اللهم صلِّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر العظيم المستودع فيها عدد ما أحاط به علمك .
اللهم صلِّ على مُحمد وآل مُحمد وعجل فرجهم واهلك عدوهم من الجن والإنس من الأولين والآخرين
النص المتقدم يجسد صورة استعارية او رمزية أو معدولة اي: تعدل من اللغة المعجمية الى اللغة الثانية، فما هي هذه اللغة الثانية؟ هذا ما نحدثك به بعد قليل عندما نتحدث عن بلاغة النص، ولکن المطلوب أولاً هو: نور النص فما هو نوره؟.
النص يقرر بوضوح بأن على الانسان ان يتهيأ للرحيل من الدنيا الى الاخرة، وذلك لان الموت لامناص منه، قد يأتي بغتة عبر لحظات، وقد يمتد، ولکن الى اجلٍ مسمى حيث لا مهرب منه البتة، وهذا ما يداعي الاذهان الى ضرورة أن يتهيأ للرحيل، متمثلاً في الالتزام بمبادئ الله تعالى اي: التقوى، وهذا ما يستتبع اخراج حبنا للدنيا، والتوجه الى ما تطلبه الاخرة من العمل وفي مقدمتها کما اشرنا نبذ زينة الحياة الدنيا.
بلاغة الحديث
والان الى بلاغة النص، فماذا نستلهم؟ ان ابرز بلاغة للنص هو: احالة القارئ لهذا النص الحاضر لغوياً الى (غائب) دلالة، اي: ان النص يجعلك تبحث عن حالة غائبة لغوياً وهي: العمل من اجل الاخرة، وهذا هو ابرز معالم البلاغة اي: الاحالة من کلمة حاضرة لفظياً او کتابياً الى دلالة غائبة لا وجود لها من حيث اللغة.
السمة البلاغية الثانية في النص هي لغته المعدولة، ونعني بها عبارة "اخرجوا من الدنيا قلوبکم" ثم عبارة "من قبل ان تخرج منها ابدانکم"، فهنا شطران من الدلالة الفنية الاول هو: (اخراج القلب) من الدنيا، حيث يعني ذلك: نبذها اي: زينتها، زخرفها، متاعها..الخ، والشطر الاخر هو: اخراج الموت لأبداننا حيث يفاجئ الموت الانسان من غمرة انشغاله بحب الدنيا، بمعنى: علينا ان ننبذها قبل ان نموت، والسر الفني هنا هو: التقابل بين اخراج القلب حب الدنيا واخراج الموت ابدان البشر، فالاخراجان أحدهما داخلي والاخر خارجي، الداخلي هو عمل القلب، والخارجي هو الموت.
اما السمة الثالثة فهي: اکساب القلب طابعاً مادياً هو: اخراجه لحب الدنيا وهذا ما يهب النص حيوية خاصة بالاضافة الى انه عليه السلام لم يقل: اخرجوا حب الدنيا بل قال (اخرجوا من الدنيا قلوبکم) حيث ترك لنا فراغاً نملؤه نحن القراء للنص وهو: استحضار کلمة (الحب) في استجابتنا لقراءة النص وهذا مما يسهم في حيوية النص بصفة ان مشارکة القارئ لاستخلاص الدلالة لها حيويتها، کما هو واضح.
ختاماً: نسأله تعالى ان يوفقنا الى اخراج الدنيا من قلوبنا وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب