افكار في الطائفية
او كيف ينظر العيساوي من خلف نظارته الشمسية؟
حيدر الجراح
شبكة النبأ: الخطاب السياسي العراقي، خطاب تافه ومنحط، يمارس الكثير من المراوغة والالتفاف على الحقائق، يسخر من الاخرين، الذين ينصتون اليه وكأن على رؤوسهم الطير(خوش يحجي). لا غرابة في ذلك، مع نسبة امية تبلغ الستين في المائة، مع امية ثقافية للمتعلمين تبلغ اكثر من تلك النسبة. ولا غرابة في ان تكون في المجتمع العراقي الكثير من الرموز، دينية وسياسية وتاريخية وثقافية، لا تملك حتى ان تكون رمزا وقدوة لنفسها. ولا غرابة ان تنقاد تجمعات كبيرة من المجتمع العراقي لتلك الرموز كالإمعات، اتباع كل ناعق، وكالقطيع الذي يهش عليه الراعي بعصاه. في تاريخ المجازر، يتكلم الموت اولا، ثم يتكلم القتيل، ثم يتكلم القاتل، لقد تكلم الموت، وتكلم القتيل، وتكلم الشهود، ومازال الضحايا الاحياء ينتظرون القاتل كي يتكلم.
ما قصة النظارات الشمسية التي دأب على ارتدائها بعض السياسيين العراقيين وجميع الحمايات ومعظم الاجهزة الامنية؟
ارتدي النظارة الشمسية في شهور الصيف، لحماية العينين من اشعة الشمس، وليس بدافع الستايل او البريستيج او الاناقة او التباهي، لهذا نظارتي الشمسية هي صينية الصنع من النوع الرخيص. في الثمانينات، ايام ازدهار دور العرض السينمائية، كنت في احدى دور العرض والفيلم بدأ عرضه للتو، دخل احد الاشخاص، وهو يتلمس المقاعد، كان بالكاد يبصر طريقه، بسبب الظلام، اختار مقعدا امامي، تصوروا كان يرتدي نظارة شمسية وهو يدخل الى صالة السينما. تطفو تلك الصورة الى الذاكرة كلما رأيت رافع العيساوي وهو يرتدي نظارته الشمسية.
في الفصل الثاني من الدستور العراقي وفي باب الحريات، المادة 38 تقول:
تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب:
اولا- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانيا- حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر.
ثالثا- حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون.
في الباب الاول وهو المبادئ العامة وفي المادة السابعة، اولا، يحظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي، او يحرض او يمهد او يمجد او يروج او يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه، وتحت اي مسمى كان، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون. التظاهر السلمي حق، لاشك في ذلك، لكن قطع الطرق باطل، لاشك في ذلك.
هل تذكرون التظاهرات التي حدثت في بريطانيا قبل شهور، واساء فيها المتظاهرون للنظام؟
هل وزعت الشرطة عليهم الورود والحلوى؟
بل جابهتهم بالغازات المسيلة للدموع والهراوات. هل المتظاهرين في الانبار هو فئة من المجتمع البريطاني الاكثر عراقة في الديمقراطية والاكثر تعلما، ام ان المتظاهرين من شعب الستين بالمائة؟
في العام 1979 من القرن الماضي وقع الرئيس المصري الراحل انور السادات مع اسرائيل معاهدة السلام الشهيرة، اعترض العرب والمسلمون على تلك المعاهدة، وقاطعوا وخطبوا واحتجوا، ثم بعد سنوات لحسوا كل ذلك واعترفوا بالمعاهدة واسرائيل واشترطوا للسلام الكامل معها الانسحاب الى حدود العام 1967.. قطر تقيم علاقات مع اسرائيل، الاردن كذلك، المغرب، تونس، تركيا وغيرها من دول عربية واسلامية بصورة مباشرة.. (دول الخليج، بعض الاحزاب اللبنانية) من تحت الطاولة.
لا يوجد بعد مذهبي في العلاقات البينية... من حق السني ان يتوجه الى تركيا ويقيم علاقات معها، ومن حقه ان يأخذ اوامر تشكيل حزبه من السعودية، ومن حقه ان ياخذ استحقاقاته بالريال القطري، ومن حقه ان يطالب بالحماية من تلك الدول، وان يطالبها بتسليحه، ودعمه عسكريا، ضد سلطات بلده، من حق السني كل شيء، فهو الخليفة الموصى من رب العباد بعمارة الارض والاستخلاف.
من حق السني ان يرفع الشعارات القومية والوطنية، ولا احد يستطيع تكذيب شعاراته، تتذكرون عبد الناصر بطل النكسة، وصدام حسين بطل ام الهزائم، والقذافي ملك الملوك وسلطان السلاطين، ومن حق السني ان يدافع عن رموز مثل هؤلاء، ويفتخر بالانتماء الى تلك الرموز، ومن حق سنة سوريا الذين يمثلون الاكثرية ان يثوروا ضد الحاكم العلوي الذي يمثل الاقلية. كل مافي الارض والسماء حق مقدس للسني.
ليس من حق الشيعي في البحرين ان يثور على حاكمه الذي يمثل الاقلية، وليس من حق الشيعي ان يحكم العراق الذي يمثل فيه الاكثرية، وليس من حق الشيعي ان يقيم علاقات مع ايران الدولة الجارة، وليس من حقه ان يمارس الوطنية دون رفع الشعارات، فالشعارات حكر على الاخرين، وليس من حق الشيعي ان يفخر برموزه التي هي مدعاة الفخر في كل عصر ومكان، ويكفيهم علي والحسين (عليهما السلام).
ملاحظة ارجو ان تكون دعوة للتفكير: كثير من الكتاب والشعراء والفنانين السنة استلهموا عليا والحسين في نصوصهم، لا احد من الكتاب والشعراء والفنانين من الشيعة، حتى اكثرهم ليبرالية وعلمانية اخذوا من الرموز السنية... لماذا؟