حكم الحزب الشيوعي الصين منذ عام 1949، ولم يقبل بوجود أي معارضة وغالبا ما كان يتعامل بوحشية مع المنشقين.
وفي الوقت الحالي، يحكم البلاد تسعة رجال على قمة هرم السلطة الذي يمتد إلى كل قرية ومكان عمل.
ولم يسبق أن واجهوا انتخابات تنافسية، وبلغوا القمة بفضل بطانتهم وقدراتهم وغرائز البقاء في ثقافة سياسية قد يؤدي قول الشيء الخطأ فيها إلى أن يبقى المرء بقية حياته رهن الإقامة الجبرية، أو ما هو أسوأ.
ومن الناحية الرسمية، فإن سلطاتهم تنبع من مراكزهم في المكتب السياسي، أداة صنع القرار في الحزب.
لكن في الصين، العلاقات الشخصية لها وزن أكثر من مناصب العمل. يستند نفوذ القائد إلى ولاءاته التي يقيمها على مدى عقود مع من هم أرفع ومن هم أقل منه مكانة.
وكانت هذه الطريقة التي ظل بها دينج جياأوبينج قائدا أعلى لفترة طويلة بعد تنحيه عن جميع المناصب الحكومية، وهذا يفسر لماذا يلعب قدامى أعضاء الحزب في بعض الأحيان دورا رئيسيا في اتخاذ القرارات الكبيرة.
ويسيطر المكتب السياسي على ثلاثة أجهزة هامة أخرى ويضمن الحفاظ على الخط العام للحزب.
وهذه الأجهزة هي لجنة الشؤون العسكرية، التي تسيطر على القوات المسلحة، ومجلس نواب الشعب، أو البرلمان، ومجلس الدولة، الذراع الإداري للحكومة.
يبلغ عدد أعضاء الحزب الشيوعي 66 مليونا وهو ما يجعله أكبر حزب سياسي في العالم.
ولا يزال الحزب في السلطة بفضل تنظيمه الصارم وقسوته.
ويشرف الحزب ويؤثر على كثير من مظاهر حياة الشعب الصيني – ما يتعلمون في المدرسة وما يشاهدون على شاشات التلفزيون، وظائفهم وسكناهم، بل حتى عدد الأطفال المسموح لهم بإنجابهم.
وهو مجموعة من النخبة تضم في معظمها مسؤولين حكوميين، وضباطا في الجيش وعمالا نموذجيين.
ومن ثم، فالحزب لا يمثل الصين ككل. 17% فقط من أعضاء الحزب من النساء و78% منهم فوق سن الخامسة والثلاثين، برغم الجهود الجارية لتوسيع عضويته واجتذاب مزيد من الشباب.
ويتسم الحزب بالاستحواذ تجاه السيطرة، وعادة ما يظهر قدرته على استخدام القسوة البالغة في قمع المنشقين أو إخماد أي تحد.
امتيازات الحزب
ويجلب الانضمام للحزب امتيازات ملحوظة، وهو ما يفسر الزيادة المستمرة لعدد أعضائه. إذ يمكنهم الوصول إلى معلومات أفضل، ويحصل أطفالهم على تعليم أفضل، كما أن كثيرا من الوظائف تقتصر فقط على أعضاء الحزب.
وفي الصين، حيث العلاقات الشخصية غالبا ما تكون أهم من القدرة، يتصل الأعضاء بصناع القرار الذين يؤثرون على مستقبلهم المهني أو أرواحهم أو أعمالهم.
وللانضمام للحزب، يحتاج المتقدمون إلى دعم أعضاء فعليين وأن يخضعوا لفحوصات واختبارات من قبل فرع الحزب المحلي لديهم. وبعد ذلك يخضعون لفترة اختبار لمدة عام، يتخللها عدد من التقييمات وبرامج التدريب.
ومبدأ السيطرة الأساسي للحزب هو "الديموقراطية المركزية"، التي تجعل كل عضو فرعا في تنظيم الحزب. وللحزب هيكل هرمي قاعدته ملايين من تنظيمات الحزب المحلية في أرجاء البلاد ويرتفع حتى يصل إلى أعلى أجهزة صنع القرار في بكين.
ومن الناحية النظرية، فإن قمة الهرم هي مؤتمر المجلس الوطني، الذي ينعقد مرة كل خمسة أعوام ويشارك فيه أكثر من ألفي عضو من منظمات الحزب في أنحاء البلاد.
وستعقد الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الحزب في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.
والوظيفة الرئيسية للمؤتمر هي "انتخاب" اللجنة المركزية التي تضم 200 عضو كاملي العضوية و150 عضوا "بديلا" أو أقل مرتبة، برغم أن كل هؤلاء تقريبا قد تم الموافقة عليهم مسبقا.
وفي المقابل، فإن الوظيفة الرئيسية للجنة المركزية هي انتخاب مكتب سياسي جديد وانتخاب لجنته الدائمة الأقل حجما، حيث تكمن سلطات اتخاذ القرار الحقيقية.
ومن أجهزة الحزب الرئيسية الأخرى الأمانة العامة، التي تعد الذراع الإداري للمكتب السياسي، وقسم التنظيم، الذي يشرف على أعمال آلاف من مسؤولي الحزب، ويحتفظ بملفات عن أدائهم ويقرر في ترقيتهم.
كل قرار مهم يؤثر على شعب الصين، البالغ تعداده 1.3 مليار نسمة، يناقش ويقره أولا مجموعة من الرجال الذين يجلسون في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، الرابط بين كل السلطات في الصين.
وتنتخب اللجنة المركزية للحزب أعضاء المكتب السياسي البالغ عددهم 24. لكن السلطة الحقيقية تكمن في لجنتها الدائمة المكونة من تسعة أعضاء، والتي تعمل كمجلس وزراء مصغر وتضم أقوى زعماء البلاد نفوذا.
وكيفية عمل اللجنة الدائمة سرية وغير واضحة. لكن يعتقد أن اجتماعاتها دورية ومتكررة، وغالبا ما تتسم بالخلافات والمناقشات الحادة.
يتحدث القادة البارزون أولا ثم يوجزون، مما يعطي لآرائهم وزنا إضافيا.
ودائما ما يكون التأكيد على التوصل لإجماع، لكن إذا لم يتم التوصل إليه يكتفى برأي الأغلبية.
وما أن يتم اتخاذ قرار، حتى يلتزم به جميع الأعضاء. وبرغم أنه يعتقد على نطاق واسع أن الاختلافات في السياسة والصراع الحزبي تحدث في السر، فمن النادر أن تحدث علنا.
وعندما تحدث علنا – كما حدث عام 1989 عندما اختلفت القيادة بشأن كيفية وصف احتجاجات ميدان السلام السماوي – فهي علامة على صراع كامل على السلطة.
ويتم اختيار الأعضاء الجدد في المكتب السياسي بعد مناقشة وتحقيقات دقيقة جدا لخلفياتهم وخبراتهم وآرائهم.
وللوصول إلى القمة، يحتاج الناس إلى سجل قوي من الإنجازات في العمل مع الحزب، وأن يكون لهم الرعاة المناسبين، وأن يتجنبوا إثارة الجدل، وأن يتجنبوا إثارة عداوات قوية.
كما يتقاسم أعضاء اللجنة الدائمة مناصب الأمين العام للحزب، ورئيس الحكومة، ورئيس مجلس نواب الشعب، ورئيس لجنة الفحص التنظيمية المركزية.
ويميل المكتب السياسي إلى أن يضم أمناء للحزب من البلديات الكبيرة مثل بكين وشنغهاي ومن، الأقاليم المهمة مثل جوانج دونج.
وفي الآونة الأخيرة، دفعت الثروة التي تولدت عن الإصلاحات الاقتصادية الصينية بعض المحللين إلى الإشارة إلى أن السلطة المركزية تضعف.
جدير بالذكر أن أمانات الحزب في الأقاليم الكبيرة مثل سي شوان وجوانج دونج مسؤولة عن عدد من السكان يزيد عن أغلب الدول الأوروبية، وتكاد عائداتها الضريبية تنافس عائدات بكين.
لكن يصعب تحررهم عن قبضة بكين السياسية طالما بقي النظام السياسي للبلاد شديد الانغلاق.
ولا تزال السلطة تتدفق من الكبار إلى الصغار. ولا توجد انتخابات أو اقتراعات لحل الخلافات السياسية، التي تميل إلى مفاقمة الشقاق الحزبي.
وبالنسبة للمسؤولين في أسفل سلم السلطة، فمن الأسهل – والأقل مخاطرة – تمرير القرارات الدقيقة لمن فوقهم، لتعود إلى القبضة المركزية للمكتب السياسي.
يعد البرلمان الصيني، المجلس الوطني لنواب الشعب، بموجب الدستور الذي صدر عام 1982، أقوى جهاز في الدولة.
وفي الحقيقة، فإنه يزيد عن كونه أداة للتصديق على قرارات الحزب.
والمجلس مكون من قرابة ثلاثة آلاف عضو ينتخبون من قبل الأقاليم ومناطق الحكم الذاتي والبلديات والقوات المسلحة.
ومدة خدمة العضو خمسة أعوام، وينعقد المجلس بكامل هيأته في جلسة سنوية واحدة.
وتعني طبيعة المجلس الغريبة وغير التقليدية هذه أن النفوذ الحقيقي يكمن لدى اللجنة الدائمة التي تضم نحو 150 عضوا ينتخبون من بين أعضاء المجلس، ويلتقي أعضاء اللجنة الدائمة مرتين شهريا.
ومن الناحية النظرية، يتمتع المجلس بسلطات تغيير الدستور وسن القوانين.
لكنه ليس، ولا يقصد به، أن يكون هيئة مستقلة بالمفهوم الغربي للبرلمان.
وبالنسبة لدولة، نحو 70% من نوابها – وكل شخصياتها البارزة تقريبا – أعضاء في الحزب. فإن ولاءهم للحزب أولا ثم لمجلس نواب الشعب.
لذا، فإن ما يميل للحدوث، هو أن يضع الحزب مسودة قانون جديد ويمرره للمجلس الوطني لنواب الشعب "لدراسته"، وهو ما قد يكون من الأدق وصفه بإقرار سريع.
وفي حقيقة الأمر، فقد أظهر المجلس الوطني لنواب الشعب علامات على تنامي استقلاله على مدى العقد الماضي.
وفي حادثة شهيرة عام 1999، أخر المجلس إجازة قانون يستحدث ضريبة على الوقود لم تحظ بقبول جماهيري.
كما منح المجلس حرية أكبر في وضع مسودة القوانين في مجالات مثل حقوق الإنسان.
كما "ينتخب" المجلس أعلى القادة منصبا في الدولة، ومن بينهم رئيس الدولة ونائبه، ورئيس اللجنة العسكرية المركزية ورئيس محكمة الشعب العليا.
لكن هذه الانتخابات مختلفة تماما عن المفهوم الغربي. ففي الانتخابات الرئاسية عام 1998، كان جيانج تسه مين هو المرشح الوحيد.
وقد حصل آنذاك على موافقة 2882 صوتا مقابل اعتراض 36 وامتناع 29 عن التصويت.
تعكس قوانين الصين خليطا معقدا من أولويات الحزب، وهو نظام مستوحى من الاتحاد السوفيتي السابق وأنشئ في أعقاب عام 1949، وأجيزت مجموعة من التشريعات الجديدة منذ عام 1979 لتوجيه اقتصاد البلاد الخاضع للتحديث ليتماشى مع أمثاله في الدول المستثمرة الأجنبية الكبرى مثل أمريكا وأوروبا.
لكن لا تزال الأولوية للحزب. وينظر إلى القوانين على أنها طريقة لإدارة اقتصاد وحياة الشعب، ونادرا ما تحميهم من الدولة أو تحفظ حقوق الأفراد.
وعملية سن القوانين معقدة أيضا. فمجلس نواب الشعب مسؤول عن إعداد مسودة القوانين التي تغطي مجالات مثل حقوق الإنسان والضرائب. لكن في مجالات أخرى، يمكن لمجلس الدولة والحكومات المحلية أيضا سن القوانين.
وحتى في حالة إجازة القوانين فلا يوجد ضمان أنها ستحترم دائما.
وغالبا ما تنظر حكومات الأقاليم والمؤسسات التابعة للدولة إلى قرارات المحاكم على أنها شئ قابل للتفاوض وليست للطاعة المطلقة.
أما بالنسبة للحزب والدولة، فإنهما لا يسمحان لـ"حكم القانون" أن يقوض مصالحهما الخاصة، ويعلم ذلك جيدا النشطون المطالبون باستقلال التبت وأتباع طائفة "فالون جونج" المحظورة.
الهرم القانوني
ويخضع الجهازان القانونيان الرئيسيان لمساءلة مجلس نواب الشعب.
والنيابة العامة الشعبية العليا هي أعلى هيئة إشراف قضائي، وهي منوطة بحماية الدستور والقوانين وحقوق الشعب.
وتقع محكمة الشعب العليا على قمة هرم محاكم الشعب التي تتدرج حتى المستوى المحلي.
وأجهزة الأمن العام مسؤولة عن المصادقة على أوامر الاعتقال والبدء والمساعدة في المحاكمات العامة.
وتنظر القضايا وتصدر الأحكام المتعلقة بها في المحاكم الشعبية المحلية.
أحيانا ما يتمتع القادة البارزون بنفوذ كبير في اتخاذ القرارات والتعيينات لفترة طويلة بعد تنحيهم رسميا عن السلطة.
وأبرز مثال على ذلك هو دينج جياو بينج، الذي ظل قائدا أعلى حتى بعدما اقتصر منصبه الرسمي على رئاسة اتحاد الجسور الصيني.
والأكثر من ذلك، يعتقد أن دينج وغيره من القادة "المتقاعدين" – وليس اللجنة الدائمة للمكتب السياسي – هم الذين اتخذوا القرارات بإعلان قانون الطوارئ وإرسال الجيش لإخلاء ميدان السلام السماوي أثناء احتجاجات 1989 التي شهدت أحداثا دامية.
وقد تستعيد هذه القضية أهميتها بعد تنحي الرئيس السابق، جيانج تسه مين، عن آخر مناصبه الرسمية.
ويعود ذلك جزئيا إلى طبيعة العلاقة بين الكبار والصغار في السياسة الصينية.
وقد حرص جيانج وأعضاء جيله الآخرين على توجيه مؤيديهم حتى يبلغوا المكتب السياسي ويرتقوا عبر البيروقراطية الحكومية.
ويضمن ذلك أن تحتفظ مجموعاتهم ببعض النفوذ على الجيل الجديد حتى إذا ضعف هذا التأثير مع اكتساب القادة الجدد مزيدا من الخبرات.
ولا يتعلق ذلك هذا ببساطة بالسلطة من أجل السلطة. في الصين، يعلم القادة المتقاعدون أنه يسهل قلب الحكم على إنجازاتهم.
كما يتعين عليهم التفكير في أطفالهم، الذين أصبح نجاحهم وثرواتهم عرضة للهجمات إذا تقلص نفوذهم.
وكتعويض لذلك يحصل قدامى أعضاء الحزب على امتيازات وتقاعد مريح. ويضمن لهم صفوة حراس الأمن الخاص، ومساكن خاصة، وسائقون وعمال سكرتارية، إضافة إلى وصولهم إلى معلومات ووثائق سرية.
يتكون التقسيم الإداري للصين من 22 إقليما، وخمس مناطق "للحكم الذاتي"، وأربع بلديات تكتسب أهمية شديدة لأنها خاضعة للسيطرة الحكومية المركزية (بكين، وشنغهاي، وتيانجين، وتشونج كينج) ومنطقتين خاضعتين للإدارة الخاصة.
والمسؤولون عن هذه الأجهزة – مجموعة من نحو سبعة آلاف قائد بارز في الحزب والحكومة – يعينهم جميعا قسم تنظيم الحزب.
وبالرغم من أن الكثير منهم من الأفراد ذوي النفوذ – حاكم إقليم سي شوان يحكم ما يزيد عن 85 مليون شخص – فإن قدرتهم على الحيود عن اتجاه الحزب محدودة، لأنهم يعلمون أن خطوتهم المهنية التالية ستكون معرضة للخطر.
ورغم ذلك، يوافق أغلب المحللين على أن السلطة المركزية فقدت بعض سيطرتها على الأقاليم على مدى العقدين الماضيين، وخاصة في المجال الاقتصادي.
وثارت تكهنات بأن بعض الأقاليم تريد الانفصال عن السيطرة المركزية، رغم أن ذلك يعد أمرا يرجح ألا يسمح به.
وتتدفق السلطة والقرارات من هذا المستوى الأعلى إلى المستوى المتوسط من المقاطعات والمدن، وأخيرا إلى المستوى المحلي من المناطق.
وفي كل مستوى، تقف هياكل الحزب والدولة جنبا إلى جنب، ودائما ما يكون ممثل الحزب هو الأقوى.
ومن ثم، فإن أمين عام الحزب في الإقليم له الأولوية على حاكم الإقليم.
ولكل مستوى مجلسه الشعبي المحلي الذي ينتخب حكومته المحلية الخاصة لفترة ثلاث أو خمس سنوات.
وتمنح هذه الحكومات المحلية حرية محدودة لعديل التشريعات المحلية بما يتماشى مع موقف كل منها.
أعضاء الحزب المشتبه في فسادهم أو سوء إدارتهم أو خروجهم عن الاتجاه العام للحزب معرضون للمثول أمام لجان فحص تنظيمية، شكلت للتعامل مع نظام الحزب الداخلي ولمراقبة التجاوزات.
ومع اكتساب الإصلاحات الاقتصادية زخما أصبح الفساد أكثر القضايا إضرارا بموقف الحزب.
ولذا، شنت حملات متعاقبة لاقتلاع المسؤولين الفاسدين وتوفير أقصى تغطية إعلامية للعقوبات التي وقعت على عدد منهم.
فمثلا، شينج كي جي، وهو نائب سابق لرئيس مؤتمر نواب الشعب، أعدم في عام 2000 لتقاضيه رشاوى تبلغ قيمتها نحو خمسة ملايين دولار أمريكي.
لكن كان ينظر إلى ذلك على أنه استثناء.
امتياز
وفي أغلب الأحيان، يتمكن أعضاء الحزب ذوي النفوذ من حماية أنفسهم وعائلاتهم وبطانتهم من أي تحقيقات أو نقد علني.
ولأن الحزب هو الذي يتولى التحقيق في شؤونه الداخلية، فهو غير مستعد لتخمل مراقبة أحد من خارج الحزب لسلوك أعضائه – واللجان التنظيمية في عرضة دائمة للتحقيق من قبل جهات أعلى.
وفي الحالات التي اتخذ فيها الحزب إجراءات ضد أعضاء بارزين به، ثارت تساؤلات بشأن دوافعه.
فمثلا، في حالة شين تشي تون، الأمين السابق للحزب في بكين – الذي حكم عليه عام 1998 بالسجن 16 عاما عن تهم بالفساد – نظر إلى هذا الإجراء على أنه صراع على السلطة في قمة الحكومة أكثر من كونه عزما من الحزب على تنظيف صفوفه.
ورغم ذلك، فإن لجان الفحص التنظيمية تتمتع بالفعل بامتياز الوصول إلى المعلومات عن الناس. كما يكن لها الأعضاء رهبة خاصة لما تتمتع به من سيطرة على شبكات من المخبرين والملفات الخاصة.
لطالما دافع جيش تحرير الشعب الصيني، البالغ قوامه 2.5 مليون فرد، عن الحزب بنفس القدر الذي يدافع به عن حدود البلاد.
وخلال السنوات الأولى للحكم الشيوعي، دان أغلب قادة البلاد بالفضل في بلوغ مناصبهم إلى نجاحهم العسكري أثناء الحرب الأهلية، وظلت الصلات بينهم وبين جيش التحرير الصيني وثيقة للغاية.
لكن مع انقراض هذا الجيل وبدء تقديم الإصلاحات لجعل القوات المسلحة أكثر احترافا، فقد تغيرت هذه الصلات كثيرا.
ويعلم قادة الحزب أنهم سيضيعون بدون تأييد الجيش، وهو ما بدا واضحا خلال أزمات مثل احتجاجات ميدان السلام السماوي عام 1989.
وفي ذات الوقت، يدرك كبار قادة الجيش أنهم بحاجة لدعم القيادة من أجل تمويل خطط تحديث القوات المسلحة.
ويسيطر الحزب على القوات المسلحة وترسانتها النووية من خلال اللجنة المركزية للشؤون العسكرية.
وللجنة التي تضم 11 عضوا القول الفصل في جميع القرارات المتعلقة بجيش تحرير الشعب، بما فيها تعيين كبار المسؤولين، ونشر القوات والإنفاق على التسلح.
حماية القادة
كل أعضاء اللجنة تقريبا من كبار جنرالات الجيش، لكن أهم المناصب دائما ما يحتلها أبرز قادة الحزب.
كما تسيطر اللجنة على الشرطة المسلحة الشعبية الصينية والميليشيا شبه العسكرية، التي تلعب دورا سياسيا حساسا بحماية المنشآت الحكومية الرئيسية، بما فيها مجمع القيادة الرئيسي في بكين.
ومن الناحية النظرية، فإن رئيس اللجنة ينتخبه مجلس نواب الشعب.
لكن من الناحية العملية، يذهب هذا المنصب تلقائيا إلى أقوى شخصية في الحزب، الذي يصبح فعليا القائد العام للقوات المسلحة.
وشغل هذا المنصب من قبل ماو تشي دونج ثم دينج جياو بينج، الذي بقي في المنصب لفترة طويلة بعد استقالته من كل المناصب الأخرى، مما دفع بعض المحللين إلى القول بأن هذا هو المصدر الحقيقي للسلطة في الصين.
ولم يمتلك جيانج تسه مين، الذي أصبح الرئيس عام 1989، بالخلفية أو الطابع العسكري التي تمتع به أسلافه.
لكن بالترقيات المختارة بعناية لأنصاره ومع زيادة الميزانية ضمن جيانج تأييدا قويا من الجيش وفي داخل اللجنة.
واستقال جيانج عام 2004، وسلم القيادة إلى هو جين تاو الذي كان أقل منه في صلاته العسكرية.