|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 24334
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 40
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
روايات التحريف في كتب السنة
بتاريخ : 27-11-2008 الساعة : 04:03 PM
أولاً: مذهب أهل السنة يصون القرآن من التحريف[1][1]
إنّ المعروف من مذهب أهل السُنّة هو تنزيه القرآن الكريم عن الخطأوالنقصان، وصيانته عن التحريف، وبذلك صرّحوا في تفاسيرهم وفي كتب علوم القرآن، إلاّأنّه رويت في صحاحهم أحاديث يدلّ ظاهرها على التحريف، تمسّك بها الحشوية منهم،فذهبوا إلى وقوع التحريف في القرآن تغييراً أو نقصاناً، كما أشار الى ذلك الطبرسيفي مقدمة تفسيره[2][2]، وقدتقدّم قوله في تصريحات أعلام الإمامية.
ولا شكّ أنّ ما كان ضعيفاً من هذه الأحاديث فهو خارج عن دائرةالبحث، وأمّا التي صحّت عندهم سنداً، فهي أخبار آحاد، ولا يثبت القرآن بخبر الواحد،على أنّ بعضها محمولٌ على التفسير، أو الدعاء ، أو السُنّة، أو الحديث القدسي، أواختلاف القراءة، وأمّا ما لا يمكن تأويله على بعض الوجوه، فقد حمله بعضهم على نسخالتلاوة، أي قالوا بنسخه لفظاً وبقائه حكماً، وهذا الحمل باطلٌ، وهو تكريسٌ للقولبالتحريف. ونفاه بعضهم، وذهبوا إلى تكذيب وبطلان هذه الأحاديث لاستلزامها للباطل، إذ أنّ القول بهايفضي إلى القدح في تواتر القرآن العظيم.
يقول عبد الرحمن الجزيري: (أما الأخبار التي فيها أن بعض القرآنالمتواتر ليس منه، أو أنّ بعضاً منه قد حُذف، فالواجب على كل مسلم تكذيبها بتاتاً،والدعاء على راويها بسوء المصير)[3][3].
ويقول ابن الخطيب: (على أن هذه الأحاديث وأمثالها ، سواء صحّسندها أو لم يصحّ فهي ـ على ضعفها وظهور بطلانها ـ قلّةٌ لا يُعتدّ بها، ما دام إلىجانبها إجماع الاُمّة، وتظاهر الأحاديث الصحيحة التي تدمغها وتظهر أغراض الدينوالمشرع بأجلى مظاهرها)[4][4].
وجماعة منهم قالوا بوضع هذه الأحاديث واختلاقها من قبل أعداءالإسلام المتربّصين به، يقول الحكيم الترمذي: (ما أرى مثل هذه الروايات إلاّ من كيدالزنادقة).
ويقول الدكتور مصطفى زيد: (وأما الآثار التي يحتجّون بها.. فمعظمها مروي عن عمر وعائشة، ونحن نستبعد صدور مثل هذه الآثار بالرغم من ورودها فيالكتب الصحاح، وفي بعض هذه الروايات جاءت العبارات التي لا تتّفق ومكانة عمر وعائشة، ممّا يجعلنا نطمئن إلى اختلاقها ودسّها على المسلمين)[5][5]
ثانياً: السنة ونسخ التلاوة
هذا وإن وافق أهل السنة ما ذهب إليه الإمامية في صيانة القرآن الكريم من التحريف إلا أن الكلام في تخريجهم الفني لروايات التحريف. فمع ورود روايات التحريف في صحاح أهل السنة، صار أهل السنة بين مأزقين، فإما التسليم بروايات التحريف والحكم عليها بالصحة مما يعني تحريف القرآن، وإما الطعن في صحة الروايات وتكذيبها مما يستلزم الطعن في صحاحهم التي لا تصل إليها أظافر الخدشة.
ولذلك ذهب بعضهم لعلاج بعض الروايات الواردة في شأن التحريف بحملها على نسخ التلاوة. حيث أنهم قسموا النسخ في الكتاب العزيز إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول:نسخ الحكم دون التلاوة، وهذا هو القسم الذي نطق به محكمالتنزيل، وهو المشهور بين العلماء والمفسرين، وهو أمر معقول مقبول، حيث إنّ الأحكاملم تنزل دفعة واحدة، بل نزلت تدريجياً لتألفها النفوس وتستسيغها العقول، فنسخت تلكالأحكام وبقيت ألفاظها، لأسرار تربوية وتشريعية، يعلمها الله تعالى.
القسم الثاني: نسخ التلاوة دون الحكم، وقد مثّلوا له بآية الرجم، فقالوا: إنّ هذه الآية كانت من القرآن ثمّ نسخت تلاوتها وبقي حكمها. وستأتي الإشارة إلى روايات آية الرجم المزعومة.
القسم الثالث:نسخ التلاوة والحكم معاً، وقد مثّلوا له بآية الرضاع. وستأتي الإشارة إليها.
ولهذا حمل بعضهم الروايات التي دلت على نقصان بعض آيات الكتاب، على أن تلك الآيات نسخت تلاوتها وبقيت أحكامها، أو نسخت تلاوةوحكماً، وذلك تحاشياً من التسليم بها الذي يفضي إلى القول بتحريف القرآن، وفراراًمن ردّها وتكذيبها الذي يؤول إلى الطعن في الكتب الصحاح و المسانيد المعتبرة، أوالطعن في الأعيان الذين نُقلت عنهم. هذا وإن كان بعضهم لم يقبل ما سمي بنسخ التلاوة.
وقفة مع نسخ التلاوة
ولا شكّ أن القسمين الأخيرين من النسخهو عين القول بالتحريف: وهو باطل لما يلي:
الأمر الأول:يستحيل عقلاً أن يرد النسخ على اللفظ دون الحكم، لأنّ الحكملا بدّ له من لفظ يدل عليه، فإذا رفع اللفظ ماهو الدليل الذي يدلّ عليه؟ فالحكمتابع للفظ، ولا يمكن أن يرفع الأصل ويبقى التابع.
الأمر الثاني:النسخ حكم، والحكم لابدّ أن يكون بالنصّ، ولا انفكاك بينهما،ولا دليل على نسخ النصوص التي حكتها الآثار المتقدّمة وسواها، إذ لم ينقل نسخها ولميرد في حديث عن النبي(صلى الله عليه وآله)في واحد منها أنّها منسوخة، والواجبيقتضي أن يبلّغ الاُمّة بالنسخ كما بلّغ بالنزول، وبما أنّ ذلك لم يحدث فالقول بهباطل.
ثالثاً: نماذج من روايات التحريف في كتب أهل السنّة والجوابعليها
نذكر هنا جملة من الروايات الموجودة في كتب أهل السنّة، ونبيّنما ورد في تأويلها، وما قيل في بطلانها وإنكارها، وعلى هذه النماذج يقاس ما سواها،وهي على عدة طوائف نذكر منها طائفتين:
الطائفة الاُولى:
الروايات التي ذكرت سوراً أو آيات زُعِم أنها كانت من القرآنوحُذِفت منه، أو زعم البعض نسخ تلاوتها، أو أكلها الداجن، نذكر منها:
الف ـ الآيات والسور
1 ـ أنّ سورة الأحزاب تعدل سورة البقرة:
رُوي عن عمر واُبي بن كعب وعكرمة مولى ابن عباس: )أنّ سورةالأحزاب كانت تقارب سورة البقرة، أو هي أطول منها، وفيها كانت آية الرجم).[6][6]
وعن حذيفة : (قرأتُ سورة الأحزاب على النبي(صلى الله عليهوآله)فنسيتُ منها سبعين آية ما وجدتها[7][7](
وقد حمل ابن الصلاح المدّعى زيادته على التفسير، وحمله السيوطيوابن حزم على نسخ التلاوة، والمتأمّل لهذه الروايات يلاحظ وجود اختلاف فاحش بينهافي مقدار ما كانت عليه سورة الأحزاب، الأمر الذي يشير إلى عدم صحّة هذه النصوصوبطلانها.
2 ـ لو كان لابن آدم واديان...
رُوي عن أبي موسى الأشعري أنّه قال لقرّاء البصرة: «كنّا نقرأسورة نُشبّهها في الطول والشدّة ببراءة فانسيتها، غير أنّي حفظت منها: لو كان لابنآدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب)[8][8]
وقد حمل ابن الصلاح هذا الحديث على السنّة، قال: «إنّ هذا معروففي حديث النبي(صلى الله عليه وآله)، على أ نّه من كلام الرسول، لا يحكيه عن ربّالعالمين في القرآن، ويؤيّده حديث روي عن العباس بن سهل، قال: سمعت ابن الزبير علىالمنبر يقول: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): لو أنّ ابن آدم اُعطي واديان...» وعدّه الزبيدي الحديث الرابع والأربعين من الأحاديث المتواترة وقال: (رواه منالصحابة خمسة عشر نفساً)[9][9]» ورواه أحمد في المسند عن أبي واقد الليثي على أنّه حديث قدسيّ[10][10].
أمّا إخبار أبي موسى بأنّه كان ثمّة سورة تشبه براءة في الشدّةوالطول، فلو كانت لحصل العلم بها، ولما غفل عنها رسول الله(صلى الله عليه وآله)،والصحابة وكُتّاب الوحي وحُفّاظه وقُرّاؤه.
3 ـ الثالث: آية الرجم:
روي بطرق متعدّدة أنّ عمر بن الخطاب، قال: (إياكم أن تهلكوا عنآية الرجم.. والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها،الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة، نكالاً من الله، والله عزيز حكيم. فإنّاقد قرأناها[11][11].(
وأخرج ابن أشتة في المصاحف عن الليث بن سعد، قال: )إنّ عمر أتىإلى زيد بآية الرجم، فلم يكتبها زيد لأنّه كان وحده)[12][12].
وقد اضطربت كلماتهم في توجيه روايات آية الرجم، وكان من الأولى بها ردها جميعاً.
فقد حمل ابن حزم آية الرجم في المحلّى على أنّها ممّا نسخ لفظهوبقي حكمه، وهو حملٌ باطلٌ، لأنّها لو كانت منسوخة التلاوة لما جاء عمر ليكتبهافي المصحف، وأنكر ابن ظفر في الينبوع عدّها ممّا نسخ تلاوة، وقال: (لأنّ خبر الواحدلا يُثبت القرآن[13][13].(
وحملها أبو جعفر النحاس على السنّة، وقال: (إسناد الحديث صحيح،إلاّ أنّه ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله الجماعة عن الجماعة، ولكنها سُنّة ثابتة،وقد يقول الإنسان كنت أقرأ كذا لغير القرآن، والدليل على هذا أنّه قال: لولا أ نّيأكره أن يقال زاد عمر في القرآن لزدته)[14][14].
4ـ آية الجهاد:
رُوي أنّ عمر قال لعبد الرحمن بن عوف: (ألم تجد فيما اُنزل علينا،أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرة، فأنا لا أجدها؟ قال: اُسقطت فيما اُسقط منالقرآن[15][15].(
نقول: ألم يرووا في أحاديث جمع القرآن، أنّ الآية تُكتب بشهادةشاهدين من الصحابة على أنّها ممّا أنزل الله في كتابه؟ فما منع عمر وعبد الرحمن بنعوف من الشهادة على أنّ الآية من القرآن وإثباتها فيه؟ فهذا دليل قاطع على وضع هذهالرواية، وإلاّ كيف سقطت هذه الآية المدّعاة عن كُتّاب القرآن وحُفّاظه في طولالبلاد وعرضها، ولم تبق إلاّ مع عمر وعبد الرحمن بن عوف؟
الأمر الخامس: آية الرضعات أكلها داجن البيت
روى مالك في الموطأ بإسناده عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت: كانت فيما أنزل من القرآن: " عشر رضعات معلومات يحرّمن" ثم نسخت بـ " خمس معلومات" فتوفي رسول الله (ص) وهن فيما يقرأ من القرآن.[16][16]
الطائفة الثانية:
الروايات الدالّة على الخطأ والتغيير.
روي عن ابن عباس في قوله تعالى: (حتّى تستأنسوا وتسلّموا [17][17](قال: «إنّما هو (حتّى تستأذنوا) وأنّ الأول خطأٌ من الكاتب[18][18].
وهذه الروايةمكذوبة على ابن عباس ولا تصحّ عنه، لأن مصاحف الإسلام كلّها قد ثبت فيها (حتّىتستأنسوا) وصحّ الإجماع فيها منذ عهد الرسول(صلى الله عليه وآله)وإلى الآن، فلايعوّل على مثل هذه الرواية، قال الرازي: «إعلم أنّ هذا القول من ابن عبّاس فيه نظر،لأ نّه يقتضي الطعن في القرآن الذي نُقل بالتواتر، ويقتضي صحّة القرآن الذي لميُنقل بالتواتر، وفتح هذين البابين يطرق الشكّ في كل القرآن، وإنّه باطل[19][19].
الخلاصة: أن أهل السنة والجماعة كما الإمامية قائلون بصيانة القرآن الكريم من التحريف. نعم، هناك نظر عند الإمامية في ما أسموه (نسخ التلاوة) ببيان قد تقدم. والحمد لله رب العالمين.
[1][1] في رحاب أهل البيت، أسطورة تحريف القرآن، ص46
[2][2] مجمع البيان: 1/83
[3][3] الفقه على المذاهب الأربعة: 4/ 260
[4][4] الفرقان: 163
[5][5] النسخ في القرآن: 1/ 283
[6][6] الإتقان: 3/82، مسند أحمد: 5/132، المستدرك : 4/359، السنن الكبرى: 8/211، تفسيرالقرطبي: 14/113، الكشاف: 3/518، مناهل العرفان: 2/111، الدر المنثور: 6/559.
[7][7]الدر المنثور: 6/559
[8][8]صحيح مسلم 2: 726 / 1050
[9][9]مقدمتان في علوم القرآن: 85 ـ 88
[10][10]مسند أحمد: 5/219.
[11][11]المستدرك: 4/359 و 360، مسند أحمد: 1/23 و 29 و 36 و 40 و 50، طبقات ابن سعد: 3/334، سنن الدارمي: 2/179. راجع
[12][12]الاتقان: 3/206.
[13][13]البرهان للزركشي : 2/43.
[14][14]الناسخ والمنسوخ: 8.
[15][15]الإتقان: 3/84، كنز العمال: 2 حديث 4741.
[16][16] تنوير الحوالك، ج2، ص118 آخر كتاب الرضاع، نقلاً عن صيانة القرآن من التحريف للعلامة محمد هادي معرفة
[17][17]سورة النور، 27
[18][18]الإتقان : 2/327، لباب التأويل : 3/324، فتح الباري: 11/7.
[19][19]التفسير الكبير: 23/196.
--
إني لاكتـم مـن علمي جـواهـره ** كيلا يرى الحق ذو جهـل فيفتتنـا
وقـد تقـدم فـي هـذا أبـو حســن ** إلى الحسين ووصى قبله الحسنا
يا رب جوهرُ علمٍ لـو أبـوحُ بـهِ ** لقيـل لـي أنت ممـن يعبـدُ الوثنـا
ولاستحل رجالٌ مسلمون دمي ** يـرون أقبـح مـا يأتــونـهُ حسنـا
|
|
|
|
|