مقابله صحيفة الموندو مع السيد محمد حسين فضل الله دام عزة
بتاريخ : 03-10-2006 الساعة : 09:24 AM
صحيفة (الموندو) الإسبانية التقت السيد محمد حسين فضل الله وأجرت معه الحوار التالي:
س: ما هو تقييمك للحرب الأخيرة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي؟
ج: الحرب ضد لبنان كانت حرباً للولايات المتحدة بواسطة الآلة الحربية الإسرائيلية. فلقد خطط الأميركيون لقصف المقاومة، لأنها تشكل قوة حالت دون نجاح سياستهم في لبنان، ناهيك عن أن الولايات المتحدة تحاول أن تجعل إسرائيل القوة المسيطرة في المنطقة، وما يعيق هذا الهدف هو وجود المقاومة تحديداً.
لذلك، فإن كوندوليزا رايس عندما أتت إلى المنطقة، لم تتكلم عن الجنديين الإسرائيليين المحتجزين من قبل حزب الله، وإنما تحدثت عن مشروعها الخاص بشرق أوسط جديد. فلقد ظنوا أن هذه الحرب كانت ستشكّل أداةً لفرض خطتهم، وحتى إن البعض من الإسرائيليين أقروا بأنه قد جرى استغلالهم من قبل واشنطن.
س: ما رأيكم بالقرار 1701، الذي ثبَّت وقف الأعمال العدائية في هذه المواجهة المفتوحة؟
ج: القرار 1701 مؤامرة، وهو فخ أميركي. ويمكننا القول إنّه وثيقة غامضة تسمح لإسرائيل بتأويلها وفقاً لمصالحها، وهو نصّ يمكن أن يقود إلى حرب أخرى.
س: هل أنتم مع أو ضد وجود قوات إسبانية في الجنوب اللبناني؟
ج: نحن نحترم الإسبان، لأنهم يتبعون سياسة مستقلة عن الولايات المتحدة، وهذه السياسة أقرب إلى الشعب العربي من سياسات البلدان الأوروبية الأخرى. لذلك، لا أعتقد أن المشاركة الإسبانية في قوات اليونيفيل تواجه أي مشكلة، ونحن متأكدون من أن المقاومة لن تلحق أي ضرر بأولئك الجنود.
س: لكن ما الذي سيحصل إذا ما وجدت تلك القوات نفسها، في لحظة ما، متورطة في محاولة لنـزع سلاح قوات حزب الله؟
ج: إن أي محاولة في هذا الاتجاه ستثير رد فعل دفاعي من جانب المقاومة، ولا أعتقد أن القوات الدولية مستعدة لأن يدخل جنودها في حرب مع الشعب اللبناني. إنهم جنود سلام وليسوا جنود حرب.
س: أكّد السيد حسن نصر الله بنفسه أنه لو كان يتوقع ردّ الفعل الإسرائيلي لما كان أمر بأسر الجنديين، هل كان ذلك العمل يستحقُّ العناء؟
ج: المقاومة كانت قد حققت نجاحات في أعمال مماثلة في الماضي، حتى إنّ شارون، الذي كان ميالا للحرب، قبل بتبادل الأسرى، لذلك اعتقدوا أن عملية 12 تموز ـ يونيو ما كانت لتؤدي إلى حرب.
س: في 5 أغسطس (آب) الماضي، وجه مفكر ليبي إصلاحي يُدعى دكتور محمد حوني انتقاداً شديد اللهجة على صفحات موقع إيلاف الإلكتروني، وأشار إلى أن مصطلح المقاومة يستخدم بصورة تعسفية في المنطقة وأضاف أنه لم يجلب سوى الدمار لهذه المنطقة؟
ج: المقاومة رسَّخت أسس سياسة قوة قادرة على مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة. فلقد كان العرب يظنون حتى الآن أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر. كان لديهم خوف. ولكن المقاومة تمكنت من تحقيق انتصار كبير أمام جيش النخبة، وقد كتب رجالها صفحات عزّ جديدة في تاريخ العالم العربي.
من هنا تأتي التظاهرات التضامنية الكبيرة التي خرجت إلى الشوارع في بلدان أخرى من المنطقة، حيث ينتقد المواطنون هناك موقف تلك الأنظمة أيضاً. صحيح أن اللبنانيين تعرضوا لدمار هائل، لكن الإسرائيليين تعرضوا لدمار مماثل، والناس الذين يتكلمون كما يتكلم ذلك المثقف، هم مثال للعربي الواهن الذي لم يكسب أبداً، وذاك سلوك اعتيادي لدى أنظمة كثيرة في المنطقة.
س: حوني انتقد تحديداً اللجوء إلى العمليات الانتحارية، وأكد أنها أسلوب قتال بربري...؟
ج: أعتقد أن أي حركة تهاجم أهدافاً مدنية هي ضد الإنسان، لذلك أصدرت فتوى تدين هجمات 11 سبتمبر، مع أنني ضد سياسة الولايات المتحدة، لأنّه لا يمكن تبرير ذلك النوع من الأعمال، كما أدنت اعتداءات مدريد ولندن والدار البيضاء. لكن ينبغي التمييز بشكل واضح بين تلك الأعمال وبين المقاومة ضد الاحتلال التي يقوم بها المقاتلون الفلسطينيون، والتي نراها في العراق أو لبنان. فالتاريخ مليء بأمثلة تشرِّع الدفاع عن الأمة والحرية.
إضافةً إلى ذلك، لا بد من شجب سلوك جورج بوش، الذي يقدم، بحروبه الاستباقية ودعمه المعلن لإسرائيل، أجنحةً للإرهاب العالمي.
س: يحمل أحد أعمالك عنوان (حوار بين الإسلام والمسيحية). هل تعتقد بضرورة أن يكون هناك تبادل أوسع بين كلتا الحضارتين لمنع ما يسمى (صدام الحضارات)؟
ج: الحوار هو الطريق الأفضل لتذويب الاختلافات بين الشعوب، والعنف إنّما يعقِّد الأمور فقط. لذلك نحن نعارض الإرهاب. ولهذا السبب، لا بد من أن أعرب عن امتناني للموقف الحضاري لرئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس رودريغيز ثباتيرو، الذي يدافع عن سياسة تقوم على الالتقاء بين المسيحيين والمسلمين.
س: هل فاجأتكم الأزمة التي اندلعت جرّاء الرسومات الكاريكاتورية للنبي محمد (ص)؟
ج: ما أظهره هذا العمل، هو أنه في الغرب، ثمة أناس كثيرون يجهلون حقيقة صورة النبي(ص) والإسلام، ولهذا نقول لهم، إنه ينبغي السعي إلى معرفة الإسلام من مصادره الحقيقية، وليس مما كتبه أعداء هذا الدين. كما نطلب من المسلمين الذين يعيشون في تلك البلدان، أن يشرحوا الصورة الحقيقية للنبي محمد والإسلام.
س: في المكتبة المعروفة التي أقيمت في الضاحية الجنوبية من بيروت، بوسع المرء قراءة عناوين لسياسيين إسرائيليين، مثل بنيامين نتانياهو، أو لشيوعيين مثل كارل ماركس. لماذا هذه الكتب؟
ج: أعتقد أنه لا يمكن فهم العلاقة بين العالم الغربي والإسلام من دون معرفة ما يجري في الساحة الدولية. لذلك يتعين علينا معرفة العدو، وبهذه الطريقة سنتمكن من التصدي له.
س: حين سجل الاعتداء على المقامات الشيعية المقدّسة في مدينة سامرّاء العراقية، والذي شجّع بشكل حاد الصراع الداخلي الذي يعصف بالبلاد، أكدتم أن الحرب الأهلية تشجعها الولايات المتحدة. كيف تبرر ذلك الاتهام؟
ج: هناك معلومات تثبت أن الأميركيين يدعمون الإرهابيين سعياً وراء حجج تسمح لهم بالبقاء لزمن طويل في ذلك البلد، والسيطرة على نفطه، لأنّ العراق هو جسر الولايات المتحدة في المنطقة. والأميركيون مسؤولون عن كل ما يجري، بما في ذلك قتل آلاف المدنيين.
س: صرحت في عام 1970م، أن (الثورة) في إيران هي الحلم الأكبر لأولئك الذين كرَّسوا حياتهم للعمل من أجل الإسلام. ألم ترتكب تلك (الثورة) أخطاءً؟
ج: لا نستطيع التكلم عن أخطاء. ما حدث هو أن بعض الأهداف، كما في كل ثورة تطرح أهدافاً كبيرة، لم يتمكنوا من بلوغها، لكن الحصيلة إيجابية للغاية.