[sofiane222dz]

تقوم مجموعة الازمات الدولية باعداد تقرير جديد عن الاوضاع في ليبيا. وتحدث الين ديليتروز نائب رئيس هذه اللجنة الى صحيفة " كوميرسانت" حول مضمون هذا التقرير.
وكانت مجموعة الازمات العالمية قد شكلت عام 1995 . وتنشر سنويا نحو 80 تقريرا موسعا عن النقاط الساخنة الموجودة والمتوقعة. كما تصدر شهريا نشرة "Crisis Watch " ويعمل فيها 130 موظفا من 49 بلدا. ترأس اللجنة الكندية لويزا اربور المفوضة السابقة في الامم المتحدة في مجال حقوق الانسان. وتبلغ ميزانية اللجنة لعام 2011 17 مليون دولار.

س – العديد من الخبراء يقولون ان الوقت مبكر لالغاء دور القذافي، وان بامكان انصاره تغيير مجرى الحرب. هل توافقون على ذلك؟

كلا، لا اتفق مع هذا الراي. فمحللونا الذين يعدون التقرير واثقون من ان القذافي قد خسر الحرب، وان بامكان انصاره تحقيق بعض النجاحات المحلية هنا وهناك، ولكن نتائج المجابهة واضحة. يجب عدم العودة الى الوراء، بل التفكير بليبيا الجديدة – بدون القذافي.

س – وكيف ترون مستقبل ليبيا الجديدة؟

ليس الامور مخيفة كما يتبادر الى الذهن في الوهلة الاولى. ان العديد من المخاوف كانت مضخمة جدا، فمثلا كان هناك تخوف من انقسام ليبيا الى قسمين الشرقي مع المعارضة والغربي مع القذافي. ان خبراءنا الذين وصلوا الى طرابلس اخبرونا بان الوضع في المدينة شبيه بوضع باريس عام 1944 بعد تحريرها من القوات الهتلرية. فلدى الناس نفس الشعور والنشوة من تخلصهم من الاضطهاد. لاتوجد فوضى كما توقع بعض المختصين. لقد قسمت السلطة الجديدة المدينة الى احياء وضعتها تحت حمايتها ومراقبتها لضمان الامن. ولا حاجة لدفع الرشاوى في نقاط السيطرة والتفتيش، بهدف عبورها الى حي اخر كما يحصل في منطقة شمال القوقاز. ومع ذلك ليس كل شيء على مايرام في ليبيا. فامام السلطة الجديدة مشاكل جدية.

س – أي مشاكل تقصد؟

اولا – الاسلحة الكثيرة التي بحوزة السكان. لقد التقى احد موظفينا حلاقا في طرابلس يملك 5 بنادق رشاشة من نوع كلاشينكوف. حيث قال له " يجب على الرجل الحقيقي ان يملك سلاحا"، وهذا التفكير يشمل ليبيا بكاملها. ان نزع سلاح السكان مسألة معقدة وصعبة. ولكن اذا لم يتم حلها فان الاستقرار لن يعود.
ثانيا – تخلي القيادة الحالية عن الاتجاهات المركزية. فمعظم اعضاءها من بنغازي ومصراتة وغيرها من المراكز الثورية، ولكن لغرض التوازن والتخلص من الافكار الانفصالية يجب ان يضم لها ممثلون عن طرابلس ومدن الجنوب.
ثالثا – يجب القاء القبض على العقيد واولاده. فمازالت فصائل موالية للقذافي مسلحة جيدا وممولة ومزودة بوسائل اتصالات عصرية تنشط في الصحراء، وبعكسه لن يكون هناك استقرار في ليبيا وفي البلدان المجاورة. ان بامكان القذافي زعزعة الاستقرار في مجمل المنطقة الساحلية.

س – هل بوسعه عمل ذلك؟

نعم بوسعه. فبين مناصريه الطوارق وهم مقاتلون بدو لا يعترفون بحدود الدول. ولهم في العديد من دول المنطقة نزاعات مع السلطات. ويمكن للقذافي بواسطة امواله ان يطور الموضوع الى حرب اهلية. وحسب تقديراتنا ان الخطر يهدد 10 دول في المنطقة، فبالاضافة الى ليبيا، مهددة كل من النيجر ومالي وتشاد وبوركينا فاسو والجزائر وموريتانيا وجمهورية افريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان. لقد كان القذافي يمول احدى المنظمات المعارضة للحكومة التي كانت تنشط في دارفور" حركة من اجل العدالة والمساواة" وكان اعضاء هذه الحركة يقاتلون الى جانب القذافي خلال المعارك الاخيرة، وحسب معلوماتنا عادت هذه الفصائل الى دارفور وبحوزتها الاموال والاسلحة وكمبيوترات حديثة، ومخططات مستقبلية.

س – كم من الوقت يلزم لاعادة بناء الاقتصاد الليبي؟

يمكن ان يتم تصدير النفط والغاز بالحجم السابق بصورة سريعة خلال 3 – 4 اشهر. لان هذه المواقع لم تتضرر كثيرا خلال المعارك. اما مايخص مستوى المعيشة، فهو مرتبط بمدى فعالية الطريقة التي ستتبعها السلطة الجديدة في توزيع اموال القذافي التي كانت مجمدة في المصارف الاجنبية، التي عاجلا او اجلا ستعود الى ليبيا.

س – عن أي مبالغ تتحدثون؟

نتحدث حاليا عن 160 مليار دولار المكتشفة في مصارف المانيا فقط. تصوروا 160 مليار دولار تقسم على 6 مليون انسان.
س - الا يخيفكم وجود عدد من الاسلاميين المتشددين ضمن قيادة المجلس الوطني؟
هذه مشكلة موجودة. ولكن لم يظهر الاسلاميون الليبيون أي تطرف حتى الان. وانا اتعجب من تصريحاتهم الهادئة، بعكس امثالهم في مصر. ان عبدالحكيم بلحاج هو احد قادة الاسلاميين ويترأس المجلس العسكري في طرابلس، صرح قبل فترة، يجب ان تكون الشريعة احد مصادر القوانين في ليبيا. أي ليس مصدرا وحيدا، بل واحدا من المصادر. أي ان المتطرفين نفسهم لا يطالبون بنظام اسلامي في البلاد.
س – هل ستكون سياسة السلطة الجديدة موالية للغرب؟
انا اقول موالية لفرنسا وبريطانيا. وذلك لان باريس ولندن هم الحليفان الرئيسيان، لان الولايات المتحدة كان دورها مساعدا. بالرغم من ان فرنسا وبريطانيا دون الناتو والولايات المتحدة لم يكن بامكانهما بلوغ نتيجة ايجابية.

س – هل شاركت تشكيلات اجنبية في اقتحام طرابلس؟

جميع معارفي والمسؤولون الكبار ينفون ذلك. ولكن بعد الحاحي – من اذا؟ حيث كانت العمليات الحربية مخططة على درجة عالية من الدقة لا يمكن للمعارضة ان تقوم بها. كانوا يقولون انهم من الجيش القطري.
س – لماذا هذا النشاط الملحوظ لقطر في ليبيا؟
لا اريد ان اغيض احدا، لان قادة قطر يظهرون ديناميكية ومهنية عالية في العمل. وهذا يشمل الامير ووزير الخارجية. ولا يمكن قول نفس الشيء عن قادة بقية دول الخليج. للقطريين طموحات اكثر من غيرهم في المنطقة. اضافة الى انهم يريدون ان يظهروا امكانية جيرانهم ( وفي نفس الوقت منافسيهم ) في المملكة العربية السعودية.

س – ماهي الاخطاء الرئيسية التي وقع فيها القذافي؟

لقد تبين ان للعقيد عدد كبير من الاعداء داخل البلاد وخارجها. فالقذافي بطبيعته سريع الغضب، كما انه يهين الاخرين بسهولة. وبسبب ذلك اصبح القادة العرب يعادونه. وعند زيارته باريس طلب بصورة آمرة السماح له بنصب خيمته بجانب قصر الاليزيه، وخلال جولته النهرية اغلقت خمسة جسور وجمدت الحركة في مركز باريس. وعندما ياتي الرئيس الامريكي او الروسي لا يحدث مثل هذا الشيء مطلقا. لقد استاء الفرنسيون جدا وكان على ساركوزي ان يوضح الامر.
اما فما يخص سياسته الداخلية، فان النظام الذي سماه القذافي " الجماهيرية" في ظروف الازمة تبين انه غير فعال. لقد سعى الى الوصول الى اللامركزية الكاملة، حيث غير الهياكل الحكومية المعروفة بلجان ومؤتمرات شعبية. وكان يتخذ اهم القرارات في خيمته بحضور 15 مسنا يمثلون 15 قبيلة كبيرة. ونفس الشيء حصل في الجيش. لقد شاهدنا جميعنا النتائج لقد انتقلت تشكيلات عسكرية كاملة مع قياداتها الى جانب المعارضة.