التشيّــع فــي تركيــا
تعود جذور التشيع في تركيا إلى التشيّع في منطقة الشام، فقد اتّسع التشيع في بلاد الشام في عصر الدولة الحمدانيّة، والمرداسية والفاطميّة حتّى بلغ منطقة الأناضول. وقد تسبّبت الخلافات الداخليّة لدى الشيعة خلال القرنين الخامس والسادس في تفرّقهم في هذه البلاد، لكنّ الغالب على التشيّع فيها الارتباط بشكل ما بالمذهب الإسماعيليّ.
وتعود جذور الدروز الموجودين في لبنان حاليّاً إلى الفرقة الإسماعيلية،
ويُعرف هؤلاء بالنهج الباطنيّ، كما انّ الفرقة النصيريّة التي أسّسها محمّد بن نصير ـ وكان من أصحاب الإمام العسكريّ عليه السّلام، ثمّ رُمي بالغلوّ ـ مارست نشاطات في سوريا، ثمّ اصطدمت بالدروز فهاجرت إلى شمال سوريا، ويعيش أفرادها في عصرنا الحاضر في سوريا وتركيا، وهناك فرق مشابهة أخرى مثل العلويّين الذين يبلغ عددهم ما يقرب من عشرين مليون نسمة.
ومن المسلّم أنّ هؤلاء كان لهم انتشار واسع خلال العصر العثمانيّ،
وكانت طائفة كبيرة منهم في آسيا الصغرى من أتباع الشيخ صفيّ.
ومن هؤلاء الشيعة طائفة تدعى بـ « قَزَلْباش » استطاعت ان تعمل لايصال الصفويّين إلى الحكم.
ومع بداية الاشتباكات التي نشبت بين الدولتين العثمانيّة والصفويّة تعرّض الشيعة في آسيا الصغرى إلى ضغوط شديدة، وقُتل عدد كبير منهم على يد السلاطين العثمانيين بسبب تمرّدهم عليهم، كما قُتل آخرون منهم كإجراءٍ احترازيّ خوفاً من ثورتهم، ويعثر الباحث على مجموعة من الوثائق تنتمي إلى تلك الفترة وردت فيها فتاوى تُبيح قتل الشيعة واستئصالهم!(253) وحين يُلاحظ الباحث انتشار التشيّع في آسيا الصغرى في تلك الفترة من
الزمن، فإنّه يدرك أنّه لولا التعصّب الطائفيّ الذي مارسته الدولة العثمانية
لانتشر التشيّع في جميع أرجاء آسيا الصغرى، على الرغم من أنّ الشيعة
في تلك المناطق لم يكونوا شيعة إماميّين بالمعنى الحقيقيّ الصحيح.