيف استغثت بغيري ولم تستغث بي وتسألني أن اخرجك من السجن, واستغثت واملك عبدا من عبادي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي في قبضتي, ولم تفزع إلي? البث في السجن بذنبك بضع سنين بإرسالك عبدا إلى عبد, قال ابن أبي عمير: قال ابن أبي حمزة: فمكث في السجن عشرين سنة عقوبة الله جل و علا ليوسف عليه السلام كما تزعم كُتب الشيعة
4 ) 103 - شى: عن عبدالله بن عبدالرحمن, عمن ذكره عنه قال: لما قال للفتى: " اذكرني عند ربك " أتاه جبرئيل فضربه برجله حتى كشط له عن الارض السابعة, فقال له: يا يوسف انظر ماذا ترى, قال: أرى حجرا صغيرا, ففلق الحجر فقال: ماذا ترى? قال: أرى دودة
________________________________________

(1) هكذا في النسخ, والظاهر أن الصحيح: قال سماعة في قول الله.
(2-4) مخطوط.
م (*)
صغيرة, قال: فمن رازقها? قال: الله, قال: فإن ربك يقول: لم أنس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الارض السابعة, أظننت أني أنساك حتى تقول للفتى: اذكرني عند ربك? لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين, قال: فبكى يوسف عند ذلك حتى بكى لبكائه الحيطان, قال: فتأذى به أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوما ويسكت يوما, وكان في اليوم الذي يسكت أسوأ حالا.
حتى الأنبياء لم يسلموا من تهم لهم بالشرك فهاهم يدعون أنهم يُشركون في دعائهم مع اله أحداً آخر و شُركُ الدعاء شركٌ أكبرٌ مُخرجٌ من الملة
(2) أخبرنا الحسن بن علي, عن أبيه, عن إسماعيل بن عمر, (3) عن شعيب العقرقوفي (4) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن يوسف أتاه جبرئيل عليه السلام فقال له: يا يوسف إن رب العالمين يقرؤك السلام ويقول لك: من جعلك أحسن خلقه? قال: فصاح ووضع خده على الارض ثم قال: أنت يا رب, ثم قال له: ويقول لك: من حببك إلى أبيك دون إخوتك? قال: فصاح ووضع خده على الارض وقال: أنت يارب, قال: ويقول لك: من أخرجك من الجب بعد أن طرحت فيها وأيقنت بالهلكة? قال: فصاح ووضع خده على الارض ثم قال: أنت يارب, قال: فإن ربك قد جعل لك عقوبة في اسغاثتك (1) بغيره فالبث (2) في السجن بضع سنين, قال: فلما انقضت المدة وأذن الله له في دعاء الفرج وضع خده على الارض ثم قال: " اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فإني أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب " ففرج الله عنه, قلت: جعلت فداك أندعو نحن بهذا الدعاء? فقال: ادع بمثله: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فإني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم السلام.
عقوبة الله جل و علا ليوسف عليه السلام
2) بيان: العناق: المعانقة 59 - ع: ماجيلويه, عن محمد العطار, عن ابن أبان, عن ابن أورمة, عن ابن أبي عمير, عن هشام بن سالم, (3) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما أقبل يعقوب عليه السلام إلى مصر خرج يوسف عليه السلام ليستقبله, فلما رآه يوسف هم بأن يترجل ليعقوب ثم نظر إلى ما هو فيه من الملك فلم يفعل, فلما سلم على يعقوب نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال له: يا يوسف إن الله تبارك وتعالى يقول لك: ما منعك أن تنزل إلى عبدي الصالح? ما أنت فيه? (4) ابسط يدك, فبسطها فخرج من بين أصابعه نور, فقال: ما هذا يا جبرئيل? فقال: هذا إنه لا يخرج من صلبك نبي أبدا عقوبة لك بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه.))
*************************
الجواب:

كل ما ذكرته بغض النظر عن سنده لا يقدح في العصمة، فالعصمة التي نقولها للأنبياء والأوصياء هي العصمة من الذنوب والمحرمات التي ورد فيها أمر أو نهي مولوي، والاستغفار الذي ورد في هذه الروايات هو عن أمور ليست قادحة بالعصمة، وهي وأن كانت تسمى ذنوباً بحق الأولياء والأنبياء إلا إنها ليست من تلك الذنوب القادحة بالعصمة.
فالاستغاثة والشكوى لغير الله عندنا ليست محرمة، وكذلك عدم التأدب في حضرة الأب بعدم النزول ليست محرمة،فلذا لا تعد هذه قادحة بالعصمة، نعم هي في حق الأنبياء أمور لابد من الاستغفار منها.
ثم إننا نستغرب من هؤلاء المتشدقين بعد عن فتشوا كتبنا لعلهم يقعوا على شيء فلما خاب ظنهم جاءوا إلى مثل هذه الروايات الواضحة في الدلالة على مقام الأنبياء ودرجتهم ليحاولوا التشويش على الفهم الصحيح الفطري للقارئ بمثل ما يسطرونه من نزهات، مع أن كل صاحب لسان عربي فصيح وفهم سليم لم تلوثه الشبهات والدوس بفهم المغزى والمراد من هذه الروايات بوضوح وبساطة. فيالله كيف يدفعهم الشيطان إلى هذا!!



السؤال: طلب الإمام المغفرة من الذنوب في دعاء كميل لا يقدح بالعصمة
طبعا دعاء كميل هو دعاء الامام علي (ع) . هنالك مقطع (اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم) وهنالك مقاطع كثيرة مثل هذه.
سؤالي هنا:
لماذا الإمام علي يقول اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم مع انه معصوم عن الخطا وعن ارتكاب المعصية؟
الجواب:

يمكن تفسير دعاء الإمام لهذه الفقرات من الدعاء بعدة وجوه:
1- ان إتيان المعصوم بالعبادات المرسومة ومنها الأدعية لا يستلزم أن يكون قد أصبح موضعاً لكل ما فيها من دلالات،فلا يكون استغفاره دليلاً على وقوع الذنب منه.
2- ان النبي والإمام يحس أكثر من غيره بقيمة وعظمة واتساع النعم التي يفيضها الله عليه فلا غرو اذن اذا كان يرى نفسه ـ مهما فعل ـ مذنباً ومقصراً لعدم قيامه بواجب الشكر لذلك المنعم العظيم.
3- ان ما يستغفر منه الإمام أو ما يعتبره ذنباً وجرماً انما هو في دائرة مراتب القرب والرضا وتجليات الألطاف الإلهية وكل مرتبة تالية تكون كمالاً بالنسبة لما سبقها وفي هذه الدائرة بالذات يكون تغير النعم ونزول النقم وهتك العصم الخ بحسب ما يتناسب مع الغايات التي هي محط نظرهم (عليهم السلام).
4- إن المراد بالمغفرة في بعض نصوص الأدعية خصوصاً بالنسبة إلى المعصوم هي مرحلة دفع المعصية عنه لا رفع آثارها بعد وقوعها.
5- يمكن أن يكون دعاء الإمام بهذه المضامين تعليماً للآخرين كيفية الدعاء والطلب منه تعالى.
وللمزيد إرجع إلى كتاب ( خلفيات كتاب مأساة الزهراء(عليها السلام) للعاملي ج1 ص468).



السؤال: العصمة لا تشمل الصحابة
اذا كان الشيعة يدعون عصمة الامام. فكيف ينفونها عن الصحابة وهم أقرب الى النبي مكانا ومكانة.
الجواب:

إنّ اعتقاد الشيعة يبتني على التنصيص في الإمامة - كما ثبت في محلّه - وعليه فبما أنّ الامام منصوب من قبل الله تعالى فيجب على الباري عزّوجل أن يعصمه من الخطأ والزلل حتّى لا يقع المأموم في اتّباعه في انحراف وضلال. وهذا ممّا لا تنفرد به الشيعة، بل انّ بعض علماء السنة أيضاً يعتقدون به. فعلى سبيل المثال يصرّح الفخر الرازي في تفسيره الآية (124) من سورة البقرة بهذا المعنى (التفسير الكبير للرازي 2/36 - المسألة الرابعة) ؛ فهم في اعتقادهم هذا لا يرون العصمة لغير المنصوص عليهم .
وأمّا الصحابة فبما انّهم لم يثبت في حقّهم النصّ للإمامة أو العدالة فهم في دائرة الجرح و التعديل .


تعليق على الجواب (1)
العصمة يعني عدم الوقوع في الخطأ وهو امتداد للرسول.
ايعقل بعد الرسول (ص) وآله وصحبه وهو خاتم الرسل الذي نزل عليه الوحي أن يأتي من بعده من يشهد له بالعصمة.
أسال اخوتي الشيعة لمادا هذا الجانب الوراثي في الخلافة
لو كان كذلك لماذا أخذ الله الى بارئه أبناء الرسول (ص) الذكور صغارا . وهل الوراثة من صلب الذكر أم الأنثى ؟
من باب العقل لماذا بالذات الأئمة 12 وليس 13 أو 100 وغيرها؟
واذا كان الامام حجة الزمان وحضوره ضروروي للأمة فحاجتنا لامام اليوم في ظل هذه التحديات ؟
أسئلة ارجوا الاجابة عنها
أنا مسلم متحضر حواري أأمن بالنقاش البناء شكرا جزيلا
الجواب:

أولاً: النبوة أصل للإمامة، والإمامة فرعها، والإمام قائم مقام النبي (صلى الله عليه وآله) في إملاء الدعوة والمحافظة على الشريعة، وما لم يكن الإمام معصوماً لم يكن هادياً قال عزوجل: (( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَومٍ هَادٍ )) (الرعد:7)، ولم يجز اتباعه لأجل إمكان مقارفته للمحرم أو مخالفته للشريعة، وحينئذٍ فلا يصح أن يقوم مقام النبي (صلى الله عليه وآله) فلا يكون إماماً ولا هادياً وهذا خلف.
فوجب فيمن يكون إماماً أن يكون معصوماً.
ثانياً: الخلافة في الأصل هي خلافة الله تعالى في الأرض فهي إذن منصب إلهي يفتقر إلى نص من الله تعالى، كما قال الله عز وجل في شأن داود (عليه السلام). (( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرضِ فَاحكُم بَينَ النَّاسِ بِالحَقِّ )) (ص:26)، وليست الخلافة مجرد تصدي رجل من الناس للقيام بالمهام السياسية والإدارية للدولة، فهذه الخلافة لا تستمد شرعيتها من الله عزوجل حتى ولو اجتمع الناس على اختيار من يعتقدونه أهلاً للخلافة، فإن الناس إن لم يكن فيهم معصوم لا يكون إجتماعهم على اختيار الحاكم شرعياً، الذي يهب للحاكم أو الخليفة شرعية منصبه هو الله عزوجل..
والسبب واضح وبسيط كما ألمحنا: أن الخلافة في الإسلام لا تكون بالإنتخاب والإختيار، بل بالنص من الله عزوجل.
والشيعة لا يقولون بوراثة الخلافة، فالخليفة ينص على الخليفة الذي من بعده بنص إلهي سابق، وقد نص الله عز وجل على إمامة الأئمة الأثني عشر، ولا يحق للإمام الذي هو خليفة أن ينص على أبنه إن لم يكن أهلاً للإمامة وما لم يكن هنالك نص سابق عليه.
واستيلاء الناس على منصب الخليفة الشرعي لا يؤثر في إمامته وخلافته الإلهية، إنما يتم الإستيلاء والإستحواذ على الجانب السياسي الدنيوي من مهام الخليفة..
أما عدد الأئمة (عليهم السلام) فلا يمكن أن يزيد عن اثني عشر إماماً، وذلك لورود نصوص قطعية متواترة بأن الخلفاء في أمة النبي(صلى الله عليه وآله) هم اثنا عشر خليفة.
أما عدم حضور الإمام في عصرنا الراهن واستتاره فأمر غير مؤثر في حاجتنا إليه، كما لا يؤثر غياب الشمس في حاجتنا إليها وهي مستورة تحت السحاب، فأثرها ونفعها يصل إلينا رغم استتارها، ولولا أن الله تعالى يريد أن يمحص العباد ويحفظ وليه من كيد الأعداء لما غيّب وليه عنا.



السؤال: الإمام معصوم منذ الولادة

سؤالي هو: هل المعصوم يكون معصوماً من أول ولادته, أم يكون معصوماً عندما يستلم إمامة المسلمين؟
وشكراً.
الجواب:

نعم, إن الأئمة (عليهم السلام) معصومون منذ الولادة, ولا يكون إماماً إلا إذا كان معصوماً, فالعصمة إذن تحقق موضوع الامامة.
ثم إنّ معنى العصمة هو الانكشاف التام واليقين القطعي بملاكات الأحكام وبالمصالح والمفاسد وراء الأحكام الشرعية, فاذا علم الانسان علماً قطعياً بالضرر الكبير المترتب على الفعل المعين فلا يمكن أن يقدم عليه, وهذا هو معنى العصمة.
إذن, فأهل البيت(عليهم السلام) لما كانوا يعلمون حقائق الأمور وملاكات الأحكام من قبل تسلّم الامامة ومن بعدها فهم معصومون منذ الولادة.
هذا مضافاً إلى آية التطهير: (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً )) الدالة على العصمة, مع عدم اشتراط سن معين أو حالة معينة كالامامة مثلاً, فهي عامة شاملة لجميع الأعمار, وسواء حصلت الامامة أم لم تحصل, كما في فاطمة الزهراء (عليها السلام), وكما في أميرالمؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) حيث كانوا معصومين بنص آية التطهير قبل تسلّم الامامة.



السؤال: الإمام معصوم منذ الصغر

في احد المتديات على الانترنيت قال لي احد المخالفين كيف تثبت ان الامام معصوم منذ الولادة اي من ساعة ولادة اي وهو جنين؟؟ فكيف اجيبه؟
وقال لي ايضا كيف تثبت بان زيد بن علي ليس معصوم وهو من اهل البيت وانتم تقولون ان اية العصمه تعصم كل من شمله عنوان اهل البيت.

الجواب:

معنى العصمة هو انقياد قوى الإنسان كالغضب والشهوة والواهمة إلى القوة العقلية فإذا كانت القوة العقلية كبيرة فإنها لا تتأثر بالدوافع التي تأتي من بقية القوى في النفس وإذا انقاد الإنسان إلى قواه العقلية دون تأثير باقي القوى صار معصوماً لأن العقل يدفعه إلى الحق والصحيح من الأعمال،والقوة العقلية للمعصوم وإن تبتدأ صغيرة إلا أنها هي المسيِّرة لباقي القوى في نفس المعصوم فلا يصدر منه أي ذنب وان كان المعصوم صغيراً واما زيد بن علي فليس من أهل البيت بالمعنى الأخص الذين أشارت إليهم الآية القرآنية فلا تثبت عصمته بالآية لعدم دخوله في أهل البيت.


تعقيب على الجواب (1) تعقيب على الجواب

اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما احاط به علمك.
كل عام وأنتم بألف خير بذكرى مولد السيدة الجليلة فاطمة المعصومة عليها السلام.
تعقيباً على سؤال الأخ الكريم, أقول:
يقول سيدي ومولاي الباقر عليه السلام: ما عرف الله من عصاه /تحف العقول.
القرآن الكريم قص علينا خبر يحيى على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام, فقال: (( يَا يَحيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَينَاهُ الحُكمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيهِ وَلَم يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا )) .
وقال أيضاً تعالى عن لسان الملك الذي كلم مريم على مولاتنا الزهراء وآلها وعليها افضل الصلاة والسلام: (( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا )) .
الآن نطبق القاعدة التي وضعها إمامنا الباقر عليه السلام على الآيات الكريمة..
العاصي جاهل بالله فهو لا يعرفه..
فهل يحيى كذلك والقرآن يقول لم يكن جباراً عصياً !!
وهل عيسى كذلك والله تعالى يقول بأن عيسى على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام بأنه زكي !!
هب ان المخالف يقول هذا كلام إمامكم يا روافض أعطني دليل آخر..
نقول صحيح كلام امامنا لكن أرجع إلى نفس الآيات, وتأمل هل يكون شخص عاصي لله والله يقول عنه انه غير جبار وغير شقي ؟!!
وهل الجبار والشقي الا عاصي لله.
وهل العاصي لله يقول عنه تعالى بانه زكي ؟
يعني فلان زكي لكنه يسرق !!
أو فلان زكي وهو يكذب !!
وهذا الحال مع الانبياء على نبينا واله وعليهم افضل الصلاة والسلام, أذن من باب أولى, يكون الحال مع الآل عليهم السلام كذلك, لانهم عدل القرآن, وهم مطهرون من الرجس.




السؤال: أهل البيت (عليهم السلام) مطهرون منذ الولادة
هل كان أهل البيت عليهم السلام معصومين حتى قبل نزول أية التطهير؟
و ما الدليل النقلي و العقلي على ذلك؟
الجواب:


أهل البيت (عليهم السلام) معصومون منذ الولادة, وحتى قبل نزول آية التطهير, وهذا المعنى يمكن استفادته عقلاً ونقلاً, أما عقلاً فبملاحظة ان منصبي النبوة والامامة غايتهما انقياد الناس الى الحق والالتزام به, ومن المتعارف ان الناس لا تنقاد لمن يكذب أو يفسق أو يعمل المنكرات, إذ الأمر والنهي أمرهما صعب مستصعب عند الناس وينبغي للمتكفل بهما أن يكون على درجة عالية من القبول كي يكون كلامه مسموعاً وانقياد الناس اليه متيسراً, وهذا يستلزم نقاء سيرته منذ الولادة, كي لا يدع للمشككين واعداء الدين منفذاً ينفذون لمحاربة الدين من خلاله, إذ لا يعقل ان يكون الانسان ـ الذي نفترض انه لم يكن معصوماً قبل منصب النبوة والامامة ـ وهو قد صدرت منه الاخطاء ان يتحقق الانقياد التام اليه وقبول الناس لأقواله بعد تبوّئه المنصب أو اعلان نبوته وإمامته فالناس لا تفرّق كثيراً من هذه الناحية, ومن هنا كان قبول الكثير من المشركين للدخول في الاسلام بناءاً على السيرة الصالحة للنبي(صلى الله عليه وآله) قبل البعثة.
وأما نقلاً فإن أية التطهير قد ورد فيها إذهاب الرجس على سبيل الدفع لا الرفع إذ أنه تارة يستعمل الإذهاب ويراد به إزالة ما هو موجود, وأخرى يستعمل ويراد به المنع من طريان أمر على محل قابل له, كقوله تعالى: ((كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء)) , فإن يوسف (عليه السلام) لم يقع في الفحشاء قطعاً حتى يصرفها الله عنه بمعنى رفعها, وانما هو على سبيل الدفع لا الرفع, وايضاً حين تقول في الدعاء لغيرك: صرف الله عنك كل سوء وأذهب الله عنك كل محذور, فإنك قد تخاطب بقولك هذا ممن لا يكون شيء من ذلك متحققاً فيه ولا حاصلاً له اثناء خطابك له.
وبملاحظة هذا نقول قد اجمع المسلمون سنة وشيعة ـ وكما دلّت عليه بعض الروايات ـ أن النبي (صلى الله عليه وآله) داخل ومشمول في مدلول آية التطهير, وهو لا يتصور في حقّه (صلى الله عليه وآله) أن يكون الرجس موجوداً قبل نزول الآية وأن الله أذهبه عنه بعد ذلك, وكذلك لا يتصور هذا المعنى في حق الإمامين الحسن والحسين ـ عليهم السلام ـ اللذين كانا صغيرين حين نزول الآية, إذ كيف يتصور وجود الرجس في حقهما في هذه السن حتى يتم إذهابه؟!




السؤال: مدى حجية بعض الروايات التي ظاهرها عدم نفي السهو عن المعصوم

في مطالعتي لكتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام ..
وجدت هذه الرواية في باب علامات الإمام بالجزء الأول من المجلد , فيها إثبات السهو والنسيان للإمام عليه السلام :
وفي حديث آخر إن الإمام مؤيد بروح القدس وبينه وبين الله عمود من نور يرى فيه أعمال العباد وكلما احتاج إليه لدلالة اطلع عليه ويبسطه فيعلم ويقبض عنه فلا يعلم و(( الإمام يولد ويلد ويصح ويمرض ويأكل ويشرب ويبول ويتغوط وينكح وينام وينسى ويسهو )) ويفرح ويحزن ويضحك ويبكي ويحيى ويموت ويقبر ويزار ويحشر ويوقف ويعرض ويسأل ويثاب ويكرم ويشفع ودلالته في خصلتين في العلم واستجابة الدعوة وكل ما أخبر بهمن الحوادث التي تحدث قبل كونها فذلك بعهد معهود إليه من رسول الله (ص) توارثه وعنآبائه عنه (ع) ويكون ذلك مما عهد إليه جبرئيل (ع) من علام الغيوب عز وجل و جميعا لأئمة الأحد عشر بعد النبي (ص) قتلوا منهم بالسيف وهو أمير المؤمنين والحسين.فما هو شرح هذه العبارات , بالرغم ان لها احتمالين ..
أنها غير مسندة , أو ان لها اسنادا نفس اسناد الرواية التي سبقتها ؟
هل هناك روايات عن أهل البيت المعصومين عليهم السلام فيها نفس السهو والنسيان عن المعصوم عليه السلام ؟
الجواب:

بعد التحقيق تبين أنّ هذه الرواية الموجودة في كتاب (عيون أخبار الرضا (ع)) قد وقع فيها خطأٌ من قبل النساخ الذين قاموا بنسخ كتاب (عيون أخبار الرضا (ع)) وعلى النحو التالي:
أولا: الكلام الذي يبدأ من قوله: (انّ الإمام مؤيد بروح القدس ... الى إطلع عليه) إنما هو من حديث الإمام الرضا (ع) باب علامات الإمام (ع).
ثانيا: أما الكلام الذي يبدأ من قوله: (ويبسطه فيعلم... الى آخره) فهو من قول الإمام الصادق (ع) كما في كتاب (الخصال للشيخ الصدوق ص 577) وهو خالف من جملة (وينسى ويسهو).
ثالثاً: إن جملة (وينسى ويسهو) لا توجد في أكثر نسخ (عيون أخبار الرضا (ع)) وفي بعض النسخ فيها أنّ الإمام (لا ينسى ولا يسهو)، راجع كتاب (بحار الأنوار/ للشيخ المجلسي ج 35 / 117).
رابعاً: عبارات الحديث واضحة ولا تحتاج الى شرح. أما سؤالك بأنه هل هناك روايات عن أهل البيت المعصومين فيها نفي السهو والنسيان .
فنقول: نعم توجد بعض الأحاديث التي ظاهرها يدل على السهو والنسيان ولكنها من أخبار الآحاد, حيث انّ بعضها ضعيف السند والبعض الآخر يمكن حمله على التقية أو تأويله, وعلى فرض التسليم بظاهر الروايات التي تدل على السهو أو النسيان فستعارضها الروايات المستفيضة التي هي نص في نفي السهو والنسيان, ولا يقف الظاهر أمام النص خاصة إذا كان مستفيضاً فلا تعارض وإنما يفقدّم النص على الظاهر.
ثم إذا سلمنا بالتعارض فيأتي دور تطبيق الروايات العلاجية الخاصة بباب التعارض التي فيها الآخذ بما يوافق القرآن وطرح المخالفة له, وأخبار نفي السهو موافقة للعصمة الثابتة بالقرآن. وفيها الآخذ بما يخالف العامة ومن الواضح أن نفي السهو والنسيان خلاف رأي العامة.
هذا فضلاً عن معارضتها لحكم العقل الثابت بالأدلة الكثيرة, فيجب أن تصرف عن ظاهرها وتأول لأنه لا معارضة للظهور أمام حكم العقل.



السؤال: الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) معصومون من النسيان

هل الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) ينسون, او لا ينسون, فهناك العديد من الآيات التي تشير للنسيان فهل هي تفسر على معنى آخر.
واذا ممكن بعض الامثلة
الجواب:

لقد ثبت بالدليل العقلي القاطع أن الأنبياء (عليهم السلام) وكذلك الائمة (عليهم السلام) معصومون من الذنوب والخطأ والنسيان مطلقاً وعلى هذا لابد من تأويل كل الآيات القرآنية التي ظاهرها يوحي بنسبة النسيان اليهم (عليهم السلام).
ومن الآيات التي ذكرت قوله تعالى في قصة موسى (عليه السلام): (( ولا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من امري عسرا ))[الكهفك73]. فان هذه الآية قد يفهم منها للوهلة الاولى نسبة النسيان للنبي موسى (عليه السلام)، لكن لتعارض ظاهر هذه الآية مع الدليل العقلي الجازم الذي لا يقبل الشك على عصمة النبي من النسيان يدفعنا الى تأويل ظاهر هذه الآية الى ما يتلائم مع الدليل العقلي. وقد ذكر في تأويلها ما روي عن ابن عباس: بلا تؤاخذني بما تركت من عهدك. وأولت أيضاً: بلا تؤاخذني بما فعلته مما يشبه النسيان فسماه نسياناً للمشابهة كما قال المؤذن لاخوة يوسف (عليه السلام): انكم لسارقون، أي تشبهون السراق، فما حصل من موسى (عليه السلام) ليس نسياناً بمعنى الغيبة بل بما يشبه النسيان في النتيجة، وذلك لانه قدم الاهم على المهم حسب علمه وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وترك الوعد بالصبر عندما تزاحم في مورد واحد، فانه كان ملتفت الى ما وعد به الخضر (عليه السلام) ولكنه لم يصبر على ما رآه منه، فما رآه لا يقاس بشيء أمام الوعد الذي قطعه للخضر (عليه السلام).
وأما قوله تعالى: ((واذكر ربك إذا نسيت))[الكهفك24]، فإن الخطاب وان كان موجهاً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن المقصود منه الامة وهذا موجود في القرآن في آيات اخر أيضاً.
أما قوله تعالى في قصة آدم: ((ولقد عهدنا الى آدم من قبل فنسى))[طهك115] فان المراد بالنسيان هنا: هو انه عمل عمل الناسي بأن ترك الامر وانصرف عنه كما يترك الناسي الأمر الذي يطلب منه ، وقد روي عنهم (عليهم السلام): ان آدم لم ينسَ وكيف ينسَ وهو يذكره ويقول له ابليس (( ما نهاكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين او تكونا من الخالدين ))[الاعرافك20].
هذه بعض الآيات التي يجب أن تأول، وهناك الكثير من الآيات الاخرى التي يجب أن تأول أيضاً، لأن ظاهرها يتعارض مع الحقائق الثابتة بالقطع، فمثلاً لابد من تأويل: (( كل شيء هالك الا وجهه ))[القصص:88]، وكذلك: (( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة اعمى واضل سبيلاً ))[الاسراء:72]، وغيرها كثير .



السؤال: الفرق بين المعصية والخطيئة والذنب والسيئة
مالفرق لغة واصطلاحا بين المعصية والذنب والخطيئة والسيئة ؟

الجواب:

تعرّف السيئة بأنها الخطيئة، وتعرّف الخطيئة بأنها الذنب , فيمكن اعتبار الكلمات الثلاث بمعنى واحد .
أما المعصية فهي مصدر من عصى يعصي عصياناً إذا خالف الأمر , وفي (الصحاح) للجوهري: والعصيان خلاف الطاعة , وفي (لسان العرب) قال: والعصيان خلاف الطاعة , عصى العبد ربه : إذا خالف أمره .
فالفرق أن العصيان قد يكون بمخالفة الأمر الإرشادي وقد يكون بمخالفة الأمر المولوي , والثاني هو الذي يقدح بالعصمة دون الأول , أما الخطيئة والذنب والسيئة فكلها بهذا المعنى لا يمكن أن تصدر من الانبياء (عليهم السلام)، فنحن نقول بعصمة الأنبياء من الذنب الصغير منه والكبير منذ الولادة حتى الوفاة .



السؤال: لا تعارض بين كلام الإمام علي (عليه السلام) والعصمة
قال الامام علي (( فإنّي لستُ في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي، إلاّ أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به منَّي فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لربّ لا ربّ غيره، يملك منَّا ما لا نملك من أنفسنا وَأَخرَجَنَا ممَّا كنَّا فيه إلَى مَا صَلَحنَا عَلَيه، فأَبدَلَنَا بَعدَ الضَّلاَلَة بالهدَى، وَأَعطَانَا البصيرَةَ بَعدَ العَمَى.))
نهج البلاغة ـ الخطبة 216
هل هذا القول يناي العصمة ؟
الجواب:

إن في كلام الإمام علي (عليه السلام) في (نهج البلاغة) استثناء دال على العصمة وهو قوله (عليه السلام): (إلاّ أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني).
قال الشيخ محمد عبده في تعليقته المعروفة على النهج: ((يقول: لا آمن من الخطأ في أفعالي , إلاّ إذا كان يسّر الله لنفسي فعلاً هو أشد ملكاً منّي, فقد كفاني الله ذلك الفعل , فأكون على أمن من الخطأ فيه (نهج البلاغة – تعليق الشيخ محمد عبده2: 201) . فالسؤال هنا: هل كفى الله عزّوجلّ أمير المؤمنين (عليه السلام) من نفسه ما هو أملك به منه, ويسّر له فعلاً هو أشدّ ملكاً منه ينتصر به على نفسه ويأمن الخطأ في فعله, كما هو مراد الاستثناء من كلامه (عليه السلام)؟!
فقد ذكر الطبري بسنده إلى سعيد بن قتادة, الذي قال عند تفسيره لآية التطهير (سورة الأحزاب : الآية 33) فهم أهل بيت طهّرهم الله من السوء, وخصّهم برحمة منه.
وعن ابن عطية (في ما أورده النبهاني عنه في الشرف المؤبّد, والمقريزي في فضل آل البيت ص 33) : والرجس اسم يقع على الإثم والعذاب , وعلى النجاسات والنقائص , فأذهب الله جميع ذلك عن أهل البيت... إلى آخر الأقوال.
واعطف بنا - ثمّة - على (نهج البلاغة) نفسه, لنرى: هل كفى الله تعالى أميرالمؤمنين (عليه السلام) أمر نفسه بما حباه من كمال العقل , وعلوّ الهمّة, وتمام الفطنة , ممّا جعل نفسه صافية لا يشتبه عليها أمر الحقّ من الباطل, وهو الأمر المقصود من العصمة؟!
قال (عليه السلام): (وإنّي لعلى بيّنة من ربّي, ومنهاج من نبيّ, وإنّي لعلى الطريق الواضح ألقطه لقطاً).
وقال (عليه السلام) في كلام له وقد جمع الناس وحضّهم على الجهاد فسكتوا ملياً: (... لقد حملتكم على الطريق الواضح , التي لا يهلك عليها إلاّ هلك (الذي ختم هلاكه, لتمكّن الفساد من طبعه وجبلّته) من استقام فإلى الجنة, ومن زلّ فإلى النار)) (نهج البلاغة – تعليق الشيخ محمد عبده 1: 233).
أي: من استقام في الطريق الذي حملهم (عليه السلام) عليه فإلى الجنة, ومن زلّ عن الطريق الذي حملهم عليه فإلى النار, وهذا المعنى دالّ على العصمة, كدلالة الأحاديث النبوية السابقة التي تلوناها عليك.
وقال (عليه السلام) في كلام له لبعض أصحابه: (فإن ترتفع عنّا وعنهم محن البلوي , أحملهم من الحقّ على محضه) (محض الحق : خالصه, نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمد عبده 2/ 64).
وقال (عليه السلام): (ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّي لم أرد على الله ولا على رسوله ساعة قط) (المستحفظون - بفتح الفاء - : اسم مفعول , أي الذين أودعهم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) أمانة سرّه وطالبهم بحفظها. ولم يردّ على الله ورسوله: لم يعارضهما في أحكامهما. نهج البلاغة – تعليق الشيخ محمّد عبده 2: 171 ).
وقال (عليه السلام): في خطبته المسمّاة بـ : ((القاصعة)), التي ذكر فيها قربه من النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وملازمته إيّاه منذ الصغر: (... وكان - أي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه, وما وجد لي كذبة في قول , ولا خطلة في فعل) (نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمد عبده 2: 157).
وقال (عليه السلام) من كلام له ينبّه فيه على فضيلته , لقبول قوله وأمره ونهيه: (فو الذي لا إله إلاّ هو! إنّي لعلى جادّة الحق, وإنّهم لعلى مزلّة الباطل) (المزلة: مكان الزلل الموجب للسقوط في الهلكة - نفس المصدر السابق - 2: 172).
وقال (عليه السلام) عندما بلغه خروج طلحة والزبير عليه مع عائشة وإثارتهم الفتن ضدّه: (إنّ معي لبصيرتي, ما لبست ولا لبس عليّ) (نفس المصدر السابق 2: 30).
فهذه الكلمات الواردة عنه (عليه السلام) دالّة بكلّ وضوح على أنّه مع الحق والحق معه, كما أشار إلى ذلك النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في كلماته السابقة التي تلوناها عليك, وهذا هو معنى العصمة التي عنيناها.
وقال (عليه السلام): (عزب رأي امرئ تخلّف عنّي (أي لا رأي لمن تخلّف عنّي, ولم يطعني) ما شككت في الحقّ مذ أريته) .
وقال (عليه السلام) في كتاب بعثه إلى أهل مصر مع مالك الأشتر: (إنّي والله لو لقيتهم واحداً وهم طلاّع الأرض كلّها ما باليت, ولا استوحشت, وإنّي من ضلالهم الذي هم فيه, والهدى الذي أنا عليه, لعلى بصيرة من نفسي, ويقين من ربّي) (نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمد عبده 3: 120).
وقال (عليه السلام) من خطبة له يذكر فيها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته: (فأدّى أميناً, ومضى رشيداً, وخلّف فينا راية الحق, من تقدّمها مرق, ومن تخلّف عنها زهق, ومن لزمها لحق, دليلها مكيث الكلام, بطيء القيام, سريع إذا قام) (المصدر السابق 1: 193).
وقال (عليه السلام): (أنظروا أهل بيت نبيّكم فالزموا سمتهم , واتّبعوا أثرهم , فلن يخرجوكم من هدىً , ولن يعيدوكم في ردىً , فإن لبدوا فالبدوا , وإن نهضوا فانهضوا , لا تسبقوهم فتضلّوا , ولا تتأخّروا عنهم فتهلكوا) (المصدر السابق 1: 189) .
إلى غيرها من الأقوال الواردة في نهج البلاغة, والمنتشرة هنا وهناك, الدالّة على عصمته (عليه السلام) وعصمة أهل بيته الكرام (عليهم السلام).



السؤال: عدم الاعتقاد بالعصمة لا يخرج من الإسلام والإيمان
هل عدم الاعتقاد بعصمة الائمة يخرج عن الاسلام والايمان
الجواب:

إن عدم الاعتقاد بعصمة الأئمة لا يخرج من الإسلام إذا كان ذلك الشخص معتقداً بوحدانية الله وبرسالة نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) لأن تحقق الإسلام يحصل بالنطق بالشهادتين. أما الإيمان فأنه يتحقق بالاعتقاد بالأئمة الاثني عشر كونهم المنصوصين من قبل الله سبحانه وتعالى لإكمال الرسالة بهداية الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإذا كان عدم الاعتقاد بعصمتهم يؤدي إلى عدم الاعتقاد بإمامتهم فإن عدم الاعتقاد بالعصمة يخرج من الإيمان.
هذا هو الفرق بين الإيمان والإسلام بحسب الاصطلاح الفقهي، أما بحسب الاصطلاح القرآني فأن الإيمان معنى قائم بالقلب من قبيل الاعتقاد, والإسلام أمر قائم باللسان والجوارح فإن الاستسلام والخضوع لساناً بالشهادة على التوحيد والنبوة وعملاً بالمتابعة العملية ظاهراً سواء قارن الاعتقاد بحقية ما شهد عليه وعمل به أو لم يقارن وبظاهر الشهادتين تحقن الدماء وعليه تجري المناكح والمواريث (أنظر تفسير الميزان ج18 ص328).
وبهذا يظهر أن عدم الاعتقاد بالعصمة لا يخرج من الإسلام ويمكن أن يطلق على من لم يعتقد العصمة مؤمناً أيضاً وفق الاصطلاح القرآني وذلك إذا كان ذلك الشخص دخل في قلبه الاعتقاد بالتوحيد والنبوة فيقال: مؤمنٌ بالتوحيد ومؤمنٌ بالنبوة أو مؤمنٌ بالمعاد وهكذا.



السؤال: الفرق بين المصطفى والمعصوم
لماذا لا يستخدم لفظ المصطفى على الامام بدل المعصوم باعتبار لفظ المصطفى قرآني واقرب الى ذهن المتلقي
الجواب:
ليس هنالك مانع من استعمال لفظ المصطفى في المعصوم(ع)، فالاصطفاء هو اختيار الله تعالى لبعض عباده وتمييزهم عن الآخرين، وهو مشتق من الصفو. قال الراغب في مفرداته: واصطفاء الله بعض عباده قد يكون بإيجاده تعالى إياه صافياً عن الشوب الموجود في غيره. وقد ورد عن الامامين الباقر والصادق(عليهما السلام) في قوله تعالى: (( ثمَّ أَورَثنَا الكتَابَ الَّذينَ اصطََفينَا من عبَادنَا )) (فاطر:32), قالا: (هي لنا خاصة وإيانا عنى). أما لماذا لم يستعمل الناس هذا اللفظ (المصطفى) في المعصومين (عليهم السلام)؟ فلربما كان مردّه إلى كونه من ألقاب النبي(ص) اشتهر به دونهم، وربما كان السبب أيضاً أن الاصطفاء لا يتضمن معنى العصمة وإن كان يلزمه ولكن ليس لزوماً بيناً ، والعصمة التي هي امتناع العبد عن معصية الخالق أو امتناعه عن محارم الله عز وجل ألصق بالإمام وأبلغ في صفة الإمامة، ومن ذلك ما ورد في معنى المعصوم من طريقهم (عليهم السلام)، فعن علي بن الحسين(ع): (الإمام منا لا يكون إلاّ معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فتعرف، قيل فما معنى المعصوم: قال: المعتصم بحبل الله، وحبل الله هو القرآن..)) الحديث.
وأما قوله تعالى: (( إنَّ اللَّهَ اصطََفى آدَمَ وَنوحاً وَآلَ إبرَاهيمَ وَآلَ عمرَانَ عَلَى العَالَمينَ )) (آل عمران:33), فيظهر منه أن الاصطفاء يساوي العصمة، وذلك لأن الله تعالى لا يصطفي إلاّ الأفضل في كل عصر، ولا يجوز أن يصطفي الفاضل مع وجود الأفضل، وحيث أن الارض لا تخلو من حجة يوماً ما وإلا لساخت بأهلها، والحجة هو الأفضل ولا يكون حجة إلاّ معصوماً، فإنه يترتب على كل هذه المقدمات أن كل مصطفى معصوم وكل معصوم مصطفى أي أنهما متساويان مصداقاً ، فتأمل.
وحينئذ يترجح أن يكون الصارف عن استعمال المصطفى في المعصوم هو اشتهار أكمل أفراده وهو النبي(ص) به دون سائر المعصومين(ع) .
أو من جهة أن مفهوم الاصطفاء غير مفهوم العصمة، فلعل استعمال الائمة(ع) للفظة العصمة كوصف لهم(ع) لأنه أقرب في الدلالة على صفات الإمام. هذا ما استخلصناه من التأمل في بعض النصوص، والله العالم.



السؤال: رواية منام فاطمة الزهراء(عليها السلام) لا تقدح في عصمتها
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد



هناك شبه مطروحة في بعض المنتديات ويحاول المخالفين عن طريقها نفي العصمة أو على أقل تقدير إثبات إمكان حصول مس للمعصومين من قبل الشيطان.ومضمون الإشكال هو : رواية واحدة صحية السند عند الشيعة الامامية الجعفرية الرافضة تثبت ان لا عصمة للمعصوم .!! مس الشيطان للمعصومين وتجليهم لهم في المنام والرؤيا :
( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا باذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) قال : فانه حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان سبب نزول هذه الاية أن فاطمة عليها السلام رأت في منامها أن رسول الله صلى الله عليه واله هم أن يخرج هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام من المدينة فخرجوا حتى
جاوزوا من حيطان المدينة ، فتعرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه واله ذات اليمين حتى انتهى بهم إلى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله صلى الله عليه واله شاة كبراء - وهي التي في إحدى اذنيها نقط بيض - فأمر بذبحها فلما أكلوا ماتوا في مكانهم ، فانتبهت فاطمة باكية ذعرة فلم تخبر رسول الله صلى الله عليه واله بذلك .
فلما أصبحت جاء رسول الله صلى الله عليه واله بحمار فأركب عليه فاطمة عليها السلام وأمر أن يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام من المدينة كما رأت فاطمة في نومها فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض له طريقان فأخذ رسول الله صلى الله عليه واله ذات اليمين كما رأت فاطمة حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله صلى الله عليه واله شاة كما رأت فاطمة عليها السلام فأمر بذبحها ، فذبحت وشويت .
فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة وتنحت ناحية منهم تبكي مخافة أن يموتوا فطلبها رسول الله صلى الله عليه واله حتى وقع عليها وهي تبكي فقال : ما شأنك يا بنية ؟
قالت : يارسول الله إني رأيت البارحة كذا وكذا في نومي وقد فعلت أنت كما رأيته فتنحيت عنكم فلا أراكم تموتون.
فقام رسول الله صلى الله عليه واله فصلى ركعتين ثم ناجى ربه ، فنزل عليه جبرئيل فقال : يا محمد هذا شيطان يقال له : الدهار وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا ويؤذي ( 1 ) المؤمنين في نومهم ما يغتمون به ، فأمر جبرئيل فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه واله فقال له : أنت أريت فاطمة هذه الرؤيا؟
فقال : نعم يا محمد فبزق عليه ثلاث بزقات فشجه في ثلاث مواضع .
ثم قال جبرئيل لمحمد : قل يا محمد إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه أو رأى أحد من المؤمنين فليقل : أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت [ و ] من رؤياي ويقرأ الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد ويتفل عن يساره ثلاث تفلات ، فإنه لايضره ما رأى وأنزل الله على رسوله ( إنما النجوى من الشيطان ) الآية .
بيان : ما رأيت كبراء وأشكالها فيما عندنا من كتب اللغة بهذا المعنى . 1- بحار الانوار : ج58 باب 44 : حقيقة الرؤيا وتعبيرها وفضل الرؤيا الصادقة وعلّتها وعلّة الكاذبة [186][195] بحار الانوار المجلد 43 باب 4 : سيرها ومكارم أخلاقها صلوات الله عليها وسير بعض خدمها [ 81 ][ 91 ]
2- كتاب تفسير الصافي ص142 ـ
3- تفسير القمي – سورة المجادلة
إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ) الأعراف 201
وأذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان )إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا و ليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم). (الحج: 52)
عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : رأت فاطمة عليها السلام في النوم كأن الحسن والحسين ذبحا أو قتلا فأحزنها ذلك ، فأخبرت به رسول الله صلى الله عليه واله فقال : يا رؤيا ! فتمثلت بين يديه قال : أنت أريت فاطمة هذا البلاء ؟ قالت : لا فقال : يا أضغاث ! أنت أريت فاطمة هذا البلاد ؟
قالت : نعم يارسول الله ، قال : فما أردت بذلك ؟ قالت : أردت أن أحزنها ، فقال لفاطمة : اسمعي ليس هذا بشئ
بحار الانوار المجلد 43 باب 4 : سيرها ومكارم أخلاقها صلوات الله عليها وسير بعض خدمها[ 91 ][100]
بحار الانوار : 43
كتاب تفسير الاصفي في شرح الاية الكريمة : سورة المجادلة : «انما النجوى من الشيطان‏» فانه المزين لها والحامل عليها «ليحزن الذين آمنوا» بتوهمهم انها في نكبة اصابتهم «وليس‏» الشيطان او التناجي «بضارهم‏»: بضارالمؤمنين «شيئا الا باذن الله‏»: بمشيئته «وعلى الله فليتوكل المؤمنون‏» ولايبالوا بنجواهم .
ورد: «اذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون صاحبهما فان ذلك يحزنه‏» (13) .وقيل: المراد بالآية الاحلام التي يراها الانسان في نومه فيحزنه (14) .ويؤيده ما رواه القمي في سبب نزولهما من رؤيا فاطمة‏عليها السلام في قصة طويلة (15) .
15ـ القمي 2: 355 ، عن ابي عبد الله ‏عليه السلام .
محمد بن أبي عمير هو محمد بن زياد وكنيته أبو أحمد الأزدي، إلا أنه أكثر ما يُعرف بكنية أبيه حيث اشتهر بابن أبي عمير. وهو من أصحاب الإمام الكاظم والرضا والجواد (ع)، حيث كانت وفاته في عام 217 للهجرة. وابن أبي عمير موضع ثقة كل من الشيعة والسنة ومن أصحاب الإجماع وأحد الرواة الأساسيين للأصول الأربعمئة. وهو من أعبد وأزهد أهل زمانه، وقد ذكره الجاحظ عند الحديث عن أفضلية القحطانيين على العدنانيين مفتخراً بذلك.
كان محمد بن أبي عمير دقيقاً للغاية في رواياته، فمع أنه قد سمع الكثير من الروايات عن علماء السنة، إلا أنه لم يروِ عنهم مطلقاً خوفاً من اختلاط رواياتهم بروايات الأئمة (ع). وكان هارون الرشيد قد طلب منه أن يكشف عن أسماء شيعة الإمام الكاظم (ع) أو يرضى بالعمل قاضياً في إحدى المدن، فرفض ذلك فجلده وألقاه السجن. وخلال تلك الفترة قامت أخته بإخفاء كتبه ـ التي بلغت 94 كتاباً ـ تحت الأرض، الأمر الذي أدى إلى تلفها جميعاًً.
كان ابن أبي عمير عابداً للغاية، حيث كان في بعض الأحايين يسجد بعد صلاة الصبح سجدة لا يرفع رأسه منها حتى الظهر. وقد كان ابن أبي عمير بزازاً ثرياً، ولمّا خرج من السجن بعد أربع سنوات لم يكن قد بقي له شيء من المال، وكان هناك شخص مدين له بمال سابقاً قد باع داره ليأتي له بألف درهم، ولكنه لم يقبلها قال:
حدثني ذريح المحاربي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: لا يُخرج الرجل من مسقط رأسه، ارفعها فلا حاجة لي فيها، والله إني محتاج في وقتي هذا إلى درهم وما يدخل ملكي منها درهم.[14]
ومن كتبه: الاحتجاج في الإمامة، الكفر والإيمان، اختلاف الحديث. ومن مشايخه وأساتذته أعلام كأبي بصير وأبان بن عثمان وجميل بن دراج، كما روى عنه الكثير، منهم أبو عبد الله البرقي وإبراهيم بن هاشم ومحمد بن عيسى.
يحيى بن القاسم ( أبو بصير ) الكوفيّ، المكفوف.. محدّث تابعيّ من ثقات الإماميّة وأجلاّء وجهاء وقته. قال بعضهم بأنّه ضعيف الحال واقفيّ وهذا مستبعد؛ لوفاته قبل ظهور الوافقيّة! إلاّ أنّ الإجماع الذي عليه هو كونه عالماً مفسِّراً، فقيهاً مؤلّفاً.. له من الكتب:
تفسير القرآن، ومناسك الحجّ، ويوم وليلة.
جاء اسم أبي بصير في أكثر من 650 مورداً من موارد أسناد الروايات، راوياً عن الأئمّة: الباقر والصادق والكاظم عليهم السّلام، وعن أبي بصير روى: الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، والحسين بن أبي العلاء، وعبدالله بن مسكان.. وغيرهم.
تُوفّي أبو بصير في « زبالة » ( منزل بين مكّة والكوفة )، وذلك سنة 150 هجريّة بعد منصرفه من الحجّ وهو في خدمة الإمام الكاظم عليه السّلام.
المصادر الاختصاص 83. الاستبصار 276:1. بصائر الدرجات 319. التحرير الطاووسيّ 306.
تنقيح المقال 308:3. تهذيب الأحكام 39:2 ، 300. التوحيد 20. جامع الرواة 324:2.
رجال الحليّ 264. رجال الطوسيّ 364. رجال النجاشيّ 308. معالم العلماء 130.
معجم الثقات 131. من لا يحضره الفقيه 121:4 ، 132. هداية المحدّثين 162.
الوجيزة 53.
الليث بن البختريّ ( أبو بصير )
المراديّ.. محدّث فقيه جليل القدر، إماميّ ثقة ممدوح، أحد الرواة الثقات الذين رووا النصَّ على إمامة الكاظم عليه السّلام من أبيه الصادق عليه السّلام، وله كتاب.
جاء اسمه في 57 مورداً من موارد أسناد الروايات، راوياً عن الأئمّة: الباقر والصادق والكاظم عليهم السّلام.. وعنه روى 8 رواة، منهم: المفضّل بن صالح، وعبدالله بن مسكان، وعبدالكريم بن عمر الخثعميّ.. وغيرهم.
مدحه الإمام الصادق عليه السّلام، وتحيّر البعض فيه. كان حيّاً قبل سنة 183 هجريّة.
المصادر:
الاختصاص 62. الاستبصار 51:1 ، 250. التحرير الطاووسيّ 230. تنقيح المقال 44:2.
تهذيب الأحكام 39:1 ، 20:2 ، 25:10. جامع الرواة 34:2. رجال الحليّ 136. رجال ابن داود 157 ، 214. رجال الكشيّ 10 ، 136 ، 170. فهرست الطوسيّ 130. الكافي 376:2. معجم الثقات 98. مناقب آل أبي طالب 321:4. مَن لا يحضره الفقيه 158:1. فهل سياخذ الشيعة بالروايات الصحيحة السند كما ادعو ا ؟؟؟ ام سيضربوا بها بعرض الحائط لكونها تخالف راي العصابة واوليات المذهب ؟؟؟؟ إنتهى

نعتذر عن الإطالة ولكن (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) فما تعليقكم على ما ورد نرجوا التوضيح والسلام عليكم
الجواب:
يمكن الإجابة على هذا الأشكال من خلال ما يلي:
1ـ إن مجرد رؤية الشيطان في المنام لا ينفي العصمة ما لم يصدر فعل في الخارج يقدح في العصمة.
2ـ على هذا التفسير الموافق للرواية فإن نفس الآية القرآنية تشير إلى أن الشيطان ليس بضارهم شيئاً والغاية والهدف من عمله هو أنه يحاول أن يحزن الذين آمنوا ولكن بما أن أثره سريع الزوال بتسديد الله أو بيان الحال من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما في الرواية فلا يقدح بالعصمة.
3ـ ذكرت في سبب نزول الآية روايات أخرى تختلف بل تتعارض مع ما ذكر ففي رواية أن الآية نزلت في اليهود والمنافقين حيث كانوا يتناجون فيما بينهم بمعزل عن المؤمنين مع الإشارة إليهم بأعينهم غمزاً، فلما رأى المؤمنون نجواهم ظنوا أن سوءاً حصل لإخوانهم في السرايا فحزنوا لذلك وبثوا حزنهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأمرهم الرسول ألا يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فنزلت الآية وهددتهم بشدة (أنظر تفسير الأمثل ج 18 ص 122).
4ـ أن مجرد وجود رواية صحيحة السند لا يعني أنها لا بد أن تكون مقبولة الدلالة، هذا ما يقوله حتى المخالفون، فقد ترفض الرواية لدلالتها، فالرواية التي تعارض الدلالة القطعية بعصمة الأنبياء والأوصياء لابد أن ترفض أو تأول حتى لو كانت صحيحة السند. لأن خبر الواحد لا يخبر الإّ عن الدلالة الظنية.
5ـ إن القرآن الكريم أثبت عصمة فاطمة (عليها السلام) يقول تعالى: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)) (سورة الأحزاب: آية 33). فالرواية إذا كانت تدل على عدم العصمة معناها معارضتها للكتاب.
6ـ إن هذا المستشكل وإن نقل الرواية عن البحار ولكنه مع الأسف لم ينقل تعليق المجلسي عليها حلاً لهذا الإشكال وما ذلك منه إلا لما ينطوي عليه قلبه من المرض




السؤال: المراد بالعصمة في آية البلاغ

(( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّم تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهدِي القَومَ الكَافِرِينَ )) (المائدة:67)
لقد استدل علي أحد السنة في لفظة العصمة في هذه الاية على معنى الحماية الجسدية للرسول صلى الله عليه و آله و استدل بها على شيئين أولا أنه سيحميه من أذى الناس ولذلك مات ولم يستشهد بالسم
ثانيا أن هذه العصمة أي الحماية مستمرة بعد الممات وأن دفن الشيخين مع الرسول صلى الله عليه و آله شرعي لانه من الاذى أن يدفن منافق مع الرسول ولا يحميه الرسول من هذا الاذى و الدنس


الجواب:

إن الكلام في الآية المباركة ليس في معنى العصمة الواردة فيها وإنما مورد نزولها ووقت إبتداء هذهِ العصمة المرادة في القرآن وممن يعصمه الله.
فإن معنى العصمة في الآية مطلق شامل لكل ما يعصم الله نبيه منه كالقتل والأذى والرد عليه والتكذيب والكلام الجارح وغيره، ولكن الكلام كل الكلام في سبب العصمة أو لماذا يعصمه ، وهذا يتوضح عند معرفة سبب النزول.
فالشيعة تقول أن سبب النزول كان في غدير خم وأن النبي (صلى الله عليه وآله) خشي الرد من قومه أن بلغهم ولاية علي (عليه السلام) فنزلت العصمة من الله ، فعصمه الله عن القتل وعن التكذيب.
وأما من يريد أن يصرفها عن علي (عليه السلام) فيدعي أنها نزلت في غير هذا الموضوع ومن ثم يدعي أنها نزلت في عدم التكذيب لكل الرسالة أو أنه يعصمه من اليهود أو أنه يعصمه من القتل حسب الاعراف التي يدعيها ـ ولا يمكن معرفة الحق إلا بتحقيق مورد النزول، ولذا ترى صاحبك المناظر يقفز عن هذه المقدمة إلى ما يترتب عليها حتى لا تلزمه بالغاية المرادة من العصمة، فلاحظ.
وأما قوله بخصوص عمر وابي بكر فإنا نرده بأن المنافقين في حياته أكثر أذى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) منهم بعد مماته فلماذا لم يعصمه الله منهم في المدينة وكانوا مجاورين له بل ويدخلون مسجده وبيته؟



السؤال: عصمة النبي (صلى الله عليه وآله) ليست مختصّة بالتبليغ فقط

سؤالي حول العصمة
هناك قول عند اهل السنة :
بأن العصمة هى حالة مؤقتة فى موقف محدد أو متخصصة لتبليغ شئ محدد ..ففي هذه الحالة يكون الدين مصون, لانه لايكون الخطأ حين التبليغ او ماشابه ..وعند حالة الخطأ نعلم انه ليس في حالة تبليغ, عندها نكون قد علمنا وميزنا متى يكون التبليغ ومتى يكون لايكون, لان التبليغ او موقف دائما يكون معصوم .
هذا قولهم وننتظر من سماحتكم الاجابة

الجواب:

إن لم نثبت العصمة للنبي (صلى الله عليه وآله) في حالاته كلها فليس لنا أن نثبت له ذلك في حالة التبليغ فقط. فهذا أشبه بكلام شعري في الإستدلال على مسألة علمية، لأننا إذا جوزنا الخطأ على النبي (صلى الله عليه وآله) في حالات عدم التبليغ ـ كما هو مدّعى القوم ـ فمن أين لهم أن يخبرونا أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد صدق في هذه الحالات أي في حالات عدم التبليغ ولم يكذب علينا،ويخبرنا بأنه قد جاءه تبليغ من السماء ليبلغه لنا وهو في الواقع ليس كذلك.؟ كيف لنا ـ حينئذٍ ـ أن نميّز الصدق من الكذب في كلامه (صلى الله عليه وآله) لنعرف حالات التبليغ من غيرها.. وهل لأحد أن يعرف في حالة كذب النبي (صلى الله عليه وآله) علينا ـ لغرض عدم العصمة ـ لأنه يكون محتمل الخطأ ـ ومنه الكذب ـ أنه يبلغنا عن الله وهو في الواقع لا يبلغ عن الله بل عن نفسه.. فإننا إما أن نقول بعصمته (صلى الله عليه وآله) مطلقاً، أو نقع في هذا الإشكال الذي لا جواب شافي له..



السؤال: عصمة النبي موسى (عليه السلام)

ما هو تأويل هاتين الآيتين الدال ظاهرهما على السهو والنسيان.
(( فلَمَّا بَلَغَا مَجمَعَ بَينهمَا نَسيَا حوتَهمَا فاتَّخَذَ سَبيلَه في البَحر سَرَباً )) (الكهف:61)
(( قَالَ أَرَأَيتَ إذ أَوَينَا إلَى الصَّخرَة فإنّي نَسيت الحوتَ وَمَا أَنسَانيه إلَّا الشَّيطَان أَن أَذكرَه وَاتَّخَذَ سَبيلَه في البَحر عَجَباً )) (الكهف:63)

الجواب:

إن المشهور في فتى موسى من خلال الروايات أنه (يوشع بن نون)، ولكنه لم يذكر في ظاهر القرآن ولذا عبر عنه العلامة في (الميزان) بـ(قيل)، وعن الطوسي قيل :أنه ابن يوشع (التبيان 7: 65).
وإذا ثبت أنه يوشع فيجب تأويل ظاهر النسيان، فأنه لم ينس الحوت وكيف ينساه وهو رآه يمضي في البحر سرباً، وإنما لم يذكر ما حدث له لموسى (عليه السلام) إلا بعد أن سأله عنه، فأنزل منزلة النسيان، وقيل أن سبب عدم ذكر ما حدث لموسى (عليه السلام) أنه كان مشغولاًَ بمدافعة الشيطان ولذا عبر عنه بـ(( وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيطَانُ )) (سورة الكهف: 63)، ولذا ترك أخبار موسى(ع) بالأمر (التنبيه بالمعلوم للحر العاملي: 181). وأما نسبة النيسان لهما معاً ، فهو للتغليب فإن من ترك الحوت يمضي هو يوشع والمعنى تركا حوتهما كما هو الحال في قوله: (( وَلَقَد عَهِدنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ )) (سورة طـه:115)، أي ترك وهو ترك الأولى.



السؤال: استفتادة العصمة من قوله تعالى (وجعلني مباركاً أين ما كنت)

قوله تعالى (( وجعلني مباركا اين ماكنت )) هذا الاطلاق الا يدل على عصمة النبي بما فوق دائرة التبليغ الشامل للسهو والخطأ والنسيان؟؟؟

الجواب:

ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في معنى الآية (إن الله جعل النبي نفاعاً)، ومن خلال هذا المعنى لا يمكن استفادة العصمة إلا على فهم أن النفع المقدم لابد أن يكون خالياً من حالات السهو والخطأ والنسيان الذي قد يحول النفع إلى لا نفع وحتى إذا تم هذا المعنى فهو يكون خاصاً بنبي الله عيسى (عليه السلام) لأن الآية خاصة به.



السؤال: إدعاء مخاطر للقول بالعصمة
بسم الله الرحمن الرحيم

كيف يمكن الرد على هذه الشبهة المطروحة في الانترنيت حول العصمة؟؟
*************************
كثيرا ما يُتّخذ قوله تعالى (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى )) (النجم:4) حجّة لتأكيد عقيدة (العصمة) المطلقة، في حين أن الآية الكريمة مقيّدة من الداخل ومن الخارج:
أمّا الحصر الداخلي, فقوله تعالى (( إن هو إلاّ وحي يوحى )) وهذا يعني أنّ العصمة تتعلّق بالوحي، فلو كان كلّ قول الرّسول وحيا، لما كان لنا كتاب مميّزا عن باقي أقوال الرسول سمّاه الله تعالى قرآنا ونسبه لنفسه، فالوحي في هذه الآية يتعلّق بالقرآن.
أمّا الحصر الخارجي فيتمثّل في كلمة (هوى) وهي تعني ميلان النفس إلى غير جانب الحقّ وتوجيه الإرادة في ذلك الجانب لتأتي بأفعال بغرض إشباع رغبتها.
ولكن الخطأ لا يصدر عن (الهوى) فقط: قد يصدر عن النسيان والسهو والتسرّع وسوء التقدير والجهل والانفعال والمرض... وهذه كلّها لا علاقة لها بالهوى، إذن لماذا ذكر سبحانه وتعالى كلمة (الهوى) بالتحديد؟
لأنّ مضمون الآية يتعلّق بكلام الله سبحانه وتعالى، وهو يذكّر الكفار بأنّه ليس للرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم غرض مادي أو دنيوي، حتّى يأتي بهذا الكلام من عنده ويقصد بذلك تحقيق مآرب خاصة، فهو لا يريد منهم رئاسة ولا ملكا ولا مالا، ولا أيّ شيء ممّا تميل إليه النفس فتطمع فيه ويُعميها عن الحقّ.
ويمكنهم أن يتحقّقوا من ذلك، عندما ينظرون في القرآن الكريم فهم لا يجدون أن الرّسول قد حابى فيه نفسه ولا عشيرته ولا آله ولا دعا له بما يحقّق له مكاسب في الدّنيا، ولا دعا إليهم ليضمن لهم الرئاسة، بل لم يُذكر الرّسول بالاسم في القرآن الكريم سوى أربع مرّات (الفتح:29 - محمّد"2 - الأحزاب:40 - آل عمران:144) ولم يُذكر أحد من آله بالاسم ولا مرّة واحدة، ولم يذكر من أصحابه بالاسم إلاّ (زيد) (37 الأحزاب) وهذا أكبر دليل على أنّ الرّسول لم ينطق بالقرآن عن هوى وإنّما كلّما جاء به (( هو وحي يوحى )) إليه من الرحمان الرحيم، وقد كانت دعوته خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى.
ويَستدلّ الشيعة على العصمة أيضا بآية أخرى، في قوله تعالى (( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) (الأحزاب:33), ويقتصر الشيعة عند استشهادهم بهذه الآية على عبارة واحدة مقتطعة من جملة الآية وهي قوله سبحانه وتعالى (( إنما يريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ))، في حين أن سياق الآية وما سبقها من آيات يفيد - بما لا يدع مجالا للشك - بأنّ المقصود بالتطهير هن زوجات الرسول رضي الله عنهن و حتّى لو تعسفنا وأخذنا هذه الآية في غير سياقها من الآيات التي سبقتها ـ والتي تتعلّق بنساء الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم فقط - وتعسفنا أكثر وأخذنا منها العبارة المذكورة في غير سياقها أيضا, فإنّ هذه العبارة تحمل في داخلها تفنيدا واضحا لمبدأ العصمة، وفيها ردّ مباشر في إبطال مبدأ العصمة، لأنّ التطهير لا يكون لمن هو كامل الطهارة، فإذا وُجد منذ البداية طاهرا، فسيقع تطهيره من ماذا؟
وعندئذ ستكون الصيغة في هذه الآية (( ذهبَ عنكم الرجسُ آل البيت لأنّه خلقكم أطهارا )) ، أمّا قوله تعالى (( ويطهركم تطهيرا )) أي أنّ عمليّة التطهير جاريّة عليهم في الزمن فكلما ارتكبوا ذنبا واستغفروا الله سبحانه وتعالى إلاّ وطهرهم منه ومن تبعاته، وكلّما عبدوا الله أكثر وأطاعوه فيما أمرهم به واعتمدوا عليه إلاّ وأبعد عنهم الرجس فلا يقربهم، إذن فعملية التطهير مشروطة بأعمال عليهم القيام بها، ولو كانت عمليّة منتهيّة إلى حدّ يبلغ فيه الطهر أقصاه لما جاءت كلمة (تطهيرا) كإضافة، و لوقفت الآية عند (( يريدُ الله أن يذهب عنكم الرجس آل البيت ويطهّركم )) والمقصود في الآية أنّ التطهير مستمرّ مع النبي وآله ما دموا مستمرّين في تجنّب المعاصي والإقبال على الطاعات والإكثار من الاستغفار من الذنوب.
وعبارة (يطهّركم) لم يختصّ بها آل البيت عليهم السلام فقط بل قال الله سبحانه وتعالى لعموم المؤمنين في آية الوضوء (( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )) (المائدة:6) وفي سورة الأنفال أيضا (( إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام )) (الأنفال:11).
أين الخطر في القول بعصمة الأئمة؟؟
1- أنّ هذا سيؤدّي إلى تعدّد الشرائع وإلى تعدّد الأنبياء المتّبعين. وإلى تعدّد الوحي ـ وسيكون هذا التعدّد داخل كيان المسلمين أنفسهم.
2- ستكون العصمة مُدخلا للشيطان، فالذي سيحمل أقوال الإمام ليبلّغها إلى النّاس، إن لم يكن سليم النيّة، فسيتقوّل على الإمام بما لم يقل، وإن كان سليم النيّة، فسيُحمّل القول رغباته وانفعالاته وأهواءه وسيوجّهه الوجهة التي يريد.
3- تعدّد المراجع في الدين سيُـضعف مركزيّة كلّ المراجع، فلن تكون للرّسول أهمّية كونه المرجع الوحيد في السّنّة والسّلوك ولن يكون للقرآن أهمّية كونه المرجع الوحيد في الهداية (المعصوم) من كلّ خطأ.
4- سيؤكّد إخواننا الشيعة على نقاط الاختلاف باعتبارها تؤكّد الهويّة والتميّز وسيدفع هذا بهم إلى الغلوّ والشطط بحيث سيكون للإمام حضوة في الإتباع أكثر من الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لأنّ عصمة المعصوم الأخير تؤهّله ليكون ناسخا لأقوال المعصوم الذي قبله. فيصير الاختلاف في الإسلام شبيه بالاختلاف بين العهد القديم والعهد الجديد عند المسيحيين بل وأكثر من هذا، إذ سيكون كالاختلاف بين التوراة المحرّفة والقرآن (على أن يكون مثال التوراة المحرّفة مثال القرآن الذي بين أيدينا).
5- العصمة تُبطل قيمة الوحي. فإذا كان الإمام أو الرسول معصوما من الخطأ، فلماذا يوحى إليه؟ أو ربّما كان من الأجدى أن تنزّل عليه جملة واحدة (( يا ايّها النّاس اسمعوا لهذا الرّسول وأطيعوا فإنّي قد عصمته من الخطأ )).
إذن ليست المسألة مكابرة من المعترضين على القول بالعصمة وإنّما كانوا يخشون هذه النتائج التي ستضيّع الدّين وتجعل النّاس المتشيّعين شيعا بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى: متفرّقين في عقائدهم، متفرّقين في نظمهم، متفرّقين في ميولاتهم، متفرّقين في أئمّتهم، متفرّقين في أحلامهم، متفرّقين في ولائهم...
وقولي هذا ليس فيه استنقاص للأئمّة بل قدرهم عند الله كبير ولكن تنبيه لكم أنتم أيها الشيعة: أنّ ما تعتقدونه فيهم يؤدّي إلى نتائج خطيرة تضرّ بالدّين.
فإذا سُئلنا, أيُخطئ الأنبياء أم لا؟؟ قلتُ (خطأ الأنبياء ليس كخطئنا نحن، لأنّ صغائر ذنوبنا كبائر ذنوبهم، وقد يُذنبون بأشياء لا تعتبر في حقّنا ذنوبا، فنحن قد تحدّثنا أنفسنا بأشياء لا تُحسب علينا ذنوبا وتُحسب عليهم لمنزلتهم من الله سبحانه وتعالى وقربهم منه). فالنبيّ أو الرّسول من البشر، له غرائز، له رغبات، له حاجات وشهوات، يأكل ويشرب ويصوم، يتعرض لمصائب و يمرض بما يؤثر في عقله وفي مداركه، ينفعل بالغضب وبالسّرور وبالحزن و بالفرح، يعلّمه الله تعالى بطريق الوحي أو بطريق التجارب في الحياة وبالتفاعل مع النّاس, وكلّ هذه تكون مقترنة بأحوال مختلفة ومصحوبة بمؤثّرات مختلفة، فيُجهد الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم نفسه كرجل مكلّف بتطبيق الشرع وبإيصاله إلى النّاس على أن يؤدّي الأمانة فيما يتعلّق بالوحي وقد عصمه الله في هذا بأن يسّر له استيعاب القرآن وطمأنه على صيانته، وباشر حفظ ذلك قبل الوحي أو أثناءه أو بعده، يقول الله سبحانه وتعالى (( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم )) (الحج:52), ويُجهد نفسه فيما عدا ذلك على أن تكون حياته مطابقة لتعاليم الله سبحانه وتعالى فإن أخطأ في اجتهاده هداه الله تعالى إلى طريق الصّواب وفي ذلك عصمة لها وجهين: حماية الرّسول من الضلال وإتاحة الفرصة له للاستغفار والتوبة.
إذن الرسل عليهم السّلام يُخطئون ولكن يرعاهم الله دائما بالهداية بتنبيههم وحثّهم على التوبة والاستغفار.
فالذي لا يمكنه أن يُخطئ هو آلة معصومة أو قدّت لتـتبع قوانين صارمة اتّباعا صارما. أين الانفعالات؟ أين العواطف؟ أين الرّغبات والغرائز؟....
كلّ هذه المسائل الإنسانية تفقد معناها في هذا التصوّر الآلي للعصمة، وكأنّما ليس للرّسول شخصيّة مستقلّة ومسؤولة عن فعل يُردّ إليها فتُسأل عنه شرعيّا، يقول الله سبحانه وتعالى (( قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده )) (إبراهيم:11) إذن اختلافهم على البشر يكمن فيما تفضّل الله به عليهم وهو الوحي، ويقول سبحانه وتعالى في سورة الكهف (( قل إنما أنا بشرمثلكم يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )) ويقول الله سبحانه وتعالى أيضا (( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين )) (فصلت:6).
*************************
افتونا ماجورين جزاكم الله خيرا
الجواب:

1- ورد النطق في الآية القرآنية مطلقاً وورد عليه النفي فكان مقتضاه نفي الهوى عن مطلق نطقه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكان المعنى أنه لا ينطق إلا عن وحي، فحصر النطق بالوحي قال الآلوسي في تفسيره: ج27ص46: (( وقيل : المراد ما يصدر نطقه عليه الصلاة والسلام مطلقاً عن هوى وهو عائد لما ينطق به مطلقاً أيضاً وإحتج بالآية على هذا التفسير من لم يرَ الإجتهاد له عليه الصلاة والسلام.كأبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم، ووجة الإحتجاج أن الله تعالى اخبر بأن جميع ما ينطق به وحي وما كان من إجتهاد وليس بوحي فليس ممّا ينطق، وأجيب بأن الله تعالى إذا سوغ له (عليه الصلاة والسلام) الاجتهاد كان الاجتهاد وما يسند إليه وحياً لا نطقاً عن الهوى... )) .
ولا يعترض على ذلك بعدم التمييز بين قول النبي وقول القرآن، وذلك لأنه ثبت عندنا نزول الوحي على النبي في مواضع عدة وبلغ بكلام منه (ص) بأن الوحي يخبر بأشياء غير القرآن كالأحاديث القدسية وأحاديث من كلامه (ص) بإخبار الوحي، فليس معنى أن نطقه ما هو إلا وحي أن يكون دائماً قرآناً،بل يمكن أن يكون غيره لأن الوحي كما يبلغ بالقرآن يبلغ بغيره والإشكال نشأ من افتراض أن الوحي لا يخبر إلا بالقرآن وهو خطأ.
وأما الإعتراض الثاني وهو أن الخطأ لا يصدر عن الهوى فقط بل يصدر عن غيره، فلو سلمنا بذلك، فإن الخطأ يمكن أن يصدر منه (ص) لو كانت الآية القرآنية تقول: وما ينطق عن الهوى فقط, ولكن لما حصرت الآية النطق بالوحي لا معنى لصدور الخطأ في نطقه الإّ بالقول بخطأ الوحي وهذا ما لا يقول به أُحد.
ثم إن سبب نزول الآية يتعلق بواقعة سقوط النجم، فليس النطق كان متعلقاً بالقرآن، وليس هناك قرينة تصرف سياق الآية للقرآن, وأما ما تمحله هذا المستشكل فليس إلا هذراً ممن لم يعرف العربية.
2- إرجع إلى موقعنا على الإنترنيت وتحت العنوان: (الأسئلة العقائدية / آية التطهير).
3- وأما المخاطر التي ذكرتها للقول بالعصمة فنجيب عنها:
أ- أن تصور إتصال الأئمة بالوحي معناه تعدد الشرائع تصور خاطئ، فالإمام حتى لو سدد من قبل الوحي فليس معناه أن يأتي بدين جديد وشريعة جديدة بل التسديد يكون لبيان شريعة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
ب- إذا كانت العصمة مدخلاً للشيطان في أصحاب الأئمة، فإنها أيضاً ستكون مدخلاً للشيطان في أصحاب الرسول (ص) فيتصرفون كما تصورت أن يتصرف أصحاب الأئمة، وهذا خلاف ما يقوله أتباع مدرسة الصحابة حيث قالوا بعدالة جميع الصحابة.
إذ لم يكن الإمام معصوماً فسيكون هو مدخلاً للشيطان وبالتالي تنحرف الأمة جميعاً بإنحرافه.
ج- ما يفعله المراجع ماهو إلا للوصول إلى فهم مراد المعصوم سواء كان قرآناً أم نبياً أم إماماً، وإذا لم يتعدد المراجع فمعناه القبول بقول مرجع واحد سواء كان على خطأ أم صواب كما حصل مع أتباع المذاهب الأربعة، وليس تعدد المراجع، هو إضعاف لدور الرسول (ص) والقرآن بل جلاء وبيان له.
د- ثم إنك إذ ترفض تعدد المراجع معناه أنك تجعل المسلمين يأخذون مباشرة من الرسول (ص) أو القرآن، وفي هذه الحالة فإن هذا يزيد في الخطأ، فأنت لم تقبل بتعدد المراجع وقبلت بتعدد أكثر من خلال المسلمين الآخذين من مصدر التشريع.
هـ- أن إفتراض كون الإمام معصوماً يعني أنه سوف يأتي بشيء صحيح، فحتى لو جاء بشيء جديد فإنه مسدد من قبل السماء نحو ذلك، وهذا الذي يأتي به ما هو إلا بيان لشريعة النبي التي لم تظهر كل شيء خلال الفترة القصيرة التي استمرت بها.
و- الإمام معصوم بتسديد الوحي، فالإتصال بالسماء هو الذي يجعله معصوماً، فالإمام والنبي يحتاج كل منهما لأن يسدد من قبل روح القدس ليكون معصوماً، وبعصمة الإمام سيتحد الناس على مصدر واحد للعلم والمعرفة لا يقبل الخطأ بخلاف القول: (بأيهم أقتديتم إهتديتم) فإن الإختلاف سيكون كبيراً.


يتبع

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.37 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2019 الساعة : 12:22 AM


السؤال: هل أن جسد المعصوم في قبره
بسمه تعالى
السلام عليكم
هل ان المعصوم عليه السلام حين موته يبقى جسده تحت التراب ؟
الجواب:

يقول الفاضل الدربندي في كتابه اكسير العبادات:... فبعد رفع المنافاة والمناقضة بين هذه الأخبار بوجه من التنوير والعناية نقول: انها لا تقاوم المعارضة أخبار كثيرة بالغة حد التواتر المعنوي في افادتها أن الأجساد الطيبه الطاهرة من محمد وآله المعصومين وهكذا من سائر الأنبياء والأوصياء انما هي في قبورهم المنورة ومضاجعهم المقدسة, وكيف لا؟ فانه لولا في المقام الا الصحيح على الصحيح, وهو صحيح محمد بن سنان عن المفضل بن عمر في حديث طويل عن الصادق وفيه قال: (اذا زرت أمير المؤمنين فاعلم انك زائر عظام آدم, وبدن نوح, وجسم علي بن أبي طالب الى ان قال: فاذا زرت جانب النجف فزر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب, فانك زائرَ الاباء الاولين والآخرين...) لكفى دليلاً وحجة ً في المقام فكيف به اذا صار مؤيداً او مساعداً بأخبار ووجوه كثيرة.
فنشير اليها اشارة اجمالية فنقول:
فمن ذلك: ما في الأخبار المستفيضه من وصية أمير المؤمنين الى أولاده بان يدفنوه سراً حتى لا يطلع على قبره الشريف طغاة بني امية والتقريب واضح. ومن ذلك ايضاً: الفقرات الكثيرة من الزيادات والادعية الواردة في أكل التربة الطاهرة الحسينيه والاستشفاء بها, فان ظواهر كل ذلك تعطي كون الجسد الشريف في القبر الشريف الى ان تقوم الساعة او الى الرجعة ومن ذلك أيضاً: الأخبار الكثيرة الناطقه بجور خلفاء بني العباس بقبره الشريف ولا سيما المتوكل وبعض تلك الأخبار صريح في المطالب وذلك مثل... (واني نبشت القبر فوجدت بارية جديده وعليها بدن الحسين بن علي ووجدت منه رائحه المسك فتركت البارية على حالها وابن الحسين على البارية وامرت بطرح التراب عليه...).
... الى ان يقول:
هذا ولا يخفى عليك انك اذا اضفت الى ما ذكرنا ظواهر الأخبار المتكاثرة المتظافرة في ان أربعة الآف من الملائكة كما في جملة كثيرة من الأخبار وهكذا سبعين الفاً من الملائكة كما في طائفه من الأخبار حافون حول القبر الشريف
شعت غبر يبكون على سيد الشهداء (روحي له الفداء) ... وهكذا ظواهر الأخبار الناطقه بان الأنبياء والأوصياء يزورونه في ليالي الجمعات... علمت وتيقنت ان هذا ليس لمحض كون القبر الشريف مصرعاً ومدفنا في مدة ثلاثة أيام فقط, بل لكون الجسد الشريف فيه الى ان تقوم الساعة أو زمان رجعة صاحبه (روحي له الفداء) الى الدنيا.
... الى أن يقول:
ومما يدل على المطلب ومما يؤيده ما في خبر عن جابر عن ابي جعفر قال: (قال الحسين لأصحابه قبل ان يقتل ثم امكث ما شاء الله فاكون اول من تنشق الارض منه فاخرج خرجة يوافق ذلك خرجة أمير المؤمنين وقيام قائمنا).
أقول: فتقريب الاستدلال أو التأييد به ظاهر فاذا ثبت المطلب بالنسبه الى الجسدين الشريفين الطيبين الطاهرين أعني جسد أمير المؤمنين وجسد سيد الشهداء ثبت في سائر الأجساد الطاهرة أيضاً أعني أجساد آل محمد (صلى الله عليه وآله) وهكذا في سائر أجساد الأنبياء والأوصياء.
ومما يدل أيضا على المطلب الأخبار التي تذكر العثور على أجساد الأنبياء بعد نبشها أو عظامهم ومنها خبر اخراج موسى عظام يوسف من النيل ومن الأخبار أيضا قول النبي (صلى الله عليه وآله) (أول من تنشق منه الارض يوم القيامة انا...)
وبالجمله فان أمثال ما تقدم من الأخبار من حيث دلالتها على المطلب أو تأييده بها في غاية الكثرة, انظر اكسير العبادات ج3 ص247 ـ 255.



السؤال: رواية توهم بعدم العصمة (1)
هل هذا ينفي العصمه؟
قال صاحب المدارك: لم نقف على هذه الرواية مسندة ولعله أشار بها إلى رواية زرارة.
وهى ما رواه الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 219 في الصحيح عن أبى جعفر عليه السلام أو أبى عبدالله عليه السلام (كما في التهذيب) قال: (( ان عليا عليه السلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف اليها ستا، ثم صلى ركعتين خلف المقام ثم خرج إلى الصفا والمروة فلما فرغ من السعى بينهما رجع فصلى ركعتين اللتين تركه في المقام الاول )).
ثم قال السيد (ره): مقتضى هذه الرواية وقوع السهو من الامام عليه السلام وقد قطع ابن بابوية بامكانه.وفيه دلالة على ايقاع صلاة الفريضة قبل السعى وصلاة النافلة بعده.
كتاب من لا يحضره الفقيه - الجزء الثاني للشيخ الجليل الاقدم الصدوق أبى جعفر محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمى المتوفى سنة 381 باب السهو في الطواف (396)(397)
الجواب:
الاول: الرواية لا ظهور فيها على وقوع السهو من علي (عليه السلام) كما يتوهمه البعض، حيث لم يرد فيها أي لفظ يدل عليه وظاهر معناها كما قال السيد الخوئي (رحمه الله):
هذا ولكن في صحيح زرارة: (إن علياً (عليه السلام) طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف إليه ستاً ثم صلى ركعتين)، فهو كالصريح في أن الطواف الثاني هذا الواجب وهو الذي يُعتد به وأما السبعة الأولى فقد تركها، أي رفع اليد عنها وألغاها ولو كان الأول هو الواجب لا معنى لقوله (فيترك سبعة) ويؤيد بأن الأول لو كان واجباً لاستلزم القران بين الفريضة والنافلة وهذا بخلاف ما إذا كان الثاني واجباً فإنّ إتيان الفريضة بعد النافلة غير ممنوع وليس من القرآن الممنوع (كتاب الحج 4: 377).
فيكون علي (عليه السلام) قاصداً للجمع بين النافلة والفريضة من أول الأمر.
الثاني: هذا ولكن قد يشكل بأن في الرواية احتمال وقوع السهو من الإمام (عليه السلام) وهو منافٍ للعصمة الثابتة عند الإمامية للأئمة (عليهم السلام) فتحمل الرواية على التقية،أما من قبل الإمام (عليه السلام) نفسه أو من قبل الإمام الصادق (عليه السلام) ناقل الخبر عن علي (عليه السلام) وهذا ما أشار إليه السيد الخوئي (رحمه الله) بقوله: فيمكن إخراج هذه الرواية مخرج التقية في إسناد السهو إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ومثل ذلك غير عزيز في الأخبار فلا ينافي ثبوت أصل الحكم. (كتاب الحج 4: 377).
وقوله (في إسناد السهو) يريد منه وقوع التقية من الإمام الصادق (عليه السلام) تحفظاً على أصل الحكم.حيث قد وردت رواية صحيحة عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليه السلام) قال: أن في كتاب علي (عليه السلام) إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة فاستيقن ثمانية أضاف إليها ستاً وكذا إذا استيقن أنه سعى ثمانية أضاف إليها ستاً (التهذيب 5: 125).
وعن رفاعة في الصحيح قال: كان علي (عليه السلام) يقول: إذا طاف ثمانية فليتم أربعة عشر، قلت يصلي أربع ركعات؟ قال: يصلي ركعتين)(التهذيب 5: 112).
ومنه تعرف إمكانية احتمال وهم الراوي في رواية زرارة وأن الحكم عن علي (عليه السلام) وليس من فعل علي (عليه السلام). فلاحظ.
الثالث: إن هذه الرواية خبر واحد، وبالتالي فهي لا تنفع في إثبات عقيدة أو رد عقيدة ثبتت بالأدلة القطعية كعصمة الأئمة (عليهم السلام)، والشيعة الإمامية لا يأخذون في عقائدهم بالخبر الواحد، بل بالدليل القطعي عقلياً كان أو نقلياً، ومن هنا لو فرضنا والفرض غير مستحيل على أن الرواية تدل على وقوع السهو فأن المعاملة معها تكون أما بردها أو تأويلها أو حملها على التقية، كيف والرواية ليس في ظاهرها ما يدل على وقوعه؟ فتأمل.



السؤال: رواية توهم بعدم العصمة(2)
... فانطلقا حتى دخلا على فاطمة وهي في مصلاها قد قضت صلاتها وخلفها جفنة تفور دخانا, فلما سمعت كلام رسول الله صلى الله عليه وآله خرجت من مصلاها فسلمت عليه, وكانت أعز الناس عليه, فرد السلام ومسح بيديه على رأسها وقال لها : يا بنتاه كيف أمسيت رحمك الله ؟ قالت : بخير, قال : عشينا رحمك الله وقد فعل, فأخذت الجفنة فوضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي فلما نظر علي إلى الطعام وشم ريحه رمى فاطمة ببصره رميا شحيحا, قالت له فاطمة : سبحان الله ما أشح نظرك وأشده ! هل أذنبت فيما بيني وبينك ذنبا استوجبت منك السخط ؟ فقال : وأي ذنب أعظم من ذنب أصبته
ورد هذا في بحار الانوار
فهل هو ينافي العصمه؟
الجواب:

إن الحديث ليس فيه أي دلالة على وقوع ما يخالف العصمة من فاطمة (عليه السلام), وأما نظر علي (عليه السلام) وقوله لها ( عليه السلام) فأنه يجري مجرى الاستفهام والعتاب لإيجاد الجواب منها (عليها السلام) عن الموقفين في الصباح إذ لا طعام وفي العشاء إذ بجفنة تفور, ومن الواضح جداً أن مثل هذا الموقف ممّا يبعث على الاستفهام لدى كل لكل من يحدث له مثل ذلك.
والمؤيد لما قلنا هو أن رواية الجفنة قد وردت بعدة أشكال ليس في واحدة منها مثل هذه الألفاظ الموهمة,بل إن الاستفهام صريح فيها سواء من علي (عليه السلام) أو من رسول الله فقد ذكر صاحب (مدينة المعاجز) عدة روايات لحادثة الجفنة (1: 326) فراجعها.



السؤال: ترك الاولى

ترك الأولى مع العلم به
1- يعرف ترك الأولى أحيانا بأنه ترك المعصوم الأرجح في قبال الراجح وليس تركه للمرجوح في قبال الراجح مع ملاحظة كمالات الأفعال لامتناهية إذ أن لكل فعل راجح ما هو أرجح منه (وفوق كل ذي علم عليم) والسؤال هل يعقل أن يصدر ترك الأولى وهو فعل الراجح من المعصوم مع علمه بالفعل الأرجح, أفلا يعد ذلك مستهجنا بغض النظر عن كون الأمر مولويا أو ارشاديا؟
2- إن كان ترك لا يصدر من المعصوم وهو عالم به فما معنى أكل آدم عليه السلام من الشجرة المنهي عنها وهو غير ناس لنهي الله عز وجل؟
3- قيل أن الله سبحانه وتعالى لا يعاقب أولياءه لتركهم الأولى بمعنى إيقاع الألم بهم, إنما قد يكون بمعنى سلب اللذة وهو غير إيقاع الألم, فإن صح ما سبق كيف نفسر ما حدث لنبي الله يونس عليه السلام من مجريات كلبثه في بطن الحوت؟
الجهل المركب
4- كيف نفسر هروب موسى عليه السلام عند صيرورة العصا ثعباناً كبيرا بما لا يتعارض مع الجهل المركب, وهل يمكن تفسير ما حدث بأنه إشارة أن العذاب إذا ما نزل بساحة ما فإنه لا يصيب الذين ظلموا خاصة وإنما يشمل الجميع؟
5- هل القول بأنه من الممكن إلقاء هذا الخوف في قلب موسى عليه السلام كان لحكمة التدريب على تحمل المشاق, فان الانسان ينضج بسبب المخاوف والاتعاب, فيكون اصلح لادارة دفّة الحياة يتعارض مع معتقد الإمامية في الأنبياء عليهم السلام؟.
الجواب:

1و2- يظهر من بعض الروايات ان المعصوم عليه السلام عندما يصدر منه ترك الأولى لا يعلم بأفضلية او أرجحية الفعل المتروك ففي رواية عن أبي عبد الله عليه السلام يسأل جبرئيل عليه السلام آدم عليه السلام عن سبب أكله من الشجرة؟ فيجيب ادم عليه السلام بقوله: (يا جبرائيل ان ابليس حلف لي بالله انه لي ناصح فما ظننت ان احداً من خلق الله يحلف بالله كاذبا) بحار الانوار: 11/ 163, فآدم عليه السلام لم يكن يعتقد ان ما يفعل مخالف للامر الإرشادي ولم يكن يعتقد ان ترك الأكل هو الارجح بل كان يرى ان الأكل هو الأفضل حيث اعتقد أو صدق قول ابليس بان الأكل من الشجرة يجعله ملكاً او يكون من الخالدين .
فلا بد إذن من أن نقول أن صدور ترك الاولى من المعصوم عليه السلام يكون عند عدم علمه بالأرجح والا لعمل بالأرجح واما ما صدر من آدم عليه السلام كان بايقاعه في شبهة انتجت صدور ترك الاولى منه وهذه الشبهة نتجت من كون عدم اعتقاده ان هناك احداً يحلف بالله كاذباً وكذلك نتجت من كون ابليس أقنعه ان النهي لم يرد على جنس تلك الشجرة بل النهي جاء على خصوص تلك الشجرة فأكل من غيرها الداخل تحت جنسها فمن وراء تلك الشبهه وذلك الحلف الكاذب تغير لديه الراجح والمرجوح.
3- ليس هناك ضابطه لأثر ترك الأولى وفق ما ذكرت بل هناك اكثر من واقعة حصلت عند الانبياء عليهم السلام أوجبت ايقاع الألم عليهم ولعل قطع او سلب اللذة عنهم لوحده موجب للألم فلا معنى للتفريق بين سلب اللذة وايقاع الألم.
4و5- لا داعي للبحث عن تفسير لذلك على ما ذكرت وذلك لان الخوف الذي هو الأخذ بمقدمات التحرز عن الشر جائز عليهم وهذا الخوف هو غير الخشية التي هي تأثر القلب واضطرابه فان الخشية رذيلة تنافي فضيلة الشجاعة بخلاف الخوف والأنبياء عليهم السلام يجوز عليهم الخوف دون الخشية كما قال الله تعالى: (( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا ً الا الله )) (الاحزاب:39) انظر تفسير الميزان ج14 ص144.



السؤال: معنى ترك الأولى ونسبته الى النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام)

نرجوا من سماحتكم ارسال لنا جواباً مفصلاً حول النقاط التالية مع ذكر الأدلة النقلية والعقلية :
1.ما هو معنى ترك الأولى ؟ هل هو ترك المستحب وفعل المكروه أم قيامه بفعل ليس له مبغوضية ، ولا بتحقيقه مفسدة اخروية وليس له بعالم الحساب والعقاب أي صلة، نعم يترتب على فعله مضار دنيوية ومفاسد آنية في دنيا العبد دون آخرته ؟
2.هل النبي (ص) وائمة أهل البيت(ع) قاموا بترك الأولى كالأنبياء ؟
الجواب:

يدخل في ترك الاولى ما ذكرته من ترك للمستحب وفعل للمكروه شيء يضر في دنيا العبد دون آخرته نتيجه للغفلة عنه تعالى حتى لو كانت ناتجه عن فعل مباح وفعل. ولم يعلم صدور ترك الاولى من رسولنا (صلى الله عليه وآله)، وكذلك عن أئمتنا (عليهم السلام) , ولو صدر فان ذلك لا يقدح في عصمتهم لما هو المعلوم من أن ترك الاولى لا يضر بالعصمة.
يقول السيد محسن الخزازي في كتاب (بداية المعارف الالهية ج1 ص257): ((وقد يعبر عنه بترك الاولى ولا بأس به نعم قد يراد من ترك الاولى هو فعل مكروه أو عمل مرجوح وهو وان لم يكن معصية وتخلف عن القوانين ولا يكون رذيلة من الرذائل الاخلاقية ولكن لا يناسب صدوره من عظمائهم كرسولنا وائمتنا (عليهم السلام والصلوات) الا لجهة من الجهات كبيان الاحكام ونحوه)).
ويقول الشيخ الصافي في كتاب (رسالتان حول العصمة ص113): ((وأما بالنسبة الى نبينا (صلى الله عليه وآله) واوصيائه وخلفائه الاثني عشر (عليهم السلام) فحيث انهم في أعلى مراتب القوة القدسية والنورانية الربانية ولا تفوق ورتبتهم في الحضور عند المولى والجلوس على بساط قربه وانسه رتبة, فعدم صدور ترك الاولى عنهم كعدم صدور المعاصي في نهاية الوضوح يظهر ذلك لكل من درس تاريخ حياتهم النورانية واخلاقهم الألهية وادعيتهم ومناجاتهم وخشيتهم...
اذن فكيف يصدر ترك الاولى ممن بعض شؤونه وحالاته ما سمعت... ولا يخفى عليك: ان ترك الاولى ليس معناه ترك المستحب أو فعل المكروه فحسب بل ربما يكون بترك المستحب أو فعل المكروه وربما يكون بفعل المستحب وترك المكروه والامام أعلم بموارد ترك الاولى فلا يجوز نسبة ترك الاولى الى النبي والولي بل الى غيرهما من الفقهاء العارفين باحكام الله تعالى وموارد تزاحم المستحبات والمكروهات بعضها مع بعض بمجرد ترك المستحب او فعل المكروه بل يمكن الاستدلال بفعلها على عدم كون هذا الفعل او الترك مستحبا او مكروهاً بقول مطلق والا فلم يصدر منها)).



السؤال: التوفيق بين ترك الأولى لآدم(عليه السلام) وتوبته
يقول علمائنا الأجلاء : إن النبي آدم (ع) ترك الأولى ولم يقترف ذنباً , لعدم إمكانية ذلك في المعصوم , ولكن القرآن الكريم يبيّن أن آدم (ع) تاب , والتوبة لا تكون إلا من المذنب , كيف نتمكن من التوفيق بين الأمرين ؟
الجواب:

نلفت نظركم إلى الأمور التالية :
(1) إن الأدلة القائمة على العصمة أدلة عقلية ونقلية قطعيّة ومسلمة , وقد ثبت في محلّه أنّ هذه الأدلة هي مستقلة عن الأمثلة , أي أنّها لا يعتمد في إثباتها على الامثلة , وعليه فلا تقاس صحة هذه الأدلة بالأمثلة النقضيّة , إذ أن النقوض تأتي فقط على الأدلة التي تثبت عن طريق الاستقراء والتمثيل , وبما أنّ المقام ليس كذلك فلا يرد عليه أيّ نقض تمثيلي , بل يجب أن يفسّر كلّ مورد ومثال على ضوء تلك القاعدة العامّة .
(2) (التوبة) في اللغة، هي في الأصل الرجوع عن الشيء والاقلاع عنه , ولم يؤخذ في معنى الكلمة (الرجوع عن المعصية) بالذات , ويؤيّد ما قلنا استعمال مادة (التوبة) لله عزوجل في القرآن الكريم . نعم، كثرة استعمالها في الرجوع عن المعاصي في العباد صرفت الكلمة الى هذا المعنى .
ثمّ بناءاً على ما ذكرناه آنفاً , يتحتم علينا أن نفسر توبة آدم (ع) بما لا ينافي قاعدة العصمة , فان توبته كانت اقلاعاً ورجوعاً عن علمه السابق وإظهار الندم عليه , ولكن لا دليل على أنّ ذلك العمل كان معصيةً , بل نلتزم بأنّه كان تركاً للأولى , حفظاً لقاعدة العصمة , مع عدم منافاته لظهور الكلمة .



السؤال: قياس استثنائي يراد به نفي العصمة

أحتج علينا احد المخالفين بآية (( ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم )) بقولهم ان التطهير جاء لكافة المؤمنين ولو كان في معنى ارادة التطهير معنى العصمه كمايقول الشيعه في آية التطهير لوجب القول بعصمة جميع المؤمنين لنص الاية الكريمه على ارادة الله تطهيرهم وهذا ما لايقوله لا السنه ولا الشيعه فكيف تطبقون نظرية التطهير على اناس دون اخرين.

الجواب:

هذا القياس الاستثنائي الذي أشار المستشكل في إبطال دعوى الشيعة بعصمة أهل البيت (عليهم السلام) بأنه: لو كان المقصود بإرادة التطهير هي العصمة لزم أن يراد بهذه الاية - الآية 6 من سورة المائدة - عصمة المؤمنين جميعاً, وبما أن المؤمنين غير معصومين ضرورة, فليس المراد إذن من إرادة التطهير العصمة...
نقول هذا القياس باطل لوجهين.
1- الدعوى خلاف الظهور في الآية المستدل بها: إذ الآية ظاهرة في إرادة الطهارة المادية, بينما الدليل مبتن على إرادة الطهارة المعنوية - وهي العصمة -, فاختلف المقدم والتالي في هذا القياس الأمر الذي يعني أن هذا القياس غير منتج ألبتة.
2- الاستدلال خلاف دعوى الخصم: إذ الخصم يدّعي العصمة لجماعة معينة هم أهل البيت (عليهم السلام), بينما المستدل يريد من خلال نفي العصمة عن جميع المؤمنين نفيها عن بعضهم وهم اهل البيت - ولا يوجد تلازم بين الاثنين إذ يمكن التخصيص للعام كما هو معلوم ولا يوجد ملازمة عقلية بين نفي العام ونفي الخاص بل العمل شرعاً وعرفاً على خلافه حتى قيل : ما من عام الإ وقد خص.
3- الحصر الوارد في اية التطهير المستفاد منها نوع تطهير مخصوص لاهل البيت واكده بالمفعول المطلق (( يطهركم تطهيراً )) ثم بين ان الذي اذهب الله عنه هو جنس الرجس: رجس : الرجس لغة : "كل شئ يستقذر فهو رجس"(العين6: 52 "رجس").
فاذهب الله الرجس عن أهل البيت عليهم السلام جنس الرجس سواء كان رجس الكفر أو رجس عبادة الاوثان أو رجس قول الزور أو رجس الشرك أو رجس النفاق, وبكلمة واحدة فهم طاهرون من كل ما يستقذر منه في فكر أوفي عمل أو في اعتقاد.
1- (( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون )) (الانعام:125).
2- (( وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون )) (يونس:100).
3- (( ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور )) (الحج:30 ).
4- (( وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون )) (التوبة:125).
5- (( إنما المشركون نجس )) (التوبة:28).



السؤال: الإمام (عليه السلام) لا يفعل بالمكروه
بسم الله الرحمن الرحيم
أسئلة إستكشلت عليَ :
السؤال الاول :
هل يفعل الإمام المعصوم من أئمة أهل البيت عليهم السلام المكروه وذلك لأني وجدت بعض الروايات تصرح بذلك مثل ما ورد في الكافي :
حميد بن زياد, عن الخشاب, عن ابن بقاح, عن معاذبن ثابت, عن عمروبن جميع, عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سئل عن المبارزة بين الصفين بعد إذن الامام (عليه السلام) قال:
لا بأس ولكن لايطلب إلا بإذن الامام 8272 - 2 - عدة من أصحابنا, عن سهل بن زياد, عن جعفر بن محمد الاشعري, عن ابن القداح, عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى أن يبارزه فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ما منعك أن تبارزه؟ قال: كان فارس العرب وخشيت أن يغلبني (3) فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: فإنه بغى عليك ولو بارزته لغلبته ولو (4) بغى جبل على جبل لهد الباغي (5) وقال أبوعبدالله (عليه السلام): إن الحسين بن علي (عليه السلام) دعا رجلا إلى المبارزة فعلم به أمير المؤمنين (عليه السلام)
فقال: لئن عدت إلى مثل هذا لاعاقبنك ولئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لاعاقبنك, أما علمت أنه بغى. (6)
وأيضا في التهذيب في الجزء السادس :
1- محمد بن الحسن الصفار عن الحسن بن علي الكوفي عن الحسن بن على بن يوسف عن معاذ بن ثابت عن عمرو بن جميع رفعه إلى أميرالمؤمنين (ع) انه سئل عن المبارزة بين الصفين بغير اذن الامام قال: لا بأس به ولكن لا يطلب ذلك إلا باذن الامام.
2- سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الاشعري عن ابن القداح عن ابي عبدالله (ع) قال: دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى ان يبارزه فقال له أميرالمؤمنين (ع): ما منعك ان تبارزه؟ فقال: كان فارس العرب وخشيت ان يقتلني فقال له أميرالمؤمنين (ع): فانه بغى عليك ولو بارزته لقتلته ولو بغى جبل على جبل لهد الباغي, وقال ابوعبدالله (ع): ان الحسن بن علي عليهما السلام دعا رجلا إلى المبارزة فعلم به أميرالمؤمنين (ع) فقال له أميرالمؤمنين (ع): لئن عدت إلى مثلها لاعاقبنك ولئن دعاك احد إلى مثلها فلم تجبه لاعاقبنك, اما عملت انه بغي
!.
ولا يمكن حمل الرواية على ان الامام في معرض تبين الحكم الشرعي لان ظاهر الرواية تفيد بان الامام الحسين أو الحسن عليهم السلام دعا الرجل للمبارزة ثم علم الإمام علي عليه السلام هذا اولاً
وثانياً : أسمع الخطباء عندما يقرؤون مقتل الإمام علي عليه السلام يذكرونَ حواراً جرى بين الإمام علي وإبنته أم كلثوم (عليهم السلام) ومضمون هذا الحوار أن أم كلثوم عندما سمعت الإمام علي يردد بعض الامور فقالت له أتتطير يا أبي فأجابها لا, انا أهل بيت لا نتطير, ومن المعلوم ان التتطير مكروة, والسؤال ألم تعلم السيدة أم كلثوم أن الامام علي معصوم من التطير ؟
أفيدونا ماجورين
السوال الثاني:
ورد في الكافي الجزء الخامس باب النواد ص 569 :
أحمد بن محمد, عن علي بن الحكم, عن أبيه, عن سدير قال: قال لي أبوجعفر (ع):
يا سدير بلغني عن نساء أهل الكوفة جمال وحسن تبعل فابتغ لي امرأة ذات جمال في موضع, فقلت: قد أصبتها جعلت فداك فلانة بنت فلان ابن محمد بن الاشعث بن قيس فقال لي:
ياسدير إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعن قوما فجرت اللعنة في أعقابهم إلى يوم القيامة وأنا أكره أن يصيب جسدي جسد أحد من أهل النار
كيف يمكن التوفيق بين هذا الحديث وبين سيرة بعض المعصومين الذين تزوجوا من المعلوم قطعاً أنهم من أهل النار مثل جعدة بنت الأشعث بن قيس ؟
أفيدونا مأجورين
________________________________________
(1) كذا بدون العنوان في جميع النسخ التى عندنا.
(2) (استأسر) اى صاراسيرا كاستحجر اى صار حجرا. (في)
(3) في بعض النسخ [يقتلنى].
(4) في بعض النسخ [لقتلته] (*)
(5) الهد: الهدم الشديد والكسر. (القاموس)
(6) قيل: قوله: (دعا رجلا) كان ترك أولى ويحتمل أن يكون تأديبه (عليه السلام) لتعليم غيره.
الجواب:
أولاً:
الإمام (عليه السلام) لا يفعل المكروه بل قد يمتنع عن الكثير من المباحات كما هو شأن الكثير من الصالحين فكيف بالإمام المعصوم؟!
ثم إن رواية الحسن أوالحسين (عليهم السلام) (وهي حالة واحدة كما يظهر والخطأ من الرواية أو الناسخ كما هو واضح أيضاً) في طلب المبارزة,ومع غضّ النظر عن سندها الذي فيه كلام كثير ليست فيها دلالة على المدّعى حيث أن أحدهما (عليهما السلام) لم يرتكب مكروها إذ الظاهر أنه كان هناك إذن عام بالمبارزة في المعركة, وكان الفعل فعل ظاهره الحُسن.والجهاد والدفاع عن الدين والبسالة والشجاعة ولم يكن بهذا العنوان مكروهاً ولكن كان النهي نهياً شخصياً للحسن والحسين (عليهما السلام) ومن بعض الروايات يظهر أنه نهى لبني هاشم عامّة.
حفاظاً عليهم ولذا كان تعبيره (عليه السلام) شديداً وهو قوله له (عليه السلام): (لئن عدت إلى مثلها لأعاقبنك). وتخويفه بالمعاقبة ان فعل ذلك حرصاً واضحاً منه (عليه السلام) على حياته ومثله ماقاله في حرب الجمل ( لملكوا عني هذين الغلامين ...)
وأما بخصوص سؤال أم كلثوم فهو استفسار لا غير وقد يكون على نحو التعجب مع أن أم كلثوم ليست معصومة عندنا وإنما تأخذ من معصوم.
ثانياً :
أما السؤال الثاني فهو ناتج عن سوء فهم لقوله (عليه السلام): (إني أكره) فكراهة الإمام لشيء لا يلزم كونه مكروهاً بالحكم الشرعي, بل هذه الكراهة لغوية وليست اصطلاحية وقد تجتمع مع المباح, بل هو مباح فعلاً كما في مقامنا هذا فلا إشكال أصلاً.
وعبارة أكره واضحة جداً وظاهرة في إنها كراهة شخصية وليست شرعية.
وهذا القول يشبه إلى حدٍّ بعيد قول عائشة لعبد الله بن الزبير (ادفني مع صواحبي ولا تدفني مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في البيت فإني أكره أن أُزكّى).
رواه البخاري في صحيحه (8/153).
مع أن الكراهة حكم شرعي يتغير بتغير موضوعه والموضوع يتغير بتغير الشروط.



السؤال: إشكالات في محاولة لنقض العصمة بالغيبة

أرجو الرد على بعض الشبهات في العصمة والإمامة بعد أن بحثت عن رد لها في المكتبة العقائدية والأسئلة عندكم فلم أجد ردا كافيا وهذه الشبهات أنقلها كما جائتني حرفيا معتذرا عما فيها من اسائات وهي:
*************************
نظرية (العصمة) بين الواقع والخيال
أن الخيال المجنح الذي يطير بصاحبه فوق الواقع له أكبر نصيب في الإيمان بفكرة (العصمة) وإلا فبمجرد أن يغادر صاحبه ميدان الجدل والفكر المجرد ليدخل ميدان التطبيق والواقع ويصحو من خيالاته وتهويماته فإنه يرى البون واسعاً بين الخيال الذي يتوهمه والواقع الذي يمارسه ويعيشه.
وهكذا يمكن القول بأن هذه العقيدة هي فكرة افتراضية خيالية لا يمكن وجودها إلا تصوراً في الأذهان دون إمكان تحقيقها ولا الاستفادة منها في زمان ولا مكان, بل ولا حاجة إليها بعد أن كمل الدين وتمت النعمة وتعهد الله بحفظه.
وذلك يتبين أكثر ويتأكد بما يلي :
1- الأخذ عن المجتهدين لا (المعصومين)
من الأفكار الخيالية التي يعيشها الشيعة كأنها حقائق لا تقبل الشك قولهم : إننا نأخذ ديننا عن (أئمة معصومين) فنحن واثقون من صحته, بينما غيرنا يأخذ دينه عن رجال غير معصومين فلا ثقة بما يقولون.
ويقولون : إن وجود (المعصوم) يحصل به رفع الخلاف, وعند عدمه تقع الأمة في التنازع والاختلاف .
ولو غادر أحدهم ميدان الفكر المجرد ونظر إلى الواقع لوجد نفسه عملياً لا يختلف عن أولئك الذين ينتقدهم ويتبجح عليهم لأنه سيجد نفسه كغيره تماماً: يقلد رجلاً يطلق عليه اسم (المجتهد) يخطئ ويصيب وليس (إماماً معصوماً). وهذا المجتهد غير معصوم فأين يوجد اليوم ذلك (المعصوم) الذي يأخذ عنه الشيعي دينه حتى يصح قوله السابق ؟!
بل الشيعة يتبعون مجتهدين متعددين لا إماماً واحداً بعينه لا معصوماً ولا غير معصوم ! وتعدد المجتهدين يعني تعد الاجتهادات ووجود الاختلافات, وهو الواقع الذي هم عليه !
ولا يمكن لهم غير ذلك لأن (المعصوم) أما مفقود كما عليه الحال اليوم, وأما -على افتراض وجوده- فإن التقاء الناس به جميعاً غير ممكن, وعلى أكثر تقدير يمكن لأهل قريته وجيرانه الأخذ عنه. أما البلاد البعيدة فلا بد أن ينوب عنه فيها من ليس بمعصوم . وإذن ما قالوه غير متحقق ولا واقعي بل هو محض خيال : لا في الماضي عند وجود (المعصومين) -كما يعتقدون- ولا في الحاضر إذ هو مفقود من الأساس, ولا في المستقبل لأن ما تخيلوه غير ممكن تحقيقه على الواقع .
فما الفرق بينهم وبين بقية المسلمين الذين يتبعون العلماء المجتهدين ولا يؤمنون بمعصومين غير رسول الله (ص) ؟.
2- استحالة تواجد (المعصوم) في كل زمان ومكان
(المعصوم) كإنسان من غير الممكن تواجده في غالب الأماكن والأوقات, ولا يمكن في الواقع أن يراه ويستفيد منه إلا من يباشره ممن هو في قريته أو قريب منه.
فالبلاد الغائبة عن (الإمام المعصوم) كيف يمكن لأهلها الاستفادة منه وهم لا يستطيعون الوصول إليه في غالب الأوقات والأحوال, إن لم يكن ذلك مستحيلاً ! خصوصاً إذا كان (الإمام) مقهوراً مغلوباً على أمره يعيش على (التقية) ؟ فهؤلاء جميعاً في الواقع يصلون خلف غير معصوم, ويحكم بينهم ويفتي لهم ويقضي بينهم غير معصوم, ويأخذ أموالهم ويتولى أمورهم ويطيعون غير معصوم . فإن قيل : إن الأمور ترجع إلى (المعصوم) قيل : لو كان (المعصوم) قادراً ذا سلطان لن يتمكن أن يوصل إلى كل رعيته العدل الواجب والعلم الصحيح لأن غاية ما يقدر عليه أن يولي أفضل من يراه وينيبه عنه في حكم البلاد البعيدة, وهذا النائب إنما يتصرف في الناس باجتهاده . وقد يخطئ في الاجتهاد وإن ظنه موافقاً لقول (المعصوم) وأمره .
أما إذا كان (المعصوم) خائفاً أو مغلوباً أو مسجوناً أو متخفياً لا يعرفه الناس فالأمر أشد وإذن .. لا يمكن أن ينتفع (بالمعصوم) إلا قلة قليلة من الخلق ممن يعيشون قربه ويسمع كلامه مباشرة . وإذا حققت في الأمر تجد أن هذه القلة لا تتعدى أهل بيته ! بل إذا دققت أكثر وجدت أنه حتى أهل بيته لا يتهيأ لهم اللقاء به في كل وقت, فلا بد له من سفر يفارقهم فيه أو مرض أو خروج للجهاد والغزو وتنوبهم في مثل هذه الأحوال أمور لا يجدون فيها عندهم (معصوماً) يسألونه .
والنتيجة الحتمية أنه لا يمكن أن ينتفع (بالمعصوم) الانتفاع الكامل غير (المعصوم) نفسه ! وإذن حتى يتحقق رفع الخطأ والخلاف لا بد أن يكون كل مسلم معصوماً.
وهذه اللوازم كلها خيالية, وما لزم منه الخيال فهو خيال فكيف إذا كان (المعصوم) مفقوداً بل معدوماً من ألف عام !!!
3- أين (المعصوم) اليوم ؟
فإذا كان (المعصوم) ضرورياً لحفظ الدين, والدين لا يتم ولا يحفظ إلا به فأين هو (المعصوم) في زماننا وإلى أكثر من ألف عام؟! وكيف يختفي ووجوده لا يمكن الاستغناء عنه ؟! وما الفرق بين أن يكون معدوماً وأن يكون مختفياً ؟! فكلاهما لا يمكن رؤيته أو الالتقاء به .
وما الحكمة من وجود (معصوم) بهذا المستوى من احتياج الناس إليه لكنه مختف لا يمكن أن يراه أو ينتفع بوجوده أحد ؟!
أليس هذا هو الخيال بعينه ؟!
4- حفظ الدين دون الحاجة إلى استمرار وجود المعصوم لا شك أن الدين محفوظ وكامل والنعمة تامة مع عدم وجود (المعصوم) . والذي حفظ الدين منذ أكثر من ألف عام ولا (معصوم) قادر على حفظه إلى يوم الدين كذلك, وإلا فإذا قلنا : إن حفظ الدين مشروط (بالمعصوم) استلزم ذلك نقصان الدين في حالة عدم وجود (المعصوم) أو غيابه . فيقتضي هذا أن ديننا الذي نحن عليه اليوم قد نقص وزاد وبطل لأنه منذ أكثر من ألف عام و(المعصوم) مفقود, وهذا كفر والعياذ بالله .
5- ثبوت الدين وحفظه بالنقل
(المعصوم) مفقود منذ أكثر من ألف عام, وأقواله وأحواله مجهولة تمام الجهل لم يسمعها ولم يشاهدها أحد من الناس وإنما غايتها أن تنقل وتسند إليه, والناقل غير معصوم. فإذا كان نقل غير المعصوم عن (المعصوم) معصوماً من الزلل فما وجه الحاجة إلى تعدد (المعصومين) ؟! والنقل عن واحد -والحال هذه- يكفي . فما الفرق بين النقل عن أي (معصوم) ؟ وبين النقل عن المعصوم المتفق على عصمته هو الرسول الأعظم محمد (ص) إذا توفرت شروط الصحة في الرواية ؟!!
ولكن الحقيقة (المرة) أن نقل غير (المعصوم) ليس معصوماً فالخطأ يتطرق إليه حتماً. فمن أين لنا أن نعلم صحة ما ينقل عن (المعصومين) والناقل غير معصوم ؟!
وإذا دخلنا ميدان الواقع وجدنا أن الأمة جميعاً -ومنذ مئات السنين- تأخذ دينها بالنقل وليس بالمشافهة ولا بالمشاهدة من معصوم. وإذن .. فالنقل عن المعصوم الواحد الذي هو النبي (ص) يغني عن غيره فلا حاجة في كل زمان ومكان إلى (معصوم) وهو الواقع.
6- آخر (المعصومين) لا ينقل عنه شيء !!
فإذا كان النقل موجوداً وبه يثبت الدين فأي فائدة في انتظار (معصوم) آخر لا ينقل عنه شيء ؟! إذا كان النقل عن أولئك كافياً فلا حاجة إليه, وإن لم يكن كافياً فأين هو الذي تحصل به الكفاية ؟ وإذن فقد ضاع الدين!! وهم يقولون : (إن ما بأيديهم عمن قبل (المنتظر) يغنيهم عن أخذ شيء عنه) ولا محيص لهم عن ذلك لا جدلاً ولا عملاً.
فلماذا لا يكون ما بأيدي الأمة عن نبيها (ص) يغنيها عن أخذ شيء عمن بعده مع إنها أحرص على نقل أقواله وأحواله من غيره؟! بل لو قست ما بأيدي الأمة عن غير نبيها بما عندها عن نبيها (ص) من أقواله وأفعاله وأحواله لوجدت الفرق أوسع مما يقاس ! وهذا يقودنا إلى الفقرة التالية :
7- الاقتداء يستلزم معرفة حياة المقتدى به على التفصيل فحتى يستفيد المقتدي من حياة (الإمام) المقتدى به لا بد أن يكون (الإمام) ظاهراً معروفاً يستطيع كل أحد الوصول إليه . ولا بد مع ذلك أن تكون حياته بعد موته معروفة على وجه التفصيل, وأن تكون كذلك شاملة لكل نواحي وأحوال الإنسان .
وهذه الأمور الثلاثة لا تتطابق مع حياة (الأئمة المعصومين) : فأغلبهم -كما يقول الشيعة- كانوا مقهورين يعيشون بـ(التقية) وإنكار كونهم أئمة, فلم يكونوا معروفين بل كان كثير من الناس من أقاربهم على الخصوص يدعي (الإمامة) في زمانهم وهم سكوت أو متواطئون . هذا في حياتهم فلما ماتوا لم نجد بين أيدينا تفاصيل لهذه الحياة معروفة مشهورة -كما هي حياة النبي (ص) وسيرته- حتى يتمكن الناس من الاقتداء بهم. وأخيراً : لم تكن هذه الحياة في حقيقتها شاملة لكل مناحي الحياة : فحياة أحدهم مثل الحسن العسكري ليس فيها للفقير قدوة لأنه كان غنياً, وليس فيها لصاحب الأولاد قدوة لأنه عاش دون ولد, ولم يكن فيها للملوك والقادة مجال قدوة لأنه لم يتملك ولم يكن أميراً أو قائداً, وهكذا... إلخ .
بينما نجد رسول الله (ص) يشهر نفسه كنبي يجب على الناس طاعته ويتحمل الأذى هو وأصحابه من أجل ذلك, ولم يعرف الناس في زمانه نبياً آخر ادعى النبوة بحيث اختلط عليهم أمره فلا يفرقون بينه وبينه . بل أنكر رسول الله على المتنبئين الكذابين وأنكر عليهم خليفته من بعده وحاربهم حتى أنهى دعوتهم . وكانت حياة رسول الله (ص) شاملة لكل نواحي الحياة, ومعروفة على وجه التفصيل, وكتب السير احتفظت بأدق التفاصيل عنها : فقد عاش غالباً ومغلوباً وحاكماً ومحكوماً وضعيفاً وقوياً وفقيراً وغنياً وأعزب وزوجاً وطريداً وغازياً, وهكذا يجد المقتدي -مهما كانت حاله - مجالاً للاقتداء به لأن حياته شاملة أولاً وتفصيلية ثانياً ومعروفة ومحفوظة ثالثاً ورابعاً. وهذه كلها تفتقدها حياة (الأئمة) أو تفتقد كثيراً منها.
ولقد مات هؤلاء (الأئمة) ومات كذلك رسول الله (ص) فما وجه الحاجة إلى معرفة حياة رجال على هذه الصورة وعندنا حياة رسول الله (ص) على هذه الصورة ؟! فإن كانت حجة رسول الله (ص) انتهت بعد موته فهؤلاء كذلك ماتوا, فهل استمروا كحجج دون رسول الله ؟ أم إن حجة الرسول ناقصة فتحتاج إلى أن تجبر بغيرها ؟! وأما من تدعى له (الغيبة) فهو -كما يقولون- غائب لا يراه أحد ولا يتصل به وليست حياته معروفة ولا له قول ولا شيء من ذلك فما وجه حجيته أو الحاجة إليه ؟!
وإن كان الموت لا يقطع الحجة فعلام نحتاج إلى أحد غير رسول الله وحجة الرسول (ص) باقية غير منقطعة وليس هناك من بديل يوازيه أو يدانيه ؟!
8- سيد أهل البيت اعلم بما في بيته من غيره من الأقاويل المشتهرة على ألسنة الشيعة : (أهل البيت أعلم بما فيه) قلنا : لا بأس .. ولكن هناك أمر أرفع من هذا وأعلى ذلك أن سيد البيت وصاحبه أعلم من أفراد البيت وأهله بما فيه . سيما إذا كان هذا السيد هو رسول الله (ص) فإنه لا شك أعلم وأفضل, وهو سيد أهل البيت وأعلمهم بما فيه بلا منازع . فلنقارن هذا بالواقع لنقول :
ما الذي يجعلنا نأخذ الدين والحديث والروايات عن بعض أهل البيت دون سيده رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
وهذا سؤال قد يبدو غريباً على ذهن من تعود التفكير المجرد عن الواقع. وإلا فإن الشيعة في واقعهم -الذي هو شيء ونظريتهم شيء آخر على الدوام- يأخذون الدين منسوباً إلى أحد (الأئمة) دون رسول الله (ص) ! وأكثر من ينسبونه إليه هو جعفر بن محمد المعروف باسم الصادق . أما الأحاديث المروية في المصادر المعتمدة عندهم عن رسول الله فهي نادرة جداً لا تشكل نسبة يعتد بها لو قسناها إلى الروايات المنسوبة إلى جعفر الصادق بغض النظر عن صحة النسبة إلى رسول الله من عدمها !
فلماذا ؟ وأين أحاديث الرسول ؟ هل ضاعت؟ أم ذهبت حجتها وتوقف مفعولها في الحياة بعد مماته (ص) ؟!
لماذا روايات جعفر وليست أحاديث محمد (ص) ؟!
وحتى لو فرضنا جدلاً -كما يحتج به البعض- أن ما يروى عن جعفر لا يخرج عن قول الرسول فلماذا الاهتمام بمرويات جعفر دون مرويات الرسول ؟ هل استغنينا عن الرسول بغيره ؟! لماذا لم يحتفظوا بالأصل وهو ما جاء عن الرسول ؟! واحتفظوا بالفرع ؟ لماذا جعفر دون غيره من (الأئمة) ؟!
وإذا كانت روايات جعفر تساوي في الحجة أحاديث النبي (ص) أليست روايات من جاء من بعد مثل موسى الكاظم أو علي الهادي لها القوة والاعتبار نفسه ؟ فلماذا الاقتصار على واحد ؟!
ثم إذا كانت أقوال سيدنا جعفر تكفي في صحة الدين وحفظه فما وجه الاحتياج إلى غيره من (الأئمة)؟!
لقد كان الشيعة -وهذا افتراض منطقي- قبل وجود الإمام جعفر يتلقون دينهم عن غيره ممن سبقه من (الأئمة), حتى إذا جاء زمانه أخذوا عنه فما هو الدافع الذي اضطرهم إلى أن يقتصروا بعد مماته على التلقي عنه بحيث نسبوا مذهبهم إليه ؟ ومتى كان ذلك ؟ ولا شك -طبقاً لما يقتضيه المنطق- أن الشيعة صاروا بعد وفاة جعفر رحمه الله يتلقون أمور دينهم عمن جاء من بعده من (الأئمة), وكل (إمام) يغني عن غيره ويسد مسده فيقتضي هذا أن الشيعة استغنوا عن جعفر طيلة المدة التي استغرقتها حياة (الأئمة) الذين تلوه وهي تزيد على مائة عام ! فلماذا انقلب المسلسل ليرجع من جديد ويبتدئ بجعفر الصادق تحديداً دون غيره ممن سبقه أو لحقه؟!
لماذا جعفر وليس (المهدي المنتظر) ؟!
والإشكال يكبر مع الاعتقاد بوجود (الإمام المنتظر) الذي ينبغي أن يسد مسد غيره من (الأئمة) السابقين : جعفر فمن سواه ! أم إنه مسلوب القدرة عن أداء وظيفة (الإمامة) ؟ فلماذا هو (إمام) إذن ؟! وكيف تقوم به الحجة ؟!
ثم نقول : إذا كان النقل عن الإمام جعفر يكفي في العمل بالدين الصحيح فلماذا لا نكتفي بالذي قبله وهو الإمام محمد أبوه ؟ وإذا سلسلنا السؤال فسننتهي إلى التساؤل الكبير وهو : لماذا لا نكتفي بالنقل عن رسول الله (ص) ؟ وكلاهما لم نره لا جعفر الصادق ولا رسول الله (ص) وإنما وجدنا منقولات عن هذا وهذا . فإذا كان النقل عن الإمام جعفر يكفي فلماذا لم يكف النقل عن رسول الله ؟!
مغالطة خطيرة !
بعضهم يجيب إجابة باردة يقول : أنتم تأخذون رواياتكم عن الصحابة ونحن نأخذ رواياتنا عن أهل البيت. وهذا جواب من لا يتصور ما يقول. بل هو مغالطة خطيرة! فإنه لو كانت المقارنة بين أئمة أهل البيت وبين الصحابة لكان لهذا الجواب وجه يمكن أن ينظر إليه . ولكن المقارنة هي بين أئمة أهل البيت وبين إمام الأئمة كلهم -الأنبياء الكرام عليهم السلام فمن دونهم- رسول الله (ص) !!! فنحن لا نروي عن الصحابة ونتوقف عندهم كما يفعل الشيعة حين يروون عن (الأئمة) ويتوقفون عندهم لتصح المقارنة, وإنما عن رسول الله بطريق أصحابه . والبديل الذي اخترعه الشيعة هو الرواية عن بعض أئمة أهل البيت بطريق أصحابه. فالمقارنة العادلة يجب أن تكون بين رسول الله (ص) بطريق الصحابة وبين غيره من (الأئمة) بطريق أصحابه, ثم تأتي المقارنة بعدها بين أصحاب رسول الله وأصحاب غيره من حيث الأفضلية والعلم والصدق وغيرها من وجوه المقارنة.
والجميع لا يأخذ عن الأصل مباشرة وإنما عن طريق الرواة فرسول الله ينقل عنه الرواة وغيره كذلك ينقل عنه الرواة. فما الذي يجعلني آخذ برواية منقولة عن الإمام جعفر ولا آخذ برواية منقولة عن الرسول (ص) ؟!
هل عصم الله الناقلين عن جعفر دون النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
هل عصم الله الرواة الناقلين عن الإمام جعفر من السهو والغلط والكذب دون من يروي عن رسول الله (ص) ؟! ولماذا ؟ والدين قد نزل على الرسول فكان وجوب حفظه بحفظ رواته متعيناً شرعاً وعقلاً وإلا ضاع الدين, فتكون العناية بأصحاب الرسول ينبغي أن تكون أكثر. فكيف نعقل أن الله زكى أصحاب جعفر وسلسلة الناقلين عنهم دون أصحاب الرسول الأعظم (ص) ؟! اللهم إلا إذا قلنا : إن الناقلين عن الأول هم معصومون يروون عن معصوم ! وهو افتراض لا أساس له في الواقع, ولكن طرافة الموضوع تغرينا بالاستمرار فنقول أيضاً تأسيساً على ما سبق : إذا كان الكل -أي حلقات سلسلة الرواة- غير معصومين فما ميزة البعض على البعض الآخر ؟!
وقد * سئل فضل الله :
لماذا لا يكون لدينا كتاب يحوي الأحاديث الصحيحة فقط عن الرسول وأهل البيت؟ فأجاب :
لان العلماء يختلفون في مقاييس الصحة, فقد يكون هناك حديث صحيح عند عالم, وغير صحيح عند عالم أخر .
[ الندوة / محمد حسين فضل الله ج1 ص 480 ] فان كان هذا الواقع فاين العصمة واين حفظ الشرع واين حفظ الدين ؟؟؟
الشيعة يجرحون رواتهم !
فكيف إذا كان الناقلون عن جعفر الصادق وغيره من (الأئمة) مجروحين في المصادر الرجالية المعتمدة عند الشيعة أنفسهم قبل غيرهم !! وهو أمر قد يبدو مستغرباً ولكنه الواقع والحقيقة . فارجع ان شئت إلى تلك المصادر -مثل (رجال الكشي) وهو أقدم كتاب عندكم, و(معجم رجال الحديث) للخوئي وهو من آخر ما كتبوا- فستجد فيها ذلك وما هو أعجب ! فمرة ينقلون عن (الأئمة) أنهم قالوا في الراوي -كزرارة بن أعين وهو أحد الرواة الأربعة الذين عليهم مدار الروايات- أنه من أهل الجنة, ومرة ينقلون لعنه وتكفيره عن(الأئمة) أنفسهم ! وهكذا قالوا في الرواة الثلاثة المعتمدين وهم أبو بصير الليثي المرادي ومحمد بن مسلم وجرير بن معاوية العجلي !! وبسط هذا له موضع آخر,وإنما أردت الإشارة .
ليس في الرواة عن (الأئمة) أحد من أهل البيت ثم إنه ليس في الرواة عن (أئمة أهل البيت) أحد من أهل البيت!!! بينما في الناقلين عن رسول الله (ص) عند أهل السنة رجال ونساء من أهل البيت منهم سيدنا علي - رضي الله عنه - الذي تحفظ له دواوين السنةأحاديثهم أكبر عدد من الأحاديث مقارنة ببقية الخلفاء الراشدين إذ أن ترتيبهم من حيث عدد الأحاديث كالآتي :
1- علي بن أبي طالب
2- عمر بن الخطاب
3- عثمان بن عفان
4- وأقلهم أبو بكر الصديق
وهذه حقيقة قد يجهلها الشيعة وقد يصدمون بها !
ومنهم عبد الله بن عباس, ومنهم أبوه عباس بن عبد المطلب والحسن بن علي وعبد الله بن جعفر وعقيل بن أبي طالب . ومنهم زوجات رسول الله, وهن بلا شك من أهل بيته كعائشة وحفصة وأم سلمة وأم حبيبة اللاتي خاطبهن الله بقوله : (( وَاذكُرنَ مَا يُتلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً )) (الأحزاب:34) .
9- لا يوجد إلا علماء غير معصومين
يقول الشيعة : لا بد من وجود (المعصوم) حتى نأمن من احتمال الخطأ, والعلماء -مهما كانوا- يخطئون, والقرآن لا بد له من مفسر (معصوم) من الزلل .
ولو تركنا هذه الخيالات المحلقة ونزلنا إلى أرض الواقع فإننا لا نجد إلا علماء ودعاة يحاضرون ويدعون ويُنظّرون ويكتبون ويؤلفون ويفسرون وهم ليسوا بمعصومين! فهل ما يدعوننا إليه صحيح تطمئن إليه النفس وتبرأ به الذمة أم لا ؟ فإن كان صحيحاً مبرئاً للذمة فلا حاجة (للمعصوم) ! ثم كيف كان الأمر كذلك وهم ليسوا (بمعصومين)؟!
وإن لم يكن كذلك فأين هو (المعصوم) الذي يصح به الدين, وتطمئن إليه النفس, وتبرأ به الذمة ولا (معصوم) ؟!
ثم نسأل : اذا كان المقصود من الدين قد وقع وحصلت البراءة بواسطة العلماء فعلام اشترطتم (المعصوم) ؟!
ونسأل سؤالاً آخر : ألم يترك رسول الله (ص) -وهو أعظم مربٍّ وأعظم معلم عرفته البشرية- علماء يبلغون الدين ؟ فلماذا لم يحصل بهم المقصود الذي يحصل بغيرهم من غير (المعصومين) ؟! علماً أن بيان الرسول وبلاغه وتأييده وظهوره وحجته اعظم من غيره!
ومن أعطى لأولئك الصلاحية بالتكلم عن (الإمام المعصوم) دون من يتكلم عن رسول الله ؟! مع أن الحديث القائل : (العلماء ورثة الأنبياء)(1) متفق على روايته بين أهل السنة والشيعة !!
(1) رواه الإمام البخاري وغيره . ورواه كذلك الكليني في أصول الكافي 1/34.
وإن قالوا : لا بد من (المعصوم) فلا يمكن الاطمئنان إلى قول قائل أو فعله من دونه! قلنا : فقد ضاع الدين الذي تدعون إليه لأن دعاتكم غير معصومين ! وغير المعصوم يمكن أن يتطرق الخطأ إلى أي فكرة يدعو إليها لأنه لا يمتلك ضماناً بصحتها . فعلامَ تهرجون ؟ وإلامَ تدعون؟ واحتمال الخطأ وارد في كل جملة من كلامكم ومنه القول بـ(عصمة الأئمة) لأنكم غير معصومين !! فمن يثبت كلامكم هذا وأمثاله مع جواز الغلط عليه ؟ فإن قالوا : الأدلة تثبت ذلك . قلنا : مع عدم وجود (المعصوم)؟ فإن قالوا : نعم انتفت الحاجة إلى (المعصوم), وإن قالوا : لا فأين المعصوم الذي يؤيد كلامكم ؟ هلا سكتم وانتظرتم حتى يحضر غائبكم وينطق (معصومكم) !
10- اللطف بين الحقيقة المرة والخيال الجميل قال الشيعة: إن نصب (إمام معصوم) يمنع الناس من الوقوع في الزلل والاختلاف - لطف, وكل لطف واجب على الله . ولم يجعلوا من شروطه أن يكون ظاهراً معروفاً من الناس بحيث يتمكنون من الوصول إليه والأخذ عنه والتأكد منه !
وإنما جعلوا اللطف في مجرد خلقه ووجوده وإن كان مستتراً خائفاً لا يدعو إلى نفسه ولا يعرف بها,بل قد ينكر كونه (اماماً) . أو كان مشتبهاً لا يميزه الناس عن غيره الذين يدعون دعواه نفسها . أو غائباً لا يمكن أن يراه أو ينتفع به أحد ! وحتى أجتنب الخوض في جدل فكري طويل أضرب مثالاً واقعياً لنتعرف من خلاله على نصيب هذا القول من الخيال :
المثال :
إن خلق الله لـ(إمام معصوم) لا يتمكن الناس من معرفته أو التمييز بينه وبين غيره, أو غائب يستحيل عليهم رؤيته واللقاء به يشبه أن تفتح الحكومة مدرسة وتعين لها معلماً تُحرّم على الناس التعلم إلا منه وتعاقب على ذلك أشد العقوبات . لكنها لم ترسله إلى المدرسة ولم يصل هو إليها ولم يعرفه أحد ولم يره, وإن رآه لم يستطع أن يميز بينه وبين غيره من المعلمين إذ ليس لديه أية علامة فارقة واضحة, بل إن كثيراً من المعلمين ادعوا أنهم هم ماذا ينتفع الناس من محكمة قاضيها الذي يفصل بين الناس غائب أو يدخل الناس هذه المحكمة لكنهم لا يعرفون القاضي المقصود من غيره ؟! هل هذه محكمة أم مهزلة ؟ ماذا يستفيد الناس -كما يقول أحمد الكاتب- من شرطي للمرور عينته الحكومة لكنه غائب لا يمارس مهام عمله من تنظيم السير مع أن شوارع المدينة مزدحمة وقد اختلطت فيها وتشابكت حركة السيارات ؟! فماذا ينتفع الناس من إمام غائب ؟! وأي لطف حصل لهم ؟!
إن الواحد منا -كما يقول الرازي- إذا احتاج إلى هذا الإمام الغائب أو غير المتمكن ليستفيد منه علماً أو ديناً, أو يجلب بواسطته إلى نفسه منفعة أو يدفع عنها مضرة, فلو أتى بكل حيلة لم يجد منه البتة أثراً ولا خبراً !
وإذا كان القصد من نصب (الإمام المعصوم) أما منفعة دينية أو دنيوية فالانتفاع به يعتمد على إمكان الوصول إليه, فإذا تعذر هذا الإمكان تعذر الانتفاع به . وإذا تعذر الانتفاع به لم يكن في نصبه فائدة أصلاً, فكان القول بوجوب نصبه ووجوده عبثاً.
وأوضح دليل على بطلان مبدأ اللطف الواجب على الله سبحانه أنه لو كان مثل ذلك واجباً على الله لفعله, وبما أنه لم يفعله فهو غير واجب عليه سبحانه .
بين (الإمام) والنبي
وإن احتجوا بأن كثيراً من الأنبياء كانوا مقهورين, بل إن بعضهم قتل دون أن يحصل لهم تمكين قيل: هذا قياس مع الفارق, فإن كل نبي بعثه الله إنما أعطاه من البينات والحجج الظاهرة ما بها يُعرف ويشهر بين قومه . وكان كل نبي يظهر نفسه ويجهر بدعوته رغم ضعفه ويقيم الحجة الباهرة القاهرة على صدقه بحيث يصل ذلك إلى كل من أرسل إليهم ويجب عليه تبليغهم, وهم قادرون -لو أرادوا- على الوصول إليه ثم بعد ذلك اذا عصوه أو قتلوه فالذنب ذنبهم والشأن شأن شأنهم وقد قامت عليهم حجة الله التي قال عنها : (( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً )) (النساء:165) . وقال : (( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتى نَبعَثَ رَسُولاً )) (الإسراء:15)
وهذه العصمة (أي الحماية) خاصة برسول الله (ص) . ولذلك قام (ص) بتبليغ الدين كله دون خشية من أحد من الناس, فلم يكتم شيئاً ولم (يتق) أحداً إلا الله وحده . ولو كان الأشخاص الذين اتخذهم الشيعة (أئمة) مأمورين بالتبليغ كما أمر الرسول (ص) لعصمهم الله تعالى من الناس كما عصم رسوله . ولو كانوا كذلك لما عاشوا -كما يدعي الشيعة- مقهورين مغلوبين على أمرهم لم يتمكنوا من حماية أنفسهم إلا بـ(التقية) والكذب والتعامل مع الناس بإظهار عكس ما يبيتون من القول, ويبطنون من الأمر كحال الشيعة اليوم ! ومع ذلك فلم يسلم أحد منهم -طبقاً لما يدعي الشيعة-من القتل ولو مسموماً !
وهذا كله مما يتناقض مع دعوى (اللطف) و (العصمة) .
روايات مجنحة لا تستقيم مع الواقع
روى الكليني بسنده عن أبي عبد الله(1) ما يلي :
- لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام .
- إن آخر من يموت الإمام لئلا يحتج أحد على الله عز وجل أنه تركه بغير حجة لله عليه .
- ما زالت الأرض إلا ولله فيها حجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله .
- إن الله أجل وأعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل.
- وعن أحدهما (عليهما السلام) : إن الله لم يدع الأرض بغير عالم ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل.
إن هذه الروايات -كما يقول احمد الكاتب- تنقض نفسها بنفسها! إذ ما معنى الإمام والحجة؟ وما الفائدة منهما؟ أليس لهداية الناس وإدارة المجتمع ومنع الاختلاف وتنفيذ الأحكام الشرعية؟ فكيف يمكن للإمام غير الظاهر الذي لا يعلن عن نفسه, وغيره يدعي (الإمامة) في زمانه ويظهر نفسه دون إنكار ظاهر من (الإمام), بل قد يقاتل على ذلك ويلتف من حوله الأتباع الذين ليس عندهم علامة واضحة قاطعة على التمييز, والمدعون كثيرون والإمام الحق ساكت لا يبين للناس حجة, ولا يظهر لهم علامة على انفراده وتميزه ! غاية أمره أن يحدث بذلك خويصة أصحابه ! فكيف يمكن لمثل هذا أن يقيم الحجة على غيره ؟! بل كيف يتمكن الناس من معرفته والائتمام به دون سواه وهو على مثل هذه الحال؟!
فكيف إذا غاب منذ ألف ومائة عام وأكثر ؟! كيف يمكن للغائب أن يقوم بمهمة الإمامة والرئاسة ومهمة التبليغ وإقامة الحجة؟! ما الفرق بينه وبين المعدوم ؟! أو الميت ؟!
إن هذه الروايات تصرح بأن من وظيفة الإمام الحجة أن يعرِّف الناس الحلال والحرام ويدعوهم إلى سبيل الله, وأن الأرض لا تخلو من مثل هذا : (ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل), وأن آخر من يموت الإمام, وإلا فإن المتخلف عنه يمكن أن (يحتج على الله عز وجل أنه تركه بغير حجة له عليه) فإذا غاب هل يمكن مع غيبته تحقيق هذه المقاصد العظمى ؟ فهل هناك من فرق بين المعدوم والغائب ؟!
(الغيبة) جريمة تستحق العقوبة
عاقب الله - جل جلاله - نبيه يونس (عليه السلام) لما ترك قومه وغاب عنهم قبل أن يقوم بما عليه تجاههم من مهمة التبليغ. فلو كانت الحجة تقوم على الناس بغائب لما وقع ذلك.
ولأن الحجة لم تتم بحقهم بسبب (غيبة) نبيهم وتركه إياهم ارتفع عنهم العذاب ولم يقع. وكان الذي عوقب وعذب هو الذي تركهم وغاب وإن كان نبياً ! بل هذا أدعى لمعاقبته كما قال تعالى : (( إِذاً لأذَقنَاكَ ضِعفَ الحَيَاةِ وَضِعفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيراً )) (الإسراء:75) ولو كانت الحجة تقوم على الخلق مع الغيبة لما ارتفع العذاب عن قوم يونس - عليه السلام - .اجب ان استطعت ؟؟؟
فأين اليوم هذا (الإمام) (الذي يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله) ؟! يقولون : قد غاب ! أليس هذا تنصلاً عن وظائف (الإمامة) كما افترضها الإمامية ؟! أليس هذا (الإمام) الغائب العاطل عن أي وظيفة, الذي ترك شيعته يواجهون مصيرهم بأنفسهم وهرب بجلده خوفاً على نفسه وحرصاً عليها دونهم يستحق المقت والعقاب ؟!
إن عجبي - والله - لا ينقضي من تناقض القول بوجوب وجود (إمام معصوم) يقيم الحجة على الناس مع القول بغيبته وعدم وجوده في الوقت نفسه ! ثم جعلهم هذا واجباً على الله مع أن الله لم يقم بهذا الواجب !!
أليس هذا هو عين الخيال والفكر المجرد, بل المغرق في التجريدية والابتعاد عن الواقع ؟!
فالله يجب عليه تنصيب إمام ظاهر يفصل بين الناس ويقيم حجته عليهم لكنه لم ينصبه!
و(الإمام) لا بد من وجوده ظاهراً ليزيل الخلاف والاختلاف ولكن الخلاف والاختلاف لا زال موجوداً !!
و(الإمام) يقيم الحجة ويعلم الدين ويفسر القرآن, كل هذا في الخيال ولا نصيب له من الواقع !!!
و(الإمام) موجود ولكن إذا سألت : أين هو ؟ قالوا : غائب!!!! فكيف أصل إليه ؟! وكيف تقوم الحجة بشخص غائب لا وجود له ؟!! وكيف يسمى حجة الله مع أن الحجة يجب أن تكون حاضرة ظاهرة ؟!!! فكيف تحضر وتظهر إذا كان صاحبها خائفاً غائباً ؟!!!!
وإذا كان الذي لا تقوم الحجة إلا به غائباً فحجة الله غائبة ! وإذا كانت الحجة غائبة فلا حجة !! وإذن بطلت حجة الله على خلقه!!! وبطل الدين !!!! وقضي الأمر واستوت على الجودي !!!! وقيل بعداً للقوم المؤمنين !!!!!
(( سُبحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ )) (الصافات:180) . بل الأمر كما قال تعالى : (( قُل فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ فَلَو شَاءَ لَهَدَاكُم أَجمَعِينَ )) (الأنعام:149) . وحجة الله تعالى قامت بنبيه محمد (ص) واستمرت به ظاهرة باهرة في كتاب الله سبحانه وسنة نبيه (ص) . وكتاب الله محفوظ وسنة نبيه معلومة, ولكن كما قال تعالى : (( يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الفَاسِقِينَ )) (البقرة:26).
وهكذا ... تبين أن هذه العقيدة خيالية افتراضية لا حقيقة لها ولا سند ولا واقع ولا برهان, أملتها مقاصد وأسباب لسنا في صدد ذكرها . فحاولوا دعمها والبرهنة عليها باتباع متشابه القرآن وتأويلها على ما يشتهون, وباختراع الحجج التي أسموها عقلية ثم بصنع الروايات وإلا فإنها لا أصل لها في الدين .
*************************
(1) أصول الكافي 1/178 باب (إن الأرض لا تخلو من حجة)
الجواب:
الأول:
الظاهر من استهلال هذا الكاتب أنه يفتقر إلى الدقة العلمية ويعتمد على أسلوب الصحافة والإلقاء الإعلامي, فانه يقول: ((ان الخيال المجنح الذي يطير بجناحيه فوق الواقع له أكبر نصيب في الإيمان بفكرة العصمة)), ولا نعرف ما هو الواقع الذي يريده والذي جعل مقابله الخيال فإن للواقع مصطلحات عديدة تختلف باختلاف المدارس العقلية الفلسفية.
فإن الواقع يراد به الثبوت والعينية مقابل السفسطة وإنكار والوجود, فمن يثبت الواقع يسمى بالواقعي ومقابله السفسطائي الذي يقول أن الوجود كله خيال ولا عينية وثبوت له وهو منهج الشك المطلق, وهناك من يلتزم منهج الشك الجزئي ولا يثبت إلا الوجود المادي الحسي وينكر الوجود العقلي المجرد ويجعله من المثاليات والخيالات وهؤلاء هم الماديون, والظاهر أن صاحبنا متأثر بهم ويتبع منهجهم لأنه يقول: ((وإلا فبمجرد أن يغادر صاحبه ميدان الجدل والفكر المجرد ليدخل ميدان التطبيق والواقع)).
فبظاهر مقابلته بين الواقع والفكر المجرد يظهر أنه يتصور أن الواقع هو الوجود المادي الحسي الخارجي ولا مجال للوجود العقلي المجرد, مع ملاحظة الإختلاف بين الجدل, فهو صناعة بحثت في علم المنطق ولا تثبت شيئاً بالقطع والدليل وبين الفكر أي صناعة البرهان, والشيعة يثبتون الإمامة والعصمة بالبرهان العقلي, ولكن هذا الكاتب لا يميز بينهما!
وكان الأجدى به لو أراد الإشكال أن يقول: انّ أدلة الشيعة العقلية ليست أدلة برهانية, وإنّما هي من نوع الجدل الذي لا يثبت شيئاً بالقطع واليقين. أو يقول مثلاً: انهم يتخيلون أنها أدلة عقلية ثم يبدأ بالجواب عليها.
مع إنا لم نعرف هل هذا الكاتب ينكر العقل وحجيته في معرفة العقائد ومن ثم الإيمان بها, أو بالأحرى هل يعتقد بمدخلية المعرفة العقلية بالإيمان أو لا ؟ لأنّا نراه يستشكل وينقض بالتطبيق وما وقع خارجاً عبر الزمن, وإن كان خاطئاً فيه أيضاً كما سيأتي!!
ثم هل هو يتهم الشيعة بأنّ ما يدعونه من أدلة هي من عالم الخيال - أي صور خيالية كما تتصور العنقاء مثلاً - أو هي من عالم العقل - أي قائمة على قضايا برهانية وقياسات منطقيةـ؟
فإن كان يتصور أن أدلتهم من عالم الخيال, فهذا لا يقول به أحد من المخالفين, بل لا يقول به عاقل! وإن كان يدعي أنّ الشيعة يقدمون أدلة على شكل قضايا برهانية وقياسات منطقية ولكنها خاطئة ومبنية على المغالطة, فعليه أن يردها بالدليل والبرهان العقلي لا أن يحاول الهروب إلى التطبيق كما يدعي! لأن مجال التطبيق مرحلة متأخرة عن ثبوت النظرية والبرهان عليها, وعدم الحصول الخارجي المدعى - المقصود من قوله بالتطبيق - لا يلازم خطأ الاستدلال البرهاني العقلي, لأنه يعتمد على مقومات وشرائط من جنس تختلف عن المقدمات والقضايا العقلية.
الثاني:
إنّ المنهج النظري المستخدم في المناقشات العلمية ينقسم في الأغلب إلى مرحلتين:
الأولى: مرحلة الحلّ, وهي مرحلة يقوم بها المناظر بالإجابة على أدلة المقابل ودحضها وبيان خطأ مقدماته مادة وصورة.
والثانية: هي مرحلة النقض, بأن يأتي المناظر بقضية يثبت بها المناقضة مع ما يدعيه الخصم عقلاً. وأحد أنواع النقوض هو الإتيان بواقعة خارجية تنقض البرهان العقلي الذي تستند عليه النظرية.
وصاحبنا قفز على مرحلة الحلّ الى النقض مباشرة!! إذ أنه لم يشر ولو من بعيد إلى الأدلة النظرية للشيعة الإمامية في إثبات الإمامة والعصمة ثم محاولة ردها, وإنما انتقل مباشرة إلى ما يدعيه من التطبيق. وسنرى ما في محاولة نقضه من أخطاء وتهافت.
الثالث:
يقول: ((وهكذا يمكن القول بأنّ هذه العقيدة - أي العصمة - هي فكرة افتراضية خيالية لا يمكن وجودها إلا تصوراً في الأذهان دون إمكان تحقيقها ولا الاستفادة منها في زمان ولا مكان)), وكأنه غفل عن عقيدة المسلمين كلهم بعصمة النبي (صلى الله عليه وآله), واتفاقهم على عصمته في التبليغ, وانفراد الشيعة بعصمته قبل البعثة وبعدها. فإذا كانت فكرة العصمة لا يمكن تطبيقها في الخارج, فانه قد خطأ المسلمين قاطبة, وخالف إجماعهم بأنها طبقت في شخص الرسول(صلى الله عليه وآله) على الأقل في التبليغ!! فانهم - أي المسلمين - مجمعون بتحقيق هذه الفكرة زماناً ومكاناً, وإمكان الاستفادة منها على الأقل في حياة الرسول(صلى الله عليه وآله).
وإن إدعى بانه يقصد العصمة المطلقة الشاملة للذنب والخطأ والسهو قبل البعثة وبعدها وأنها غير قابلة للتحقق, فكان عليه أن يورد أدلة الشيعة في ذلك, ثم يردها حلاً ونقضاً بنقاط غير ما أورده - وهناك كتب بحثت ذلك تفصيلاً يمكن مراجعتها - لا أن يورد ما ذكره من نقاط (سوف يأتي الجواب عنها بالتسلسل), فان ما أورده ينحصر مناطه في العصمة في التبليغ والتشريع!
الرابع:
يقول: ((بل لا حاجة إليها بعد أن كمل الدين وتمت النعمة وتعهد الله بحفظه)), وهنا وضح الخلط في كلامه! فان ما قدمه كان محاولة مناقضة أصل إمكان العصمة, وفي هذه العبارة كأنه أقر بإمكان وجودها قبل إكمال الدين واتمام النعمة, ولكنه يدعي أنها بعد إكماله مناقضة للواقع!
ولكنه نسى أنه:
1- يخالف ما عليه واقع أهل السنة ورؤساء مذاهبهم, وإلا لم يلجؤوا إلى القياس والاستحسان وسد الذرائع.
2- يخالف ما عليه اعتقاد خلفائه الثلاثة بل كلّ خلفائه, فهذا أبو بكر وعمر وعثمان يصرحون بأنهم إذا لم يجدوا شيئاً في القرآن والسنة قالوا فيه برأيهم. بل يكفي في النقض قولهم: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم ينص على الخليفة بعده وأوكل الأمر إلى رأيهم.
3- انّ الشيعة يدعون أنّ الدين كمل بالإمامة وبعهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير, وفيه نزلت آية إكمال الدين, وأن الله تعهد بحفظه عن طريق المعصومين, وهو محفوظ عند شيعة أهل البيت (عليهم السلام) لا عند غيرهم.
4- انّ القرآن فيه تبيان كلّ شيء, ولكنه على شكل قواعد كلية كمنزلة الدستور عند الدول, وأمّا القوانين المتوسطة والجزئيات فلم يسع زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبيانها, خاصة وأن الجزئيات غير منحصرة ومتجددة عبر الزمن, فلذا إحتاج إلى قيم وحافظ ومبين للقرآن والشريعة. كما هو الأمر في القوانين التي تصدرها البرلمانات في الدول وهي بمثابة المتوسطات, وكذا الأمر في الأجهزة التنفيذية التي هي بمنزلة الجزئيات.
الخامس:
هناك جواب عام على مجمل ما أشكله هذا الكاتب يتركز على نقطة محورية واحدة:
انّ الإمامية استدلوا على وجوب الإمامة بأدلة, واستدلوا على لزوم أو إشتراط عصمة الإمام بأدلة أخرى في عالم الإثبات, وإن كانت العصمة لا تنفك عن الإمامة في عالم الثبوت, فإذا ورد النقض فرضاً على أدلة العصمة فلا يعني هذا انتقاض أدلة وجوب الإمامة, وهذا الكاتب توهم ذلك, هذا أولاً.
وثانيا: انّ حصول التصرفات المعصومة في الخارج ليس من ماهية الإمامة بشيء ولا لازمة لها كالعصمة كما حاول المستشكل إيهام ذلك بنقوضاته, بأن جعل عدم حصول التصرف للإمام وعدم بسط اليد دليل على عدم وجوب الإمامة وعدم حصول العصمة, إيهاماً بوجود التلازم بينهما! فإذا بطل اللازم بطل الملزوم.
وذلك لأنا نقول: بأنّ وجود الإمام لطف, وتصرفه لطف آخر.
وبيان ذلك: أن لطف الإمامة متقوم بثلاث جهات: جهة مختصة بالله وهي بأن يوجد الإمام, وجهة مختصة بالإمام نفسه بأن يهيء نفسه للإمامة, وجهة مختصة بالأمة بأن تكون قابلة لأتباع الإمام.
فالجهتان الأولى والثانية وهي المختصة بالله وبالإمام نفسه هي الأصل, وقد تمت وحصلت, فالله قد أوجد الإمام والإمام هـّيء نفسه حتى لا تكون للناس على الله حجة بعد الرسل, ولكن بقيت الجهة المختصة بالأمة وهي الفرع, فهي إما شرط, أو عدم مانع, بأن يكون عدم استعداد مواليه واتحادهم أو خوفه من أعدائه مثلاً مانع من تحقق لطف الإمامة في الخارج وحصول التصرف المعصوم وبسط اليد.
ولا يقال: انّ الله قادر بأن يهيء الأمة, لأن ذلك يؤدي إلى بطلان الإختيار! حيث جعل الله إطاعة أوامره التشريعية بالإختيار لا الإجبار. ولا يقال: انّ عدم تهيّء الأمة يؤدي إلى عدم وجود الإمام, لأن تهيء الأمة فرع مترتب على وجود الإمام من قبل الله, فلا يتقدم الفرع على الأصل, إذ يجب حصول الأصل في اللطف ثم حصول الفرع, فإذا لم يحصل الفرع بتقصير الأمة لا يلزم منه عدم حصول الأصل من قبل الله, وذلك حتى لا يبقى للناس على الله حجة بعد الرسل.
السادس:
ونبدأ بالإجابة على ما أثاره من نقاط بالترتيب:
1- قال: ((الأخذ عن المجتهدين المعصومين: من الأفكار الخيالية التي يعيشها الشيعة كأنها حقائق لا تقبل الشك قولهم: اننا نأخذ ديننا من أئمة معصومين فنحن واثقون من صحته بينما غيرنا يأخذ دينه عن رجال غير معصومين فلا ثقة بما يقولون)).
نقول: انه أوّل ما بدأ كلامه بمغالطة! فشيعة اليوم وقبلهم إلى ما بعد الغيبة الصغرى لا يقولون أننا نأخذ ديننا من معصومين, بل يقولون أننا أخذنا ديننا من معصومين لمدّة تزيد على ثلاثمائة عام, وغيرنا لم يأخذه عن معصوم إلا لمدّة عشرين سنة, بل عشر سنوات وهي سنوات الهجرة إلى المدينة, ومن بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخذناه عن أشخاص ثقات لا يمتنع عليهم الخطأ والكذب بل التحريف كما هو الواقع. والفرق واضح في درجة الوثوق والإطمئنان في أخذ الدين بين الطريقين, فإن في المدّة الممتدة قرابة ثلاثمائة عام ثبتت وترسخت مفاهيم الدين الكلية والمتوسطة بل ومعظم الجزئيات عن طريق الأئمة (عليهم السلام), لكثرة ما كرروها وأكدوا عليها بالنص المعصوم منهم, وبالتالي حصول القطع لنا في كثير من أمور الدين, بخلاف مخالفينا إذ أكثر ما يدعون القطع به لا يتجاوز عدّة عشرات من المسائل, بل انّ منهم كأبي حنيفة ردّ معظم السنة لأنه أتهم أسلافه بإخفائها بعد المنع من التدوين! فالفرق بيننا واضح في درجة الوثوق لمن هو منصف.
وقال: ((ويقولون: أن وجود المعصوم يحصل به رفع الخلاف وعند عدمه تقع الأمة في التنازع والاختلاف)).
نقول: هذه الشبهة أخذها من القاضي عبد الجبار وأجابه عليها السيد المرتضى (ره). وإنا لا نقول أنّه يرتفع الاختلاف جملة, بل نقول: انّ الإمام رافع للخلاف عندما يكون المفزع إليه عند وقوع الخلاف, كما قال الله تعالى: (( فَإِن تَنَازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأوِيلاً )) (النساء:59), ولا يقع القرآن في مكان الإمام كما يدعي البعض لأنه حمال أوجه, وقد رجعت الأمة إليه من أوّل وقتها إلى الآن ولم يرفع خلافها.
كما أنه خلط بين زمن حضور الإمام (عليه السلام) - فانه رفع الخلاف بين الشيعة - وبين زمن غيبته وعدم الوصول إليه وعدم بسط يده! وهذا ناتج من تقصير الأمة كما قدمنا.
ففي زمن حضور الإمام لا يصح كلامه في ما يحاول من نقض على فكرة العصمة, لأنها كانت متحققة عند الشيعة. نعم له أن يسأل عن زمن الغيبة؟ ولكن هذا لا ينقض أصل الفكرة كما يحاول دون جدوى, فهو قد أدعى مدعاً عاماً وأقام عليه الدليل خاصاً وهذا من أوضح المغالطات المعروفة.
فأنظر إليه كيف حصر إستدلاله في زمن الغيبة إذ يقول: ((ولو غادر أحدهم ميدان الفكر المجرد ونظر إلى الواقع لوجد نفسه عملياً لا يختلف عن أولئك الذين ينتقدهم ويتبجح عليهم لأنه سيجد نفسه كغيره تماماً يقلد رجلاً يطلق عليه أسم المجتهد يخطيء ويصيب وليس إماماً معصوماً وهذا المجتهد غير معصوم فاين يوجد اليوم ذلك المعصوم الذي ياخذ عنه الشيعي دينه حتى يصح قوله السابق))! فإنّ الشيعة في زمن حضور المعصوم يتبعون المعصوم فلا يرجع عليهم هذا النقص, وبالتالي فإنّ فكرة العصمة وثبوت الإمامة في ذلك الزمن لا خدشه فيها, وهذا يكفي لنقض مذهب مخالفينا.
نعم له أن يناقش تطبيق هذه الفكرة في عصر الغيبة, وهذا لا يكون مناقشة في أصل العصمة والإمامة, بل في الغيبة ووقوعها, بل أن ثبوت الإمامة وعصمة الأئمة بالأدلة وتطبيقها زمن الحضور يجعلنا نقطع بوجوب وجود إمام وإن كان غائباً, ثم نفسر غيبته بأدلة أخرى.
هذا وانّ تقليد المجتهدين اليوم يختلف جذرياً عن تقليد مجتهدي العامة! فكما أوضحنا أن النص المعصوم لمدّة ثلاثمائة عام أوسع دائرة بكثير وأوثق من النص عند مخالفينا, وبالتالي تم حصر دائرة الخلاف بين المجتهدين في دائرة ضيقة وهامش محدود حصل التسامح به لوقوع الغيبة وظروفها, وما فات في هذا الهامش لطف فوتته الأمة على نفسها ولا يرجع على الله - نعوذ بالله - هذا أولاً.
وثانياً: قد خفي عليه أصل أصيل عند الشيعة! وهو أنّ المجتهدين لا تكون الحاكمية لهم في الافتاء بالإستقلال حتى على مبنى ولاية الفقية, على العكس من مخالفينا.
هذا والمجتهد عندنا نتيجة لضيق دائرة إجتهاده في الجزئيات لا يتعدى إلى كليات الدين والقوانين المتوسطة التي رسخها أئمتنا (عليهم السلام), على العكس من غيرنا.
وإن كانت الكليات موجودة في القرآن وسنة الرسول(صلى الله عليه وآله) وكذلك بعض المتوسطات, ولكنها أولاً غير مبينة بشكل كامل كما وضحه الأئمة لنا, وثانياً لم تصل إليهم بالشكل القطعي الراسخ أو المطمأن إليه.
ومن هنا قد نجد مناسبة لما هو المبنى عند الطرفين, فإنّ الإمامية تبني على التخطئة في الإجتهاد - أي أن المجتهد قد يصيب الواقعة الجزئية أو يخطئها ويكون الرأي الإجتهادي ظاهريّاً على كلّ حال ـ, بخلاف مخالفينا فإنّ مبناهم التصويب للمجتهد - أي أنه إذا إجتهد واستنبط فانه يقع على الواقع, أو أن الله ينشيء حكماً على طبق فتواه فتكون فتواه صحيحة على كلّ حال ـ, ولعل ما ألجأهم إلى هذا الأمر قلّة القوانين المتوسطة لديهم فإحتاجوا إلى إنشائها بالإجتهاد ومن ثم التصويب.
وقال: ((ولا يمكن لهم غير ذلك لأن المعصوم إما مفقود وكما عليه الحال اليوم وإما على افتراض وجوده فان التقاء الناس به غير ممكن ...الخ)).
نقول: كأنه تنبه هنا لعموم الدعوى وخصوص النقض السابق الذي أورده, فأراد أن يستدرك, ولكنه جاء بالطامة! فأوّل ما ينقضه عصمة الرسول(صلى الله عليه وآله), فما يقوله هناك نقوله هنا, إذ من الواضح أن النقض هنا مبني على عصمة التشريع وهم يقولون بها في الرسول(صلى الله عليه وآله), مع أنّ الجواب عليه قد ذكره المرتضى في الشافي رداً على القاضي عبد الجبار.
فإننا أوّلاً لا نوجب إماماً واحداً بالدليل العقلي الذي نعتمده على وجوب الإمامة وهو اللطف, بل ما اقتضاه اللطف, فانه ربما اقتضى أكثر من إمام بصفاته في عدّة أماكن, وإنما نقول بإمام واحد بأدلة أخرى, ولما ثبت بالقطع عند المسلمين بأنّ الإمام واحد, وثانياً أن وجود إمام معصوم واحد وتحته الأمراء والولاة يرجعون إليه يسددهم ويرد المخالف منهم يكفي في إتمام الغرض, كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفعله, فمن هو بعيد عن الإمام وداخل تحت سلطة الإسلام لابد أن تصله أوامره ونواهيه وأقواله وأفعاله وإن كان بالتتابع والتدريج, وهذا كاف في البين إذ لا يوجب العقل أكثر من ذلك, فإن وجود الأمراء والولاة في كلّ بلدة يقوم مقام الرئيس والإمام, ولا نثبت العصمة إلا لإمام الكلّ, لأنّ ما تحته من أمراء وولاة يقعون تحت أمره ونهيه وردعه وحثه, وليس فوق الإمام إمام, فتثبت العصمة له وحدّه بالعقل.
وقوله: (( فما الفرق بينهم وبين بقية المسلمين الذين يتبعون العلماء والمجتهدين ولا يؤمنون بمعصومين غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) )).
نقول: فقد بيّنا الفرق, ولكنه هو لم يبين الفرق بين إثبات العصمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي وقت معين, وبين عدم إثباتها للأئمة (عليهم السلام), أو في كلّ وقت, مع أن الدليل والمناط العقلي واحد والحاجة حاصلة في كلّ وقت وعلى الدوام!
وما أورده من نقوضات - لو قلنا أنها نقوضات - فهي واردة أيضاً على قولهم بعصمة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
2- قال: ((استحالة تواجد المعصوم في كلّ زمان ومكان ..الخ)).
نقول: هذا تكرار لما سبق في النقطة التي قبلها وقد أجبنا عليه. والظاهر أنّ هذا المستشكل يفهم من القول بالعصمة بوجوب مباشرة كلّ الناس للمعصوم في كلّ حركاتهم وسكناتهم وعلى طول اللحظات الزمنية في حياتهم وكأنهم مكائن آلية, أو أنّ الغرض من وجود المعصوم لكي يجعلهم معصومين مثله, وأن فائدة العصمة لا تتم إلا بهذا التصور الذي هو أحق أن نقول فيه أنه خيال.
ومن الواضح أنّه لم يفهم دليلنا على وجوب الإمام, ودليلنا على عصمته! فإنّ جهة حكمنا بكون الإمامة لطف هو حكم العقل بوجوب وجود رئيس للناس, وأنهم أقرب لصلاح الحال معه لو كانوا بدون رئيس يردعهم عن الخطأ والتجاوز والتقصير, وسبب احتياجهم إلى رئيس بهذا الشكل هو عدم عصمتهم فيحتاجون إلى رئيس يقومهم, ولازم ذلك ثبوت العصمة لهذا الرئيس, وإلا كان كأحدهم يحتاج إلى إمام وهلم جراً فيتسلسل.
ودليل العقل هذا من جهة اللطف لا يثبت أكثر من وجوب العصمة للإمام, بحيث يستطيع أن يسودهم بأعوانه من الأمراء والولاة ما تصل إليه سلطته وأخباره, كما هو الحال مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي يثبت كلّ المسلمين عصمته, ولو تأمل هذا المستشكل قليلاً لرأى أن كلامه يعود بالنقض عليه من جهة رسول الله (صلى الله عليه وآله)!
أمّا الإشكال في زمن الغيبة, فقد أجبنا عليه سابقاً أيضاً, وأنّه لطف ضيّعه الناس على أنفسهم بمقدار ما, مع أنّ الإمام تدارك هذا اللطف بلطفٍ أضعف منه, ولكن مما لا بد منه وهو نصبه للسفراء, وعندما امتنع هذا اللطف أيضاً تداركه بلطف آخر أضعف من الأولين وهو نصبه للفقهاء بالنيابة العامة, على أنّ هذا المستشكل لم يعرف طريقة إنزال الشرائع من قبل الله وكيفية تبليغها وجهات قبول الناس لها.
3- هنا نقدم أولاً تقرير الإستدلال على ما ذكره المرتضى (ره) في (الشافي) حتى يتضح مراد الشيعة منه:
قال المرتضى (ره): ((قد علمنا أن شريعة نبينا عليه السلام مؤيدة غير منسوخة ومستمرة غير منقطعة فان التعبد لازم للمكلفين إلى أوان قيام الساعة ولابد لها من حافظ لأن تركها بغير حافظ إهمال لأمرها وتكليف لمن تعبد بها ما لا يطاق وليس يخلو أن يكون الحافظ معصوماً أو غير معصوم فان لم يكن معصوماً لم يؤمن من تغييره وتبديله وفي جواز ذلك عليه وهو الحافظ لها رجوع إلى أنها غير محفوظة في الحقيقة, لأنه لا فرق بين أن تحفظ بمن جائز عليه التغيير والتبديل والزلل والخطأ وبين أن لا تحفظ جملة, إذا [إذ] كان ما يؤدي إليه القول بتجويز ترك حفظها يؤدي إليه حفظها بمن ليس بمعصوم, وإذا ثبت أن الحافظ لابد أن يكون معصوماً استحال أن تكون محفوظة بالأمة وهي غير معصومة والخطأ جائز على آحادها وجماعتها, وإذا بطل أن يكون الحافظ هو الأمة فلا بد من إمام معصوم حافظ لها))(الشافي في الإمامة 1/179).
وننبه هنا: انّ هذه الشبهات قد أثارها كلها القاضي عبد الجبار المعتزلي من قبل وأجاب عليها السيد المرتضى (ره) في (الشافي) بما لا مزيد عليه. ولكن لا ينقضي عجبنا من هؤلاء السلفية أو الأشاعرة أنهم بعد عجزهم في مقام الدليل يلجؤون إلى إنتحال قول من يكفرونهم كالمعتزلة!! وليس إلا من أجل الرد على الشيعة .
وعلى كلّ, نقول في جواب هذه الشبهة: من قوله: ((فإذا كان المعصوم ضرورياً لحفظ الدين والدين لا يتم ولا يحفظ إلا به فأين هو المعصوم في زماننا...الخ)), انه جاء هنا بعدّة مغالطات! إما لقصر فهمه عن إيراد الإشكال, أو متعمداً لإيهام القارئ, ونحن نبين ذلك بالتدريج, فنقول:
انّ وجود الإمام وكونه حافظاً لطف, وبسط يده وتحقق الحفظ لطف آخر, ولا يلزم من عدم تحقق اللطف الثاني - وهو تحقق الحفظ على الفرض - انتفاء اللطف الآخر وهو عدم وجوده (عليه السلام). وسيتوضح ذلك أكثر بما يسترسل من الجواب لاحقاً.
بل نحن نقول: أن الإمام الحيّ الموجود هو حافظ للدين الآن حقيقة بما أودعه الله عنده من علم وبما ورثه عن آبائه (عليهم السلام) عن جدهم (صلى الله عليه وآله), ولكن عدم بسط يده من قبل المكلفين ومنعه من إظهار ذلك الحفظ علانية جاء من قبل المكلفين أنفسهم بعد أن أخافوه ومنعوه ووقفوا أمام بسط يده.
فنحن نقول: بعد ما كانت شريعة محمد (صلى الله عليه وآله) مؤبدة إلى يوم القيامة, فلابد من أن يجعل الله لها حافظاً يحفظها من التبديل والتحريف وهو حاصل بوجود الإمام المعصوم, ولكن ليس على الله أن يجبر المكلفين على التسليم, لأنه وظيفة من باب الاختيار, وإذا ارتفع الاختيار بطل التكليف, وقد ذكرنا سابقاً أن لهذا اللطف أصل وفرع ومتوسط بينها, فالأصل إيجاد الإمام من قبل الله, والمتوسط تهيئة الإمام نفسه لأداء وظيفته, والفرع قبول الأمة وتمكينها للإمام من بسط يده.
بل نقول: انّ الإمام (عليه السلام) حافظ للشرع الآن وبالفعل والواقع الخارجي, فانه لا يلزم إذا لم يتمكن الإمام من حفظ الدين والشرع لكلّ الناس وفي كلّ زمان ومكان أن يكون ليس حافظاً للدين لبعض الناس وفي زمان ومكان معينين, كما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان حافظاً للدين وهو في المدينة ويده بعد لم تكن مبسوطة على مكة أو كلّ الجزيرة, وكما كان علي (عليه السلام) حافظاً للدين لأتباعه في الكوفة وإن لم يكن حافظاً له في الشام لعدم بسط يده عليه.
ونحن لا نمنع من أن يكون الإمام الحجة الغائب حافظاً للدين لبعض أوليائه وتابعيه ممن يتشرفون بلقائه بل يحفظ الدين لشيعته عن طريقهم بمختلف الأساليب التي لا تعارض غيبته. وملخص هذا الجواب أن من فات الحفظ للدين عليه فانما واُتي من قبل نفسه وتقصيره . هذا .
ونحن لا نقول أن الإمام الآن ليس بحافظ كما أراد من التمويه والمغالطة حتى يتم له ما اراده من النقض, مع أن عدم تحقق الحفظ خارجاً لو كان على نحو التسليم والفرض لا يلزم منه نفي وجود الحافظ كما بينا.
ونحن لا نقول أن حفظ الدين ليس ضرورياً وواجباً في حال الغيبة بل نقول أنه ضروري وواجب حال الحضور للإمام وحال الغيبة ولكن الحفظ يتم ويظهر حال الحضور ولا يتم ويظهر حال الغيبة لعدم أنبساط يده والتقصير جاء من قبل المكلفين أنفسهم.
ولنا أن ننقض عليكم بما تقولون من وجوب نصب خليفة من قبل أهل الحل والعقد لحفظ نظام الإسلام وحفظ الثغور وإقامة الحدود, فإن نظام الإسلام وحفظ الثغور وإقامة الحدود الآن ومنذ مئات السنين غير متحقق؟ وبالتالي فلازم ذلك سقوط وجوب نصب خليفة على أهل الحل والعقد الآن!!
فإن الفرق بيننا وبينكم أننا نوجب نصب إمام من قبل الله سبحانه وتعالى وأنكم توجبونه على أهل الحل والعقد وذلك لا يوجب فرقاً ههنا.
أمّا قوله (وما الفرق بين أن يكون معدوماً وان يكون مختفياً...الخ) فقد وضح مما بينا من أن حفظ الدين لا يتم إلا بإيجاد الإمام من قبل الله تعالى وتقبل وتهيئة الإمام نفسه لذلك فإذا منعه الناس من حفظ الدين (على الفرض) فقد أجرموا بحق أنفسهم وأصابهم ما جنته أيديهم ولا يجبرهم الله بالقهر أو بأنزال الملائكة على ذلك لأنه يؤدي إلى سقوط التكليف وأمّا إذا لم يوجده الله فإن الحجة ستكون للمكلفين على الله لا عليهم.
فإن الإمام حافظ للدين والشرع وقد أوجده الله واستعد لذلك بنفسه فمتى ما مكنه المكلفين من ذلك تمَّ له ما أراد.
هذا كله إذا سلمنا عدم تمكن الإمام من حفظ الدين الآن وإلا على ما ذكرنا من أننا نعتقد بأنه (عليه السلام) حافظ للدين ولو على نحو الموجبة الجزئية فيسقط الإشكال من أصله وليس لقائل ان يدعي علينا بانا نقول أن الإمام حافظ للشرع على نحو الإطلاق والشمول لكلّ ما يتعلق بالشريعة لكلّ الناس وفي كلّ زمان ومكان بل نحن نقول أنه حافظ للشرع ما وسعه ذلك ومكنه الناس منه.
وبهذا وضح الجواب عن السؤال عن الحكمة من وجوده مختفياً. فلاحظ.
4- قوله: ((لا شك أن الدين محفوظ وكامل والنعمة تامة مع عدم وجود المعصوم ..الخ)).
نقول: أنه أورد في هذا الكلام دعاوى بدون دليل وجعلها كأنها مسلمات وليس كذلك. فأوّل ما فيه أن حفظ الدين غير كونه كاملاً أو تاماً! فإنّ كون الإسلام نعمة وأنّها نعمة تامّة وكاملة لا يلزم منه أن يكون محفوظاً عند الكلّ, بل نقطع أنّه غير محفوظ عندكم, بل محرّف, وما تتعبدون به الآن ليس من دين الله في شيء.
وثانياً: أنّ كون الدين كاملاً أو تامّاً لا يعني أنه وصل كاملاً عند الكلّ وأنّه محفوظ عند الكلّ, بل هو كامل ومحفوظ عند المعصوم (عليه السلام), بل لم يتم ويكمل إلا بتنصيب الإمام المعصوم يوم الغدير بشهادة الآية, فالإعتقاد بوجوب الإمام المعصوم هو من تمام الدين.
وثالثاً: أنك لم تبيّن كيفية حفظ الدين من قبل الله! فلا يوجد من يقول أنّ الله يحفظ الدين بملائكته مثلاً, ونحن نعرف من دعواكم أنّه حُفظ بالأمة. ونحن نقول: أنّه حُفظ بالمعصوم, فلا فرق بيننا من هذا الجانب. مع أنّ الحفظ بالأمة باطل ولا يمكن لما يجوز عليها من الخطأ والتغيير! بل أنه لم يقع في الخارج, وما تقوله من أنه محفوظ عندكم منذ ألف عام لا يخرج عن الدعوى.
ورابعاً: أنك قد قلبت المقدمات بنوع من المغالطة عندما قلت: ((فإذا قلنا أن حفظ الدين مشروط بالمعصوم استلزم ذلك نقصان الدين في حالة عدم وجود المعصوم أو غيابه))! لأنّ الأصل في ترتيب المقدمات أن تقول: انّ الدين الإسلامي الأبدي إلى يوم القيامة لازم الحفظ, ولا يحفظ بالأمة, فلا بد من وجود معصوم لحفظه, ومن هنا يثبت وجوب وجود الإمام المعصوم, وإلا لبطل الملزوم وهو وجوب حفظ الدين.
ومن هنا نحن نقطع بوجود المعصوم وغيابه لا يؤثر كما بينا, فالدين عندنا محفوظ بالمعصوم, وكونه غير محفوظ عند غيرنا لا يلزم منه الكفر.
5- قوله: ((المعصوم مفقود منذ أكثر من ألف عام وأقواله وأحواله مجهولة تمام الجهل لم يسمعها ولم يشاهدها أحد من الناس وإنما غايتها أن تنقل وتسند إليه)).
نقول: لقد ذكرنا سابقاً أنّ العقل يوجب وجود إمام معصوم يكون وراء أمراءه وعماله يخوفهم ويردهم ويرجعهم إلى صراط مستقيم إذا مالوا عن الطريق, وبعض هذا حاصل بالنسبة لأتباع أهل البيت (عليهم السلام), بل لعلمائهم حال الغيبة فإنهم قاطعون بأنّ الحجة (عجل الله فرجه) ورائهم مع ثبوت منصب النيابة العامة لهم, وما فاتهم من ذلك فقد أشرنا إليه سابقاً أيضاً بأنّ المكلفين أتوا فيه من قبل أنفسهم.
مع أن أتباع أهل البيت (عليهم السلام) استمر عندهم وجود المعصوم لأكثر من ثلاثة قرون في زمن الحضور والغيبة الصغرى, والفرق واضح في سعة زمن صدور النص المعصوم مع غيرهم من المذاهب كما أشرنا إليه سابقاً.
وقوله في عنوان هذه النقطة: ((ثبوت الدين وحفظه بالنقل)) عجيب!! كيف ونقل الآحاد وإن كان صحيحاً ظنّي لا يرقى إلى القطع والعلم, وهو قابل للخطأ والنسيان, وكان المفروض منه أن ينقض كما نقض القاضي عبد الجبار بالتواتر, ولكنه أيضاً لا يكفي كما هو واضح, لأنّ ما نقل بالتواتر النزر القليل مع أن التواتر قابل للتغيير, بل لاتفاق من ينقله على عدم النقل كما هو حاصل في الأمة, فلزم من ذلك لا بدية وجود معصوم يرجع بالأمة للشريعة ويكون ورائها إذا نكصت.
ولم يقل أحد من الشيعة أن الناقل عن المعصوم معصوم ولكن يتدارك ذلك بوجود المعصوم ورائهم كما قلنا.
6- قوله: ((آخر المعصومين لا ينقل عنه شيء ...الخ)).
نقول: ما ذكره هنا تكرار لسابقه بعبارة أخرى, وقد ذكرنا أن ما فات المكلفين من تصرف المعصوم أتوا فيه من قبل أنفسهم, وأدلة وجوب وجود إمام في كلّ زمان ذكرناها سابقاً فلا نعيد, وما حصلنا عليه من قبل الأئمة (عليهم السلام) السابقين يكفي لهذه المرحلة مع قطع علمائنا بوجود الإمام المنتظر (عجل الله فرجه) ورائهم, إذ هم نواب عنه لا غير, وما بيد الأمة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يكفيها لقلته وكثرة التغيير والضياع فيه, ولا نسلم كون الأمة أحرص على حفظ ما جاء من نبيها من أهل بيته (عليهم السلام), بل انّ زعمائها كانوا أحرص على زعامتهم وولايتهم من حرصهم على الدين, وكثرة ما بأيدي أهل السنة غير صحيح قطعاً, وإلا لما لجؤوا إلى القياس والرأي والاستحسان, بل المشاهد المحسوس أن ما لدى الشيعة من السنة المنقولة عن أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر بأضعاف مضاعفة.
7- لم يستدل الشيعة على وجوب وجود الإمام من كونه قدوة, وقد مضى أدلتهم على لزوم وجوده, نعم أحدى فوائد الإمام كونه قدوة ولم يثبت لأبدية حياة القدوة لتحقق الإقتداء, نعم المباشرة مع القدرة أقوى تأثيراً وأسرع في المقتدي, وقد كان أئمتنا (عليهم السلام) أحياء يتواصل معهم شيعتهم, وتفاصيل حياتهم بعد موتهم معروفة بالقدر الكافي, بل أن ما عند الشيعة من تفاصيل حياة أئمتهم (عليهم السلام) أكثر من أي مصداق آخر لدى كلّ الأمم والشعوب الأخرى, ولا علاقة للتقية بهذا الأمر, فإنّ التقية كانت بالنسبة للأعداء لا الأولياء, وهذا القدر يكفي في معرفة تفاصيل حياتهم لأتباعهم وأصحابهم, نعم إنّ المخالفين ومن نصب لهم العداء لا يعرف الكثير عن تفاصيل حياتهم.
وأمّا ما ذكره من مثال للإمام الحسن العسكري (عليه السلام), فدال على الجهل لا أكثر! فإنّ القدوة للفقير لا تكون بمقدار ما يملك من المال, بل بالسلوك الذي يمكن للفقير أن يتبعه, على أننا ننقض عليه بأنّ نبيّ الله سليمان (عليه السلام) كان ملك وذا سلطان, فهل يقول هذا المخدوع أنه لم يكن قدوة, بل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) - نعوذ بالله - لم يكن فلاحاً أو نجاراً أو حداداً أو ....الخ فهل لم يكن قدوة لكلّ هؤلاء بل - نجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك - لم يكن امرأة حتى يكون قدوة للمرأة ... يا هذا ما هكذا تضرب الأمثال!!
ثم إنّ القدوة لا يكون قدوة حتى يعرف, فلا يؤثر في ذلك دعوى من يدعي, مع أن هناك من ادعى النبوة في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يؤثر في كونه (صلى الله عليه وآله) قدوة لأصحابه, كما أنه (صلى الله عليه وآله) لم يكن قدوة لأعدائه.
وأمّا ما ذكره من نقل السيرة لحياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتفاصيلها, فهو غير صحيح! وما نقل أكثره مكذوب, كما نقل عنه البول واقفاً - حاشاه ـ, وأنه يسمع للمغنيات داخل بيته والحبش يلعبون في مسجده, وأنه ينام عن صلاته, إلى غير ذلك مما نقله وعاظ السلاطين والكاذبون عليه مما يترفع عنه أواسط الناس فضلاً عن كبرائهم, وما نقل من أقواله وأفعاله وحروبه وسيرته أغلبه مكذوب محرف في خدمة أغراض من غصبوا الخلافة بعده, وليس هنا مجال بيانه وتفصيله.
وأمّا ما ذكره أخيراً من وجه الحجية, فقد أجبنا عليه سابقاً في وجه الحاجة لوجود إمام معصوم.
وأمّا السؤال عن حجية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهل هي ناقصة؟ فغير صحيح أصلاً! وإنّما الكلام في مقدار ما وصلنا من أقواله وأفعاله وتقريراته, وهل يكفي زمن حياته لبسط وترسيخ دين الله وشريعته على النحو المطلوب أو لا؟
مع أننا لا نقول أن حجية أئمتنا (عليهم السلام) في عرض حجية رسول الله (صلى الله عليه وآله), بل في طولها, ولكنه لمّا لم يفهم ذلك أشكل بهذا الإشكال! فان ما يترتب علينا من ثبوت الحجية للأئمة لا يخرج عن دين وشريعة وحجية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنما هو هو, فلاحظ.
8- قوله: ((من الأقاويل المشتهرة على ألسنة الشيعة (أهل البيت أعلم بما فيه) قلنا: لا بأس ... الخ)).
نقول: الحمد لله, إنه سلم بأنّ أهل البيت (عليهم السلام) أدرى بما فيه, ولكن كان عليه أن ينصف في المقارنة التي ذكرها, إذ لا يختلف الشيعة في أعلمية صاحب البيت رسول الله (صلى الله عليه وآله), كيف وهو أفضل الخلق وصاحب الرسالة الخاتمة؟! ولكن الشيعة عندما يستدلون بهذا القول يستدلون به بالمقارنة مع ما يدعيه مخالفوهم من نقل الصحابة للعلم والدين, فلو دار الأمر بين أخذ دين الله المنزل على رسوله(صلى الله عليه وآله) من أهل بيته (عليهم السلام) أو أخذه من أصحابه, لا يكون هناك شك في أولوية أخذه من أهل بيته (عليهم السلام), وأهل بيته (عليهم السلام) لا يدّعون أنهم أعلم بدين غير دين جدهم, بل هم يقولون نحن أعلم بدين جدنا من الأباعد, فما ذكره لا يعدو كونه مغالطة مكشوفة غير موفقة في الردّ على المقارنة التي يدعيها الشيعة, كما سيأتي في كلامه لاحقاً.
والقول بأنّ الشيعة يأخذون دينهم من أهل البيت (عليهم السلام) دون رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذب صارخ! ولا يوجد شيعي واحد يعتقد به, ولو فرضنا الأمر كذلك وفرض المحال ليس بمحال كنا أيضاً أفضل حالاً من مخالفينا لأنهم يأخذون دينهم عمن يدعون له الصحبة بل من المقطوع كذب بعض هؤلاء الصحابة على رسول الله (صلى الله عليه وآله), فلاحظ.
فلماذا إذا أخذ الشيعة دين محمد من أولاده يكونوا أخذوا بدين جديد ولا يكون من يأخذ عن كلّ من هب ودب من الصحابة قد أخذ بدين مفترى؟!
وأمّا الروايات التي يرويها الأئمة (عليهم السلام), فلا جدال بين الشيعة أنّها من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشريعته, وكلّ ما يروونه هو عن آبائهم عن جدهم لا غير, واتهامه للشيعة بأنهم يهتمون برواية جعفر الصادق (عليه السلام) ولا يهتمون برواية الرسول(صلى الله عليه وآله) دعوى كاذبة, وكذبها على مدعيها, وهذا هو الواقع أبلج كالشمس بخلاف ما يحاول هذا المدعى أن ينسب إليهم ما هو أليق به وبمذهبه, فإن نظرية أهل السنة والجماعة التي يدّعونها شيء وواقعهم شيء آخر, فإنهم يدعون النسبة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينما هم في الواقع يتبعون سنة الخلفاء الثلاثة وبالأخص عمر منهم, بل يقولون عن دينه أنه بدعة ونعمت البدعة, بل يعتبرون من يتبع سنة معاوية بسبّ علي (عليه السلام) منتنسباً للسنة متمسكاً بها مع أنه خلاف صريح لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله), وأمامك كتب الرجال فنقب بها!!
والعجب كلّ العجب!! من دعواه أخذ الدين من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا أحد في الأجيال المتعاقبة بعده قد سمع منه مباشرة إلا من عاصره, وإنّما نقلوا عنه بالرواية, فكيف يكون ما ينقله الأباعد هو سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! وما ينقله أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليس من سنته؟! فهل يوجد أعجب من هذا المدعى!! ولله في خلقه شؤون.
ونحن نسأل بدورنا: لماذا إذا نقل لكم أبناء صاحب الدعوة الشريعة عن جدهم ترفضونها, وإذا نقلها غيرهم تقبلونها؟! هل من تفسير لهذا إلا البغض والنصب!! بل كيف يمكن تقبل فكرة أن الأتباع يحفظون الدين بينما أهل البيت (عليهم السلام) أضاعوه؟!
وأمّا لماذا روايات جعفر (عليه السلام), فلأنّه معصوم لا ينقل لنا إلاّ قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشرعه بالقطع من دون نقص أو زيادة أو تحريف أو تبديل, ومن هنا نبع الإهتمام برواياته وروايات غيره من الأئمة (عليهم السلام) أبائه وأبناءه, لأن قولهم هو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله), فالإهتمام أوّلاً وبالذات بقول وشرع رسول الله (صلى الله عليه وآله), ومن هنا يتبين أن الأخذ بقول الأئمة (عليهم السلام) والصادق منهم (عليه السلام) هو بالحقيقة أخذ بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله), لا إلاستغناء عن قوله كما عند البعض الذين يأخذون بقول فلان وعلان وإن خالف قول رسول الله (صلى الله عليه وآله), وهو أيضاً احتفاظاً بالأصل لا ما حرّف وبدلّ وغير, فقول الصادق (عليه السلام) هو نفس قول الأصل (صلى الله عليه وآله) بل هو هو, فلاحظ.
وقوله: ((لماذا جعفر دون غيره من الأئمة....الخ)) ما هو إلا مغالطة منه, لأنّ قول جميع الأئمة (عليهم السلام) بنفس المستوى من الحجية عندنا لا نفرق بين أحد منهم, بل هو أصل في عقيدتنا, فما نسبه لنا من الاقتصار على قول الصادق (عليه السلام) فقط كذب لا غير, والشيعة لم يقتصروا على التلقي منه..
نعم, ما وصلنا من الروايات عنه وعن أبيه الباقر (عليه السلام) أكثر من بقية الأئمة (عليهم السلام), وذلك لما سمحت لهما الظروف الموضوعية في وقتهما من نشر العلم فزاد عدد الناقلين عنهم, وما النسبة إلى جعفر الصادق (عليه السلام) إلا من أجل هذا لما كثر الناقلون عنه في الأمصار واشتهروا وعرفوا وخرجوا إلى العلن.
وقوله: ((لماذا جعفر وليس الإمام المنتظر (عليه السلام)... الخ)) يتضح جوابه مما سبق.
وأمّا الأدلة على وجوب إمام في كلّ وقت, فقد مضى ذكرها فلا نعيد, والإمام المنتظر قد قام بأعباء الإمامة كما كان يقوم بها آباؤه من قبله, وما فات الناس من اللطف بتصرفه جاء بسببهم وتقصيرهم, فإذا منعوا الإمام من بسط يده يكونوا هم المقصرين, ولا يقال أنّ الإمام (عليه السلام) مسلوب القدرة فلماذا هو إمام؟ بل الإمام له كامل الأهلية والقدرة لما ثبت له من العصمة والصفات الأخرى.
وما يوجد عند كلّ إمام يكفي للعمل بالدين كما كان يكفي ما يوجد عند رسول الله (صلى الله عليه وآله), ولكن تمامية وسعة النقل لكلّ تفاصيل الشريعة يحتاج إلى وقت واستمرار عدد من الناقلين المعصومين, فافهم.
وما نقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بطريق موثوق عندنا لم يكن بتمام الشريعة ولم يحصها بتمامها وكمالها غير الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام), وأمّا دعوى المبطلين فلا شأن لنا بها, فما وصلنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو من أحد من الأئمة (عليهم السلام) نأخذ به ولا فرق, ولكن بشرط الوثوق بالطريق.
وقوله: ((وبعضهم يجيب إجابة باردة يقول: أنتم تأخذون رواياتكم عن الصحابة ونحن نأخذ رواياتنا عن أهل البيت وهذا جواب من لا يتصور ما يقول)).
ونحن نقول له: بل أنت لم تتصور ما تقول! لأنك لم تتصور أو لم ترد أن تتصور المقارنة الصحيحة التي نقول بها فأوردت من وهمك ما شاء لك من الدعاوى والمغالطات, فمن من الشيعة يجعل الأئمة (عليهم السلام) في عرض رسول(صلى الله عليه وآله) ويقارن بينهم؟! بل أن إجماع الطائفة على أن العلاقة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة علاقة طولية لا عرضية, فلا يكون الأئمة (عليهم السلام) في مقابل رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما يكون عمر مثلاً في مقابل النبي (صلى الله عليه وآله) عندكم, كما في قصة أسرى بدر, أو الصلاة على المنافقين, أو المتعتين, أو صلاة التراويح!
فالشيعة لا تروي عن الأئمة (عليهم السلام) وتتوقف عندهم على أنهم (عليه السلام) في عرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقولهم مقابل قوله كما تدعي! بل تروي عنهم لأنّهم المعصومون الذين لا ينقلون إلا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقطع.
نعم, أنت تريد أن تحمّلنا كيفية تعاملكم أنتم مع أهل البيت (عليهم السلام) على أنهم أناس عاديون حالهم حال الرواة الآخرون, ثم تشكل علينا بهذا الإشكال! ولم تتنبه إلى أن هذا الإشكال نابع من وهمك وما تتصور وتعتقد أنت وأسلافك فيهم, لا ما نعتقده نحن فيهم من عصمتهم وإمامتهم, فما تريد أن تفرضه علينا هو الجور والمغالطة والكذب لا غير.
وعليه لو قارنا بين أهل البيت (عليهم السلام) وبين الصحابة ومن يدعى له الصحبة, تكون الكفّة راجحة للأئمة (عليهم السلام) بلا ريب, بعد ذلك لو قارنا بين أصحاب الأئمة (عليهم السلام) وبين أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله), يكون الأمر بين بين - لأنّ كلّ أحد من الطرفين مرهون بعمله ـ, ولو قارنا بين أصحاب الأئمة (عليهم السلام) ومن يدعى له الصحبة أو خان الصحبة ونكث, تكون الكفة مع أصحاب الأئمة (عليهم السلام) بلا ريب أيضاً.
فالمنهج الموضوعي للأخذ بالرواية إذن سواء المنقولة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو المنقولة عن أحد الأئمة (عليهم السلام) هو تمحيص سندها لكي نحصل على الوثوق بالصدور, ثم نأخذ بما يطابق الموازين العلمية بلا فرق.
ولم يدّع أحد عصمة الرواة, فهذا فرض غير واقع! وإنّما أجمعت طوائف المسلمين على تطبيق قواعد علم الحديث والجرح والتعديل.
وأمّا قوله: ((ولماذا؟ فالدين نزل على الرسول فكان وجوب حفظه بحفظ رواته متعيـِّناً شرعاً وعقلاً وإلا ضاع الدين)), فهو من العجب العجاب أن يصدر منه!! لأنّه من أوّل كلامه لحدّ الآن ينقض علينا بعض هذا القول, فنحن لم نقل إلا بوجوب نصب رئيس للناس, وأن هذا الرئيس والإمام يجب أن يكون معصوماً, واستدللنا على ذلك بالعقل والشرع, وهو واحد, وأمره أوضح عقلاً وشرعاً من إثبات وجوب وجود رواة كثيرين يحفظون الدين كما يدعي هذا المدعي الآن, وهذا من أوضح الأدلة على أن الباطل متهافت ينقض بعضه بعضاً.
ولو قال: إنّ هؤلاء الرواة الذين أثبتناهم ليسوا معصومين.
قلنا: بأنك كالتي تنقض غزلها! إذ كيف يحفظون الدين وهم غير معصومين؟ ويرجع السؤال والجواب جذعة كما بدأنا من أول الكلام.
وإذا أدعى عصمتهم, فهذا أولاً نقض لقوله, ثم إنه هرب إلى ما هو أشنع من قولنا حسب عقيدته, فعندنا المعصوم واحد وعنده كثير.
وإذا قال: إنهم معصومون باجتماعهم.
قلنا: هذا أولاً إثبات لوجوب العصمة بعد الرسول(صلى الله عليه وآله), وأنت تحاول الفرار منه, ثم عليك بالدليل, فأين الدليل؟ بل نحن أقمنا الدليل على عصمة الإمام ونقيم الدليل على عدم عصمة المجموع بما هو مجموع, أو عصمة الإجماع حسب تصوركم, أو عصمة الأمة, بأنه إذا جاز الخطأ على كلّ فرد فرد كيف تجوز العصمة وعدم الخطأ باجتماعهم؟!
وقوله: ((فكيف نعقل أن الله زكى أصحاب جعفر وسلسلة الناقلين عنهم دون أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ اللهمَّ إلا إذا قلنا: أن الناقلين عن الأول هم معصومون يروون عن معصوم.....الخ)).
فنقول: لا فرق بين الرواة إطلاقاً إلا بمعايير الجرح والتعديل, ولم يدع أحد من الشيعة العصمة لرواة الحديث عن أهل البيت (عليهم السلام), فما رتبه على هذا الفرض طرفة كما وصفه هو.
وأمّا قولنا بحفظ الدين, فإنا لم ندّع حفظه بالرواة غير المعصومين, وإنما بالأئمة المعصومين (عليهم السلام), فقولك: ((فان كان هذا الواقع فأين العصمة وأين حفظ الشرع وأين حفظ الدين)) أكل من القفا! لأنّك قلبت مقدمات الدليل, إذ بعد اعترافك بأنّ الرواة غير المعصومين لا يحفظون الدين, لا يخرج قولك عن أمرين: إما أن تلتزم بوجود إمام معصوم يحفظ الدين, وإما أن تلتزم بعدم حفظ الدين والرسالة الخاتمة. وإذ لا مجال للثاني فلا يبقى إلا الأول, وهو ما نقوله, فيجب على الله لحكمته ولطفه نصب الإمام, وإذا ألجاه الناس إلى الغيبة ولم يأخذوا بتصرفاته المعصومة أتوا من قبل أنفسهم وتتم الحجة عليهم.
وقوله: ((الشيعة يجرحون رواتهم: فكيف إذا كان الناقلون عن جعفر الصادق وغيره من الأئمة مجروحين في المصادر الرجالية المعتمدة عند الشيعة أنفسهم قبل غيرهم...)) يجعلنا نستغرب من غفلته! إذ ما فائدة كتب الرجال إذا لم يكن فيها جرح وتعديل؟! ثم إذا كان الجرح الموجود في كتب الرجال عندنا مثلبة فلماذا يوجد في كتب رجال السنة؟! بل لنا أن نرتب ملازمة على قوله: من أنه إذا كان جرح بعض الرواة خطأ عند الشيعة ولا يوجد عند السنة مثله, وبالتالي لا يوجد في رواة السنة مجروحين, فلماذا أصلاً ألـّفوا في الرجال؟
وإيهامه في عبارته إطلاق الجرح لكلّ الرواة عن جعفر الصادق (عليه السلام) وباقي الأئمة (عليهم السلام) كذب مفضوح! فإنّ كتب رجال الشيعة مثل كتب غيرهم فيها الجرح والتعديل, ولا نعرف لماذا الاستغراب من الجرح عند الشيعة ولا يستغرب من الجرح عند السنة! وهل يفترض بالشيعة أن يعدّلوا ويوثقوا كلّ الرواة حتى المجروحين؟!
وأمّا ما ذكره من أمثلة الجرح لبعض أصحاب الأئمة (عليهم السلام), فإنّه نابع عن جهله بقواعد ومباني الجرح والتعديل عندنا, بل أنه لم يطلع على ما قاله علمائنا في هؤلاء الأصحاب, مع أنه يجد مثل ذلك بل أكثر في رواته, ولكن إذا أتبع الهوى ذهب الإنصاف.
ثم أنّا لا نعرف ماذا يريد بأنه ليس في الرواة (عن الأئمة) أحد من أهل البيت (عليهم السلام)؟ إذ لو كان المدار على النقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنّ أئمتنا (عليهم السلام) من الناقلين عنه (صلى الله عليه وآله) وهم من أهل البيت (عليهم السلام), وإن كان المقصود رواة آخرين من أهل البيت غيرهم (عليهم السلام) فهو وهم لم يوقعه فيه إلا عدم الإطلاع والجهل.
وأمّا دعواه بأنّ في رواتهم - أي أهل السنّة - من أهل البيت (عليهم السلام) مثل علي (عليه السلام), فما هو إلا إمامنا الأول, وكثرة رواياته عندهم بالنسبة إلى غيره من خلفائهم - وإن كان قليلاً بمقدار علمه - فليس بمستغرب بعد أن كان أعلمهم وأفقههم وأقضاهم, وهل يقارن التبر بالتراب!
وأمّا إدعاءه بأنّ نساء النبي (صلى الله عليه وآله) من أهل البيت, فهي دعوى أجاب عليها علماء الشيعة منذ مئات السنين تجد تفصيل ذلك في مضانّه, ولكن ما أستدل به من الآية يدحض قوله, قال تعالى: (( وَاذكُرنَ مَا يُتلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً )) (الأحزاب:34), إذ أين نسبة البيوت لهن من كونهن من أهل البيت؟ فمن الواضح أن البيوت جاءت على الجمع ونسبت لهن من حيث السكن, إذ هي بيوت النبي (صلى الله عليه وآله) في الواقع, وهو ما يوضح أن المقصود هو حجراتهن - أي بيوت الطين التي كان النبي (صلى الله عليه وآله) يسكنهن فيها - وأين هذا من مصطلح أهل البيت - أي أهل بيت الشرف والذروة ـ؟!!
9- قوله: ((لا يوجد إلا علماء غير معصومين... الخ)).
نقول: يرد عليه بعّدة نقاط:
أولاً: إن ظاهر ما أدعاه غير صحيح, فقد وجد للشيعة أئمة معصومون في زمن الظهور إلى أكثر من ثلاثة قرون, ولم يصل الأمر إلى الفقهاء والعلماء إلا بعد نهاية الغيبة الصغرى.
ثانياً: لا يوجد عند الشيعة الآن علماء فقط من دون معصوم, فإن الشيعة تعتقد بحياة الإمام الثاني عشر (عجل الله فرجه), وأن الفقهاء نواب عامون عنه, نعم لا يوجد على حال الظهور إلا العلماء المجتهدون بسبب غيبة الإمام لما فصلنا سابقاً.
ثالثاً: إن فقهاء الشيعة ليس كغيرهم من فقهاء المسلمين, لأنهم لا يستنبطون الحكم إلا بعد الخضوع والإتباع لقواعد صارمة رسخها المعصومون عبر ثلاثة قرون في عقول تلاميذهم حتى وصلت إلينا عبر أجيال العلماء, وتفصيل هذه القواعد في علم أصول الفقه.
وهذا الخضوع لهذه القواعد يؤدي إلى الابتعاد قدر الإمكان عن الخطأ والانحراف عن الخط العام للشريعة, ولا يقع عملاً إلإّ في الجزئيات وبعض الفروع البعيدة, خلافاً للآخرين المعتمدين على القياس والاستحسان وغيرها من قواعدهم التي ما أنزل الله بها من سلطان.
رابعاً: إن ما يفتي به علمائنا الآن يصطلح عليه بالحكم الظاهري - أي الذي وصل إلينا بالأدلة الاجتهادية - مقابل الحكم الواقعي الموجود عند المعصوم والحفاظ على الدين والشريعة بشكل كلي وتام يكون بالحفاظ على الحكم الواقعي الثابت إلى يوم القيامة وهو عند المعصوم ولذا أوجبنا وجوده في كلّ زمان.
ونحن لا نعتقد التصويب بما يستنبطه العلماء - أي لا نقول بصحة كلّ ما أفتى به العلماء وأنه حكم المكلف واقعاً - كما يلتزم به مخالفونا, بل نحن من المخطئة الملتزمين بإمكانية إصابة المجتهد للواقع وعدمه, ومن هنا كان حكمه حكماً ظاهرياً. نعم أن الحكم الظاهري تبرأ به الذمة لأنّه حكم المكلف حال عدم وصول الحكم الواقعي.
فهذا المستشكل لم يفرق بين أن يكون الحكم صحيحاً مطابقاً للواقع المنزل من الله, وبين براءة الذمة, وظن وجود التلازم بينهما من الطرفين! بينما الصحيح أن براءة الذمة أيضاً تحصل بالحكم الظاهري المبين من عند المجتهد كما تحصل بالحكم الواقعي لو علم به المكلف.
ومن هنا ظهر الخلط في قوله: ((فهل ما يدعوننا إليه صحيح تطمئن إليه النفس وتبرأ به الذمة أو لا؟ فان كان صحيحاً مبرئاً للذمة فلا حاجة للمعصوم...الخ))! فالذي عندنا من فتوى المجتهدين هو الحكم الظاهري.
أمّا لماذا لا يظهر المعصوم ويبّين لنا الحكم الواقعي, فهذا قد أجبنا عليه سابقاً من أنهم أي المكلفين أتوا فيه من قبل أنفسهم وتقصيرهم ومنعهم الإمام من بسط يده.
وأمّا ذمة الشيعة في التكاليف فهي بريئة بعد وصول الحكم الظاهري لهم. نعم لم يحصل المقصود من الدين تماماً لحد الآن, ولذا نحن نقول بوجوب ظهور إمام يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت ظلماً وجورا.
وقوله: ((ألم يترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو أعظم مربٍّ وأعظم معلم عرفته البشرية علماء يبلغون الدين؟....الخ)), إن كان يقصد به أنه ترك علماء عندهم كلّ ما في الشريعة الإلهية والرسالة المحمدية وعندهم كلّ ما يحتاجه الناس, فهم أئمتنا المعصومون (عليهم السلام) وأولهم علي (عليه السلام) وهو ما ندعيه, وإن قال أنهم غيرهم كذب, وكذّبه أسلافهم لعدم وقوع هذه الدعوى من أحد منهم, بل أنهم اعترفوا بجهلهم في كثير من الأحيان.
وإن أراد أنه (صلى الله عليه وآله) ترك علماء نالوا حظاً من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشريعته, قلنا: بوجود من عنده كلّ الشريعة فنحن في غنى عن هذا البعض. ثم إن هذا البعض الموثوق به هم من تبع أمير المؤمنين (عليه السلام) عندنا لا غيرهم الذين أدعوا العلم كذباً وزوراً وتصدوا للإفتاء والحكم, وهناك الكثير من الروايات تشير الى ذلك عندنا.
وأمّا من جاء بعدهم ممن يدعي العلم من أصحاب المذاهب وغيرهم, فإنهم إمّا مبطلون أو خلطوا حقاً وباطلاً, لأنهم لم ليستوعبوا كلّ الشريعة وأخذوا جهالة من جهالات وخلطوها ببعض الحق ثم استنبطوا منها بآرائهم ما أخذه الناس منهم والله ورسوله (صلى الله عليه وآله) بريئان منه.
والعلماء الذين يرثون العلم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) علماء الحق المتبعين للموازين والقواعد الشرعية لا كلّ من يدعي العلم, إذ أنّ الوراثة تتحقق بمن يرث العلم الذي جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعلاً لا ما قاله برأيه واستحسانه.
وأمّا ما ذكره بعد هذا إلى آخر الكلام فهو تكرار لما مضى قد أجبنا عليه سابقاً.
10- قوله: ((اللطف بين الحقيقة المرة والخيال الجميل: أن نصب إمام معصوم يمنع الناس من الوقوع في الزلل والاختلاف لطف وكلّ لطف واجب على الله).
نقول: أولاً: القول بقاعدة اللطف ليس خيالاً وإنما هو قاعدة كلامية مبنية على مقدمات عقلية, ولكن كما أشرنا سابقاً في أول الجواب أن الظاهر من كلام هذا المستشكل أنه من أصحاب المذهب المادي.
ثانياً: لم يقل الشيعة في وجوب نصب الإمام هذا المعنى الذي أورده, وحتى لو كانت هناك مثل هذه العبارة ((ان نصب إمام معصوم...الخ)) عند أحد الشيعة فإن الواجب على المستشكل أن يتحرى مرادهم منها لا ما يفهمه من ظاهرها, فقد أشرنا سابقاً عند كلامنا عن هذه المسألة في النقطة رقم (1) من أن الشيعة تقول بوجوب نصب إمام معصوم يكون المفزع والحجة عند الاختلاف لا أنه يرفع الاختلاف جملة, وانه إذا وجد الإمام فلا يوجد خلاف أصلاً, فإن هذا واضح البطلان, ولم يحدث حتى في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله), مع أن وجود الرسول(صلى الله عليه وآله) ووجود الإمام (عليه السلام) من شأنه أن يرفع الخلاف.
وبعبارة أخرى أكثر صناعة: إنّ الإمام رافع للخلاف بالاستعداد والأهلية الذاتية ويمكن أن يحدث هذا بالفعل خارجاً, فهو رافع للخلاف عند الرجوع إليه!
وأمّا عدم اشتراطهم الظهور فيه, فقد بينا أيضاً سابقاً أن هذا اللطف فيه ثلاث جهات مترتبات طولاً كأصل وفرع ووسط, أولها: وجوب وجود الإمام على الله, وثانيها: تهيئة الإمام نفسه, وثالثها: تمكين الأمة له من بسط اليد. فإذا لم تمكنه فقد حرموا هذا اللطف من قبل أنفسهم, واختلال الجهة الثالثة لا يؤثر في وجود الجهتين المتقدمتين, ولكن هذا المستشكل غفل عن هذا!!
وقوله: ((وانما جعلوا اللطف في مجرد خلقه ووجوده...الخ)), فقد بينا ما فيه عند ذكرنا للجهات الثلاث.
وقوله: ((لا يدعو إلى نفسه ولا يعرف بها)), دعوى بدون دليل, بل نصوصنا متواترة في الدعوة إلى نفسه بالشروط الموضوعية التي تحتمها الغيبة, بل عندنا أدعية مأثورة تفيد ذلك.
وقوله: ((بل ينكر كونه إماما)), دعوى أخرى ادعاها دفعاً بالصدور.
وقوله: ((أو كان مشتبهاً لا يميّزه الناس عن غيره الذين يدعون دعواه نفسها), فإن الاشتباه يقع عند المفتونين لا عند المهتدين, وهل خلا نبيّ أو ولي من شيطان من الإنس يبطل عليه دعواه! وإنما يميز النبيّ أو الإمام الدلائل النيرات التي يتبعها أصحاب البصيرة.
وقوله: ((أو غائباً لا يمكن أن يراه أو ينتفع به أحد)), فإن دعوى عدم الانتفاع به دعوى أخرى من دعاويه الكثيرة.
وأمّا مثال المعلم الذي ذكره, فإن التمثيل يجب أن يطابق الممثل به حتى يؤدي الغرض المطلوب منه, وأمّا التمثيل بمثال حسب تصوره وما يتوهمه دون مراعاة المطابقة مع ما يدعيه صاحب الدعوى فهو تمثيل لا فائدة منه وبعيد عن الحقيقة!
وإليك نفس المثال نحاول مطابقته مع ما ندعي: فلو علمت حكومة ما أن هناك مجموعة من الناس في قرية أو مدينة لا يمكن إيصالهم إلى الحضارة والرقي المطلوب الموصل لكمالهم التام إلا بتعليمهم بعلم خاص كامل تام عن طريق معلم فذ, وإن ترسيخ هذا العلم يحتاج إلى وقت وتعاقب معلمين لهم مواصفات خاصة لمدّة زمنية معينة, وإلا ضاع هذا العلم أو شوه ولم تصل هذه المجموعة من الناس إلى ما تريده لها الحكومة, كان واجباً على الحكومة إرسال هذا المعلم مع المعلمين الذين يتبعونه بهذا العلم الخاص مع وسائل الحفاظ عليه من التشويه والتحريف. ولكن هؤلاء الناس ونتيجة لسيطرة كبرائهم ومترفيهم وطالبي السلطة فيهم سواء كان عن طريق الترغيب أم الترهيب قاتلوا ومانعوا المعلم الأول حتى غلبهم, ثم إنهم رفضوا وقتلوا من جاء بعده من المعلمين, كلما قام معلم بعد معلم قتلوه ومنعوه من بث العلم, فلم يبق أمام الحكومة إلا خياران, إمّا أن تتركهم وشأنهم دون تعليم, أو تلجأ إلى طريق آخر يؤدي إلى بعض الغرض حسب الضرورة, فإن اختارت الحكومة الخيار الأول, لم يكن عندها حجة وجواب إذا طالبها هؤلاء الناس بحقوقهم في المساواة والعدالة مع بقية القرى والمدن, فضلاً عن أن من واجبات الحكومة - كحكومة بغض النظر عن المطالب - أن تراعي مصالح رعاياها, وإن رفض هؤلاء الرعايا فلم يبق إلا الخيار الثاني, وهو أن تبقى تستمر بإرسال المعلمين وإن عورضوا أو قتلوا لما سيكون لإرسالهم من النفع وإن لم يكن كاملاً, لوجود ثلة من الناس تقبل بهم وتأخذ عنهم وإن كان سراً وخوفاً وأنهم سيعلّمون جيلاً بعد جيل إلى أن يصبحوا ذا تأثير وقدرة لمساندة المعلم الأخير. ثم إنّ الحكومة ترسل المعلم الأخير وتعطيه من المواصفات والعلامات بحيث يستطيع أن يعرفه من أراد, وأن هذا المعلم يتحرك بطريقة حكيمة سرية تجنبه القتل, فيأخذ من تلاميذ المعلمين السابقين ناطقين عنه لعبور مرحلة الخوف إلى أن تتوفر له الظروف المناسبة للتعليم العلني, مع أنه متواجد دائماً مع هؤلاء الناس يؤدي جزءاً من وظائفه وإن كانت غير علنية, وهؤلاء الناس الذين اتبعوا المعلمين السابقين يعلمون بوجوده وإن لم يعرفوا شخصه, ويعلمون أنه سيأتي اليوم الذي يستطيع أن يعلمهم دون خوف بما يوصلهم إلى سعادتهم وكمالهم, فهم دائمي الجهد والسعي للوصول إلى ذلك اليوم بتكميل نفوسهم وربط قلوبهم واستزادتهم من العلم حتى يكونوا أهلا ً لمساندة هذا المعلم, ولا يجدون في ذلك أدنى تعارض لمبادئ العقل أو الدين وإن كان كبرائهم وأتباعهم يسخرون بهم وينفون وجود هذا المعلم, فهل تجد في مثل هذا المثال تصادم مع العقل؟
وقياساً على هذا المثال يكون الكلام على المثال الثاني والثالث بخصوص القاضي وشرطي المرور فلا نكرر, مع أن مثال شرطي المرور لأحمد الكاتب قد أجبنا عليه في أجوبة سابقة.
وأمّا حصول اللطف بوجود الإمام, فقد بيناه بما يكفي فلا نعيد.
وقوله: ((أن الواحد منا - كما يقول الرازي - إذا احتاج...الخ)).
نقول: قد ذكرنا سابقاً أن هذه الشبهات مأخوذة من كلام القاضي عبد الجبار صاحب المغني الذي أجاب عليه السيد المرتضى, والمستشكل هنا يشير إلى بعض كلام الفخر الرازي, ولكن لا ينقضي العجب من هذا المتعالم!! لم لم يطلع على ردّ السيد المرتضى وأخذ كلام صاحب المغني وكأنه آخر ما في الباب, مع أن طريقة العلماء خلاف ذلك!
ألا ترى صاحب شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد كيف أخذ رد المرتضى على القاضي آخراً وقام بالرد على الرد!! فكان الأولى بهذا أن يوفر الوقت والجهد ويطلع على الردود التي أجاب بها علمائنا سواء على القاضي أم الرازي ثم يرد عليها - إن إستطاع - ولا يكلفنا ما نستنزفه من وقت للرد عليه.
وعلى كلّ فإن جواب ما ذكره الرازي قد وضح ممّا قدمنا, فان ما فات المكلف من لطف قد أتاه من قبل نفسه ولا حجة له على الله مع ما في قوله: ((فلو أتى بكلّ حيلة لم يجد منه البتة أثراً ولا خبراً)) من تعميم لا نقبله, فانه من المقطوع به لقاء بعض الكمل للإمام (عليه السلام) بما بذلوا من جهد لتهذيب نفوسهم.
وكذلك قوله: ((وإذا كان القصد من نصب الإمام المعصوم إمّا منفعة دينية أو دنيوية فالانتفاع به يعتمد على إمكان الوصول إليه فإذا تعذر...الخ)), من كلية لا نقبلها أيضاً! فإن إمكان إيصال المنافع من قبل المعطي لا يستلزم لا عقلاً ولا شرعاً ولا عرفاً وصول المعطى له ولقائه بالمعطي, فمن أين له هذا الشرط والتلازم؟! ولو سلمنا ذلك في بعض المنافع فإنا لا نسلمه في بعضها الآخر, بل أن المنافع العظمى غير ناظرة إلى الوصول واللقاء أو عدمه, ألا ترى أن منفعة الملك أو الرئيس ممكن أن تصل إلى الرعية دون أن يصلوا إليه! هذا كله في المنافع الخاصة بالأفراد أمّا المنافع العامة الشاملة للكلّ خاصة في الدين فالأمر أوضح.
وأوضح في البطلان قوله: ((لو كان مثل ذلك واجباً على الله لفعله)), فإن فيه مغالطة قلب المقدمات على النتائج! ثم من أين لك أن الله لم يفعله؟! وهل كلامنا إلا في هذا !
قوله: ((بين الإمام والنبي: وإن احتجوا بأنّ كثيراً من الأنبياء كانوا مقهورين بل أن بعضهم قتل دون أن يحصل لهم التمكين قيل: هذا قياس مع الفارق)).
نقول: إن فيما قاله هنا كلام كثير:
فأول ما فيه أنه اعترف بأنّ النبوة لا تسلب عند عدم التمكين, بل حتى عند القتل والقهر, فكذا الإمامة على قولنا لأنها منصب إلهي كالنبوة.
ثانياً: ان هذا القول لو قاله أحد من الشيعة فالظاهر أنه يورده مورد النقض, ولم يبين هذا المستشكل هذا المورد! فإن الشيعة ينقضون بما مضى من الأنبياء في موردين, والظاهر أنه خلط بينهما مع أن ما ذكره من الفرق لا مدخل له فيهما معاً:
المورد الأول: عندما يورد من يقول باللطف على الإمامية (قولهم بالإمامة وإن لم يكن هناك تمكين وبسط اليد), بأنه كيف تكون الإمامة لطف مع عدم بسط اليد, فإن فيه نقض للغرض وعدم تحقق فائدة حصول الإمام؟
فيكون الجواب بالنقض بوجود كثير من الأنبياء لم يحصل لهم بسط اليد والتمكين مع إقراركم بأنّ النبوة لطف. وهذا المورد كما ترى لا يؤثر فيه الظهور والاشتهار وعدمهما لأن مورده المفروض مناقضة عدم التمكين للطف, وهو يتم في زمن حضور الإمام أو غيبته لأنه منصب أساساً على أصل وجوب الإمامة وكونها لطفاً أو لا, فسواءاً عرف الإمام واشتهر كما في زمن الحضور أم غاب ولم يعرف فان مورد الإشكال ونقضه موجود.
وهذا رجوع من المستشكل إلى بداية البحث بعد أن انتقل في عدّة مواضع منه من زمن الحضور إلى غيبة الإمام, وقد تكرر هذا الرجوع عدّة مرات قبل هذا, وهو من أوضح الدلائل على الخلط وعدم ترتيب المباحث, وانما جمعها من هنا وهناك, وإلا فكيف يستقيم أن يستشكل من لا يقول باللطف باشكالٍ يورده من يقول به إلا على طريقة الخلط والجمع!
المورد الثاني: عندما يقول المنكر لإمامة المهدي (عجل الله فرجه) بأنّ الغيبة تنقض الإمامة إذ كيف يكون إمام واجب الطاعة وهو غائب؟
فيكون الجواب بالنقض من الشيعة بغيبة الكثير من الأنبياء ومنهم نبينا محمد(صلى الله عليه وآله) في الغار والشعب, والاشتهار والمعروفية وعدمها غير مؤثرين هنا أيضاً, لأن ثبوت النبوة والإمامة غير منوط بهما, وإنما بالإصطفاء الإلهي وما يراه الله من مصلحة. نعم, إن الاشتهار والمعروفية مؤثرة في تنجز التكليف بالطاعة على باقي الناس. وهذا ما سيأتي الكلام عليه في مناقشة قوله التالي وعليه يظهر ان النبيّ والإمام متساويان هنا, وقد ظهر من كلّ هذا ان الفارق الذي ذكره غير فارق.
قوله: ((فان كلّ نبيّ بعثه الله إنما أعطاه من البينات والحجج الظاهرة ما بها يعرف ويشهر بين قومه....الخ)).
نقول: انه لم يبين لنا أن هذا الظهور للبينات والحجج؟ ومن ثم الاشتهار كان بعد حياة النبيّ أو في أواخرها أو في بدايتها؟
فإن قال: بعد حياة النبيّ أو في أواخر دعوته.
قلنا: لحد الآن لم تنته حياة الإمام (عجل الله فرجه) ولم يصل إلى أواخرها أو أواخر دعوته على ما نقول من طول حياته, وأن الله سيمكنه في الأرض ويظهر على يديه من الحجج والبيانات ما سيشتهر في كلّ العالم, ويكون سببا لدخول الناس تحت رايته والإيمان بالإسلام وترك مذاهبهم ودياناتهم السابقة, فيتساوى بذلك النبيّ والإمام.
وإن قال: في بداية حياته أو دعوته.
قلنا: هذه دعوى تكذبها الوقائع, ومنها سيرة نبينا محمد(صلى الله عليه وآله) فانه بدأ دعوته في سرية استمرت لعدّة سنوات وأظهر بعض البينات والحجج وهي لم تشتهر عند كلّ الناس كما هو حاصل في إمامنا الحجَّة المنتظر (عجل الله فرجه), بل لم يكن يعرف نبينا ونبوته إلا العدد اليسير, وإمامنا الآن أمره معروف ومنتشر في كلّ العالم ووصل الحال إلى من يعرفه ويؤمن به ومن يعرفه ولا يؤمن به إلا النزر اليسير, فاستوى النبي والإمام هنا أيضاً.
بل أنه لو احتاج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أن يظهر نفسه حتى يعرف وتتم الحجة به, فان إمامنا قد أخبر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآبائه (عليهم السلام) حتى بان وعرف.
بل أن النبيّ يجهر بدعوته ويتحمل كلّ أنواع الأذى ما لم يصل الأمر إلى حدّ القتل, كما هرب موسى (عليه السلام) من مصر, واختفى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الغار عندما وصل الأمر إلى القتل, وكذا غيبة إمامنا المهدي (عجل الله فرجه) كانت لخوفه القتل, وكان آباءه الأئمة (عليهم السلام) يتحملون كلّ أذى في سبيل الدين ويدفعون عن أنفسهم القتل بالتقية أو إنكار دعوى الإمامة أمام سلاطين وقتهم أو استعمال السرية في تحركاتهم.
وإذا كان هناك عصمة من القتل من قبل الله فهي بحيث لا تكون بسلب الاختيار بحيث يؤدي إلى الجبر بل بأمور ووسائل يمكن الله أنبياءه من استخدامها وإتباعها, كما حدث ليلة الهجرة لرسول الله (صلى الله عليه وآله), أو سنوات الحصار في الشعب, ومنها الغيبة لإمامنا الحجة المنتظ ر(عجل الله فرجه), وكان الله يمنع القتل عن أنبياءه وأولياءه بهذه الوسائل إلى أن يؤدوا الوظائف المناطة بهم ويتموا مهمتهم.
ودعوى كون مثل هذه العصمة خاصة بالرسول(صلى الله عليه وآله) دعوى بدون دليل! ولكن المستشكل في دعواه هذه العصمة ناقض نفسه إذ قال: ((ولو كان الأشخاص الذين اتخذهم الشيعة أئمة مأمورين بالتبليغ كما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعصمهم الله تعالى من الناس كما عصم رسوله)), ولكنه قال قبل أسطر من هذا: ((وكان كلّ نبيّ يظهر نفسه ويجهر بدعوته رغم ضعفه ويقيم الحجة الباهرة القاهرة على صدقه بحيث يصل ذلك إلى كلّ من أرسل إليهم ويجب عليه تبليغهم وهم قادرون لو أرادوا - لاحظ أين العصمة المدعاة!! - على الوصول إليه)).
مع أنا نناقش في كيفية هذه العصمة ونوعها كما سبق, فإن النبيّ (صلى الله عليه وآله) كما قلنا يتحمل كلّ أذى مهما كان شديداً إلى أن يصل الأمر حدّ القتل, وأن الله يدفع عنه هذا القتل بشتى الوسائل.
ثم إن هذه العصمة المدعاة عن القتل أصلها جاء من دعوى عائشة في تفسيرها لآية العصمة من الناس, وذلك لحرفها عن سبب نزولها بحق التبليغ بولاية علي (عليه السلام) يوم الغدير, وإلا لما لجأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الغار هرباً من قريش لمّا هموا بقتله, بل أن نفس رواية عائشة تنفي العصمة المطلقة من القتل على طول حياة النبي (صلى الله عليه وآله), لأن فيها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يحرس قبل نزول الآية ثم ترك ذلك بعد نزولها.
ودعوى هذا المستشكل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يبلغ دون خشية من أحد, دعوى تكذبها حماية أبو طالب له(صلى الله عليه وآله)! نعم, ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأنبياء (عليهم السلام) يتحملون كلّ أذى ما لم يصل الأمر إلى القتل, وهذا عينه جار في أئمتنا (عليهم السلام) والمهدي المنتظر(عجل الله فرجه).
وأمّا قوله: ((لم يتمكنوا من حماية أنفسهم الأ بـ(التقية) والكذب), فهذا سوء أدب منه واتهام لأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونصب وعداوة لهم!! وإلا فالتقية غير الكذب, ولكن ما تخفيه الصدور يظهر على الألسن.
قوله: ((روايات مجنحة لا تستقيم مع الواقع: روى الكليني بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) ما يلي: لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام...الخ)).
نقول: إنّ هذه الروايات وصلت حدّ التواتر المعنوي, وبالتالي فان مضمونها قطعي الصدور, وعليه فقد تعاضد الدليل العقلي مع النقلي المقطوع به على وجوب وجود إمام في كلّ زمان.
وقوله المستشكل: ((روايات مجنحة)) لم نفهم المراد منه؟ فماذا يقصد بانها مجنحة؟! إلا إذا كان يريد منه تعبير صحفي معناه إنـّها خيالية! ولكنه لم يذكر لماذا هي خيالية؟ فقد أثبتنا له فيما مضى عقلية وجوب وجود إمام في كلّ زمان, أمّا إذا كان يقصد مقولة أحمد الكاتب: ((من أنها متناقضة مع نفسها)), فإن مجنحة بمعنى خيالية غير معنى التناقض مع نفسها, هذا.
وأمّا دعوى الكاتب على هذه الروايات بأنها تنقض نفسها بنفسها, فظاهره أنه لا يعرف معنى التناقض! إذ هو مقابلة بين السلب والإيجاب, والروايات المذكورة لا يوجد فيها إيجاب شيء ثم سلبه. نعم, ربما يتوهم الكاتب أن هناك بعض الملازمات لمفاد هذه الروايات تنافي منطوقها ومعناها, ولكن ذلك لا يعدو عن كونه توهمات ناتجة عن عدم إحاطة كافية بالمراد من هذه الروايات, إذ تنص الروايات على وجود إمام وحجة على الأرض, وأنه لابد أن يعرف حتى تتم حجيته على الخلق, وهذا غير معنى كونه مبسوط اليد ومتمكن وحاكم فعلي, وغير كونه ظاهراً.
لكن الكاتب توهم أن هناك ملازمة بين الحجية وبين بسط اليد وإدارة المجتمع والظهور وانهما لا ينفكان! ولكنا قد بيّنا سابقاً أن الإمام والحجة لطف من الله يهيئ ويمهد الطريق للعبد إلى الهداية ولا يصل إلى حدّ الإلجاء, فالكاتب لم يفهم معنى كون الحجة من شأنه الهداية وأنه كالمنار يهدي من يريد الوصول, لا أنه يهدي بالجبر وسلب الإختيار, فهو هادي بالفعل للناس إذا لم يكن هناك مانع من هدايته وبسط يده وإدارة المجتمع, وقد بينا فيما سبق بما فيه الكافية الأمور الثلاثة الداخلة في تحقق هذا اللطف.
فأحمد الكاتب لم يتدبر الروايات! فإن فيها التصريح بعدم الملازمة بين الحجية وبين التمكين وبسط اليد, فالروايات صرحت بعدم خلو الأرض من حجة إمّا ظاهراً أو مغموراً, إذ من الواضح أن الحجية أعم من الظهور والاستتار, لا أنها مساوية للظهور والتمكن حتى تنتفي بانتفائه كما توهمه الكاتب.
فالحجة كالعقل والمعرفة وضعا لكي يميز الإنسان بالعقل الخير والشر ويحصل بالمعرفة على الهداية, فإذا لم يأخذ بهما أتي من قبل نفسه, ولا يقول قائل بسقوطهما عن وظيفتهما وحجيتهما لذلك, فوظيفتهما الهداية بالاختيار لا بالجبر والحتمية, نعم من اختارهما يهتدي بالقطع فكذا الإمام والحجة.
وقول الكاتب: ((فكيف يمكن للإمام غير الظاهر الذي لا يعلن عن نفسه وغيره يدعي الإمامة في زمانه ويظهر نفسه دون إنكار ظاهر من الإمام...الخ)), تخرص بالغيب! فإن عدم الظهور غير عدم الإعلان عن نفسه, وعدم الإعلان لم يحصل من أئمتنا (عليهم السلام) قطعاً, كيف وقد كان لهم أتباع وأصحاب وروايات وعلوم, نعم لم يخلو اعلانهم عن تقية تحتمها الظروف الموضوعية ككلّ حركة تقف أمام التسلط والقهر والجبروت.
ولايتوهمن أحد أن غيبة الإمام (عجل الله فرجه) تعني عدم الإعلان, فإن غيبة الشخص غير خفاء العنوان! فهذا الحجة بن الحسن (عليه السلام) معروف منسوب عند الإمامية منذ عصور وعند غيرهم في هذه الازمان, نعم خفى علينا شخصه دون عنوانه.
وأمّا قوله: ((كيف يمكن للغائب أن يقوم بمهمة الإمامة والرئاسة ومهمة التبليغ وأقامة الحجة؟ وما الفرق بينه وبين المعدوم أو الميت)), فقد بينا ما فيه وجوابه فلا نعيد.
وقوله: ((الغيبة جريمة تستحق العقوبة: عاقب الله جل جلاله نبيه يونس (عليه السلام) لما ترك قومه وغاب عنهم قبل أن يقوم بما عليه تجاههم من مهمة التبليغ...الخ)), فهو لمّا وقر في نفسه من عدم عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام), ولذا جعل بقاء يونس (عليه السلام) في بطن الحوت عقاب على معصية وجريمة فعلها يونس (عليه السلام) - أعوذ بالله - وغفل عن أنّ العقوبة الإلهية التي هي جزاء على المعصية الاصطلاحية تكون في الآخرة, وأمّا ما يقع في الدنيا على الأنبياء من ابتلاءات فهو أثر تكويني لترك الأولى.
فإن يونس (عليه السلام) لمّا دعى على قومه وخرج غاضباً منهم لله لعدم إيمانهم ترك الأولى, إمّا بعدم الصبر كمال الصبر والاستمرار على دعوتهم للإيمان والصبر على صدّهم وعدم اليأس منهم والدعاء عليهم على رأي, أو أنه خرج منهم وترك العود إليهم بعد توبتهم خوفاً من نعتهم له بالكذب وظن أن الله غير مبتليه ولا مضيق عليه رزقه على رأي آخر, فخرج باختياره فابتلاه الله أن ألقاه في بطن الحوت... إلى آخر القصة. وأين هذا من الغيبة بالجبر والأكراه خوف القتل من المهدي (عجل الله فرجه)؟! وقد ذكرنا سابقاً بأنّ الأنبياء يصبرون على كلّ أذى وتضحية دون القتل فان هذا هو طريقهم, والظاهر أن يونس (عليه السلام) لم يصل به الأمر إلى القتل كما وصل مع موسى (عليه السلام) ونبينا (صلى الله عليه وآله) والحجة بن الحسن (عليه السلام), وعلى الاحتمال الثاني أنه تركهم بعد أيمانهم وتسليمهم وهذا ما لم يحدث مع المهدي (عجل الله فرجه) لحد الآن.
وأمّا دعوى هذا المستشكل بأنّ يونس (عليه السلام) خرج من قومه وغاب عنهم دون أن يقوم بما عليه اتجاههم من مهمة التبليغ, فهو كذب على نبيّ الله يونس (عليه السلام) أولاً كما تنص عليه الروايات من أنه دعاهم إلى الله ولكنهم كذبوا ولم يؤمنوا!
وثانياً: فان الأصول الاعتقادية تبطله, لأنه لا يجوز أن يتخلف النبي (صلى الله عليه وآله) عن مهمته ولا يتصور منه مغاضبة لله.
وثالثاً: أن العذاب دنا منهم واظلهم ولولا توبتهم لم يكشفه الله عنهم, فلو كان يونس (عليه السلام) لم يقم الحجة عليهم لما نزل بهم العذاب فان الله لا يعذب قوماً حتى يحتج عليهم كما هو مفاد نصوص القرآن الكريم.
رابعاً: سلمنا, ولكن قصة يونس (عليه السلام) تثبت عكس مطلوب المستشكل, فانه بغيبته لم تنسلب منه النبوة, لأنه بعد أن القاه الحوت رجع إلى قومه ومنصبه بنص القرآن (( وَأَرسَلنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلفٍ أَو يَزِيدُونَ )) (الصافات:147), فما قاله هذا المستشكل جهل ما بعده جهل!!
وقوله: ((فأين هذا الإمام... يقولون قد غاب! اليس هذا تنصلاً عن وظائف الإمامة كما افترضها الإمامية أليس هذا الإمام الغائب عاطل عن أي وظيفة...الخ)).
نقول: فيه: ان هذا ليس تنصلاً عن وظائف الإمامة, فقد ذكرنا سابقاً في الأمور الثلاثة الخاصة باللطف أن الأمر الثاني الخاص بالإمام هو تهيئة نفسه للقيام بوظائف الإمامة ولكن إذا لم يتحقق الأمر الثالث وهو تمكين الناس له من بسط يده ووصول الأمر إلى القتل فقد أتوا من قبل أنفسهم وهم المقصرون, ولو كان كذلك فيكون دخول رسول الله (صلى الله عليه وآله) الشعب أو الغار تنصلاً من الوظيفة ولا يقول بذلك مسلم.
والإمام ليس عاطلاً - نعوذ بالله - حسب قول هذا المستشكل, وإنما يقوم بوظائف الإمامة حسب القدرة وما تقتضيه الظروف إلى أن يأذن الله بالظهور, هذا مع الألتفات إلى غفلة المستشكل عن وظائف الإمام الأخرى وحصره للوظيفة بالحكومة وادارة المجتمع.
وليت عمري, أيهما أفضل إختفاء الإمام وغيبته مع مراعاته لشيعته, بل كلّ الناس بالسر, أو أنه يظهر ويقتل ويفرح بذلك أتباع دولة الشيطان بالقضاء على الإمام الحق وممثل الإرادة الإلهية على الأرض؟! مع أن قتله - لا سامح الله - ترك للشيعة والثلة المؤمنة على الأرض يواجهون مصيرهم إلى الزوال الأبدي إلى يوم القيامة. بينما الغيبة فيها حفاظ على هذا الدور بالقدر المستطاع مقابل القتل, ولعل القتل أهون على الإمام في نفسه من الغيبة وتجرع آلامها والمحن التي فيها, ولكنه (عجل الله فرجه) يصبر مقابل رفعة الدين والحفاظ على الجماعة المؤمنة حتى يسود الدين وجه الأرض كلها, فغيبته من أجل الشيعة وحرصاً عليهم لا هرباً منهم.
وأمّا عجبك من إقامة الله للحجة في الأرض, فنابع من الغفلة من الحكمة في ذلك! وعن قلّة التأمل المحايد في الأدلة العقلية! ودخول الشبهات في ذهنك من تصورك الملازمة بين وجود الحجة وبسط اليد والظهور! وعدم فهمك للفرق بين الوجوب على الله والوجوب من الله وعنه لحكمته ورحمته ولطفه بعباده!
ويا لشدة عجبنا مما وجدنا من موافقة عبارتك التي تقول فيها: ((أليس هذا هو عين الخيال والفكر المجرد بل الغرق في التجريدية والابتعاد عن الواقع)) لما استتنجناه من أول مقالك عن الواقع والخيال من أنك ذو فكر مادي! فما أكثر ما يصف الماديون الأدلة العقلية المجردة بالتجريدية بمعنى الخيال وهم لا يفهمون!!!
وفي قوله: ((فالله يجب عليه تنصيب إمام ظاهر يفصل بين الناس ويقيم حجته عليهم لكنه لم ينصبه)), من المغالطة ما لا يخفى لدسه لفظة (الظاهر) هنا! فمتى قلنا بوجوب نصب إمام ظاهر؟! بل الدليل قام على وجوب نصب رئيس وإمام للناس, وقامت الأدلة الأخرى على وجوب عصمته, أمّا كونه ظاهراً أو غائباً فله أدلّـته الخاصّة به, ومن ثم إذا وجب نصب إمام فلابد من وجوده, وليس معنى عدم معرفتك به عدم وجوده! فلا يلتبس عليك الوهم والفهم.
وأمّا قوله: ((والإمام لابد من وجوده ظاهراً ليزيل الخلاف والاختلاف...الخ)), فقد أجبنا عليه مفصلاً فلا نعيد.
وقوله: (والإمام موجود ولكن إذا سالت اين هو؟ قالوا غائب فكيف أصل إليه وكيف تقوم الحجة بشخص غائب لا وجود له...الخ)), توهم من أن الحجة لا تقوم إلا بالظهور! وإنما تقوم الحجة على المكلفين بمعرفة الإمام والإيمان به والإلتزام بطاعته, وفرق بين الظهور وبين المعرفة, وإنما الواجب على المكلفين معرفة الإمام وهي لا تتعارض مع الغيبة.
ولا تسقط الحجية على المكلفين إلا بعدم إمكان المعرفة لا بعدم حضور شخص الإمام, فقوله: ((وإذا كانت الحجة غائبة فلا حجة وإذن بطلت حجة الله على خلقه) وهم في وهم!!

يتبع

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.37 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2019 الساعة : 12:22 AM


السؤال: هل أن جسد المعصوم في قبره
بسمه تعالى
السلام عليكم
هل ان المعصوم عليه السلام حين موته يبقى جسده تحت التراب ؟
الجواب:

يقول الفاضل الدربندي في كتابه اكسير العبادات:... فبعد رفع المنافاة والمناقضة بين هذه الأخبار بوجه من التنوير والعناية نقول: انها لا تقاوم المعارضة أخبار كثيرة بالغة حد التواتر المعنوي في افادتها أن الأجساد الطيبه الطاهرة من محمد وآله المعصومين وهكذا من سائر الأنبياء والأوصياء انما هي في قبورهم المنورة ومضاجعهم المقدسة, وكيف لا؟ فانه لولا في المقام الا الصحيح على الصحيح, وهو صحيح محمد بن سنان عن المفضل بن عمر في حديث طويل عن الصادق وفيه قال: (اذا زرت أمير المؤمنين فاعلم انك زائر عظام آدم, وبدن نوح, وجسم علي بن أبي طالب الى ان قال: فاذا زرت جانب النجف فزر عظام آدم وبدن نوح وجسم علي بن أبي طالب, فانك زائرَ الاباء الاولين والآخرين...) لكفى دليلاً وحجة ً في المقام فكيف به اذا صار مؤيداً او مساعداً بأخبار ووجوه كثيرة.
فنشير اليها اشارة اجمالية فنقول:
فمن ذلك: ما في الأخبار المستفيضه من وصية أمير المؤمنين الى أولاده بان يدفنوه سراً حتى لا يطلع على قبره الشريف طغاة بني امية والتقريب واضح. ومن ذلك ايضاً: الفقرات الكثيرة من الزيادات والادعية الواردة في أكل التربة الطاهرة الحسينيه والاستشفاء بها, فان ظواهر كل ذلك تعطي كون الجسد الشريف في القبر الشريف الى ان تقوم الساعة او الى الرجعة ومن ذلك أيضاً: الأخبار الكثيرة الناطقه بجور خلفاء بني العباس بقبره الشريف ولا سيما المتوكل وبعض تلك الأخبار صريح في المطالب وذلك مثل... (واني نبشت القبر فوجدت بارية جديده وعليها بدن الحسين بن علي ووجدت منه رائحه المسك فتركت البارية على حالها وابن الحسين على البارية وامرت بطرح التراب عليه...).
... الى ان يقول:
هذا ولا يخفى عليك انك اذا اضفت الى ما ذكرنا ظواهر الأخبار المتكاثرة المتظافرة في ان أربعة الآف من الملائكة كما في جملة كثيرة من الأخبار وهكذا سبعين الفاً من الملائكة كما في طائفه من الأخبار حافون حول القبر الشريف
شعت غبر يبكون على سيد الشهداء (روحي له الفداء) ... وهكذا ظواهر الأخبار الناطقه بان الأنبياء والأوصياء يزورونه في ليالي الجمعات... علمت وتيقنت ان هذا ليس لمحض كون القبر الشريف مصرعاً ومدفنا في مدة ثلاثة أيام فقط, بل لكون الجسد الشريف فيه الى ان تقوم الساعة أو زمان رجعة صاحبه (روحي له الفداء) الى الدنيا.
... الى أن يقول:
ومما يدل على المطلب ومما يؤيده ما في خبر عن جابر عن ابي جعفر قال: (قال الحسين لأصحابه قبل ان يقتل ثم امكث ما شاء الله فاكون اول من تنشق الارض منه فاخرج خرجة يوافق ذلك خرجة أمير المؤمنين وقيام قائمنا).
أقول: فتقريب الاستدلال أو التأييد به ظاهر فاذا ثبت المطلب بالنسبه الى الجسدين الشريفين الطيبين الطاهرين أعني جسد أمير المؤمنين وجسد سيد الشهداء ثبت في سائر الأجساد الطاهرة أيضاً أعني أجساد آل محمد (صلى الله عليه وآله) وهكذا في سائر أجساد الأنبياء والأوصياء.
ومما يدل أيضا على المطلب الأخبار التي تذكر العثور على أجساد الأنبياء بعد نبشها أو عظامهم ومنها خبر اخراج موسى عظام يوسف من النيل ومن الأخبار أيضا قول النبي (صلى الله عليه وآله) (أول من تنشق منه الارض يوم القيامة انا...)
وبالجمله فان أمثال ما تقدم من الأخبار من حيث دلالتها على المطلب أو تأييده بها في غاية الكثرة, انظر اكسير العبادات ج3 ص247 ـ 255.



السؤال: رواية توهم بعدم العصمة (1)
هل هذا ينفي العصمه؟
قال صاحب المدارك: لم نقف على هذه الرواية مسندة ولعله أشار بها إلى رواية زرارة.
وهى ما رواه الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 219 في الصحيح عن أبى جعفر عليه السلام أو أبى عبدالله عليه السلام (كما في التهذيب) قال: (( ان عليا عليه السلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف اليها ستا، ثم صلى ركعتين خلف المقام ثم خرج إلى الصفا والمروة فلما فرغ من السعى بينهما رجع فصلى ركعتين اللتين تركه في المقام الاول )).
ثم قال السيد (ره): مقتضى هذه الرواية وقوع السهو من الامام عليه السلام وقد قطع ابن بابوية بامكانه.وفيه دلالة على ايقاع صلاة الفريضة قبل السعى وصلاة النافلة بعده.
كتاب من لا يحضره الفقيه - الجزء الثاني للشيخ الجليل الاقدم الصدوق أبى جعفر محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمى المتوفى سنة 381 باب السهو في الطواف (396)(397)
الجواب:
الاول: الرواية لا ظهور فيها على وقوع السهو من علي (عليه السلام) كما يتوهمه البعض، حيث لم يرد فيها أي لفظ يدل عليه وظاهر معناها كما قال السيد الخوئي (رحمه الله):
هذا ولكن في صحيح زرارة: (إن علياً (عليه السلام) طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف إليه ستاً ثم صلى ركعتين)، فهو كالصريح في أن الطواف الثاني هذا الواجب وهو الذي يُعتد به وأما السبعة الأولى فقد تركها، أي رفع اليد عنها وألغاها ولو كان الأول هو الواجب لا معنى لقوله (فيترك سبعة) ويؤيد بأن الأول لو كان واجباً لاستلزم القران بين الفريضة والنافلة وهذا بخلاف ما إذا كان الثاني واجباً فإنّ إتيان الفريضة بعد النافلة غير ممنوع وليس من القرآن الممنوع (كتاب الحج 4: 377).
فيكون علي (عليه السلام) قاصداً للجمع بين النافلة والفريضة من أول الأمر.
الثاني: هذا ولكن قد يشكل بأن في الرواية احتمال وقوع السهو من الإمام (عليه السلام) وهو منافٍ للعصمة الثابتة عند الإمامية للأئمة (عليهم السلام) فتحمل الرواية على التقية،أما من قبل الإمام (عليه السلام) نفسه أو من قبل الإمام الصادق (عليه السلام) ناقل الخبر عن علي (عليه السلام) وهذا ما أشار إليه السيد الخوئي (رحمه الله) بقوله: فيمكن إخراج هذه الرواية مخرج التقية في إسناد السهو إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ومثل ذلك غير عزيز في الأخبار فلا ينافي ثبوت أصل الحكم. (كتاب الحج 4: 377).
وقوله (في إسناد السهو) يريد منه وقوع التقية من الإمام الصادق (عليه السلام) تحفظاً على أصل الحكم.حيث قد وردت رواية صحيحة عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليه السلام) قال: أن في كتاب علي (عليه السلام) إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة فاستيقن ثمانية أضاف إليها ستاً وكذا إذا استيقن أنه سعى ثمانية أضاف إليها ستاً (التهذيب 5: 125).
وعن رفاعة في الصحيح قال: كان علي (عليه السلام) يقول: إذا طاف ثمانية فليتم أربعة عشر، قلت يصلي أربع ركعات؟ قال: يصلي ركعتين)(التهذيب 5: 112).
ومنه تعرف إمكانية احتمال وهم الراوي في رواية زرارة وأن الحكم عن علي (عليه السلام) وليس من فعل علي (عليه السلام). فلاحظ.
الثالث: إن هذه الرواية خبر واحد، وبالتالي فهي لا تنفع في إثبات عقيدة أو رد عقيدة ثبتت بالأدلة القطعية كعصمة الأئمة (عليهم السلام)، والشيعة الإمامية لا يأخذون في عقائدهم بالخبر الواحد، بل بالدليل القطعي عقلياً كان أو نقلياً، ومن هنا لو فرضنا والفرض غير مستحيل على أن الرواية تدل على وقوع السهو فأن المعاملة معها تكون أما بردها أو تأويلها أو حملها على التقية، كيف والرواية ليس في ظاهرها ما يدل على وقوعه؟ فتأمل.



السؤال: رواية توهم بعدم العصمة(2)
... فانطلقا حتى دخلا على فاطمة وهي في مصلاها قد قضت صلاتها وخلفها جفنة تفور دخانا, فلما سمعت كلام رسول الله صلى الله عليه وآله خرجت من مصلاها فسلمت عليه, وكانت أعز الناس عليه, فرد السلام ومسح بيديه على رأسها وقال لها : يا بنتاه كيف أمسيت رحمك الله ؟ قالت : بخير, قال : عشينا رحمك الله وقد فعل, فأخذت الجفنة فوضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي فلما نظر علي إلى الطعام وشم ريحه رمى فاطمة ببصره رميا شحيحا, قالت له فاطمة : سبحان الله ما أشح نظرك وأشده ! هل أذنبت فيما بيني وبينك ذنبا استوجبت منك السخط ؟ فقال : وأي ذنب أعظم من ذنب أصبته
ورد هذا في بحار الانوار
فهل هو ينافي العصمه؟
الجواب:

إن الحديث ليس فيه أي دلالة على وقوع ما يخالف العصمة من فاطمة (عليه السلام), وأما نظر علي (عليه السلام) وقوله لها ( عليه السلام) فأنه يجري مجرى الاستفهام والعتاب لإيجاد الجواب منها (عليها السلام) عن الموقفين في الصباح إذ لا طعام وفي العشاء إذ بجفنة تفور, ومن الواضح جداً أن مثل هذا الموقف ممّا يبعث على الاستفهام لدى كل لكل من يحدث له مثل ذلك.
والمؤيد لما قلنا هو أن رواية الجفنة قد وردت بعدة أشكال ليس في واحدة منها مثل هذه الألفاظ الموهمة,بل إن الاستفهام صريح فيها سواء من علي (عليه السلام) أو من رسول الله فقد ذكر صاحب (مدينة المعاجز) عدة روايات لحادثة الجفنة (1: 326) فراجعها.



السؤال: ترك الاولى

ترك الأولى مع العلم به
1- يعرف ترك الأولى أحيانا بأنه ترك المعصوم الأرجح في قبال الراجح وليس تركه للمرجوح في قبال الراجح مع ملاحظة كمالات الأفعال لامتناهية إذ أن لكل فعل راجح ما هو أرجح منه (وفوق كل ذي علم عليم) والسؤال هل يعقل أن يصدر ترك الأولى وهو فعل الراجح من المعصوم مع علمه بالفعل الأرجح, أفلا يعد ذلك مستهجنا بغض النظر عن كون الأمر مولويا أو ارشاديا؟
2- إن كان ترك لا يصدر من المعصوم وهو عالم به فما معنى أكل آدم عليه السلام من الشجرة المنهي عنها وهو غير ناس لنهي الله عز وجل؟
3- قيل أن الله سبحانه وتعالى لا يعاقب أولياءه لتركهم الأولى بمعنى إيقاع الألم بهم, إنما قد يكون بمعنى سلب اللذة وهو غير إيقاع الألم, فإن صح ما سبق كيف نفسر ما حدث لنبي الله يونس عليه السلام من مجريات كلبثه في بطن الحوت؟
الجهل المركب
4- كيف نفسر هروب موسى عليه السلام عند صيرورة العصا ثعباناً كبيرا بما لا يتعارض مع الجهل المركب, وهل يمكن تفسير ما حدث بأنه إشارة أن العذاب إذا ما نزل بساحة ما فإنه لا يصيب الذين ظلموا خاصة وإنما يشمل الجميع؟
5- هل القول بأنه من الممكن إلقاء هذا الخوف في قلب موسى عليه السلام كان لحكمة التدريب على تحمل المشاق, فان الانسان ينضج بسبب المخاوف والاتعاب, فيكون اصلح لادارة دفّة الحياة يتعارض مع معتقد الإمامية في الأنبياء عليهم السلام؟.
الجواب:

1و2- يظهر من بعض الروايات ان المعصوم عليه السلام عندما يصدر منه ترك الأولى لا يعلم بأفضلية او أرجحية الفعل المتروك ففي رواية عن أبي عبد الله عليه السلام يسأل جبرئيل عليه السلام آدم عليه السلام عن سبب أكله من الشجرة؟ فيجيب ادم عليه السلام بقوله: (يا جبرائيل ان ابليس حلف لي بالله انه لي ناصح فما ظننت ان احداً من خلق الله يحلف بالله كاذبا) بحار الانوار: 11/ 163, فآدم عليه السلام لم يكن يعتقد ان ما يفعل مخالف للامر الإرشادي ولم يكن يعتقد ان ترك الأكل هو الارجح بل كان يرى ان الأكل هو الأفضل حيث اعتقد أو صدق قول ابليس بان الأكل من الشجرة يجعله ملكاً او يكون من الخالدين .
فلا بد إذن من أن نقول أن صدور ترك الاولى من المعصوم عليه السلام يكون عند عدم علمه بالأرجح والا لعمل بالأرجح واما ما صدر من آدم عليه السلام كان بايقاعه في شبهة انتجت صدور ترك الاولى منه وهذه الشبهة نتجت من كون عدم اعتقاده ان هناك احداً يحلف بالله كاذباً وكذلك نتجت من كون ابليس أقنعه ان النهي لم يرد على جنس تلك الشجرة بل النهي جاء على خصوص تلك الشجرة فأكل من غيرها الداخل تحت جنسها فمن وراء تلك الشبهه وذلك الحلف الكاذب تغير لديه الراجح والمرجوح.
3- ليس هناك ضابطه لأثر ترك الأولى وفق ما ذكرت بل هناك اكثر من واقعة حصلت عند الانبياء عليهم السلام أوجبت ايقاع الألم عليهم ولعل قطع او سلب اللذة عنهم لوحده موجب للألم فلا معنى للتفريق بين سلب اللذة وايقاع الألم.
4و5- لا داعي للبحث عن تفسير لذلك على ما ذكرت وذلك لان الخوف الذي هو الأخذ بمقدمات التحرز عن الشر جائز عليهم وهذا الخوف هو غير الخشية التي هي تأثر القلب واضطرابه فان الخشية رذيلة تنافي فضيلة الشجاعة بخلاف الخوف والأنبياء عليهم السلام يجوز عليهم الخوف دون الخشية كما قال الله تعالى: (( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا ً الا الله )) (الاحزاب:39) انظر تفسير الميزان ج14 ص144.



السؤال: معنى ترك الأولى ونسبته الى النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام)

نرجوا من سماحتكم ارسال لنا جواباً مفصلاً حول النقاط التالية مع ذكر الأدلة النقلية والعقلية :
1.ما هو معنى ترك الأولى ؟ هل هو ترك المستحب وفعل المكروه أم قيامه بفعل ليس له مبغوضية ، ولا بتحقيقه مفسدة اخروية وليس له بعالم الحساب والعقاب أي صلة، نعم يترتب على فعله مضار دنيوية ومفاسد آنية في دنيا العبد دون آخرته ؟
2.هل النبي (ص) وائمة أهل البيت(ع) قاموا بترك الأولى كالأنبياء ؟
الجواب:

يدخل في ترك الاولى ما ذكرته من ترك للمستحب وفعل للمكروه شيء يضر في دنيا العبد دون آخرته نتيجه للغفلة عنه تعالى حتى لو كانت ناتجه عن فعل مباح وفعل. ولم يعلم صدور ترك الاولى من رسولنا (صلى الله عليه وآله)، وكذلك عن أئمتنا (عليهم السلام) , ولو صدر فان ذلك لا يقدح في عصمتهم لما هو المعلوم من أن ترك الاولى لا يضر بالعصمة.
يقول السيد محسن الخزازي في كتاب (بداية المعارف الالهية ج1 ص257): ((وقد يعبر عنه بترك الاولى ولا بأس به نعم قد يراد من ترك الاولى هو فعل مكروه أو عمل مرجوح وهو وان لم يكن معصية وتخلف عن القوانين ولا يكون رذيلة من الرذائل الاخلاقية ولكن لا يناسب صدوره من عظمائهم كرسولنا وائمتنا (عليهم السلام والصلوات) الا لجهة من الجهات كبيان الاحكام ونحوه)).
ويقول الشيخ الصافي في كتاب (رسالتان حول العصمة ص113): ((وأما بالنسبة الى نبينا (صلى الله عليه وآله) واوصيائه وخلفائه الاثني عشر (عليهم السلام) فحيث انهم في أعلى مراتب القوة القدسية والنورانية الربانية ولا تفوق ورتبتهم في الحضور عند المولى والجلوس على بساط قربه وانسه رتبة, فعدم صدور ترك الاولى عنهم كعدم صدور المعاصي في نهاية الوضوح يظهر ذلك لكل من درس تاريخ حياتهم النورانية واخلاقهم الألهية وادعيتهم ومناجاتهم وخشيتهم...
اذن فكيف يصدر ترك الاولى ممن بعض شؤونه وحالاته ما سمعت... ولا يخفى عليك: ان ترك الاولى ليس معناه ترك المستحب أو فعل المكروه فحسب بل ربما يكون بترك المستحب أو فعل المكروه وربما يكون بفعل المستحب وترك المكروه والامام أعلم بموارد ترك الاولى فلا يجوز نسبة ترك الاولى الى النبي والولي بل الى غيرهما من الفقهاء العارفين باحكام الله تعالى وموارد تزاحم المستحبات والمكروهات بعضها مع بعض بمجرد ترك المستحب او فعل المكروه بل يمكن الاستدلال بفعلها على عدم كون هذا الفعل او الترك مستحبا او مكروهاً بقول مطلق والا فلم يصدر منها)).



السؤال: التوفيق بين ترك الأولى لآدم(عليه السلام) وتوبته
يقول علمائنا الأجلاء : إن النبي آدم (ع) ترك الأولى ولم يقترف ذنباً , لعدم إمكانية ذلك في المعصوم , ولكن القرآن الكريم يبيّن أن آدم (ع) تاب , والتوبة لا تكون إلا من المذنب , كيف نتمكن من التوفيق بين الأمرين ؟
الجواب:

نلفت نظركم إلى الأمور التالية :
(1) إن الأدلة القائمة على العصمة أدلة عقلية ونقلية قطعيّة ومسلمة , وقد ثبت في محلّه أنّ هذه الأدلة هي مستقلة عن الأمثلة , أي أنّها لا يعتمد في إثباتها على الامثلة , وعليه فلا تقاس صحة هذه الأدلة بالأمثلة النقضيّة , إذ أن النقوض تأتي فقط على الأدلة التي تثبت عن طريق الاستقراء والتمثيل , وبما أنّ المقام ليس كذلك فلا يرد عليه أيّ نقض تمثيلي , بل يجب أن يفسّر كلّ مورد ومثال على ضوء تلك القاعدة العامّة .
(2) (التوبة) في اللغة، هي في الأصل الرجوع عن الشيء والاقلاع عنه , ولم يؤخذ في معنى الكلمة (الرجوع عن المعصية) بالذات , ويؤيّد ما قلنا استعمال مادة (التوبة) لله عزوجل في القرآن الكريم . نعم، كثرة استعمالها في الرجوع عن المعاصي في العباد صرفت الكلمة الى هذا المعنى .
ثمّ بناءاً على ما ذكرناه آنفاً , يتحتم علينا أن نفسر توبة آدم (ع) بما لا ينافي قاعدة العصمة , فان توبته كانت اقلاعاً ورجوعاً عن علمه السابق وإظهار الندم عليه , ولكن لا دليل على أنّ ذلك العمل كان معصيةً , بل نلتزم بأنّه كان تركاً للأولى , حفظاً لقاعدة العصمة , مع عدم منافاته لظهور الكلمة .



السؤال: قياس استثنائي يراد به نفي العصمة

أحتج علينا احد المخالفين بآية (( ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم )) بقولهم ان التطهير جاء لكافة المؤمنين ولو كان في معنى ارادة التطهير معنى العصمه كمايقول الشيعه في آية التطهير لوجب القول بعصمة جميع المؤمنين لنص الاية الكريمه على ارادة الله تطهيرهم وهذا ما لايقوله لا السنه ولا الشيعه فكيف تطبقون نظرية التطهير على اناس دون اخرين.

الجواب:

هذا القياس الاستثنائي الذي أشار المستشكل في إبطال دعوى الشيعة بعصمة أهل البيت (عليهم السلام) بأنه: لو كان المقصود بإرادة التطهير هي العصمة لزم أن يراد بهذه الاية - الآية 6 من سورة المائدة - عصمة المؤمنين جميعاً, وبما أن المؤمنين غير معصومين ضرورة, فليس المراد إذن من إرادة التطهير العصمة...
نقول هذا القياس باطل لوجهين.
1- الدعوى خلاف الظهور في الآية المستدل بها: إذ الآية ظاهرة في إرادة الطهارة المادية, بينما الدليل مبتن على إرادة الطهارة المعنوية - وهي العصمة -, فاختلف المقدم والتالي في هذا القياس الأمر الذي يعني أن هذا القياس غير منتج ألبتة.
2- الاستدلال خلاف دعوى الخصم: إذ الخصم يدّعي العصمة لجماعة معينة هم أهل البيت (عليهم السلام), بينما المستدل يريد من خلال نفي العصمة عن جميع المؤمنين نفيها عن بعضهم وهم اهل البيت - ولا يوجد تلازم بين الاثنين إذ يمكن التخصيص للعام كما هو معلوم ولا يوجد ملازمة عقلية بين نفي العام ونفي الخاص بل العمل شرعاً وعرفاً على خلافه حتى قيل : ما من عام الإ وقد خص.
3- الحصر الوارد في اية التطهير المستفاد منها نوع تطهير مخصوص لاهل البيت واكده بالمفعول المطلق (( يطهركم تطهيراً )) ثم بين ان الذي اذهب الله عنه هو جنس الرجس: رجس : الرجس لغة : "كل شئ يستقذر فهو رجس"(العين6: 52 "رجس").
فاذهب الله الرجس عن أهل البيت عليهم السلام جنس الرجس سواء كان رجس الكفر أو رجس عبادة الاوثان أو رجس قول الزور أو رجس الشرك أو رجس النفاق, وبكلمة واحدة فهم طاهرون من كل ما يستقذر منه في فكر أوفي عمل أو في اعتقاد.
1- (( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون )) (الانعام:125).
2- (( وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون )) (يونس:100).
3- (( ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور )) (الحج:30 ).
4- (( وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون )) (التوبة:125).
5- (( إنما المشركون نجس )) (التوبة:28).



السؤال: الإمام (عليه السلام) لا يفعل بالمكروه
بسم الله الرحمن الرحيم
أسئلة إستكشلت عليَ :
السؤال الاول :
هل يفعل الإمام المعصوم من أئمة أهل البيت عليهم السلام المكروه وذلك لأني وجدت بعض الروايات تصرح بذلك مثل ما ورد في الكافي :
حميد بن زياد, عن الخشاب, عن ابن بقاح, عن معاذبن ثابت, عن عمروبن جميع, عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سئل عن المبارزة بين الصفين بعد إذن الامام (عليه السلام) قال:
لا بأس ولكن لايطلب إلا بإذن الامام 8272 - 2 - عدة من أصحابنا, عن سهل بن زياد, عن جعفر بن محمد الاشعري, عن ابن القداح, عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى أن يبارزه فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ما منعك أن تبارزه؟ قال: كان فارس العرب وخشيت أن يغلبني (3) فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه: فإنه بغى عليك ولو بارزته لغلبته ولو (4) بغى جبل على جبل لهد الباغي (5) وقال أبوعبدالله (عليه السلام): إن الحسين بن علي (عليه السلام) دعا رجلا إلى المبارزة فعلم به أمير المؤمنين (عليه السلام)
فقال: لئن عدت إلى مثل هذا لاعاقبنك ولئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لاعاقبنك, أما علمت أنه بغى. (6)
وأيضا في التهذيب في الجزء السادس :
1- محمد بن الحسن الصفار عن الحسن بن علي الكوفي عن الحسن بن على بن يوسف عن معاذ بن ثابت عن عمرو بن جميع رفعه إلى أميرالمؤمنين (ع) انه سئل عن المبارزة بين الصفين بغير اذن الامام قال: لا بأس به ولكن لا يطلب ذلك إلا باذن الامام.
2- سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الاشعري عن ابن القداح عن ابي عبدالله (ع) قال: دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى ان يبارزه فقال له أميرالمؤمنين (ع): ما منعك ان تبارزه؟ فقال: كان فارس العرب وخشيت ان يقتلني فقال له أميرالمؤمنين (ع): فانه بغى عليك ولو بارزته لقتلته ولو بغى جبل على جبل لهد الباغي, وقال ابوعبدالله (ع): ان الحسن بن علي عليهما السلام دعا رجلا إلى المبارزة فعلم به أميرالمؤمنين (ع) فقال له أميرالمؤمنين (ع): لئن عدت إلى مثلها لاعاقبنك ولئن دعاك احد إلى مثلها فلم تجبه لاعاقبنك, اما عملت انه بغي
!.
ولا يمكن حمل الرواية على ان الامام في معرض تبين الحكم الشرعي لان ظاهر الرواية تفيد بان الامام الحسين أو الحسن عليهم السلام دعا الرجل للمبارزة ثم علم الإمام علي عليه السلام هذا اولاً
وثانياً : أسمع الخطباء عندما يقرؤون مقتل الإمام علي عليه السلام يذكرونَ حواراً جرى بين الإمام علي وإبنته أم كلثوم (عليهم السلام) ومضمون هذا الحوار أن أم كلثوم عندما سمعت الإمام علي يردد بعض الامور فقالت له أتتطير يا أبي فأجابها لا, انا أهل بيت لا نتطير, ومن المعلوم ان التتطير مكروة, والسؤال ألم تعلم السيدة أم كلثوم أن الامام علي معصوم من التطير ؟
أفيدونا ماجورين
السوال الثاني:
ورد في الكافي الجزء الخامس باب النواد ص 569 :
أحمد بن محمد, عن علي بن الحكم, عن أبيه, عن سدير قال: قال لي أبوجعفر (ع):
يا سدير بلغني عن نساء أهل الكوفة جمال وحسن تبعل فابتغ لي امرأة ذات جمال في موضع, فقلت: قد أصبتها جعلت فداك فلانة بنت فلان ابن محمد بن الاشعث بن قيس فقال لي:
ياسدير إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعن قوما فجرت اللعنة في أعقابهم إلى يوم القيامة وأنا أكره أن يصيب جسدي جسد أحد من أهل النار
كيف يمكن التوفيق بين هذا الحديث وبين سيرة بعض المعصومين الذين تزوجوا من المعلوم قطعاً أنهم من أهل النار مثل جعدة بنت الأشعث بن قيس ؟
أفيدونا مأجورين
________________________________________
(1) كذا بدون العنوان في جميع النسخ التى عندنا.
(2) (استأسر) اى صاراسيرا كاستحجر اى صار حجرا. (في)
(3) في بعض النسخ [يقتلنى].
(4) في بعض النسخ [لقتلته] (*)
(5) الهد: الهدم الشديد والكسر. (القاموس)
(6) قيل: قوله: (دعا رجلا) كان ترك أولى ويحتمل أن يكون تأديبه (عليه السلام) لتعليم غيره.
الجواب:
أولاً:
الإمام (عليه السلام) لا يفعل المكروه بل قد يمتنع عن الكثير من المباحات كما هو شأن الكثير من الصالحين فكيف بالإمام المعصوم؟!
ثم إن رواية الحسن أوالحسين (عليهم السلام) (وهي حالة واحدة كما يظهر والخطأ من الرواية أو الناسخ كما هو واضح أيضاً) في طلب المبارزة,ومع غضّ النظر عن سندها الذي فيه كلام كثير ليست فيها دلالة على المدّعى حيث أن أحدهما (عليهما السلام) لم يرتكب مكروها إذ الظاهر أنه كان هناك إذن عام بالمبارزة في المعركة, وكان الفعل فعل ظاهره الحُسن.والجهاد والدفاع عن الدين والبسالة والشجاعة ولم يكن بهذا العنوان مكروهاً ولكن كان النهي نهياً شخصياً للحسن والحسين (عليهما السلام) ومن بعض الروايات يظهر أنه نهى لبني هاشم عامّة.
حفاظاً عليهم ولذا كان تعبيره (عليه السلام) شديداً وهو قوله له (عليه السلام): (لئن عدت إلى مثلها لأعاقبنك). وتخويفه بالمعاقبة ان فعل ذلك حرصاً واضحاً منه (عليه السلام) على حياته ومثله ماقاله في حرب الجمل ( لملكوا عني هذين الغلامين ...)
وأما بخصوص سؤال أم كلثوم فهو استفسار لا غير وقد يكون على نحو التعجب مع أن أم كلثوم ليست معصومة عندنا وإنما تأخذ من معصوم.
ثانياً :
أما السؤال الثاني فهو ناتج عن سوء فهم لقوله (عليه السلام): (إني أكره) فكراهة الإمام لشيء لا يلزم كونه مكروهاً بالحكم الشرعي, بل هذه الكراهة لغوية وليست اصطلاحية وقد تجتمع مع المباح, بل هو مباح فعلاً كما في مقامنا هذا فلا إشكال أصلاً.
وعبارة أكره واضحة جداً وظاهرة في إنها كراهة شخصية وليست شرعية.
وهذا القول يشبه إلى حدٍّ بعيد قول عائشة لعبد الله بن الزبير (ادفني مع صواحبي ولا تدفني مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في البيت فإني أكره أن أُزكّى).
رواه البخاري في صحيحه (8/153).
مع أن الكراهة حكم شرعي يتغير بتغير موضوعه والموضوع يتغير بتغير الشروط.



السؤال: إشكالات في محاولة لنقض العصمة بالغيبة

أرجو الرد على بعض الشبهات في العصمة والإمامة بعد أن بحثت عن رد لها في المكتبة العقائدية والأسئلة عندكم فلم أجد ردا كافيا وهذه الشبهات أنقلها كما جائتني حرفيا معتذرا عما فيها من اسائات وهي:
*************************
نظرية (العصمة) بين الواقع والخيال
أن الخيال المجنح الذي يطير بصاحبه فوق الواقع له أكبر نصيب في الإيمان بفكرة (العصمة) وإلا فبمجرد أن يغادر صاحبه ميدان الجدل والفكر المجرد ليدخل ميدان التطبيق والواقع ويصحو من خيالاته وتهويماته فإنه يرى البون واسعاً بين الخيال الذي يتوهمه والواقع الذي يمارسه ويعيشه.
وهكذا يمكن القول بأن هذه العقيدة هي فكرة افتراضية خيالية لا يمكن وجودها إلا تصوراً في الأذهان دون إمكان تحقيقها ولا الاستفادة منها في زمان ولا مكان, بل ولا حاجة إليها بعد أن كمل الدين وتمت النعمة وتعهد الله بحفظه.
وذلك يتبين أكثر ويتأكد بما يلي :
1- الأخذ عن المجتهدين لا (المعصومين)
من الأفكار الخيالية التي يعيشها الشيعة كأنها حقائق لا تقبل الشك قولهم : إننا نأخذ ديننا عن (أئمة معصومين) فنحن واثقون من صحته, بينما غيرنا يأخذ دينه عن رجال غير معصومين فلا ثقة بما يقولون.
ويقولون : إن وجود (المعصوم) يحصل به رفع الخلاف, وعند عدمه تقع الأمة في التنازع والاختلاف .
ولو غادر أحدهم ميدان الفكر المجرد ونظر إلى الواقع لوجد نفسه عملياً لا يختلف عن أولئك الذين ينتقدهم ويتبجح عليهم لأنه سيجد نفسه كغيره تماماً: يقلد رجلاً يطلق عليه اسم (المجتهد) يخطئ ويصيب وليس (إماماً معصوماً). وهذا المجتهد غير معصوم فأين يوجد اليوم ذلك (المعصوم) الذي يأخذ عنه الشيعي دينه حتى يصح قوله السابق ؟!
بل الشيعة يتبعون مجتهدين متعددين لا إماماً واحداً بعينه لا معصوماً ولا غير معصوم ! وتعدد المجتهدين يعني تعد الاجتهادات ووجود الاختلافات, وهو الواقع الذي هم عليه !
ولا يمكن لهم غير ذلك لأن (المعصوم) أما مفقود كما عليه الحال اليوم, وأما -على افتراض وجوده- فإن التقاء الناس به جميعاً غير ممكن, وعلى أكثر تقدير يمكن لأهل قريته وجيرانه الأخذ عنه. أما البلاد البعيدة فلا بد أن ينوب عنه فيها من ليس بمعصوم . وإذن ما قالوه غير متحقق ولا واقعي بل هو محض خيال : لا في الماضي عند وجود (المعصومين) -كما يعتقدون- ولا في الحاضر إذ هو مفقود من الأساس, ولا في المستقبل لأن ما تخيلوه غير ممكن تحقيقه على الواقع .
فما الفرق بينهم وبين بقية المسلمين الذين يتبعون العلماء المجتهدين ولا يؤمنون بمعصومين غير رسول الله (ص) ؟.
2- استحالة تواجد (المعصوم) في كل زمان ومكان
(المعصوم) كإنسان من غير الممكن تواجده في غالب الأماكن والأوقات, ولا يمكن في الواقع أن يراه ويستفيد منه إلا من يباشره ممن هو في قريته أو قريب منه.
فالبلاد الغائبة عن (الإمام المعصوم) كيف يمكن لأهلها الاستفادة منه وهم لا يستطيعون الوصول إليه في غالب الأوقات والأحوال, إن لم يكن ذلك مستحيلاً ! خصوصاً إذا كان (الإمام) مقهوراً مغلوباً على أمره يعيش على (التقية) ؟ فهؤلاء جميعاً في الواقع يصلون خلف غير معصوم, ويحكم بينهم ويفتي لهم ويقضي بينهم غير معصوم, ويأخذ أموالهم ويتولى أمورهم ويطيعون غير معصوم . فإن قيل : إن الأمور ترجع إلى (المعصوم) قيل : لو كان (المعصوم) قادراً ذا سلطان لن يتمكن أن يوصل إلى كل رعيته العدل الواجب والعلم الصحيح لأن غاية ما يقدر عليه أن يولي أفضل من يراه وينيبه عنه في حكم البلاد البعيدة, وهذا النائب إنما يتصرف في الناس باجتهاده . وقد يخطئ في الاجتهاد وإن ظنه موافقاً لقول (المعصوم) وأمره .
أما إذا كان (المعصوم) خائفاً أو مغلوباً أو مسجوناً أو متخفياً لا يعرفه الناس فالأمر أشد وإذن .. لا يمكن أن ينتفع (بالمعصوم) إلا قلة قليلة من الخلق ممن يعيشون قربه ويسمع كلامه مباشرة . وإذا حققت في الأمر تجد أن هذه القلة لا تتعدى أهل بيته ! بل إذا دققت أكثر وجدت أنه حتى أهل بيته لا يتهيأ لهم اللقاء به في كل وقت, فلا بد له من سفر يفارقهم فيه أو مرض أو خروج للجهاد والغزو وتنوبهم في مثل هذه الأحوال أمور لا يجدون فيها عندهم (معصوماً) يسألونه .
والنتيجة الحتمية أنه لا يمكن أن ينتفع (بالمعصوم) الانتفاع الكامل غير (المعصوم) نفسه ! وإذن حتى يتحقق رفع الخطأ والخلاف لا بد أن يكون كل مسلم معصوماً.
وهذه اللوازم كلها خيالية, وما لزم منه الخيال فهو خيال فكيف إذا كان (المعصوم) مفقوداً بل معدوماً من ألف عام !!!
3- أين (المعصوم) اليوم ؟
فإذا كان (المعصوم) ضرورياً لحفظ الدين, والدين لا يتم ولا يحفظ إلا به فأين هو (المعصوم) في زماننا وإلى أكثر من ألف عام؟! وكيف يختفي ووجوده لا يمكن الاستغناء عنه ؟! وما الفرق بين أن يكون معدوماً وأن يكون مختفياً ؟! فكلاهما لا يمكن رؤيته أو الالتقاء به .
وما الحكمة من وجود (معصوم) بهذا المستوى من احتياج الناس إليه لكنه مختف لا يمكن أن يراه أو ينتفع بوجوده أحد ؟!
أليس هذا هو الخيال بعينه ؟!
4- حفظ الدين دون الحاجة إلى استمرار وجود المعصوم لا شك أن الدين محفوظ وكامل والنعمة تامة مع عدم وجود (المعصوم) . والذي حفظ الدين منذ أكثر من ألف عام ولا (معصوم) قادر على حفظه إلى يوم الدين كذلك, وإلا فإذا قلنا : إن حفظ الدين مشروط (بالمعصوم) استلزم ذلك نقصان الدين في حالة عدم وجود (المعصوم) أو غيابه . فيقتضي هذا أن ديننا الذي نحن عليه اليوم قد نقص وزاد وبطل لأنه منذ أكثر من ألف عام و(المعصوم) مفقود, وهذا كفر والعياذ بالله .
5- ثبوت الدين وحفظه بالنقل
(المعصوم) مفقود منذ أكثر من ألف عام, وأقواله وأحواله مجهولة تمام الجهل لم يسمعها ولم يشاهدها أحد من الناس وإنما غايتها أن تنقل وتسند إليه, والناقل غير معصوم. فإذا كان نقل غير المعصوم عن (المعصوم) معصوماً من الزلل فما وجه الحاجة إلى تعدد (المعصومين) ؟! والنقل عن واحد -والحال هذه- يكفي . فما الفرق بين النقل عن أي (معصوم) ؟ وبين النقل عن المعصوم المتفق على عصمته هو الرسول الأعظم محمد (ص) إذا توفرت شروط الصحة في الرواية ؟!!
ولكن الحقيقة (المرة) أن نقل غير (المعصوم) ليس معصوماً فالخطأ يتطرق إليه حتماً. فمن أين لنا أن نعلم صحة ما ينقل عن (المعصومين) والناقل غير معصوم ؟!
وإذا دخلنا ميدان الواقع وجدنا أن الأمة جميعاً -ومنذ مئات السنين- تأخذ دينها بالنقل وليس بالمشافهة ولا بالمشاهدة من معصوم. وإذن .. فالنقل عن المعصوم الواحد الذي هو النبي (ص) يغني عن غيره فلا حاجة في كل زمان ومكان إلى (معصوم) وهو الواقع.
6- آخر (المعصومين) لا ينقل عنه شيء !!
فإذا كان النقل موجوداً وبه يثبت الدين فأي فائدة في انتظار (معصوم) آخر لا ينقل عنه شيء ؟! إذا كان النقل عن أولئك كافياً فلا حاجة إليه, وإن لم يكن كافياً فأين هو الذي تحصل به الكفاية ؟ وإذن فقد ضاع الدين!! وهم يقولون : (إن ما بأيديهم عمن قبل (المنتظر) يغنيهم عن أخذ شيء عنه) ولا محيص لهم عن ذلك لا جدلاً ولا عملاً.
فلماذا لا يكون ما بأيدي الأمة عن نبيها (ص) يغنيها عن أخذ شيء عمن بعده مع إنها أحرص على نقل أقواله وأحواله من غيره؟! بل لو قست ما بأيدي الأمة عن غير نبيها بما عندها عن نبيها (ص) من أقواله وأفعاله وأحواله لوجدت الفرق أوسع مما يقاس ! وهذا يقودنا إلى الفقرة التالية :
7- الاقتداء يستلزم معرفة حياة المقتدى به على التفصيل فحتى يستفيد المقتدي من حياة (الإمام) المقتدى به لا بد أن يكون (الإمام) ظاهراً معروفاً يستطيع كل أحد الوصول إليه . ولا بد مع ذلك أن تكون حياته بعد موته معروفة على وجه التفصيل, وأن تكون كذلك شاملة لكل نواحي وأحوال الإنسان .
وهذه الأمور الثلاثة لا تتطابق مع حياة (الأئمة المعصومين) : فأغلبهم -كما يقول الشيعة- كانوا مقهورين يعيشون بـ(التقية) وإنكار كونهم أئمة, فلم يكونوا معروفين بل كان كثير من الناس من أقاربهم على الخصوص يدعي (الإمامة) في زمانهم وهم سكوت أو متواطئون . هذا في حياتهم فلما ماتوا لم نجد بين أيدينا تفاصيل لهذه الحياة معروفة مشهورة -كما هي حياة النبي (ص) وسيرته- حتى يتمكن الناس من الاقتداء بهم. وأخيراً : لم تكن هذه الحياة في حقيقتها شاملة لكل مناحي الحياة : فحياة أحدهم مثل الحسن العسكري ليس فيها للفقير قدوة لأنه كان غنياً, وليس فيها لصاحب الأولاد قدوة لأنه عاش دون ولد, ولم يكن فيها للملوك والقادة مجال قدوة لأنه لم يتملك ولم يكن أميراً أو قائداً, وهكذا... إلخ .
بينما نجد رسول الله (ص) يشهر نفسه كنبي يجب على الناس طاعته ويتحمل الأذى هو وأصحابه من أجل ذلك, ولم يعرف الناس في زمانه نبياً آخر ادعى النبوة بحيث اختلط عليهم أمره فلا يفرقون بينه وبينه . بل أنكر رسول الله على المتنبئين الكذابين وأنكر عليهم خليفته من بعده وحاربهم حتى أنهى دعوتهم . وكانت حياة رسول الله (ص) شاملة لكل نواحي الحياة, ومعروفة على وجه التفصيل, وكتب السير احتفظت بأدق التفاصيل عنها : فقد عاش غالباً ومغلوباً وحاكماً ومحكوماً وضعيفاً وقوياً وفقيراً وغنياً وأعزب وزوجاً وطريداً وغازياً, وهكذا يجد المقتدي -مهما كانت حاله - مجالاً للاقتداء به لأن حياته شاملة أولاً وتفصيلية ثانياً ومعروفة ومحفوظة ثالثاً ورابعاً. وهذه كلها تفتقدها حياة (الأئمة) أو تفتقد كثيراً منها.
ولقد مات هؤلاء (الأئمة) ومات كذلك رسول الله (ص) فما وجه الحاجة إلى معرفة حياة رجال على هذه الصورة وعندنا حياة رسول الله (ص) على هذه الصورة ؟! فإن كانت حجة رسول الله (ص) انتهت بعد موته فهؤلاء كذلك ماتوا, فهل استمروا كحجج دون رسول الله ؟ أم إن حجة الرسول ناقصة فتحتاج إلى أن تجبر بغيرها ؟! وأما من تدعى له (الغيبة) فهو -كما يقولون- غائب لا يراه أحد ولا يتصل به وليست حياته معروفة ولا له قول ولا شيء من ذلك فما وجه حجيته أو الحاجة إليه ؟!
وإن كان الموت لا يقطع الحجة فعلام نحتاج إلى أحد غير رسول الله وحجة الرسول (ص) باقية غير منقطعة وليس هناك من بديل يوازيه أو يدانيه ؟!
8- سيد أهل البيت اعلم بما في بيته من غيره من الأقاويل المشتهرة على ألسنة الشيعة : (أهل البيت أعلم بما فيه) قلنا : لا بأس .. ولكن هناك أمر أرفع من هذا وأعلى ذلك أن سيد البيت وصاحبه أعلم من أفراد البيت وأهله بما فيه . سيما إذا كان هذا السيد هو رسول الله (ص) فإنه لا شك أعلم وأفضل, وهو سيد أهل البيت وأعلمهم بما فيه بلا منازع . فلنقارن هذا بالواقع لنقول :
ما الذي يجعلنا نأخذ الدين والحديث والروايات عن بعض أهل البيت دون سيده رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
وهذا سؤال قد يبدو غريباً على ذهن من تعود التفكير المجرد عن الواقع. وإلا فإن الشيعة في واقعهم -الذي هو شيء ونظريتهم شيء آخر على الدوام- يأخذون الدين منسوباً إلى أحد (الأئمة) دون رسول الله (ص) ! وأكثر من ينسبونه إليه هو جعفر بن محمد المعروف باسم الصادق . أما الأحاديث المروية في المصادر المعتمدة عندهم عن رسول الله فهي نادرة جداً لا تشكل نسبة يعتد بها لو قسناها إلى الروايات المنسوبة إلى جعفر الصادق بغض النظر عن صحة النسبة إلى رسول الله من عدمها !
فلماذا ؟ وأين أحاديث الرسول ؟ هل ضاعت؟ أم ذهبت حجتها وتوقف مفعولها في الحياة بعد مماته (ص) ؟!
لماذا روايات جعفر وليست أحاديث محمد (ص) ؟!
وحتى لو فرضنا جدلاً -كما يحتج به البعض- أن ما يروى عن جعفر لا يخرج عن قول الرسول فلماذا الاهتمام بمرويات جعفر دون مرويات الرسول ؟ هل استغنينا عن الرسول بغيره ؟! لماذا لم يحتفظوا بالأصل وهو ما جاء عن الرسول ؟! واحتفظوا بالفرع ؟ لماذا جعفر دون غيره من (الأئمة) ؟!
وإذا كانت روايات جعفر تساوي في الحجة أحاديث النبي (ص) أليست روايات من جاء من بعد مثل موسى الكاظم أو علي الهادي لها القوة والاعتبار نفسه ؟ فلماذا الاقتصار على واحد ؟!
ثم إذا كانت أقوال سيدنا جعفر تكفي في صحة الدين وحفظه فما وجه الاحتياج إلى غيره من (الأئمة)؟!
لقد كان الشيعة -وهذا افتراض منطقي- قبل وجود الإمام جعفر يتلقون دينهم عن غيره ممن سبقه من (الأئمة), حتى إذا جاء زمانه أخذوا عنه فما هو الدافع الذي اضطرهم إلى أن يقتصروا بعد مماته على التلقي عنه بحيث نسبوا مذهبهم إليه ؟ ومتى كان ذلك ؟ ولا شك -طبقاً لما يقتضيه المنطق- أن الشيعة صاروا بعد وفاة جعفر رحمه الله يتلقون أمور دينهم عمن جاء من بعده من (الأئمة), وكل (إمام) يغني عن غيره ويسد مسده فيقتضي هذا أن الشيعة استغنوا عن جعفر طيلة المدة التي استغرقتها حياة (الأئمة) الذين تلوه وهي تزيد على مائة عام ! فلماذا انقلب المسلسل ليرجع من جديد ويبتدئ بجعفر الصادق تحديداً دون غيره ممن سبقه أو لحقه؟!
لماذا جعفر وليس (المهدي المنتظر) ؟!
والإشكال يكبر مع الاعتقاد بوجود (الإمام المنتظر) الذي ينبغي أن يسد مسد غيره من (الأئمة) السابقين : جعفر فمن سواه ! أم إنه مسلوب القدرة عن أداء وظيفة (الإمامة) ؟ فلماذا هو (إمام) إذن ؟! وكيف تقوم به الحجة ؟!
ثم نقول : إذا كان النقل عن الإمام جعفر يكفي في العمل بالدين الصحيح فلماذا لا نكتفي بالذي قبله وهو الإمام محمد أبوه ؟ وإذا سلسلنا السؤال فسننتهي إلى التساؤل الكبير وهو : لماذا لا نكتفي بالنقل عن رسول الله (ص) ؟ وكلاهما لم نره لا جعفر الصادق ولا رسول الله (ص) وإنما وجدنا منقولات عن هذا وهذا . فإذا كان النقل عن الإمام جعفر يكفي فلماذا لم يكف النقل عن رسول الله ؟!
مغالطة خطيرة !
بعضهم يجيب إجابة باردة يقول : أنتم تأخذون رواياتكم عن الصحابة ونحن نأخذ رواياتنا عن أهل البيت. وهذا جواب من لا يتصور ما يقول. بل هو مغالطة خطيرة! فإنه لو كانت المقارنة بين أئمة أهل البيت وبين الصحابة لكان لهذا الجواب وجه يمكن أن ينظر إليه . ولكن المقارنة هي بين أئمة أهل البيت وبين إمام الأئمة كلهم -الأنبياء الكرام عليهم السلام فمن دونهم- رسول الله (ص) !!! فنحن لا نروي عن الصحابة ونتوقف عندهم كما يفعل الشيعة حين يروون عن (الأئمة) ويتوقفون عندهم لتصح المقارنة, وإنما عن رسول الله بطريق أصحابه . والبديل الذي اخترعه الشيعة هو الرواية عن بعض أئمة أهل البيت بطريق أصحابه. فالمقارنة العادلة يجب أن تكون بين رسول الله (ص) بطريق الصحابة وبين غيره من (الأئمة) بطريق أصحابه, ثم تأتي المقارنة بعدها بين أصحاب رسول الله وأصحاب غيره من حيث الأفضلية والعلم والصدق وغيرها من وجوه المقارنة.
والجميع لا يأخذ عن الأصل مباشرة وإنما عن طريق الرواة فرسول الله ينقل عنه الرواة وغيره كذلك ينقل عنه الرواة. فما الذي يجعلني آخذ برواية منقولة عن الإمام جعفر ولا آخذ برواية منقولة عن الرسول (ص) ؟!
هل عصم الله الناقلين عن جعفر دون النبي صلى الله عليه وسلم ؟!
هل عصم الله الرواة الناقلين عن الإمام جعفر من السهو والغلط والكذب دون من يروي عن رسول الله (ص) ؟! ولماذا ؟ والدين قد نزل على الرسول فكان وجوب حفظه بحفظ رواته متعيناً شرعاً وعقلاً وإلا ضاع الدين, فتكون العناية بأصحاب الرسول ينبغي أن تكون أكثر. فكيف نعقل أن الله زكى أصحاب جعفر وسلسلة الناقلين عنهم دون أصحاب الرسول الأعظم (ص) ؟! اللهم إلا إذا قلنا : إن الناقلين عن الأول هم معصومون يروون عن معصوم ! وهو افتراض لا أساس له في الواقع, ولكن طرافة الموضوع تغرينا بالاستمرار فنقول أيضاً تأسيساً على ما سبق : إذا كان الكل -أي حلقات سلسلة الرواة- غير معصومين فما ميزة البعض على البعض الآخر ؟!
وقد * سئل فضل الله :
لماذا لا يكون لدينا كتاب يحوي الأحاديث الصحيحة فقط عن الرسول وأهل البيت؟ فأجاب :
لان العلماء يختلفون في مقاييس الصحة, فقد يكون هناك حديث صحيح عند عالم, وغير صحيح عند عالم أخر .
[ الندوة / محمد حسين فضل الله ج1 ص 480 ] فان كان هذا الواقع فاين العصمة واين حفظ الشرع واين حفظ الدين ؟؟؟
الشيعة يجرحون رواتهم !
فكيف إذا كان الناقلون عن جعفر الصادق وغيره من (الأئمة) مجروحين في المصادر الرجالية المعتمدة عند الشيعة أنفسهم قبل غيرهم !! وهو أمر قد يبدو مستغرباً ولكنه الواقع والحقيقة . فارجع ان شئت إلى تلك المصادر -مثل (رجال الكشي) وهو أقدم كتاب عندكم, و(معجم رجال الحديث) للخوئي وهو من آخر ما كتبوا- فستجد فيها ذلك وما هو أعجب ! فمرة ينقلون عن (الأئمة) أنهم قالوا في الراوي -كزرارة بن أعين وهو أحد الرواة الأربعة الذين عليهم مدار الروايات- أنه من أهل الجنة, ومرة ينقلون لعنه وتكفيره عن(الأئمة) أنفسهم ! وهكذا قالوا في الرواة الثلاثة المعتمدين وهم أبو بصير الليثي المرادي ومحمد بن مسلم وجرير بن معاوية العجلي !! وبسط هذا له موضع آخر,وإنما أردت الإشارة .
ليس في الرواة عن (الأئمة) أحد من أهل البيت ثم إنه ليس في الرواة عن (أئمة أهل البيت) أحد من أهل البيت!!! بينما في الناقلين عن رسول الله (ص) عند أهل السنة رجال ونساء من أهل البيت منهم سيدنا علي - رضي الله عنه - الذي تحفظ له دواوين السنةأحاديثهم أكبر عدد من الأحاديث مقارنة ببقية الخلفاء الراشدين إذ أن ترتيبهم من حيث عدد الأحاديث كالآتي :
1- علي بن أبي طالب
2- عمر بن الخطاب
3- عثمان بن عفان
4- وأقلهم أبو بكر الصديق
وهذه حقيقة قد يجهلها الشيعة وقد يصدمون بها !
ومنهم عبد الله بن عباس, ومنهم أبوه عباس بن عبد المطلب والحسن بن علي وعبد الله بن جعفر وعقيل بن أبي طالب . ومنهم زوجات رسول الله, وهن بلا شك من أهل بيته كعائشة وحفصة وأم سلمة وأم حبيبة اللاتي خاطبهن الله بقوله : (( وَاذكُرنَ مَا يُتلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً )) (الأحزاب:34) .
9- لا يوجد إلا علماء غير معصومين
يقول الشيعة : لا بد من وجود (المعصوم) حتى نأمن من احتمال الخطأ, والعلماء -مهما كانوا- يخطئون, والقرآن لا بد له من مفسر (معصوم) من الزلل .
ولو تركنا هذه الخيالات المحلقة ونزلنا إلى أرض الواقع فإننا لا نجد إلا علماء ودعاة يحاضرون ويدعون ويُنظّرون ويكتبون ويؤلفون ويفسرون وهم ليسوا بمعصومين! فهل ما يدعوننا إليه صحيح تطمئن إليه النفس وتبرأ به الذمة أم لا ؟ فإن كان صحيحاً مبرئاً للذمة فلا حاجة (للمعصوم) ! ثم كيف كان الأمر كذلك وهم ليسوا (بمعصومين)؟!
وإن لم يكن كذلك فأين هو (المعصوم) الذي يصح به الدين, وتطمئن إليه النفس, وتبرأ به الذمة ولا (معصوم) ؟!
ثم نسأل : اذا كان المقصود من الدين قد وقع وحصلت البراءة بواسطة العلماء فعلام اشترطتم (المعصوم) ؟!
ونسأل سؤالاً آخر : ألم يترك رسول الله (ص) -وهو أعظم مربٍّ وأعظم معلم عرفته البشرية- علماء يبلغون الدين ؟ فلماذا لم يحصل بهم المقصود الذي يحصل بغيرهم من غير (المعصومين) ؟! علماً أن بيان الرسول وبلاغه وتأييده وظهوره وحجته اعظم من غيره!
ومن أعطى لأولئك الصلاحية بالتكلم عن (الإمام المعصوم) دون من يتكلم عن رسول الله ؟! مع أن الحديث القائل : (العلماء ورثة الأنبياء)(1) متفق على روايته بين أهل السنة والشيعة !!
(1) رواه الإمام البخاري وغيره . ورواه كذلك الكليني في أصول الكافي 1/34.
وإن قالوا : لا بد من (المعصوم) فلا يمكن الاطمئنان إلى قول قائل أو فعله من دونه! قلنا : فقد ضاع الدين الذي تدعون إليه لأن دعاتكم غير معصومين ! وغير المعصوم يمكن أن يتطرق الخطأ إلى أي فكرة يدعو إليها لأنه لا يمتلك ضماناً بصحتها . فعلامَ تهرجون ؟ وإلامَ تدعون؟ واحتمال الخطأ وارد في كل جملة من كلامكم ومنه القول بـ(عصمة الأئمة) لأنكم غير معصومين !! فمن يثبت كلامكم هذا وأمثاله مع جواز الغلط عليه ؟ فإن قالوا : الأدلة تثبت ذلك . قلنا : مع عدم وجود (المعصوم)؟ فإن قالوا : نعم انتفت الحاجة إلى (المعصوم), وإن قالوا : لا فأين المعصوم الذي يؤيد كلامكم ؟ هلا سكتم وانتظرتم حتى يحضر غائبكم وينطق (معصومكم) !
10- اللطف بين الحقيقة المرة والخيال الجميل قال الشيعة: إن نصب (إمام معصوم) يمنع الناس من الوقوع في الزلل والاختلاف - لطف, وكل لطف واجب على الله . ولم يجعلوا من شروطه أن يكون ظاهراً معروفاً من الناس بحيث يتمكنون من الوصول إليه والأخذ عنه والتأكد منه !
وإنما جعلوا اللطف في مجرد خلقه ووجوده وإن كان مستتراً خائفاً لا يدعو إلى نفسه ولا يعرف بها,بل قد ينكر كونه (اماماً) . أو كان مشتبهاً لا يميزه الناس عن غيره الذين يدعون دعواه نفسها . أو غائباً لا يمكن أن يراه أو ينتفع به أحد ! وحتى أجتنب الخوض في جدل فكري طويل أضرب مثالاً واقعياً لنتعرف من خلاله على نصيب هذا القول من الخيال :
المثال :
إن خلق الله لـ(إمام معصوم) لا يتمكن الناس من معرفته أو التمييز بينه وبين غيره, أو غائب يستحيل عليهم رؤيته واللقاء به يشبه أن تفتح الحكومة مدرسة وتعين لها معلماً تُحرّم على الناس التعلم إلا منه وتعاقب على ذلك أشد العقوبات . لكنها لم ترسله إلى المدرسة ولم يصل هو إليها ولم يعرفه أحد ولم يره, وإن رآه لم يستطع أن يميز بينه وبين غيره من المعلمين إذ ليس لديه أية علامة فارقة واضحة, بل إن كثيراً من المعلمين ادعوا أنهم هم ماذا ينتفع الناس من محكمة قاضيها الذي يفصل بين الناس غائب أو يدخل الناس هذه المحكمة لكنهم لا يعرفون القاضي المقصود من غيره ؟! هل هذه محكمة أم مهزلة ؟ ماذا يستفيد الناس -كما يقول أحمد الكاتب- من شرطي للمرور عينته الحكومة لكنه غائب لا يمارس مهام عمله من تنظيم السير مع أن شوارع المدينة مزدحمة وقد اختلطت فيها وتشابكت حركة السيارات ؟! فماذا ينتفع الناس من إمام غائب ؟! وأي لطف حصل لهم ؟!
إن الواحد منا -كما يقول الرازي- إذا احتاج إلى هذا الإمام الغائب أو غير المتمكن ليستفيد منه علماً أو ديناً, أو يجلب بواسطته إلى نفسه منفعة أو يدفع عنها مضرة, فلو أتى بكل حيلة لم يجد منه البتة أثراً ولا خبراً !
وإذا كان القصد من نصب (الإمام المعصوم) أما منفعة دينية أو دنيوية فالانتفاع به يعتمد على إمكان الوصول إليه, فإذا تعذر هذا الإمكان تعذر الانتفاع به . وإذا تعذر الانتفاع به لم يكن في نصبه فائدة أصلاً, فكان القول بوجوب نصبه ووجوده عبثاً.
وأوضح دليل على بطلان مبدأ اللطف الواجب على الله سبحانه أنه لو كان مثل ذلك واجباً على الله لفعله, وبما أنه لم يفعله فهو غير واجب عليه سبحانه .
بين (الإمام) والنبي
وإن احتجوا بأن كثيراً من الأنبياء كانوا مقهورين, بل إن بعضهم قتل دون أن يحصل لهم تمكين قيل: هذا قياس مع الفارق, فإن كل نبي بعثه الله إنما أعطاه من البينات والحجج الظاهرة ما بها يُعرف ويشهر بين قومه . وكان كل نبي يظهر نفسه ويجهر بدعوته رغم ضعفه ويقيم الحجة الباهرة القاهرة على صدقه بحيث يصل ذلك إلى كل من أرسل إليهم ويجب عليه تبليغهم, وهم قادرون -لو أرادوا- على الوصول إليه ثم بعد ذلك اذا عصوه أو قتلوه فالذنب ذنبهم والشأن شأن شأنهم وقد قامت عليهم حجة الله التي قال عنها : (( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً )) (النساء:165) . وقال : (( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتى نَبعَثَ رَسُولاً )) (الإسراء:15)
وهذه العصمة (أي الحماية) خاصة برسول الله (ص) . ولذلك قام (ص) بتبليغ الدين كله دون خشية من أحد من الناس, فلم يكتم شيئاً ولم (يتق) أحداً إلا الله وحده . ولو كان الأشخاص الذين اتخذهم الشيعة (أئمة) مأمورين بالتبليغ كما أمر الرسول (ص) لعصمهم الله تعالى من الناس كما عصم رسوله . ولو كانوا كذلك لما عاشوا -كما يدعي الشيعة- مقهورين مغلوبين على أمرهم لم يتمكنوا من حماية أنفسهم إلا بـ(التقية) والكذب والتعامل مع الناس بإظهار عكس ما يبيتون من القول, ويبطنون من الأمر كحال الشيعة اليوم ! ومع ذلك فلم يسلم أحد منهم -طبقاً لما يدعي الشيعة-من القتل ولو مسموماً !
وهذا كله مما يتناقض مع دعوى (اللطف) و (العصمة) .
روايات مجنحة لا تستقيم مع الواقع
روى الكليني بسنده عن أبي عبد الله(1) ما يلي :
- لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام .
- إن آخر من يموت الإمام لئلا يحتج أحد على الله عز وجل أنه تركه بغير حجة لله عليه .
- ما زالت الأرض إلا ولله فيها حجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله .
- إن الله أجل وأعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل.
- وعن أحدهما (عليهما السلام) : إن الله لم يدع الأرض بغير عالم ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل.
إن هذه الروايات -كما يقول احمد الكاتب- تنقض نفسها بنفسها! إذ ما معنى الإمام والحجة؟ وما الفائدة منهما؟ أليس لهداية الناس وإدارة المجتمع ومنع الاختلاف وتنفيذ الأحكام الشرعية؟ فكيف يمكن للإمام غير الظاهر الذي لا يعلن عن نفسه, وغيره يدعي (الإمامة) في زمانه ويظهر نفسه دون إنكار ظاهر من (الإمام), بل قد يقاتل على ذلك ويلتف من حوله الأتباع الذين ليس عندهم علامة واضحة قاطعة على التمييز, والمدعون كثيرون والإمام الحق ساكت لا يبين للناس حجة, ولا يظهر لهم علامة على انفراده وتميزه ! غاية أمره أن يحدث بذلك خويصة أصحابه ! فكيف يمكن لمثل هذا أن يقيم الحجة على غيره ؟! بل كيف يتمكن الناس من معرفته والائتمام به دون سواه وهو على مثل هذه الحال؟!
فكيف إذا غاب منذ ألف ومائة عام وأكثر ؟! كيف يمكن للغائب أن يقوم بمهمة الإمامة والرئاسة ومهمة التبليغ وإقامة الحجة؟! ما الفرق بينه وبين المعدوم ؟! أو الميت ؟!
إن هذه الروايات تصرح بأن من وظيفة الإمام الحجة أن يعرِّف الناس الحلال والحرام ويدعوهم إلى سبيل الله, وأن الأرض لا تخلو من مثل هذا : (ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل), وأن آخر من يموت الإمام, وإلا فإن المتخلف عنه يمكن أن (يحتج على الله عز وجل أنه تركه بغير حجة له عليه) فإذا غاب هل يمكن مع غيبته تحقيق هذه المقاصد العظمى ؟ فهل هناك من فرق بين المعدوم والغائب ؟!
(الغيبة) جريمة تستحق العقوبة
عاقب الله - جل جلاله - نبيه يونس (عليه السلام) لما ترك قومه وغاب عنهم قبل أن يقوم بما عليه تجاههم من مهمة التبليغ. فلو كانت الحجة تقوم على الناس بغائب لما وقع ذلك.
ولأن الحجة لم تتم بحقهم بسبب (غيبة) نبيهم وتركه إياهم ارتفع عنهم العذاب ولم يقع. وكان الذي عوقب وعذب هو الذي تركهم وغاب وإن كان نبياً ! بل هذا أدعى لمعاقبته كما قال تعالى : (( إِذاً لأذَقنَاكَ ضِعفَ الحَيَاةِ وَضِعفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيراً )) (الإسراء:75) ولو كانت الحجة تقوم على الخلق مع الغيبة لما ارتفع العذاب عن قوم يونس - عليه السلام - .اجب ان استطعت ؟؟؟
فأين اليوم هذا (الإمام) (الذي يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله) ؟! يقولون : قد غاب ! أليس هذا تنصلاً عن وظائف (الإمامة) كما افترضها الإمامية ؟! أليس هذا (الإمام) الغائب العاطل عن أي وظيفة, الذي ترك شيعته يواجهون مصيرهم بأنفسهم وهرب بجلده خوفاً على نفسه وحرصاً عليها دونهم يستحق المقت والعقاب ؟!
إن عجبي - والله - لا ينقضي من تناقض القول بوجوب وجود (إمام معصوم) يقيم الحجة على الناس مع القول بغيبته وعدم وجوده في الوقت نفسه ! ثم جعلهم هذا واجباً على الله مع أن الله لم يقم بهذا الواجب !!
أليس هذا هو عين الخيال والفكر المجرد, بل المغرق في التجريدية والابتعاد عن الواقع ؟!
فالله يجب عليه تنصيب إمام ظاهر يفصل بين الناس ويقيم حجته عليهم لكنه لم ينصبه!
و(الإمام) لا بد من وجوده ظاهراً ليزيل الخلاف والاختلاف ولكن الخلاف والاختلاف لا زال موجوداً !!
و(الإمام) يقيم الحجة ويعلم الدين ويفسر القرآن, كل هذا في الخيال ولا نصيب له من الواقع !!!
و(الإمام) موجود ولكن إذا سألت : أين هو ؟ قالوا : غائب!!!! فكيف أصل إليه ؟! وكيف تقوم الحجة بشخص غائب لا وجود له ؟!! وكيف يسمى حجة الله مع أن الحجة يجب أن تكون حاضرة ظاهرة ؟!!! فكيف تحضر وتظهر إذا كان صاحبها خائفاً غائباً ؟!!!!
وإذا كان الذي لا تقوم الحجة إلا به غائباً فحجة الله غائبة ! وإذا كانت الحجة غائبة فلا حجة !! وإذن بطلت حجة الله على خلقه!!! وبطل الدين !!!! وقضي الأمر واستوت على الجودي !!!! وقيل بعداً للقوم المؤمنين !!!!!
(( سُبحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ )) (الصافات:180) . بل الأمر كما قال تعالى : (( قُل فَلِلَّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ فَلَو شَاءَ لَهَدَاكُم أَجمَعِينَ )) (الأنعام:149) . وحجة الله تعالى قامت بنبيه محمد (ص) واستمرت به ظاهرة باهرة في كتاب الله سبحانه وسنة نبيه (ص) . وكتاب الله محفوظ وسنة نبيه معلومة, ولكن كما قال تعالى : (( يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الفَاسِقِينَ )) (البقرة:26).
وهكذا ... تبين أن هذه العقيدة خيالية افتراضية لا حقيقة لها ولا سند ولا واقع ولا برهان, أملتها مقاصد وأسباب لسنا في صدد ذكرها . فحاولوا دعمها والبرهنة عليها باتباع متشابه القرآن وتأويلها على ما يشتهون, وباختراع الحجج التي أسموها عقلية ثم بصنع الروايات وإلا فإنها لا أصل لها في الدين .
*************************
(1) أصول الكافي 1/178 باب (إن الأرض لا تخلو من حجة)
الجواب:
الأول:
الظاهر من استهلال هذا الكاتب أنه يفتقر إلى الدقة العلمية ويعتمد على أسلوب الصحافة والإلقاء الإعلامي, فانه يقول: ((ان الخيال المجنح الذي يطير بجناحيه فوق الواقع له أكبر نصيب في الإيمان بفكرة العصمة)), ولا نعرف ما هو الواقع الذي يريده والذي جعل مقابله الخيال فإن للواقع مصطلحات عديدة تختلف باختلاف المدارس العقلية الفلسفية.
فإن الواقع يراد به الثبوت والعينية مقابل السفسطة وإنكار والوجود, فمن يثبت الواقع يسمى بالواقعي ومقابله السفسطائي الذي يقول أن الوجود كله خيال ولا عينية وثبوت له وهو منهج الشك المطلق, وهناك من يلتزم منهج الشك الجزئي ولا يثبت إلا الوجود المادي الحسي وينكر الوجود العقلي المجرد ويجعله من المثاليات والخيالات وهؤلاء هم الماديون, والظاهر أن صاحبنا متأثر بهم ويتبع منهجهم لأنه يقول: ((وإلا فبمجرد أن يغادر صاحبه ميدان الجدل والفكر المجرد ليدخل ميدان التطبيق والواقع)).
فبظاهر مقابلته بين الواقع والفكر المجرد يظهر أنه يتصور أن الواقع هو الوجود المادي الحسي الخارجي ولا مجال للوجود العقلي المجرد, مع ملاحظة الإختلاف بين الجدل, فهو صناعة بحثت في علم المنطق ولا تثبت شيئاً بالقطع والدليل وبين الفكر أي صناعة البرهان, والشيعة يثبتون الإمامة والعصمة بالبرهان العقلي, ولكن هذا الكاتب لا يميز بينهما!
وكان الأجدى به لو أراد الإشكال أن يقول: انّ أدلة الشيعة العقلية ليست أدلة برهانية, وإنّما هي من نوع الجدل الذي لا يثبت شيئاً بالقطع واليقين. أو يقول مثلاً: انهم يتخيلون أنها أدلة عقلية ثم يبدأ بالجواب عليها.
مع إنا لم نعرف هل هذا الكاتب ينكر العقل وحجيته في معرفة العقائد ومن ثم الإيمان بها, أو بالأحرى هل يعتقد بمدخلية المعرفة العقلية بالإيمان أو لا ؟ لأنّا نراه يستشكل وينقض بالتطبيق وما وقع خارجاً عبر الزمن, وإن كان خاطئاً فيه أيضاً كما سيأتي!!
ثم هل هو يتهم الشيعة بأنّ ما يدعونه من أدلة هي من عالم الخيال - أي صور خيالية كما تتصور العنقاء مثلاً - أو هي من عالم العقل - أي قائمة على قضايا برهانية وقياسات منطقيةـ؟
فإن كان يتصور أن أدلتهم من عالم الخيال, فهذا لا يقول به أحد من المخالفين, بل لا يقول به عاقل! وإن كان يدعي أنّ الشيعة يقدمون أدلة على شكل قضايا برهانية وقياسات منطقية ولكنها خاطئة ومبنية على المغالطة, فعليه أن يردها بالدليل والبرهان العقلي لا أن يحاول الهروب إلى التطبيق كما يدعي! لأن مجال التطبيق مرحلة متأخرة عن ثبوت النظرية والبرهان عليها, وعدم الحصول الخارجي المدعى - المقصود من قوله بالتطبيق - لا يلازم خطأ الاستدلال البرهاني العقلي, لأنه يعتمد على مقومات وشرائط من جنس تختلف عن المقدمات والقضايا العقلية.
الثاني:
إنّ المنهج النظري المستخدم في المناقشات العلمية ينقسم في الأغلب إلى مرحلتين:
الأولى: مرحلة الحلّ, وهي مرحلة يقوم بها المناظر بالإجابة على أدلة المقابل ودحضها وبيان خطأ مقدماته مادة وصورة.
والثانية: هي مرحلة النقض, بأن يأتي المناظر بقضية يثبت بها المناقضة مع ما يدعيه الخصم عقلاً. وأحد أنواع النقوض هو الإتيان بواقعة خارجية تنقض البرهان العقلي الذي تستند عليه النظرية.
وصاحبنا قفز على مرحلة الحلّ الى النقض مباشرة!! إذ أنه لم يشر ولو من بعيد إلى الأدلة النظرية للشيعة الإمامية في إثبات الإمامة والعصمة ثم محاولة ردها, وإنما انتقل مباشرة إلى ما يدعيه من التطبيق. وسنرى ما في محاولة نقضه من أخطاء وتهافت.
الثالث:
يقول: ((وهكذا يمكن القول بأنّ هذه العقيدة - أي العصمة - هي فكرة افتراضية خيالية لا يمكن وجودها إلا تصوراً في الأذهان دون إمكان تحقيقها ولا الاستفادة منها في زمان ولا مكان)), وكأنه غفل عن عقيدة المسلمين كلهم بعصمة النبي (صلى الله عليه وآله), واتفاقهم على عصمته في التبليغ, وانفراد الشيعة بعصمته قبل البعثة وبعدها. فإذا كانت فكرة العصمة لا يمكن تطبيقها في الخارج, فانه قد خطأ المسلمين قاطبة, وخالف إجماعهم بأنها طبقت في شخص الرسول(صلى الله عليه وآله) على الأقل في التبليغ!! فانهم - أي المسلمين - مجمعون بتحقيق هذه الفكرة زماناً ومكاناً, وإمكان الاستفادة منها على الأقل في حياة الرسول(صلى الله عليه وآله).
وإن إدعى بانه يقصد العصمة المطلقة الشاملة للذنب والخطأ والسهو قبل البعثة وبعدها وأنها غير قابلة للتحقق, فكان عليه أن يورد أدلة الشيعة في ذلك, ثم يردها حلاً ونقضاً بنقاط غير ما أورده - وهناك كتب بحثت ذلك تفصيلاً يمكن مراجعتها - لا أن يورد ما ذكره من نقاط (سوف يأتي الجواب عنها بالتسلسل), فان ما أورده ينحصر مناطه في العصمة في التبليغ والتشريع!
الرابع:
يقول: ((بل لا حاجة إليها بعد أن كمل الدين وتمت النعمة وتعهد الله بحفظه)), وهنا وضح الخلط في كلامه! فان ما قدمه كان محاولة مناقضة أصل إمكان العصمة, وفي هذه العبارة كأنه أقر بإمكان وجودها قبل إكمال الدين واتمام النعمة, ولكنه يدعي أنها بعد إكماله مناقضة للواقع!
ولكنه نسى أنه:
1- يخالف ما عليه واقع أهل السنة ورؤساء مذاهبهم, وإلا لم يلجؤوا إلى القياس والاستحسان وسد الذرائع.
2- يخالف ما عليه اعتقاد خلفائه الثلاثة بل كلّ خلفائه, فهذا أبو بكر وعمر وعثمان يصرحون بأنهم إذا لم يجدوا شيئاً في القرآن والسنة قالوا فيه برأيهم. بل يكفي في النقض قولهم: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم ينص على الخليفة بعده وأوكل الأمر إلى رأيهم.
3- انّ الشيعة يدعون أنّ الدين كمل بالإمامة وبعهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الغدير, وفيه نزلت آية إكمال الدين, وأن الله تعهد بحفظه عن طريق المعصومين, وهو محفوظ عند شيعة أهل البيت (عليهم السلام) لا عند غيرهم.
4- انّ القرآن فيه تبيان كلّ شيء, ولكنه على شكل قواعد كلية كمنزلة الدستور عند الدول, وأمّا القوانين المتوسطة والجزئيات فلم يسع زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبيانها, خاصة وأن الجزئيات غير منحصرة ومتجددة عبر الزمن, فلذا إحتاج إلى قيم وحافظ ومبين للقرآن والشريعة. كما هو الأمر في القوانين التي تصدرها البرلمانات في الدول وهي بمثابة المتوسطات, وكذا الأمر في الأجهزة التنفيذية التي هي بمنزلة الجزئيات.
الخامس:
هناك جواب عام على مجمل ما أشكله هذا الكاتب يتركز على نقطة محورية واحدة:
انّ الإمامية استدلوا على وجوب الإمامة بأدلة, واستدلوا على لزوم أو إشتراط عصمة الإمام بأدلة أخرى في عالم الإثبات, وإن كانت العصمة لا تنفك عن الإمامة في عالم الثبوت, فإذا ورد النقض فرضاً على أدلة العصمة فلا يعني هذا انتقاض أدلة وجوب الإمامة, وهذا الكاتب توهم ذلك, هذا أولاً.
وثانيا: انّ حصول التصرفات المعصومة في الخارج ليس من ماهية الإمامة بشيء ولا لازمة لها كالعصمة كما حاول المستشكل إيهام ذلك بنقوضاته, بأن جعل عدم حصول التصرف للإمام وعدم بسط اليد دليل على عدم وجوب الإمامة وعدم حصول العصمة, إيهاماً بوجود التلازم بينهما! فإذا بطل اللازم بطل الملزوم.
وذلك لأنا نقول: بأنّ وجود الإمام لطف, وتصرفه لطف آخر.
وبيان ذلك: أن لطف الإمامة متقوم بثلاث جهات: جهة مختصة بالله وهي بأن يوجد الإمام, وجهة مختصة بالإمام نفسه بأن يهيء نفسه للإمامة, وجهة مختصة بالأمة بأن تكون قابلة لأتباع الإمام.
فالجهتان الأولى والثانية وهي المختصة بالله وبالإمام نفسه هي الأصل, وقد تمت وحصلت, فالله قد أوجد الإمام والإمام هـّيء نفسه حتى لا تكون للناس على الله حجة بعد الرسل, ولكن بقيت الجهة المختصة بالأمة وهي الفرع, فهي إما شرط, أو عدم مانع, بأن يكون عدم استعداد مواليه واتحادهم أو خوفه من أعدائه مثلاً مانع من تحقق لطف الإمامة في الخارج وحصول التصرف المعصوم وبسط اليد.
ولا يقال: انّ الله قادر بأن يهيء الأمة, لأن ذلك يؤدي إلى بطلان الإختيار! حيث جعل الله إطاعة أوامره التشريعية بالإختيار لا الإجبار. ولا يقال: انّ عدم تهيّء الأمة يؤدي إلى عدم وجود الإمام, لأن تهيء الأمة فرع مترتب على وجود الإمام من قبل الله, فلا يتقدم الفرع على الأصل, إذ يجب حصول الأصل في اللطف ثم حصول الفرع, فإذا لم يحصل الفرع بتقصير الأمة لا يلزم منه عدم حصول الأصل من قبل الله, وذلك حتى لا يبقى للناس على الله حجة بعد الرسل.
السادس:
ونبدأ بالإجابة على ما أثاره من نقاط بالترتيب:
1- قال: ((الأخذ عن المجتهدين المعصومين: من الأفكار الخيالية التي يعيشها الشيعة كأنها حقائق لا تقبل الشك قولهم: اننا نأخذ ديننا من أئمة معصومين فنحن واثقون من صحته بينما غيرنا يأخذ دينه عن رجال غير معصومين فلا ثقة بما يقولون)).
نقول: انه أوّل ما بدأ كلامه بمغالطة! فشيعة اليوم وقبلهم إلى ما بعد الغيبة الصغرى لا يقولون أننا نأخذ ديننا من معصومين, بل يقولون أننا أخذنا ديننا من معصومين لمدّة تزيد على ثلاثمائة عام, وغيرنا لم يأخذه عن معصوم إلا لمدّة عشرين سنة, بل عشر سنوات وهي سنوات الهجرة إلى المدينة, ومن بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخذناه عن أشخاص ثقات لا يمتنع عليهم الخطأ والكذب بل التحريف كما هو الواقع. والفرق واضح في درجة الوثوق والإطمئنان في أخذ الدين بين الطريقين, فإن في المدّة الممتدة قرابة ثلاثمائة عام ثبتت وترسخت مفاهيم الدين الكلية والمتوسطة بل ومعظم الجزئيات عن طريق الأئمة (عليهم السلام), لكثرة ما كرروها وأكدوا عليها بالنص المعصوم منهم, وبالتالي حصول القطع لنا في كثير من أمور الدين, بخلاف مخالفينا إذ أكثر ما يدعون القطع به لا يتجاوز عدّة عشرات من المسائل, بل انّ منهم كأبي حنيفة ردّ معظم السنة لأنه أتهم أسلافه بإخفائها بعد المنع من التدوين! فالفرق بيننا واضح في درجة الوثوق لمن هو منصف.
وقال: ((ويقولون: أن وجود المعصوم يحصل به رفع الخلاف وعند عدمه تقع الأمة في التنازع والاختلاف)).
نقول: هذه الشبهة أخذها من القاضي عبد الجبار وأجابه عليها السيد المرتضى (ره). وإنا لا نقول أنّه يرتفع الاختلاف جملة, بل نقول: انّ الإمام رافع للخلاف عندما يكون المفزع إليه عند وقوع الخلاف, كما قال الله تعالى: (( فَإِن تَنَازَعتُم فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُم تُؤمِنُونَ بِاللّهِ وَاليَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأوِيلاً )) (النساء:59), ولا يقع القرآن في مكان الإمام كما يدعي البعض لأنه حمال أوجه, وقد رجعت الأمة إليه من أوّل وقتها إلى الآن ولم يرفع خلافها.
كما أنه خلط بين زمن حضور الإمام (عليه السلام) - فانه رفع الخلاف بين الشيعة - وبين زمن غيبته وعدم الوصول إليه وعدم بسط يده! وهذا ناتج من تقصير الأمة كما قدمنا.
ففي زمن حضور الإمام لا يصح كلامه في ما يحاول من نقض على فكرة العصمة, لأنها كانت متحققة عند الشيعة. نعم له أن يسأل عن زمن الغيبة؟ ولكن هذا لا ينقض أصل الفكرة كما يحاول دون جدوى, فهو قد أدعى مدعاً عاماً وأقام عليه الدليل خاصاً وهذا من أوضح المغالطات المعروفة.
فأنظر إليه كيف حصر إستدلاله في زمن الغيبة إذ يقول: ((ولو غادر أحدهم ميدان الفكر المجرد ونظر إلى الواقع لوجد نفسه عملياً لا يختلف عن أولئك الذين ينتقدهم ويتبجح عليهم لأنه سيجد نفسه كغيره تماماً يقلد رجلاً يطلق عليه أسم المجتهد يخطيء ويصيب وليس إماماً معصوماً وهذا المجتهد غير معصوم فاين يوجد اليوم ذلك المعصوم الذي ياخذ عنه الشيعي دينه حتى يصح قوله السابق))! فإنّ الشيعة في زمن حضور المعصوم يتبعون المعصوم فلا يرجع عليهم هذا النقص, وبالتالي فإنّ فكرة العصمة وثبوت الإمامة في ذلك الزمن لا خدشه فيها, وهذا يكفي لنقض مذهب مخالفينا.
نعم له أن يناقش تطبيق هذه الفكرة في عصر الغيبة, وهذا لا يكون مناقشة في أصل العصمة والإمامة, بل في الغيبة ووقوعها, بل أن ثبوت الإمامة وعصمة الأئمة بالأدلة وتطبيقها زمن الحضور يجعلنا نقطع بوجوب وجود إمام وإن كان غائباً, ثم نفسر غيبته بأدلة أخرى.
هذا وانّ تقليد المجتهدين اليوم يختلف جذرياً عن تقليد مجتهدي العامة! فكما أوضحنا أن النص المعصوم لمدّة ثلاثمائة عام أوسع دائرة بكثير وأوثق من النص عند مخالفينا, وبالتالي تم حصر دائرة الخلاف بين المجتهدين في دائرة ضيقة وهامش محدود حصل التسامح به لوقوع الغيبة وظروفها, وما فات في هذا الهامش لطف فوتته الأمة على نفسها ولا يرجع على الله - نعوذ بالله - هذا أولاً.
وثانياً: قد خفي عليه أصل أصيل عند الشيعة! وهو أنّ المجتهدين لا تكون الحاكمية لهم في الافتاء بالإستقلال حتى على مبنى ولاية الفقية, على العكس من مخالفينا.
هذا والمجتهد عندنا نتيجة لضيق دائرة إجتهاده في الجزئيات لا يتعدى إلى كليات الدين والقوانين المتوسطة التي رسخها أئمتنا (عليهم السلام), على العكس من غيرنا.
وإن كانت الكليات موجودة في القرآن وسنة الرسول(صلى الله عليه وآله) وكذلك بعض المتوسطات, ولكنها أولاً غير مبينة بشكل كامل كما وضحه الأئمة لنا, وثانياً لم تصل إليهم بالشكل القطعي الراسخ أو المطمأن إليه.
ومن هنا قد نجد مناسبة لما هو المبنى عند الطرفين, فإنّ الإمامية تبني على التخطئة في الإجتهاد - أي أن المجتهد قد يصيب الواقعة الجزئية أو يخطئها ويكون الرأي الإجتهادي ظاهريّاً على كلّ حال ـ, بخلاف مخالفينا فإنّ مبناهم التصويب للمجتهد - أي أنه إذا إجتهد واستنبط فانه يقع على الواقع, أو أن الله ينشيء حكماً على طبق فتواه فتكون فتواه صحيحة على كلّ حال ـ, ولعل ما ألجأهم إلى هذا الأمر قلّة القوانين المتوسطة لديهم فإحتاجوا إلى إنشائها بالإجتهاد ومن ثم التصويب.
وقال: ((ولا يمكن لهم غير ذلك لأن المعصوم إما مفقود وكما عليه الحال اليوم وإما على افتراض وجوده فان التقاء الناس به غير ممكن ...الخ)).
نقول: كأنه تنبه هنا لعموم الدعوى وخصوص النقض السابق الذي أورده, فأراد أن يستدرك, ولكنه جاء بالطامة! فأوّل ما ينقضه عصمة الرسول(صلى الله عليه وآله), فما يقوله هناك نقوله هنا, إذ من الواضح أن النقض هنا مبني على عصمة التشريع وهم يقولون بها في الرسول(صلى الله عليه وآله), مع أنّ الجواب عليه قد ذكره المرتضى في الشافي رداً على القاضي عبد الجبار.
فإننا أوّلاً لا نوجب إماماً واحداً بالدليل العقلي الذي نعتمده على وجوب الإمامة وهو اللطف, بل ما اقتضاه اللطف, فانه ربما اقتضى أكثر من إمام بصفاته في عدّة أماكن, وإنما نقول بإمام واحد بأدلة أخرى, ولما ثبت بالقطع عند المسلمين بأنّ الإمام واحد, وثانياً أن وجود إمام معصوم واحد وتحته الأمراء والولاة يرجعون إليه يسددهم ويرد المخالف منهم يكفي في إتمام الغرض, كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفعله, فمن هو بعيد عن الإمام وداخل تحت سلطة الإسلام لابد أن تصله أوامره ونواهيه وأقواله وأفعاله وإن كان بالتتابع والتدريج, وهذا كاف في البين إذ لا يوجب العقل أكثر من ذلك, فإن وجود الأمراء والولاة في كلّ بلدة يقوم مقام الرئيس والإمام, ولا نثبت العصمة إلا لإمام الكلّ, لأنّ ما تحته من أمراء وولاة يقعون تحت أمره ونهيه وردعه وحثه, وليس فوق الإمام إمام, فتثبت العصمة له وحدّه بالعقل.
وقوله: (( فما الفرق بينهم وبين بقية المسلمين الذين يتبعون العلماء والمجتهدين ولا يؤمنون بمعصومين غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) )).
نقول: فقد بيّنا الفرق, ولكنه هو لم يبين الفرق بين إثبات العصمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي وقت معين, وبين عدم إثباتها للأئمة (عليهم السلام), أو في كلّ وقت, مع أن الدليل والمناط العقلي واحد والحاجة حاصلة في كلّ وقت وعلى الدوام!
وما أورده من نقوضات - لو قلنا أنها نقوضات - فهي واردة أيضاً على قولهم بعصمة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
2- قال: ((استحالة تواجد المعصوم في كلّ زمان ومكان ..الخ)).
نقول: هذا تكرار لما سبق في النقطة التي قبلها وقد أجبنا عليه. والظاهر أنّ هذا المستشكل يفهم من القول بالعصمة بوجوب مباشرة كلّ الناس للمعصوم في كلّ حركاتهم وسكناتهم وعلى طول اللحظات الزمنية في حياتهم وكأنهم مكائن آلية, أو أنّ الغرض من وجود المعصوم لكي يجعلهم معصومين مثله, وأن فائدة العصمة لا تتم إلا بهذا التصور الذي هو أحق أن نقول فيه أنه خيال.
ومن الواضح أنّه لم يفهم دليلنا على وجوب الإمام, ودليلنا على عصمته! فإنّ جهة حكمنا بكون الإمامة لطف هو حكم العقل بوجوب وجود رئيس للناس, وأنهم أقرب لصلاح الحال معه لو كانوا بدون رئيس يردعهم عن الخطأ والتجاوز والتقصير, وسبب احتياجهم إلى رئيس بهذا الشكل هو عدم عصمتهم فيحتاجون إلى رئيس يقومهم, ولازم ذلك ثبوت العصمة لهذا الرئيس, وإلا كان كأحدهم يحتاج إلى إمام وهلم جراً فيتسلسل.
ودليل العقل هذا من جهة اللطف لا يثبت أكثر من وجوب العصمة للإمام, بحيث يستطيع أن يسودهم بأعوانه من الأمراء والولاة ما تصل إليه سلطته وأخباره, كما هو الحال مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي يثبت كلّ المسلمين عصمته, ولو تأمل هذا المستشكل قليلاً لرأى أن كلامه يعود بالنقض عليه من جهة رسول الله (صلى الله عليه وآله)!
أمّا الإشكال في زمن الغيبة, فقد أجبنا عليه سابقاً أيضاً, وأنّه لطف ضيّعه الناس على أنفسهم بمقدار ما, مع أنّ الإمام تدارك هذا اللطف بلطفٍ أضعف منه, ولكن مما لا بد منه وهو نصبه للسفراء, وعندما امتنع هذا اللطف أيضاً تداركه بلطف آخر أضعف من الأولين وهو نصبه للفقهاء بالنيابة العامة, على أنّ هذا المستشكل لم يعرف طريقة إنزال الشرائع من قبل الله وكيفية تبليغها وجهات قبول الناس لها.
3- هنا نقدم أولاً تقرير الإستدلال على ما ذكره المرتضى (ره) في (الشافي) حتى يتضح مراد الشيعة منه:
قال المرتضى (ره): ((قد علمنا أن شريعة نبينا عليه السلام مؤيدة غير منسوخة ومستمرة غير منقطعة فان التعبد لازم للمكلفين إلى أوان قيام الساعة ولابد لها من حافظ لأن تركها بغير حافظ إهمال لأمرها وتكليف لمن تعبد بها ما لا يطاق وليس يخلو أن يكون الحافظ معصوماً أو غير معصوم فان لم يكن معصوماً لم يؤمن من تغييره وتبديله وفي جواز ذلك عليه وهو الحافظ لها رجوع إلى أنها غير محفوظة في الحقيقة, لأنه لا فرق بين أن تحفظ بمن جائز عليه التغيير والتبديل والزلل والخطأ وبين أن لا تحفظ جملة, إذا [إذ] كان ما يؤدي إليه القول بتجويز ترك حفظها يؤدي إليه حفظها بمن ليس بمعصوم, وإذا ثبت أن الحافظ لابد أن يكون معصوماً استحال أن تكون محفوظة بالأمة وهي غير معصومة والخطأ جائز على آحادها وجماعتها, وإذا بطل أن يكون الحافظ هو الأمة فلا بد من إمام معصوم حافظ لها))(الشافي في الإمامة 1/179).
وننبه هنا: انّ هذه الشبهات قد أثارها كلها القاضي عبد الجبار المعتزلي من قبل وأجاب عليها السيد المرتضى (ره) في (الشافي) بما لا مزيد عليه. ولكن لا ينقضي عجبنا من هؤلاء السلفية أو الأشاعرة أنهم بعد عجزهم في مقام الدليل يلجؤون إلى إنتحال قول من يكفرونهم كالمعتزلة!! وليس إلا من أجل الرد على الشيعة .
وعلى كلّ, نقول في جواب هذه الشبهة: من قوله: ((فإذا كان المعصوم ضرورياً لحفظ الدين والدين لا يتم ولا يحفظ إلا به فأين هو المعصوم في زماننا...الخ)), انه جاء هنا بعدّة مغالطات! إما لقصر فهمه عن إيراد الإشكال, أو متعمداً لإيهام القارئ, ونحن نبين ذلك بالتدريج, فنقول:
انّ وجود الإمام وكونه حافظاً لطف, وبسط يده وتحقق الحفظ لطف آخر, ولا يلزم من عدم تحقق اللطف الثاني - وهو تحقق الحفظ على الفرض - انتفاء اللطف الآخر وهو عدم وجوده (عليه السلام). وسيتوضح ذلك أكثر بما يسترسل من الجواب لاحقاً.
بل نحن نقول: أن الإمام الحيّ الموجود هو حافظ للدين الآن حقيقة بما أودعه الله عنده من علم وبما ورثه عن آبائه (عليهم السلام) عن جدهم (صلى الله عليه وآله), ولكن عدم بسط يده من قبل المكلفين ومنعه من إظهار ذلك الحفظ علانية جاء من قبل المكلفين أنفسهم بعد أن أخافوه ومنعوه ووقفوا أمام بسط يده.
فنحن نقول: بعد ما كانت شريعة محمد (صلى الله عليه وآله) مؤبدة إلى يوم القيامة, فلابد من أن يجعل الله لها حافظاً يحفظها من التبديل والتحريف وهو حاصل بوجود الإمام المعصوم, ولكن ليس على الله أن يجبر المكلفين على التسليم, لأنه وظيفة من باب الاختيار, وإذا ارتفع الاختيار بطل التكليف, وقد ذكرنا سابقاً أن لهذا اللطف أصل وفرع ومتوسط بينها, فالأصل إيجاد الإمام من قبل الله, والمتوسط تهيئة الإمام نفسه لأداء وظيفته, والفرع قبول الأمة وتمكينها للإمام من بسط يده.
بل نقول: انّ الإمام (عليه السلام) حافظ للشرع الآن وبالفعل والواقع الخارجي, فانه لا يلزم إذا لم يتمكن الإمام من حفظ الدين والشرع لكلّ الناس وفي كلّ زمان ومكان أن يكون ليس حافظاً للدين لبعض الناس وفي زمان ومكان معينين, كما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان حافظاً للدين وهو في المدينة ويده بعد لم تكن مبسوطة على مكة أو كلّ الجزيرة, وكما كان علي (عليه السلام) حافظاً للدين لأتباعه في الكوفة وإن لم يكن حافظاً له في الشام لعدم بسط يده عليه.
ونحن لا نمنع من أن يكون الإمام الحجة الغائب حافظاً للدين لبعض أوليائه وتابعيه ممن يتشرفون بلقائه بل يحفظ الدين لشيعته عن طريقهم بمختلف الأساليب التي لا تعارض غيبته. وملخص هذا الجواب أن من فات الحفظ للدين عليه فانما واُتي من قبل نفسه وتقصيره . هذا .
ونحن لا نقول أن الإمام الآن ليس بحافظ كما أراد من التمويه والمغالطة حتى يتم له ما اراده من النقض, مع أن عدم تحقق الحفظ خارجاً لو كان على نحو التسليم والفرض لا يلزم منه نفي وجود الحافظ كما بينا.
ونحن لا نقول أن حفظ الدين ليس ضرورياً وواجباً في حال الغيبة بل نقول أنه ضروري وواجب حال الحضور للإمام وحال الغيبة ولكن الحفظ يتم ويظهر حال الحضور ولا يتم ويظهر حال الغيبة لعدم أنبساط يده والتقصير جاء من قبل المكلفين أنفسهم.
ولنا أن ننقض عليكم بما تقولون من وجوب نصب خليفة من قبل أهل الحل والعقد لحفظ نظام الإسلام وحفظ الثغور وإقامة الحدود, فإن نظام الإسلام وحفظ الثغور وإقامة الحدود الآن ومنذ مئات السنين غير متحقق؟ وبالتالي فلازم ذلك سقوط وجوب نصب خليفة على أهل الحل والعقد الآن!!
فإن الفرق بيننا وبينكم أننا نوجب نصب إمام من قبل الله سبحانه وتعالى وأنكم توجبونه على أهل الحل والعقد وذلك لا يوجب فرقاً ههنا.
أمّا قوله (وما الفرق بين أن يكون معدوماً وان يكون مختفياً...الخ) فقد وضح مما بينا من أن حفظ الدين لا يتم إلا بإيجاد الإمام من قبل الله تعالى وتقبل وتهيئة الإمام نفسه لذلك فإذا منعه الناس من حفظ الدين (على الفرض) فقد أجرموا بحق أنفسهم وأصابهم ما جنته أيديهم ولا يجبرهم الله بالقهر أو بأنزال الملائكة على ذلك لأنه يؤدي إلى سقوط التكليف وأمّا إذا لم يوجده الله فإن الحجة ستكون للمكلفين على الله لا عليهم.
فإن الإمام حافظ للدين والشرع وقد أوجده الله واستعد لذلك بنفسه فمتى ما مكنه المكلفين من ذلك تمَّ له ما أراد.
هذا كله إذا سلمنا عدم تمكن الإمام من حفظ الدين الآن وإلا على ما ذكرنا من أننا نعتقد بأنه (عليه السلام) حافظ للدين ولو على نحو الموجبة الجزئية فيسقط الإشكال من أصله وليس لقائل ان يدعي علينا بانا نقول أن الإمام حافظ للشرع على نحو الإطلاق والشمول لكلّ ما يتعلق بالشريعة لكلّ الناس وفي كلّ زمان ومكان بل نحن نقول أنه حافظ للشرع ما وسعه ذلك ومكنه الناس منه.
وبهذا وضح الجواب عن السؤال عن الحكمة من وجوده مختفياً. فلاحظ.
4- قوله: ((لا شك أن الدين محفوظ وكامل والنعمة تامة مع عدم وجود المعصوم ..الخ)).
نقول: أنه أورد في هذا الكلام دعاوى بدون دليل وجعلها كأنها مسلمات وليس كذلك. فأوّل ما فيه أن حفظ الدين غير كونه كاملاً أو تاماً! فإنّ كون الإسلام نعمة وأنّها نعمة تامّة وكاملة لا يلزم منه أن يكون محفوظاً عند الكلّ, بل نقطع أنّه غير محفوظ عندكم, بل محرّف, وما تتعبدون به الآن ليس من دين الله في شيء.
وثانياً: أنّ كون الدين كاملاً أو تامّاً لا يعني أنه وصل كاملاً عند الكلّ وأنّه محفوظ عند الكلّ, بل هو كامل ومحفوظ عند المعصوم (عليه السلام), بل لم يتم ويكمل إلا بتنصيب الإمام المعصوم يوم الغدير بشهادة الآية, فالإعتقاد بوجوب الإمام المعصوم هو من تمام الدين.
وثالثاً: أنك لم تبيّن كيفية حفظ الدين من قبل الله! فلا يوجد من يقول أنّ الله يحفظ الدين بملائكته مثلاً, ونحن نعرف من دعواكم أنّه حُفظ بالأمة. ونحن نقول: أنّه حُفظ بالمعصوم, فلا فرق بيننا من هذا الجانب. مع أنّ الحفظ بالأمة باطل ولا يمكن لما يجوز عليها من الخطأ والتغيير! بل أنه لم يقع في الخارج, وما تقوله من أنه محفوظ عندكم منذ ألف عام لا يخرج عن الدعوى.
ورابعاً: أنك قد قلبت المقدمات بنوع من المغالطة عندما قلت: ((فإذا قلنا أن حفظ الدين مشروط بالمعصوم استلزم ذلك نقصان الدين في حالة عدم وجود المعصوم أو غيابه))! لأنّ الأصل في ترتيب المقدمات أن تقول: انّ الدين الإسلامي الأبدي إلى يوم القيامة لازم الحفظ, ولا يحفظ بالأمة, فلا بد من وجود معصوم لحفظه, ومن هنا يثبت وجوب وجود الإمام المعصوم, وإلا لبطل الملزوم وهو وجوب حفظ الدين.
ومن هنا نحن نقطع بوجود المعصوم وغيابه لا يؤثر كما بينا, فالدين عندنا محفوظ بالمعصوم, وكونه غير محفوظ عند غيرنا لا يلزم منه الكفر.
5- قوله: ((المعصوم مفقود منذ أكثر من ألف عام وأقواله وأحواله مجهولة تمام الجهل لم يسمعها ولم يشاهدها أحد من الناس وإنما غايتها أن تنقل وتسند إليه)).
نقول: لقد ذكرنا سابقاً أنّ العقل يوجب وجود إمام معصوم يكون وراء أمراءه وعماله يخوفهم ويردهم ويرجعهم إلى صراط مستقيم إذا مالوا عن الطريق, وبعض هذا حاصل بالنسبة لأتباع أهل البيت (عليهم السلام), بل لعلمائهم حال الغيبة فإنهم قاطعون بأنّ الحجة (عجل الله فرجه) ورائهم مع ثبوت منصب النيابة العامة لهم, وما فاتهم من ذلك فقد أشرنا إليه سابقاً أيضاً بأنّ المكلفين أتوا فيه من قبل أنفسهم.
مع أن أتباع أهل البيت (عليهم السلام) استمر عندهم وجود المعصوم لأكثر من ثلاثة قرون في زمن الحضور والغيبة الصغرى, والفرق واضح في سعة زمن صدور النص المعصوم مع غيرهم من المذاهب كما أشرنا إليه سابقاً.
وقوله في عنوان هذه النقطة: ((ثبوت الدين وحفظه بالنقل)) عجيب!! كيف ونقل الآحاد وإن كان صحيحاً ظنّي لا يرقى إلى القطع والعلم, وهو قابل للخطأ والنسيان, وكان المفروض منه أن ينقض كما نقض القاضي عبد الجبار بالتواتر, ولكنه أيضاً لا يكفي كما هو واضح, لأنّ ما نقل بالتواتر النزر القليل مع أن التواتر قابل للتغيير, بل لاتفاق من ينقله على عدم النقل كما هو حاصل في الأمة, فلزم من ذلك لا بدية وجود معصوم يرجع بالأمة للشريعة ويكون ورائها إذا نكصت.
ولم يقل أحد من الشيعة أن الناقل عن المعصوم معصوم ولكن يتدارك ذلك بوجود المعصوم ورائهم كما قلنا.
6- قوله: ((آخر المعصومين لا ينقل عنه شيء ...الخ)).
نقول: ما ذكره هنا تكرار لسابقه بعبارة أخرى, وقد ذكرنا أن ما فات المكلفين من تصرف المعصوم أتوا فيه من قبل أنفسهم, وأدلة وجوب وجود إمام في كلّ زمان ذكرناها سابقاً فلا نعيد, وما حصلنا عليه من قبل الأئمة (عليهم السلام) السابقين يكفي لهذه المرحلة مع قطع علمائنا بوجود الإمام المنتظر (عجل الله فرجه) ورائهم, إذ هم نواب عنه لا غير, وما بيد الأمة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يكفيها لقلته وكثرة التغيير والضياع فيه, ولا نسلم كون الأمة أحرص على حفظ ما جاء من نبيها من أهل بيته (عليهم السلام), بل انّ زعمائها كانوا أحرص على زعامتهم وولايتهم من حرصهم على الدين, وكثرة ما بأيدي أهل السنة غير صحيح قطعاً, وإلا لما لجؤوا إلى القياس والرأي والاستحسان, بل المشاهد المحسوس أن ما لدى الشيعة من السنة المنقولة عن أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر بأضعاف مضاعفة.
7- لم يستدل الشيعة على وجوب وجود الإمام من كونه قدوة, وقد مضى أدلتهم على لزوم وجوده, نعم أحدى فوائد الإمام كونه قدوة ولم يثبت لأبدية حياة القدوة لتحقق الإقتداء, نعم المباشرة مع القدرة أقوى تأثيراً وأسرع في المقتدي, وقد كان أئمتنا (عليهم السلام) أحياء يتواصل معهم شيعتهم, وتفاصيل حياتهم بعد موتهم معروفة بالقدر الكافي, بل أن ما عند الشيعة من تفاصيل حياة أئمتهم (عليهم السلام) أكثر من أي مصداق آخر لدى كلّ الأمم والشعوب الأخرى, ولا علاقة للتقية بهذا الأمر, فإنّ التقية كانت بالنسبة للأعداء لا الأولياء, وهذا القدر يكفي في معرفة تفاصيل حياتهم لأتباعهم وأصحابهم, نعم إنّ المخالفين ومن نصب لهم العداء لا يعرف الكثير عن تفاصيل حياتهم.
وأمّا ما ذكره من مثال للإمام الحسن العسكري (عليه السلام), فدال على الجهل لا أكثر! فإنّ القدوة للفقير لا تكون بمقدار ما يملك من المال, بل بالسلوك الذي يمكن للفقير أن يتبعه, على أننا ننقض عليه بأنّ نبيّ الله سليمان (عليه السلام) كان ملك وذا سلطان, فهل يقول هذا المخدوع أنه لم يكن قدوة, بل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) - نعوذ بالله - لم يكن فلاحاً أو نجاراً أو حداداً أو ....الخ فهل لم يكن قدوة لكلّ هؤلاء بل - نجل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك - لم يكن امرأة حتى يكون قدوة للمرأة ... يا هذا ما هكذا تضرب الأمثال!!
ثم إنّ القدوة لا يكون قدوة حتى يعرف, فلا يؤثر في ذلك دعوى من يدعي, مع أن هناك من ادعى النبوة في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يؤثر في كونه (صلى الله عليه وآله) قدوة لأصحابه, كما أنه (صلى الله عليه وآله) لم يكن قدوة لأعدائه.
وأمّا ما ذكره من نقل السيرة لحياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بتفاصيلها, فهو غير صحيح! وما نقل أكثره مكذوب, كما نقل عنه البول واقفاً - حاشاه ـ, وأنه يسمع للمغنيات داخل بيته والحبش يلعبون في مسجده, وأنه ينام عن صلاته, إلى غير ذلك مما نقله وعاظ السلاطين والكاذبون عليه مما يترفع عنه أواسط الناس فضلاً عن كبرائهم, وما نقل من أقواله وأفعاله وحروبه وسيرته أغلبه مكذوب محرف في خدمة أغراض من غصبوا الخلافة بعده, وليس هنا مجال بيانه وتفصيله.
وأمّا ما ذكره أخيراً من وجه الحجية, فقد أجبنا عليه سابقاً في وجه الحاجة لوجود إمام معصوم.
وأمّا السؤال عن حجية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهل هي ناقصة؟ فغير صحيح أصلاً! وإنّما الكلام في مقدار ما وصلنا من أقواله وأفعاله وتقريراته, وهل يكفي زمن حياته لبسط وترسيخ دين الله وشريعته على النحو المطلوب أو لا؟
مع أننا لا نقول أن حجية أئمتنا (عليهم السلام) في عرض حجية رسول الله (صلى الله عليه وآله), بل في طولها, ولكنه لمّا لم يفهم ذلك أشكل بهذا الإشكال! فان ما يترتب علينا من ثبوت الحجية للأئمة لا يخرج عن دين وشريعة وحجية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنما هو هو, فلاحظ.
8- قوله: ((من الأقاويل المشتهرة على ألسنة الشيعة (أهل البيت أعلم بما فيه) قلنا: لا بأس ... الخ)).
نقول: الحمد لله, إنه سلم بأنّ أهل البيت (عليهم السلام) أدرى بما فيه, ولكن كان عليه أن ينصف في المقارنة التي ذكرها, إذ لا يختلف الشيعة في أعلمية صاحب البيت رسول الله (صلى الله عليه وآله), كيف وهو أفضل الخلق وصاحب الرسالة الخاتمة؟! ولكن الشيعة عندما يستدلون بهذا القول يستدلون به بالمقارنة مع ما يدعيه مخالفوهم من نقل الصحابة للعلم والدين, فلو دار الأمر بين أخذ دين الله المنزل على رسوله(صلى الله عليه وآله) من أهل بيته (عليهم السلام) أو أخذه من أصحابه, لا يكون هناك شك في أولوية أخذه من أهل بيته (عليهم السلام), وأهل بيته (عليهم السلام) لا يدّعون أنهم أعلم بدين غير دين جدهم, بل هم يقولون نحن أعلم بدين جدنا من الأباعد, فما ذكره لا يعدو كونه مغالطة مكشوفة غير موفقة في الردّ على المقارنة التي يدعيها الشيعة, كما سيأتي في كلامه لاحقاً.
والقول بأنّ الشيعة يأخذون دينهم من أهل البيت (عليهم السلام) دون رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذب صارخ! ولا يوجد شيعي واحد يعتقد به, ولو فرضنا الأمر كذلك وفرض المحال ليس بمحال كنا أيضاً أفضل حالاً من مخالفينا لأنهم يأخذون دينهم عمن يدعون له الصحبة بل من المقطوع كذب بعض هؤلاء الصحابة على رسول الله (صلى الله عليه وآله), فلاحظ.
فلماذا إذا أخذ الشيعة دين محمد من أولاده يكونوا أخذوا بدين جديد ولا يكون من يأخذ عن كلّ من هب ودب من الصحابة قد أخذ بدين مفترى؟!
وأمّا الروايات التي يرويها الأئمة (عليهم السلام), فلا جدال بين الشيعة أنّها من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشريعته, وكلّ ما يروونه هو عن آبائهم عن جدهم لا غير, واتهامه للشيعة بأنهم يهتمون برواية جعفر الصادق (عليه السلام) ولا يهتمون برواية الرسول(صلى الله عليه وآله) دعوى كاذبة, وكذبها على مدعيها, وهذا هو الواقع أبلج كالشمس بخلاف ما يحاول هذا المدعى أن ينسب إليهم ما هو أليق به وبمذهبه, فإن نظرية أهل السنة والجماعة التي يدّعونها شيء وواقعهم شيء آخر, فإنهم يدعون النسبة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينما هم في الواقع يتبعون سنة الخلفاء الثلاثة وبالأخص عمر منهم, بل يقولون عن دينه أنه بدعة ونعمت البدعة, بل يعتبرون من يتبع سنة معاوية بسبّ علي (عليه السلام) منتنسباً للسنة متمسكاً بها مع أنه خلاف صريح لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله), وأمامك كتب الرجال فنقب بها!!
والعجب كلّ العجب!! من دعواه أخذ الدين من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا أحد في الأجيال المتعاقبة بعده قد سمع منه مباشرة إلا من عاصره, وإنّما نقلوا عنه بالرواية, فكيف يكون ما ينقله الأباعد هو سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! وما ينقله أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليس من سنته؟! فهل يوجد أعجب من هذا المدعى!! ولله في خلقه شؤون.
ونحن نسأل بدورنا: لماذا إذا نقل لكم أبناء صاحب الدعوة الشريعة عن جدهم ترفضونها, وإذا نقلها غيرهم تقبلونها؟! هل من تفسير لهذا إلا البغض والنصب!! بل كيف يمكن تقبل فكرة أن الأتباع يحفظون الدين بينما أهل البيت (عليهم السلام) أضاعوه؟!
وأمّا لماذا روايات جعفر (عليه السلام), فلأنّه معصوم لا ينقل لنا إلاّ قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشرعه بالقطع من دون نقص أو زيادة أو تحريف أو تبديل, ومن هنا نبع الإهتمام برواياته وروايات غيره من الأئمة (عليهم السلام) أبائه وأبناءه, لأن قولهم هو قول رسول الله (صلى الله عليه وآله), فالإهتمام أوّلاً وبالذات بقول وشرع رسول الله (صلى الله عليه وآله), ومن هنا يتبين أن الأخذ بقول الأئمة (عليهم السلام) والصادق منهم (عليه السلام) هو بالحقيقة أخذ بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله), لا إلاستغناء عن قوله كما عند البعض الذين يأخذون بقول فلان وعلان وإن خالف قول رسول الله (صلى الله عليه وآله), وهو أيضاً احتفاظاً بالأصل لا ما حرّف وبدلّ وغير, فقول الصادق (عليه السلام) هو نفس قول الأصل (صلى الله عليه وآله) بل هو هو, فلاحظ.
وقوله: ((لماذا جعفر دون غيره من الأئمة....الخ)) ما هو إلا مغالطة منه, لأنّ قول جميع الأئمة (عليهم السلام) بنفس المستوى من الحجية عندنا لا نفرق بين أحد منهم, بل هو أصل في عقيدتنا, فما نسبه لنا من الاقتصار على قول الصادق (عليه السلام) فقط كذب لا غير, والشيعة لم يقتصروا على التلقي منه..
نعم, ما وصلنا من الروايات عنه وعن أبيه الباقر (عليه السلام) أكثر من بقية الأئمة (عليهم السلام), وذلك لما سمحت لهما الظروف الموضوعية في وقتهما من نشر العلم فزاد عدد الناقلين عنهم, وما النسبة إلى جعفر الصادق (عليه السلام) إلا من أجل هذا لما كثر الناقلون عنه في الأمصار واشتهروا وعرفوا وخرجوا إلى العلن.
وقوله: ((لماذا جعفر وليس الإمام المنتظر (عليه السلام)... الخ)) يتضح جوابه مما سبق.
وأمّا الأدلة على وجوب إمام في كلّ وقت, فقد مضى ذكرها فلا نعيد, والإمام المنتظر قد قام بأعباء الإمامة كما كان يقوم بها آباؤه من قبله, وما فات الناس من اللطف بتصرفه جاء بسببهم وتقصيرهم, فإذا منعوا الإمام من بسط يده يكونوا هم المقصرين, ولا يقال أنّ الإمام (عليه السلام) مسلوب القدرة فلماذا هو إمام؟ بل الإمام له كامل الأهلية والقدرة لما ثبت له من العصمة والصفات الأخرى.
وما يوجد عند كلّ إمام يكفي للعمل بالدين كما كان يكفي ما يوجد عند رسول الله (صلى الله عليه وآله), ولكن تمامية وسعة النقل لكلّ تفاصيل الشريعة يحتاج إلى وقت واستمرار عدد من الناقلين المعصومين, فافهم.
وما نقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بطريق موثوق عندنا لم يكن بتمام الشريعة ولم يحصها بتمامها وكمالها غير الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام), وأمّا دعوى المبطلين فلا شأن لنا بها, فما وصلنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو من أحد من الأئمة (عليهم السلام) نأخذ به ولا فرق, ولكن بشرط الوثوق بالطريق.
وقوله: ((وبعضهم يجيب إجابة باردة يقول: أنتم تأخذون رواياتكم عن الصحابة ونحن نأخذ رواياتنا عن أهل البيت وهذا جواب من لا يتصور ما يقول)).
ونحن نقول له: بل أنت لم تتصور ما تقول! لأنك لم تتصور أو لم ترد أن تتصور المقارنة الصحيحة التي نقول بها فأوردت من وهمك ما شاء لك من الدعاوى والمغالطات, فمن من الشيعة يجعل الأئمة (عليهم السلام) في عرض رسول(صلى الله عليه وآله) ويقارن بينهم؟! بل أن إجماع الطائفة على أن العلاقة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة علاقة طولية لا عرضية, فلا يكون الأئمة (عليهم السلام) في مقابل رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما يكون عمر مثلاً في مقابل النبي (صلى الله عليه وآله) عندكم, كما في قصة أسرى بدر, أو الصلاة على المنافقين, أو المتعتين, أو صلاة التراويح!
فالشيعة لا تروي عن الأئمة (عليهم السلام) وتتوقف عندهم على أنهم (عليه السلام) في عرض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقولهم مقابل قوله كما تدعي! بل تروي عنهم لأنّهم المعصومون الذين لا ينقلون إلا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقطع.
نعم, أنت تريد أن تحمّلنا كيفية تعاملكم أنتم مع أهل البيت (عليهم السلام) على أنهم أناس عاديون حالهم حال الرواة الآخرون, ثم تشكل علينا بهذا الإشكال! ولم تتنبه إلى أن هذا الإشكال نابع من وهمك وما تتصور وتعتقد أنت وأسلافك فيهم, لا ما نعتقده نحن فيهم من عصمتهم وإمامتهم, فما تريد أن تفرضه علينا هو الجور والمغالطة والكذب لا غير.
وعليه لو قارنا بين أهل البيت (عليهم السلام) وبين الصحابة ومن يدعى له الصحبة, تكون الكفّة راجحة للأئمة (عليهم السلام) بلا ريب, بعد ذلك لو قارنا بين أصحاب الأئمة (عليهم السلام) وبين أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله), يكون الأمر بين بين - لأنّ كلّ أحد من الطرفين مرهون بعمله ـ, ولو قارنا بين أصحاب الأئمة (عليهم السلام) ومن يدعى له الصحبة أو خان الصحبة ونكث, تكون الكفة مع أصحاب الأئمة (عليهم السلام) بلا ريب أيضاً.
فالمنهج الموضوعي للأخذ بالرواية إذن سواء المنقولة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو المنقولة عن أحد الأئمة (عليهم السلام) هو تمحيص سندها لكي نحصل على الوثوق بالصدور, ثم نأخذ بما يطابق الموازين العلمية بلا فرق.
ولم يدّع أحد عصمة الرواة, فهذا فرض غير واقع! وإنّما أجمعت طوائف المسلمين على تطبيق قواعد علم الحديث والجرح والتعديل.
وأمّا قوله: ((ولماذا؟ فالدين نزل على الرسول فكان وجوب حفظه بحفظ رواته متعيـِّناً شرعاً وعقلاً وإلا ضاع الدين)), فهو من العجب العجاب أن يصدر منه!! لأنّه من أوّل كلامه لحدّ الآن ينقض علينا بعض هذا القول, فنحن لم نقل إلا بوجوب نصب رئيس للناس, وأن هذا الرئيس والإمام يجب أن يكون معصوماً, واستدللنا على ذلك بالعقل والشرع, وهو واحد, وأمره أوضح عقلاً وشرعاً من إثبات وجوب وجود رواة كثيرين يحفظون الدين كما يدعي هذا المدعي الآن, وهذا من أوضح الأدلة على أن الباطل متهافت ينقض بعضه بعضاً.
ولو قال: إنّ هؤلاء الرواة الذين أثبتناهم ليسوا معصومين.
قلنا: بأنك كالتي تنقض غزلها! إذ كيف يحفظون الدين وهم غير معصومين؟ ويرجع السؤال والجواب جذعة كما بدأنا من أول الكلام.
وإذا أدعى عصمتهم, فهذا أولاً نقض لقوله, ثم إنه هرب إلى ما هو أشنع من قولنا حسب عقيدته, فعندنا المعصوم واحد وعنده كثير.
وإذا قال: إنهم معصومون باجتماعهم.
قلنا: هذا أولاً إثبات لوجوب العصمة بعد الرسول(صلى الله عليه وآله), وأنت تحاول الفرار منه, ثم عليك بالدليل, فأين الدليل؟ بل نحن أقمنا الدليل على عصمة الإمام ونقيم الدليل على عدم عصمة المجموع بما هو مجموع, أو عصمة الإجماع حسب تصوركم, أو عصمة الأمة, بأنه إذا جاز الخطأ على كلّ فرد فرد كيف تجوز العصمة وعدم الخطأ باجتماعهم؟!
وقوله: ((فكيف نعقل أن الله زكى أصحاب جعفر وسلسلة الناقلين عنهم دون أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ اللهمَّ إلا إذا قلنا: أن الناقلين عن الأول هم معصومون يروون عن معصوم.....الخ)).
فنقول: لا فرق بين الرواة إطلاقاً إلا بمعايير الجرح والتعديل, ولم يدع أحد من الشيعة العصمة لرواة الحديث عن أهل البيت (عليهم السلام), فما رتبه على هذا الفرض طرفة كما وصفه هو.
وأمّا قولنا بحفظ الدين, فإنا لم ندّع حفظه بالرواة غير المعصومين, وإنما بالأئمة المعصومين (عليهم السلام), فقولك: ((فان كان هذا الواقع فأين العصمة وأين حفظ الشرع وأين حفظ الدين)) أكل من القفا! لأنّك قلبت مقدمات الدليل, إذ بعد اعترافك بأنّ الرواة غير المعصومين لا يحفظون الدين, لا يخرج قولك عن أمرين: إما أن تلتزم بوجود إمام معصوم يحفظ الدين, وإما أن تلتزم بعدم حفظ الدين والرسالة الخاتمة. وإذ لا مجال للثاني فلا يبقى إلا الأول, وهو ما نقوله, فيجب على الله لحكمته ولطفه نصب الإمام, وإذا ألجاه الناس إلى الغيبة ولم يأخذوا بتصرفاته المعصومة أتوا من قبل أنفسهم وتتم الحجة عليهم.
وقوله: ((الشيعة يجرحون رواتهم: فكيف إذا كان الناقلون عن جعفر الصادق وغيره من الأئمة مجروحين في المصادر الرجالية المعتمدة عند الشيعة أنفسهم قبل غيرهم...)) يجعلنا نستغرب من غفلته! إذ ما فائدة كتب الرجال إذا لم يكن فيها جرح وتعديل؟! ثم إذا كان الجرح الموجود في كتب الرجال عندنا مثلبة فلماذا يوجد في كتب رجال السنة؟! بل لنا أن نرتب ملازمة على قوله: من أنه إذا كان جرح بعض الرواة خطأ عند الشيعة ولا يوجد عند السنة مثله, وبالتالي لا يوجد في رواة السنة مجروحين, فلماذا أصلاً ألـّفوا في الرجال؟
وإيهامه في عبارته إطلاق الجرح لكلّ الرواة عن جعفر الصادق (عليه السلام) وباقي الأئمة (عليهم السلام) كذب مفضوح! فإنّ كتب رجال الشيعة مثل كتب غيرهم فيها الجرح والتعديل, ولا نعرف لماذا الاستغراب من الجرح عند الشيعة ولا يستغرب من الجرح عند السنة! وهل يفترض بالشيعة أن يعدّلوا ويوثقوا كلّ الرواة حتى المجروحين؟!
وأمّا ما ذكره من أمثلة الجرح لبعض أصحاب الأئمة (عليهم السلام), فإنّه نابع عن جهله بقواعد ومباني الجرح والتعديل عندنا, بل أنه لم يطلع على ما قاله علمائنا في هؤلاء الأصحاب, مع أنه يجد مثل ذلك بل أكثر في رواته, ولكن إذا أتبع الهوى ذهب الإنصاف.
ثم أنّا لا نعرف ماذا يريد بأنه ليس في الرواة (عن الأئمة) أحد من أهل البيت (عليهم السلام)؟ إذ لو كان المدار على النقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنّ أئمتنا (عليهم السلام) من الناقلين عنه (صلى الله عليه وآله) وهم من أهل البيت (عليهم السلام), وإن كان المقصود رواة آخرين من أهل البيت غيرهم (عليهم السلام) فهو وهم لم يوقعه فيه إلا عدم الإطلاع والجهل.
وأمّا دعواه بأنّ في رواتهم - أي أهل السنّة - من أهل البيت (عليهم السلام) مثل علي (عليه السلام), فما هو إلا إمامنا الأول, وكثرة رواياته عندهم بالنسبة إلى غيره من خلفائهم - وإن كان قليلاً بمقدار علمه - فليس بمستغرب بعد أن كان أعلمهم وأفقههم وأقضاهم, وهل يقارن التبر بالتراب!
وأمّا إدعاءه بأنّ نساء النبي (صلى الله عليه وآله) من أهل البيت, فهي دعوى أجاب عليها علماء الشيعة منذ مئات السنين تجد تفصيل ذلك في مضانّه, ولكن ما أستدل به من الآية يدحض قوله, قال تعالى: (( وَاذكُرنَ مَا يُتلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً )) (الأحزاب:34), إذ أين نسبة البيوت لهن من كونهن من أهل البيت؟ فمن الواضح أن البيوت جاءت على الجمع ونسبت لهن من حيث السكن, إذ هي بيوت النبي (صلى الله عليه وآله) في الواقع, وهو ما يوضح أن المقصود هو حجراتهن - أي بيوت الطين التي كان النبي (صلى الله عليه وآله) يسكنهن فيها - وأين هذا من مصطلح أهل البيت - أي أهل بيت الشرف والذروة ـ؟!!
9- قوله: ((لا يوجد إلا علماء غير معصومين... الخ)).
نقول: يرد عليه بعّدة نقاط:
أولاً: إن ظاهر ما أدعاه غير صحيح, فقد وجد للشيعة أئمة معصومون في زمن الظهور إلى أكثر من ثلاثة قرون, ولم يصل الأمر إلى الفقهاء والعلماء إلا بعد نهاية الغيبة الصغرى.
ثانياً: لا يوجد عند الشيعة الآن علماء فقط من دون معصوم, فإن الشيعة تعتقد بحياة الإمام الثاني عشر (عجل الله فرجه), وأن الفقهاء نواب عامون عنه, نعم لا يوجد على حال الظهور إلا العلماء المجتهدون بسبب غيبة الإمام لما فصلنا سابقاً.
ثالثاً: إن فقهاء الشيعة ليس كغيرهم من فقهاء المسلمين, لأنهم لا يستنبطون الحكم إلا بعد الخضوع والإتباع لقواعد صارمة رسخها المعصومون عبر ثلاثة قرون في عقول تلاميذهم حتى وصلت إلينا عبر أجيال العلماء, وتفصيل هذه القواعد في علم أصول الفقه.
وهذا الخضوع لهذه القواعد يؤدي إلى الابتعاد قدر الإمكان عن الخطأ والانحراف عن الخط العام للشريعة, ولا يقع عملاً إلإّ في الجزئيات وبعض الفروع البعيدة, خلافاً للآخرين المعتمدين على القياس والاستحسان وغيرها من قواعدهم التي ما أنزل الله بها من سلطان.
رابعاً: إن ما يفتي به علمائنا الآن يصطلح عليه بالحكم الظاهري - أي الذي وصل إلينا بالأدلة الاجتهادية - مقابل الحكم الواقعي الموجود عند المعصوم والحفاظ على الدين والشريعة بشكل كلي وتام يكون بالحفاظ على الحكم الواقعي الثابت إلى يوم القيامة وهو عند المعصوم ولذا أوجبنا وجوده في كلّ زمان.
ونحن لا نعتقد التصويب بما يستنبطه العلماء - أي لا نقول بصحة كلّ ما أفتى به العلماء وأنه حكم المكلف واقعاً - كما يلتزم به مخالفونا, بل نحن من المخطئة الملتزمين بإمكانية إصابة المجتهد للواقع وعدمه, ومن هنا كان حكمه حكماً ظاهرياً. نعم أن الحكم الظاهري تبرأ به الذمة لأنّه حكم المكلف حال عدم وصول الحكم الواقعي.
فهذا المستشكل لم يفرق بين أن يكون الحكم صحيحاً مطابقاً للواقع المنزل من الله, وبين براءة الذمة, وظن وجود التلازم بينهما من الطرفين! بينما الصحيح أن براءة الذمة أيضاً تحصل بالحكم الظاهري المبين من عند المجتهد كما تحصل بالحكم الواقعي لو علم به المكلف.
ومن هنا ظهر الخلط في قوله: ((فهل ما يدعوننا إليه صحيح تطمئن إليه النفس وتبرأ به الذمة أو لا؟ فان كان صحيحاً مبرئاً للذمة فلا حاجة للمعصوم...الخ))! فالذي عندنا من فتوى المجتهدين هو الحكم الظاهري.
أمّا لماذا لا يظهر المعصوم ويبّين لنا الحكم الواقعي, فهذا قد أجبنا عليه سابقاً من أنهم أي المكلفين أتوا فيه من قبل أنفسهم وتقصيرهم ومنعهم الإمام من بسط يده.
وأمّا ذمة الشيعة في التكاليف فهي بريئة بعد وصول الحكم الظاهري لهم. نعم لم يحصل المقصود من الدين تماماً لحد الآن, ولذا نحن نقول بوجوب ظهور إمام يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت ظلماً وجورا.
وقوله: ((ألم يترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو أعظم مربٍّ وأعظم معلم عرفته البشرية علماء يبلغون الدين؟....الخ)), إن كان يقصد به أنه ترك علماء عندهم كلّ ما في الشريعة الإلهية والرسالة المحمدية وعندهم كلّ ما يحتاجه الناس, فهم أئمتنا المعصومون (عليهم السلام) وأولهم علي (عليه السلام) وهو ما ندعيه, وإن قال أنهم غيرهم كذب, وكذّبه أسلافهم لعدم وقوع هذه الدعوى من أحد منهم, بل أنهم اعترفوا بجهلهم في كثير من الأحيان.
وإن أراد أنه (صلى الله عليه وآله) ترك علماء نالوا حظاً من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشريعته, قلنا: بوجود من عنده كلّ الشريعة فنحن في غنى عن هذا البعض. ثم إن هذا البعض الموثوق به هم من تبع أمير المؤمنين (عليه السلام) عندنا لا غيرهم الذين أدعوا العلم كذباً وزوراً وتصدوا للإفتاء والحكم, وهناك الكثير من الروايات تشير الى ذلك عندنا.
وأمّا من جاء بعدهم ممن يدعي العلم من أصحاب المذاهب وغيرهم, فإنهم إمّا مبطلون أو خلطوا حقاً وباطلاً, لأنهم لم ليستوعبوا كلّ الشريعة وأخذوا جهالة من جهالات وخلطوها ببعض الحق ثم استنبطوا منها بآرائهم ما أخذه الناس منهم والله ورسوله (صلى الله عليه وآله) بريئان منه.
والعلماء الذين يرثون العلم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) علماء الحق المتبعين للموازين والقواعد الشرعية لا كلّ من يدعي العلم, إذ أنّ الوراثة تتحقق بمن يرث العلم الذي جاء به رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعلاً لا ما قاله برأيه واستحسانه.
وأمّا ما ذكره بعد هذا إلى آخر الكلام فهو تكرار لما مضى قد أجبنا عليه سابقاً.
10- قوله: ((اللطف بين الحقيقة المرة والخيال الجميل: أن نصب إمام معصوم يمنع الناس من الوقوع في الزلل والاختلاف لطف وكلّ لطف واجب على الله).
نقول: أولاً: القول بقاعدة اللطف ليس خيالاً وإنما هو قاعدة كلامية مبنية على مقدمات عقلية, ولكن كما أشرنا سابقاً في أول الجواب أن الظاهر من كلام هذا المستشكل أنه من أصحاب المذهب المادي.
ثانياً: لم يقل الشيعة في وجوب نصب الإمام هذا المعنى الذي أورده, وحتى لو كانت هناك مثل هذه العبارة ((ان نصب إمام معصوم...الخ)) عند أحد الشيعة فإن الواجب على المستشكل أن يتحرى مرادهم منها لا ما يفهمه من ظاهرها, فقد أشرنا سابقاً عند كلامنا عن هذه المسألة في النقطة رقم (1) من أن الشيعة تقول بوجوب نصب إمام معصوم يكون المفزع والحجة عند الاختلاف لا أنه يرفع الاختلاف جملة, وانه إذا وجد الإمام فلا يوجد خلاف أصلاً, فإن هذا واضح البطلان, ولم يحدث حتى في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله), مع أن وجود الرسول(صلى الله عليه وآله) ووجود الإمام (عليه السلام) من شأنه أن يرفع الخلاف.
وبعبارة أخرى أكثر صناعة: إنّ الإمام رافع للخلاف بالاستعداد والأهلية الذاتية ويمكن أن يحدث هذا بالفعل خارجاً, فهو رافع للخلاف عند الرجوع إليه!
وأمّا عدم اشتراطهم الظهور فيه, فقد بينا أيضاً سابقاً أن هذا اللطف فيه ثلاث جهات مترتبات طولاً كأصل وفرع ووسط, أولها: وجوب وجود الإمام على الله, وثانيها: تهيئة الإمام نفسه, وثالثها: تمكين الأمة له من بسط اليد. فإذا لم تمكنه فقد حرموا هذا اللطف من قبل أنفسهم, واختلال الجهة الثالثة لا يؤثر في وجود الجهتين المتقدمتين, ولكن هذا المستشكل غفل عن هذا!!
وقوله: ((وانما جعلوا اللطف في مجرد خلقه ووجوده...الخ)), فقد بينا ما فيه عند ذكرنا للجهات الثلاث.
وقوله: ((لا يدعو إلى نفسه ولا يعرف بها)), دعوى بدون دليل, بل نصوصنا متواترة في الدعوة إلى نفسه بالشروط الموضوعية التي تحتمها الغيبة, بل عندنا أدعية مأثورة تفيد ذلك.
وقوله: ((بل ينكر كونه إماما)), دعوى أخرى ادعاها دفعاً بالصدور.
وقوله: ((أو كان مشتبهاً لا يميّزه الناس عن غيره الذين يدعون دعواه نفسها), فإن الاشتباه يقع عند المفتونين لا عند المهتدين, وهل خلا نبيّ أو ولي من شيطان من الإنس يبطل عليه دعواه! وإنما يميز النبيّ أو الإمام الدلائل النيرات التي يتبعها أصحاب البصيرة.
وقوله: ((أو غائباً لا يمكن أن يراه أو ينتفع به أحد)), فإن دعوى عدم الانتفاع به دعوى أخرى من دعاويه الكثيرة.
وأمّا مثال المعلم الذي ذكره, فإن التمثيل يجب أن يطابق الممثل به حتى يؤدي الغرض المطلوب منه, وأمّا التمثيل بمثال حسب تصوره وما يتوهمه دون مراعاة المطابقة مع ما يدعيه صاحب الدعوى فهو تمثيل لا فائدة منه وبعيد عن الحقيقة!
وإليك نفس المثال نحاول مطابقته مع ما ندعي: فلو علمت حكومة ما أن هناك مجموعة من الناس في قرية أو مدينة لا يمكن إيصالهم إلى الحضارة والرقي المطلوب الموصل لكمالهم التام إلا بتعليمهم بعلم خاص كامل تام عن طريق معلم فذ, وإن ترسيخ هذا العلم يحتاج إلى وقت وتعاقب معلمين لهم مواصفات خاصة لمدّة زمنية معينة, وإلا ضاع هذا العلم أو شوه ولم تصل هذه المجموعة من الناس إلى ما تريده لها الحكومة, كان واجباً على الحكومة إرسال هذا المعلم مع المعلمين الذين يتبعونه بهذا العلم الخاص مع وسائل الحفاظ عليه من التشويه والتحريف. ولكن هؤلاء الناس ونتيجة لسيطرة كبرائهم ومترفيهم وطالبي السلطة فيهم سواء كان عن طريق الترغيب أم الترهيب قاتلوا ومانعوا المعلم الأول حتى غلبهم, ثم إنهم رفضوا وقتلوا من جاء بعده من المعلمين, كلما قام معلم بعد معلم قتلوه ومنعوه من بث العلم, فلم يبق أمام الحكومة إلا خياران, إمّا أن تتركهم وشأنهم دون تعليم, أو تلجأ إلى طريق آخر يؤدي إلى بعض الغرض حسب الضرورة, فإن اختارت الحكومة الخيار الأول, لم يكن عندها حجة وجواب إذا طالبها هؤلاء الناس بحقوقهم في المساواة والعدالة مع بقية القرى والمدن, فضلاً عن أن من واجبات الحكومة - كحكومة بغض النظر عن المطالب - أن تراعي مصالح رعاياها, وإن رفض هؤلاء الرعايا فلم يبق إلا الخيار الثاني, وهو أن تبقى تستمر بإرسال المعلمين وإن عورضوا أو قتلوا لما سيكون لإرسالهم من النفع وإن لم يكن كاملاً, لوجود ثلة من الناس تقبل بهم وتأخذ عنهم وإن كان سراً وخوفاً وأنهم سيعلّمون جيلاً بعد جيل إلى أن يصبحوا ذا تأثير وقدرة لمساندة المعلم الأخير. ثم إنّ الحكومة ترسل المعلم الأخير وتعطيه من المواصفات والعلامات بحيث يستطيع أن يعرفه من أراد, وأن هذا المعلم يتحرك بطريقة حكيمة سرية تجنبه القتل, فيأخذ من تلاميذ المعلمين السابقين ناطقين عنه لعبور مرحلة الخوف إلى أن تتوفر له الظروف المناسبة للتعليم العلني, مع أنه متواجد دائماً مع هؤلاء الناس يؤدي جزءاً من وظائفه وإن كانت غير علنية, وهؤلاء الناس الذين اتبعوا المعلمين السابقين يعلمون بوجوده وإن لم يعرفوا شخصه, ويعلمون أنه سيأتي اليوم الذي يستطيع أن يعلمهم دون خوف بما يوصلهم إلى سعادتهم وكمالهم, فهم دائمي الجهد والسعي للوصول إلى ذلك اليوم بتكميل نفوسهم وربط قلوبهم واستزادتهم من العلم حتى يكونوا أهلا ً لمساندة هذا المعلم, ولا يجدون في ذلك أدنى تعارض لمبادئ العقل أو الدين وإن كان كبرائهم وأتباعهم يسخرون بهم وينفون وجود هذا المعلم, فهل تجد في مثل هذا المثال تصادم مع العقل؟
وقياساً على هذا المثال يكون الكلام على المثال الثاني والثالث بخصوص القاضي وشرطي المرور فلا نكرر, مع أن مثال شرطي المرور لأحمد الكاتب قد أجبنا عليه في أجوبة سابقة.
وأمّا حصول اللطف بوجود الإمام, فقد بيناه بما يكفي فلا نعيد.
وقوله: ((أن الواحد منا - كما يقول الرازي - إذا احتاج...الخ)).
نقول: قد ذكرنا سابقاً أن هذه الشبهات مأخوذة من كلام القاضي عبد الجبار صاحب المغني الذي أجاب عليه السيد المرتضى, والمستشكل هنا يشير إلى بعض كلام الفخر الرازي, ولكن لا ينقضي العجب من هذا المتعالم!! لم لم يطلع على ردّ السيد المرتضى وأخذ كلام صاحب المغني وكأنه آخر ما في الباب, مع أن طريقة العلماء خلاف ذلك!
ألا ترى صاحب شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد كيف أخذ رد المرتضى على القاضي آخراً وقام بالرد على الرد!! فكان الأولى بهذا أن يوفر الوقت والجهد ويطلع على الردود التي أجاب بها علمائنا سواء على القاضي أم الرازي ثم يرد عليها - إن إستطاع - ولا يكلفنا ما نستنزفه من وقت للرد عليه.
وعلى كلّ فإن جواب ما ذكره الرازي قد وضح ممّا قدمنا, فان ما فات المكلف من لطف قد أتاه من قبل نفسه ولا حجة له على الله مع ما في قوله: ((فلو أتى بكلّ حيلة لم يجد منه البتة أثراً ولا خبراً)) من تعميم لا نقبله, فانه من المقطوع به لقاء بعض الكمل للإمام (عليه السلام) بما بذلوا من جهد لتهذيب نفوسهم.
وكذلك قوله: ((وإذا كان القصد من نصب الإمام المعصوم إمّا منفعة دينية أو دنيوية فالانتفاع به يعتمد على إمكان الوصول إليه فإذا تعذر...الخ)), من كلية لا نقبلها أيضاً! فإن إمكان إيصال المنافع من قبل المعطي لا يستلزم لا عقلاً ولا شرعاً ولا عرفاً وصول المعطى له ولقائه بالمعطي, فمن أين له هذا الشرط والتلازم؟! ولو سلمنا ذلك في بعض المنافع فإنا لا نسلمه في بعضها الآخر, بل أن المنافع العظمى غير ناظرة إلى الوصول واللقاء أو عدمه, ألا ترى أن منفعة الملك أو الرئيس ممكن أن تصل إلى الرعية دون أن يصلوا إليه! هذا كله في المنافع الخاصة بالأفراد أمّا المنافع العامة الشاملة للكلّ خاصة في الدين فالأمر أوضح.
وأوضح في البطلان قوله: ((لو كان مثل ذلك واجباً على الله لفعله)), فإن فيه مغالطة قلب المقدمات على النتائج! ثم من أين لك أن الله لم يفعله؟! وهل كلامنا إلا في هذا !
قوله: ((بين الإمام والنبي: وإن احتجوا بأنّ كثيراً من الأنبياء كانوا مقهورين بل أن بعضهم قتل دون أن يحصل لهم التمكين قيل: هذا قياس مع الفارق)).
نقول: إن فيما قاله هنا كلام كثير:
فأول ما فيه أنه اعترف بأنّ النبوة لا تسلب عند عدم التمكين, بل حتى عند القتل والقهر, فكذا الإمامة على قولنا لأنها منصب إلهي كالنبوة.
ثانياً: ان هذا القول لو قاله أحد من الشيعة فالظاهر أنه يورده مورد النقض, ولم يبين هذا المستشكل هذا المورد! فإن الشيعة ينقضون بما مضى من الأنبياء في موردين, والظاهر أنه خلط بينهما مع أن ما ذكره من الفرق لا مدخل له فيهما معاً:
المورد الأول: عندما يورد من يقول باللطف على الإمامية (قولهم بالإمامة وإن لم يكن هناك تمكين وبسط اليد), بأنه كيف تكون الإمامة لطف مع عدم بسط اليد, فإن فيه نقض للغرض وعدم تحقق فائدة حصول الإمام؟
فيكون الجواب بالنقض بوجود كثير من الأنبياء لم يحصل لهم بسط اليد والتمكين مع إقراركم بأنّ النبوة لطف. وهذا المورد كما ترى لا يؤثر فيه الظهور والاشتهار وعدمهما لأن مورده المفروض مناقضة عدم التمكين للطف, وهو يتم في زمن حضور الإمام أو غيبته لأنه منصب أساساً على أصل وجوب الإمامة وكونها لطفاً أو لا, فسواءاً عرف الإمام واشتهر كما في زمن الحضور أم غاب ولم يعرف فان مورد الإشكال ونقضه موجود.
وهذا رجوع من المستشكل إلى بداية البحث بعد أن انتقل في عدّة مواضع منه من زمن الحضور إلى غيبة الإمام, وقد تكرر هذا الرجوع عدّة مرات قبل هذا, وهو من أوضح الدلائل على الخلط وعدم ترتيب المباحث, وانما جمعها من هنا وهناك, وإلا فكيف يستقيم أن يستشكل من لا يقول باللطف باشكالٍ يورده من يقول به إلا على طريقة الخلط والجمع!
المورد الثاني: عندما يقول المنكر لإمامة المهدي (عجل الله فرجه) بأنّ الغيبة تنقض الإمامة إذ كيف يكون إمام واجب الطاعة وهو غائب؟
فيكون الجواب بالنقض من الشيعة بغيبة الكثير من الأنبياء ومنهم نبينا محمد(صلى الله عليه وآله) في الغار والشعب, والاشتهار والمعروفية وعدمها غير مؤثرين هنا أيضاً, لأن ثبوت النبوة والإمامة غير منوط بهما, وإنما بالإصطفاء الإلهي وما يراه الله من مصلحة. نعم, إن الاشتهار والمعروفية مؤثرة في تنجز التكليف بالطاعة على باقي الناس. وهذا ما سيأتي الكلام عليه في مناقشة قوله التالي وعليه يظهر ان النبيّ والإمام متساويان هنا, وقد ظهر من كلّ هذا ان الفارق الذي ذكره غير فارق.
قوله: ((فان كلّ نبيّ بعثه الله إنما أعطاه من البينات والحجج الظاهرة ما بها يعرف ويشهر بين قومه....الخ)).
نقول: انه لم يبين لنا أن هذا الظهور للبينات والحجج؟ ومن ثم الاشتهار كان بعد حياة النبيّ أو في أواخرها أو في بدايتها؟
فإن قال: بعد حياة النبيّ أو في أواخر دعوته.
قلنا: لحد الآن لم تنته حياة الإمام (عجل الله فرجه) ولم يصل إلى أواخرها أو أواخر دعوته على ما نقول من طول حياته, وأن الله سيمكنه في الأرض ويظهر على يديه من الحجج والبيانات ما سيشتهر في كلّ العالم, ويكون سببا لدخول الناس تحت رايته والإيمان بالإسلام وترك مذاهبهم ودياناتهم السابقة, فيتساوى بذلك النبيّ والإمام.
وإن قال: في بداية حياته أو دعوته.
قلنا: هذه دعوى تكذبها الوقائع, ومنها سيرة نبينا محمد(صلى الله عليه وآله) فانه بدأ دعوته في سرية استمرت لعدّة سنوات وأظهر بعض البينات والحجج وهي لم تشتهر عند كلّ الناس كما هو حاصل في إمامنا الحجَّة المنتظر (عجل الله فرجه), بل لم يكن يعرف نبينا ونبوته إلا العدد اليسير, وإمامنا الآن أمره معروف ومنتشر في كلّ العالم ووصل الحال إلى من يعرفه ويؤمن به ومن يعرفه ولا يؤمن به إلا النزر اليسير, فاستوى النبي والإمام هنا أيضاً.
بل أنه لو احتاج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أن يظهر نفسه حتى يعرف وتتم الحجة به, فان إمامنا قد أخبر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآبائه (عليهم السلام) حتى بان وعرف.
بل أن النبيّ يجهر بدعوته ويتحمل كلّ أنواع الأذى ما لم يصل الأمر إلى حدّ القتل, كما هرب موسى (عليه السلام) من مصر, واختفى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الغار عندما وصل الأمر إلى القتل, وكذا غيبة إمامنا المهدي (عجل الله فرجه) كانت لخوفه القتل, وكان آباءه الأئمة (عليهم السلام) يتحملون كلّ أذى في سبيل الدين ويدفعون عن أنفسهم القتل بالتقية أو إنكار دعوى الإمامة أمام سلاطين وقتهم أو استعمال السرية في تحركاتهم.
وإذا كان هناك عصمة من القتل من قبل الله فهي بحيث لا تكون بسلب الاختيار بحيث يؤدي إلى الجبر بل بأمور ووسائل يمكن الله أنبياءه من استخدامها وإتباعها, كما حدث ليلة الهجرة لرسول الله (صلى الله عليه وآله), أو سنوات الحصار في الشعب, ومنها الغيبة لإمامنا الحجة المنتظ ر(عجل الله فرجه), وكان الله يمنع القتل عن أنبياءه وأولياءه بهذه الوسائل إلى أن يؤدوا الوظائف المناطة بهم ويتموا مهمتهم.
ودعوى كون مثل هذه العصمة خاصة بالرسول(صلى الله عليه وآله) دعوى بدون دليل! ولكن المستشكل في دعواه هذه العصمة ناقض نفسه إذ قال: ((ولو كان الأشخاص الذين اتخذهم الشيعة أئمة مأمورين بالتبليغ كما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعصمهم الله تعالى من الناس كما عصم رسوله)), ولكنه قال قبل أسطر من هذا: ((وكان كلّ نبيّ يظهر نفسه ويجهر بدعوته رغم ضعفه ويقيم الحجة الباهرة القاهرة على صدقه بحيث يصل ذلك إلى كلّ من أرسل إليهم ويجب عليه تبليغهم وهم قادرون لو أرادوا - لاحظ أين العصمة المدعاة!! - على الوصول إليه)).
مع أنا نناقش في كيفية هذه العصمة ونوعها كما سبق, فإن النبيّ (صلى الله عليه وآله) كما قلنا يتحمل كلّ أذى مهما كان شديداً إلى أن يصل الأمر حدّ القتل, وأن الله يدفع عنه هذا القتل بشتى الوسائل.
ثم إن هذه العصمة المدعاة عن القتل أصلها جاء من دعوى عائشة في تفسيرها لآية العصمة من الناس, وذلك لحرفها عن سبب نزولها بحق التبليغ بولاية علي (عليه السلام) يوم الغدير, وإلا لما لجأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الغار هرباً من قريش لمّا هموا بقتله, بل أن نفس رواية عائشة تنفي العصمة المطلقة من القتل على طول حياة النبي (صلى الله عليه وآله), لأن فيها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يحرس قبل نزول الآية ثم ترك ذلك بعد نزولها.
ودعوى هذا المستشكل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يبلغ دون خشية من أحد, دعوى تكذبها حماية أبو طالب له(صلى الله عليه وآله)! نعم, ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأنبياء (عليهم السلام) يتحملون كلّ أذى ما لم يصل الأمر إلى القتل, وهذا عينه جار في أئمتنا (عليهم السلام) والمهدي المنتظر(عجل الله فرجه).
وأمّا قوله: ((لم يتمكنوا من حماية أنفسهم الأ بـ(التقية) والكذب), فهذا سوء أدب منه واتهام لأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونصب وعداوة لهم!! وإلا فالتقية غير الكذب, ولكن ما تخفيه الصدور يظهر على الألسن.
قوله: ((روايات مجنحة لا تستقيم مع الواقع: روى الكليني بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) ما يلي: لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام...الخ)).
نقول: إنّ هذه الروايات وصلت حدّ التواتر المعنوي, وبالتالي فان مضمونها قطعي الصدور, وعليه فقد تعاضد الدليل العقلي مع النقلي المقطوع به على وجوب وجود إمام في كلّ زمان.
وقوله المستشكل: ((روايات مجنحة)) لم نفهم المراد منه؟ فماذا يقصد بانها مجنحة؟! إلا إذا كان يريد منه تعبير صحفي معناه إنـّها خيالية! ولكنه لم يذكر لماذا هي خيالية؟ فقد أثبتنا له فيما مضى عقلية وجوب وجود إمام في كلّ زمان, أمّا إذا كان يقصد مقولة أحمد الكاتب: ((من أنها متناقضة مع نفسها)), فإن مجنحة بمعنى خيالية غير معنى التناقض مع نفسها, هذا.
وأمّا دعوى الكاتب على هذه الروايات بأنها تنقض نفسها بنفسها, فظاهره أنه لا يعرف معنى التناقض! إذ هو مقابلة بين السلب والإيجاب, والروايات المذكورة لا يوجد فيها إيجاب شيء ثم سلبه. نعم, ربما يتوهم الكاتب أن هناك بعض الملازمات لمفاد هذه الروايات تنافي منطوقها ومعناها, ولكن ذلك لا يعدو عن كونه توهمات ناتجة عن عدم إحاطة كافية بالمراد من هذه الروايات, إذ تنص الروايات على وجود إمام وحجة على الأرض, وأنه لابد أن يعرف حتى تتم حجيته على الخلق, وهذا غير معنى كونه مبسوط اليد ومتمكن وحاكم فعلي, وغير كونه ظاهراً.
لكن الكاتب توهم أن هناك ملازمة بين الحجية وبين بسط اليد وإدارة المجتمع والظهور وانهما لا ينفكان! ولكنا قد بيّنا سابقاً أن الإمام والحجة لطف من الله يهيئ ويمهد الطريق للعبد إلى الهداية ولا يصل إلى حدّ الإلجاء, فالكاتب لم يفهم معنى كون الحجة من شأنه الهداية وأنه كالمنار يهدي من يريد الوصول, لا أنه يهدي بالجبر وسلب الإختيار, فهو هادي بالفعل للناس إذا لم يكن هناك مانع من هدايته وبسط يده وإدارة المجتمع, وقد بينا فيما سبق بما فيه الكافية الأمور الثلاثة الداخلة في تحقق هذا اللطف.
فأحمد الكاتب لم يتدبر الروايات! فإن فيها التصريح بعدم الملازمة بين الحجية وبين التمكين وبسط اليد, فالروايات صرحت بعدم خلو الأرض من حجة إمّا ظاهراً أو مغموراً, إذ من الواضح أن الحجية أعم من الظهور والاستتار, لا أنها مساوية للظهور والتمكن حتى تنتفي بانتفائه كما توهمه الكاتب.
فالحجة كالعقل والمعرفة وضعا لكي يميز الإنسان بالعقل الخير والشر ويحصل بالمعرفة على الهداية, فإذا لم يأخذ بهما أتي من قبل نفسه, ولا يقول قائل بسقوطهما عن وظيفتهما وحجيتهما لذلك, فوظيفتهما الهداية بالاختيار لا بالجبر والحتمية, نعم من اختارهما يهتدي بالقطع فكذا الإمام والحجة.
وقول الكاتب: ((فكيف يمكن للإمام غير الظاهر الذي لا يعلن عن نفسه وغيره يدعي الإمامة في زمانه ويظهر نفسه دون إنكار ظاهر من الإمام...الخ)), تخرص بالغيب! فإن عدم الظهور غير عدم الإعلان عن نفسه, وعدم الإعلان لم يحصل من أئمتنا (عليهم السلام) قطعاً, كيف وقد كان لهم أتباع وأصحاب وروايات وعلوم, نعم لم يخلو اعلانهم عن تقية تحتمها الظروف الموضوعية ككلّ حركة تقف أمام التسلط والقهر والجبروت.
ولايتوهمن أحد أن غيبة الإمام (عجل الله فرجه) تعني عدم الإعلان, فإن غيبة الشخص غير خفاء العنوان! فهذا الحجة بن الحسن (عليه السلام) معروف منسوب عند الإمامية منذ عصور وعند غيرهم في هذه الازمان, نعم خفى علينا شخصه دون عنوانه.
وأمّا قوله: ((كيف يمكن للغائب أن يقوم بمهمة الإمامة والرئاسة ومهمة التبليغ وأقامة الحجة؟ وما الفرق بينه وبين المعدوم أو الميت)), فقد بينا ما فيه وجوابه فلا نعيد.
وقوله: ((الغيبة جريمة تستحق العقوبة: عاقب الله جل جلاله نبيه يونس (عليه السلام) لما ترك قومه وغاب عنهم قبل أن يقوم بما عليه تجاههم من مهمة التبليغ...الخ)), فهو لمّا وقر في نفسه من عدم عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام), ولذا جعل بقاء يونس (عليه السلام) في بطن الحوت عقاب على معصية وجريمة فعلها يونس (عليه السلام) - أعوذ بالله - وغفل عن أنّ العقوبة الإلهية التي هي جزاء على المعصية الاصطلاحية تكون في الآخرة, وأمّا ما يقع في الدنيا على الأنبياء من ابتلاءات فهو أثر تكويني لترك الأولى.
فإن يونس (عليه السلام) لمّا دعى على قومه وخرج غاضباً منهم لله لعدم إيمانهم ترك الأولى, إمّا بعدم الصبر كمال الصبر والاستمرار على دعوتهم للإيمان والصبر على صدّهم وعدم اليأس منهم والدعاء عليهم على رأي, أو أنه خرج منهم وترك العود إليهم بعد توبتهم خوفاً من نعتهم له بالكذب وظن أن الله غير مبتليه ولا مضيق عليه رزقه على رأي آخر, فخرج باختياره فابتلاه الله أن ألقاه في بطن الحوت... إلى آخر القصة. وأين هذا من الغيبة بالجبر والأكراه خوف القتل من المهدي (عجل الله فرجه)؟! وقد ذكرنا سابقاً بأنّ الأنبياء يصبرون على كلّ أذى وتضحية دون القتل فان هذا هو طريقهم, والظاهر أن يونس (عليه السلام) لم يصل به الأمر إلى القتل كما وصل مع موسى (عليه السلام) ونبينا (صلى الله عليه وآله) والحجة بن الحسن (عليه السلام), وعلى الاحتمال الثاني أنه تركهم بعد أيمانهم وتسليمهم وهذا ما لم يحدث مع المهدي (عجل الله فرجه) لحد الآن.
وأمّا دعوى هذا المستشكل بأنّ يونس (عليه السلام) خرج من قومه وغاب عنهم دون أن يقوم بما عليه اتجاههم من مهمة التبليغ, فهو كذب على نبيّ الله يونس (عليه السلام) أولاً كما تنص عليه الروايات من أنه دعاهم إلى الله ولكنهم كذبوا ولم يؤمنوا!
وثانياً: فان الأصول الاعتقادية تبطله, لأنه لا يجوز أن يتخلف النبي (صلى الله عليه وآله) عن مهمته ولا يتصور منه مغاضبة لله.
وثالثاً: أن العذاب دنا منهم واظلهم ولولا توبتهم لم يكشفه الله عنهم, فلو كان يونس (عليه السلام) لم يقم الحجة عليهم لما نزل بهم العذاب فان الله لا يعذب قوماً حتى يحتج عليهم كما هو مفاد نصوص القرآن الكريم.
رابعاً: سلمنا, ولكن قصة يونس (عليه السلام) تثبت عكس مطلوب المستشكل, فانه بغيبته لم تنسلب منه النبوة, لأنه بعد أن القاه الحوت رجع إلى قومه ومنصبه بنص القرآن (( وَأَرسَلنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلفٍ أَو يَزِيدُونَ )) (الصافات:147), فما قاله هذا المستشكل جهل ما بعده جهل!!
وقوله: ((فأين هذا الإمام... يقولون قد غاب! اليس هذا تنصلاً عن وظائف الإمامة كما افترضها الإمامية أليس هذا الإمام الغائب عاطل عن أي وظيفة...الخ)).
نقول: فيه: ان هذا ليس تنصلاً عن وظائف الإمامة, فقد ذكرنا سابقاً في الأمور الثلاثة الخاصة باللطف أن الأمر الثاني الخاص بالإمام هو تهيئة نفسه للقيام بوظائف الإمامة ولكن إذا لم يتحقق الأمر الثالث وهو تمكين الناس له من بسط يده ووصول الأمر إلى القتل فقد أتوا من قبل أنفسهم وهم المقصرون, ولو كان كذلك فيكون دخول رسول الله (صلى الله عليه وآله) الشعب أو الغار تنصلاً من الوظيفة ولا يقول بذلك مسلم.
والإمام ليس عاطلاً - نعوذ بالله - حسب قول هذا المستشكل, وإنما يقوم بوظائف الإمامة حسب القدرة وما تقتضيه الظروف إلى أن يأذن الله بالظهور, هذا مع الألتفات إلى غفلة المستشكل عن وظائف الإمام الأخرى وحصره للوظيفة بالحكومة وادارة المجتمع.
وليت عمري, أيهما أفضل إختفاء الإمام وغيبته مع مراعاته لشيعته, بل كلّ الناس بالسر, أو أنه يظهر ويقتل ويفرح بذلك أتباع دولة الشيطان بالقضاء على الإمام الحق وممثل الإرادة الإلهية على الأرض؟! مع أن قتله - لا سامح الله - ترك للشيعة والثلة المؤمنة على الأرض يواجهون مصيرهم إلى الزوال الأبدي إلى يوم القيامة. بينما الغيبة فيها حفاظ على هذا الدور بالقدر المستطاع مقابل القتل, ولعل القتل أهون على الإمام في نفسه من الغيبة وتجرع آلامها والمحن التي فيها, ولكنه (عجل الله فرجه) يصبر مقابل رفعة الدين والحفاظ على الجماعة المؤمنة حتى يسود الدين وجه الأرض كلها, فغيبته من أجل الشيعة وحرصاً عليهم لا هرباً منهم.
وأمّا عجبك من إقامة الله للحجة في الأرض, فنابع من الغفلة من الحكمة في ذلك! وعن قلّة التأمل المحايد في الأدلة العقلية! ودخول الشبهات في ذهنك من تصورك الملازمة بين وجود الحجة وبسط اليد والظهور! وعدم فهمك للفرق بين الوجوب على الله والوجوب من الله وعنه لحكمته ورحمته ولطفه بعباده!
ويا لشدة عجبنا مما وجدنا من موافقة عبارتك التي تقول فيها: ((أليس هذا هو عين الخيال والفكر المجرد بل الغرق في التجريدية والابتعاد عن الواقع)) لما استتنجناه من أول مقالك عن الواقع والخيال من أنك ذو فكر مادي! فما أكثر ما يصف الماديون الأدلة العقلية المجردة بالتجريدية بمعنى الخيال وهم لا يفهمون!!!
وفي قوله: ((فالله يجب عليه تنصيب إمام ظاهر يفصل بين الناس ويقيم حجته عليهم لكنه لم ينصبه)), من المغالطة ما لا يخفى لدسه لفظة (الظاهر) هنا! فمتى قلنا بوجوب نصب إمام ظاهر؟! بل الدليل قام على وجوب نصب رئيس وإمام للناس, وقامت الأدلة الأخرى على وجوب عصمته, أمّا كونه ظاهراً أو غائباً فله أدلّـته الخاصّة به, ومن ثم إذا وجب نصب إمام فلابد من وجوده, وليس معنى عدم معرفتك به عدم وجوده! فلا يلتبس عليك الوهم والفهم.
وأمّا قوله: ((والإمام لابد من وجوده ظاهراً ليزيل الخلاف والاختلاف...الخ)), فقد أجبنا عليه مفصلاً فلا نعيد.
وقوله: (والإمام موجود ولكن إذا سالت اين هو؟ قالوا غائب فكيف أصل إليه وكيف تقوم الحجة بشخص غائب لا وجود له...الخ)), توهم من أن الحجة لا تقوم إلا بالظهور! وإنما تقوم الحجة على المكلفين بمعرفة الإمام والإيمان به والإلتزام بطاعته, وفرق بين الظهور وبين المعرفة, وإنما الواجب على المكلفين معرفة الإمام وهي لا تتعارض مع الغيبة.
ولا تسقط الحجية على المكلفين إلا بعدم إمكان المعرفة لا بعدم حضور شخص الإمام, فقوله: ((وإذا كانت الحجة غائبة فلا حجة وإذن بطلت حجة الله على خلقه) وهم في وهم!!

يتبع

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.37 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2019 الساعة : 12:23 AM


السؤال: كلام الإمام علي (عليه السلام) للإمام الحسن (عليه السلام)لا يقدح بالعصمة

قول علي ابن أبي طالب في نهج البلاغة في وصيته لابنه الحسن رضي الله تعالى عنه حيث قال: (أَي بُنَيَّ إِنِّي لَمَّا رَأَيتُنِي قَد بَلَغتُ سِنّاً وَ رَأَيتُنِي أَزدَادُ وَهناً بَادَرتُ بِوَصِيَّتِي إِلَيكَ وَ أَورَدتُ خِصَالًا مِنهَا قَبلَ أَن يَعجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَن أُفضِيَ إِلَيكَ بِمَا فِي نَفسِي أَو أَن أُنقَصَ فِي رَأيِي كَمَا نُقِصتُ فِي جِسمِي أَو يَسبِقَنِي إِلَيكَ بَعضُ غَلَبَاتِ الهَوَى وَ فِتَنِ الدُّنيَا فَتَكُونَ كَالصَّعبِ النَّفُورِ... إلى أن قال: فَإِن أَشكَلَ عَلَيكَ شَيءٌ مِن ذَلِكَ فَاحمِلهُ عَلَى جَهَالَتِكَ فَإِنَّكَ أَوَّلُ مَا خُلِقتَ بِهِ جَاهِلًا ثُمَّ عُلِّمتَ وَ مَا أَكثَرَ مَا تَجهَلُ مِنَ الأَمرِ وَ يَتَحَيَّرُ فِيهِ رَأيُكَ وَ يَضِلُّ فِيهِ بَصَرُكَ ثُمَّ تُبصِرُهُ بَعدَ ذَلِكَ فَاعتَصِم بِالَّذِي خَلَقَكَ وَ رَزَقَكَ وَ سَوَّاكَ) (نهج البلاغة ج2 ص578 مؤسسة المعارف بيروت)
هل قوله عليه السلام لابته الحسن فاحمله على جهالتك ينافي العصمة ؟؟
الجواب:

قد ثبتت العصمة بدليل قطعي، فما يرد من الأقوال التي تحتمل القدح بالعصمة لابد من تأويلها بما يتوافق مع العصمة، وهذا كقاعدة كلية.
ثم إن كلام الإمام (ع) لا يقدح بالعصمة، فإن عدم التعرف على الشيء لو فرض حصوله عند الإمام لا يعني الوقوع في المعصية أو الخطأ أو السهو بل قد يتوقف الإمام في تلك الحال إلى أن يعرفه الله ما خفي عنه، فإن قول الإمام علي (عليه السلام) واضح في أنهم لا يعملون بذاتهم وإنما يعملون ذلك بتعليم الله سبحانه وتعالى.



السؤال: آية التحريم

قال المولى عز وجل: (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك )) وقد فسرتم سماحتكم بأن كلام الله عز وجل هنا إشفاقا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث حملها ما يتعبها فنفهم أن هناك تصرفا آخر هو أفضل من هذا التصرف وهو عدم إتعاب نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأكل من ذلك العسل، ولكن العصمة هي عصمة من الذنب والخطأ أيضا أي أن جميع أفعال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هي الأفعال المثالية التي لا يوجد فعل آخر أفضل منها، فكيف نزيل هذا اللبس؟

الجواب:

إنما صارت أفعال النبي (صلى الله عليه وآله) أفضل الأفعال لأجل التسديد الإلهي له في كل عمل، وكان التسديد له في هذا العمل هو بالآية القرآنية حيث أرشدته الى ما هو الأفضل، ولكن هذا المفضول عملاً لا يقدح بالعصمة بل قد لا يكون أيضاً تركاً للأولى بل الأولى هو ما عمله (صلى الله عليه وآله) ثم جاءت الآية القرآنية لترشده الى عمل آخر الأولى فيه ما ذكرته الآية القرآنية.
وبمعنى آخر أن التدرج في التكامل الذي هو مسار كل سالك حتى الأنبياء يحتم إختلاف الأعمال مع اختلاف الدرجات، فالدرجة الأولى اقتضت عملاً معيناً والأخرى اقتضت عملاً آخر، فالآية القرآنية جاءت لترفع النبي(صلى الله عليه وآله) درجة في سلم التكامل بالإرشاد الى عمل جديد.




السؤال: هل خالف علي (عليه السلام) سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عليّ بن ابراهيم في (تفسيره) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالى: (( لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم )) قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) وبلال وعثمان بن مظعون، فأما أمير المؤمنين (عليه السلام) فحلف أن لا ينام بالليل أبدا، وأما بلال فانه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا، وأما عثمان بن مظعون فانه حلف أن لا ينكح أبدا.. إلى ان قال: فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونادى الصلاة جامعة، وصعد المنبر، وحمد الله، واثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات ألا إنيّ انام الليل، وأنكح، وافطر بالنهار، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي، فقام هؤلاء، فقالوا: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد حلفنا على ذلك، فأنزل الله عزّ وجلّ: (( لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام ذلك كفارة ايمانكم اذا حلفتم ))
السؤال:
هل خالف الامام علي عليه السلام السنة, لقول الرسول صلى الله عليه وآله: (فمن رغب عن سنتي فليس مني)؟
وقد وضعها المجلسي في باب الرهبانية وقد اطلق عليها بأنها بدعة, والبدعة حرام كما هو معلوم..
فما هي الرهبانية وهل هي جائزة في الاسلام, واذا لم تكن جائزة فما هو الحكم حول فعل الامام علي عليه السلام منها ؟
الجواب:

أولاً: ان الإمتناع عن الشهوات ولجم النفس عنها حسن وفضيلة يستحق المدح عليها في الجملة, ولولا ذلك لما أوردوا سبب نزول هذه الأية مورد المدح بل أدخل المخالفون فيها عددا من الصحابة كأبي بكر مرة وسالم مرة أخرى وعمر ثالثة إلى أن أوصلوهم إلى عشرة مع علي (عليه السلام) وبلال وعثمان بن مطعون (فتح الباري 9: 89, عمدة القاري 18: 207, تفسير مقاتل 1: 317)
ثانياً: عقد العلماء لهذا الحكم مسألة في الفقه وهي بحث اليمين المكروهة، قال الشيخ الطوسي في (الخلاف): مسألة (2): إذا حلف والله لا أكلت طيباً ولا لبست ناعماً كانت هذه يميناً مكروهة والمقام عليها مكروه وحلها طاعة وبه قال الشافعي وهو ظاهر مذهبه وله فيه وجه آخر ضعيف وهو أن الأفضل اذا عقدها أن يقيم عليها, وقال أبو حنيفة: المقام عليها طاعة ولازم.
دليلنا قوله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُم )) (المائدة:87)، ثم قال: (( وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤمِنُونَ )) (المائدة:88) يعني في المخالفة... الخ (الخلاف 6: 110) فانت ترى أن هكذا يمين وهو مورد الرواية ليست حراماً بل يميناً مكروهة وأنما استدل على كراهتها بنفس آلاية مورد النزول في الرواية, مع أن في المسألة خلاف بين الفقهاء.
ثالثاً: أن ما كان من الرهبانية في الأمم السابقة منسوخ في الشريعة الاسلامية وأن كان ممدوحاً مستحباً عندهم, وقد أستدل الفقهاء على هذا الحكم بهذه الرواية مورد نزول الآية.
فكان عمل الصحابة قبل نزول التشريع بهذه الآية استصحاباً لما كان مستحباً وممدوحاً في الشرايع السابقة وهو استصحاب جائز أنتهى جوازه بعد أن ثبت النسخ بنزول التشريع بالكراهة وأنها من سنة النبي (صلى الله عليه وآله) وورد في ذلك روايات كما في الكافي (5: 494) وما بعدها.
رابعاً: ان ما حرمه الصحابة على أنفسهم لم يكن تحريماً تكليفياً عاماً وإنما كان تحريماً شخصياً وهو نحو من الالتزام بترك المباحات بالحلف على تركها, وإن كان هناك كلام في حلف عثمان بن مظعون لأن فيه غمط لحق زوجته.
فهم لم يشرعوا تحريماً مضادة لما شرعه الله من الحلية - نعوذ بالله - وإنما حرموا على أنفسهم بالحلف ولكن بما أن هكذا حلف وما يترتب عليه من التزام و دائمي مستمر يؤدي إلى الرهبانية جاء النهي الالهي عن ذلك مبيناً أن لا رهبانية في الإسلام.
فتبين من ذلك أن الحلف وإن كان على ترك المباحات ولكن الأولى أن لا يكون دائمياً يؤدي إلى الترهب.
ومن هنا يتبين أن علي (عليه السلام) لم يخطأ عندما حلف على ترك المباح وإنما كان منه ترك الأولى فنزل القرآن بذلك وبينه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن من سنته ترك الترهب.
وهذا مثل ما نزل في حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما حرم على نفسه ما حرم مراضاة لأزواجه فأنزل الله (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبتَغِي مَرضَاتَ أَزوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) (التحريم:1) اذ لم يكن من رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطأ ولا معصية حاشاه, وإنما كان الأولى منه عدم منع نفسه في سبيل مرضاة أزواجه، فبين الله له ذلك الأولى.
وكذا لم يكن ما فعل علي (عليه السلام) خطأ ولا معصية قادح في العصمة, كما أنه لم يخالف سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن التشريع لم يكن نازلا بعد وإنما أصبح سنة بعدما بينه رسول الله (صلى الله عليه وآله). مع ملاحظة أن ذلك كان من ترك الأولى وليس من الفرض, ولكن المغرضيين هداهم الله لا يفرقون بين الخطأ المقابل للصواب وبين ترك الأولى وفعله, كما لا يفرقون بين تقدم الحلف وبين لحوقه إذ يقول هذا المستشكل (الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في رده أنه ينام وعلي بن أبي طالب يقسم ألا ينام فمن الذي أخطأ؟) فمن الوضوح بمكان ما فيه من المغالطة فإن حلف الصحابة ومنهم علي (عليه السلام) كان قبل نزول الآية وقبل تقرير الرسول (صلى الله عليه وآله) لسنته.
ومثل ذلك ما جاء في سبب نزول قوله تعالى (( مَا أَنزَلنَا عَلَيكَ القُرآنَ لِتَشقَى )) (طه:2)
خامساً: لم يقل الشيعة يوماً أن علياً (عليه السلام) أعلم من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإن الروايات المتكاثرة تنص على أنه كان يسأل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويتعلم منه ويعلمه (صلى الله عليه وآله)، ولم يكن هذا الحلف منه (عليه السلام) في زمان إمامته حتى يخدش في علم الإمامة.
سادساً: وتلخيصاً للجواب, نقول: ان علياً (عليه السلام) لم يفعل المعصية وإنما ترك الأولى وأصبح الحكم في ترك الأولى هذا مكروهاً بعد أن تقرر التشريع الالهي وصدرت السنة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن الكراهة أحد الأحكام الشرعية, وكان قبل ذلك مستحباً استصحاباً لما كان في الشرايع السابقة ولكنه نسخ في الإسلام.
ويظهر بذلك أن ما صدر عن الإمام لا يخالف العصمة ولا ينقض علمه بالكتاب.




السؤال: قوله تعالى (والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين)
قال تعالى (( وَالَّذِي أَطمَعُ أَن يَغفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَومَ الدِّينِ ))
كيف تفهم هذه الآية على ضوء عصمة الأنبياء
الجواب:

قال السيد الطباطبائي في (تفسير الميزان ج 15 ص 285):
ونسبة الخطيئة إلى نفسه وهو (عليه السلام) نبي معصوم من المعصية دليل على أن المراد بالخطيئة غير المعصية بمعنى مخالفة الأمر المولوي، فإن للخطيئة والذنب مراتب تتقدر حسب حال العبد في عبوديته، كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: (( وَاستَغفِر لِذَنبِكَ )).
فالخطيئة من مثل إبراهيم عليه السلام اشتغاله عن ذكر الله محضا بما تقتضيه ضروريات الحياة كالنوم والأكل والشرب ونحوها وإن كانت بنظر آخر طاعة منه عليه السلام كيف؟ وقد نص تعالى على كونه عليه السلام مخلصا لله لا يشاركه تعالى فيه شئ إذ قال: (( إِنَّا أَخلَصنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكرَى الدَّارِ )) (ص:46).



السؤال: هل يوجد تناقض بين (لا جبر ولا تفويض) وبين قوله تعالى (وما ينطق عن الهوى)

قال المعاند: القاعدة التي تقول (لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين)، تسقطها الآية المباركة: (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )).
فالآية واضحة أن مطلق نطق النبي (ص) ما هو إلا وحي يوحى، أي ليس باختياره، وإن سلب الإختيار من رسول الله (ص)، فمعنى ذلك أن كل نطق ينطق به يكون مجبورا عليه، فتسقط قاعدة (الأمر بين الأمرين) وتثبت قاعدة الجبر.
وعلى ذلك يستلزم على الشيعة القول بأحد القولين:
1- أن هذه الآية تدلل على العصمة في التبليغ فقط. (وهذا أيضا يحتاج لدليل لأن الآية تشير إلى إطلاق النطق وليس التبليغ فقط).
2- أن هذه الآية تقول بالجبر في نطق الرسول (ص) وليس له الاختيار فيه.

الجواب:

أوضح علماؤنا (قدس الله أسرارهم) في بحوث مستفيضة أن حالة العصمة تجتمع تماماً مع ما ذهبت إليه الطائفة من أنَّ (لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين)، وذلك بأنَّ العصمة تمسك المعصوم وتمنعه عن أي مناف، ولكن لا تلجؤه إلى الطاعة، ولا تلجؤه إلى ترك المعصية أو المنافي.
وهذا المعنى قد أشار إليه الشيخ المفيد(ره) في كتابه (النكت الاعتقادية) حيث قال: ((العصمة لطف يفعله الله تعالى بالمكلف)).
فقوله (بالمكلف)، حيث يريد أن يفهمنا بأنَّ المعصوم مكلّف، أي أنّه مأمور بالطاعة وترك المعصية، وأنه إذا أطاع يثاب، وإذا عصى يعاقب، ولذا جاء في القرآن الكريم: (( فَلَنَسأَلَنَّ الَّذِينَ أُرسِلَ إِلَيهِم وَلَنَسأَلَنَّ المُرسَلِينَ )) (الاعراف:6)، يعني إن المرسلين كسائر أفراد أممهم مكلفون بالتكاليف، فلا يكون من هذه الناحية فرق بين الرسول وبين أفراد أمته، وعلى الرسول أن يعمل بالتكاليف، كما أنَّ على كلّ فرد من أفراد أمته أن يكون مطيعاً وممتثلاً للتكاليف، فلو كان المعصوم مسلوب القدرة عن المعصية، مسلوب القدرة على ترك الإطاعة، فلا معنى حينئذٍ للثواب والعقاب، ولا معنى للسؤال..
وبلحاظ هذا المعنى لا يرد الإشكال الذي ذكرتموه في سؤالكم فالآية ظاهرة في أن كل ما ينطق به رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو من عند الله وهو مسدد في ذلك, وليس فيها أي إشارة إلى أنه مجبر لا يستطيع الخلاف - أعوذ بالله - وفي قوله تعالى : (( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعضَ الأَقَاوِيلِ )) (الحاقة:44), كفاية, فتدبر ذلك.



السؤال: أدلة نقلية وعقلية على عصمة الأئمة (عليهم السلام)

1- هل لعصمة الائمه (عليهم السلام) دليل نقلي خاص بها كحديث يصرح بها لفظا (الامام معصوم) اوجعفر بن محمد معصوم او أي لفظه اخرى تعطي معنى العصمه ام لانها من مستلزمات الامامه؟ وان كانت من مستلزمات الامامه فما وجه الملازمه؟
لماذا لايصح الامام ان يكون غير معصوم؟ كما هو حال مراجعنا الكرام (حفظهم الله) فانهم اصحاب قرار في الامور العامه السياسيه ويجب طاعتهم فضلا عن الامور الشرعيه مع انهم غير معصومين
2- لماذا يجب ان يكون الرسول معصوما قبل البعثه؟ ولماذا يجب ان يكون معصوما في حال غير التبليغ في فترة البعثه؟ لماذا عمل الرسول في عدم حال البيان يجب صحته
الجواب:

ورد الاستدلال على عصمة الأئمة (عليهم السلام) بأدلة متعددة نقلية وعقلية، والنقلية نصاً وظاهراً وإستفاده.
أماّ النص فقد ورد - من طرق الشيعة - قول الإمام الصادق (عليه السلام): (نحن قوم معصومون، أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا) (الكافي1: 369/باب في أن الأئمة (عليهم السلام) بمن يشبهون ممن مضى). وهكذا غيره.
ومن طرق أهل السنة فقد ورد الحديث المعروف بحديث الثقلين والذي جاء في أحد نصوصه: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض).
فهذه الرواية نص في العصمة لأن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لن تضلوا بعدي أبداً، يطابق معنى: إن الكتاب والعترة معصومون من الخطأ وبإتباعهم لن تضلوا أبداً).
وأيضاً قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض). يطابق معنى: إن أهل البيت معصومون كما هو شأن القرآن في العصمة الذي ثبت أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. فهذا هو معنى عدم الافتراق. وإلاّ يمكن أن يدّعى بأن الافتراق يمكن أن يتحقق حتى بصدور الخطأ والمعصية عنهم (عليهم السلام) غفلة أو سهواً أو نسياناً، فهذا مصداق للإفتراق اللغوي. وقد أخبر (صلى الله عليه وآله وسلم) أنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض.
الأمر الذي يدل على عدم صدور المعصية منهم حتى على نحو الغفلة أو السهو أو النسيان، وإلا لا يصدق الحديث المذكور بعدم الافتراق مع أنه من الأحاديث المتواترة القطعية الصدور عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأيضاً من النص على عصمة الأئمة (عليهم السلام) وعصمة علي (عليه السلام) بالذات قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض) (أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 3: 134)، والذهبي في الصفحة ذاتها من تلخيصه، وصّرح كل منهما بصحته على شرط الشيخين.
وهذا الحديث صريح بعصمته (عليه السلام) لمحل عدم الافتراق عن القرآن المعصوم، كما تقدم ذكره في البيان السابق.
وأيضاً من النصوص، قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من سّره أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربّى، فليوالي عليّاً من بعدي، وليوالي وليّه، وليقتد بأهل بيتي من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزُقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذّبين فيهم من أُمّتي، القاطعين في صلتي، لا أنا لهم الله شفاعتي) (أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 6:1) بإسناد صحيح.
ويمكن أن يكون قبل هذا كله قوله تعالى في آية التطهير: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الأحزاب:33). فإذهاب الرجس وإرادته التطهير معنى آخر عن جعل العصمة.(راجع البحث في موقعنا/ حرف الألف/ آية التطهير).
وأما الظاهر فيما يستدل به بآية ولاة الأمر، وهي قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم )) (النساء:59). فهنا يمكن القول بلزوم عصمة أولي الأمر لمحل الطاعة المطلقة لهم المقترنة بالطاعة المطلقة لله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا الإطلاق في الطاعة لازمه ثبوت العصمة، لان مع افتراض عدم العصمة معناه احتمال وقوع المعصية، ومع هذا الاحتمال لا يصح الإيجاب المذكور في الآية الكريمة بالإطاعة المطلقة لأولي الأمر لأنه ترخيص في إتباع الباطل - أي عند فرض عدم العصمة واحتمال صدورالخطأ - وهو باطل جزماً، وبهذا تثبت عصمة أولي الأمر.
فإذا علمنا أن التكليف هو فرع القدرة، والتكليف بغير المقدور - في حال دعوى عدم وجود المعصوم في الأمة ومع ذلك فإن الآية قد أوجبت إطاعته - محال، فيثبت بذلك وجود المعصومين في الأمة ليصح التكليف المذكور. وإلا كان ذلك من التكليف بغير المقدور وهو محال..
نقول: لم يدع العصمة في الأمة كلها من البشر سوى للأئمة الاثنى عشر من آل البيت (عليهم السلام). وحينئذ يدور الأمر بين شيئين لا ثالث لهما: إما لزوم إطاعتهم



السؤال: نسبة اللعب إلى الحسن والحسين (عليهما السلام)

وردت روايات معدودة, لعلها أربعة أو خمسة روايات رأيتها في هذا المضمون, من أن الإمامين الحسنين صلوات الله وسلامه عليهما كانا يلعبان, أو أنهما صلوات الله وسلامه عليهما كانا في بعض الأحيان يبولان على صدر رسول الله صلى الله عليه وآله, أو أنه جاء عن الإمام الصادق عليه السلام حينما كان طفلا كان يؤذي الخطاف في صحن مسجد الحرام ونهاه إمامنا السجاد أو الباقر عليه السلام عن ذلك الفعل, وغيرها وغيرها من الروايات التي تدل على اللعب أو التبول وغيرذلك من الأمور التي لا تناسب مقام الإمامة والعصمة, كما جاء في وصف الإمام عليه السلام في خطبة الإمام الرضا صلوات الله وسلامه عليه, أوما جاء في قرآن الكريم عن أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم وطفولتهم مثل نبي الله عيسى أو يحيى أو يوسف أو سليمان على نبينا وآله وعليهم أفضل الصلاة والسلام, فكيف جاءت هذه الروايات التي مضمونها اللعب والتبول والإيذاء وغير ذلك من المضامين التي لا تناسب مقام الإمامة؟
أليس ورد عندنا أن من علامات الإمام عليه السلام : " طهارة الولادة، وحسن المنشأ، ولا يلهو ولا يلعب " أو تعرّض له أمير المؤمنين علي عليه السلام من خصائص وعلامات الاِمام المعصوم عليه السلام، فقال : « والإمام المستحق للاِمامة له علامات فمنها : أن يعلم أنّه معصوم من الذنوب كلّها صغيرها وكبيرها، لا يزلّ في الفتيا، ولا يخطئ في الجواب، ولا يسهو، ولا ينسى، ولا يلهو بشيء من أمر الدنيا », ولقد كان من أئمتنا عليهم السلام من تسلم مقاليد الإمامة بأبي هو وأمي وهو لا زال في سن صغير, مثل إمامنا الجواد صلوات الله وسلامه عليه وإمامنا الحجة صلوات الله وسلامه عليه وعجل الله فرجه الشريف, ونخاطبهم في الزيارة الجامعة الكبيرة بمثل هذه الصفات السامية : " ... اصطفاكم بعلمه وارتضاكم لغيبه واختاركم لسره واجتباكم بقدرته وأعزكم بهداه وخصكم ببرهانه وانتجبكم لنوره وأيدكم بروحه ورضيكم خلفاء في أرضه وحججاً على بريته وأنصاراً لدينه وحفظةً لسره وخزنةً لعلمه ومستودعاً لحكمته وتراجمةً لوحيه وأركاناً لتوحيده وشهداء على خلقه وأعلاماً لعباده ومناراً في بلاده وأدلاء على صراطه عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن وطهركم من الدنس وأذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيراً فعظمتم جلاله وأكبرتم شأنه ومجدتم كرمه وأدمتم ذكره ووكدتم ميثاقه ... " ونحن نعتقد بما جاء في نهج البلاغة الشريف في عصمة الرسول الاكرم صلي الله عليه وآله وسلم منذ الطفولة، يقول أمير المؤمنين عليه السلام واصفا النبي الاكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلاقته به: "ولقد قرن الله سبحانه به من لدن ان كان فطيما اعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن اخلاق العالم ", أرجوا التفصيل في المسئلة, لأن هذه الشبهة أصبحت تتداول في أوساط الشيعة, وقد قام بعض من ينسب نفسه زورا إلى التشيع إلى التقليل والقدح في مقام الإمامة السامي من خلال هذه الروايات, فلم يعد عنده قدر الإمام سوى أنه مبلغ ومفتي شرعي لا غير سواء أنه لا يعدو كونه مسددا في بعض المسائل الشرعية والمهمة ليس إلا كما يقول أبناء العامة.
أرجوا التفصيل الكثير والدقيق في المسئلة بشكل تدحض هذه الشبهة من الأساس .
وشكرا لكم
الجواب:

بملاحظة بعض الروايات التي تشير الى لعب الحسن والحسين (عليهما السلام) نجد ان الراوي هو الذي يتصور ان هذين الغلامين يلعبان فهو يتصور ان هذه الحركات هي حركات غير هادفة فيقول عنها انها لعب في حين ان حقيقتها شئ آخر لايدركه الراوي .
فمثلا ينقل بعض الرواة انهما صلوات الله عليهما كانا يلعبان ثم يقول الراوي انه (راى الحسن يصيح بنخلة فتجيبه بالتلبية وتسعى اليه كما يسعى الولد الى والده) ونحن نقول ان الذي يصدر منه مثل هذا الفعل كيف نصف افعاله هذه باللعب بل لعل مراده صلوات الله عليه هو هداية من ينظر اليه برؤيته لهذه المعجزة.
واما روايات التبول فلابد من ردها وعدم قبولها اما من جهة معارضتها مع الادلة القطعية او كونها روايات غير معتبرة السند .
واما رواية الخطاف فالفعل الصادر من الامام يمكن فهمه بانه كان يريد ازالة الاذى المتصور من هذا الحيوان ولذلك علل الامام السجاد بعد ايراده للنهي بانهن لايؤذين شيئا.




السؤال: فعل ابراهيم (عليه السلام) لا يعد كذباً

لدي سؤال يشغلني كثيرا، وهو حول عصمة الانبياء حيث تؤمن الشيعة الاثناعشرية بعصمة الانبياء جميعا قبل البعثة وبعدها لكن اجد في القرآن الكريم ما قد يخالف هذا فالنبي ابراهيم عندما حطم الاصنام وسأله قومه عن ذلك فجاء على لسانه ان قال : (( بَل فَعَلَهُ كَبِيرُهُم هَذَا )) (الأنبياء:62)
ألا يحمل هذا على الكذب ؟
الجواب:

اذا ادعى مدع دعوى والغرض منها الزام الخصم بحيث يوصل الى ابطال عقيدة فاسدة فهذا لا يسمى كذبا بل معناه التسليم بمقدمات خاطئة وهو في علم الجدل والمحاورة مقبول وصحيح ولا يعد كذباً.



السؤال: عصمة مريم بنت عمران
هل مريم ابنة عمران عليها السلام معصومه؟
وماهو الدليل على عصمتها من القرآن؟
الجواب:

كانت عليها السلام صديقة وكانت معصومة بعصمة الله طاهرة مصطفاة محدثة حدثها الملائكة بأن الله اصطفاها وطهرها. كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: (( وَإِذ قَالَتِ المَلَائِكَةُ يَا مَريَمُ إِنَّ اللَّهَ اصطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ )) (آل عمران:42).




السؤال: هل خالف علي (عليه السلام) سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)
علي بن ابراهيم في (تفسيره) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالى : (( لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُم )) (المائدة:87) قال : نزلت في امير المؤمنين (عليه السلام) وبلال وعثمان بن مظعون، فأما امير المؤمنين (عليه السلام) فحلف أن لا ينام بالليل ابدا، وأما بلال فانه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا، وأما عثمان بن مظعون فانه حلف أن لا ينكح ابدا إلى ان قال : فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونادى الصلاة جامعة، وصعد المنبر، وحمد الله، واثنى عليه، ثم قال : ما بال اقوام يحرمون على انفسهم الطيبات الا إنيّ انام الليل، وانكح، وافطر بالنهار، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي، فقام هؤلاء، فقالوا : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد حلفنا على ذلك، فأنزل الله عزّ وجلّ : (( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغوِ فِي أَيمَانِكُم وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُمُ الأَيمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِن أَوسَطِ مَا تُطعِمُونَ أَهلِيكُم أَو كِسوَتُهُم أَو تَحرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَم يَجِد فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيمَانِكُم إِذَا حَلَفتُم )) (المائدة:89)
السؤال :
هل خالف الامام علي عليه السلام السنة, لقول الرسول صلى الله عليه وآله : (( فمن رغب عن سنتي فليس مني ))؟
وقد وضعها المجلسي في باب الرهبانية, وقد اطلق عليها بأنها بدعة, والبدعة حرام كما هو معلوم ..
فما هي الرهبانية وهل هي جائزة في الاسلام, واذا لم تكن جائزة فما هو الحكم حول فعل الامام علي عليه السلام منها ؟
الجواب:

أولاً: أن الأمتناع عن الشهوات ولجم النفس عنها حسن وفضيلة يستحق المدح عليها في الجملة, ولولا ذلك لما أوردوا سبب نزول هذه الأية مورد المدح بل أدخل المخالفون فيها عددا من الصحابة كأبي بكر مرة وسالم مرة آخرى وعمر ثالثة إلى أن اوصلوهم إلى عشرة مع علي (عليه السلام) وبلال وعثمان بن مطعون (فتح الباري 9 : 89, عمدة القاري 18 : 207, تفسير مقاتل 1 : 317)
ثانياً: عقد العلماء لهذا الحكم مسألة في الفقه وهي بحث اليمين المكروهة قال الشيخ الطوسي في الخلاف : مسألة (2) : اذا حلف والله لا أكلت طيباً ولا لبست ناعماً كانت هذه يميناً مكروهة والمقام عليها مكروه وحلها طاعة وبه قال الشافعي وهو ظاهر مذهبه وله فيه وجه آخر ضعيف وهو أن الأفضل اذا عقدها أن يقيم عليها, وقال أبو حنيفة : المقام عليها طاعة ولازم .
دليلنا قوله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُم )) (المائدة:87) ثم قال : (( وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤمِنُونَ )) (المائدة:88) يعني في المخالفة ... الخ (الخلاف 6: 110) فانت ترى أن هكذا يمين وهو مورد الرواية ليست حراماً بل يميناً مكروهة وأنما استدل على كراهتها بنفس آلاية مورد النزول في الرواية, مع أن في المسألة خلاف بين الفقهاء .
ثالثاً: أن ما كان من الرهبانية في الأمم السابقة منسوخ في الشريعة الاسلامية وأن كان ممدوحاً مستحباً عندهم, وقد أستدل الفقهاء على هذا الحكم بهذه الرواية مورد نزول الآية .
فكان عمل الصحابة قبل نزول التشريع بهذه الآية استصحاباً لما كان مستحباً وممدوحاً في الشرايع السابقة وهو استصحاب جائز أنتهى جوازه بعد أن ثبت النسخ بنزول التشريع بالكراهة وأنها من سنة النبي (صلى الله عليه وآله) وورد في ذلك روايات كما في الكافي (5 : 494) وما بعدها .
رابعاً: أن ما حرمه الصحابة على أنفسهم لم يكن تحريماً تكليفياً عاماً وأنما كان تحريماً شخصياً وهو نحو من الالتزام بترك المباحات بالحلف على تركها, وأن كان هناك كلام في حلف عثمان بن مظعون لأن فيه غمط لحق زوجته .
فهم لم يشرعوا تحريماً مضادة لما شرعه الله من الحلية - اعوذ بالله - وأنما حرموا على أنفسهم بالحلف ولكن بما أن هكذا حلف وما يترتب عليه من التزام و دائمي مستمر يؤدي إلى الرهبانية جاء النهي الألهي عن ذلك مبيناً أن لا رهبانية في الأسلام .
فتبين من ذلك أن الحلف وأن كان على ترك المباحات ولكن الاولى أن لا يكون دائمياً يؤدي إلى الترهب .
ومن هنا يتبين أن علي (عليه السلام) لم يخطأ عندما حلف على ترك المباح وأنما كان منه ترك الاولى فنزل القرآن بذلك وبينه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن من سنته ترك الترهب .
وهذا مثل ما نزل في حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما حرم على نفسه ما حرم مراضاة لإزواجه فأنزل الله (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبتَغِي مَرضَاتَ أَزوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) (التحريم:1) اذ لم يكن من رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطأ ولا معصية حاشاه, وأنما كان الأولى منه عدم منع نفسه في سبيل مرضاة ازواجه فبين الله له ذلك الأولى .
وكذا لم يكن ما فعل علي (عليه السلام) خطأ ولا معصية قادح في العصمة, كما أنه لم يخالف سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن التشريع لم يكن نازلا بعد وأنما أصبح سنة بعدما بينه رسول الله (صلى الله عليه وآله) . مع ملاحظة أن ذلك كان من ترك الأولى وليس من الفرض, ولكن المغرضيين هداهم الله لا يفرقون بين الخطأ المقابل للصواب وبين ترك الأولى وفعله, كما لا يفرقون بين تقدم الحلف وبين لحوقه أذ يقول هذا المستشكل (الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في رده أنه ينام وعلي بن أبي طالب يقسم ألا ينام فمن الذي أخطأ؟) فمن الوضوح بمكان ما فيه من المغالطة فأن حلف الصحابة ومنهم علي (عليه السلام) كان قبل نزول الآية وقبل تقرير الرسول (صلى الله عليه وآله) لسنته .
ومثل ذلك ما جاء في سبب نزول قوله تعالى (( مَا أَنزَلنَا عَلَيكَ القُرآنَ لِتَشقَى )) (طه:2)
خامساً: لم يقل الشيعة يوماً أن علياً (عليه السلام) أعلم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأن الروايات المتكاثرة تنص على أنه كان يسأل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويتعلم منه ويعلمه (صلى الله عليه وآله) ولم يكن هذا الحلف منه (عليه السلام) في زمان أمامته حتى يخدش في علم الإمامة .
سادساً: وتلخيصاً للجواب, نقول : أن علياً لم يفعل المعصية وأنما ترك الأولى وأصبح الحكم في ترك الأولى هذا مكروهاً بعد أن تقرر التشريع الالهي وصدرت السنة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن الكراهة أحد الأحكام الشرعية, وكان قبل ذلك مستحباً استصحاباً لما كان في الشرايع السابقة ولكنه نسخ في الأسلام .
ويظهر بذلك أن ما صدر عن الإمام لا يخالف العصمة ولا ينقض علمه بالكتاب .



السؤال: إيضاح قول لبحر العلوم
يذكر الشهيد الثاني في كتاب حقائق الايمان (ان كثير من اصحاب الائمة الاطهار والشيعة المتقدمين كانو يعتبرون الائمة علماء ابرار بل انهم لم يكونوا يقولون بعصمتهم وينسب العلامة بحر العلوم في رجاله الجزء الثالث ص 220 هذا الرأي لأكثرية الشيعة المتقدمين )
1-هذا يدل على ان عصمة الائمة امر غير ظاهر من القرأن الكريم ولم يفهم ذالك الاصحاب
2-ان عصمة الائمة ليس من الاصول والثوابت الضرورية في المعتقد ولايخدش في صحة العقيدة بدليل ان الائمة لم ينبهوا الى ذالك للاصحاب والمقربين وهم برفقتهم صباح مساء ويهمهم امر الدين وعقيدة الاتباع
3- يستدل بهذا الموضوع المعترض والمخالف ان موضوع العصمة هي من الزوائد المثبتة للائمة بعد انقطاع عصر الائمة بسنسن وبعد التطورات الفكرية للتشيع بعد القرون الثلاثة الاولى

الجواب:

السيد بحر العلوم كان بصدد الدفاع عن ابن الجنيد وهو يريد القول ان العصمة لم تكن من ضروريات المذهب التي يعرفها كل احد بل يمكن ان تطرا عليها الشبهة ويعذر بذلك من خالف فكل ما يريد قوله ان في مثل العصمة يمكن ان يقع مثل ابن الجنيد في الاشتباه لان العصمة في ذلك الوقت ليست من الضروريات ومعنى انها ليست من الضروريات ليس معناه انها غير طاهرة من القرآن ولا أنها ليست من عقائدنا بل معناه انها تحتاج الى النظر والبحث من اجل اثباتها ويمكن ان يقع البعض في الاشتباه فيها وهذا ليس خاصا في عقيدة العصمة بل هناك غيرها من العقائد التي كانت في الزمن الاول تحتاج الى النظر والان اصبحت من الضروريات فتبدل المعتقد من كونه غير ضروري الى ضروري لايعني انه في الزمن الاول غير ثابت بل اثباته يحتاج الى نظر .




السؤال: العصمة لا تعني الجبر على فعل الطاعة

الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه
(( إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ))
السؤال هو: هل ان اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم معصومين بفضل ماعملوه في دنياهم لكي لا يرتكبو الاثم أم ان الله سبحانه وتعالى قد خلقهم كالملائكه من دون قابلية لارتكاب الاثم ؟؟ وان كان كذلك هذا يعني انهم لم يفعلو الكثير وهم اصلا خلقو معصومين وهذا غير مقبول طبعا .. ولكن لماذا الله سبحانه وتعالى قال ان هذا الشيء تحقق بارادته .. ام هناك تفسير اخر ؟؟ ارجو منكم الاجابه بالتفصيل الممل حتى اتمسك اكثر باكثر بعقيدتي وباهل البيت
الجواب:

اعلم ايها الاخ الكريم ان العصمة لطف مانع عن ارتكاب المعصية او المخالفة لله عز وجل من دون ان يسلب قدرة العبد,فانت مثلا بما انك شاب متدين فانت معصوم عن شرب الخمر مع انك قادر على تناوله والعياذ بالله, ولكنك لاتفعل ذلك, وهكذا فكل تقي فانه معصوم عن مخالفة مولاه من دون ان يكون مجبورا على الطاعة,وذلك لحصول حالة في النفس تردعه عن ارتكاب الموبقات .. والعصمة عند الامام من هذا القبيل,فان الله عز وجل قد بغض الى الامام فعل الذنوب وحبب اليه فعل الطاعات من دون ان يلجئه الى ذلك او يجبره عليه بحيث يكون مسلوب القدرة او الارادة في جانب فعل المعصية وهو ما اطلق عليه العلماء(لطف) فان الله لطيف بعباده,واللطف هو البر والتكرمة,يقال لطيف بالناس أي بارا بهم يبرهم ويلطفهم الطافا.
وقد عرف العلماء العصمة بهذا التعريف:العصمة لطف يفعله الله تعالى بالمكلف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية وترك الطاعة مع قدرته عليهما.وقد من الله تعالى على بعض عباده بهذا اللطف منذ ولادتهم وحتى مماتهم وهم الانبياء والائمة (عليهم السلام),لانه اراد ان يكونوا قدوة للناس وقادة,فلو عهد من النبي او الامام في بعض عمره نسيان او سهولارتفع وثوق الناس بما يخبر به ولو عهد منه خطيئة لنفرت العقول من متابعته فتبطل فائدة البعثة والامامة.فلاحظ.
ولمزيد الاطلاع ارجع إلى صفحتنا العقائدية ( العصمة).




السؤال: دلالة سجدة السهو

قد قرأت نظرياتكم في سهو النبي(ص)، إذا ما مصدر سجود السهو عندكم، أم لا وجود لها في مذهبكم أصلا.
الجواب:

سجود السهو موجود عندنا ومن الموارد التي تذكر هي في حال التكلم ناسيا او السلام ناسيا في غير موضعه او الشك بين الاربع والخمس وهو جالس او نسيان السجدة او التشهد حتى ركع او قام في حال القعود او بالعكس ناسيا وهناك روايات عن الائمة المعصومين عليهم السلام تثبت سجود السهو في تلك الحالات ولا يلزم لاثبات حكم شرعي ان يقع فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى نقول بوجوده بل يمكن للنبي والائمة (عليه السلام) ان يعلموا الناس احكام سجود السهو دون ان يقعوا هم فيه .




السؤال: كيف لم يثق نبي الله بعصمة أخيه هارون؟

(( قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذ رَأَيتَهُم ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيتَ أَمرِي * قَالَ يَا ابنَ أُمَّ لَا تَأخُذ بِلِحيَتِي وَلَا بِرَأسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقتَ بَينَ بَنِي إِسرَائِيلَ وَلَم تَرقُب قَولِي )) (طه:92-94)
وآية أخرى عن النبي موسى (ع): (( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَومِهِ غَضبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئسَمَا خَلَفتُمُونِي مِن بَعدِي أَعَجِلتُم أَمرَ رَبِّكُم وَأَلقَى الأَلوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيهِ قَالَ ابنَ أُمَّ إِنَّ القَومَ استَضعَفُونِي وَكَادُوا يَقتُلُونَنِي فَلَا تُشمِت بِيَ الأَعدَاءَ وَلَا تَجعَلنِي مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ )) (الأعراف:150)
س: كيف لم يثق النبي موسى (ع) بعصمة أخيه النبي هارون (ع) وأنبه هذا التأنيب الشديد (الأخذ باللحية)؟
الجواب:

في تفسير الأمثل 10 / 65 قال الشيخ :
وهنا ينقدح السؤال التالي وهو : لا شك أن كلا من موسى وهارون نبي، فكيف يوجه موسى (عليه السلام) هذا العتاب واللهجة الشديدة إلى أخيه، وكيف نفسر دفاع هارون عن نفسه؟! ويمكن القول في الجواب : إن موسى (عليه السلام) كان متيقنا من براءة أخيه، إلا أنه أراد أن يثبت أمرين بهذا العمل .
الأول : أراد أن يفهم بني إسرائيل أنهم قد ارتكبوا ذنبا عظيما جدا، وأي ذنب؟! الذنب الذي ساق هارون الذي كان نبيا عظيما إلى المحكمة، وبتلك الشدة من المعاملة، أي إن المسألة لم تكن بتلك البساطة التي كان يتصورها بنو إسرائيل . فإن الانحراف عن التوحيد والرجوع إلى الشرك، وذلك بعد كل هذه التعليمات، وبعد رؤية كل تلك المعجزات وآثار عظمة الحق، أمر لا يمكن تصديقه، ويجب الوقوف أمامه بكل حزم وشدة . قد يشق الإنسان جيبه، ويلطم على رأسه عندما تقع حادثة عظيمة أحيانا، فكيف إذا وصل الأمر إلى عتاب أخيه وملامته، ولا شك أن هذا الأسلوب مؤثر في حفظ الهدف وترك الأثر النفسي في الاناس المنحرفين، وبيان عظمة الذنب الذي ارتكبوه . كما لا شك في أن هارون - أيضا - كان راضيا كل الرضى عن هذا العمل .
الثاني : هو أن تثبت للجميع براءة هارون من خلال التوضيحات التي يبديها، حتى لا يتهموه فيما بعد بالتهاون في أداء رسالته .



السؤال: ترك الاولى ليس قدحا في العصمة
في بعض ماكتبتم من أجوبة عن معصية النبي آدم على وعلى آله أفضل الصلاة والسلام وعلى النبي آدم أنه خالف الأولى والسؤال هو إذا كان النبي خالف الأولى فلا يخلو من أمرين إما لعدم علمه بالأولى وهذا ينافي كمال النبوة أو لعلمه بالأولى وقيامه بغير الأولى وهذا لا يصدر عن شخص علدي فما بالك بالنبي أفيدونا مأجورين.
الجواب:

مخالفة الأولى أو ترك الأولى ليست معصية، فالنبي قد يفعل الفعل الذي ليس بأولى، أن مخالفة الأولى تقع في دائرة الممكنات المسموح للنبي باختيار أحدها، فإن المصير إلى أي ممكن من هذه الممكنات ولو لم يكن أولى لا يكشف عن صدور خطأ بمعنى الذنب من الأنبياء سواء أكان صغيرا أم كبيرا ومنه الخطأ في تبليغ الأحكام، ولكن توجد عند الأنبياء فسحة لفعل الأولى أو تركه، فما ذكرتموه من وجود احتمالين أحدهما جهل النبي بالأولى والثاني مخالفة كمال النبوة مردود بأن النبي وإن سلمنا بعدوله عن الأولى إلى غيره فليس ذلك لعدم علمه بالأولى بل لأمر آخر كالمشقة المترتبة على فعل الأولى أو صعوبته، فيختار غير الأولى للتخلص من تلك المشقة، كما أن ذلك لا ينافي كمال النبوة بعد أن أعطاه الله تعالى الاختيار في مقام الفعل للأولى والترك له، بل إن أولوية الأولى كاشفة عن مقبولية مخالفته على مستوى إرادة النبي واختياره، إذ لو لم تكن كاشفة عن المقبولية لكان المفروض كونه أولى هو ليس بأولى وهذا خلف.
على أن كمال النبوة المشار إليه هو فرع النبوة وفرض قدح ترك الأولى بكمال النبوة يترتب عليه القدح في النبوة نفسها. فظهر أن ترك الأولى أو مخالفته إلى بعض الممكنات التي ليست بأولى لا يلزم عنه الجهل ولا الخروج عن كمال النبوة.



السؤال: طلب الامام للمغفرة
لقد اقتبست في احد المواقع الوهابية موضوع ينفون العصمة مستدلين بروايات وسندرج لكم ما اقتبسناه تفضلوا :
*************************
نفي العصمة من أقوال الأئمة
يعتقد الشيعة أن أئمتهم قد عصموا من جميع الأخطاء والذنوب ما ظهر منها وما بطن ومن السهو والنسيان منذ ولادتهم حتى وفاتهم
ولكن حين نتصفح كتبهم نجد أن أئمتهم ينكرون هذه العصمة التي لاتليق إلا بالله عز وجل ويتبرأؤن منها ويقرون بالذنب والسهو ويطلبون المغفرة من الله
فهل نصدق الشيعة أم أئمتهم ؟
فهذا سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقر بأنه بشر عرضة للخطأ والنسيان حيث يقول
" لا تخالطوني بالمصانعة، ولاتظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس إعظام النفس، بأنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي" نهج البلاغة شرح محمد عبده ص412-413، شرح أبي الحديد ج11ص102
ويدعو ربه أن يغفر له ذنوبه وزلاته
" اللهم اغفر لي ما أنت أعلم به مني فإن عدت فعد علي بالمغفرة، اللهم اغفر لي ما وأيت من نفسي ولم تجد له وفاء عندي، اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك بلساني ثم خالفه قلبي، اللهم اغفر لي رمزات الألحاظ وسقطات الألفاظ وسهوات الجنان وهفوات اللسان " نهج البلاغة شرح أبي الحديد ج6 ص176
ومن دعائه رضي الله عنه واقراره لربه بالخطأ وطلب المغفرة منه
" إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنقمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك، إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي " أمالي الصدوق، 48 البحار، 41/11،12 المناقب، 2/124
ولايدعي علم الغيب
سئل: كم تتصدق ؟ كم تخرج مالك ؟ ألا تمسك ؟ قال: إني والله لو أعلم أن الله تعالى قبل مني فرضا واحدا لأمسكت، ولكني لا أدري أقبل سبحانه مني شيئا أم لا " بحار الأنوار، 41/138، 71/191
وينفي العصمة أيضا عن ولده الحسن رضي الله عنهما عندما أوصاه بقوله
" فإن أشكل عليك من ذلك فاحمله على جهالتك به فإنك أول ما خلقت جاهلا ثم علمت وما أكثر ما تجهل من الأمر ويتحير فيه رأيك ويضل فيه بصرك ثم تبصره بعد ذلك" نهج البلاغة شرح محمد عبده 2/578 ط مؤسسة المعارف بيروت
ونجد الامام علي بن الحسين زين العابدين يدعو بهذاالدعاء : " الهي وعزتك وجلالك وعظمتك, لو ا ني منذ بدعت فطرتي من اول الدهرعبدتك دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة وكل طرفة عين سرمد الابد بحمد الخلائق وشكرهم اجمعين, لكنت مقصرا في بلوغ ادا شكر اخفى نعمة من نعمك علي,ولو ا ني كربت معادن حديد الدنيا بـانـيـابـي, وحـرثت ارضها باشفار عيني, وبكيت من خشيتك مثل بحور السماوات والارضين دما وصـديـدا, لـكـان ذلك قليلا في كثير مايجب من حقك علي, ولو ا نك الهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الـخـلائق اجـمـعين,وعظمت للنار خلقي وجسمي, وملات جهنم واطباقها مني حتى لا يكون في النارمعذب غيري, ولا يكون لجهنم حطب سواي, لكان ذلك بعدلك علي قليلا في كثيرما استوجبته من عقوبتك " أمالي الصدوق المجلس 60 بحار الانوار 94: 90/2
وكان الامام جعفرالصادق يدعو بهذا الدعاء : " الهي كيف ادعوك وقد عصيتك, وكيف لا ادعوك وقد عرفت حبك في قلبي وعينا بالرجا ممدودة, مولاي انت عظيم العظما, وانا اسير الاسرا, انا اسير بذنبي, مرتهن بجرمي, الـهي لئن طالبتني بذنبي لاطالبنك بكرمك, ولئن طالبتني بجريرتي لاطالبنك بعفوك, ولئن امرت بي الـى الـنـارلاخـبـرن اهـلـهـا انـي كنت اقول : لا اله الا اللّه, محمد رسول اللّه, اللهم ان الطاعة تـسـرك,والـمـعـصـيـة لا تـضـرك, فـهـب لـي مـا يـسـرك, واغـفـر لـي مـا لا يـضرك, يا ارحم الراحمين " . آمالي الصدوق المجلس 57 بحار الانوار 94: 92/5
وقيل للإمام الرضا وهو الإمام الثامن من الأئمة المعصومين عند الشيعة ( إن في الكوفة قوماً يزعمون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقع عليه السهو في صلاته، فقال : كذبوا - لعنهم الله - إن الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلا هو ) بحار الأنوار ج25 /350
وكان الامام أبو الحسن موسى الكاظم يدعو فيقول :" رب عصيتك بلساني ولو شئت وعزتك لأخرستني، وعصيتك ببصري ولو شئت لأكمهتني، وعصيتك بسمعي ولو شئت وعزتك لأصممتني ". بحار الأنوار 25 /203
*************************
الجواب:

ان ما ذكرته من نصوص يدور حول مسألتين : الاولى جواز صدور المعصية من المعصوم والثانية ان علم المعصوم بالصورة التي يذكرها الاثنا عشرية غير ثابت .
اما الاولى فهي الى البطلان اقرب بلا شك لان ما ورد في كلامهم (عليهم السلام) وادعيتهم ومناجاتهم مما يشعر بصدور المعصية يمكن توجيهه بما يلي :
1- انها خطابات تعليمية لاتباعهم وشيعتهم لافاضة روح التعليم والتأدب .
2- لسيت الغواية من الشيطان فقط بالايقاع في المعاصي حتى يقال ان هذا يتعارض مع العصمة بل في كل طرق التكامل فان الشيطان يريد ان يبعد الانسان عن الدرجات الافضل والاعلى حتى لو لم يوقعه في المعصية بل ان محاولة الشيطان فقط يصدق عليها الاغواء وان لم تصدر من العبد معصية .
3- ان نسبة الخطيئة من قبل المعصوم الى نفسه دليل على ان المراد بالخطيئة غير المعصية بمعنى مخالفة الامر المولوي فان الخطيئة والذنب مراتب تتقدر حسب حال العبد في عبوديته كما قيل (حسنات الابرار سيئات المقربين) فالخطيئة او الذنب من مثلهم هي اشتغالهم عن ذكر الله بما تقتضيه ضروريات الحياة كالنوم والاكل والشرب ونحوها وان كانت بنظر اخر طاعة منه(عليه السلام), واما ما يخص قولك (وينفي العصمة ايضا عن ولده الحسن ...) فتجد الجواب عنه تماما في صفحتنا/ الاسئلة العقائدية / كلام الامام علي(عليه السلام) للامام الحسن(عليه السلام) لا يقدح بالعصمة .
واما المسألة الثانية (التشكيك في علم المعصوم) فمصيرها البطلان ايضا لان هكذا روايات وكذا روايات التشكيك بالعصمة اما ان تحمل على التقية او نقول بتأويلها او تطرح لموافقتها لما عليه العامة او ترد لان عصمتهم وعلمهم ثابتين بالادلة القطعية . ويمكنك لاستيضاح ذلك مراجعة صفحتنا : علم المعصوم, العصمة .
كما ينبغي ان تلتفت الى مسألتين :
الاولى : ليس كل ما في كتبنا الحديثية نقول بحجيته اذ لسنا كأصحاب الصحاح وانما هناك دراسة معمقة للنصوص الواردة ينتج عنها قبول بعضها ورد البعض الاخر وامر ذلك موكل الى اهل الاختصاص.
الثانية : هناك فرق بين القول بان المعصوم يعلم الغيب بذاته وبين القول بانه يعلم بتعليم من الله تعالى ونحن نقول بالثاني .



السؤال: رواية التحريش
وردت رواية صحيحة السند صححها المجلسي في مرآة العقول وغيره كذلك توجد في كتبنا المعتبرة منها البحار للمجلسي وتمام الدين وكمال النعمة للصدوق وكذلك علل الشرائع حاصلها: «قدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم، فوجد فاطمة ممن حلَّ، ولبست ثياباً صبيغاً، واكتحلت. فأنكر ذلك عليها، فقالت: إني أمرت بهذا.
قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم محرّشاً على فاطمة للذي صنعت، مستفتياً رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فيما ذكرت عنه: فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها..... الخ
هذه الرواية يشنع بها علينا المخالفون ويقولون انها تنفي العصمة عن الائمة بان الامام علي ع يحرش على السيدة فاطمة ! ...
فما هو ردكم ...؟
الجواب:
يمكن رد هذه الرواية من عدة جهات منه :
1- ان التحريش المذكور لا يصل الى حد ان يكون قادحا في العصمة فالفعل الذي فعله علي عليه السلام ليس محرما بل من الواجب عليه التعلم من رسول الله صلى الله عليه واله فالفعل لا يمكن ان يكون قادحا في العصمة والتعبير عنه بالتحريش الذي هو بمعنى الاغرار والتهييج لا يوصله الى حد الحرمة القادحة في العصمة .
2- انه ثبت بدليل قطعي عصمة الامام فكل ما يقدح في ذلك لابد من تأويله بما ينسجم مع عصمته عليه السلام وان لم يمكن التاويل امكن رده لتعارضه مع الدليل القطعي .
3- في بعض الاخبار كما في تهذيب الاحكام 5/256 ان استعمال هذه اللفظة من الممكن ان لا تكون من كلام الامام بل الراوي هو الذي عبر عنها بذلك فقال (فخرج علي عليه السلام الى رسول الله صلى الله عليه واله مستفتيا محرشا عن فاطمة عليها السلام ) .



السؤال: المخالفون يجعلون النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله) سبابا لعانا
ما هو معنى المشارطة (في حديث عائشة اوما علمت ما شارطت عليه ربي) وكيفيتها وهل تصح في عصر الغيبة؟
هل هي دعاء ام نذر ام شي اخر؟
السؤال عن المشارطة الواردة في الحديث التالي في صحيح مسلم عن عائشة قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما فلما خرجا قلت يا رسول الله من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان قال وما ذاك قالت قلت لعنتهما وسببتهما قال أو ما علمت ما شارطت عليه ربي قلت اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثناه علي بن حجر السعدي وإسحق بن إبراهيم وعلي بن خشرم جميعا عن عيسى بن يونس كلاهما عن الأعمش بهذا الإسناد نحو حديث جرير و قال في حديث عيسى فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما (مسلم)
الجواب:

أولاً: المشارطة هنا بمعنى التعاقد والمعاقدة والتعاهد بين النبي(صلى الله عليه وآله) و الله عز وجل با ن كل باطل وإساءة تصدر من النبي(صلى الله عليه وآله)يغفر الله تعالى بها لمن ارتكبت تلك الإساءة تجاهه من النبي(صلى الله عليه وآله) وقد ورد هذا المعنى في طرق هذه الرواية المتعددة و المختلفة فمرة تروى بلفظ ( شارطت عليه ربي ) واخرى يقول فيها (صلى الله عليه وآله): اللهم اني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه .
ثانياً: لا يمكن ان تقع مثل هكذا مشارطة من النبي(صلى الله عليه وآله)او الامام المعصوم(عليه السلام) لكثرت المحاذير الباطلة اللازمة منها كونها منافية للعصمة بل لادنى درجات العدالة والاستقامة والتقوى.
ثالثاً: هناك بعض المحاذير الخطيرة التي تلزم من نسبة صدور مثل هذه الامور من النبي (صلى الله عليه وآله) منها:
أ‌- تصوير النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) صاحب الخلق العظيم سبابا لعانا وبغير حق مع نهيه الشديد للناس العاديين عن فعل ذلك مع نعت الصحابة له(صلى الله عليه وآله) بأنه لم يكن لعانا ولا سبابا .
ب‌- جعل النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ظالما متهورا متسرعا في اصدار الاحكام والسباب واللعن على غير مستحقيها.
ت‌- تناقض مثل هذه الروايات المكذوبة مع ما قاله النبي (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن عمرو بن العاص كما ورد في الحديث الذي رواه احمد وابو داود والدارمي والحاكم وصححه الالباني في سلسلة أحاديثه الصحيحة برقم( 1532 )حيث قال عبد الله بن عمرو ( كنت اكتب كل شيء اسمعه من رسول الله(صلى الله عليه وآله) فنهتني قريش وقالوا : أتكتب كل شيء ورسول الله(صلى الله عليه وآله) بشر يتكلم في الغضب والرضى ! فأمسكت عن الكتاب فذكرت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك فأومأ بإصبعه الى فيه فقال : ( اكتب فوا الذي نفسي بيده ما يخرج منه الا حق ) .
فكيف نتصور مع هذا الحديث وهذه الحقيقة ان النبي (صلى الله عليه وآله) يسب ويلعن أناسا صحابة مؤمنين غير مستحقين لسب او لعن وانه اعطي حقا في ذلك بمشارطته ومعاهدته مع الله عز وجل ان لا يؤاخذه على ذلك لكونه متسرعا ويغضب ويوزع سبابا ولعنا على امته وأصحابه غير المستحقين لذلك ثم يجزيهم الله عن هذه الأخطاء الفادحة المخلة بالعصمة والعدالة والتقوى بالثواب والرحمة و تكفير الذنوب !؟
فأي دين هذا وأي نبي هذا وأي رب يقر بهذا ! ؟
وهل أرسل الله تعالى الرسل وجعلهم قدوة وأسوة ليفعلوا ذلك ويعلموا الناس مثل هذه الترهات ؟ ! .



السؤال: عصمة جميع الائمة باحاديث ثابة صحيحة
هل يوجد نص عن رسول الله صلوات الله عليه حصراً ..يكون صحيحاً صريحاً قطعي الصدور والسند يتفق عليه كافة علماء الشيعة على مر العصور بعصمة غير الخمسة ؟
الجواب:

لا اقل هناك الحديث المتواتر عند السنة والشيعة وهو حديث الثقلين الذي يدل دلالة واضحة على عصمة جميع الائمة(عليهم السلام) من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والى يوم القيامة حيث قال فيه(صلى الله عليه وآله) : (إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض حسنه الالباني في سلسلة احاديثه الصحيحة ح1761 واخرجه احمد في مسنده (3/14 و17و26و59 ) والطبراني (2678-2679 ) فقوله (صلى الله عليه وآله) فيه : ( ما ان اخذتم بهما لن تضلوا بعدي ... الا وانهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض) يدل على عصمة العترة الطاهرة لكون تعلق عدم الضلال بالاخذ والتمسك بهم مع القرآن بالاضافة إلى قرنهم مع القرآن المعصوم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه .
هذا وان لحديث جابر بن سمرة الذي يرويه البخاري ومسلم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند السنة لدلالة واضحة صريحة بعصمة الائمة الاثني عشر(عليهم السلام) كونه (صلى الله عليه وآله) يصفهم بقوله : (( لا يزال امر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ... كلهم من قريش)).
وفي رواية: لا يزال الدين عزيزا منيعا، وفي لفظ : قائما، وفي لفظ : ماضيا . وكل هذه الالفاظ تدل على عصمة الدين وكماله وصحته وهذا يدل على كون حملته الاثني عشر معصومين حافظين للدين الصحيح.
وتوجد غير هذين الحديثين الكثير من الاحاديث المتواترة على عصمة الائمة(عليهم السلام) وخلفاء الرسول الاعظم(صلى الله عليه وآله) وحملة دينه وحفظة علمه .


السؤال: لا يلي أمر المعصوم إلا المعصوم
(( لايلي امر المعصوم الا معصوم ))، هل هي قاعدة الزامية؟ ام لا؟ وما هو الدليل؟
الجواب:

أولاً: وردت روايات كثيرة حول مسألة لا يغسل الامام المعصوم الا المعصوم، ونحن ننقل جملة منها:
1- قال الامام الرضا (عليه السلام) لهرثمة: فانه سيشرف عليك المأمون ويقول لك: يا هرثمة أليس زعمتم أن الامام لا يغسله إلا إمام مثله؟ فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى، وابنه محمد بالمدينة من بلاد الحجاز ونحن بطوس؟ فإذا قال ذلك: فأجبه، وقل له: إنا نقول: إن الامام يجب أن يغسله الامام، فان تعدى متعد فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله ولا بطلت إمامة الامام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه، ولو ترك أبا الحسن علي بن موسى بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا مكشوفا ولا يغسله الان أيضا إلا وهو من حيث يخفى، فراجع بحار الانوار 27/288.
2- رواية ابراهيم بن ابي سمال قال كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام: إنا قد روينا عن أبي عبد الله عليه السلام أن الامام لا يغسله إلا الامام وقد بلغنا هذا الحديث، فما تقول فيه؟ فكتب إلي: إن الذي بلغك هو الحق، قال: فدخلت عليه بعد ذلك فقلت له: أبوك من غسله؟ ومن وليه؟ فقال: لعل الذين حضروه أفضل من الذين تخلفوا عنه، قلت: ومن هم؟ قال: حضروه الذين حضروا يوسف عليه السلام ملائكة الله ورحمته, فراجع بحار الانوار 27/288-289.
3- الحسين بن محمد عن المعلى عن محمد بن جمهور عن يونس بن طلحة قال: قلت للرضا عليه السلام: إن الامام لا يغسله إلا الامام، فقال: أما تدرون من حضر يغسله قد حضره خير ممن غاب عنه: الذين حضروا يوسف في الجب حين غاب عنه أبواه وأهل بيته فراجع بحار الانوار 27/289.
4- القاسم بن يحيى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله هبط جبرئيل ومعه الملائكة والروح الذين كانوا يهبطون في ليلة القدر قال: ففتح لأمير المؤمنين بصره فرآهم في منتهى السماوات إلى الأرض يغسلون النبي معه ويصلون معه عليه ويحفرون له، والله ما حفر له غيرهم حتى إذا وضع في قبره نزلوا مع من نزل فوضعوه، فتكلم وفتح لأمير المؤمنين عليه السلام سمعه فسمعه يوصيهم به فبكا وسمعهم يقولون: لا نألوه جهدا، و إنما هو صاحبنا بعدك إلا أنه ليس يعايننا ببصره بعد مرتنا هذه، حتى إذا مات أمير المؤمنين عليه السلام رأى الحسن والحسين مثل ذلك الذي رأى ورأيا النبي صلى الله عليه وآله أيضا يعين الملائكة مثل الذي صنعوا بالنبي حتى إذا مات الحسن رأى منه الحسين مثل ذلك، ورأي النبي وعليا يعينان الملائكة حتى إذا مات الحسين رأى علي بن الحسين منه مثل ذلك، ورأي النبي وعليا والحسن يعينون الملائكة، حتى إذا مات علي بن الحسين رأى محمد بن علي مثل ذلك ورأي النبي وعليا والحسن والحسين يعينون الملائكة، حتى إذا مات محمد بن علي رأى جعفر مثل ذلك ورأي النبي وعليا والحسن والحسين وعلي بن الحسين يعينون الملائكة حتى إذا مات جعفر رأى موسى منه مثل ذلك هكذا يجري إلى آخرنا، فراجع بحار الانوار 27/289-290.
5- أبو بصير قال الصادق عليه السلام: فيما أوصاني به أبي عليه السلام أن قال: يا بني إذا أنا مت فلا يغسلني أحد غيرك، فان الامام لا يغسله إلا إمام. فراجع بحار الانوار 27/290.
6- أحمد بن عمر الحلال أو غيره عن الرضا عليه السلام قال: قلت له إنهم يحاجوننا يقولون: إن الامام لا يغسله إلا الامام، قال:
فقال: ما يدريهم من غسله؟ فما قلت لهم؟ قال: قلت: جعلت فداك قلت لهم: إن قال:
مولاي: إنه غسله تحت عرش ربي فقد صدق، وإن قال غسله في تخوم الأرض فقد
صدق، قال: لا هكذا، فقلت: فما أقول لهم؟ قال: قل لهم: إني غسلته، فقلت:
أقول لهم: إنك غسلته فراجع بحار الانوار 27/290 .
7- محمد بن جمهور عن أبي معمر قال: سألت الرضا عليه السلام عن الامام يغسله الامام؟ قال: سنة موسى بن عمران عليه السلام فراجع بحار الانوار 27/290-291.
بيان: لعله أيضا محمول على المصلحة، فان الظاهر من الاخبار أن موسى عليه السلام غسلته الملائكة، والمراد أنه كما غسل موسى المعصوم لا يغسل الامام إلا معصوم، مع أنه يحتمل أن يكون حضر يوشع لغسله عليهما السلام. فراجع بحار الانوار 27/290-291
8- المفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: من غسل فاطمة؟ قال: ذاك أمير المؤمنين، فكأني استعظمت ذلك من قوله، فقال: كأنك ضقت بما أخبرتك به؟ قال: فقلت: قد كان ذلك جعلت فداك، قال: فقال: لا تضيقن فإنها صديقة ولم يكن يغسلها إلا صديق أما علمت أن مريم لم يغسلها إلا عيسى عليهما السلام . فراجع بحار الانوار 27/291
9- إسماعيل بن سهل، عن بعض أصحابنا، قال: كنت عند الرّضا (عليه السلام) فدخل عليه عليّ بن أبي حمزة وابن السّرّاج وابن المكارة فقال عليّ بعد كلام جرى بينهم وبينه (عليه السلام) في إمامته: إنّا روينا عن آبائك (عليهم السلام) أنّ الإمام لا يلي أمره إلاّ إمام مثله فقال له أبو الحسن:
فأخبرني عن الحسين بن عليّ (عليهما السلام) كان إماماً أو كان غير إمام؟ قال: كان إماماً، قال: فمن ولّي أمره؟ قال: عليّ بن الحسين (عليهما السلام)، قال: وأين كان عليّ بن الحسين؟ كان محبوساً في يد عبيد الله بن زياد! قال: خرج وهم كانوا لا يعلمون حتّى ولّي أمر أبيه ثمّ انصرف . فقال له أبو الحسن (عليه السلام) إنّ هذا الّذي أمكن عليّ بن الحسين (عليهما السلام) أن يأتي كربلاء فيلي أمر أبيه فهو يمكن صاحب الأمر. فراجع موسوعة شهداء المعصومين(عليهم السلام).
10- قال جعفر (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوصى إلى علي (عليه السلام) أن لا يغسلني غيرك . فراجع بحار الانوار 22/517.
ثانياً: من مجموع هذه الروايات يمكن ان نحصل على التواتر الاجمالي بان المعصوم لا يغسله الا معصوم وبالتالي نقطع بان هذه المسألة هي من عقائد الشيعة الثابتة .
ثالثاً: اذا قيل يصعب استفادة القطع من مجموع الاخبار نقول من مجموع الروايات يحصل اطمئنان وهو حجة وكاف في اثبات مثل هذه المسائل .
رابعاً: الخلاصة ان مسألة لا يغسل الامام المعصوم الا المعصوم هي من عقائد الشيعة وان هذا المعنى كان مشهورا من قبل الخاصة والعامة (راجع روضة المتقين1/371) والروايات متواترة في ذلك ولا نعلم خلافا الا من السيد المرتضى (قدس سره)


إذا كان للعصمة واقع فلماذا نرى التباين والاختلاف في آراء العلماء

المؤلف : السيد جعفر مرتضى العاملي
الكتاب أو المصدر : مختصر مفيد أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة
الجزء والصفحة : ج10


الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإن القائل بالإسهاء يقول: إنه يعتقد بالعصمة بجميع تفاصيلها وشؤونها، وأن تجويز الإسهاء ليس من موارد الخلاف في شأن العصمة، حيث إنه يقول بأن المعصوم لا تخرجه عصمته عن دائرة القدرة الإلهية، فإذا وجدت مصلحة للتدخل الإلهي، مثل أن يمنع الناس من الغلو بالنبي أو المعصوم، فإنه تعالى يفعل ذلك.. بعد أن يظهر لهم بما لا يقبل الريب: أن هذا فعل إلهي مباشر فيه، ويعرّفهم بأن سهوه هذا ليس لأجل خلل في عصمته..
وهذا القول هو الذي ذهب إليه الصدوق، ورده الشيخ المفيد عليه، ولعله قد خشي أن يتوهم الناس في كل فعل يصدر عن المعصوم: أنه قد صدر في حال إسهاء الله تعالى له، وبتصرف رباني به، وذلك حين لا تتوفر عناصر كافية لتعريف الناس بالفرق بين موارد السهو، وموارد الإسهاء.. وبذلك يكون الخلاف في الناحية التطبيقية..
وأما أصل العصمة بمعناها المعروف عند الشيعة، وبشمولها للخطأ، والسهو، والنسيان، وغير ذلك من شؤون وحالات، فلم يختلف عليها الشيخ المفيد مع الشيخ الصدوق، كما هو ظاهر.
هذا.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..





لو كان اهل البيت معصومين لما صدر منهم الاستغفار من الذنوب

المؤلف : السيد علي الحسيني الصدر
الكتاب أو المصدر : العقائد الحقة
الجزء والصفحة : ص 362 - 364


[جواب الشبهة]
... يحسن التعرّض ... لوجه الإستغفار من الذنوب الذي تجده في أدعية الأئمّة الطاهرين سلام الله عليهم مع أنّهم أصحاب العصمة الكبرى ، ولا يصدر منهم حتّى ترك الأولى ، ولا يعملون إلاّ بما يشاء الله ويرضاه ، فقد عصمهم الله من الزلل ، وحفظهم من المزالق حتّى أنّهم لا يتركون مستحبّاً ولا يفعلون مكروهاً إلاّ لوجه مبرّر رافع للحزازة ..
فاستغفارهم هذا ليس لفعل الذنب إطلاقاً ..
بل إنّ إستغفاراتهم مضافاً إلى كونها في مقام التضرّع الذي هو محبوب ذاتاً وتكون للحياء والرجاء والإنابة والرغبة والرهبة والطاعة والإخلاص والتقوى والتوكّل ونحو ذلك من مقتضيات الإستغفار التي تلاحظها في دعاء الزيارة الرضوية المباركة.. مضافاً إلى هذه الاُمور تكون إستغفاراتهم لوجوه حكيمة منها :
1 ـ إنّ الرسول وأهل البيت (عليهم السلام) هم الذين علّمونا التكلّم مع ملك الملوك وعظيم العظماء ( الله جلّ جلاله ) ، ولولاهم لم نعرف الطريقة المثلى والنهج الأفضل الذي ينبغي للعبد الإبتهال به إلى الله تعالى والسؤال منه عزّ إسمه وطلب المغفرة منه جلّ جلاله ..
فإحدى جهات أدعيتهم هو تعليمنا ذلك ، فجرى وجوه الإستغفار على لسانهم الطاهر حتّى يجري على لساننا نحن العصاة ; لنستقيل من ذنوبنا ونتوب من خطايانا ، وننال برد العفو وحلاوة الرحمة من المولى الغفور الرحيم ، كما إستفدنا هذا الوجه من شيخنا الاُستاذ (قدس سره) .
2 ـ إنّ النبي والآل سلام الله عليهم أوقاتهم مشغولة بالله تعالى ، وقلوبهم مملوءة بالتوبة إليه ، وخواطرهم متعلّقة بالملأ الأعلى، ونفوسهم مقبلة بكلّها إليه ، كلّ منهم يرى نفسه حاضراً عند الله ويرى الله ناظراً إليه .. فيرون إشتغالهم بالمباحات المحلّلة كالمآكل والمشارب والمناكح إنحطاطاً عن تلك المراتب العالية ، والمنازل الرفيعة ..
فيعدّونه ذنباً ويعتقدونه خطيئة فيستغفرون لأجل ذلك من كلّ ما جرى على لسانهم ، أو سمعوه بآذانهم ، أو رأوه بأبصارهم كما ترى في إستغفار الإمام الكاظم (عليه السلام) في سجدة الشكر .. ويستفاد هذا الوجه من الشيخ الإربلي في كشف الغمّة كما نقله في البحار(1).
3 ـ إنّ رسول الله وآله صلوات الله عليهم لمّا كانوا في غاية المعرفة الإلهيّة لمعبودهم ، فكلّ ما أتوا به من الحسنات وعملوه من الصالحات رأوها قاصرة عن أن تليق بجناب ربّ العزّة .. فعدّوا طاعاتهم من المعاصي ، واستغفروا كما يستغفر المذنبون، وعدّوا أنفسهم مقصّرين ، كما أفاده العلاّمة المجلسي (قدس سره)(2).
فعصمة أهل البيت (عليهم السلام) ونزاهتهم وطهارتهم عن جميع الذنوب والعيوب لا يدانيها ريب ولا يداخلها عيب ...
________________
(1) بحار الأنوار : (ج25 ص203) .
(2) بحار الأنوار : (ج25 ص210) .


القول بعصمة علي [عليه السلام] يعارضها ما جرى في الحديبية

المؤلف : السيد جعفر مرتضى العاملي
الكتاب أو المصدر : مختصر مفيد أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة
الجزء والصفحة : ج1 - ص 26- 30


[نص الشبهة]
كان علي [عليه السلام] ضمن الذين رفضوا حلق رؤوسهم في الحديبية، حين قال [صلى الله عليه وآله]: «اللهم اغفر للمحلقين»، وهذا من موجبات الطعن في عصمته.
الجواب:
ربما يكون منشأ هذه الشبهة هو النص الذي ذكر أن النبي [صلى الله عليه وآله] بعد أن كتب كتاب الصلح: «قال لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس.
فقالت أم سلمة يا نبي الله، أتحب ذلك؟ أخرج ولا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنتك، وتدعو حالقك فيحلقك.. الخ..»(1).
والجواب على ذلك:
أولاً: إنه لا شك في أن عليا أمير المؤمنين [عليه السلام] لم يعص أمر رسول الله [صلى الله عليه وآله]، لا في هذه الواقعة، ولا في غيرها، فهو يقول: «وإني والله لم أخالف رسول الله [صلى الله عليه وآله] ولم أعصه في أمر قط»(2).
ثانياً: إن ذلك النص الذي قد يستدلون به، والذي ذكرناه آنفا، رغم تحفظنا عليه بسبب ما يظهر منه من إظهار أم سلمة على أنها قد أدركت أمراً غفل عنه رسول الله [صلى الله عليه وآله]، ـ نعم رغم هذا التحفظ، نقول: إنه وإن كان ظاهره العموم والشمول لجميع أصحابه [صلى الله عليه وآله]، لكن التأمل فيه يقتضي حمله على العموم والشمول لجميع المعترضين على رسول الله [صلى الله عليه وآله] دون غيرهم. أي ما قام رجل ممن كانوا قد اعترضوا على الصلح، واغتموا له.
وذلك، لأن المستفاد من الروايات هو أن ثمة فريقا من الناس كان عليهم الحلق في عمرتهم تلك، ولكنهم لم يطيعوا أمر رسول الله [صلى الله عليه وآله]، ولا قاموا بما لزمهم القيام به، بل تلكأوا في بادئ الأمر، وتعللوا، ثم إنهم حين وجدوا أن لا مناص من التحلل آثروا أن يتحللوا بالتقصير؛ لا بالحلق؛ وذلك بسبب ما عرض لهم من شك.
فلاحظ النصوص التالية:
1 ـ روى ابن هشام، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: حلق رجال يوم الحديبية، وقصّر آخرون.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وآله]: يرحم الله المحلقين.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟
قال [صلى الله عليه وآله]: يرحم الله المحلقين.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟
قال [صلى الله عليه وآله]: يرحم الله المحلقين.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟
قال [صلى الله عليه وآله]: والمقصرين.
فقالوا: يا رسول الله، فلم ظاهرت الترحم للمحلقين دون المقصرين.
قال [صلى الله عليه وآله]: لم يشكّوا(3).
فالشاكون إذن قد أحلوا من إحرامهم بالتقصير، مع أن وظيفتهم كانت هي الحلق، امتثالا لأمر رسول الله [صلى الله عليه وآله].
2 ـ يفهم من رواية القمي: أن بعض الذين لم يسوقوا الهدي كانوا قد حلقوا امتثالا وطاعة لأمر رسول الله [صلى الله عليه وآله]، وبعضهم قصر اكتفاء في التحليل بالتقصير، ولم يمتثلوا أمر رسول الله [صلى الله عليه وآله] بالحلق، وأن فيمن ساق الهدي من كان شاكاً أيضاً.
قال القمي: «قال رسول الله [صلى الله عليه وآله] لأصحابه: انحروا بدنكم، واحلقوا رؤوسكم، فامتنعوا، وقالوا: كيف ننحر ونحلق، ولم نطف بالبيت، ولم نسع بين الصفا والمروة؟!.
فاغتم رسول الله [صلى الله عليه وآله] من ذلك وشكا ذلك إلى أم سلمة، [ربما ليظهر رجاحة عقلها ودينها ـ وهي امرأة ـ على عقولهم، وهم أصحاب الدعاوى العريضة].
فقالت: يا رسول الله، انحر أنت، واحلق.
فنحر رسول الله [صلى الله عليه وآله] وحلق، ونحر القوم على حين يقين، وشك وارتياب.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وآله] تعظيما للبدن:
رحم الله المحلقين.
وقال قوم لم يسوقوا البدن: يا رسول الله، والمقصرين؛ لأن من لم يسق هديا لم يجب عليه الحلق.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وآله] ثانياً:
رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدي.
فقالوا: يا رسول الله، والمقصرين؟
فقال: رحم الله المقصرين»(4).
والخلاصة: أن الرسول [صلى الله عليه وآله] قد أظهر رضاه ومحبته للمحلقين، وتذمّره من الذين اكتفوا بالتقصير، وهذا يفيد أن الذين قصروا هم الذين خالفوا أمر الرسول [صلى الله عليه وآله].
فالمخالفون لأمر رسول الله [صلى الله عليه وآله] والشاكُّون ليسوا جميع المسلمين الحاضرين في الحديبية، بل هم فريق بعينه كما دلت عليه النصوص.
ولا شك في أن علياً [عليه السلام] ليس منهم، وليس هناك نص تاريخي يصرح بأن علياً [عليه السلام] كان بين الذين لم يحلقوا، فإن طاعته لرسول الله [صلى الله عليه وآله] والتزامه الحرفي بأوامره ونواهيه كالنار على المنار وكالشمس في رابعة النهار، وما جرى في خيبر، حينما أمره رسول الله [صلى الله عليه وآله] بالذهاب وعدم الإلتفات، فوقف ولم يلتفت وقال: على ما أقاتلهم يا رسول الله.. هذه القضية معروفة ومشهورة وتلك هي الآيات الشريفة لم تزل تنزل على رسول الله [صلى الله عليه وآله] مقررة لعصمته، كآية التطهير، ثم ما نزل في حقه كرامة له، لأنه هو وحده المطيع لرسول الله [صلى الله عليه وآله]، كآية النجوى وغيرها خير شاهد على ذلك أيضاً.
هذا بالإضافة إلى شواهد أخرى تبين مدى حرصه [عليه السلام] على طاعة أوامر الرسول [صلى الله عليه وآله] حرفياً. يجدها المتتبع لسيرته [صلوات الله وسلامه عليه]..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع: تاريخ الطبري ج2 ص283 والبداية والنهاية ص200.
(2) راجع: الأمالي للمفيد ص235 والأمالي للشيخ الطوسي ص11. وراجع: نهج البلاغة ج2 ص171.
(3) راجع: سيرة ابن هشام القسم الثاني ص319 وتاريخ الطبري ج2 ص283.
(4) راجع: تفسير القمي ج2 ص314.

يتبع

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.37 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2019 الساعة : 12:23 AM


السؤال: كلام الإمام علي (عليه السلام) للإمام الحسن (عليه السلام)لا يقدح بالعصمة

قول علي ابن أبي طالب في نهج البلاغة في وصيته لابنه الحسن رضي الله تعالى عنه حيث قال: (أَي بُنَيَّ إِنِّي لَمَّا رَأَيتُنِي قَد بَلَغتُ سِنّاً وَ رَأَيتُنِي أَزدَادُ وَهناً بَادَرتُ بِوَصِيَّتِي إِلَيكَ وَ أَورَدتُ خِصَالًا مِنهَا قَبلَ أَن يَعجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَن أُفضِيَ إِلَيكَ بِمَا فِي نَفسِي أَو أَن أُنقَصَ فِي رَأيِي كَمَا نُقِصتُ فِي جِسمِي أَو يَسبِقَنِي إِلَيكَ بَعضُ غَلَبَاتِ الهَوَى وَ فِتَنِ الدُّنيَا فَتَكُونَ كَالصَّعبِ النَّفُورِ... إلى أن قال: فَإِن أَشكَلَ عَلَيكَ شَيءٌ مِن ذَلِكَ فَاحمِلهُ عَلَى جَهَالَتِكَ فَإِنَّكَ أَوَّلُ مَا خُلِقتَ بِهِ جَاهِلًا ثُمَّ عُلِّمتَ وَ مَا أَكثَرَ مَا تَجهَلُ مِنَ الأَمرِ وَ يَتَحَيَّرُ فِيهِ رَأيُكَ وَ يَضِلُّ فِيهِ بَصَرُكَ ثُمَّ تُبصِرُهُ بَعدَ ذَلِكَ فَاعتَصِم بِالَّذِي خَلَقَكَ وَ رَزَقَكَ وَ سَوَّاكَ) (نهج البلاغة ج2 ص578 مؤسسة المعارف بيروت)
هل قوله عليه السلام لابته الحسن فاحمله على جهالتك ينافي العصمة ؟؟
الجواب:

قد ثبتت العصمة بدليل قطعي، فما يرد من الأقوال التي تحتمل القدح بالعصمة لابد من تأويلها بما يتوافق مع العصمة، وهذا كقاعدة كلية.
ثم إن كلام الإمام (ع) لا يقدح بالعصمة، فإن عدم التعرف على الشيء لو فرض حصوله عند الإمام لا يعني الوقوع في المعصية أو الخطأ أو السهو بل قد يتوقف الإمام في تلك الحال إلى أن يعرفه الله ما خفي عنه، فإن قول الإمام علي (عليه السلام) واضح في أنهم لا يعملون بذاتهم وإنما يعملون ذلك بتعليم الله سبحانه وتعالى.



السؤال: آية التحريم

قال المولى عز وجل: (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك )) وقد فسرتم سماحتكم بأن كلام الله عز وجل هنا إشفاقا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث حملها ما يتعبها فنفهم أن هناك تصرفا آخر هو أفضل من هذا التصرف وهو عدم إتعاب نفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأكل من ذلك العسل، ولكن العصمة هي عصمة من الذنب والخطأ أيضا أي أن جميع أفعال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هي الأفعال المثالية التي لا يوجد فعل آخر أفضل منها، فكيف نزيل هذا اللبس؟

الجواب:

إنما صارت أفعال النبي (صلى الله عليه وآله) أفضل الأفعال لأجل التسديد الإلهي له في كل عمل، وكان التسديد له في هذا العمل هو بالآية القرآنية حيث أرشدته الى ما هو الأفضل، ولكن هذا المفضول عملاً لا يقدح بالعصمة بل قد لا يكون أيضاً تركاً للأولى بل الأولى هو ما عمله (صلى الله عليه وآله) ثم جاءت الآية القرآنية لترشده الى عمل آخر الأولى فيه ما ذكرته الآية القرآنية.
وبمعنى آخر أن التدرج في التكامل الذي هو مسار كل سالك حتى الأنبياء يحتم إختلاف الأعمال مع اختلاف الدرجات، فالدرجة الأولى اقتضت عملاً معيناً والأخرى اقتضت عملاً آخر، فالآية القرآنية جاءت لترفع النبي(صلى الله عليه وآله) درجة في سلم التكامل بالإرشاد الى عمل جديد.




السؤال: هل خالف علي (عليه السلام) سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عليّ بن ابراهيم في (تفسيره) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالى: (( لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم )) قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) وبلال وعثمان بن مظعون، فأما أمير المؤمنين (عليه السلام) فحلف أن لا ينام بالليل أبدا، وأما بلال فانه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا، وأما عثمان بن مظعون فانه حلف أن لا ينكح أبدا.. إلى ان قال: فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونادى الصلاة جامعة، وصعد المنبر، وحمد الله، واثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات ألا إنيّ انام الليل، وأنكح، وافطر بالنهار، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي، فقام هؤلاء، فقالوا: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد حلفنا على ذلك، فأنزل الله عزّ وجلّ: (( لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام ذلك كفارة ايمانكم اذا حلفتم ))
السؤال:
هل خالف الامام علي عليه السلام السنة, لقول الرسول صلى الله عليه وآله: (فمن رغب عن سنتي فليس مني)؟
وقد وضعها المجلسي في باب الرهبانية وقد اطلق عليها بأنها بدعة, والبدعة حرام كما هو معلوم..
فما هي الرهبانية وهل هي جائزة في الاسلام, واذا لم تكن جائزة فما هو الحكم حول فعل الامام علي عليه السلام منها ؟
الجواب:

أولاً: ان الإمتناع عن الشهوات ولجم النفس عنها حسن وفضيلة يستحق المدح عليها في الجملة, ولولا ذلك لما أوردوا سبب نزول هذه الأية مورد المدح بل أدخل المخالفون فيها عددا من الصحابة كأبي بكر مرة وسالم مرة أخرى وعمر ثالثة إلى أن أوصلوهم إلى عشرة مع علي (عليه السلام) وبلال وعثمان بن مطعون (فتح الباري 9: 89, عمدة القاري 18: 207, تفسير مقاتل 1: 317)
ثانياً: عقد العلماء لهذا الحكم مسألة في الفقه وهي بحث اليمين المكروهة، قال الشيخ الطوسي في (الخلاف): مسألة (2): إذا حلف والله لا أكلت طيباً ولا لبست ناعماً كانت هذه يميناً مكروهة والمقام عليها مكروه وحلها طاعة وبه قال الشافعي وهو ظاهر مذهبه وله فيه وجه آخر ضعيف وهو أن الأفضل اذا عقدها أن يقيم عليها, وقال أبو حنيفة: المقام عليها طاعة ولازم.
دليلنا قوله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُم )) (المائدة:87)، ثم قال: (( وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤمِنُونَ )) (المائدة:88) يعني في المخالفة... الخ (الخلاف 6: 110) فانت ترى أن هكذا يمين وهو مورد الرواية ليست حراماً بل يميناً مكروهة وأنما استدل على كراهتها بنفس آلاية مورد النزول في الرواية, مع أن في المسألة خلاف بين الفقهاء.
ثالثاً: أن ما كان من الرهبانية في الأمم السابقة منسوخ في الشريعة الاسلامية وأن كان ممدوحاً مستحباً عندهم, وقد أستدل الفقهاء على هذا الحكم بهذه الرواية مورد نزول الآية.
فكان عمل الصحابة قبل نزول التشريع بهذه الآية استصحاباً لما كان مستحباً وممدوحاً في الشرايع السابقة وهو استصحاب جائز أنتهى جوازه بعد أن ثبت النسخ بنزول التشريع بالكراهة وأنها من سنة النبي (صلى الله عليه وآله) وورد في ذلك روايات كما في الكافي (5: 494) وما بعدها.
رابعاً: ان ما حرمه الصحابة على أنفسهم لم يكن تحريماً تكليفياً عاماً وإنما كان تحريماً شخصياً وهو نحو من الالتزام بترك المباحات بالحلف على تركها, وإن كان هناك كلام في حلف عثمان بن مظعون لأن فيه غمط لحق زوجته.
فهم لم يشرعوا تحريماً مضادة لما شرعه الله من الحلية - نعوذ بالله - وإنما حرموا على أنفسهم بالحلف ولكن بما أن هكذا حلف وما يترتب عليه من التزام و دائمي مستمر يؤدي إلى الرهبانية جاء النهي الالهي عن ذلك مبيناً أن لا رهبانية في الإسلام.
فتبين من ذلك أن الحلف وإن كان على ترك المباحات ولكن الأولى أن لا يكون دائمياً يؤدي إلى الترهب.
ومن هنا يتبين أن علي (عليه السلام) لم يخطأ عندما حلف على ترك المباح وإنما كان منه ترك الأولى فنزل القرآن بذلك وبينه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن من سنته ترك الترهب.
وهذا مثل ما نزل في حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما حرم على نفسه ما حرم مراضاة لأزواجه فأنزل الله (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبتَغِي مَرضَاتَ أَزوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) (التحريم:1) اذ لم يكن من رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطأ ولا معصية حاشاه, وإنما كان الأولى منه عدم منع نفسه في سبيل مرضاة أزواجه، فبين الله له ذلك الأولى.
وكذا لم يكن ما فعل علي (عليه السلام) خطأ ولا معصية قادح في العصمة, كما أنه لم يخالف سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن التشريع لم يكن نازلا بعد وإنما أصبح سنة بعدما بينه رسول الله (صلى الله عليه وآله). مع ملاحظة أن ذلك كان من ترك الأولى وليس من الفرض, ولكن المغرضيين هداهم الله لا يفرقون بين الخطأ المقابل للصواب وبين ترك الأولى وفعله, كما لا يفرقون بين تقدم الحلف وبين لحوقه إذ يقول هذا المستشكل (الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في رده أنه ينام وعلي بن أبي طالب يقسم ألا ينام فمن الذي أخطأ؟) فمن الوضوح بمكان ما فيه من المغالطة فإن حلف الصحابة ومنهم علي (عليه السلام) كان قبل نزول الآية وقبل تقرير الرسول (صلى الله عليه وآله) لسنته.
ومثل ذلك ما جاء في سبب نزول قوله تعالى (( مَا أَنزَلنَا عَلَيكَ القُرآنَ لِتَشقَى )) (طه:2)
خامساً: لم يقل الشيعة يوماً أن علياً (عليه السلام) أعلم من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإن الروايات المتكاثرة تنص على أنه كان يسأل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويتعلم منه ويعلمه (صلى الله عليه وآله)، ولم يكن هذا الحلف منه (عليه السلام) في زمان إمامته حتى يخدش في علم الإمامة.
سادساً: وتلخيصاً للجواب, نقول: ان علياً (عليه السلام) لم يفعل المعصية وإنما ترك الأولى وأصبح الحكم في ترك الأولى هذا مكروهاً بعد أن تقرر التشريع الالهي وصدرت السنة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن الكراهة أحد الأحكام الشرعية, وكان قبل ذلك مستحباً استصحاباً لما كان في الشرايع السابقة ولكنه نسخ في الإسلام.
ويظهر بذلك أن ما صدر عن الإمام لا يخالف العصمة ولا ينقض علمه بالكتاب.




السؤال: قوله تعالى (والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين)
قال تعالى (( وَالَّذِي أَطمَعُ أَن يَغفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَومَ الدِّينِ ))
كيف تفهم هذه الآية على ضوء عصمة الأنبياء
الجواب:

قال السيد الطباطبائي في (تفسير الميزان ج 15 ص 285):
ونسبة الخطيئة إلى نفسه وهو (عليه السلام) نبي معصوم من المعصية دليل على أن المراد بالخطيئة غير المعصية بمعنى مخالفة الأمر المولوي، فإن للخطيئة والذنب مراتب تتقدر حسب حال العبد في عبوديته، كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: (( وَاستَغفِر لِذَنبِكَ )).
فالخطيئة من مثل إبراهيم عليه السلام اشتغاله عن ذكر الله محضا بما تقتضيه ضروريات الحياة كالنوم والأكل والشرب ونحوها وإن كانت بنظر آخر طاعة منه عليه السلام كيف؟ وقد نص تعالى على كونه عليه السلام مخلصا لله لا يشاركه تعالى فيه شئ إذ قال: (( إِنَّا أَخلَصنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكرَى الدَّارِ )) (ص:46).



السؤال: هل يوجد تناقض بين (لا جبر ولا تفويض) وبين قوله تعالى (وما ينطق عن الهوى)

قال المعاند: القاعدة التي تقول (لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين)، تسقطها الآية المباركة: (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )).
فالآية واضحة أن مطلق نطق النبي (ص) ما هو إلا وحي يوحى، أي ليس باختياره، وإن سلب الإختيار من رسول الله (ص)، فمعنى ذلك أن كل نطق ينطق به يكون مجبورا عليه، فتسقط قاعدة (الأمر بين الأمرين) وتثبت قاعدة الجبر.
وعلى ذلك يستلزم على الشيعة القول بأحد القولين:
1- أن هذه الآية تدلل على العصمة في التبليغ فقط. (وهذا أيضا يحتاج لدليل لأن الآية تشير إلى إطلاق النطق وليس التبليغ فقط).
2- أن هذه الآية تقول بالجبر في نطق الرسول (ص) وليس له الاختيار فيه.

الجواب:

أوضح علماؤنا (قدس الله أسرارهم) في بحوث مستفيضة أن حالة العصمة تجتمع تماماً مع ما ذهبت إليه الطائفة من أنَّ (لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين)، وذلك بأنَّ العصمة تمسك المعصوم وتمنعه عن أي مناف، ولكن لا تلجؤه إلى الطاعة، ولا تلجؤه إلى ترك المعصية أو المنافي.
وهذا المعنى قد أشار إليه الشيخ المفيد(ره) في كتابه (النكت الاعتقادية) حيث قال: ((العصمة لطف يفعله الله تعالى بالمكلف)).
فقوله (بالمكلف)، حيث يريد أن يفهمنا بأنَّ المعصوم مكلّف، أي أنّه مأمور بالطاعة وترك المعصية، وأنه إذا أطاع يثاب، وإذا عصى يعاقب، ولذا جاء في القرآن الكريم: (( فَلَنَسأَلَنَّ الَّذِينَ أُرسِلَ إِلَيهِم وَلَنَسأَلَنَّ المُرسَلِينَ )) (الاعراف:6)، يعني إن المرسلين كسائر أفراد أممهم مكلفون بالتكاليف، فلا يكون من هذه الناحية فرق بين الرسول وبين أفراد أمته، وعلى الرسول أن يعمل بالتكاليف، كما أنَّ على كلّ فرد من أفراد أمته أن يكون مطيعاً وممتثلاً للتكاليف، فلو كان المعصوم مسلوب القدرة عن المعصية، مسلوب القدرة على ترك الإطاعة، فلا معنى حينئذٍ للثواب والعقاب، ولا معنى للسؤال..
وبلحاظ هذا المعنى لا يرد الإشكال الذي ذكرتموه في سؤالكم فالآية ظاهرة في أن كل ما ينطق به رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو من عند الله وهو مسدد في ذلك, وليس فيها أي إشارة إلى أنه مجبر لا يستطيع الخلاف - أعوذ بالله - وفي قوله تعالى : (( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعضَ الأَقَاوِيلِ )) (الحاقة:44), كفاية, فتدبر ذلك.



السؤال: أدلة نقلية وعقلية على عصمة الأئمة (عليهم السلام)

1- هل لعصمة الائمه (عليهم السلام) دليل نقلي خاص بها كحديث يصرح بها لفظا (الامام معصوم) اوجعفر بن محمد معصوم او أي لفظه اخرى تعطي معنى العصمه ام لانها من مستلزمات الامامه؟ وان كانت من مستلزمات الامامه فما وجه الملازمه؟
لماذا لايصح الامام ان يكون غير معصوم؟ كما هو حال مراجعنا الكرام (حفظهم الله) فانهم اصحاب قرار في الامور العامه السياسيه ويجب طاعتهم فضلا عن الامور الشرعيه مع انهم غير معصومين
2- لماذا يجب ان يكون الرسول معصوما قبل البعثه؟ ولماذا يجب ان يكون معصوما في حال غير التبليغ في فترة البعثه؟ لماذا عمل الرسول في عدم حال البيان يجب صحته
الجواب:

ورد الاستدلال على عصمة الأئمة (عليهم السلام) بأدلة متعددة نقلية وعقلية، والنقلية نصاً وظاهراً وإستفاده.
أماّ النص فقد ورد - من طرق الشيعة - قول الإمام الصادق (عليه السلام): (نحن قوم معصومون، أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا) (الكافي1: 369/باب في أن الأئمة (عليهم السلام) بمن يشبهون ممن مضى). وهكذا غيره.
ومن طرق أهل السنة فقد ورد الحديث المعروف بحديث الثقلين والذي جاء في أحد نصوصه: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض).
فهذه الرواية نص في العصمة لأن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لن تضلوا بعدي أبداً، يطابق معنى: إن الكتاب والعترة معصومون من الخطأ وبإتباعهم لن تضلوا أبداً).
وأيضاً قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض). يطابق معنى: إن أهل البيت معصومون كما هو شأن القرآن في العصمة الذي ثبت أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. فهذا هو معنى عدم الافتراق. وإلاّ يمكن أن يدّعى بأن الافتراق يمكن أن يتحقق حتى بصدور الخطأ والمعصية عنهم (عليهم السلام) غفلة أو سهواً أو نسياناً، فهذا مصداق للإفتراق اللغوي. وقد أخبر (صلى الله عليه وآله وسلم) أنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض.
الأمر الذي يدل على عدم صدور المعصية منهم حتى على نحو الغفلة أو السهو أو النسيان، وإلا لا يصدق الحديث المذكور بعدم الافتراق مع أنه من الأحاديث المتواترة القطعية الصدور عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وأيضاً من النص على عصمة الأئمة (عليهم السلام) وعصمة علي (عليه السلام) بالذات قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض) (أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين 3: 134)، والذهبي في الصفحة ذاتها من تلخيصه، وصّرح كل منهما بصحته على شرط الشيخين.
وهذا الحديث صريح بعصمته (عليه السلام) لمحل عدم الافتراق عن القرآن المعصوم، كما تقدم ذكره في البيان السابق.
وأيضاً من النصوص، قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من سّره أن يحيا حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربّى، فليوالي عليّاً من بعدي، وليوالي وليّه، وليقتد بأهل بيتي من بعدي، فإنهم عترتي، خلقوا من طينتي، ورزُقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذّبين فيهم من أُمّتي، القاطعين في صلتي، لا أنا لهم الله شفاعتي) (أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 6:1) بإسناد صحيح.
ويمكن أن يكون قبل هذا كله قوله تعالى في آية التطهير: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الأحزاب:33). فإذهاب الرجس وإرادته التطهير معنى آخر عن جعل العصمة.(راجع البحث في موقعنا/ حرف الألف/ آية التطهير).
وأما الظاهر فيما يستدل به بآية ولاة الأمر، وهي قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم )) (النساء:59). فهنا يمكن القول بلزوم عصمة أولي الأمر لمحل الطاعة المطلقة لهم المقترنة بالطاعة المطلقة لله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا الإطلاق في الطاعة لازمه ثبوت العصمة، لان مع افتراض عدم العصمة معناه احتمال وقوع المعصية، ومع هذا الاحتمال لا يصح الإيجاب المذكور في الآية الكريمة بالإطاعة المطلقة لأولي الأمر لأنه ترخيص في إتباع الباطل - أي عند فرض عدم العصمة واحتمال صدورالخطأ - وهو باطل جزماً، وبهذا تثبت عصمة أولي الأمر.
فإذا علمنا أن التكليف هو فرع القدرة، والتكليف بغير المقدور - في حال دعوى عدم وجود المعصوم في الأمة ومع ذلك فإن الآية قد أوجبت إطاعته - محال، فيثبت بذلك وجود المعصومين في الأمة ليصح التكليف المذكور. وإلا كان ذلك من التكليف بغير المقدور وهو محال..
نقول: لم يدع العصمة في الأمة كلها من البشر سوى للأئمة الاثنى عشر من آل البيت (عليهم السلام). وحينئذ يدور الأمر بين شيئين لا ثالث لهما: إما لزوم إطاعتهم



السؤال: نسبة اللعب إلى الحسن والحسين (عليهما السلام)

وردت روايات معدودة, لعلها أربعة أو خمسة روايات رأيتها في هذا المضمون, من أن الإمامين الحسنين صلوات الله وسلامه عليهما كانا يلعبان, أو أنهما صلوات الله وسلامه عليهما كانا في بعض الأحيان يبولان على صدر رسول الله صلى الله عليه وآله, أو أنه جاء عن الإمام الصادق عليه السلام حينما كان طفلا كان يؤذي الخطاف في صحن مسجد الحرام ونهاه إمامنا السجاد أو الباقر عليه السلام عن ذلك الفعل, وغيرها وغيرها من الروايات التي تدل على اللعب أو التبول وغيرذلك من الأمور التي لا تناسب مقام الإمامة والعصمة, كما جاء في وصف الإمام عليه السلام في خطبة الإمام الرضا صلوات الله وسلامه عليه, أوما جاء في قرآن الكريم عن أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم وطفولتهم مثل نبي الله عيسى أو يحيى أو يوسف أو سليمان على نبينا وآله وعليهم أفضل الصلاة والسلام, فكيف جاءت هذه الروايات التي مضمونها اللعب والتبول والإيذاء وغير ذلك من المضامين التي لا تناسب مقام الإمامة؟
أليس ورد عندنا أن من علامات الإمام عليه السلام : " طهارة الولادة، وحسن المنشأ، ولا يلهو ولا يلعب " أو تعرّض له أمير المؤمنين علي عليه السلام من خصائص وعلامات الاِمام المعصوم عليه السلام، فقال : « والإمام المستحق للاِمامة له علامات فمنها : أن يعلم أنّه معصوم من الذنوب كلّها صغيرها وكبيرها، لا يزلّ في الفتيا، ولا يخطئ في الجواب، ولا يسهو، ولا ينسى، ولا يلهو بشيء من أمر الدنيا », ولقد كان من أئمتنا عليهم السلام من تسلم مقاليد الإمامة بأبي هو وأمي وهو لا زال في سن صغير, مثل إمامنا الجواد صلوات الله وسلامه عليه وإمامنا الحجة صلوات الله وسلامه عليه وعجل الله فرجه الشريف, ونخاطبهم في الزيارة الجامعة الكبيرة بمثل هذه الصفات السامية : " ... اصطفاكم بعلمه وارتضاكم لغيبه واختاركم لسره واجتباكم بقدرته وأعزكم بهداه وخصكم ببرهانه وانتجبكم لنوره وأيدكم بروحه ورضيكم خلفاء في أرضه وحججاً على بريته وأنصاراً لدينه وحفظةً لسره وخزنةً لعلمه ومستودعاً لحكمته وتراجمةً لوحيه وأركاناً لتوحيده وشهداء على خلقه وأعلاماً لعباده ومناراً في بلاده وأدلاء على صراطه عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن وطهركم من الدنس وأذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيراً فعظمتم جلاله وأكبرتم شأنه ومجدتم كرمه وأدمتم ذكره ووكدتم ميثاقه ... " ونحن نعتقد بما جاء في نهج البلاغة الشريف في عصمة الرسول الاكرم صلي الله عليه وآله وسلم منذ الطفولة، يقول أمير المؤمنين عليه السلام واصفا النبي الاكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلاقته به: "ولقد قرن الله سبحانه به من لدن ان كان فطيما اعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن اخلاق العالم ", أرجوا التفصيل في المسئلة, لأن هذه الشبهة أصبحت تتداول في أوساط الشيعة, وقد قام بعض من ينسب نفسه زورا إلى التشيع إلى التقليل والقدح في مقام الإمامة السامي من خلال هذه الروايات, فلم يعد عنده قدر الإمام سوى أنه مبلغ ومفتي شرعي لا غير سواء أنه لا يعدو كونه مسددا في بعض المسائل الشرعية والمهمة ليس إلا كما يقول أبناء العامة.
أرجوا التفصيل الكثير والدقيق في المسئلة بشكل تدحض هذه الشبهة من الأساس .
وشكرا لكم
الجواب:

بملاحظة بعض الروايات التي تشير الى لعب الحسن والحسين (عليهما السلام) نجد ان الراوي هو الذي يتصور ان هذين الغلامين يلعبان فهو يتصور ان هذه الحركات هي حركات غير هادفة فيقول عنها انها لعب في حين ان حقيقتها شئ آخر لايدركه الراوي .
فمثلا ينقل بعض الرواة انهما صلوات الله عليهما كانا يلعبان ثم يقول الراوي انه (راى الحسن يصيح بنخلة فتجيبه بالتلبية وتسعى اليه كما يسعى الولد الى والده) ونحن نقول ان الذي يصدر منه مثل هذا الفعل كيف نصف افعاله هذه باللعب بل لعل مراده صلوات الله عليه هو هداية من ينظر اليه برؤيته لهذه المعجزة.
واما روايات التبول فلابد من ردها وعدم قبولها اما من جهة معارضتها مع الادلة القطعية او كونها روايات غير معتبرة السند .
واما رواية الخطاف فالفعل الصادر من الامام يمكن فهمه بانه كان يريد ازالة الاذى المتصور من هذا الحيوان ولذلك علل الامام السجاد بعد ايراده للنهي بانهن لايؤذين شيئا.




السؤال: فعل ابراهيم (عليه السلام) لا يعد كذباً

لدي سؤال يشغلني كثيرا، وهو حول عصمة الانبياء حيث تؤمن الشيعة الاثناعشرية بعصمة الانبياء جميعا قبل البعثة وبعدها لكن اجد في القرآن الكريم ما قد يخالف هذا فالنبي ابراهيم عندما حطم الاصنام وسأله قومه عن ذلك فجاء على لسانه ان قال : (( بَل فَعَلَهُ كَبِيرُهُم هَذَا )) (الأنبياء:62)
ألا يحمل هذا على الكذب ؟
الجواب:

اذا ادعى مدع دعوى والغرض منها الزام الخصم بحيث يوصل الى ابطال عقيدة فاسدة فهذا لا يسمى كذبا بل معناه التسليم بمقدمات خاطئة وهو في علم الجدل والمحاورة مقبول وصحيح ولا يعد كذباً.



السؤال: عصمة مريم بنت عمران
هل مريم ابنة عمران عليها السلام معصومه؟
وماهو الدليل على عصمتها من القرآن؟
الجواب:

كانت عليها السلام صديقة وكانت معصومة بعصمة الله طاهرة مصطفاة محدثة حدثها الملائكة بأن الله اصطفاها وطهرها. كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: (( وَإِذ قَالَتِ المَلَائِكَةُ يَا مَريَمُ إِنَّ اللَّهَ اصطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ )) (آل عمران:42).




السؤال: هل خالف علي (عليه السلام) سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)
علي بن ابراهيم في (تفسيره) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالى : (( لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُم )) (المائدة:87) قال : نزلت في امير المؤمنين (عليه السلام) وبلال وعثمان بن مظعون، فأما امير المؤمنين (عليه السلام) فحلف أن لا ينام بالليل ابدا، وأما بلال فانه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا، وأما عثمان بن مظعون فانه حلف أن لا ينكح ابدا إلى ان قال : فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونادى الصلاة جامعة، وصعد المنبر، وحمد الله، واثنى عليه، ثم قال : ما بال اقوام يحرمون على انفسهم الطيبات الا إنيّ انام الليل، وانكح، وافطر بالنهار، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي، فقام هؤلاء، فقالوا : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد حلفنا على ذلك، فأنزل الله عزّ وجلّ : (( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغوِ فِي أَيمَانِكُم وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُمُ الأَيمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِن أَوسَطِ مَا تُطعِمُونَ أَهلِيكُم أَو كِسوَتُهُم أَو تَحرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَم يَجِد فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيمَانِكُم إِذَا حَلَفتُم )) (المائدة:89)
السؤال :
هل خالف الامام علي عليه السلام السنة, لقول الرسول صلى الله عليه وآله : (( فمن رغب عن سنتي فليس مني ))؟
وقد وضعها المجلسي في باب الرهبانية, وقد اطلق عليها بأنها بدعة, والبدعة حرام كما هو معلوم ..
فما هي الرهبانية وهل هي جائزة في الاسلام, واذا لم تكن جائزة فما هو الحكم حول فعل الامام علي عليه السلام منها ؟
الجواب:

أولاً: أن الأمتناع عن الشهوات ولجم النفس عنها حسن وفضيلة يستحق المدح عليها في الجملة, ولولا ذلك لما أوردوا سبب نزول هذه الأية مورد المدح بل أدخل المخالفون فيها عددا من الصحابة كأبي بكر مرة وسالم مرة آخرى وعمر ثالثة إلى أن اوصلوهم إلى عشرة مع علي (عليه السلام) وبلال وعثمان بن مطعون (فتح الباري 9 : 89, عمدة القاري 18 : 207, تفسير مقاتل 1 : 317)
ثانياً: عقد العلماء لهذا الحكم مسألة في الفقه وهي بحث اليمين المكروهة قال الشيخ الطوسي في الخلاف : مسألة (2) : اذا حلف والله لا أكلت طيباً ولا لبست ناعماً كانت هذه يميناً مكروهة والمقام عليها مكروه وحلها طاعة وبه قال الشافعي وهو ظاهر مذهبه وله فيه وجه آخر ضعيف وهو أن الأفضل اذا عقدها أن يقيم عليها, وقال أبو حنيفة : المقام عليها طاعة ولازم .
دليلنا قوله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُم )) (المائدة:87) ثم قال : (( وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤمِنُونَ )) (المائدة:88) يعني في المخالفة ... الخ (الخلاف 6: 110) فانت ترى أن هكذا يمين وهو مورد الرواية ليست حراماً بل يميناً مكروهة وأنما استدل على كراهتها بنفس آلاية مورد النزول في الرواية, مع أن في المسألة خلاف بين الفقهاء .
ثالثاً: أن ما كان من الرهبانية في الأمم السابقة منسوخ في الشريعة الاسلامية وأن كان ممدوحاً مستحباً عندهم, وقد أستدل الفقهاء على هذا الحكم بهذه الرواية مورد نزول الآية .
فكان عمل الصحابة قبل نزول التشريع بهذه الآية استصحاباً لما كان مستحباً وممدوحاً في الشرايع السابقة وهو استصحاب جائز أنتهى جوازه بعد أن ثبت النسخ بنزول التشريع بالكراهة وأنها من سنة النبي (صلى الله عليه وآله) وورد في ذلك روايات كما في الكافي (5 : 494) وما بعدها .
رابعاً: أن ما حرمه الصحابة على أنفسهم لم يكن تحريماً تكليفياً عاماً وأنما كان تحريماً شخصياً وهو نحو من الالتزام بترك المباحات بالحلف على تركها, وأن كان هناك كلام في حلف عثمان بن مظعون لأن فيه غمط لحق زوجته .
فهم لم يشرعوا تحريماً مضادة لما شرعه الله من الحلية - اعوذ بالله - وأنما حرموا على أنفسهم بالحلف ولكن بما أن هكذا حلف وما يترتب عليه من التزام و دائمي مستمر يؤدي إلى الرهبانية جاء النهي الألهي عن ذلك مبيناً أن لا رهبانية في الأسلام .
فتبين من ذلك أن الحلف وأن كان على ترك المباحات ولكن الاولى أن لا يكون دائمياً يؤدي إلى الترهب .
ومن هنا يتبين أن علي (عليه السلام) لم يخطأ عندما حلف على ترك المباح وأنما كان منه ترك الاولى فنزل القرآن بذلك وبينه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن من سنته ترك الترهب .
وهذا مثل ما نزل في حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما حرم على نفسه ما حرم مراضاة لإزواجه فأنزل الله (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبتَغِي مَرضَاتَ أَزوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) (التحريم:1) اذ لم يكن من رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطأ ولا معصية حاشاه, وأنما كان الأولى منه عدم منع نفسه في سبيل مرضاة ازواجه فبين الله له ذلك الأولى .
وكذا لم يكن ما فعل علي (عليه السلام) خطأ ولا معصية قادح في العصمة, كما أنه لم يخالف سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن التشريع لم يكن نازلا بعد وأنما أصبح سنة بعدما بينه رسول الله (صلى الله عليه وآله) . مع ملاحظة أن ذلك كان من ترك الأولى وليس من الفرض, ولكن المغرضيين هداهم الله لا يفرقون بين الخطأ المقابل للصواب وبين ترك الأولى وفعله, كما لا يفرقون بين تقدم الحلف وبين لحوقه أذ يقول هذا المستشكل (الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في رده أنه ينام وعلي بن أبي طالب يقسم ألا ينام فمن الذي أخطأ؟) فمن الوضوح بمكان ما فيه من المغالطة فأن حلف الصحابة ومنهم علي (عليه السلام) كان قبل نزول الآية وقبل تقرير الرسول (صلى الله عليه وآله) لسنته .
ومثل ذلك ما جاء في سبب نزول قوله تعالى (( مَا أَنزَلنَا عَلَيكَ القُرآنَ لِتَشقَى )) (طه:2)
خامساً: لم يقل الشيعة يوماً أن علياً (عليه السلام) أعلم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأن الروايات المتكاثرة تنص على أنه كان يسأل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويتعلم منه ويعلمه (صلى الله عليه وآله) ولم يكن هذا الحلف منه (عليه السلام) في زمان أمامته حتى يخدش في علم الإمامة .
سادساً: وتلخيصاً للجواب, نقول : أن علياً لم يفعل المعصية وأنما ترك الأولى وأصبح الحكم في ترك الأولى هذا مكروهاً بعد أن تقرر التشريع الالهي وصدرت السنة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن الكراهة أحد الأحكام الشرعية, وكان قبل ذلك مستحباً استصحاباً لما كان في الشرايع السابقة ولكنه نسخ في الأسلام .
ويظهر بذلك أن ما صدر عن الإمام لا يخالف العصمة ولا ينقض علمه بالكتاب .



السؤال: إيضاح قول لبحر العلوم
يذكر الشهيد الثاني في كتاب حقائق الايمان (ان كثير من اصحاب الائمة الاطهار والشيعة المتقدمين كانو يعتبرون الائمة علماء ابرار بل انهم لم يكونوا يقولون بعصمتهم وينسب العلامة بحر العلوم في رجاله الجزء الثالث ص 220 هذا الرأي لأكثرية الشيعة المتقدمين )
1-هذا يدل على ان عصمة الائمة امر غير ظاهر من القرأن الكريم ولم يفهم ذالك الاصحاب
2-ان عصمة الائمة ليس من الاصول والثوابت الضرورية في المعتقد ولايخدش في صحة العقيدة بدليل ان الائمة لم ينبهوا الى ذالك للاصحاب والمقربين وهم برفقتهم صباح مساء ويهمهم امر الدين وعقيدة الاتباع
3- يستدل بهذا الموضوع المعترض والمخالف ان موضوع العصمة هي من الزوائد المثبتة للائمة بعد انقطاع عصر الائمة بسنسن وبعد التطورات الفكرية للتشيع بعد القرون الثلاثة الاولى

الجواب:

السيد بحر العلوم كان بصدد الدفاع عن ابن الجنيد وهو يريد القول ان العصمة لم تكن من ضروريات المذهب التي يعرفها كل احد بل يمكن ان تطرا عليها الشبهة ويعذر بذلك من خالف فكل ما يريد قوله ان في مثل العصمة يمكن ان يقع مثل ابن الجنيد في الاشتباه لان العصمة في ذلك الوقت ليست من الضروريات ومعنى انها ليست من الضروريات ليس معناه انها غير طاهرة من القرآن ولا أنها ليست من عقائدنا بل معناه انها تحتاج الى النظر والبحث من اجل اثباتها ويمكن ان يقع البعض في الاشتباه فيها وهذا ليس خاصا في عقيدة العصمة بل هناك غيرها من العقائد التي كانت في الزمن الاول تحتاج الى النظر والان اصبحت من الضروريات فتبدل المعتقد من كونه غير ضروري الى ضروري لايعني انه في الزمن الاول غير ثابت بل اثباته يحتاج الى نظر .




السؤال: العصمة لا تعني الجبر على فعل الطاعة

الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه
(( إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ))
السؤال هو: هل ان اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم معصومين بفضل ماعملوه في دنياهم لكي لا يرتكبو الاثم أم ان الله سبحانه وتعالى قد خلقهم كالملائكه من دون قابلية لارتكاب الاثم ؟؟ وان كان كذلك هذا يعني انهم لم يفعلو الكثير وهم اصلا خلقو معصومين وهذا غير مقبول طبعا .. ولكن لماذا الله سبحانه وتعالى قال ان هذا الشيء تحقق بارادته .. ام هناك تفسير اخر ؟؟ ارجو منكم الاجابه بالتفصيل الممل حتى اتمسك اكثر باكثر بعقيدتي وباهل البيت
الجواب:

اعلم ايها الاخ الكريم ان العصمة لطف مانع عن ارتكاب المعصية او المخالفة لله عز وجل من دون ان يسلب قدرة العبد,فانت مثلا بما انك شاب متدين فانت معصوم عن شرب الخمر مع انك قادر على تناوله والعياذ بالله, ولكنك لاتفعل ذلك, وهكذا فكل تقي فانه معصوم عن مخالفة مولاه من دون ان يكون مجبورا على الطاعة,وذلك لحصول حالة في النفس تردعه عن ارتكاب الموبقات .. والعصمة عند الامام من هذا القبيل,فان الله عز وجل قد بغض الى الامام فعل الذنوب وحبب اليه فعل الطاعات من دون ان يلجئه الى ذلك او يجبره عليه بحيث يكون مسلوب القدرة او الارادة في جانب فعل المعصية وهو ما اطلق عليه العلماء(لطف) فان الله لطيف بعباده,واللطف هو البر والتكرمة,يقال لطيف بالناس أي بارا بهم يبرهم ويلطفهم الطافا.
وقد عرف العلماء العصمة بهذا التعريف:العصمة لطف يفعله الله تعالى بالمكلف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية وترك الطاعة مع قدرته عليهما.وقد من الله تعالى على بعض عباده بهذا اللطف منذ ولادتهم وحتى مماتهم وهم الانبياء والائمة (عليهم السلام),لانه اراد ان يكونوا قدوة للناس وقادة,فلو عهد من النبي او الامام في بعض عمره نسيان او سهولارتفع وثوق الناس بما يخبر به ولو عهد منه خطيئة لنفرت العقول من متابعته فتبطل فائدة البعثة والامامة.فلاحظ.
ولمزيد الاطلاع ارجع إلى صفحتنا العقائدية ( العصمة).




السؤال: دلالة سجدة السهو

قد قرأت نظرياتكم في سهو النبي(ص)، إذا ما مصدر سجود السهو عندكم، أم لا وجود لها في مذهبكم أصلا.
الجواب:

سجود السهو موجود عندنا ومن الموارد التي تذكر هي في حال التكلم ناسيا او السلام ناسيا في غير موضعه او الشك بين الاربع والخمس وهو جالس او نسيان السجدة او التشهد حتى ركع او قام في حال القعود او بالعكس ناسيا وهناك روايات عن الائمة المعصومين عليهم السلام تثبت سجود السهو في تلك الحالات ولا يلزم لاثبات حكم شرعي ان يقع فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى نقول بوجوده بل يمكن للنبي والائمة (عليه السلام) ان يعلموا الناس احكام سجود السهو دون ان يقعوا هم فيه .




السؤال: كيف لم يثق نبي الله بعصمة أخيه هارون؟

(( قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذ رَأَيتَهُم ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيتَ أَمرِي * قَالَ يَا ابنَ أُمَّ لَا تَأخُذ بِلِحيَتِي وَلَا بِرَأسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقتَ بَينَ بَنِي إِسرَائِيلَ وَلَم تَرقُب قَولِي )) (طه:92-94)
وآية أخرى عن النبي موسى (ع): (( وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَومِهِ غَضبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئسَمَا خَلَفتُمُونِي مِن بَعدِي أَعَجِلتُم أَمرَ رَبِّكُم وَأَلقَى الأَلوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيهِ قَالَ ابنَ أُمَّ إِنَّ القَومَ استَضعَفُونِي وَكَادُوا يَقتُلُونَنِي فَلَا تُشمِت بِيَ الأَعدَاءَ وَلَا تَجعَلنِي مَعَ القَومِ الظَّالِمِينَ )) (الأعراف:150)
س: كيف لم يثق النبي موسى (ع) بعصمة أخيه النبي هارون (ع) وأنبه هذا التأنيب الشديد (الأخذ باللحية)؟
الجواب:

في تفسير الأمثل 10 / 65 قال الشيخ :
وهنا ينقدح السؤال التالي وهو : لا شك أن كلا من موسى وهارون نبي، فكيف يوجه موسى (عليه السلام) هذا العتاب واللهجة الشديدة إلى أخيه، وكيف نفسر دفاع هارون عن نفسه؟! ويمكن القول في الجواب : إن موسى (عليه السلام) كان متيقنا من براءة أخيه، إلا أنه أراد أن يثبت أمرين بهذا العمل .
الأول : أراد أن يفهم بني إسرائيل أنهم قد ارتكبوا ذنبا عظيما جدا، وأي ذنب؟! الذنب الذي ساق هارون الذي كان نبيا عظيما إلى المحكمة، وبتلك الشدة من المعاملة، أي إن المسألة لم تكن بتلك البساطة التي كان يتصورها بنو إسرائيل . فإن الانحراف عن التوحيد والرجوع إلى الشرك، وذلك بعد كل هذه التعليمات، وبعد رؤية كل تلك المعجزات وآثار عظمة الحق، أمر لا يمكن تصديقه، ويجب الوقوف أمامه بكل حزم وشدة . قد يشق الإنسان جيبه، ويلطم على رأسه عندما تقع حادثة عظيمة أحيانا، فكيف إذا وصل الأمر إلى عتاب أخيه وملامته، ولا شك أن هذا الأسلوب مؤثر في حفظ الهدف وترك الأثر النفسي في الاناس المنحرفين، وبيان عظمة الذنب الذي ارتكبوه . كما لا شك في أن هارون - أيضا - كان راضيا كل الرضى عن هذا العمل .
الثاني : هو أن تثبت للجميع براءة هارون من خلال التوضيحات التي يبديها، حتى لا يتهموه فيما بعد بالتهاون في أداء رسالته .



السؤال: ترك الاولى ليس قدحا في العصمة
في بعض ماكتبتم من أجوبة عن معصية النبي آدم على وعلى آله أفضل الصلاة والسلام وعلى النبي آدم أنه خالف الأولى والسؤال هو إذا كان النبي خالف الأولى فلا يخلو من أمرين إما لعدم علمه بالأولى وهذا ينافي كمال النبوة أو لعلمه بالأولى وقيامه بغير الأولى وهذا لا يصدر عن شخص علدي فما بالك بالنبي أفيدونا مأجورين.
الجواب:

مخالفة الأولى أو ترك الأولى ليست معصية، فالنبي قد يفعل الفعل الذي ليس بأولى، أن مخالفة الأولى تقع في دائرة الممكنات المسموح للنبي باختيار أحدها، فإن المصير إلى أي ممكن من هذه الممكنات ولو لم يكن أولى لا يكشف عن صدور خطأ بمعنى الذنب من الأنبياء سواء أكان صغيرا أم كبيرا ومنه الخطأ في تبليغ الأحكام، ولكن توجد عند الأنبياء فسحة لفعل الأولى أو تركه، فما ذكرتموه من وجود احتمالين أحدهما جهل النبي بالأولى والثاني مخالفة كمال النبوة مردود بأن النبي وإن سلمنا بعدوله عن الأولى إلى غيره فليس ذلك لعدم علمه بالأولى بل لأمر آخر كالمشقة المترتبة على فعل الأولى أو صعوبته، فيختار غير الأولى للتخلص من تلك المشقة، كما أن ذلك لا ينافي كمال النبوة بعد أن أعطاه الله تعالى الاختيار في مقام الفعل للأولى والترك له، بل إن أولوية الأولى كاشفة عن مقبولية مخالفته على مستوى إرادة النبي واختياره، إذ لو لم تكن كاشفة عن المقبولية لكان المفروض كونه أولى هو ليس بأولى وهذا خلف.
على أن كمال النبوة المشار إليه هو فرع النبوة وفرض قدح ترك الأولى بكمال النبوة يترتب عليه القدح في النبوة نفسها. فظهر أن ترك الأولى أو مخالفته إلى بعض الممكنات التي ليست بأولى لا يلزم عنه الجهل ولا الخروج عن كمال النبوة.



السؤال: طلب الامام للمغفرة
لقد اقتبست في احد المواقع الوهابية موضوع ينفون العصمة مستدلين بروايات وسندرج لكم ما اقتبسناه تفضلوا :
*************************
نفي العصمة من أقوال الأئمة
يعتقد الشيعة أن أئمتهم قد عصموا من جميع الأخطاء والذنوب ما ظهر منها وما بطن ومن السهو والنسيان منذ ولادتهم حتى وفاتهم
ولكن حين نتصفح كتبهم نجد أن أئمتهم ينكرون هذه العصمة التي لاتليق إلا بالله عز وجل ويتبرأؤن منها ويقرون بالذنب والسهو ويطلبون المغفرة من الله
فهل نصدق الشيعة أم أئمتهم ؟
فهذا سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقر بأنه بشر عرضة للخطأ والنسيان حيث يقول
" لا تخالطوني بالمصانعة، ولاتظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس إعظام النفس، بأنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي" نهج البلاغة شرح محمد عبده ص412-413، شرح أبي الحديد ج11ص102
ويدعو ربه أن يغفر له ذنوبه وزلاته
" اللهم اغفر لي ما أنت أعلم به مني فإن عدت فعد علي بالمغفرة، اللهم اغفر لي ما وأيت من نفسي ولم تجد له وفاء عندي، اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك بلساني ثم خالفه قلبي، اللهم اغفر لي رمزات الألحاظ وسقطات الألفاظ وسهوات الجنان وهفوات اللسان " نهج البلاغة شرح أبي الحديد ج6 ص176
ومن دعائه رضي الله عنه واقراره لربه بالخطأ وطلب المغفرة منه
" إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنقمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري وعظم في الصحف ذنبي فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك، إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي " أمالي الصدوق، 48 البحار، 41/11،12 المناقب، 2/124
ولايدعي علم الغيب
سئل: كم تتصدق ؟ كم تخرج مالك ؟ ألا تمسك ؟ قال: إني والله لو أعلم أن الله تعالى قبل مني فرضا واحدا لأمسكت، ولكني لا أدري أقبل سبحانه مني شيئا أم لا " بحار الأنوار، 41/138، 71/191
وينفي العصمة أيضا عن ولده الحسن رضي الله عنهما عندما أوصاه بقوله
" فإن أشكل عليك من ذلك فاحمله على جهالتك به فإنك أول ما خلقت جاهلا ثم علمت وما أكثر ما تجهل من الأمر ويتحير فيه رأيك ويضل فيه بصرك ثم تبصره بعد ذلك" نهج البلاغة شرح محمد عبده 2/578 ط مؤسسة المعارف بيروت
ونجد الامام علي بن الحسين زين العابدين يدعو بهذاالدعاء : " الهي وعزتك وجلالك وعظمتك, لو ا ني منذ بدعت فطرتي من اول الدهرعبدتك دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة وكل طرفة عين سرمد الابد بحمد الخلائق وشكرهم اجمعين, لكنت مقصرا في بلوغ ادا شكر اخفى نعمة من نعمك علي,ولو ا ني كربت معادن حديد الدنيا بـانـيـابـي, وحـرثت ارضها باشفار عيني, وبكيت من خشيتك مثل بحور السماوات والارضين دما وصـديـدا, لـكـان ذلك قليلا في كثير مايجب من حقك علي, ولو ا نك الهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الـخـلائق اجـمـعين,وعظمت للنار خلقي وجسمي, وملات جهنم واطباقها مني حتى لا يكون في النارمعذب غيري, ولا يكون لجهنم حطب سواي, لكان ذلك بعدلك علي قليلا في كثيرما استوجبته من عقوبتك " أمالي الصدوق المجلس 60 بحار الانوار 94: 90/2
وكان الامام جعفرالصادق يدعو بهذا الدعاء : " الهي كيف ادعوك وقد عصيتك, وكيف لا ادعوك وقد عرفت حبك في قلبي وعينا بالرجا ممدودة, مولاي انت عظيم العظما, وانا اسير الاسرا, انا اسير بذنبي, مرتهن بجرمي, الـهي لئن طالبتني بذنبي لاطالبنك بكرمك, ولئن طالبتني بجريرتي لاطالبنك بعفوك, ولئن امرت بي الـى الـنـارلاخـبـرن اهـلـهـا انـي كنت اقول : لا اله الا اللّه, محمد رسول اللّه, اللهم ان الطاعة تـسـرك,والـمـعـصـيـة لا تـضـرك, فـهـب لـي مـا يـسـرك, واغـفـر لـي مـا لا يـضرك, يا ارحم الراحمين " . آمالي الصدوق المجلس 57 بحار الانوار 94: 92/5
وقيل للإمام الرضا وهو الإمام الثامن من الأئمة المعصومين عند الشيعة ( إن في الكوفة قوماً يزعمون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقع عليه السهو في صلاته، فقال : كذبوا - لعنهم الله - إن الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلا هو ) بحار الأنوار ج25 /350
وكان الامام أبو الحسن موسى الكاظم يدعو فيقول :" رب عصيتك بلساني ولو شئت وعزتك لأخرستني، وعصيتك ببصري ولو شئت لأكمهتني، وعصيتك بسمعي ولو شئت وعزتك لأصممتني ". بحار الأنوار 25 /203
*************************
الجواب:

ان ما ذكرته من نصوص يدور حول مسألتين : الاولى جواز صدور المعصية من المعصوم والثانية ان علم المعصوم بالصورة التي يذكرها الاثنا عشرية غير ثابت .
اما الاولى فهي الى البطلان اقرب بلا شك لان ما ورد في كلامهم (عليهم السلام) وادعيتهم ومناجاتهم مما يشعر بصدور المعصية يمكن توجيهه بما يلي :
1- انها خطابات تعليمية لاتباعهم وشيعتهم لافاضة روح التعليم والتأدب .
2- لسيت الغواية من الشيطان فقط بالايقاع في المعاصي حتى يقال ان هذا يتعارض مع العصمة بل في كل طرق التكامل فان الشيطان يريد ان يبعد الانسان عن الدرجات الافضل والاعلى حتى لو لم يوقعه في المعصية بل ان محاولة الشيطان فقط يصدق عليها الاغواء وان لم تصدر من العبد معصية .
3- ان نسبة الخطيئة من قبل المعصوم الى نفسه دليل على ان المراد بالخطيئة غير المعصية بمعنى مخالفة الامر المولوي فان الخطيئة والذنب مراتب تتقدر حسب حال العبد في عبوديته كما قيل (حسنات الابرار سيئات المقربين) فالخطيئة او الذنب من مثلهم هي اشتغالهم عن ذكر الله بما تقتضيه ضروريات الحياة كالنوم والاكل والشرب ونحوها وان كانت بنظر اخر طاعة منه(عليه السلام), واما ما يخص قولك (وينفي العصمة ايضا عن ولده الحسن ...) فتجد الجواب عنه تماما في صفحتنا/ الاسئلة العقائدية / كلام الامام علي(عليه السلام) للامام الحسن(عليه السلام) لا يقدح بالعصمة .
واما المسألة الثانية (التشكيك في علم المعصوم) فمصيرها البطلان ايضا لان هكذا روايات وكذا روايات التشكيك بالعصمة اما ان تحمل على التقية او نقول بتأويلها او تطرح لموافقتها لما عليه العامة او ترد لان عصمتهم وعلمهم ثابتين بالادلة القطعية . ويمكنك لاستيضاح ذلك مراجعة صفحتنا : علم المعصوم, العصمة .
كما ينبغي ان تلتفت الى مسألتين :
الاولى : ليس كل ما في كتبنا الحديثية نقول بحجيته اذ لسنا كأصحاب الصحاح وانما هناك دراسة معمقة للنصوص الواردة ينتج عنها قبول بعضها ورد البعض الاخر وامر ذلك موكل الى اهل الاختصاص.
الثانية : هناك فرق بين القول بان المعصوم يعلم الغيب بذاته وبين القول بانه يعلم بتعليم من الله تعالى ونحن نقول بالثاني .



السؤال: رواية التحريش
وردت رواية صحيحة السند صححها المجلسي في مرآة العقول وغيره كذلك توجد في كتبنا المعتبرة منها البحار للمجلسي وتمام الدين وكمال النعمة للصدوق وكذلك علل الشرائع حاصلها: «قدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم، فوجد فاطمة ممن حلَّ، ولبست ثياباً صبيغاً، واكتحلت. فأنكر ذلك عليها، فقالت: إني أمرت بهذا.
قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم محرّشاً على فاطمة للذي صنعت، مستفتياً رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فيما ذكرت عنه: فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها..... الخ
هذه الرواية يشنع بها علينا المخالفون ويقولون انها تنفي العصمة عن الائمة بان الامام علي ع يحرش على السيدة فاطمة ! ...
فما هو ردكم ...؟
الجواب:
يمكن رد هذه الرواية من عدة جهات منه :
1- ان التحريش المذكور لا يصل الى حد ان يكون قادحا في العصمة فالفعل الذي فعله علي عليه السلام ليس محرما بل من الواجب عليه التعلم من رسول الله صلى الله عليه واله فالفعل لا يمكن ان يكون قادحا في العصمة والتعبير عنه بالتحريش الذي هو بمعنى الاغرار والتهييج لا يوصله الى حد الحرمة القادحة في العصمة .
2- انه ثبت بدليل قطعي عصمة الامام فكل ما يقدح في ذلك لابد من تأويله بما ينسجم مع عصمته عليه السلام وان لم يمكن التاويل امكن رده لتعارضه مع الدليل القطعي .
3- في بعض الاخبار كما في تهذيب الاحكام 5/256 ان استعمال هذه اللفظة من الممكن ان لا تكون من كلام الامام بل الراوي هو الذي عبر عنها بذلك فقال (فخرج علي عليه السلام الى رسول الله صلى الله عليه واله مستفتيا محرشا عن فاطمة عليها السلام ) .



السؤال: المخالفون يجعلون النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله) سبابا لعانا
ما هو معنى المشارطة (في حديث عائشة اوما علمت ما شارطت عليه ربي) وكيفيتها وهل تصح في عصر الغيبة؟
هل هي دعاء ام نذر ام شي اخر؟
السؤال عن المشارطة الواردة في الحديث التالي في صحيح مسلم عن عائشة قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما فلما خرجا قلت يا رسول الله من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان قال وما ذاك قالت قلت لعنتهما وسببتهما قال أو ما علمت ما شارطت عليه ربي قلت اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثناه علي بن حجر السعدي وإسحق بن إبراهيم وعلي بن خشرم جميعا عن عيسى بن يونس كلاهما عن الأعمش بهذا الإسناد نحو حديث جرير و قال في حديث عيسى فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما (مسلم)
الجواب:

أولاً: المشارطة هنا بمعنى التعاقد والمعاقدة والتعاهد بين النبي(صلى الله عليه وآله) و الله عز وجل با ن كل باطل وإساءة تصدر من النبي(صلى الله عليه وآله)يغفر الله تعالى بها لمن ارتكبت تلك الإساءة تجاهه من النبي(صلى الله عليه وآله) وقد ورد هذا المعنى في طرق هذه الرواية المتعددة و المختلفة فمرة تروى بلفظ ( شارطت عليه ربي ) واخرى يقول فيها (صلى الله عليه وآله): اللهم اني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه .
ثانياً: لا يمكن ان تقع مثل هكذا مشارطة من النبي(صلى الله عليه وآله)او الامام المعصوم(عليه السلام) لكثرت المحاذير الباطلة اللازمة منها كونها منافية للعصمة بل لادنى درجات العدالة والاستقامة والتقوى.
ثالثاً: هناك بعض المحاذير الخطيرة التي تلزم من نسبة صدور مثل هذه الامور من النبي (صلى الله عليه وآله) منها:
أ‌- تصوير النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) صاحب الخلق العظيم سبابا لعانا وبغير حق مع نهيه الشديد للناس العاديين عن فعل ذلك مع نعت الصحابة له(صلى الله عليه وآله) بأنه لم يكن لعانا ولا سبابا .
ب‌- جعل النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ظالما متهورا متسرعا في اصدار الاحكام والسباب واللعن على غير مستحقيها.
ت‌- تناقض مثل هذه الروايات المكذوبة مع ما قاله النبي (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن عمرو بن العاص كما ورد في الحديث الذي رواه احمد وابو داود والدارمي والحاكم وصححه الالباني في سلسلة أحاديثه الصحيحة برقم( 1532 )حيث قال عبد الله بن عمرو ( كنت اكتب كل شيء اسمعه من رسول الله(صلى الله عليه وآله) فنهتني قريش وقالوا : أتكتب كل شيء ورسول الله(صلى الله عليه وآله) بشر يتكلم في الغضب والرضى ! فأمسكت عن الكتاب فذكرت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك فأومأ بإصبعه الى فيه فقال : ( اكتب فوا الذي نفسي بيده ما يخرج منه الا حق ) .
فكيف نتصور مع هذا الحديث وهذه الحقيقة ان النبي (صلى الله عليه وآله) يسب ويلعن أناسا صحابة مؤمنين غير مستحقين لسب او لعن وانه اعطي حقا في ذلك بمشارطته ومعاهدته مع الله عز وجل ان لا يؤاخذه على ذلك لكونه متسرعا ويغضب ويوزع سبابا ولعنا على امته وأصحابه غير المستحقين لذلك ثم يجزيهم الله عن هذه الأخطاء الفادحة المخلة بالعصمة والعدالة والتقوى بالثواب والرحمة و تكفير الذنوب !؟
فأي دين هذا وأي نبي هذا وأي رب يقر بهذا ! ؟
وهل أرسل الله تعالى الرسل وجعلهم قدوة وأسوة ليفعلوا ذلك ويعلموا الناس مثل هذه الترهات ؟ ! .



السؤال: عصمة جميع الائمة باحاديث ثابة صحيحة
هل يوجد نص عن رسول الله صلوات الله عليه حصراً ..يكون صحيحاً صريحاً قطعي الصدور والسند يتفق عليه كافة علماء الشيعة على مر العصور بعصمة غير الخمسة ؟
الجواب:

لا اقل هناك الحديث المتواتر عند السنة والشيعة وهو حديث الثقلين الذي يدل دلالة واضحة على عصمة جميع الائمة(عليهم السلام) من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والى يوم القيامة حيث قال فيه(صلى الله عليه وآله) : (إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض حسنه الالباني في سلسلة احاديثه الصحيحة ح1761 واخرجه احمد في مسنده (3/14 و17و26و59 ) والطبراني (2678-2679 ) فقوله (صلى الله عليه وآله) فيه : ( ما ان اخذتم بهما لن تضلوا بعدي ... الا وانهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض) يدل على عصمة العترة الطاهرة لكون تعلق عدم الضلال بالاخذ والتمسك بهم مع القرآن بالاضافة إلى قرنهم مع القرآن المعصوم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه .
هذا وان لحديث جابر بن سمرة الذي يرويه البخاري ومسلم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند السنة لدلالة واضحة صريحة بعصمة الائمة الاثني عشر(عليهم السلام) كونه (صلى الله عليه وآله) يصفهم بقوله : (( لا يزال امر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ... كلهم من قريش)).
وفي رواية: لا يزال الدين عزيزا منيعا، وفي لفظ : قائما، وفي لفظ : ماضيا . وكل هذه الالفاظ تدل على عصمة الدين وكماله وصحته وهذا يدل على كون حملته الاثني عشر معصومين حافظين للدين الصحيح.
وتوجد غير هذين الحديثين الكثير من الاحاديث المتواترة على عصمة الائمة(عليهم السلام) وخلفاء الرسول الاعظم(صلى الله عليه وآله) وحملة دينه وحفظة علمه .


السؤال: لا يلي أمر المعصوم إلا المعصوم
(( لايلي امر المعصوم الا معصوم ))، هل هي قاعدة الزامية؟ ام لا؟ وما هو الدليل؟
الجواب:

أولاً: وردت روايات كثيرة حول مسألة لا يغسل الامام المعصوم الا المعصوم، ونحن ننقل جملة منها:
1- قال الامام الرضا (عليه السلام) لهرثمة: فانه سيشرف عليك المأمون ويقول لك: يا هرثمة أليس زعمتم أن الامام لا يغسله إلا إمام مثله؟ فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى، وابنه محمد بالمدينة من بلاد الحجاز ونحن بطوس؟ فإذا قال ذلك: فأجبه، وقل له: إنا نقول: إن الامام يجب أن يغسله الامام، فان تعدى متعد فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله ولا بطلت إمامة الامام الذي بعده بأن غلب على غسل أبيه، ولو ترك أبا الحسن علي بن موسى بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا مكشوفا ولا يغسله الان أيضا إلا وهو من حيث يخفى، فراجع بحار الانوار 27/288.
2- رواية ابراهيم بن ابي سمال قال كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام: إنا قد روينا عن أبي عبد الله عليه السلام أن الامام لا يغسله إلا الامام وقد بلغنا هذا الحديث، فما تقول فيه؟ فكتب إلي: إن الذي بلغك هو الحق، قال: فدخلت عليه بعد ذلك فقلت له: أبوك من غسله؟ ومن وليه؟ فقال: لعل الذين حضروه أفضل من الذين تخلفوا عنه، قلت: ومن هم؟ قال: حضروه الذين حضروا يوسف عليه السلام ملائكة الله ورحمته, فراجع بحار الانوار 27/288-289.
3- الحسين بن محمد عن المعلى عن محمد بن جمهور عن يونس بن طلحة قال: قلت للرضا عليه السلام: إن الامام لا يغسله إلا الامام، فقال: أما تدرون من حضر يغسله قد حضره خير ممن غاب عنه: الذين حضروا يوسف في الجب حين غاب عنه أبواه وأهل بيته فراجع بحار الانوار 27/289.
4- القاسم بن يحيى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله هبط جبرئيل ومعه الملائكة والروح الذين كانوا يهبطون في ليلة القدر قال: ففتح لأمير المؤمنين بصره فرآهم في منتهى السماوات إلى الأرض يغسلون النبي معه ويصلون معه عليه ويحفرون له، والله ما حفر له غيرهم حتى إذا وضع في قبره نزلوا مع من نزل فوضعوه، فتكلم وفتح لأمير المؤمنين عليه السلام سمعه فسمعه يوصيهم به فبكا وسمعهم يقولون: لا نألوه جهدا، و إنما هو صاحبنا بعدك إلا أنه ليس يعايننا ببصره بعد مرتنا هذه، حتى إذا مات أمير المؤمنين عليه السلام رأى الحسن والحسين مثل ذلك الذي رأى ورأيا النبي صلى الله عليه وآله أيضا يعين الملائكة مثل الذي صنعوا بالنبي حتى إذا مات الحسن رأى منه الحسين مثل ذلك، ورأي النبي وعليا يعينان الملائكة حتى إذا مات الحسين رأى علي بن الحسين منه مثل ذلك، ورأي النبي وعليا والحسن يعينون الملائكة، حتى إذا مات علي بن الحسين رأى محمد بن علي مثل ذلك ورأي النبي وعليا والحسن والحسين يعينون الملائكة، حتى إذا مات محمد بن علي رأى جعفر مثل ذلك ورأي النبي وعليا والحسن والحسين وعلي بن الحسين يعينون الملائكة حتى إذا مات جعفر رأى موسى منه مثل ذلك هكذا يجري إلى آخرنا، فراجع بحار الانوار 27/289-290.
5- أبو بصير قال الصادق عليه السلام: فيما أوصاني به أبي عليه السلام أن قال: يا بني إذا أنا مت فلا يغسلني أحد غيرك، فان الامام لا يغسله إلا إمام. فراجع بحار الانوار 27/290.
6- أحمد بن عمر الحلال أو غيره عن الرضا عليه السلام قال: قلت له إنهم يحاجوننا يقولون: إن الامام لا يغسله إلا الامام، قال:
فقال: ما يدريهم من غسله؟ فما قلت لهم؟ قال: قلت: جعلت فداك قلت لهم: إن قال:
مولاي: إنه غسله تحت عرش ربي فقد صدق، وإن قال غسله في تخوم الأرض فقد
صدق، قال: لا هكذا، فقلت: فما أقول لهم؟ قال: قل لهم: إني غسلته، فقلت:
أقول لهم: إنك غسلته فراجع بحار الانوار 27/290 .
7- محمد بن جمهور عن أبي معمر قال: سألت الرضا عليه السلام عن الامام يغسله الامام؟ قال: سنة موسى بن عمران عليه السلام فراجع بحار الانوار 27/290-291.
بيان: لعله أيضا محمول على المصلحة، فان الظاهر من الاخبار أن موسى عليه السلام غسلته الملائكة، والمراد أنه كما غسل موسى المعصوم لا يغسل الامام إلا معصوم، مع أنه يحتمل أن يكون حضر يوشع لغسله عليهما السلام. فراجع بحار الانوار 27/290-291
8- المفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: من غسل فاطمة؟ قال: ذاك أمير المؤمنين، فكأني استعظمت ذلك من قوله، فقال: كأنك ضقت بما أخبرتك به؟ قال: فقلت: قد كان ذلك جعلت فداك، قال: فقال: لا تضيقن فإنها صديقة ولم يكن يغسلها إلا صديق أما علمت أن مريم لم يغسلها إلا عيسى عليهما السلام . فراجع بحار الانوار 27/291
9- إسماعيل بن سهل، عن بعض أصحابنا، قال: كنت عند الرّضا (عليه السلام) فدخل عليه عليّ بن أبي حمزة وابن السّرّاج وابن المكارة فقال عليّ بعد كلام جرى بينهم وبينه (عليه السلام) في إمامته: إنّا روينا عن آبائك (عليهم السلام) أنّ الإمام لا يلي أمره إلاّ إمام مثله فقال له أبو الحسن:
فأخبرني عن الحسين بن عليّ (عليهما السلام) كان إماماً أو كان غير إمام؟ قال: كان إماماً، قال: فمن ولّي أمره؟ قال: عليّ بن الحسين (عليهما السلام)، قال: وأين كان عليّ بن الحسين؟ كان محبوساً في يد عبيد الله بن زياد! قال: خرج وهم كانوا لا يعلمون حتّى ولّي أمر أبيه ثمّ انصرف . فقال له أبو الحسن (عليه السلام) إنّ هذا الّذي أمكن عليّ بن الحسين (عليهما السلام) أن يأتي كربلاء فيلي أمر أبيه فهو يمكن صاحب الأمر. فراجع موسوعة شهداء المعصومين(عليهم السلام).
10- قال جعفر (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوصى إلى علي (عليه السلام) أن لا يغسلني غيرك . فراجع بحار الانوار 22/517.
ثانياً: من مجموع هذه الروايات يمكن ان نحصل على التواتر الاجمالي بان المعصوم لا يغسله الا معصوم وبالتالي نقطع بان هذه المسألة هي من عقائد الشيعة الثابتة .
ثالثاً: اذا قيل يصعب استفادة القطع من مجموع الاخبار نقول من مجموع الروايات يحصل اطمئنان وهو حجة وكاف في اثبات مثل هذه المسائل .
رابعاً: الخلاصة ان مسألة لا يغسل الامام المعصوم الا المعصوم هي من عقائد الشيعة وان هذا المعنى كان مشهورا من قبل الخاصة والعامة (راجع روضة المتقين1/371) والروايات متواترة في ذلك ولا نعلم خلافا الا من السيد المرتضى (قدس سره)


إذا كان للعصمة واقع فلماذا نرى التباين والاختلاف في آراء العلماء

المؤلف : السيد جعفر مرتضى العاملي
الكتاب أو المصدر : مختصر مفيد أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة
الجزء والصفحة : ج10


الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإن القائل بالإسهاء يقول: إنه يعتقد بالعصمة بجميع تفاصيلها وشؤونها، وأن تجويز الإسهاء ليس من موارد الخلاف في شأن العصمة، حيث إنه يقول بأن المعصوم لا تخرجه عصمته عن دائرة القدرة الإلهية، فإذا وجدت مصلحة للتدخل الإلهي، مثل أن يمنع الناس من الغلو بالنبي أو المعصوم، فإنه تعالى يفعل ذلك.. بعد أن يظهر لهم بما لا يقبل الريب: أن هذا فعل إلهي مباشر فيه، ويعرّفهم بأن سهوه هذا ليس لأجل خلل في عصمته..
وهذا القول هو الذي ذهب إليه الصدوق، ورده الشيخ المفيد عليه، ولعله قد خشي أن يتوهم الناس في كل فعل يصدر عن المعصوم: أنه قد صدر في حال إسهاء الله تعالى له، وبتصرف رباني به، وذلك حين لا تتوفر عناصر كافية لتعريف الناس بالفرق بين موارد السهو، وموارد الإسهاء.. وبذلك يكون الخلاف في الناحية التطبيقية..
وأما أصل العصمة بمعناها المعروف عند الشيعة، وبشمولها للخطأ، والسهو، والنسيان، وغير ذلك من شؤون وحالات، فلم يختلف عليها الشيخ المفيد مع الشيخ الصدوق، كما هو ظاهر.
هذا.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..





لو كان اهل البيت معصومين لما صدر منهم الاستغفار من الذنوب

المؤلف : السيد علي الحسيني الصدر
الكتاب أو المصدر : العقائد الحقة
الجزء والصفحة : ص 362 - 364


[جواب الشبهة]
... يحسن التعرّض ... لوجه الإستغفار من الذنوب الذي تجده في أدعية الأئمّة الطاهرين سلام الله عليهم مع أنّهم أصحاب العصمة الكبرى ، ولا يصدر منهم حتّى ترك الأولى ، ولا يعملون إلاّ بما يشاء الله ويرضاه ، فقد عصمهم الله من الزلل ، وحفظهم من المزالق حتّى أنّهم لا يتركون مستحبّاً ولا يفعلون مكروهاً إلاّ لوجه مبرّر رافع للحزازة ..
فاستغفارهم هذا ليس لفعل الذنب إطلاقاً ..
بل إنّ إستغفاراتهم مضافاً إلى كونها في مقام التضرّع الذي هو محبوب ذاتاً وتكون للحياء والرجاء والإنابة والرغبة والرهبة والطاعة والإخلاص والتقوى والتوكّل ونحو ذلك من مقتضيات الإستغفار التي تلاحظها في دعاء الزيارة الرضوية المباركة.. مضافاً إلى هذه الاُمور تكون إستغفاراتهم لوجوه حكيمة منها :
1 ـ إنّ الرسول وأهل البيت (عليهم السلام) هم الذين علّمونا التكلّم مع ملك الملوك وعظيم العظماء ( الله جلّ جلاله ) ، ولولاهم لم نعرف الطريقة المثلى والنهج الأفضل الذي ينبغي للعبد الإبتهال به إلى الله تعالى والسؤال منه عزّ إسمه وطلب المغفرة منه جلّ جلاله ..
فإحدى جهات أدعيتهم هو تعليمنا ذلك ، فجرى وجوه الإستغفار على لسانهم الطاهر حتّى يجري على لساننا نحن العصاة ; لنستقيل من ذنوبنا ونتوب من خطايانا ، وننال برد العفو وحلاوة الرحمة من المولى الغفور الرحيم ، كما إستفدنا هذا الوجه من شيخنا الاُستاذ (قدس سره) .
2 ـ إنّ النبي والآل سلام الله عليهم أوقاتهم مشغولة بالله تعالى ، وقلوبهم مملوءة بالتوبة إليه ، وخواطرهم متعلّقة بالملأ الأعلى، ونفوسهم مقبلة بكلّها إليه ، كلّ منهم يرى نفسه حاضراً عند الله ويرى الله ناظراً إليه .. فيرون إشتغالهم بالمباحات المحلّلة كالمآكل والمشارب والمناكح إنحطاطاً عن تلك المراتب العالية ، والمنازل الرفيعة ..
فيعدّونه ذنباً ويعتقدونه خطيئة فيستغفرون لأجل ذلك من كلّ ما جرى على لسانهم ، أو سمعوه بآذانهم ، أو رأوه بأبصارهم كما ترى في إستغفار الإمام الكاظم (عليه السلام) في سجدة الشكر .. ويستفاد هذا الوجه من الشيخ الإربلي في كشف الغمّة كما نقله في البحار(1).
3 ـ إنّ رسول الله وآله صلوات الله عليهم لمّا كانوا في غاية المعرفة الإلهيّة لمعبودهم ، فكلّ ما أتوا به من الحسنات وعملوه من الصالحات رأوها قاصرة عن أن تليق بجناب ربّ العزّة .. فعدّوا طاعاتهم من المعاصي ، واستغفروا كما يستغفر المذنبون، وعدّوا أنفسهم مقصّرين ، كما أفاده العلاّمة المجلسي (قدس سره)(2).
فعصمة أهل البيت (عليهم السلام) ونزاهتهم وطهارتهم عن جميع الذنوب والعيوب لا يدانيها ريب ولا يداخلها عيب ...
________________
(1) بحار الأنوار : (ج25 ص203) .
(2) بحار الأنوار : (ج25 ص210) .


القول بعصمة علي [عليه السلام] يعارضها ما جرى في الحديبية

المؤلف : السيد جعفر مرتضى العاملي
الكتاب أو المصدر : مختصر مفيد أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة
الجزء والصفحة : ج1 - ص 26- 30


[نص الشبهة]
كان علي [عليه السلام] ضمن الذين رفضوا حلق رؤوسهم في الحديبية، حين قال [صلى الله عليه وآله]: «اللهم اغفر للمحلقين»، وهذا من موجبات الطعن في عصمته.
الجواب:
ربما يكون منشأ هذه الشبهة هو النص الذي ذكر أن النبي [صلى الله عليه وآله] بعد أن كتب كتاب الصلح: «قال لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس.
فقالت أم سلمة يا نبي الله، أتحب ذلك؟ أخرج ولا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنتك، وتدعو حالقك فيحلقك.. الخ..»(1).
والجواب على ذلك:
أولاً: إنه لا شك في أن عليا أمير المؤمنين [عليه السلام] لم يعص أمر رسول الله [صلى الله عليه وآله]، لا في هذه الواقعة، ولا في غيرها، فهو يقول: «وإني والله لم أخالف رسول الله [صلى الله عليه وآله] ولم أعصه في أمر قط»(2).
ثانياً: إن ذلك النص الذي قد يستدلون به، والذي ذكرناه آنفا، رغم تحفظنا عليه بسبب ما يظهر منه من إظهار أم سلمة على أنها قد أدركت أمراً غفل عنه رسول الله [صلى الله عليه وآله]، ـ نعم رغم هذا التحفظ، نقول: إنه وإن كان ظاهره العموم والشمول لجميع أصحابه [صلى الله عليه وآله]، لكن التأمل فيه يقتضي حمله على العموم والشمول لجميع المعترضين على رسول الله [صلى الله عليه وآله] دون غيرهم. أي ما قام رجل ممن كانوا قد اعترضوا على الصلح، واغتموا له.
وذلك، لأن المستفاد من الروايات هو أن ثمة فريقا من الناس كان عليهم الحلق في عمرتهم تلك، ولكنهم لم يطيعوا أمر رسول الله [صلى الله عليه وآله]، ولا قاموا بما لزمهم القيام به، بل تلكأوا في بادئ الأمر، وتعللوا، ثم إنهم حين وجدوا أن لا مناص من التحلل آثروا أن يتحللوا بالتقصير؛ لا بالحلق؛ وذلك بسبب ما عرض لهم من شك.
فلاحظ النصوص التالية:
1 ـ روى ابن هشام، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: حلق رجال يوم الحديبية، وقصّر آخرون.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وآله]: يرحم الله المحلقين.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟
قال [صلى الله عليه وآله]: يرحم الله المحلقين.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟
قال [صلى الله عليه وآله]: يرحم الله المحلقين.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟
قال [صلى الله عليه وآله]: والمقصرين.
فقالوا: يا رسول الله، فلم ظاهرت الترحم للمحلقين دون المقصرين.
قال [صلى الله عليه وآله]: لم يشكّوا(3).
فالشاكون إذن قد أحلوا من إحرامهم بالتقصير، مع أن وظيفتهم كانت هي الحلق، امتثالا لأمر رسول الله [صلى الله عليه وآله].
2 ـ يفهم من رواية القمي: أن بعض الذين لم يسوقوا الهدي كانوا قد حلقوا امتثالا وطاعة لأمر رسول الله [صلى الله عليه وآله]، وبعضهم قصر اكتفاء في التحليل بالتقصير، ولم يمتثلوا أمر رسول الله [صلى الله عليه وآله] بالحلق، وأن فيمن ساق الهدي من كان شاكاً أيضاً.
قال القمي: «قال رسول الله [صلى الله عليه وآله] لأصحابه: انحروا بدنكم، واحلقوا رؤوسكم، فامتنعوا، وقالوا: كيف ننحر ونحلق، ولم نطف بالبيت، ولم نسع بين الصفا والمروة؟!.
فاغتم رسول الله [صلى الله عليه وآله] من ذلك وشكا ذلك إلى أم سلمة، [ربما ليظهر رجاحة عقلها ودينها ـ وهي امرأة ـ على عقولهم، وهم أصحاب الدعاوى العريضة].
فقالت: يا رسول الله، انحر أنت، واحلق.
فنحر رسول الله [صلى الله عليه وآله] وحلق، ونحر القوم على حين يقين، وشك وارتياب.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وآله] تعظيما للبدن:
رحم الله المحلقين.
وقال قوم لم يسوقوا البدن: يا رسول الله، والمقصرين؛ لأن من لم يسق هديا لم يجب عليه الحلق.
فقال رسول الله [صلى الله عليه وآله] ثانياً:
رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدي.
فقالوا: يا رسول الله، والمقصرين؟
فقال: رحم الله المقصرين»(4).
والخلاصة: أن الرسول [صلى الله عليه وآله] قد أظهر رضاه ومحبته للمحلقين، وتذمّره من الذين اكتفوا بالتقصير، وهذا يفيد أن الذين قصروا هم الذين خالفوا أمر الرسول [صلى الله عليه وآله].
فالمخالفون لأمر رسول الله [صلى الله عليه وآله] والشاكُّون ليسوا جميع المسلمين الحاضرين في الحديبية، بل هم فريق بعينه كما دلت عليه النصوص.
ولا شك في أن علياً [عليه السلام] ليس منهم، وليس هناك نص تاريخي يصرح بأن علياً [عليه السلام] كان بين الذين لم يحلقوا، فإن طاعته لرسول الله [صلى الله عليه وآله] والتزامه الحرفي بأوامره ونواهيه كالنار على المنار وكالشمس في رابعة النهار، وما جرى في خيبر، حينما أمره رسول الله [صلى الله عليه وآله] بالذهاب وعدم الإلتفات، فوقف ولم يلتفت وقال: على ما أقاتلهم يا رسول الله.. هذه القضية معروفة ومشهورة وتلك هي الآيات الشريفة لم تزل تنزل على رسول الله [صلى الله عليه وآله] مقررة لعصمته، كآية التطهير، ثم ما نزل في حقه كرامة له، لأنه هو وحده المطيع لرسول الله [صلى الله عليه وآله]، كآية النجوى وغيرها خير شاهد على ذلك أيضاً.
هذا بالإضافة إلى شواهد أخرى تبين مدى حرصه [عليه السلام] على طاعة أوامر الرسول [صلى الله عليه وآله] حرفياً. يجدها المتتبع لسيرته [صلوات الله وسلامه عليه]..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع: تاريخ الطبري ج2 ص283 والبداية والنهاية ص200.
(2) راجع: الأمالي للمفيد ص235 والأمالي للشيخ الطوسي ص11. وراجع: نهج البلاغة ج2 ص171.
(3) راجع: سيرة ابن هشام القسم الثاني ص319 وتاريخ الطبري ج2 ص283.
(4) راجع: تفسير القمي ج2 ص314.

يتبع

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.37 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2019 الساعة : 12:24 AM


أليس هذا ينافي العصمة؟

س1: عن عليّ بن ابراهيم في (تفسيره) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالى: (( لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم )) قال: نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) وبلال وعثمان بن مظعون، فأما أمير المؤمنين (عليه السلام) فحلف أن لا ينام بالليل أبدا، وأما بلال فانه حلف أن لا يفطر بالنهار أبدا، وأما عثمان بن مظعون فانه حلف أن لا ينكح أبدا.. إلى ان قال: فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونادى الصلاة جامعة، وصعد المنبر، وحمد الله، واثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم الطيبات ألا إنيّ انام الليل، وأنكح، وافطر بالنهار، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي، فقام هؤلاء، فقالوا: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد حلفنا على ذلك، فأنزل الله عزّ وجلّ: (( لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام ذلك كفارة ايمانكم اذا حلفتم ))

السؤال:

الامام علي خالف السنة وهذا دليل على عدم العصمة, لقول الرسول صلى الله عليه وآله: (فمن رغب عن سنتي فليس مني)؟

وقد وضعها المجلسي في باب الرهبانية وقد اطلق عليها بأنها بدعة, والبدعة حرام كما تعلم

فما هو ردك ؟

س2:في صلح الحديبية قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي آمراً له ملزما: امحها يا علي، امح كلمة رسول الله. قال علي: امحها!! لا والله لا أمحوها. قال الرسول صلى الله عليه وسلم : امحها يا علي.قال علي: لا والله لا أمحوها. قال الرسول صلى الله عليه وسلم : امحها يا علي.قال علي: لا والله لا أمحوها. قال الرسول صلى الله عليه وسلم : أين موضعها؟ قال: هذا موضعها. فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يقرأ فلم يعرف موضع كلمة رسول الله ومحاها بيده.

السؤال لماذا خالف علي قول الرسول صلى الله عليه وسلم.
أوليس تزعمون بان كلام علي هو كلام الرسول وكلام الرسول هو كلام الله!! اذن لماذا خالف الرسول يا رافضي؟

الجواب:

ج1 سنة رسول الله تشمل الجائز والحرام. هذه كلها نسميها سنة أي ما سنّه رسول الله وشرّعه من أحكام ولكن غلب على المستحب السنة عندنا في العرف وليس ذاك معنى السنة في لسان الشارع.

الجائز ينقسم إلى مباح ومستحب ومكروه.

تحريم المباح على النفس بالمعنى اللغوي لا التشريعي ليس منقصة وإنما هو دليل على علو الهمة وقوة النفس.

نعم يكون بدعة إذا أوجبه أحدهم على نفسه مدعيا التشريع أي ادعى أنّ هذا من الشرع وأنّ الله فرضه.

رسول الله صلى الله عليه وآله حرم على نفسه المباح تحريما لغويا لا تشريعيا فأنزل الله تعالى فيه ما ظاهره العتاب وهو قوله: ( يا أيها النبي لمَ تُحرم ما أحل الله لك)

هذا الخطاب القرآني لرسول الله ظاهره العتاب، ولكن باطنه هو تصوير عِظَم الجريمة التي أقدمت عليها عائشة وحفصة (لعنة الله عليهما) في إيذائهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى اضطر إلى أن يحرّم على نفسه ما حرّم. على أية حال فإن ما أنزله الله تعالى كان من باب الرحمة والرأفة، ورسول الله بتركه المباح لم يرتكب حراما أو مكروها حتى.

هذا الجواب هو على فرض التسليم بثبوت ذلك الحديث الذي نقلتموه من تفسير القمي، حيث نقول أنّ عليا عليه السلام ترك المباح وهو نوم الليل والتزم قضاءه في العبادة. والحال أن الحديث محل شك في الثبوت كما سيأتي إنشاء الله.

الرغبة عن الشيء عكس الرغبة فيه. الرغبة عن الشيء أي الإعراض عنه. فالسؤال: بدواً هل سلمان وعثمان وعلي امتنعوا عن المباح إعراضا منهم عن الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله؟ بدواً عندما فعلوا ذلك قبل أن يخرج رسول الله فينهاهم, هل فعلوا ذلك قاصدين الاعراض عن سنة رسول الله؟ هل كانت تلك نيتهم؟ كلا, بل نيتهم القرب من الله تعالى. فإذاً عبارة (فمن أعرض عن سنتي) قالها رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن أخبرهم أنه يفعل ما يمتنعون عنه وقال (فمن) وهنا الفاء تفريعية أي بعد هذا الانذار من أعرض عن نوم الليل ونكاح الزوجات والافطار في النهار فليس مني.

وهذا التشديد من رسول الله صلى الله عليه وآله على إلزامهم بالكف عن امتناعهم عن المباح بتلك الصيغة كان رحمةً ورأفةً بهم.

هذا إن أخذنا بهذا الحديث وقبلنا به في حق أمير المؤمنين عليه السلام على ظاهره ولم نطرحه بقاعدة المخالفة لكم المنصوص عليها من قبل أئمتنا عليهم السلام حيث باعثها في الاصل الترديد والشك وبما انكم تعتبرون ظاهر مثل هذه الاحاديث من قوادح العصمة لذا نطرح هذا الحديث ونأخذ بالطائفة الأخرى.

الروايات بهذا المضمون فيها اضطراب شديد, حيث انّها تارة تخصص عثمان بن مضعون لوحده ,وتارة يكون معه علي وبلال ، وتارة أخرى لا تخصص احدا وانما تقول أن نفرا من الصحابة فعلوا كذا وكذا, وما يزيد الشك في صحة الرواية المرسلة في تفسير القمي أنها تارة أخرى تأتي مروية عن علي بن أبي طالب عليهما السلام نفسه مما يدل على أنه ليس معنيا بالحادثة.

علي بن الحسين المرتضى في رسالة ( المحكم والمتشابه ) نقلا عن ( تفسير النعماني ) بإسناده عن علي ( عليه السلام ) قال : إن جماعة من الصحابة كانوا حرموا على أنفسهم النساء والافطار بالنهار والنوم بالليل فأخبرت أم سلمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فخرج إلى أصحابه فقال : أترغبون عن النساء ؟ ! إني آتي النساء وآكل بالنهار ، وأنام بالليل ، فمن رغب عن سنتي فليس منى ، وأنزل الله ( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا انه لا يحب المعتدين * وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون ) فقالوا : يا رسول الله انا قد حلفنا على ذلك ؟ فأنزل الله : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم - إلى قوله - ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم.

وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 20 - ص 21

ومن جهة أخرى أصلا يمكننا طرح كل الروايات التي جاءت بهذا المضمون في مصادرنا بقاعدة التعارض حيث وردت عندنا رواية أخرى في سبب نزول هذه الآية بمضمون مختلف ولم يرد فيه ذم لأمير المؤمنين أو وصف له بأنه أعرض عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله.

جاء الإمام الحسن عليه السّلام على ذكر قضية أمير المؤمنين عليه السّلام في معرض الفخار والمدح فقال في حديث له عند معاوية وأصحابه: أنشدكم بالله أتعلمون أنّ عليّا اوّل من حرم الشهوات على نفسه من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله، فانزل الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم )

(الاحتجاج / احتجاجات الإمام الحسن عليه السّلام).

وبما أنّ تلك الطائفة من الروايات توافق ما جاء عندكم فنحن مأمورون بمخالفتكم,(ما خالف العامة ففيه الرشاد)

فإذا اعتبرت هذه الآية في حق علي عليه السلام ناقضة للعصمة فاعتبر قوله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) ناقضا لعصمة رسول الله والعياذ بالله! فهل تجرؤ وتفعل؟!

عموما فإن ما ورد في هذا النوع من الأحاديث والروايات على فرض التسليم به لا يقدح في عصمة أمير المؤمنين عليه السلام، كما لا تقدح آيات الكتاب العزيز التي ظاهرها عتاب الله لأنبيائه (عليهم السلام) في عصمتهم، حيث إنه جرت الحكمة الإلهية على أن يتعمّد الأنبياء والأوصياء أعمالا أو تروكا تقتضي نزول الأحكام أو تفهيم العوام، حيث لا سبيل إلى استقرار هذه الأحكام والمفاهيم في نفوس الناس جيلا بعد جيل إلا بأن يتعمد الأنبياء والأوصياء تلك الأفعال أو التروك مما يوفر الداعي للبيان الإلهي أو النبوي أو المعصومي، وليس معنى ذلك أن المعصوم قد خالف أمرا شرعيا والعياذ بالله، وإنما معناه أنه وفّر الداعي للبيان.

ج2 يريد أبناء الطائفة البكرية بحماقتهم تصويره على أنه "مثلبة" هو في الواقع "منقبة " لأمير المؤمنين عليه السلام كما سيتبين لكم..

أيضا بعبارة أخرى نضيف إلى ما سبق بيانه بتفصيل أكثر القول بأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن عاصياً والعياذ بالله في هذا الموقف, فإنه كان يحرم عليه مسح صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله), والأمر الصادر من النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن مولوياً وإنما "تصويرياً" فحسب ـ وهذا ما تبينه الرواية لو أتمها المخالفون ـ , فلو كان ما وقع من الأمير (عليه السلام) معصية لكان النبي (صلى الله عليه وآله) أشار إشارة إلى ذلك ولم يحصل, كما حصل مع عمر والذين خالفوا أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أعرض بوجهه عنهم وطردهم في رزية الخميس مثلا.

دونكم الفقرة الواردة فى كتب أهل البدعة وكتب الرافضة:

عندما رفض المشركون كتابة "محمد رسول الله" , فقال المشركون: لا تكتب محمد رسول الله؛ لو كنت رسولاً لم نقاتلك. فقال لعلي: "إمحه". فقال علي: ما أنا بالذي أمحاه. فمحاه رسول الله بيده)

(فتح الباري 5/303)

إلتفت لكلمة أمير المؤمنين عليه السلام وهي: "ما أنا بالذي امحاه". معنى قوله عليه السلام هو حاشا أن أفعله أنا يا رسول الله بل تفعله انت

أمير المؤمنين علي عليه السلام لم "يمنع" رسول الله من مسح الإسم ولم يعترض على أصل "قضية" مسح الاسم كما في "قضية" صلح الحديبية التي ابدى عمر لعنه الله الرفض لها جملة وتفصيلا!

أمير المؤمنين ليه السلام لم يرفض "أصل" الفعل وإنما ترجم إجلاله لرسول الله ومعرفتة بحرمة رسول الله بقول عبارة تعني حاشا أن اصنع ذلك يا رسول الله فإن كان كلا ولا بد فأنت يا رسول الله من يفعل ذلك , ولو أعادها عليه رسول الله ثانية بصيغة "الامر" لفعل ذلك علي عليه السلام..

نضرب مثالا على ذلك : عندما تكون بصحبة رجل وقور خطيب بارع مثلا فيقول له ذلك الخطيب تفضل اصعد المنبر. فإنك وإن كنت انت ايضا قادرا على الخطابة وتتمكن من اعتلاء المنبر وممارسة الخطابة إلا انك إجلال وإكبارا له تقول : كلا لا أصعد ولا أفعل ذلك بمحضرك ولا أتقدم عليك.

إذاً أمير المؤمنين عليه السلام لم يمكن اعتراضه على "أصل" الفعل وأصل "قضية محو الاسم", كلا والدليل أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد مسح اسمه بيده الشريفة و لم يعترض عليه علي عليه السلام ولم يمنعه بينما عمر لعنه الله قد اعترض على "قضية" كتابة الكتاب من "رأس" ومانع كتابته وحال دون وقوعها. فشتان بين الموقفين والموضوعين!

أبناء الطائفة البكرية في الحقيقية يحتاجون دروسا مكثفة في علم المنطق فليست لديهم قدرة فطرية ذاتية على التفكير المنطقي.

في كتبنا نحن الرافضة جاء مثل ما نقلناه من مصادر أهل البدعة.

( امح يا علي واكتب محمد بن عبد الله. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما أمحو اسمك من النبوة أبداً فمحاه رسول الله بيده).

(الإرشاد 1/ 121 , إعلام الورى 97 , تفسير القمي 2/313 , بحار الأنوار20/333 ).

فسلام الله على مولانا امير المؤمنين سيد الوصيين عليه السلام ولنعم العارف بحق وقدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فإذاً كما ترون كان ذلك الموقف مشهدا "تصويريا" أراد به رسول الله أن يبين للناس مدى معرفة علي عليه السلام بحق رسول الله وإجلاله له ليعرفوا حق علي عليه السلام فلا يتقدموه.

بالنتيجة فإنّ ما أراده رسول الله وقع ولم يحل علي عليه السلام بين رسول الله وما أراد أو يمنعه!

نحن نتعجب ونتساءل في الواقع عن نوعية العقول التي يمتلكها البكريون؟!

أخيرا فلنقرأ رواية المجلسي لتستبين لنا حقيقة تلك الواقعة بجلاء

ورد في (بحارالأنوار - ج 20 ص 359 ) , قال سهيل : إكتب اسمه يمضي الشرط ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : ويلك يا سهيل كف عن عنادك ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله : " إمحها يا علي " : فقال يا رسول الله إن يدي "لا تنطلق" بمحو اسمك من النبوة ، قال له : " فضع يدي عليها " , "فمحاها" رسول الله صلى الله عليه وآله بيده.

فداك أرواحنا يا ابا الحسن والحسين يدك يا أمير المؤمنين لا تنطلق بمحو اسم رسول الله بينما غيرك يجسر على أن يقول في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله " إنّ الرجل ليهجر" ويتمرد على أمر رسول الله ويمنعه من كتابة وصيته.

سلام الله عليك يا مولانا وسيدنا وإمامنا يا أميرالمؤمنين وسيد الوصيين . يد رسول الله على يدك يا أمير المؤمنين فداكما أرواح العالمين.

ـ القول بأنّ رسول الله أمي لا يعرف موقع الكلمة بناء على فهمهم الأعوج لهذه الروية هو من سماجة عقول البكريين وانحدار مستوى إدراكهم الذي جمعوا إليه خبث سرائرهم.

دقق في رواية المجلسي لتعرف خوار عقول القوم.

لقد قصد رسول الله صلى الله عليه وآله وتعمد فعل ذلك في إشارة إلى مدى التلاحم بين النبوة والإمامة. فلو أنّ الامر كما زعموا لكان رسول الله قال لعلي عليه السلام "أشر" الى موضع اسمي من الكتاب لكي أمحوه. وقام بمحو اسمه بيده هو وحده أو لكان علي عليه السلام هو الذي يضع يده على يد رسول الله وليس العكس!

يريدون الطعن في هذه المنقبة لعلي عليه السلام وإسقاطها بأي شكل وحينما لم يجدوا الى ذلك سبيلا قالوا لابد أن ندفعهم لتسقيطها وإنكارها من جهة القول بأنها تنسب لرسول الله الأمية والشيعة ينفون الأمية عن رسول الله لذا يجب عليهم رد هذه الرواية!



السؤال: موقفه (عليه السلام) من محو إسم رسول الله (صلى الله عليه و آله) في صلح الحديبية
هل خالف الامام علي عليه السلام امر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، عندما قال لا والله لا امحوها عندما امره النبي بمحو اسمه من الرسالة ؟
الجواب:

قد أجاب السيد المرتضى (قده) على سؤال مماثل، وها نحن ننقل لكم جوابه من الكتاب المعروف برسائل الشريف المرتضى 1: 442، قال: (إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أمر أمير المؤمنين(عليه السلام) بمحو اسمه المضاف إلى الرسالة، وإثباته خالياً عن هذه الإضافة، على ما أقترحه سهيل بن عمرو، الذي كانت الهدنة معه نفر من ذلك واستكبره واستعظمه وجوز أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما قال أفعل ذلك مرضياً لسهيل، وإن كان لا يؤثره ولا يريد فعله، بل يؤثر التوقف عنه. فتوقف حتى يظهر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يدل على أنه لذلك مؤثر، وأنه أمر في الحقيقة محو ما كتب، فصبر أمير المؤمنين(عليه السلام) على ذلك على مضض شديد.. وقد يثقل على الطباع ما فيه مصلحة من العبادات، كالصوم في الحر، والغسل بالماء في الزمهرير، وقد روي عن عمر أنه قال: ما شككت منذ أسلمت إلا يوم صالح رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أهل مكة، فإني قلت له: كذا وكذا، وساق الحديث)). أنتهى.
ونقول أيضاً: إن هذا الطلب من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) لم يكن على نحو الإلزام والوجوب وإلاّ لكان محلاً لزجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وردعه عن تخلف الإمتثال مع أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يصدر منه ذلك ولو كان لبان والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يتأخر في ردع الباطل ولا يمنعه من قول الحق لومة لائم.. وهذا بخلاف الموقف من عمر في نفس تلك الواقعة التي كان عمر فيها محلاً لزجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونهره فتدبر.



السؤال: عدم محوه (عليه السلام) لكلمة (رسول الله)

يذكر في المصادر التاريخية أن رسول الله ص أمر عليا ع في الحديبية أن يمحو مصطلح (رسول الله) لعدم موافقة مبعوث قريش, فرد عليه علي ع بقوله: لا أمحوها أبدا.
فهل عصى علي ع رسول الله ص؟ فإذا كان لا فما هو الدليل و إذا كان الجواب نعم فهذا يبرر معاصي عمر المتكررة لأوامر الرسول ص.

الجواب:

الروايات مختلفة في ممن صدر طلب محو عبارة (رسول الله)! فبعض الروايات تذكر ان الذي أمر بالمحو واعترض عليه الإمام علي (عليه السلام) هو سهيل بن عمرو، وبعض الروايات تذكر ان الذي أمر بالمحو هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعض الروايات لم تحدد من هو الآمر بل استخدمت الضمير ويحتمل رجوعه على كلا الطرفين. ولا يمكن القطع والجزم بأن الامر كان صادراً من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع وجود هذه الروايات المتعارضة, ولو سلمنا بصدوره فلابد من فهمه على انه ليس أمراً الزامياً، ولو كان الزامياً لما قبل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من علي (عليه السلام) اعتذاره بعدم قدرته على حذفه، ولأنبّه على مخالفته، لكن نرى على خلاف ذلك يقدم هو بنفسه على محو اسمه ويشبهه بنفسه في موقف مماثل يمر به.
وهذا الذي صدر من علي (عليه السلام) هو قمة الاحترام والإكرام والاعتقاد بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وان عدم الفعل هو الأرجح من الفعل وإن أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غير الزامي كان فيه اظهار لمزية من مزايا الإمام (عليه السلام)، فمن البعيد أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غير عالم بعدم قدرة علي (عليه السلام) على محو اسمه ولكن قال ذلك لاظهار تلك المزية . والحصيلة ان ما فعله علي (عليه السلام) يستحق المدح لا الذم. ولم يكن مخالفة لأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قطعاً.
وهذا بخلاف مخالفات عمر للكتاب والسنّة! فانها تكشف عن تحد جرئ وتصريح واضح بالمخالفة، ومن ثم يتلوها ندم عريض _ كما في بعض الوقائع _ الأمر الذي يكشف عن فظاعة الأفعال وشناعتها. وقد جمع السيد شرف الدين في كتابه (النص والاجتهاد) جملة من هذه الوقائع في مخالفات عمر للكتاب والسنّة مع بقية الصحابة الذين صدرت منهم هذه الحالات, فشتان بين الموقفين, أي بين موقف أمير المؤمنين (عليه السلام) في صلح الحديبية وموقف عمر في مخالفاته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنها في صلح الحديبية ذاتها حين واجه النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بتشكيكه بنبوته وعدم رضاه بفعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصلح! فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (يا عمر اني رضيت وتأبى). وقال الحلبي في سيرته وغيره أن عمر كان يقول بعد ذلك: ((ما زلت أصوم وأتصدق وأصلى مخافة كلامي الذي تكلمت به

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 05:45 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية