عمر بن الخطّاب استخدم انواع الأساليب العنيفة والسلبية لغصب الخلافة
بتاريخ : 26-03-2009 الساعة : 05:31 PM
السلام عليكم
يرى الباحث المنصف خلال دراسته لما حدث تجاه مسألة الخلافة بعد رحيل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بأنّ عمر بن الخطّاب استخدم انواع الأساليب العنيفة والسلبية لغصب الخلافة من المؤهّل لها واعطائها إلى أبي بكر ،
وفي هذا النطاق لجئ إلى محاولات التخويف والترويع والإجبار لمن امتنع عن البيعة وإن كان من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقربائه واحبّائه
، ووصل الأمر به إلى حدّ بادر إلى تهديد الإمام علي (عليه السلام) بحرق بيته عليه وعلى فاطمة الزهراء (سلام الله) عليها اذا لم يبايعا،
ولا يمكن انكار هذه الحقيقة لثبوتها في كتب الفريقين واعتراف الكثير من العلماء بوقوعها، منهم:
1- ابن أبي شيبة:
أخرج عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة الكوفي العبسي (المتوفّى سنة 235) في كتابه (المصنف) المطبوع، في الجزء الثاني في باب (ما جاء في خلافة أبي بكر وسيرته في الردة) أخرج، وقال : حدّثنا محمّد بن بشر، حدّثنا عبيد الله بن عمر ، حدّثنا زيد بن أسلم ، عن أبيه أسلم ، انّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطّاب خرج حتـّى دخل على فاطمة، فقال: يا بنت رسول الله والله ما أحد أحبّ إلينا من أبيك ، وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله ما ذاك بما نعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك ، إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت ، قال: فلما خرج عمر جائوها ، فقالت: تعلمون أنّ عمر قد جائني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت، وأيم الله ليمضين لما حلف عليه ، فانصرفوا راشدين ، فَرَوا رأيكم ولا ترجعوا إلي فانصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتـّى بايعوا لأبي بكر. (المصنف : 8: 572، ط دار الفكر بيروت ، تحقيق وتعليق سيد محمّد اللحام).
إنّ الاحتجاج بهذا الحديث رهن وثاقة المؤلف ورواته، فلنبدأ بدراسة سيرتهم.
أمّا ابن أبي شيبة، فكفى في وثاقته ما ذكره الذهبي في (ميزان الاعتدال) حيث قال: عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة الحافظ الكبير، الحجّة ، أبو بكر . حدّث عنه أحمد بن حنبل، والبخاري ، وأبو القاسم البغوي ، والناس ووثقه جماعة. ثمّ قال: أبو بكر ((يريد به أبو شيبة))، ممّن قفز القنطرة ، وإليه المنتهى في الثقة، مات في أوّل سنة 235. (ميزان الاعتدال: 2: 490، رقم 4549).
هذا حال المؤلّف.
وأمّا حال الرواة فلنبدأ بالأوّل فالأوّل:
محمّد بن بشر: يعرّفه ابن حجر العسقلاني ، بقوله : محمّد بن بشر بن الفرافصة بن المختار الحافظ العبدي ، أبو عبد الله الكوفي. وثقه ابن معين ، وعرّفه أبو داود بأنّه أحفظ من كان بالكوفة، قال البخاري وابن حبان في الثقات: مات سنة 203. ثمّ نقل توثيق الآخرين له (تهذيب التهذيب 9: 73، رقم الترجمة 90).
عبيد الله بن عمر: يعرّفه ابن حجر العسقلاني ، بقوله : عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطّاب العدوي، العمري ، المدني ، أبو عثمان أحد الفقهاء السبعة، وقد توفّي عام 147 هـ. قال عمرو بن علي: ذكرت ليحيى بن سعيد قول ابن مهدي: إنّ مالكاً أثبت من نافع عن عبيد الله ، فغضب وقال: قال أبو حاتم عن أحمد : عبيد الله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية. قال ابن معين : عبيد الله من الثقات. وقال النسائي : ثقة، ثبت. وقال أبو زرعة وأبو حاتم : ثقة. إلى غير ذلك من كلمات الإطراء (تهذيب التهذيب 7: 38 ـ 40، رقم الترجمة 71).
زيد بن أسلم العدوي: عرّفه ابن حجر العسقلاني، وقال: زيد بن أسلم العدوي ، أبو أُسامة، ويقال : أبو عبد الله المدني ، الفقيه، مولى عمر ، وثّقه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم ومحمّد بن سعد، وابن خراش.
وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، من أهل الفقه والعلم ، وكان عالماً بتفسير القرآن ، مات سنة 136 (تهذيب التهذيب 3: 395 ـ 396، رقم الترجمة 728).
أسلم العدوي: أسلم العدوي، مولاهم أبو خالد ، ويقال أبو زيد ، غير انّه حبشي، وقيل من سبي عين التمر، أدرك زمن النبي وروى عن أبي بكر، ومولاه عمر، وعثمان وابن عمر ، ومعاذ بن جبل ، وأبي عبيدة وحفصة. قال العجلي: مدني ، ثقة، من كبار التابعين. وقال أبو زرعة : ثقة. وقال أبو عبيد: توفي سنة ثمانين. وقال غيره: هو ابن مائة وأربعة عشرة سنة. (تهذيب التهذيب 1: 266، رقم الترجمة 501).
وقد اكتفينا في ترجمة رجال السند بما نقله ابن حجر العسقلاني، ولم نذكر ما ذكره غيره في حقّهم روماً للاختصار.
فتبين من هذا البحث انّ الرواية صحيحة، والاسناد في غاية الصحّة.
2- البلاذري و(الأنساب):
إنّ أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي ، الكاتب الكبير، صاحب التاريخ المعروف ، نقل الحادثة المريرة في كتابه وقال: في ضمن بحث مفصل عن أمر السقيفة: لما بايع الناس ابا بكر اعتذر علي والزبير، إلى أن قال: إنّ أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة، فتلقته فاطمة على الباب ، فقالت فاطمة: يا ابن الخطّاب ، أتراك محرقاً عليّ بابي؟ قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك. (أنساب الاشراف 1: 586، طبع دار المعارف بالقاهرة).
والاستدلال بالرواية رهن وثاقة المؤلف ومن روى عنهم، فنقول:
أمّا المؤلف فقد وصفه الذهبي في كتاب (تذكرة الحفاظ) ناقلاً عن الحاكم بقوله: كان واحد عصره في الحفظ وكان أبو علي الحافظ ومشايخنا يحضرون مجلس وعظه يفرحون بما يذكره على رؤوس الملأ من الأسانيد ، ولم أرهم قط غمزوه في اسناد إلى آخر ما ذكره. (تذكرة الحفاظ 3: 892 برقم 860). وقال أيضاً في (سير أعلام النبلاء) : العلاّمة ، الأديب ، المصنف أبو بكر ، أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي ، البلاذري، الكاتب ، صاحب (التاريخ الكبير) ( سير اعلام النبلاء 13: 162، رقم 96). وقال ابن كثير في كتاب (البداية والنهاية) نقلاً عن ابن عساكر : كان أديباً ، ظهرت له كتب جيادز (البداية والنهاية 11: 69، حوادث سنة 279).
هذا هو حال المؤلّف!
وأمّا حال الرواة الواردة أسماؤهم في السند، فإليك ترجمتهم:
المدائني: وهو علي بن محمّد أبو الحسن المدائني الأخباري ، صاحب التصانيف ، روى عنه الزبير بن بكار ، وأحمد بن زهير ، والحارث بن أبي أُسامة، ونقل الذهبي عن يحيى انّه قال: المدائني ثقة، ثقة، ثقة.
توفّي عام أربع أو خمس وعشرين ومائتين. (ميزان الاعتدال 3: 153، رقم الترجمة 5921).
مسلم بن محارب: مسلمة بن محارب الزيادي عن أبيه ، ذكره البخاري في تاريخه. (التاريخ الكبير 7: 387، رقم الترجمة 1685).
وقد قال أهل العلم انّ سكوت أبي زرعة أو أبي حاتم أو البخاري عن الجرح في الراوي توثيق له ، وقد مشى على هذه القاعدة الحافظ ابن حجر في (تعجيل المنفعة) فتراه يقول في كثير من المواضع: ذكره البخاري ولم يذكر فيه جرحاً. (لاحظ قواعد في علوم الحديث 385 و403 وتعجيل المنفعة 219، 223، 225، 254).
سليمان بن طرخان: سليمان بن طرخان التيمي ـ ولاءً ـ روى عن أنس بن مالك وطاووس وغيرهم ، قال الربيع بن يحيى عن سعيد : ما رأيت أحداً أصدق من سليمان التيمي. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ثقة. وقال ابن معين والنسائي : ثقة. وقال العجلي: تابعي، ثقة فكان من خيار أهل البصرة. إلى غير ذلك من التوثيقات ، توفّي عام 97. (تهذيب التهذيب 4: 201 ـ 202، رقم الترجمة 341).
ابن عون: عون بن ارطبان المزني البصري، رأى أنس بن مالك (توفّي عام 151). قال النسائي في الكنى : ثقة، مأمون. وقال في موضع آخر: ثقة، ثبت. وقال ابن حبان في الثقات: كان من سادات أهل زمانه عبادة وفضلاً وورعاً ونسكاً وصلابة في السنة وشدة على أهل البدع. (تهذيب التهذيب 5: 346 ـ 348 ، رقم الترجمة 600).
إلى هنا تبين صحّة السند وانّ الرواية صحيحة، رواتها كلّهم ثقات ، وكفى في ذلك حكماً.
3- ابن قتيبة و((الإمامة والسياسة)):
المؤرخ الشهير عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (213 ـ 276) وهو من رواد الأدب والتاريخ ، وقد ألف كتباً كثيرة منها (تأويل مختلف الحديث) و(أدب الكاتب) وغيرهما من الكتب (الأعلام 4: 137).
قال في كتابه (الإمامة والسياسة/ المعروف بتاريخ الخلفاء): إنّ أبا بكر رضي الله عنه تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار علي ، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب ، وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنها على من فيها ، فقيل له : يا أبا حفص انّ فيها فاطمة، فقال: وإن...
إلى أن قال: ثمّ قام عمر فمشى معه جماعة حتـّى أتوا فاطمة فدقوا الباب فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبت [يا] رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب ، وابن أبي قحافة، فلما سمع القوم صوتها وبكائها انصرفوا باكين . وكادت قلوبهم تتصدع وأكبادهم تتفطر وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا علياً فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له بايع، فقال: إن أنا لم أفعل فمه؟ قالوا : إذاً والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك...( الإمامة والسياسة 12، 13 طبعة المكتبة التجارية الكبرى مصر).
إنّ من قرأ كتاب ((الإمامة والسياسة)) يرى أنّها نظير سائر الكتب لقدماء المؤرخين كالبلاذري والطبري وغيرهم ، وقد نسب هذا الكتاب إليه ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة ، ونقل عنه مطالب كثيرة ربما لا توجد في هذه النسخة المطبوعة بمصر، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على تطرق التحريف لهذا الكتاب ، كما نسبه إليه الياس سركيس في معجمه(معجم المطبوعات العربية 1: 212).
نعم، ذكر صاحب الأعلام انّ للعلماء نظراً في نسبته إليه، ومعنى ذكل انّ غيره تردد في نسبته إليه، والتردد غير الإنكار.
4- الطبري وتاريخه:
محمّد بن جرير الطبري (224 ـ 310هـ) صاحب التاريخ والتفسير المعروفين بين العلماء ، وقد صدر عنهما كلّ من جاء بعده ، قد ذكر قصة السقيفة المحزنة ، وقال: حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا جرير، عن مغيرة ، عن زياد بن كليب قال: أتى عمر بن الخطّاب ، منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال: والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة فخرج عليه الزبير، مصلتاً بالسيف فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه. (تاريخ الطبري 2: 443، طبع بيروت).
وهذا المقطع من تاريخ الإسلام يعرب عن أنّ أخذ البيعة للخليفة كان عنوة، وإنّ من تخلف عنها سوف يواجه مختلف أساليب التهديد من حرق الدار وتدميره، وبما انّ الطبري نقل الأثر بالسند فعلينا دراسة سنده مثلما درسنا ما رواه ابن أبي شيبة والبلاذري حتـّى يعضد بعضه بضعه ولا يبقى لمشكك شك ولا لمرتاب ريب.
أمّا الطبري فليس في إمامته ووثاقته كلام ، فقد وصفه الذهبي بقوله: الإمام الجليل، المفسر، صاحب التصانيف الباهرة، ثقة، صادق. (ميزان الاعتدال 4: 498، رقم 7306) .
وأمّا دراسة رواة السند ، فنقول:
ابن حميد: هو محمّد بن حميد الحافظ ، أبو عبد الله الرازي ، روى عن عدّة منهم يعقوب ابن عبد الله القمي ، وإبراهيم بن المختار، وجرير بن عبد الحميد، وروى عنه أبو داود والترمذي ، وابن ماجة، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين ، إلى غير ذلك.
نقل عبد الله بن أحمد ، عن أبيه : لا يزال بالري علم ما دام محمّد بن حُميد حيّاً. وقيل لمحمّد بن يحيى الزهري: ما تقول في محمّد بن حُميد: قال: ألا تراني هوذا، أُحدث عنه. وقال ابن خيثمة: سأله ابن معين ، فقال : ثقة ، لا بأس به، رازي ، كيّس. وقال أبو العبّاس بن سعيد: سمعت جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، يقول: ابن حُميد ثقة، كتب عنه يحيى . مات سنة 248هـ. (تهذيب التهذيب 9: 128 ـ 131، رقم الترجمة 180).
نعم ربما جرحه بعض غير انّ قول المعدل مقدم على الجارح.
جرير بن عبد الحميد: جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي، أبو عبد الله الرازي ، القاضي، ولد في قرية من قرى إصفهان، ونشأ بالكوفة، ونزل الري ، روى عنه إسحاق بن راهويه، وابنا أبي شيبة، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين وجماعة. كان ثقة يرحل إليه. وقال ابن عمار الموصلي: حجّة كانت كتبه صحيحة.
المغيرة بن مِقْسم الضبي: المغيرة بن مِقْسم الضبي، الكوفي، الفقيه، روى عنه شعبة، والثوري ، وجماعة ، قال أبو بكر بن عياش : ما رأيت أحداً أفقه من مغيرة فلزمته. قال العجلي : المغيرة ثقة، فقيه الحديث. وقال النسائي: ثقة، توفي سنة 136 هـ . وذكره ابن حبّان في الثقات. (تهذيب التهذيب 2: 75 رقم الترجمة 116).
زياد بن كُليب: عرّفه الذهبي بقوله : أبو معشر التميمي، الكوفي ، عن ابراهيم والشعبي وعنه مغيرة ، مات كهلاً في سنة 110هـ ، وثّقه النسائي وغيره (ميزان الاعتدال 2: 92، برقم 2959). وقال ابن حجر : قال العجلي : كان ثقة في الحديث، وقال ابن حبّان : كان من الحفاظ المتقنين(تهذيب التهذيب 2: 382 ، برقم 698).
إلى هنا تمّت دراسة سند الرواية التي رواها الطبري ، ولنقتصر في دراسة الاسناد بهذا المقدار لانّ فيما ذكرنا غنى وكفاية.
5- ابن عبد ربه والعقد الفريد:
إنّ شهاب الدين أحمد المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفّى عام 463هـ) عقد فصلاً لما جرى في سقيفة بني ساعدة ، وقال: تحت عنوان ((الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر)): علي والعبّاس ، والزبير، وسعد بن عبادة ، فأمّا علي والعبّاس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حيث بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطّاب ليُخرجهم من بيت فاطمة ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم ، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار فلقيته فاطمة، فقالت : يا ابن الخطّاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأُمّة. (العقد الفريد 4: 87، تحقيق خليل شرف الدين).
وهذا النص من هذا المؤرخ الكبير، أقوى شاهد على انّ الخليفة قد رام احراق الباب والدار بغير أخذ البيعة من علي ومن لازم بيته، وما قيمة بيعة تؤخذ عنوة.
6- ابن عبد البر والاستيعاب:
روى أبو عمرو يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البر (368 ـ 463هـ) في كتابه القيم ((الاستيعاب في معرفة الأصحاب)) بالسند التالي: حدّثنا محمّد بن أحمد ، حدّثنا محمّد بن أيّوب حدّثنا أحمد بن عمرو البزاز، حدّثنا أحمد بن يحيى، حدّثنا محمّد بن نسير، حدّثنا عبد الله بن عمر، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، انّ عليّاً والزبير كانا حين بُويع لأبي بكر يدخلان على فاطمة فيشاورانها ويتراجعان في أمرهم، فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها عمر، فقال : يا بنت رسول الله ، ما كان من الخلق أحد أحبّ إلينا من أبيك ، وما أحد أحبّ إلينا بعده منك ، ولقد بلغني أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليك، ولئن بلغني لأفعلنّ ولأفعلنّ.
ثمّ خرج وجائوها. فقالت لهم: إنّ عمر قد جاءني وحلف لئن عدتم ليفعلنّ، وأيم الله ليفينّ بها. (الاستيعاب 3: 975، تحقيق علي محمّد البجاوي، ط القاهرة).
ثمّ إنّ أبا عمرو لم ينقل نصّ كلام عمر بن الخطّاب، وإنّما اكتفى بقوله: ((لأفعلن ولأفعلنّ)).
وقد تقدّم نصّ كلامه في نصوص الآخرين كابن أبي شيبة والبلاذري والطبري، ولعلّ الظروف لم تسنح له بالتصريح بما قال.
7- ابن أبي الحديد وشرح نهج البلاغة:
نقل عبد الحميد بن هبة الله المدائني المعتزلي (المتوفّى عام 655هـ) عن كتاب السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري انّه قال: لما بويع لأبي بكر كان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى عليّ، وهو في بيت فاطمة، فيتشاورون ويتراجعون أمورهم، فخرج عمر حتـّى دخل على فاطمة عليها السلام، وقال: يا بنت رسول الله ، ما من أحد من الخلق أحبّ إلينا من أبيك، وما من أحد أحبّ إلينا قلت بعد أبيك، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بتحريق البيت عليهم، فلمّا خرج عمر جائوها، فقالت : تعلمون انّ عمر جائني ، وحلف لي بالله إن عدتم ليحرقن عليكم البيت، وأيم الله ليمضين لما حلف له. (شرح نهج البلاغة 2: 45، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم ).
8- أبو الفداء والمختصر في أخبار البشر:
ألّف إسماعيل بن علي المعروف بأبي الفداء (المتوفّى عام 732هـ) كتاباً أسماه (المختصر في أخبار البشر) ذكر فيه قريباً ممّا ذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد ، حيث قال: ثمّ إنّ أبا بكر بعث عمر بن الخطّاب إلى علي ومن معه ليخرجهم من بيت فاطمة رضي الله عنها، وقالت : إلى أين يابن الخطّاب ، أجئت لتحرق دارنا؟ قال : نعم، أو يدخلوا فيما دخل فيه الأُمّة. (المختصر في تاريخ البشر 1: 156، ط دار المعرفة، بيروت).
9- النويري و(نهاية الارب في فنون الأدب):
أحمد بن عبد الوهاب النويري (677 ـ 733هـ) أحمد كبار الأدباء ، له خبرة في التاريخ يعرّفه في الأعلام بقوله: عالم ، بحاث، غزير الاطّلاع وقال في كتابه (نهاية الإرب في فنون الأدب) ـ الذي وصفه الزركلي بقوله: إنّ نهاية الارب على الرغم من تأخر عصره يحوي أخباراً خطيرة عن صقيلة نقلها عن مؤرخين قدماء لم تصل إلينا كتبهم مثل ابن الرقيق ، وابن الرشيق وابن شداد وغيرهم. (الأعلام 1: 165).
روى ابن عمر بن عبد البر، بسنده عن زيد بن أسلم ، عن أبيه : انّ عليّاً والزبير كان حين بويع لأبي بكر، يدخلان على فاطمة، يشاورانها في أمرهم ، فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها، فقال: يا بنت رسول الله ما كان من الخلق أحد أحبّ إلينا من أبيك وما أحد أحبّ إلينا بعده منك ، وقد بلغني انّ هؤلاء النفر يدخلون عليك ولئن بلغني لأفعلنّ ولأفعلنّ! ثمّ خرج وجائوها ، فقالت لهم : إنّ عمر قد جائني وحلف إن عدتم ليفعلنّ وأيم الله ليفين. (نهاية الارب في فنون الأدب 19: 40، ط القاهرة ، 1395هـ).
10- السيوطي ومسند فاطمة:
جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (848 ـ 911هـ) ذلك الباحث الكبير ، والمؤرخ الخبير، يذكر في كتابه (مسند فاطمة) نفس ما رواه المؤرخون عن زيد بن أسلم عن أبيه أسلم: انّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كان علي والزبير يدخلون على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ويشاورونها ويرجعون في أمرهم ، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطّاب خرج حتـّى دخل على فاطمة، فقال: يا بنت رسول الله ، والله ما من الخلق أحد أحبّ إليّ من أبيك وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله ما ذاك بما نعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك ، ان آمرهم أن يحرق عليهم الباب ، فلما خرج عليهم عمر جائوا ، قالت : تعلمون انّ عمر قد جائني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقنّ عليكم الباب، وأيم الله ليمضين لما حلف عليه. (مسند فاطمة: السيوطي : 36، ط مؤسسة الكتب الثقافية ، بيروت).
11- المتقي الهندي وكنز العمال:
نقل علي بن حسام الدين المعروف بالمتقي الهندي (المتوفّى عام 975هـ) في كتابه القيم (كنز العمال) ما جرى على بيت فاطمة الزهراء عليها السلام وفق ما جاء في كتاب (المصنف) لابن أبي شيبة ، حيث قال: عن أسلم انّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كان علي والزبير يدخلان على فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ويشاورونها ويرجعون في أمرهم ، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطّاب خرج حتـّى دخل على فاطمة عليها السلام فقال: يا بنت رسول الله ما من الخلق أحد أحبُّ إليَّ من أبيك ، وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله ماذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم الباب. إلى آخر ما ذكر. (كنز العمال 5: 651، برقم 14138).
12- الدهلوي وإزالة الخفاء:
نقل ولي الله بن مولوي عبد الرحيم العمري، الدهلوي، الهندي ، الحنفي (1114 ـ 1176هـ) في كتابه (إزالة الخفاء) ما جرى في سقيفة بني ساعدة، وقال: عن أسلم باسناد صحيح على شرط الشيخين ، وقال: انّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كان عليّ والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم ، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطّاب ، خرج حتـّى دخل على فاطمة، فقال: يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله والله ما من الخلق أحد أحبّ إلينا من أبيك ، وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله فانّ ذلك لم يكن بما نعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم البيت. (إزالة الخفاء 2: 178).
وذكر قريباً من ذلك في كتابه الآخر (قرة العينين : 78).
13- محمّد حافظ إبراهيم والقصيدة العمرية:
محمّد حافظ بن إبراهيم فهمي المهندس، الشهير بحافظ إبراهيم (1287 ـ 1351هـ) ، شاعر مصر القومي . طبع ديوانه في مجلدين ، وله قصيدة عمرية احتفل بها أُدباء مصر، وممّا جاء فيها قوله:
وقولة لعلي قالها عمر *** أكرم بسامعها أعظم بملقيها
حرقت دارك لا أبقي عليك بها *** إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير أبي حفص يفوه بها *** أمام فارس عدنان وحاميها
والعجب انّ شاعر النيل يجعل الموبقات منجيات ، ويعد السيئات من الحسنات، وما هذا إلاّ لأنّ الحب يعمي ويصم.
ومعنى هذا انّه لم يكن لبنت المصطفى أي حرمة ومكرمة عند عمر حين استعد لإحراق الدار ومن فيها لكي يصبح أبو بكر خليفة للمسلمين.
قال العلامة الأميني عقب نقله للأبيات الثلاثة
، ما هذا نصّه: ماذا أقول بعد ما تحتفل الأُمّة المصرية في حفلة جامعة في أوائل سنة 1918م بإنشاد هذه القصيدة العمرية التي تتضمن ما ذكر من الأبيات ، وتنشرها الجرائد في أرجاء العالم، ويأتي رجال مصر نظراء أحمد أمين ، وأحمد الزين ، وإبراهيم الابياري ، وعلي جارم، وعلي أمين ، وخليل مطران ، ومصطفى الدمياطي بك وغيرهم ويعتنون بنشر ديوان هذا شعره ، وبتقدير شاعر هذا شعوره ، ويخدشون العواطف في هذه الازمة ، في هذا اليوم العصيب ، ويعكرون بهذه النعرات الطائفية صفو السلام والوئام في جامعة الإسلام ، ويشتتون بها شمل المسلمين، ويحسبون انّهم يحسنون صنعاً.
إلى أن قال: وتراهم بالغوا في الثناء على الشاعر وقصيدته هذه كأنّه جاء للأُمّة بعلم جم أو رأي صالح جديد ، أو أتى لعمر بفضيلة رابية تسرُّ بها الأُمّة ونبيُّها المقدَّس ، فبشرى بل بشريان للنبي الأعظم ، بأنّ بضعته الصديقة لم تكن لها أي حرمة وكرامة عند من يلهج بهذا القول ، ولم يكن سكناها في دار طهّر الله أهلها يعصمهم منه ومن حرق الدار عليهم . فزهٍ زهٍ بانتخاب هذا شأنه ، وبخٍ بخٍ ببيعة تمت بهذا الارهاب وقضت بتلك الوصمات. (الغدير 7 : 86 ـ 87).
14- عمر رضا كحالة و(أعلام النساء):
عمر رضا كحالة من الكتاب المعاصرين اشتهر بكتابه (أعلام النساء) ترجم فيه حياة بنت النبي فاطمة الزهراء (عليها السلام) وممّا قال في ترجمتها: وتفقد أبو بكر قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي بن أبي طالب كالعبّاس ، والزبير وسعد بن عبادة فقعدوا في بيت فاطمة ، فبعث أبو بكر إليهم عمر بن الخطّاب ، فجاءهم عمر فناداهم وهم في دار فاطمة، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب، وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنّها على من فيها. فقيل له : يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة، فقال : وإن...
ثمّ وقفت فاطمة على بابها، فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم تركتم رسول الله صلى الله عليه وآله جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقاً. ( أعلام النساء 4: 114).