اللهم صلِ على محمد و آل محمد و عجل فرجهم
رحيــق الحــُبْ
ماعاشَ ..من لم يرتشف رحيق الحب , وتُترعُ وتتنضرُ نفسهُ
بمياهه القدسية.
فإذا كانت طاعةُ الرب شجرةً يانعة, فإن الحب أزهــــاره
ووروده الجميلة , وثماره الشهية اللذيذةالناضجة
فللطاعة لذة , والحبُ منشأ اللذة ومصدرهــــا
وهو الذى يولد حنينا فى النفس , وشوقا فى القلب , وسعادة وإبتهاجا فى الروح , بالمداومة عليها , والتلذذ بها
فحين نخطوا إلى المساجد مُتطهرين متوضئين , ممتثلين راغبين
وللوقوفِ والركوع والسجود بين يدىّ ملك الملوك مُتشوقين ,
نبسطُ قلوبنا فُرشا لأجسادنا وأرواحنا , ونُقبلُ على رب الأرباب,
فى إطمئنان العارفين لأنعُمه , الخاضعين لسلطانه ومشيئته ,
المُقرين بفضله , والموقنين بحكمته وموعوده , المتشوقين لحمد هو شكره , الراغبين فيما عنده .
فتغمرنا السعادة بحبنا , والإمتثالُ لأمر ربنا , ونظلُ فى حنين دائم
لتلبية النداء ..... لإرتشاف رحيق الحب الإلهى.
دستــورالحـُـبْ
إذا كان الحبُ طاقةً فياضةً , عقلية وقلبية وروحيةً , فإنه يظلُ فىحاجةٍ إلى دستورخارق , يُفجرُ فى النفس ينابيعها , ويَخُطُ فى وديان الحياة مجراها ومصبها ,خاصةً أن هذه الطاقة , مدعومة بمكامن توهج نفسية , من الفطرة والغريزةوالشهوة, مما يجعل النفس تؤُثر العاجل على الآجل , وتُيسرُ لها الأدنى , وتعسرعليها الأعلى .
نعم إنها طاقة عظيمة , تتعددُ مناهلها , ولاتستوى غاياتها !
لذا لم يُترك للبشر صياغة دستورها , فكانت الكتب السماوية , منذُ بدأ الخليقة تأخذُ بأيدى وعقول وقلوب البشرية , إلى أعلى فضاءاته , وأشرف سماواته ,وكان القرآن الكريمُ أعظمها , والمُهيمن عليها , كدستور ربانىّ دائم , بديمومة الحياة الأرضية , يخُطُ لهذة الطاقة العظيمة , قانونها السماوىّ , ويُؤنسُ الأرواح السائرة على دربه , ليس فقط فى حياتها الدنيا , بل وفى برزخها , ومستقر رحمة حبيبها. يستجيشُ بآياته مكامن النفس البشرية , ويأخذُ فى يسرٍ ورحمةٍ , بتلابيبها وخطواتها إلى أعتاب محراب الحب , عبر دروب العلم , ويُقيمُ لها بستان سعادتها الإنسانية الدائمة والخالدة , بأشجار عطائها المُورقة , ونسمات أفيائها الوارفة.
تخطو النفوسُ البشرية إلى الرحاب القرآنية النورانية , فتدركُ الحكمة العظيمة وراء وجودها , وأسباب الوجود وماهيته ومقاصده , ومنهاج السعادة القويم , لكينونتها الدنيا والعليا , فى كليات _ رغم عظمها _ معدودة , وجزئيات شاملة سابغة والحب فيها جميعها الجسد والروح معا . والأهم من هذا كله , أنه يُعرفها بالحبيب المُحب , الذى هيأ لها أسباب الوجود بمحبته حتى قبل خلقه لها , وبحبه لها سواها بيديه , ونفخ فيها من روحه القدسية النورانيةالعُلوية , يُعرفها به ذاتا وصفاتا , وأسماءا , وكمالا مُطلقا . ويبسطُ أمامها بساط الكمال البشرىّ النسبى , فى وجودها الأرضىّ , بدوحة الحب الإيمانى , كخليفة ربانى , يتمثل صفات حبيبه ومعبوده , فى خلافته الكونية عنه , فيقتبس من أطيافها قواما لوجوده .
ولما كان ربه وحبيبه عليما , فإنه يسلك درب محبته بالعلم , ويتحلى بالكرم حبا ورغبة فى أن يأخذ الكريم بيديه إلى دار كرامته , ويَعْدِلُ تمثلا بقيومية معبودهالحبيب بالقسط بين عباده , محبة له وإلتماسا لحبه , ويتراحم لأن حبيبه يُنال طاعته ورضاه بالرحمة من محبيه وعباده.
وهكذا يتخلقُ المحبُ لربه , بصفات محبوبه , ويدعو إليها , ويموتُ فى سبيلهافما أرخصُ الحياة الموهوبة , لتكون شهادة داله على محبة الرب العظيم .
ما ألذه ُمن رحيق وأعظمهُ من دستوراً رباني
نسآلكــــــــم الدعاء