أمّـا بعـد:
فهذا أربعون حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
في شأن المهديّ صلوات الله عليه..
الحديث الأوّل
[ مدّة ملك المهديّ، وتنعّم الأُمّـة في زمانه ](1)
عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنّه قال:
" يكون في(2) أُمّتي المهديّ، إن أقصر(3) عمره فسبع سنين، وإلاّ فثمان، وإلاّ فتسع (سنين)(4)، تنعّم(5) أُمّتي في زمانه نعيماً لم يتنعّموا مثله قطّ، البرّ والفاجر، يرسل [ الله ](6) السماء عليهم مدراراً، ولا تؤخّر(7) الأرض شـيئاً من نباتها "(8).
____________
1- أضفنـاه لتوحيـد النسـق.
2- في " ك " و " ن ": " مـن ".
3- في " ك " و " ع " و " ن ": " قصـر ".
4- لم ترد في " ك " و " ن ".
5- في " ك " و " ع " و " ن ": " تـتنـعّم ".
6- أثبتـناه من " ك " و " ع " و " ن ".
7- في " ك " و " ع " و " ن ": " لا تـدّخر ".
8- انظر: سنن ابن ماجة 2 / 1366 ح 4083، مسند أحمد 3 / 21، سنن الترمذي 5 / 439 ذ ح 2232، الفتن ـ لنعيم بن حمّاد ـ: 234 إلى قوله: " فتسعاً " و ص 223 من قوله: " تنعّم أُمّتي "، مصنّف عبـد الرزّاق 11 / 371 ـ 372 ح 20770، مصنّف ابن أبي شيبة 8 / 678 ح 184، المستدرك على الصحيحين 4 / 601 ح 8675، السنن الواردة في الفتن ـ للداني ـ: 252 ح 551، الإفراد ـ للدارقطني ـ كما في كنز العمّال 14 / 274 ح 38706، عقد الدرر: 238.
وراجع: كشف الغمّة 2 / 467، العَرف الوردي: 44 ح 47، نامه دانشواران 7 / 8.
الحديث الثاني
في ذِكر المهديّ وأنّـه من عترة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، أنّه قال:
" تُملأ الأرض ظلماً وجوراً، فيقوم رجل من عترتي فيملأُها قسـطاً وعدلا، يملك سـبعاً أو تسـعاً "(1).
* * *
____________
1- انظر: مسند أحمد 3 / 28 و ص 70، المستدرك على الصحيحين 4 / 601 ح 8674، عقد الدرر: 16، فرائد السمطين 2 / 322 ح 573.
وراجع: كشف الغمّة 2 / 468، العَرف الوردي: 45 ح 48، نامه دانشواران 7 / 9.
الحديث الثالث
[ في مـدّة ملكه ](1)
(عـن أبـي ســعـيـد الـخــدري)(2)، أنّــه قــال: قــال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(3):
" لا تـنقضي الساعة(4) حـتّـى يملك الأرض رجل من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلا كما ملـئت قبلـه جـوراً، ويملك(5) سـبع سـنين "(6).
* * *
____________
1- أضفنـاه لتوحيـد النسـق.
2- في " ك " و " ن ": " وعنه ".
3- في " ك " و " ع " و " ن ": " قال النبيّ ".
4- في " ع ": " الدنيـا ".
5- في " ك " و " ع " و " ن ": " يملك ".
6- انظر: مسند أحمد 3 / 17، الإحسان بتريب صحيح ابن حبّان 8 / 291 ح 6787، مسند أبي يعلى 2 / 367 ح 1128 و ص 274 ح 987، المستدرك على الصحيحين 4 / 600 ح 8669، تاريخ أصبهان ـ لأبي نعيم ـ 1 / 115، عقد الدرر: 236.
وراجع: كشف الغمّة 2 / 468، العَرف الوردي: 45 ح 49، نامه دانشواران 7 / 9.
الحديث الرابع
في قوله لفاطمة (عليها السلام): المهديّ من وُلدك
(1) عن عليّ بن الحسـين، عن أبيه (عليهم السلام)، أنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)قال لفاطمـة (عليها السلام):
" المهديّ من وُلْـدِك "(2).
* * *
____________
1- في " ك " و " ن " زيادة: " عن الزهري ".
2- مقاتل الطالبيّين: 138، تاريخ دمشق 19 / 475 وفيه: " أبشري! المهديّ منكِ "، ذخائر العقبى: 236، وانظر: سنن ابن ماجة 2 / 1368 ح 4086، سنن أبي داود 4 / 104 ح 4284، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ 3 / 346 رقم 1171، الفتن ـ لنعيم ابن حمّـاد ـ: 231، المعجـم الكبيـر 23 / 267 ح 566، تاريخ الرقّـة: 95 ح 143 و 144، المستدرك على الصحيحين 4 / 601 ح 8671 و 8672، الملاحم ـ لابن المنادي ـ: 179 ح 120 و 121 عن أُمّ سلمة، السنن الواردة في الفتن ـ للداني ـ: 258 ح 566 و ص 261 ح 576 و ص 263 ح 582، عقد الدرر: 21، ذخائر العقبى: 236.
وراجع: كشف الغمّة 2 / 468، العَرف الوردي: 56 ح 84، نامه دانشواران 7 / 9.
الحديث الخامس
قوله (عليه السلام): إنّ منهما مهديّ هذه الأُمّـة
يعني: الحسـن والحسـين عليهما السلام عن عليّ بن عليّ الهلالي(1)، عن أبيـه، قال:
" دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في الحالة التي قبض فيها، فـإذا فاطمـة عنـد رأسـه، فبكـت حتّـى ارتفـع صوتهـا، فرفـع رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (طرفـه إليها)(2)، فقال:
حبيبتي فاطمة! ما الذي يبكيك؟!
فقالت: أخشى الضيعـة من بعـدك.
فقال: يا حبيبتي! أما علمتِ أنّ الله عزّ وجلّ اطّلع على أهل الأرض اطّلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته، ثمّ اطّلع اطّلاعة فاختار منها بعلكِ، وأَوحى إليَّ أن أُنكحك إيّـاه.
____________
1- في " ك " و " ن ": " عن عليّ بن هلال "، وفي " ع ": " عن عليّ الهلالي ".
وانظر ترجمته في: معرفة الصحابة ـ لأبي نُعيم ـ 4 / 1975 رقم 2034، أُسد الغابة 3 / 624 رقم 3790، الإصابة 4 / 573 رقم 5700.
2- في " ك " و " ن ": " إليها رأسه ".
يا فاطمة! ونحن أهل بيت قد أعطانا الله عزّ وجلّ سبع خصال لم يعطِ أحداً قبلنا ولا يعطي أحداً بعدنا، أنا خاتم النبيّين، وأكرم النبيّين على الله عزّ وجلّ، (1) وأنا أبوك، ووصيّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله، وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى الله، وهو حمزة بن عبـد المطّلب عمّ أبيك وعمّ بعلك، ومنّـا مَن له جناحـان (أخضران)(2) يطير في الجنّـة مع الملائكة حيث يشاء، وهو ابن [ عمّ ](3) أبيك وأخو بعلك، ومنّا سـبطا هذه الأُمّـة، وهما ابناكِ الحسـن والحسـين، وهما سـيّدا شـباب أهل الجنّـة، وأبوهما والّذي بعثني بالحـقّ خير منهما.
[ يا فاطمـة! ](4) والذي بعثني بالحقّ! إنّ منهما مهديّ هذه الأُمّـة، إذا صـارت الدنيـا هـرجاً ومـرجاً(5)، وتظاهرت الفتن،
____________
1- في " ك " و " ن " زيادة: " وأحبّ المخلوقين إلى الله عـزّ وجلّ ".
2- لم ترد في " ك " و " ن ".
3- أثبتـناه من " ك " و " ن "، وهو الصحيح.
4- أثبتناه من " ك " و " ن "، وهو الأنسـب للسـياق.
5- الـهَـرْج: شدّة القتل وكـثرته، والفتنة والاختلاط ; انظر مادّة " هرج " في: الصحاح 1 / 350، لسان العرب 15 / 69.
الـمَـرْجُ: الفِتْـنَـةُ الـمُـشكِلةُ، والفساد، وفي الحديث: كيف أنتم إذا مَرِج الدِّين؟! أي: فسَدَ وقَلِقَت أسـبابه، والـمَـرْجُ: الخلط ; انظر: لسان العرب 13 / 65 مادّة " مرج ".
والمراد هنا: كـثرة الحروب واشـتداد الفتن والاضطراب بين الناس.
وتقطّعت(1) السـبل، وأغـار بعضهـم على بعض، فـلا كبير يرحم صـغيراً، ولا صـغير يوقّـر كـبيراً، فيبعـث الله عنـد ذلك منهمـا مـن يفتـح حصـون الضـلالـة وقلوبـاً غلفـاً، يقـوم بالدين في آخـر الزمان (كما قمتُ به في أوّل الزمان)(2)، ويملأُ الأرض عدلا كما ملئت جـوراً.
يـا فاطمـة! لا تحـزني ولا تبكـي، فـإنّ الله عـزّ وجـلّ أرحـم بـك وأرأفُ عليـك منّـي، وذلـك لمكـانـك منّـي وموقعك مـن قلبـي، قـد زوّجك الله زوجَـك وهـو أعظمهم حسـباً(3)، وأكرمهـم منصـباً، وأرحمهـم بالرعيّـة، وأعدلهـم بالسـويّـة، وأبصرهم بالقضـيّـة، وقد سَألتُ ربّي عـزّ وجـلّ أن تكوني أوّل مـن يلحقني مـن أهـل بيتي.
قال عليٌّ(4): فلمّا قبض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تبق فاطمة [ بعده ](5)
____________
1- في " ك " و " ن ": " وانقطعت ".
2- ما بين القوسـين لم يرد في " ن ".
3- كان في الأصل: " حسـناً "، وهو تصحيف، وما أثبتناه من " ك " و " ن ".
4- هو أمير المؤمنين الإمام عليّ (عليه السلام) ; ويعضده أنّ في " ك ": " عليٌّ عليه السلام "، وفي المعجم الكبير: " عليٌّ رضي الله عنه "، وفي المعجم الأوسط: " عليُّ بن أبي طالب ".
والظاهـر أنّ عليّ بن هـلال ـ الراوي للحـديث ـ أراد التأكيـد على أنّ الزهـراء (عليها السلام) كانت أوّل أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لحوقاً به، وذلك بإتمام روايته للحديث بحديث عن الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، يذكر فيه مدّة بقاء الزهـراء (عليها السلام) بعـد وفـاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
وما في " ن ": " عليّ بن هلال " فهو غلط واضح ; فلاحـظ!
5- أثبتناه من " ك " و " ن ".
إلاّ خمسـة وسـبعين يـومـاً [ حتّـى ](1) ألحقها الله بـه عليهما السلام "(2).
____________
1- أثبتناه من " ك " و " ن ".
2- المعجم الكبير 3 / 57 ـ 58 ح 2675، المعجم الأوسط 6 / 409 ح 6540، تاريخ دمشق 42 / 130، عقد الدرر: 151، البيان في أخبار صاحب الزمان: 478، فرائد السمطين 2 / 84 ح 403، مجمع الزوائد 9 / 165.
وأورد أبو نُعيم صدر الحديث لغاية قوله: " وأَوحى إليَّ أن أُنكحك إيّـاه " في معرفة الصحابة 4 / 1976 ح 4962، وكذا ابن الأثير في أُسد الغابة 3 / 624 رقم 3790، وابن حجر في الإصابة 4 / 573 رقم 5700.
وراجـع: كشف الغمّـة 2 / 468 ـ 469، العـرف الوردي: 57 ح 86 ذكر فيه قطعـةً منه، من: " والذي بعثني بالحقّ ـ إلى قوله: ـ ويملأ الأرض عدلا كما ملئـت جـوراً "، نامه دانشواران 7 / 9 ـ 10.
أقـول: اختلف المؤرّخون في مدّة مكث سيّدة نساء العالمين فاطمـة الزهراء (عليها السلام) بعد وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما اختلفوا في موضع قبرها (عليها السلام).
فالمشهور أنّها بقيت بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) 75 يوماً، كما في تاريخ الأئمّة ـ لابن أبي الثلج: 6، تاريخ أهل البيت: 72، الكافي 1 / 520، تاريخ مواليد الأئمّة ووفياتهم: 166، مجمع الزوائد 9 / 166 عن الطبراني في المعجمين الكبير والأوسط، الاسـتيعاب 4 / 1898.
إلاّ أنّ هناك أيضاً من يرجّح القول ببقائها (عليها السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) 95 يوماً، كابن جرير الطبري في دلائل الإمامة: 45، والشيخ المفيد في مسارّ الشيعة: 54، والشيخ الطوسي في مصباح المتهجّد: 554، من أنّها (عليها السلام) توفّيت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سـنة إحدى عشرة للهجرة، ذلك إذا اعتمدنا على أنّ وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت في 28 صفر، كما هو المشهور، وأبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيّين: 60 بقوله الثابت في ذلك في ما روي عن الإمام أبي جعفر محمّـد بن عليّ (عليه السلام) أنّها توفّيت بعده بثلاثة أشـهر، أي 90 يوماً، ولا سـيّما إذا اعتمدنا على ما روي من أنّ وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت في شهر ربيع الأوّل، يوم الاثنين لليلتين خلتا منه، كما في كشف الغمّة 1 / 14.
وانظر في ذلك أيضاً: الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 8 / 23، الاستيعاب 4 / 1898.
والله العالم.
تابع