|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 82629
|
الإنتساب : Apr 2016
|
المشاركات : 105
|
بمعدل : 0.03 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
اليمني الاول
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
بتاريخ : 12-07-2016 الساعة : 08:10 PM
يقول تبارك وتعالى :
{ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم ٌ}.
سورة التوبة - الآية : 40 .
..........
الآية الشريفة تتحدث عن نصرة الله عزّ وجلّ لرسوله ص حينما كثر الخاذل وقل الناصر، وقد قدمت آية الغار مواقف خالدة، وأمثلة حية تجلت فيها نصرة الله لعبده ورسوله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم.
فالمعنى المقصود في الآية الشريفة هكذا :
ظ، - { فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا }.
" في هذه الحال الخروجية، من بين أظهر الكافرين، انتصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
" إذ " هاهنا، بمعنى حين أو حال.
بمعنى : إن الله قد نصر رسوله ص حين أخرجه الذين كفروا.
تأملوا جيدا، الآية الشريفة تفيد أن الرسول صلى الله عليه وآله خرج من بين أظهر الكافرين لوحده فقط، ولم يكن معه أحد، يعني أن الرسول لم يكن بمعية الصاحب منذ بدء الهجرة.
وليس صحيحاً أن يكون " ثاني اثنين " حالا من الفعل " أخرج " كما يفهم الكثير من الناس.
ذلك الفهم غلط، وبعيد تماماً عن الصواب، لأنّ " ثاني اثنين " حالا من الفعل " نصر " وليس من الفعل " أخرج ".
وفي حال جعل " ثاني اثنين " حالا من الفعل " أخرج " فإن معنى الآية يفسد!. لماذا؟!
لأن الآية ستكون دالة على أن الذين كفروا أخرجوا الرسول صلى الله عليه وآله أحد اثنين حال تواجدهما في الغار، وهذا المعنى غلط، ظاهر الفساد والبطلان، لأنه تم إخراج الرسول من قريته، من مكة،وليس من الغار.
قرآناً عربيّاً لعلّكم تعقلون.
إن آية الغار تقدم بيانا توضيحيا يتحدث عن نصرة الله تعالى لرسوله، فالنصرة الإلهية هي العنوان العريض للآية الشريفة، وجملة " ثاني اثنين إذ هما في الغار " تعتبر مثالا حيا تجلى فيه نصرة الله لعبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
والجملة عبارة عن بدل أول من جملة " إذ أخرجه الذين كفروا " والعامل في البدل هو نفسه العامل في المبدل منه، ومعلوم أن العامل في المبدل منه هو الفعل " نصره "، وضمير الغيبة يعود على الرسول صلى الله عليه وآله.
جملة " ثاني اثنين إذ هما في الغار " عبارة عن بدل أول من جملة " إذ أخرجه الذين كفروا " وهو بدل بعض من كل.
.................
وهذا البدل هو بيت القصيد في الآية الشريفة، القشة التي قصمت ظهر البعير !.
ولأن أتباع مدرسة السقيفة لم يفهموا المعنى الصحيح لآية الغار، فإنهم قد تبجحوا وذهبوا كل مذهب، فزعموا أنها قد جمعت للصاحب من الفضائل والمناقب ما لا تحصى أعداده، ولا تبلغ آماده!! ولقد أنشد قائلهم :
وَفي القُرْآنِ لِلْمُخْتَارِ آثَارٌ وَأنْــوَارُ
وَأمّا عَنْ أبي بَكْرٍ فَيَكْفِي الشّاهِدُ الغَارُ.
...........
وأنعم به من شاهد !.
ويا حسرة على العباد.
..................
ظ¢ - { فقد نصره الله ثاني اثنين إذ هما في الغار }.
أو { فقد نصره الله إذ هما في الغار ثاني اثنين }. هذا هو المعنى.
فلا يتوهمن أحد أن " ثاني اثنين " حالا من الفعل " أخرج ". بل هو حالا من الفعل " نصر ".
وتم تقديم " ثاني اثنين " على " إذ هما في الغار " للتأكيد على الإهتمام بشأن الرسول ص، وأنه لوحده فقط ص المخصوص بالتأييد والنصرة الإلهية.
وللدلالة على وجود شخص واحد فقط، داخل الغار، مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ففي الغار اثنين فقط، لا ثالث لهما إلا الله عزّ وجلّ.
ثاني اثنين : أحد اثنين. و" إذ " هاهنا تفيد الحال، أي فقد نصره الله أحد اثنين حال هما في الغار.
" في هذه الحال الثنائية، داخل الغار، نصر الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
تأملوا جيدا، المنصور في هذه الثنائية هو الرسول ص وحده، الشخص الآخر المرافق للنبي ص في الغار لم تشمله النصرة !.
وهذا يؤكد أنّ المصاحبة المذكورة لم تكن بطلب من الرسول ص، لم تكن برضا الله عز وجل، ولم يكن الصاحب ناصرا لله، ولو أن الصحبة تمت بأمر الله ورسوله لكان الثنائي المذكور مشمولا بالنصرة الإلهية، والسكينة.
يقول علم النفس : وراء كل سلوك دافع.
فما الدافع الذي جعل الثنائي يلتحق بالرسول ص؟؟!!
على من انتصر الرسول صلى الله عليه وآله داخل الغار؟ وقد علمنا من الآية أنه لا يوجد داخل الغار إلا اثنين فقط، الله ثالثهما.
من هو العدو هذه المرة ! العدو البديل عن كفار قريش؟!
..................
ظ£ - { فقد نصره الله إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا }.
" في حال هذه المقالة النبوية للصاحب انتصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
فقد نصر الله رسوله ص حين يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا.
وجيء بالفعل المضارع للدلالة على الحال، وهذا يقدم صورة للحال البائسة والمفضوحة التي كان يعيشها الصاحب.
..............................
وبناءً على ما سبق نستنتج ما يلي :
إن الرسول صلى الله عليه وآله يواجه الخطر والعداء في تلك الأحوال والظروف المذكورة في آية الغار ؛ وقد انتصر الرسول ص على العدو !.
إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مؤيد بنصر الله وتأييده في هذه المواطن كلها، وهذا يدل على أنّ الخطر محدق به صلى الله عليه وآله في كل تلك المواطن، فالعدو يتربص به ويبغي له القتل والفناء.
* العدو في الموطن الأول :
هم كفار قريش، المشركون شركا ظاهرا، فخروج الرسول ص من بينهم سالما من الأذى يعتبر نصرا.
المفترض أن ينتهي المشهد هنا، أي عند قوله تعالى : { فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا فأنزل الله سكينته عليه وأيده ........ إلخ }.
لماذا المفترض أن ينتهي المشهد هناك؟
لأن الآية، وفقا لذلك النظم، تعتبر جملة كاملة تامة المعنى، فالرسول ص قد نجى من القوم الكافرين سالما معافى، مؤيدا بنصر الله وتأييده.
ولكن الآية الشريفة لم تتوقف، بل تحكي لنا فصلا آخر من فصول حكاية الهجرة النبوية، الفصل الأكثر غموضا وإثارة للجدل، حكاية الهجرة مع الصاحب العتيد.
المقطع الأول أخبرنا أن الرسول ص هاجر، من مكة، وحيدا منفردا، فما الذي حشر الثنائي الصاحب في الحكاية؟؟!!
الآية الشريفة تخبرنا بانتصارات إلهية أخرى للرسول صلى الله عليه وآله وسلم على أعداء جدد! ! !.
إن الحديث ذو شجون، ومثير للدهشة.
* العدو في الموطن الثاني، العدو داخل الغار!!
يا إلهي من يكون؟؟!
أهو ثعبان مبين؟! أهو حية تسعى وفي جوفها سم ناقع؟؟!
أهو وحش من وحوش البراري؟؟!!
لا، ليس الأمر كذلك!.
فمن يكون العدو في الغار إذن؟؟
هو الصاحب، المشرك شركا خفيا!
الذي ءامن بلسانه ولم يؤمن قلبه.
هذه هي الحقيقة.
هذه هي حقيقة الرجل الذي قالوا لنا عنه ذات يوم :
( لقد كان يعيش للإسلام وبالإسلام، وكان يُدرك أنَّ في القضاء على حياة رسول الله صلى الله عليه سلم وأْدًا للدعوة الإسلامية في مَهدِها.
بالإضافة إلى معرفته بشخصية رسول الله صلى الله عليه سلم منذ الصِّغر، وحبِّه له، لقد كان حبه لرسول الله صلى الله عليه سلم قبل البعثة نابعًا من إعجابه الشديد بكريم أخلاقه وسجاياه، أما بعد البعثة فقد أصبح هذا الحب إيمانًا وعقيدة راسخة في قلب أبي بكر، لهذا كان إيمانه يُوزَن بإيمان الأمة.
ويبقى الصديق رضي الله عنه أفضل الأمة بعد نبيها، وثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم، وأول الخلفاء الراشدين، وأحب الرجال إلى نبينا، ذو المناقب الكثيرة والفضائل الغزيرة ). إنتهت مقالتهم!!.
ويا حسرة على العباد.
إن القرآن الكريم يخبرنا بأن الممدوح بهذا الكلام العاطفي المكذوب ليس إلا عدوا لله ورسوله.
حقيقة مريرة وقاسية. مريرة جدا وصادمة.
إنه ذاك الثنائي، الذي لا يوجد مع الرسول ص شخص آخر غيره، إنه البشر الوحيد الموجود داخل الغار مع الرسول صلى الله عليه وآله.
{ فقد نصره الله ثاني اثنين إذ هما في الغار }.
لقد نصر الله رسوله ص على العدو هاهنا، في الغار!!.
ولو لم يكن الصاحب عدوا لما استلزم الحال أن يتكفل الله بنصر نبيه ص في هذا الموطن الذي خلده الله في محكم التنزيل.
الوضع داخل الغار شديد الخطورة، يهدد حياة النبي ص، ولا يقل خطرا عن الحال التي كان فيها الرسول بين أظهر الكافرين!.
ولو لم يكن الثنائي عدوا لكان مشمولا بالتأييد والنصرة الإلهية، ومشمولا بالسكينة.
قال تعالى : { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }.
لقد حسمت المعركة لصالح رسول الله ص، فالثنائي المذكور يحمل نوايا مشؤؤومة، يبغي للإسلام الغوائل، فليس أهلا للنصرة الإلهية، وما هو بالتأييد جدير، بل قذف الله الرعب في قلبه، فهو رعديد، مضطرب القدمين والقلب واللسان، وليس في الحقيقة إلا جاسوسا وعميلا لكفار قريش !!.
يقول علم النفس : إن حالة الخوف، والقلق، والاضطراب الشديد تطغى عادة على أصحاب النوايا الشريرة.
* العدو في الموطن الثالث !!
من يكون يا ترى ؟؟!!
إجتماع العدوين، العدو في الموطن الأول، والعدو في الموطن الثاني، أي كفار قريش، والصاحب داخل الغار !.
لكننا نلاحظ، في الآية الشريفة، أن الرسول ص لم يكترث للعدو خارج الغار، بل جعل اهتمامه منصبا، وموجها بشكل رئيس إلى العدو داخل الغار، فهذا الصاحب قد يكون سببا لاستجلاب العدو الموجود خارج الغار.
كيف ذلك؟؟!!
عندما شعر العميل الموجود داخل الغار أنه لم يفلح في المهمة الجاسوسية، وإلحاق الأذى بالرسول ص، لجأ الخؤون إلى أسلوب آخر، وهو بث الشك والريبة، والحزن والولولة وإشاعة الفوضى والضحيج ....
يعني حرب نفسية، ظنا منه أنه قادر على أن ينشر الفوضى في أرجاء الغار، وينال من عزيمة النبي ص ومعنوياته! فيكون ضجيج الصاحب سببا لمعرفة المشركين المتواجدين خارج الغار بمكان اختباء الرسول فيجهزون على حياته الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم.
ولكن الرسول ص واجه العدو الداخلي بكل ثقة وحزم، فزجره وألقى على مسامعه عبارة خالدة، تتناقلها الأجيال المؤمنة عبر الدهور والأزمنة، ولقنه درسا بليغا، مفاده الإيمان الكامل والمطلق بنصر الله وتأييده، وبذلك ألقم الرسول ص هذا الجاسوس، الجاحد بالله واليوم الآخر، ألقمه حجرا.
وليس هذا وحسب، بل إن الله تعالى أدب ذلك الفاسق تأديبا عادلا وفضحه بين الخلائق عندما حرمه من السكينة.
فاكتمل المشهد وتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن الصاحب كان يبغي للإسلام الغوائل، جاسوسا فاسقا منافقا، من الظانين بالله ورسوله ظن السوء.
وعلى الباغي تدور الدوائر.
وترتب على هذا النصر الإلهي المتوالي والمتتابع نزول السكينة على الرسول ص وخذلان أعدائه أجمعين.
وهكذا فشلت أخطر عملية جاسوسية في التأريخ البشري، والتي كانت تستهدف حياة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله، ووأد الدعوة الإسلامية السمحاء في مهدها.
لقد نصر الله رسوله، فخرج سالما معافى، ومضى صلى الله عليه وآله وسلم إلى الأمام، ينشد الخير والمحبة والسلام، هاجر إلى ربه يدعو الخلق إلى النور والحب والإنسانية.
ورد الله الذين كفروا بغيضهم لم ينالوا خيرا.
سقطت الأوهام الزائفة، وانهارت الأحلام اللامشروعة، فلا مبشرين بالجنة ولاهم يفرحون.
ظهر النجم ذو الذنب، ولاح القمر المنير.
و إنّ كلمة الله هي العليا.
|
|
|
|
|