كلمة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في إفتتاح قمة العرب التي تستضيفها عاصمة بلاده الدوحة ، وحديثه عن تحوَل تأريخي في المنطقة " العربية " يتطلب التعامل معه بفكر جديد وأساليب حقيقية للتغيير يستلهم تطلعات الشعوب ويستجيب لطموحاتها المشروعة " ، تجعل المتسمر أمام الشاشة يعيد " جليَ " نظارات عينيه للتأكد من حقيقة وهوية المتحدث وكوَنه لاينتمي لمنظومة قبلية مستبدة .
هذه ليست قطر التي أسقطت الجنسية عن " 6000 " من مواطنيها من فخذ الغفران آل مرة وطردهم من البلاد ، ولا تلك التي حكمت على شاعرها محمد ابن الذيب بالسجن المؤبد بعد قصيدة " الياسمين " التي تغنى فيها بثورة تونس التي تدعي الإمارة رعايتها ، كما ليست العشيرة الحاكمة ، إنها دولة المؤسسات التي تستعين بخبرتها بلدان ، والتبادل السلمي لسلطاتها والإنتخاب الحر النزيه وحرية مواطنيها موضع حسد آخرين في الغرب وشمال أمريكا ، تدعم تطلعات الناس في الإنعتاق والتحرر ، لافصيل " متحجر " عقلياً فيها ، وأميرها يحدثنا قائلاً " على أنظمة الحكم أن تدرك أنه لا بديل عن الإصلاح ولا مجال للقهر والكبت والإستبداد والفساد " " الإصلاح المدروس المستند إلى رؤية وفكر وإرادة وليس إصلاح الشعارات والوعود الزائفة " ، فمن منا لايرتضي لنفسه بما جاد علينا به من نصائح ، وقد سبقنا في ذلك !
قطر " الجزيرة " ولصغر المساحة وعديد السكان ، أستثمرت فائضاً مالياً مَن الله به عليها " ثالث مصدر للغاز الطبيعي في العالم " في لعب دور كبير يشوبه الكثير من الحذر ، حتى من أقرانها الخليجيات التي تعاني مشاكل إجتماعية جمة في داخل جزء كبير منه فقير يفتقد فرص العمل رافقه حراك شعبي يراد منه حقوقاً مستلبة ، لم يسعفها مورد مالي هائل و " عطايا " لولي أمر في إنقاذ مايمكن إنقاذه " 70% " من السعوديون مثلاً لايملكون عقاراً خاصاً بهم ، وهم المتباهون علينا دوماً بزينة كعبة الناس ومرمرها ، ناهيك عن كبت وتهميش كبيرين تعاني منه مكونات ودعاة تغيير حقيقي ، في منافسة وإن ولجوا فيه ، دور قطري في بلدان عربية أطيح بأنظمة الحكم فيها ، فشجعت تيارات إسلامية متشددة على حساب قيام دولة مدنية كان دعاتها أول من نهض بالأمر وسعى له .
أعلم مايجول الآن في عقل من يقرأ سطوري هذه ، أنا " البطران " اللاهث وراء خدمات أفتقدها منذ رأت عيني النور ، على شاكلة " يمعود روح شوف شلون عايشين " ، نعم بالتأكيد أتاحت لها عوامل كثيرة ماهيَ عليه الآن ، فقد جانبت " حروباً " كانت دوماً عنواناً ليَ ، لكن عليكم أن تأتوني بتنمية بشرية فيها لا عمارات وبنايات شاهقة تخطف أنظار من حرم منه ردحاً طويلاً ، التقدم لايعني هذا أبداً ، كما لم يكن يوماً إمتلاك صاروخ عابر للقارات في دولٍ ديكتاتورية مقاساً لمدى تطورها ، حدثوني عن مشاركة الناس في إتخاذ القرار السياسي والإقتصادي ، عن عدد الأطباء والتدريسيين وغيرها من الكفاءات القطرية ، لا عن " كسالى " تستميلهم الدولة براتب مغر دون عطاء يستحق الذكر " شراء ذمم " سكوت من مصير قادم لامحال .
كم مخجل أن يتراجع دوَر مصر الكبير لصالح " دويلة " ؟
كم معيب أن يكون لها دوَر في صنع قادم عربي جديد نحلم به ؟
هل يمكن لفاقد الشيء أن يمنحنا ذلك الأمل كما الحلم ؟