|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 67294
|
الإنتساب : Aug 2011
|
المشاركات : 32
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العام
العبادات رياضة الدين / الشهيد السيد حسن الشيرازي
بتاريخ : 27-04-2013 الساعة : 09:46 PM
العبادات رياضة الدين
المفكر الإسلامي الشهيد آية الله السيّد حسن الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته)
أن الحكمة التشريعية للعبادات ليست هي الحصائل المادية فحسب!! ففلسفة إيجاب الصلاة والصيام والوضوء وغيرها ... لا تختصر في تربية البدن الطبية... ولا في تنمية الروح فقط... ولا فيهما معاً...
إن تنمية الروح, أو تنمية البدن نتائج تأتي من العبادات عرضاً, لا طولاً... إن الهدف الأسمى من العبادات هو شيء فوق تلك, وهذه.. لا تحصل إلا من هذه الطقوس المحددة المرسومة بهذه الأساليب المعينة الخاصة...
إن جميع الغرائز والمؤهلات المتأصلة في كيان الإنسان, مفطورة على الميوعة البدائية التي من شأنها التراجع والتقلص أمام الزحف والوثوب, ولا تتمكن من المقاومة والصمود تجاه القوة, أية قوة كانت!!! فكما أن العضلات تولد متفككة ناعمة, ثم تشتد وتتماسك بالرياضات البدنية.. كذلك القوى النفسية... فقوة التفكير الإنساني (في المراحل الأولية) بسيطة سالبة الشحنة, تتطور بسرعة مدهشة, تبعاً للعوامل الوافدة إليها, فتتأثر ولا تؤثر... ومتى أراد أن يصبح هذا التفكير قوياً فولاذياً, وإيجابياً يتوسع ولا يتقلص, فله نوع خاص من الرياضة, تمده بشيء من القوة والتركيز, فلابد أن يمارسها حتى يقوى ويكون له شخصية خالدة... وليست رياضة التفكير الإنساني سوى تكرار الفكر... فمن فكر كثيراً يصبح مفكراً أصيل التفكير, ومن لم يفكر كثيراً يبقى من رعاع الناس, ومن خاض معامع السياسة ينقلب سياسياً محكناً.. الخ.
هكذا تكون جميع ركائز الإنسان.. حتى الغرائز, فإذا كبحها الإنسان تفتت, ووئدت في خبايا الكتمان, ومتى قابلت التشجيع والتأييد, وزاولت رياضتها الخاصة بها, اندلعت كلسان النار تسحق العقل والضمير, وتقتل العفة والحياء...
كهذه وتلك, تكون فطرة الدين في الإنسان (فهي موجودة) غير أنها بطبيعتها الأولية ضعيفة متهافتة تحتاج إلى رياضة من نوعها لتنميها, وتبعث الدفء والحياة.. حتى تصبح فوق الميول والأهواء, وأوسع من الدهر, وأعمق من الحياة.. حتى توفر له صلاحية قيادة الفرد والمجتمع...
ورياضات الدين إنما هي العبادات بهذه الأساليب والكيفيات... ولولا هذه الخصوصيات الدقيقة, لم تكن رياضات دين, وإنما كانت وصفات طبيب... لأن الدين هو الانقياد والتعبد للخالق العظيم, فلابد أن تكون رياضاته من نوع يشعر معها الفرد بالانقياد والتعبد, بأجلى وأبرز صورها, حتى يصح اعتبارها رياضة للدين!! لأن الرياضة (غالباً) تكون أقوى وأعنف من نفس الهدف, فالرياضي يتلاعب بالأثقال الباهضة حتى تتماسك أعصابه كي لا تنهار لو واجهت حملاً ثقيلاً.
لهذه العوامل كلها وجب: أن تكون العبادات من أعمق مظاهر التقديس لذلك الخالق العظيم... وعلى هذا الضوء نجد الصلاة مجموعة من التكبير والتسبيح والتهليل... ويستحب أن يستغرق التقديس والدعاء أيام الصيام, وأوقات الغسل والوضوء... لتكون كلها قطعة من الاستغراق في العبودية لله...
ولذلك كان لزاماً: أن تجتمع في الصلاة جميع مظاهر الخشوع والخضوع... من النية, والإخلاص, والاتجاه نحو بيت الله, وتوارد القلب واللسان والأعضاء على إفراغ المعاني... والركوع, والسجود, ... وعدم التكلم والتلفت...
إشعاراً بأنه أمام عظيم جبار متكبر... وحتى يتهيأ الإنسان بكل ما فيه من روح وعقل ونفس وأعضاء وعضلات لاستقبال كل ما يرد عليه من الله بالرضوخ والتنفيذ, حتى يطبق الإسلام (الذي هو من عند الله).
ثم أن العبادات ترسي قواعد الإيمان في النفوس, وتفسح المجال لينطلق, ما شاء له اندفاعه وانبعاثه, فيتعمق في غايات القلوب, ويمتزج بالعواطف والمشاعر, فيرتكز في كيان الإنسان, بعفوية, وسلاسة لا تنالهما أيدي التحوير والتحريف.
وهكذا تخلق الإنسان من جديد سبيكة من الإيمان, لن تهتدي إليها ريشة التشويه والتغفيل.
|
|
|
|
|