الحمد لله رب العالمين الذي هدانا لرسالة سيد النبيين وخاتم المرسلين، ووفقنا لاتباع خطى سيد الوصيين علي أمير المؤمنين، والأئمة المعصومين من ذريته الطاهرين، لا سيما خليفة الله في أرضه، خاتم أوصياء الرسول من نسل علي وفاطمة البتول، الإمام بالحق الحجة المهدي المنتظر (عج) .
إن يوم الغدير رسالتنا وعلينا أن نعكسها للعالم أجمع، علينا أن نعرّف ذلك اليوم للبشرية، ذلك اليوم الذي اختاره الله ليكون للعالم نبراساً وهداية، واختار صاحب ذلك اليوم ليكون الهادي والمكمل لمشوار الرسالة وحافظها من الانحراف (إنه علي) الذي ما عرفته البشرية حق معرفته، بل عرفه الله ومحمد، لأنه عرف الله ومحمد، لهذا استحق أن يحمل وسام الوصاية بجدارة دون سائر العالمين .
لقد كان زوج البتول وأبا السبطين الذي ما عصى الله طرفه عين أن يكون جديراً لها لما كان يحمل من امتيازات أهلته أن يتصدر على رأس جميع المسلمين، وان يتمتع بعطوفة السماء وليكون النجم اللائح في تاريخ الإسلام والشمس المشرقة التي بعثت الدفء لكل الذين ساروا على خطاه وامتثلوا لولايته .
مرت القرون الأربعة عشر وهذا القرن ينصرم وما زال الستار الذي أسدله الظالمون على يوم الغدير والحاقدون على ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) مسدلاً على الكثير من المسلمين، وما زالت الغيوم تغطي على ذلك التاريخ والحدث العظيم ليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام للسنة العاشرة من الهجرة النبوية، والذي شاءت فيه إرادة السماء أن تفهم البشرية بأن علياً هو الأمير، ومن يكون باب مدينة العلم والحكمة، فهو إذن الأمير، والخليفة، ووارث رسالة السماء، هكذا أرادت مشيئة الرب، وأصبح ذلك الحشد المتجمهر تحت أشعة الشمس اللاهبة في ذلك الهجير رهين إرادة السماء، فما دام الرسول (ص) مأموراً بتنفيذ إرادة السماء، فعلى ذلك الحشد المتجمهر إلى جانب الغدير أن يمتثل للقرار الخطير ويذعن له .
وينطلق الإعلان هادراً من فم الرسول (ص) ويرتفع النور عالياً على ذراع النور ليضيء للبشرية دروبها الحالكة وليشع بحكمته وعلمه في عقول شيعته ومحبيه الذين بايعوه دون قيد أو شرط مولى وأميراً وهادياً وصراطاً مستقيماً .
كان يوماً مشهوداً في تاريخ الأمة الإسلامية، وكان ذلك اليوم من أكثر الأيام التي مرت على المسلمين ذو أهمية بالغة، حيث رجع الرسول الأعظم (ص) من حجة الوداع، وحيث أن الذين عادوا معه في طريقة الذي سلكه إلى مدينة يثرب كان يربوا عددهم على المائة ألف .
لقد كان يوماً حافلاً وحاشداً بالجماهير المسلمة، رجالاً ونساءاً، شيباً وشباباً، من أهل يثرب ومن غيرها من مدن الجزيرة العربية، ومن أرحام الرسول، ومن أصحابه، ممن صحبه منذ بداية الإسلام حتى ألطاف المطاف، أو ممن كان قد رآه لأول مرة .
لقد كان يوماً قائظاً، شديد الحرارة، حتى يتخيل للرائي أن تلك الحشود البشرية كانت تقف على رجل البعض للتخلص من حرارة رمال الصحراء الكاوية بلهيبها المتعرض لأشعة الشمس التي كانت تغمر أراضي الجزيرة، يا له من يوم، وياله من مشهد، وياله من موقف .
ونختتم الكلام بقصيدة حسان بن ثابت شاعر النبي (ص) التي ألقاها يوم الغدير بمحضر من الرسول الأعظم (ص) ورواها علماء الفريقين حيث قال :
يناديهم يوم الغدير نبيهم****بخمٍ واسمع الرسول مناديا
فقال: فمن مولاكم ونبيكم****فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت نبينا****ولم تلق منا في الولاية عاصيا
فقال له : قم يا علي فإنني****رضيتك من بعدي إماماً وهادياً
فمن كنت مولاه فهذا وليه****فكونوا له اتباع صدق موالياً
هناك دعا اللهم وال وليه****وكن للذي عادا علياً معاديا